الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم التبرع بالكلية والتبرع بالدم
مداخلة: يسأل السائل فيقول: هل يجوز تبرع الزوجة لزوجها بإحدى كليتيها؟
الشيخ: لا يجوز، هذه بدعة سيئة في العصر الحاضر.
وكثيراً ما نسمع بعض المفتين أو المرشدين أو نحو ذلك يفتون بالجواز، وأنا أعتقد مع احترامنا لآراء هؤلاء الذين يصدرون في فتاواهم عن شيء من غير اجتهاد، أن هذا من الأخطاء الفاحشة؛ لأنهم أولاً: لا يجدون مستنداً لهم شرعاً سوى مجرد الاستنباط والاجتهاد، ولكن هذا الاجتهاد الاستنباط فيه غفلة عن بعض النصوص الأخرى التي يجب ملاحظتها حين إصدار مثل هذه الفتوى، لأن التَبَرُّع بكلية إما أن يكون من الحيّ، وهذا هو الغالب، والذي يجري حوله السؤال والجواب، وإما أن يكون من ميت مات حديثاً ولا تزال الكليتان في رأي الأطباء حَيَّتان، يمكن الاستفادة منها أو من إحداهما لحي.
في الحالة الأولى: أي في حالة كون إحدى الكليتين تُستخرج من الحي، كما جاء في السؤال، فيه تعريض للمتبرع بالكلية لنفسه للضرر إن لم نقل للهلاك، وأنا أُصَوِّر صورةً لتوضيح هذا الجواب.
لو سألنا هؤلاء الأطباء وأولئك المفتين، هل تضمن يا أيها المفتي بناء على رأي الطبيب المسلم .. هل تضمن أن هذا الرجل الذي سيبقى بكلية واحدة، أنه لا يمكن أن يتعرض لفسادها ولمرضها بُعيد استئصال أختها، ولو أيضاً ليس بُعيدها بل بعد هذا بعد زمن طويل .. طويل، سيكون الجواب في اعتقادي وعندنا الطبيب هنا تيسير شديد ممكن أن نستفيد الجواب منه، في ظني أنه سيكون الجواب لا يمكن ضمان سلامة هذه الكلية بعد استخراج أختها.
إذاً: هنا أولاً تعريض لهذا الرجل المُتَبَرِّع بإحدى كليتيه للضرر، وهنا نُلْفِت النظر إلى قوله عليه السلام:«لا ضرر ولا ضرار» من جوامع كلم الرسول عليه
السلام كما يقول النووي وغيره في الأربعين، له هذا الكلام:«لا ضرر ولا ضرار» يدخل تحته عشرات إن لم نقل مئات من المسائل ما الفرق بين لا ضرر، ولا ضرار؟ لا ضرر بنفسك ولا إضرار بغيرك.
بأيّ أشيء أضررت نفسك فهو حرام عليك، بأي شيء أضررت به غيرك فهو حرام عليك، حتى ولو كان هذا الإضرار بالخير.
وهنا نكتة أرجو التَنَبّه لها .. حتى لو كان الإضرار بالخير طبعاً بالخير الذي لا يجب، وإنما هو خير فعلاً، لا ضرر بنفسك ولو بالخير كلام عجيب .. لكنه كما قال تعالى:{إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} [الذاريات: 23] لا ضرر بنفسك ولو بالخير، من أين أخذنا هذا؟ من أحاديث كثيرة جداً جداً، قال عليه السلام في حديث معروف سببه:«فمن رغب عن سنتي فليس مني» .. ما مناسبة هذا الحديث؟ الخير الكثير ما هو هذا الخير؟ قصة الرهط الذين جاؤوا إلى الرسول عليه السلام، فلم يجدوه فسألوا نساءه عن عبادته عليه السلام، عن قيامه في الليل، وصيامه في النهار، وقربانه للنساء .. فقلن: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم الليل وينام، ويصوم ويفطر، ويتزوج النساء .. قالوا: هذا رسول الله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، كلمة لو يعنون ما ترمي إليه كفروا وهم هؤلاء أصحاب الرسول، لكنهم ما فَكّروا بعاقبة هذه الكلمة؛ لأنها تعني لماذا الرسول لا يقوم الليل كله؟ ولماذا الرسول لا يصوم الدهر كله؟ ولماذا الرسول ما يتمتع بنسائه؟ الله غفر له، يقولوا أيضاً أن في الشام يحصل يدين ما يبالي بالها ويشتريها، هذا يقال في حق الرسول، وهو الذي قال عنه أصحابه: قام رسول الله صلى الله عليه، وآله وسلم حتى تفطّرت قدماه، تشققت قدماه قالوا: مشفقين عليه ..
