الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقد استبرئ لدينه»، وهو ما أدين به اتقاء الشبهات.
وهناك مثل شامي في بعض البلاد العربية يقول وهو مأخوذ من الحديث السابق ونحوه كقوله عليه السلام: «دع ما يريبك إلا ما لا يريبك» ، ما هو المثل قال: ابعد عن الشر وغني له، تقولوا أنتم هكذا؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: وفيه مثل ثاني الذي يريد ألا يرى منامات مكربة لا ينام بين القبور، الذي ينام في القبور يخيل له قام ميت من قبره يتوسوس، يبعد عن الشر وغني له.
(الهدى والنور/406/ 35: 44: 00)
هل قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة ولا تمثال» يشمل صور التلفزيون أيضاً ولعب الأطفال الصغار
؟
السؤال: هل قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة ولا تمثال» يشمل صور التلفزيون أيضاً ولعب الأطفال الصغار؟
الشيخ: لا نشك في ذلك إذا كانت لعب التلفاز مُثَبَّته، يعني الآن ممكن مثلاً يكون هناك .. حشد أو ما شابه ذلك، فبواسطة التلفاز نراهم، لكن أن تصور هذه المناظر وتحفظ في شريط ثم تعرض لا فرق بين هذه الصور والصور الفوتوغرافية ونحوها؛ لأن كل ذلك يسمى لغة وعرفاً صورة، وحينذاك تدخل هذه الصور بكل أنواع وسائلها المحدثة في عموم قوله عليه الصلاة السلام فيما يتعلق بالمصورين:«كل مصور في النار» وعموم قوله عليه الصلاة السلام فيما يتعلق بالصور ذاتها: «لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة أو كلب» فهذا العام الأول والعام الآخر يشمل كل المصورين مهما كانت وسائل تصوريهم، وكل الصور بأي وسيلة صورت، هذا من
حيث النقل، أما من حيث النظر فكلكم يعلم إن شاء الله بأن الشارع الحكيم إذا حرم شيئاً فلحكمة بالغة قد تظهر هذه الحكمة لبعضهم وقد تخفى على الكثيرين، ومن المعلوم عند أهل العلم أن الله عز وجل حينما حرم التصوير واقتناء الصور أنه حرم ذلك لحكمتين بالغتين ظاهرتين، الحكمة الأولى من باب سد الذريعة بين الناس وبين أن يقعوا في الشرك كما وقع في قوم نوح عليه السلام الذين ذكرت قصتهم في الصور المسماة باسمه وحكى ربنا عز وجل عنهم أن موقفهم كان تجاه أمر نوح عليه السلام إياهم أن يعبدوا الله وحده حيث تناصحوا بينهم فقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعا، ولا يغوث ويعوق ونسرا.
وقد جاء في تفسير الآية في صحيح البخاري وفي تفسير ابن جرير وابن كثير وغيرها من المصادر السلفية أن قوم نوح عليه السلام إنما كان سبب وقوعهم في الشرك وعبادة غير الله عز وجل، إنما هو بدء تعظيمهم لصالحيهم تعظيماً مخالفاً للشرع، تقول هذه الرواية التي ذكرنا آنفاً بعض مصادرها بأن هؤلاء الخمسة الذين ذكروا في الآية السابقة كانوا عباداً لله صالحين، فلما ماتوا أوحى الشيطان إليهم أن اجعلوا قبورهم في أبنية دورهم ..
فهؤلاء كانوا خمسة من عبادة الله الصالحين، فأوحى الشيطان إلى قومهم أن ادفنوهم في أبنية دورهم، لا تدفنوهم في المقابر التي يدفن فيها عامة الناس حتى تتذكروهم ومن هنا بدأت فكرة نصب التماثيل في الساحات العامة التي بدأت تنتشر مع الأسف في بعض بلاد الإسلام في هذا الزمان، فاستجابوا لوحي الشيطان ودفنوهم في أفنية دورهم تركوهم برهة من الزمان، إلى أن جاء جيل ثاني فوجد آباءهم يترددون على هذه القبور بقصد الزيارة أو ما يسمى اليوم عند بعض الدراويش المسلمين بالتبرك، فأوحى إليهم أن هذه القبور بقاؤها في هذا المكان قد تأتي عواصف أو سيول وتذهب آثارها وهؤلاء ناس صالحون كما تعلمون، فيجب أن تبقى آثارهم أبد الدهر، إذاً: ماذا نصنع؟ قال: انحتوا لهم تماثيل فاستجابوا ووضعوها في مكان، وأخذ الجيل يتردد على هذا المكان، ثم جاء جيل ثالث وأوحى
إليهم أخيراً أنه لا يليق بهؤلاء إلا أن يوضعوا في أماكن رفيعة تليق بصلاحهم
…
إلى آخره، وهكذا بدأ عبادة الأصنام من دون الله عز وجل من طريق التماثيل، فكان من حكمة الله عز وجل أن حرم التصاوير سواء ما كان لها ظل أو ليس لها ظل، فهذه الحكمة الأولى الظاهرة: قصة قوم نوح مع نوح عليه السلام.
