الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب: محمَّد في الكتاب المقدس:
تأليف د/ عبد الأحد داود. 1867م
بالقراءة المتأنية لهذا الكتاب يضع الباحث يديه على جملة من الإيجابيات إلى يتميز بها هذا الكتاب القيم في دراسة البشارات بالنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم في الكتاب المقدس من هذه الملاحظات الإيجابية ما يلي:
1.
بين مدى التحريف الذي وقع في التوراة والإنجيل وكذلك التناقض والتعارض بين نصوصهما.
2.
علمه بخبايا النصرانية مكنه من كشف الزيف والضلال في الكتاب المقدس.
3.
أتي بالحقائق من مصادرها، فقد درس وتعمق في اللاهوت وترقي في المناصب العلمية.
4.
يقود قراءه إلى محاولة العثور على الحقيقة فينتقد بصورة حيادية بعيدًا عن العدائية والانحيازية لنبى دون نبي، فهو ينظر إلى الأنبياء نظرة مستقيمة ويؤمن بجميع الرسل الذين أرسلهم الله عز وجل لهداية البشرية.
5.
درايته بما تعتقده الكنائس مكنه من كشف الأباطيل وفضح العقائد الباطلة التي تروج لها الكنيسة، والتي لا تتفق مع العقل؛ بل ولا تتفق مع الواقع التاريخى.
6.
ثقافته الإِسلامية الواسعة مكنته أيضًا من دراسة الكتاب المقدس في ضوء وجهة نظر مستقيمة معتدلة بعيدة عن الجور وإلقاء الأحكام والفصل في القضايا جزافًا بدون دليل، ولكن الحيدة والنزاهة والموضوعية هى السمات البارزة في نقده لتلك النبوءات التي حرفوها وفسروها على حسب أهوائهم لطمس الحقيقة ولصرف دلالتها عن وجهها المراد.
وقد استخدم د/ عبد الأحد داود في نقده المعايير التالية:
*عرض القضايا على الحقائق العلمية الثابتة، فإن وافقت العلم قُبلت وإلا وجب ردها.
* المناقشة العقلية والاستدلال المنطقي في تحليل القضايا.
* المقابلة بين النسخ فى تفسير الألفاظ التي تُشير إلى النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم.
وعند التجول بين صفحات الكتاب يتضح الآتي:
1.
حرصه الشديد على الطرف الآخر "النصارى" فقد أخبر عن نفسه أنه يراعى مشاعر النصارى ولا يستعمل معهم الجدل العقيم بل يدعو الناس للبحث والاستقصاء في ود وتجرد وموضوعية فيقول: (وليست لدي أية نية أو رغبة في إيذاء مشاعر أصدقائي النصارى، فأنا أحب المسيح، وأحب موسى، وإبراهيم كما أحب محمدًا وكافة الأنبياء الآخرين، ولا يسهدف ما أكتبه إثارة جدل مرير عقيم مع الكنائس؛ بل لا تعدو الغاية أن تكون دعوة لها، لبحث واستقصاء رضيّ ودّيّ لهذه المسألة البالغة الأهمية وبروح من المحبة والتجرد)(1).
(1) محمد فى الكتاب المقدس: د/ عبد الأحد داود ص 36.
2.
اعتمد على نصوص صريحة من الكتاب المقدس لا تسمح بأي جدل لغوي وتشير إشارات واضحة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مثل استدلاله بالنص الذي يقول: "أقيم لهم نبيًا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامى في فمه" ويقول: فإذا كانت هذه الكلمات لا تنطبق على سيدنا "محمَّد" فإذا تبقي غير متحققة ولا نافذة فالمسيح لم يدع أبدًا أنه النبي المشار إليه (1).
3.