قالوا: يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، لماذا أنت تُتْعِب حالك؟ هذه الهدف الذي نحن نقصده من حياتنا هنا ومن طاعتنا لربنا واتباعنا سنة نبينا، هو أن نحظى بمغفرة ربنا، أنت ربنا غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، لماذا هذا التعب قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ أولئك الرهط غفلوا عن هذه القضية قالوا: وحق له عليه
السلام أن يتزوج النساء، وأن ما يقوم الليل مطلقاً، ولا يصوم الدهر؛ لأنه حصل على الغرض، هذا كلام يمس مقام النبوة والرسالة لو كانوا يعلمون، فتعاهدوا بينهم بعد أن نطقوا بهذه الكلمة الخاطئة، قالوا: هذا رسول الله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أما أنا أحدهم يقول عن نفسه فأقوم الليل ولا أنام، قال الثاني: أنا أصوم الدهر ولا أُفطر، قال الثالث: أنا لا أتزوج النساء البتة، فمن الذي يقول إن الصيام شرط وصلاة الليل شرط وعدم تَزَوُّج النساء شرط، وبخاصة للتفرغ لعبادة الله العقل ما يقول شر، وهنا الشاهد، فلا يجوز للمسلم أن يقوم الليل ولا ينام؛ لأنه يضر نفسه، وهذا ما وقع لعبد الله بن عمرو بن العاص حيث زَوّجه أبوه بفتاة من قريش، عجائب كان بينه وبين أبوه خمسة عشر سنة يعني أبوه تزوج مبكراً، فأراد أن يُزَوّج ابنه أيضاً مبكراً، وهذا خير، وليت آباء هذا الزمان يقتدون بهذا الخير، لا يزوجوا أولادهم إلا بعد الثلاثين وأكثر حتى يأخذ الشهادة الثانوية والجامعة والدكتوراه و .. ، إلى آخره، ويكون خربت البصرة.
الشاهد: لَمَّا زوجه بعد أيام كما هو الشأن الطبيعي، دخل على كنته سأل عن حالها مع زوجها، قالت إنه لم يطأ لنا بعد فراشاً لم يطأ لنا بعد فراشاً .. يعني كأنه ما صار زواج، فلا شك أن الأب هنا يغضب أشد الغضب فيشكوه إلى الرسول عليه السلام، نحن زَوَّجنا ابننا من شأن نحصنه من شأن كذا .. إلى آخره ولا يزال هو في عبادته وما هو سائل عن زوجته، ما هي عبادته؟ جاء الرسول إليه، هكذا الرواية قال له: «بلغني أنك تقوم الليل وتصوم الدهر ولا تقرب النساء، قال له: لقد كان ذلك يا رسول الله، إذاً هو أَضَرَّها بماذا؟ بالصوم والصلاة وماذا؟
مداخلة: القيام.
الشيخ: والقيام، ماذا قال له عليه السلام؟ قال:«إن لنفسك عليك حقاً، ولزوجك عليك حقاً، ولزوْرِك عليك حقاً» أي من يزورك.
هناك حديث آخر وقع بين سلمان وأبي الدرداء «فأعط كل ذي حق حقه» قال:
يا رسول الله إني شاب، إن بي قوة وأستطيع أكثر من ذلك متى قال هذا الكلام؟ بعد ما وضع له منهجاً أنه يقرأ بدل .. هو كان يقرأ في كل ليلة ختمة قرآن، كان يختم القرآن كل ليلة، شو عاد يصلح للنساء والذي يصوم الدهر شو عاد يصلح للنساء. فقال له: تقرأ القرآن آخر شيء في كل شهر مرة بس، أو تقرأ القرآن في ثلاث ليال، فمن قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه .. بالنسبة للصوم كان قال له تصوم من كل شهر ثلاثة أيام؛ لأن الحسنة بعشرة أمثالها، فإذا صُمْت ثلاثة أيام كأنك صُمْت شهرًا، كان يقول: يا رسول الله إني شاب، وإن لي قوة وأستطيع أكثر من ذلك، قال له: لا أفضل من ذلك .. لا أفضل من ذلك.