الحكمة الثانية: وهي أقوى من حيث الرواية، ألا وهي المضاهاة لخلق الله عز وجل، حيث جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من سفر وأراد الدخول على عائشة وجد هناك ستارة وعليها تماثيل، فلم يدخل ووقف خارج الغرفة، فسارعت إليه السيدة عائشة وقالت: يا رسول الله! إن كنت أذنبت فإني أستغفر الله، قال لها: ما هذه القرام؟ قالت: قرام اشتريته لك. تعني: أتزين به من أجلك. قال عليه الصلاة السلام: «إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة هؤلاء المصورون الذين يضاهون بخلق الله» .
فإذاً: التصوير من أسباب تحريمه هو أن المصور يضاهي خلق الله عز وجل، وهنا لا بد من وقفة يسيرة لرد شبهة عصرية، ألا وهي زعم كثير من المتفقهة ولا أقول من الفقهاء في هذا الزمان أن الذي يصور بالآلة الفوتوغرافية أو الفيديو، هذا ليس مضاهياً لخلق الله، بل هو يتعاطى الأسباب الكونية التي خلقها الله وذللها للإنسان فتكون هذه الصورة، حتى أغرق بعضهم في الخيال والإبطال في الكلام، أن قال أن هذا الذي يصور بالكاميرا هو لا يصور وإنما المصور هو الله الذي حبس الظل، فهذه مكابرة عجيبة جداً لا تخفى على كل ذي بصيرة، ذلك لأن مسألة التصوير لو غضضنا النظر عن الجهود التي بذلت في صنع هذا الجهاز بحيث أنه لا يحتاج إلى قلم وريشة وجهاز ..
إلى آخره، مما كانوا قديماً يتعاطونه من أجل التصوير، وإنما إلى كبسة وضغط على زر، فأقول أنا سبحان الله! هذه مكابرة عجيبة جداً، فأقول لو أن هذا الجهاز المسمى بالكاميرا ترك هكذا سنين لم تصور شيئاً فلا بد أولاً من توجيه جهاز إلى الهدف المقصود تصويره ثم لا بد من الضغط على الزر، فكيف يقال أن هذا لم يصور، هذه مكابرة عجيبة وعجيبة جداً، لكن الشاهد أنهم يقولون
أن هذه الوسائل الحديثة ليس فيها مضاهاة والواقع أن المضاهاة لخلق الله بالتصوير بهذه الأجهزة أدق من التصوير كما كان قديماً سواء بالريشة أو بالنحت، إذا كان من المتفق عليه بين العلماء قديماً وحديثاً أن الصور المجسمة أي الأصنام هي محرمة لا لشيء، إلا لأنها مجسمة ولها ظل، ولكنها هل تضاهي خلق الله من كل الجوانب؟ الأمر واضح جداً، ذلك أن هذا الصنم عبارة عن قطعة حجر، فهو في الظاهر يمثل إنساناً من خلق الله عز وجل، لكن في الباطن ليس هناك ما يوجد في باطن الإنسان الذي خلقه الله عز وجل وسواه وعدله، فإذاً: التشبيه هو المضاهاة فيما يظهر من الصورة سواء كانت مجسمة أو كانت على الستارة أو على الجدار أو على الورق، ومن هنا يبدو لنا أننا نعيش في بعض ما نسمع من أحكام في العصر الحاضر على نمط المذهب الظاهري، مذهب ابن حزم الظاهري الذي يضرب به المثل في غلوه لتمسكه بظواهر النصوص تمسكاً يضحك كما يقال الثكلى، نحن الآن في هذا العصر نقع في مثل الظاهرية القديمة، فنحن نعيش ظاهرة عصرية؛ لأن الصنم هو المحرم فقط، أما التصوير الذي يتحرك شريط فيديو وتراه كأنه إنسان حي، هذا ليس فيه مضاهاة لخلق الله، أما هذا الحجر الأصم لا تسمع منه صوتاً ولا ترى منه حركة شفوية ونحو ذلك ولا رمش العين، هذا ليس فيه مضاهاة لخلق الله، أما نحت هذا الصنم الأصم فهذا مضاهاة لخلق الله، هذه ظاهرية أغرق بالتمسك بالظاهرية من ظاهرية ابن حزم الذي وصل به الأمر أن يقول في حديث الرسول عليه الصلاة السلام:
«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الراكد» ، ظاهر هذا اللفظ العربي كما يقول ابن حزم، نهى عن البول في الماء الراكد، لكنه إذا بال في إناء فارغ، ثم أراق هذا البول من هذا الإناء في الماء الراكد ما بال في الماء الراكد، إذاً: هذا يجوز، سبحان الله مع فضله وعلمه رجل فاضل الحقيقة، لكن سبحان الله، أبى الله عز وجل العصمة إلا لأنبيائه ورسله، وله من هذه نماذج أخرى، مثلاً الرسول عليه السلام يقول في البكر إذا ما استؤذنت في الزواج قال عليه السلام:«وإذنها صماتها» هذا في منتهى اللطف من الشارع الحكيم ببنات الخدور كان في الزمان الماضي أبكار
مخدرات أصحاب حياء .. إلى آخره، أما اليوم فيسأل الوالد بنته فلان خطبك، فتقول: لا أريده، وأريد كذا .. إلى آخره بصراحة. فربنا عز وجل أوحى إلى نبينا صلى الله عليه وسلم أنه ينبغي الاكتفاء في استئذان البكر لأنها خجولة حيية أن تصمت، ففهم ابن حزم من هذا الحديث قال:«إذنها صماتها» فإذا قالت: رضيت لا ينعقد! يجب أن تصمت، لا يلاحظ الغرض والهدف من هذا التشريع وذاك التشبيه.
نهى عن البول في الماء الراكد واضح للمحافظة على هذا الماء الراكد، فما الفائدة من صب البول مباشرة أو بالكهاريج، وعندنا نهر يسمى نهر «إليط» هناك في دمشق، القاذورات كلها تنصب إليه، فإذا وصل هذا الماء النجس إلى بحيرة ماء صافي من ماء السماء، سواء صب عليه مباشرة أو بهذه الواسطة.
الخلاصة نحن الآن نعيش هذه الظاهرية العصرية، نحت الصنم بالإزميل ليالي وأيام هذا حرام، قلت لأحدهم واحتج بأن تصوير الكاميرا جائز، لأنها وسيلة ما كانت، ثم هذا ليس كالتصوير السابق الذي كان، قلت له: ماذا تقول في المعامل الضخمة اليوم التي تكبس زر تشتغل آلات دقيقة جداً تخرج هناك عشرة بل مئات الأصنام الجامدة، هل يجوز هذا، قال: لا ما يجوز، قلت له: لكن هذه كهذه، هذه وسيلة لم تكون والصنم وجد بهذه الوسيلة، كذلك هذه الصورة وجدت بوسيلة، فالعبرة ليست الوسيلة، العبرة بالغاية، ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب، ما يقوم الحرام به فهو حرام، هذه قواعد.
فإذاً: وجد الصنم نحتاً بالإزميل أو سعياً إلى إبداع آلة تخرج بلحظات تلك الأصنام، النتيجة واحدة كنتيجة صب البول في الماء الراكد مباشرة أو بالواسطة الأخرى.
إذاً: كل هذه الصور التي اختلفت وسائلها عن الوسائل المعروفة قديماً، فهي اسمها صور ويشملها حديث:«لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة» والذين يصنعون هذه الصورة بهذه الأجهزة هم مصورون وكلهم في النار كما قال عليه الصلاة السلام: «كل مصور في النار» .. «لعن الله المصورين يقال لهم: أحيوا ما خلقتم» .
