الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هي وجاراتها من البنات، فقد جاء في أكثر من حديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسرب بنات جيران عائشة إليها ليلعبوا معها بلعب البنات، ومرة دخل صلى الله عليه وسلم عليها فوجد بين لعبها فرسًا .. صورة فرس له جناحان، فقال عليه الصلاة والسلام: يا عائشة فرس له جناحان؟ ! قالت: يا رسول الله ألم يبلغك أن خيل سليمان كانت لها أجنحة، فضحك عليه الصلاة والسلام، أخذنا من هذا الحديث رخصة في لعب البنات وأنها هذه الرخصة مستثناة من عموم تلك الأحاديث سواء ما كان منها شاملًا لكل مصور، أو ما كان منها شاملًا لكل صورة تمنع من دخول الملائكة، فإذا كان هذا معروفًا وثابتًا في الصحيحين وقد كنت فصلت القول في هذه المسألة بعض التفصيل في كتابي: آداب الزفاف في السنة المطهرة محذرًا من اقتناء الصور بمناسبة الزواج في العصر الحاضر، ثم تعرضت للعب السيدة عائشة فقلت: إنها مستثناة من تلك الأدلة العامة.
إذا كان هذا واردًا في السنة الصحيحة فيمكن الاستفادة من هذا الاستثناء في نشر الصور التي لا بد منها وتكون هناك حاجة ملحة لعرضها، أما هذا التوسع الذي عم وطم البلاد حتى المجلات العلمية الإسلامية المحضة تذكر هناك صور لأدنى مناسبة، صورة مثلًا كاتب المقال .. صورة من سئل وأجاب، لماذا هذه الصورة؟ ما هي الضرورة علمًا بأن مثل هذه الصور قد تبطل أعمال المصوَّرين فضلًا عن أعمال المصوِّرِين.
(فتاوى جدة - 1/ 00: 36: 41)
حكم التفريق بين التصوير الفوتوغرافي واليدوي
هذا السؤال الحقيقة هو أيضًا من بلاء هذا العصر الحاضر، يقول السائل: إن بعضهم يقول: إن التصوير الفوتوغرافي ليست فيه تلك العلة التي جاءت التنصيص عليها في بعض الأحاديث الصحيحة ألا وهي المضاهاة لخلق الله، بهذه الجملة من هذا الحديث الصحيح، يضاهون بخلق الله فيقولون: إن المضاهاة إنما تحصل
بالتصوير اليدوي، أما في التصوير الفوتوغرافي فلا مضاهاة، وأنا أتعجب كل العجب من هذه المغالطة وأتساءل في نفسي: يا ترى! هل هم واهمون أم هم يتظاهرون بالوهم ويعرفون أنه خلاف ما يظنون؟ ذلك لأن من صفات الله تبارك وتعالى ما قاله في غير ما آية في القرآن الكريم: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] فأي الصورتين أقرب شبهًا ومضاهاة لخلق الله، آلصورة التي يظل عليها المصور ليل نهار يخطئ من هاهنا فيصحح من هاهنا، لا يكاد يمضي عليه لحظات أو ساعات فيدخل على ما صححه تعديلًا وهكذا حتى تستقيم الصورة في نظره، هذا أشد مضاهاة لله في قوله للشيء كن فيكون، أم ضغطة على الزر وإذا الصورة ظهرت في أحسن ما تكون تصويرًا؟ لا شك أن هذا أليق بأن يكون مضاهاة لخلق الله تبارك وتعالى.
هذا شيء، والشيء الآخر: المصور حتى المصور للصنم .. للتمثال المجسم ما الذي يصور؟ هو يصور الظاهر من الإنسان، أما الباطن أي: الدماغ والعروق والشعيرات وإلى آخر ما هنالك من خلق الله الدقيق .. القلب .. المعدة إلى آخره، كل هذه الأشياء لا يستطيعون أن يصوروها فهم إذًا يصورون هذا الظاهر فالمضاهاة التي ذكرها الرسول عليه السلام في الحديث إنما يعني هذه الصورة الظاهرة، وليست المضاهاة الحقيقية فلن يستطيع البشر مطلقًا أن يصلوا إليها، فإذا انتبهنا إلى هذه النقطة حينئذ المضاهاة تكون بهذه الصورة الفوتوغرافية أقوى بكثير من الصورة اليدوية أو النحت بالإزميل والشاكوش ونحو ذلك، هذا من جهة، من جهة ثانية: خفي على هؤلاء الذين وقفوا عند هذه العلة وهي علة المضاهاة.
نحن نعتقد أن هناك علة أخرى ونستطيع أن نكون مدققين أكثر فيما إذا قلنا أن هناك حكمة أخرى في تحريم الشارع الحكيم للتصوير والصور ألا وهي أنها كانت سببًا لعبادة غير الله تبارك وتعالى كما جاء في كتب التفسير تحت قوله تعالى في قوم نوح عليه السلام: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23] قال تعالى: {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} [نوح: 24] [لابد أن
تبقى ذكراكم في] أذهانكم أبد الدهر فإذا [بقوا] مع جماهير الموتى لن تبقى ذكراهم في بالكم، ولذلك أوحى إليهم إبليس بأن يجعلوا قبورهم في أفنية دورهم، ثم تركهم جيلًا من الزمان ثم جاءهم فقال لهم: أنصحكم بأن تتخذوا لهؤلاء الصالحين الخمسة أصنامًا لتظل ذكراهم متركزة وثابتة في خواطركم؛ لأن هذه القبور قد تأتيها من السماء أمطار أو سيول فتذهب ثم لا يبقى لها أي أثر، فقبلوا أيضًا نصيحته، وما نصح الشيطان أبدًا، فصنعوا ونحتوا أصنامًا لهؤلاء الخمسة، وتركهم جيلًا آخر ثم جاءهم فقال لهم: يجب أن تتخذوا لهذه الأصنام مكانًا منزلًا يتناسب مع منزلتهم وثقتكم بهم، فاتخذوا بيتًا للأصنام ووضعوها في مكان رفيع.