الرسول عليه السلام انتقل إلى الرفيق الأعلى، وعاش عبد الله بن عمرو فيما بعد حياة طويلة مباركة، كبر صار بِسنيِّ وشيخوختي وهو مثابر على منهج الرسول اللِّي وضعه له، مش صوم الدهر ولا ختم القرآن في كل ليلة! ختم القرآن في ثلاثة أيام وصوم يوم وإفطار يوم، هذا أوسع شيء أعطاه، ولما وصل هذا إلى السن كان يقول: يا ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الشاهد: لا ضرر ولا ضرار .. لا يجوز أن تضر بنفسك ولو بالخير، أي بأن كما أنه لا يجوز أن تضر بغيرك ولو بالخير هذه القصة
…
مثال لطرفي الحديث الضرر بالنفس والضرر بالغير، لا شك أن المرأة هنا تضررت.
مداخلة: كيف إذا كان.
الشيخ: أحسنت وهذا له حديث ثاني ..
الشاهد بارك الله فيكم: ذكر الفقهاء بناء على قوله عليه السلام، لما سمع صوتاً في المسجد بتلاوة قرآن، كشف الستارة قال:«يا أيها الناس كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة فتؤذوا المؤمنين» هذه الزيادة صحيحة، ولو كانت غير معروفة في كثير من كتب الحديث .. فتؤذوا المؤمنين بماذا؟ بالجهر بالقراءة، كأنه يقول لهم اخفضوا أصواتكم بالقراءة «كلكم يناجي ربه، الصوت، بني على ذلك
الفقهاء الصورة الآتية وهي رائعة جداً .. قال: لو كان في المسجد رجل نائم ورجل بدا له أن يقرأ القرآن، فلا يجوز له أن يرفع صوته بتلاوة القرآن، لماذا؟ لأنه يؤذي النائم فهو برفع الصوت للقرآن ما هو آثم ولا هو مبتدع، بل هو جائز، يجوز أن ترفع صوتك بالقرآن، خاصة إذا كان إنسان يخشى الملل إذا قرأ سراً، وهذا بعض الناس يقعون فيه.
لكن إذا كان هناك في المسجد شخص نائم، لا يجوز أن ترفع صوتك بالقرآن.
إذا عرفنا هذه الحقائق الشرعية، فكيف يجوز أن نقول: يجوز للشخص الحي أن يتبرع بإحدى كليتيه للآخر، وقد يكون في ذلك ضرر له إما عاجلاً وإما آجلاً، ويتأيد هذا الكلام بأن نتذكر حقيقة يُؤْمِن بها كل مؤمن .. ربنا قال في القرآن {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3] أي من خلل علمه من علمه وجهله من جهله؛ لأنه ليس كل الناس يعلمون هذه الحقيقة، لكن المسلم يستفيد علماً من كتاب ربه ومن حديث نبيه {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3] تُرى لَمَّا ربنا خلق للإنسان كلوتين وخلق له يدين ورجلين عبثاً؟ {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3] أنا لا أرى فرقاً أبداً بين إنسان يتطوع بإحدى كليتيه وآخر يتطوع بإحدى يديه أو رجليه، لا فرق أبداً بين هذا وهذا إطلاقاً.
مداخلة: بل التبرع بالكلى أخطر وأخطر.
الشيخ: أخطر أحسنت .. هذه هي شهد شاهد من أهلها، أنا كنت أنتظر مجيئه جزاك الله خيرًا.
