الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسوة والهمجية:
وضع أ/ عبد الله التل، يده على مواطن الزلل ومجانبة الصواب في التوراة وبين أبشع وسائل العنف والإرهاب التي تروج لها التوراة من خلال تلك الممارسات التي وقعت على يد موسى التوراتي بأوامر من يهوه رب الجنود، وبنظرة علمية تتسم بالموضوعية التامة رصد مواضع متعددة في التوراة تشير إلى الأوامر الوحشية الصادرة من "يهوه" إلى موسى التوراتي بالإبادة المنظمة التي تربي اليهود على القسوة والهمجية حتى على أنفسهم وتؤصل في نفوسهم روح البطش والعدوانية حتى إن الشعب المختار- في زعمهم- لم يسلم من هذه القسوة لذلك جاء في التوراة:"سبعة أيام تأكلون فطيرًا اليوم الأوّل تعزلون الخمير من بيوتكم فإن كل من أكل خميرًا من اليوم الأوّل إلى اليوم السابع تقطع تلك النفس من إسرائيل (1) "(2).
ثم أخذ جولة نقدية داخل أسفار العهد القديم رصد من خلالها ما يؤكد هذه الروح العدوانية ووجودها بكثرة في نصوص العهد القديم. والذي يؤكد القسوة والهمجية في العهد القديم ما يلي:
قسوة اليهود في الحروب:
وفي بيان منهج التوراة في الجانب الحربي بين د/ محمَّد سيد ندا، ملامح هذا المنهج من خلال النصوص التوراتية التي تشعر بقسوة اليهود في الحروب وفي تعاملاتهم مع غيرهم، ومن أبرز هذه الملامح اتباعهم سياسة معينة مع المدن القريبة وسياسة أخري مختلفة تمامًا مع المدن البعيدة، ولذلك:
(ترسم التوراة لليهود أو يرسم اليهود لأنفسهم في التوراة شرعة من شراثع الحرب وهي أنهم إذا خرجوا للحرب واقتربوا من إحدى المدن فإن أهل تلك المدينة إما أن يقفوا مشمرين عن ساعد الجد استعدادًا للحرب وإما أن يصيبهم الفزع ويفروا من أمام بني إسرائيل فإن فروا من وجوههم فعلى اليهود ألا يكتفوا بهزيمتهم وفرارهم بل يحرمونهم ويضربونهم ولا يقطعون معهم عهدًا ولا ميثاقًا ويهدمون كل ما عندهم مقدس فقد جاء في سفر التثنية ما نصّه: "من أتي بك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها وطرد شعوبًا كثيرة من أمامك
…
فإنك تُحَرِّمُهم، لا تقطع لهم عهدًا ولا تشفق عليهم، ولا تصاهرهم
…
(3)) " (4).
(1) خروج: (12/ 15، 19) الفصح.
(2)
انظر: جذور البلاء أ/ عبد الله التل، ص 26 - 37.
(3)
تثنية: (7/ 1 - 6) طرد الأمم. مع الحذف.
(4)
جنايات بني إسرائيل، ص 259.
(وتأمل كلمة "لتمتلكها" في الفقرة الأولي لتعلم أن شريعة الحرب عندهم ليست غاية سامية كالدفاع عن الدين أو الأوطان أو المحرمات أو تأمين الحدود ونحو ذلك من الغايات المشروعة ولكن غايتها التملك والاستعمار والاستعباد)(1).
ويستكمل د/ ندا، تلك النظرة الاستعمارية التي يتبناها اليهود بناء على ما يحتويه النص المقدس- في زعمهم- ليبين أن اليهود إذا دخلوا أي حرب فليس أمامهم إلا الاستعمار أو الخراب والدمار فيقول:
(وإذا لم تفر هذه الشعوب من وجه اليهود واستعدوا للحرب ضد الإسرائيليين فعلي اليهود أن يدعوهم إلى الصلح فإما أن يستجيبوا وإما أن يرفضوا فإن استجابوا للصلح فقد كتبوا على أنفسهم ذل الدهر ومسكنة الحياة إذ يقدمون بذلك رقابهم وكل ما تمتلكه أيديهم ليكون مسخرًا مستعبدًا لليهود وإذا لم يستجيبوا لدعوة الصلح فقد كتبوا على أنفسهم القتل والخراب والدمار الشامل، أمران أحلاهما مر .. استمع إلى سفر التثنية يقص عليك شريعة الرعب والأهوال فيقول: "حين تقرب من مدينةٍ لكي تحاربها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك بالتسخير ويستعبد لك وإن لم تسالمك بل عملت معك حربًا فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك، هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدًا التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا، وأما مدن هؤلاء الشعوب التى يعطيك الرب إلهك نصيبًا فلا تستبق منها نسمة ما بل تحرمها تحريمًا
…
" (2)) (3).
ويعلل الأستاذ عبد الله التل في كتابه جذور البلاء هذه القسوة والهمجية من يهوه رب الجنود ورجل الحرب إله إسرائيل القاسى الظالم المتوحش كما تصوره توراة اليهود بأنّه يرسم الخطط لنصب المجازر والإبادة ليضمن لشعبه الحبيب أرضًا بلا سكان ووطنًا قوميًا بلا منازعين ومشاغبين من السكان الأصليين (4).
(1) جنايات بني إسرائيل، ص 259.
(2)
الإصحاح: (20/ 10 - 18) الخروج للحرب.
(3)
جنايات بني إسرائيل ص 259 - 260.
(4)
جذور البلاء- عبد الله التل، ص 27.