يعرض التفسير الخاطئ الذي يراه المسيحيون ثم يصوبه بالتفسير الصحيح ثم يسوق القرائن التى تؤيد ما ذهب إليه ويعضد رأيه، فالنصارى يفسرون بيت الرب بأنه كنيسة المسيح وهذا تفسير خاطئ فيقول:(وكذلك فإن بيت الرب الذي يمجَّد اسمه فيه والمشار إليه في الإصحاح (60 الجملة 7)، هو بيت الله الحرام في مكة، وليس كنيسة المسيح، كما يعتقد المفسرون المسيحيون، وإن رعية قيدار لم ينضموا مطلقًا إلى كنيسة المسيح، والحقيقة أن القرى التابعة "لقيدار" وسكانها هم الناس الوحيدون في هذا العالم، الذين لم يتأثروا من ذلك الحين بأية تعاليم من كنيسة المسيح) (2).
4.
وكان من منهجه في دراسة البشارات بالنبى الخاتم، دراسة أصول معاني الكلمات اليهودية مثل "ماحماد" أو أحمد ومعانيها فيقول: إن السبيل الوحيد لفهم معني الكتاب المقدس وروحه هو دراسته من وجهة النظر الإِسلامية فمن هنا فقط يمكن الفهم والتقدير والمحبة لحقيقة الوحى الإلهى، وهنا فقط يمكن الكشف عن الزيف والخداع وعناصر التحريف والمغايرة في أسوأ مظاهرها ثم بعد ذلك استئصالها. ويقول:
ومن وجهة النظر هذه فإنني أرحب بالكلمة اليونانية "يودوكيا" والتي في معناها الصحيح والحرفي تتفق بصورة عجيبة مع الكلمات العبرية "ماحماد، ماحامود، حمدا وحمد" والتي تستعمل بصورة متكررة في العهد القديم.
(1) محمَّد في الكتاب المقدس: ص 31.
(2)
المرجع السابق: ص 34.
ب. "حاماد أو حمده" إن هذا الفعل يتألف من حروف ساكنة أصلية (ح م د) وهي معروفة لجميع اللهجات السامية، حيثما جاءت هذه الحروف في الكتابات المقدسة اليهودية فإذا تعني "يشتهي، يقع في الحب، يشتاق إلى، يتلذذ ويتذوق، ويرغب بعمق" وأولئك الذين يعرفون اللغة العربية سوف يفهمون بصورة طبيعية المعني الشامل لكلمة "شهوة" والتي تعني بالإِنجليزية "الرغبة الشديدة أو التلهف أو الجشع والطمع أو الرغبة الجامحة والشهية" هذا هو بالدقة معنى الفعل "حاماد" في المخطوطات العبرية.
ج. "ماحماد، ماحمود"(أرميا 1/ 10 - 11؛ 3/ 4): هاتان صيغتان لاسم الفاعل واسم المفعول مشتقتان من الفعل "حمد" معناها "المرغوب فيه جدًا، البهيج، الرائع، اللطيف" لهذا فإن الصيغة العربية" "محمَّد" والعبرية "ماحماد؛ ماحامود" هي مشتقة من أصل واحد ومن نفس الفعل أو الجذر وإنها بالرغم من الفروق البسيطة في التهجئة، فلها أساس ومعنى واحد مشترك، وعليه فلا يكون هناك مثقال ذرة من شك في ذلك (1).
د. اتخذ من الأحداث التاريخية شاهد صدق على ما يقوله، خاصة في قضية عهد الله مع إبراهيم عليه السلام وحق الابن الأكبر إسماعيل في وراثة عهد أبيه وحكمه وبالتالي يجب الإيمان بالحقائق الصادقة التالية:
1.
أن إسماعيل هو الابن الأكبر الشرعى لأبيه إبراهيم.
2.
أن العهد المبرم بين الله وإبراهيم كان في نفس الوقت عهدًا مبرمًا بين الله وإسماعيل ذلك لأن العهد قد أبرم قبل ميلاد إسحاق. وغير ذلك من الحقائق التي ذكرها (2).
والكتاب في جملته يعتبر إضافة حقيقية للمكتبة الإِسلامية يمتاز بعمق الدراسة والتحليل وحيوية المناقشة وروعة الفصل في كثير من القضايا المتنازع عليها في النصرانية خاصة في البشارات بالنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم.
(1) محمَّد في الكتاب المقدس: ص 162 - 163.
(2)
المرجع السابق: ص 57 - 58.