فإذاً: أنا أقول شيئًا، وهذا نذكره بياناً للواقع وعبرة لمن يعتبر، أنا الآن أنا الذي أتكلم معكم بهذا الكلام، في زعم بعض الأطباء لا أدري أصابوا أم أخطؤوا أنا أعيش بين أيديكم الآن بكلية واحدة؛ لأن الكلية اليمنى مُتَعَطِّلة فلو أنا كنت من أولئك المغترين بمثل تلك، لتلك الفتوى تصدقت وتبرعت بكلية هذه ثم عُطّلت الأخرى، كنت في عالم الأموات بلا شك؛ لذلك من الخطأ الفاحش أن يقال بجواز
التبرع بإحدى الكليتين هذا بالنسبة للحي؛ لأنه هو بحاجة في ذلك وإلا {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3].
كما قلنا وهذه الأمثلة اليدين والرجلين أمثلة ملموسة تماماً، وكما سمعتم هذا أمر خفي باطني، وأعتقد أنه لو قُطِعت اليد ما هناك خطر على المقطوع يده، بدليل أن الشرع جاء بقطع اليد، وكم وكم من ناس ارتكبوا الذنب الذي يقتضي قطع اليد وربما قطع الرجل، مع ذلك عاشوا، لكن الكلية الثانية إذا ما تعرضت للخطر، يجوز أنه يتعرض للموت، ولذلك كما سمعتم أنه هنا أخطر في التبرع بإحدى الكليتين هذا بالنسبة للحي ..
بالنسبة للميت، فهنا يتغافل أو يغفل كثير من الناس الذين يفتون بجواز شق قلب الميت واستخراج إحدى الكليتين؛ لينتفع بها الحي، هنا تحضرني كلمة تُنْقَل عن أبي العلاء المعري، وإن كان هو رجل لا يُسْتشهد بكلامه، لكن الكلام حق سواء خرج من غير أهله أو من أهله، لما رأى رجلاً مريضاً وصفوا لحم .. أو شاةٍ صغيرة قال: استصغروك فوصفو لك، هل وصفوا لك شبل الأسد؟ فتسلطوا على الأموات وحكموا بالاستفادة من إحدى الكليتين، لكن الشرع يقول لا يجوز التمثيل حتى بالكفار، وهذا من أدب الإسلام فما بالك بالتمثيل بالمسلمين، وقد قال عليه الصلاة والسلام:«كسر عظم المؤمن الميت ككسره حياً» .. كسر عظم المؤمن الميت ككسره حياً.
إذاً: شَقُّك لبطنه ولأعصابه وما أدري ما الذي يمر في طريقه، الطبيب أعرف مني للوصول إلى هذه الكلوة، هذا تمثيل لهذا الميت، وهم لا يُفَرّقون مع الأسف حينما يفتون هذه الفتوى، لا يفرقون بين المسلم والكافر وربنا يقول:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم: 35]{مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: 36] إن أرادوا ولا بد من مثل هذه الفتوى تحقيقاً للمصلحة - زعموا - مصلحة الحي على حساب الميت، على الأقل يُقَيِّدوها بالكافر؛ لأن الرسول حينما قال:«كسر عظم الميت» وصفه بالمؤمن قال: ككسره حياً، مع ذلك فأنا أرى أن هذا الأسلوب يترفع
عن مبدأ أن الغاية لا تُبرر الوسيلة في الإسلام، خلافاً للكفار الذين يقولون إما بلسان حالهم أو بلسان قالهم، ولسان الحال أنطق من لسان المقال في كثير من الأحوال، هؤلاء الكفار يقولون: الغاية تُبَرّر الوسيلة.
ولذلك كما ترون في هذه الحياة في هذا العصر وغيره يستحلون ما لا تُجيزه ديانة من الديانات بعد الإسلام على عُجَرها وبُجَرِها، لماذا؟ لأن الغاية تُبرّر الوسيلة، ولسنا بحاجة أن نسمع من الكفار التصريح بهذا الذي ينطق به لسان الحال الغاية تبرر الوسيلة، لا نطمع أن نسمع مثل هذه الكلمة من هؤلاء الكفار لأنهم كما تعلمون هم أهل سياسة، ولذلك فهم يعملون بخلاف ما يُعَبِّرون وما يقولون، لكننا نريد لإخواننا المسلمين جميعاً، من كان منهم متفقهاً أو غير متفقه عالماً أو غير عالم، أن لا يُقَلّد الكفار في نُظُمهم ومناهجهم وطريق سلوكهم في حياتهم، ومن ذلك الغاية تُبَرّر الوسيلة، لذلك أنت حينما يقولون يا أخي هذا الميت سيموت! طب ننقذه على حساب كلية من هذا الحي الغاية تبرر الوسيلة! لا هذا ملكه ولا يجوز له أن يتصرف.
