الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وينتقد د/ محمد على البار نظرة العهد القديم إلى الأنبياء فيقول مؤكدًا الرؤية النقدية السابقة: يفاجأ من يطالع العهد القدم بالأعداد الكبيرة للأنبياء وهم يطلقون لفظ نبي على كل شخص يتنبأ بأمور المستقبل ووظيفة النبي عندهم تشبه وظيفة المنجمين حتى إنهم زعموا: أن لكل من ملوك بني إسرائيل مجموعة كبيرة من الأنبياء يتنبأون له عما ينبغى أن يفعله: هل يقاتل أم لا؟ هل يخرج لملاقاة العدو أم يمكث في المدينة
…
؟ وكان لكل معبد من المعابد - بالإضافة إلى الكهنة - مجموعة من الأنبياء (1).
ثم تحدث عن النبيات من النساء مستدلًا بالنصوص سالفة الذكر عن مريم ودبورة وخلدة وقال إنه من الغريب حقًا أن التوراة لم تصف موسى ولا هارون عليهما السلام بالنبوة ووصفت هؤلاء النسوة بالنبوة (2).
الأنبياء الكذبة:
وبنظرة نقدية تحمل في طياتها التعجب لما ورد في العهد القدم من الأخبار عن وجود أنبياء كذبة يقول د/ محمد على البار:
إذا كانت أسفار العهد القديم قد اتهمت أنبياء الله الصادقين بكل نقيصة فما بالك بصفات الأنبياء الكذبة وقد تحدثت أسفار العهد القديم عن ظهور أعداد كبيرة من المتنبئين وأشار إلى النصوص التي تؤكد هذا الكلام (3).
أما ل. م/ أحمد عبد الوهاب في كتابه: "النبوة والأنبياء" قد أخذ جولة بين أقوال النقاد الغربيين للكتاب المقدس وبنظرة نقدية تنم عن متبحر في هذا الجانب وباحث له باع طويل في دراسة الكتاب المقدس والمقارنة بين تراجمة المتعددة جاءت حصيلة جولته النقدية حول موضوع النبوة والأنبياء تقرر الحقيقة التالية:
(أنه لا يوجد معيار حقيقى لتمييز حقيقة الظواهر التى اقترنت بكل من الأنبياء الحقيقيين والأنبياء الكذابين ويتبين ذلك مما نقرأه في سفر التثنية "إذا قام في وسطك نبي أو حالم حلمًا وأعطاك آية أو أعجوبة ولو حدثت الآية أو الأعجوبة التي كلمك عنها قائلًا: لنذهب وراء آلهة أخرى لم تعرفها وتعبدها فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم لأن الرب إلهكم يمتحنكم كى يعلم هل تحبون الرب إلهكم من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم (4) ") (5).
(1) المدخل لدراسة التوراة د/ محمد على البار ص 222، 223 بتصرف بالحذف.
(2)
انظر: المرجع السابق ص 223.
(3)
تثنية: (18/ 20 - 22)، تثنية:(13/ 1 - 5)، ملوك الأول:(22/ 10 - 23) وملوك الأول: (18/ 17 - 25) وملوك الأول: (18/ 26 - 40)، أرميا:(14/ 14)، أرميا:(23/ 11 - 35)، حزقيال:(13/ 1 - 13)، (ميخا 3/ 1 - 5) وينظر: المدخل لدراسة التوراة د/ البار ص 227 - 230 وانظر: تاريخ الديانة اليهودية أ/ محمد خليفة حسن أحمد ص 144 - 147.
(4)
الإصحاح: (13/ 1 - 3).
(5)
النبوة والأنبياء في اليهودية والمسيحية والإسلام ل/ أحمد عبد الوهاب ص 16 مكتبة وهبة ط 2/ 1413 هـ - 1992 م.
وقدم أ/ آدم الألورى رؤية نقدية لنظرة اليهود للأنبياء من خلال نصوص العهد القديم فقال:
إدن اليهود لم يعطوا النبوة حقها؛ بل لم يعترفوا ببعضهم كأنبياء وبالتالي برروا لأنفسهم أن يلصقوا بهم التهم والزور والبهتان، ومما يؤكد عدم المعرفة هذه أنهم اعتبروا نوحًا وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى أنبياء ورغم ذلك لم ينصفوهم ولم ينزلوهم المكانة اللائقة هم واعتبروا يوسف وداود وسليمان ملوكًا فناصبوهم العداء وقتلوا معظم الأنبياء الذين أرسلهم الله عز وجل إليهم (1).