ترك هؤلاء وانقضى ثم جاء إلى الجيل الجديد وأوحى إليهم أن هذه الأصنام التي وضعت في هذا المكان إنما وضعت؛ لأنها تستحق العظمة والعبادة فأخذوا يسجدون لها ويعبدونها من دون الله تبارك وتعالى فأرسل الله عز وجل نوحًا عليه السلام إلى هذا الجيل الذي وقع في الشرك وفي عبادة هؤلاء الخمسة، فماذا كان موقفهم؟ كما سمعتم في الآية السابقة:{لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا} [نوح: 23] إلى آخره، إذًا: الأصنام والتماثيل كانت سببًا في عبادة الله غير الله، فلما حرم الرسول عليه السلام الصور والتماثيل لم تكن الحكمة فقط محصورة بأنها مضاهاة لخلق الله، بل ولأنها أيضًا كانت سببًا لعبادة غير الله والإشراك بالله تبارك وتعالى، ولذلك فلو سلمنا جدلًا بزعم هؤلاء أنه لا مضاهاة لخلق الله بالتصوير الشمسي تبقى العلة الثانية قائمة ومستمرة.
ثم بهذه المناسبة أيضًا يقول البعض: بأنه لم يبق الناس الآن تثقفوا وتيقظوا ولم يعودوا يقعون في شيء من هذا الشرك الذي وقع فيه الأقوام السابقون، وهذه مكابرة أخرى، فمن درس لا أقول: أحوال بعض المشركين في روسيا مثلًا، حيث كان إلى عهد القريب قبر لينين وقبر ستالين يطوف الروسيون حولهم كما يطوف المسلمون حول الكعبة المشرفة، وهل العبادة تكون أكثر من هذا، لكن أقول: لا نتحدث عن الكفار فليس بعد الكفر ذنب، لكن ما بالنا نكابر ونقول: لم يبق أحد
يشرك بالله عز وجل ونحن لا نزال نجد في كثير من بلاد المسلمين في مصر .. في سوريا .. في غيرها، لا يزال الكفر يعمل عمله في بيوت الله تبارك وتعالى، حيث يقصد المسجد الذي فيه قبر للصلاة فيه، يفضل الصلاة فيه على المسجد الذي ليس فيه قبر، تقصد المقابر التي يزعم أن قبورها أو المقبورين فيها كانوا من عباد الله الصالحين فيستنجد بهم ويستغاث بهم من دون الله تبارك وتعالى.
هذا كله واقع ومعروف في كثير من البلاد وإن كانت بلادكم بفضل الله تبارك وتعالى أولًا، ثم بفضل دعوة محمد بن عبد الوهاب ثانيًا قد طهرت من أدران الشرك، لكن هذا الشرك لا يزال ذارًا قرنه في كثير من البلاد التي أشرت إليها وفي غيرها أيضًا.
نحن نعلم أن في حلب وهي العاصمة الثانية لسوريا بعد دمشق كان فيها قبر يكفيكم اسمه [حتى] تتعرفوا على ما كان يجري فيه من الأضرار ومن وثنية، اسمه القبر: قاضي الحاجات، وكان الناس يقصدونه بالنذور له، ومن عجب ومن ضلال بعض النساء أن المرأة العقيم التي كانت قد مضى عليها زمن من الزواج ولم ترزق ولدًا زين الشيطان لهن فقال لهن: إن هذا القبر قاضي الحاجات إذا جاءت المرأة وجلست على سنام القبر .. القبر معروف، فإذا هي ركبت القبر واحتكت هكذا قليلًا وإذا هي تذهب حبلى، ذلك هو الضلال البعيد، ثم انكشف الأمر: كان السادن عند هذا القبر خبيثًا، كان يزين للمرأة أن تبات تلك الليلة عنده حتى يحضر عليها روح قاضي الحاجات، فهو [يتخذها] القاضي لحاجته فتذهب منه حبلى، وهكذا يعني أمر غريب وعجيب جدًا، ومع ذلك يتفلسف بعض الناس ويقول: لم يبق هناك خوف أن يصاب المسلمون بشيء من الشرك؛ لأن المسلمين الآن ما شاء الله استيقظوا، وقد صح .. جاء في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا تقوم الساعة حتى تضطرب إليات نساء دوس حول صنم لهم يقال له: ذو الخليصة» هذا الحديث في صحيح البخاري، ومعنى هذا أن المسلمين أمامهم شرك مجسد مكبر ولذلك فعلينا أن نتمسك بكل الأحكام الشرعية التي منها من التصوير من باب سد