هنا يرد سؤال ويُعرف الجواب مما سبق، لكن فيه تقوية للوضع أنه ولو كان الميت كتب وصية أنه أنا أسمح للاستفادة من كلوة أو كلوتين من عين أو عينتين أو ما شابه ذلك، نقول نحن هذه وصية باطلة؛ لأن هذا الميت ليس له حق التصرف بعد موته، خلاص انتقل من هذه الحياة إلى الحياة البرزخية، فهو سينتقل على عُجَرِه وبُجَرِه، وليس له أن يتصرف في بدنه على خلاف ما كان يجوز له أن يتصرف في حياته.
مداخلة: التبرع بالدم ليس كذلك؟
الشيخ: ليس كذلك؛ لأن في هذا الدم ليس فيه شيء من التمثيل، لكن الشرط السابق وارد بمعنى أنا أقول لك عن نفسي ولعل في ذلك عبرة .. التبرُّع يكون من إنسان عنده دم زائد، وعنده قوة ونشاط بحيث أنه يُعَوّضه بما يأكل من طعام
وشراب، لا يكون تبرع المتبرع بالدم تبرعاً جائزاً كما قلت آنفاً إلا برأي طبيب مشرف على صحة هذا المتبرع، وإلا قد يقع في نفس المحظور أو ما يُشْبه المحظور السابق، فأنت تتبرع بدمك فتنحط صحتك عرفت كيف؟
والمثال فيما أظن أنا أيضاً المثال .. أنا منذ سنتين أو أكثر شعرت بشيء من الدوخة ومن وجع الرأس، وهذا من فضل ربي ما أعرفه يعني إلا ما ندر جداً، فقيل لي: يجب أن تفحص كمية دمك، فذهبت إلى بنك الدم كما يقولون نخزوني بعض نخزات هنا من رأس الأصبع، وأخذوا قطرات من الدم وفحصوا، وو .. إلى آخره، وكان الجواب أنه أنت ما أدري ما هو الاصطلاح الطبي الدم عندك درجته أو قوته واحد وعشرين بينما لازم يكون أربعة عشر أو خمسة عشر.
مداخلة: ثمانية عشر سيسي.
الشيخ: هاه؟
مداخلة: ثمانية عشر سيسي.
الشيخ: ثمانية عشر؟
مداخلة: أكثر شيء.
الشيخ: أكثر شيء! ماذا يعني خمسة عشر إلى ثمانية عشر، فقالوا لازم نأخذ منك لتر دم، وفعلاً أخذوا مني لتر دم، وفعلاً شعرت أن هذه الدوخة ذهبت، لكن فيما بعد أنا ما أرغم أولئك الأطباء، لكن أقول لعله السبب .. النكسة إلى الآن أشكوا منها أن الكُرَيّات البيضاء عندي ناقصة، ويذكروا عدد ضخم هناك، ومهما تعالجت ومهما أخذت أدوية و .. إلى آخره، إن قالوا فيه تقدم فهو تقدم زهيد لا يُذكر، أنا أخشى ما أخشى أنه يكون هذا النقص نتيجة هذاك السحب؛ لأن هذاك السحب هذه فلسفلة من عندي قد يقبلها الأطباء وقد لا يقبلونها .. هذاك السحب ما يأخذ فقط الكريات الحمراء! كل ما فيه فممكن أنه انسحب من الكريات البيضاء عدد كنت أنا بحاجة إليه، الله أعلم، وإلى الآن أنا أشكو هذا النقص، ونسأل الله ربنا
يُعيننا نلتقي مع إخواننا ونحافظ على الصلاة مع الجماعة بقدر الطاقة، وهكذا، فإذا كان التَبَرُّع بالدم في هذه الحدود والشروط لا يوجد عندي مانع؛ لأنه غير داخل في المُثْلَة المنهي عنها أولاً، وبعدين يدخل في عموم قوله عليه السلام «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل .. من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل» هذا بالقيد السابق لا ضرر ولا ضرار، واضح الجواب؟
مداخلة: واحد ميت قبل ما يموت، واحد ثاني عنده مرض القلب، قالوا أفضل في البداية نستفيد من القلب، حتى [يعيش] هذا الإنسان، ما رأيك في هذا؟
الشيخ: سبق الجواب عنه.