ود/ محمد البار، عرض المخالفات إلى نسبتها التوراة للأنبياء ونقدها، وفي نقده لهذه المخالفات قدم الرؤية النقدية على النصوص وبين الرؤية الإسلامية للأنبياء كل على حدة فيقول:
ونحن نبرئ الأنبياء عليهم السلام جميعًا من هذه التهم
…
ونعتقد اعتقادًا جازمًا لا تردد فيه أن الأنبياء هم صفوة البشر وأنهم لم يبلغوا هذه المكانة عبثًا، فهم على أعلى درجة من الخلق والانضباط. ولا تجوز أن تحدث منهم الصغائر فضلًا عن الكبائر والكفر والعياذ بالله كما تنسبه لهم التوراة ونرى أيضًا أن الأنبياء معصومون عن ارتكاب المعاصي (2).
وأكثر من نقل النصوص التوراتية الشيخ تقدح في الأنبياء وذويهم وترميهم بما ينافى الأخلاق والذوق السليم وبين أنها افتراء وكذب على رسل الله الذين هم صفوة الله من خلقه. ومن كثرة ما نقل من نصوص بعيدة عن العفة تصيب من يقرؤها بالألم النفسي والغثيان استوقف قلمه في منتصف عرض النصوص وقال:
الأمر فظيع فظيع
…
ولم تعد أعصابنا تحتمل مواصلة قراءة هذه التوراة المحرفة والتي كانت هدىً ونورًا عندما أنزلها الله تعالى، فأصبحت بعد التحريف رجسًا وظلمات بعضها فوق بعض بسبب تحريف اليهود وأكاذيبهم (3).
ثم تتبع الأسفار مبينًا ما تحتويه من مخالفات تجاه الأنبياء وفي نهاية حديثه عن الأنبياء في العهد القديم بين دور اليهود في العصر الحديث في انتشار الجرائم الأخلاقيه وقدم إحصائيات لهذه الجرائم في العالم.
(1) انظر: تاريخ الدعوة إلى الله - آدم الآلورى ص 75.
(2)
المدخل لدراسة التوراة د/ محمد على البار ص 335.
(3)
المرجع السابق ص 344.
وقد أرجع د/ البار انتشار هذه الجرائم إلى تطبيق اليهود لهذه النصوص التي تشير إلى الانحراف تطبيقًا وخلاصة هذه المحاولة العبادة التي قام بها د/ محمد على البار في كتابه تُظهر بوضوح وجلاء المسلك الذي اتبعه في دراسة التوراة والعهد القديم وهو:
(1)
تقديم الرؤية النقدية على النصوص.
(2)
العنونة للنصوص بما تحتويه.
(3)
الإكثار من نقل النصوص دون التعليق عليها إلا النذر اليسير.
(4)
الربط بين النص والواقع. ففى نهاية عرض النصوص يربط بين النص والواقع بالأدلة والإحصائيات.
(5)
ضبط العملية النقدية بمنظور الإسلام.
أما د/ محمد دياب عبد الحافظ الأستاذ بجامعة الأزهر قد فند مفهوم النبوة عند اليهود وبين أن رؤية الكتاب المقدس للنبوة ليست رؤية صحيحة فهي فيه نبوءة السحر والرؤيا والأحلام والكهانة وغير ذلك وكلها مما يدعيه المتنبئون، وبين أيضًا: أن اليهود لم يعرفوا النبوة الحقيقية -بمعناها الصحيح - إلا بعد احتكاكهم بالعرب بعد عودتهم من مصر بقيادة سيدنا موسى عليه السلام، وقال: إنهم رغم معرفتهم للنبوة الإلهية مازالوا يخلطون بين مطالب السحر والتنجيم ومطالب الهداية الإلهية ويجعلون الاطلاع على المغيبات امتحان لصدق النبى في دعواه أصدق وألزم من كل امتحان ففى أخبار صموئيل أنهم كانوا يقصدونه ليدلهم على مكان الماشية الضائعة ويعطونه أجره على ردها (1) فتقول التوراة:
"خذ معك واحد من الغلمان وقم اذهب فتش على الأتن
…
هو ذا نذهب فماذا نقدم للرجل؟ لأن الخبز قد نفد من أوعيتنا وليس من هدية نقدمها لرجل الله ماذا معنا: فعاد الغلام يقول هو ذا يوجد بيدي ربع شاقل فضة فأعطيته لرجل الله فأخبرنا عن طريقنا (2).
(1) انظر: أضواء على اليهودية د/ محمد أحمد دياب ص 75 مرجع سابق.
(2)
صموئيل الأول: (7/ 3 - 9).