إذا عرفنا هذه الحقيقة عرفنا أن صور الفيديو على البيان السابق هي من المحرمات أيضاً، ولكن كما يقول الفقهاء لكل قاعدة شواذ، وهذا معروف في القرآن الكريم:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ} [المائدة: 3]، ليس إطلاقاً وإنما هناك استثناء:{إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]، من هنا أخذ الفقهاء القاعدة المعروفة: الضرورات تبيح المحظورات. ولكنهم كان من دقة فقههم وفهمهم في ملاحظتهم للآية السابقة: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] أن أضافوا إلى القاعدة السابقة: الضرورات تبيح المحظورات ضميمة مهمة جداً وهي: الضرورة تقدر بقدرها. يجب الجمع بين المضاف والمضاف إليه، الضرورات تبيح المحظورات، الضرورة تقدر بقدرها. {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] معنى هذا أن لو مثلاً رجل تعرض للموت في الصحراء، فوجد لحم ميتة فهل يأخذ من هذا اللحم ويشوي ويأكل منه كما لو كان يأكل من لحم ذبيح طازج؟ لا، إنما ما يدفع به الضرورة، أي: ما يدفع به تعرضه للهلاك، هذا معنى:{إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]، من هنا ضموا تلك الضميمة، نعم الضرورات تبيح المحظورات ولكن ليست هكذا على الإطلاق، وإنما الضرورة تقدر بقدرها، فما أنت مضطر إليه تأخذه، ما سوى ذلك فهو على أصله أي: حرام.
الآن كما نشاهد مع الأسف توسع الناس جداً جداً في استعمال الصور، حتى أصبح من جملة الملاهي تجد طفل ابن ثمان أو تسع سنين واضع الكاميرا على كتفه وهو يذهب هنا وهناك ويصور ما بدا له، هذا التوسع الأصل فيه التحريم، ولكن ما هو الشيء الذي يمكن استثناؤه من باب الضرورات تبيح المحظورات والضرورة تقدر بقدرها؟
نلاحظ الآن أنه لا بد لتنظيم الدخول والخروج من بلد إلى آخر ما يسمى ويعرف بالهويات والجوازات ونحو ذلك، فهنا لا بد من الصور، فهذا النوع من الصور ممكن ندخله في قاعدة الضرورات، وهذا لا نأخذه فقط انطلاقاً من هذه القاعدة، بل ومن نص في السنة الصحيحة هي التي فتحت لنا الباب لاستثناء بعض
الصور التي نراها أنها لا بد منها في حياتنا المعاصرة، أعني لما أشرت إليه حديث عائشة رضي الله تعالى عنها في لعبها مع بناتها، فقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسرب إلى عائشة بعد أن تزوجها وهي صغيرة السن كما تعلمون، كان يسرب إليها جوارها من أماثلها من البنات فتلعب معهن بلعب البنات أي: التماثيل التي كانت تصنع يومئذ صنعاً بيتياً، ومن هنا نتوصل إلى القول بأن هذه الصور التي أباح الرسول عليه الصلاة السلام لعائشة أن تتعاطها مع أنها خلاف القاعدة، فنحن نقول من باب أولى أن نبيح ما هو أشد ضرورة للمجتمع الإسلامي من لعب السيدة عائشة في بيتها، هذا شيء.
الشيء الثاني أننا نأخذ من هذا الحديث ما يتعلق بالضميمة التي أشرت إليها الضرورة تقدر بقدرها، الآن هل يجوز ما يفعله كثير من الآباء والأمهات وهو أن يشتروا لبناتهم وأطفالهم اللعب التي تأتي من بلاد الكفر وهي مصنوعة بطريقة تمثل فيها عاداتهم وأخلاقهم وتقاليدهم فتجد مثلاً تمثال فتاة وهي لابسة التبال، الشورت، وأفخاذها بادية، وهي مثلاً شاليش من الأذنين، هذا كله مع أن مخالف للاستثناء الذي أشرنا إليه آنفاً بأنه صنع محلياً بيتياً، فهو بالإضافة إلى ذلك يتضمن عادات وتقاليد تلك البلاد، بحيث أن هؤلاء الصغار الذين يلعبون بها قد يتأثرون وإذا ما نشؤوا على ذلك يشتهون أن يتزيوا بتلك الأزياء التي عاشوها في نعومة أظفارهم.
فمن هذا الباب أيضاً لا يجوز اقتناء صور الأطفال والألعاب التي تسمى اليوم بالدمى.
مداخلة: جزاكم الله خيراً على ما قدمتموه، لكن ما يعرض على التلفزيون من صور أحياناً نشرة الأخبار نضطر إلى رؤيتها، وسماع أحوال المسلمين فهل يصح لنا ذلك أو لا؟
الشيخ: أنا أجبت أنه إذا كان هذا أولاً كاشفاً كهذه المرآة تراها الآن، فأنا أرى في بعض أيام الشتاء الشمس تغرب من هنا، لكن لا أحفظ هذه الصورة.