مداخلة: نعم مُثْلة.
الشيخ: إي نعم، لا يجوز شق قلب الميت وبخاصة الميت المسلم؛ لأن فيه مُثْلة ولقول الرسول عليه السلام «كسر عظم المؤمن الميت ككسره حياً» .
نحن ذكرنا بالنسبة للكلوة؛ لأنه جاء السؤال كل شيء فيه مثله في الميت لا يجوز هذا أبداً.
مثلاً مات ميت ودُفن في القبر، جاء أهله يدّعون أن هذا غُدر به قُتل خنقاً .. إلى آخره، نحن نريد أن نعرف الجاني فَيُقَرّر الطبيب الشرعي زعم .. الطبيب الشرعي زعم أنه طبيب شرعي هذه أسماء اليوم يسمونها بغير اسمها طبيب شرعي، بنك إسلامي، محكمة شرعية.
مداخلة: قاضي شرعي.
الشيخ: مكتب إسلامي .. إلى آخره.
مداخلة: ديرة إسلامية.
الشيخ: إلى آخره.
مداخلة: والعياذ بالله.
الشيخ: واشتراكية إسلامية، وو .. إلى آخره {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: 23] بييجي الطبيب الشرعي، يقول لا بد من استخراج جثة الميت من قبره وشق بطنه؛ لنعرف سبب الموت، ما يجوز هذا انتهى أمره وانتقل من عالم الدنيا إلى عالم البرزخ، ماذا تتصوروا؟ أن هذا الإنسان لما وضع في القبر .. تخيلوا معي هذه الحقيقة؛ لأنها حقيقة وليست خيالاً وقَلَّ من يفكّر فيها، هذا الميت لما وُضِع في القبر، ولُقّن التلقين الشرعي أو التلقين البدعي وهذا أكثر ما يقع اليوم مع الأسف الشديد، إذا جاءاك فسألاك من ربك؟ من نبيك؟ ما دينك؟ إلى آخره .. فقل كذا وكذا إلى آخره، وفعلاً جاءه الملكان منكر ونكير وسألاه وأعطى الجواب، إما نجح وإما ماذا؟ سقط، جاء الطبيب الشرعي، قال اكشفوا عن الميت كشفوا عن الميت وأخذوه ووضعوه على المشرحة وشرحوه، وحكم الطبيب الشرعي بشيء ما يهمنا، وأُعيد إلى قبره، هل يأتيه الملكان ويسألانه؟ طبعاً لا يأتيانه الملكان ويسألانه، لماذا؟ لأنه هو عندما دخل عالم البرزخ جاءه سؤال فلن يُعاد إليه سؤال.
إذاً: هذا اعتداء على هذا الميت بعد أن انتقل من عالم الدنيا إلى عالم البرزخ، وهو عالم بين العالمين: عالم الدنيا وعالم الآخرة.
فلذلك يجب أن تتنبهوا إلى أن هذه قاعدة، تشمل كل شيء يتطلب شق بطن الميت والتمثيل به إن كان من كِلْية، من قلب، من ما أدري أشياء أخرى هنا، عصب، مخ .. وأيُّ شيء كان، فهذا لا يجوز.
مداخلة: إخراج الميت بأسره أمر قانوني رسمي، لا يستطيع أهل الميت رد [ذلك].
الشيخ: هذا بحث ثاني بارك الله فيك.
مداخلة: واحد ثاني.
الشيخ: هذا ثاني، بمعنى إذا نحن نسعى الآن، وكُلٌ بحسبه وباجتهاده ورأيه؛