الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولًا: بطلان استنتاج النصارى عقيدة التثليث من الأدلة السابقة:
أجمع علماء المسلمين أنه لا يوجد دليل صريح يدلّ على التثليث لا من العهد القديم ولا من العهد الجديد وأن النصوص التي يدعون أمّا تؤيد دعواهم لا تدل من قريب أو من بعيد على أن الآلهة ثلاثة بل تدل على أن الله سبحانه واحد وهو الذي خلق السموات والأرض وما فيهن ولكنهم يلوون أعناق النصوص ويفسرونها حسب أهوائهم ولذلك تقول د/ مريم عبد الله زامل:
إن التعبير في النص بلفظ الله أو ألوهيم ليس فيه ما يدل على التثليث لا ضمنًا ولا استتارًا؛ بل كل ما يدلّ عليه النص: أن الله جل جلاله في بدء عمارة الكون خلق السموات والأرض وأن لفظ الجلاله (الله) لا يُطلق إلا على الذات الإلهية وهو الله سبحانه وتعالى فقط وبذلك يتبين تعسفهم وشططهم في تأويل النصوص فأين صيغة الجمع في هذا اللفظ؛ بل إن صاحب قاموس الكتاب المقدس لم يشر إلى أن هذا اللفظ "ألوهيم" يدل على الجمع بل قال: "يدلّ هذا الاسم على صفة الله كالخالق العظيم وعلى علاقته مع جميع شعوب العالم من أمم ويهود"(1) فهذا اللفظ التعظيم وليس فيه دلالة على التثليث" (2).
وفي المناظرة التي تمت بين القس سوجارت والعلامة أحمد ديدات يُلاحظ أن استنتاج القس سوجارت استنتاج خاطئ وقد بين العلامة ديدات بُطلان هذا الاستنتاج واستخدم الاستدلال المنطقى والترتيب العقلى للأفكار والمعلومات التى توضح تلك العقيدة كما يفهمها النصارى ثم يعرض لها بذكر المقدمات السليمة التى تؤدى إلى نتيجة سليمة أيضًا مؤداها بُطلان هذه العقيدة المزيفة والتي يعتقدونها وتوضيح ذلك كالتالى:
عبر الأب سوجارت على ذلك بقوله: إن الرب يعلمنا بوجود إله واحد وليس اثنين أو خمسة أو عشرة أو خمسة عشر "وأنه تجلى في ثلاثة أشخاص، ثلاث شخصيات مختلفة نحن نؤمن بوجود الأب السماوي والإله الابن ونؤمن بالروح القدس الذي غشى مريم. إنه إله أيضًا وهم كلُ لا يتجزأ بمعنى أنهم متفقون تمامًا وفي توحد وانسجام لا يختلفون أبدًا ولن يختلفوا أبدًا"(3).
(1) انظر: موقف ابن تيميه من النصرانية: 2/ 562.
(2)
قاموس الكتاب المقدس: ص 107.
(3)
انظر: المناظرة الحديثة في علم مقارنة الأديان بين الشيخ/ أحمد ديدات والقس سوجارت، ص 192 جمع د/ السقا، مكتبة زهران بالأزهر بمصر 1408 - 1988 م.
وعندما أُعطيت الكلمة للعلامة ديدات قام فأفصح عن تعجبه الشديد من قيام الأب سوجارت بتغيير الكلمة المعبرة عن الرب حيث كان في صباح يوم المناظرة نفسه يستخدم في خطابه لمجموعة من كنيسته كلمة "المولود لله" وهي مستخدمة أيضًا في إنجيل الملك جيمس المعتمدة بالنص "لأنه هكذا أحب الله العالم
…
حتى أنه أعطى ابنه الوحيد" والتعبير الإِنجليزي الوارد بالنص يستخدم كلمة "بجتن" أي المولود لله (1). ولكن بعد ثماني ساعات فقط وأثناء المناظرة غير الأب سوجارت كلمة "بجتن" إلى كلمة "المتفرد" (2). وعندما سُئل الأب سوجارت عما يعنيه بكلمَة "المتفرد" أجاب بأنها في الأصل اليوناني تعني ببساطة: " لم يكن مثله أحد من قبل وما كان أحدًا أبدًا مثل ابن الله، فهو متفرد، ولم يكن أحد من قبل مثل مريم التي أنجبت ابن الله وإنها تعني ببساطة أن أحدًا لم يكن أبدًا مثله من قبل ولن يكون أحد مثله من بعد يكون متفردًا كابن الله متجسدًا في هيئة بشرية (3).
ثم يقول القس سوجارت: شخص وشخص وشخص: (إلا أنهم ليسوا ثلاثة أشخاص بل شخص واحد) وعندئذ وجه العلامة ديدات الخطاب إلى الأب سوجارت وضرب له المثل التالى: أنت وأخواك لنفترض أنكم ثلاثة توائم متشابهة وأننا لا نستطيع التمييز بينكم أنتم الثلاثة لأنكم متطابقون تمامًا فإذا اقترف أحدكم جريمة قتل هل يمكن أن نشنق الآخر؟ جوابك: كلا وأسألك: ولماذا لا يُشنق؟ فتقول لي: إنه شخص آخر، أوافقك على هذا (4).
ثم أوضح أن استخدام الكلمات يستدعى صورًا ذهنية حول "الأب السماوي المحب"، والإله الابن والروح القدس. إذن هناك ثلاث صور ذهنية مختلفة ومهما حاولتم فلن تتطابق هذه الصور الثلاثة في صورة واحدة سيكون في ذهنكم دائمًا ثلاث صور ولكن حين أسألكم: كم صورة ترون؟ تقولون واحدة وهذا لا يُطابق الواقع (5).
ويؤيد النصارى باطلهم بتقريب عقيدة التثليث إلى الأذهان بضرب هذا المثال: "مثال الشمعة"(فالله عندهم -تعالى عما يقولون علوًا كبيرًا- كالشمعة فالشمعة واحدة ولكنها مادة ونور وحرارة فهي ثلاثة في واحد)(6).
(1) الإِسلام والأديان د/ مصطفى حلمي ص 215.
(2)
المناظرة الحديثة عن 135.
(3)
المرجع السابق: 195.
(4)
المناظرة الحديثة: ص 193 - 198.
(5)
المرجع السابق: ص 199، وانظر: الإسلام والأديان، ص 217.
(6)
الإِسلام والأديان: ص 217 نقلًا عن كنت نصرانيًا واصف الراعي، ص 110، مطابع الفرزدق بالرياض، 1407 هـ / 1987 م.
وينتقد د/ مصطفى حلمى هذا المثال بقوله: وهذا المثال متهافت أيضًا لا يعبر عن العقيدة النصرانية، لأنّ الأقانيم عندهم ثلاثة أصول والشمعة أصل واحد (أما الضوء والحرارة فمظهران حادثان طرآ على الشمعة بعد إضاءتها، فإذا انطفأت الشمعة عادت إلى أصلها الواحد وفاتهم أن هناك مصدرًا من أشعل الشمعة فما دوره في الأقانيم الثلاثة وأين مكانه من هذا التشبيه؟)(1).
ثم يقول د/ مصطفي حلمي:
إن هذا المثال إذن مخالف للثالوث النصراني الذي -بحكم صياغته- يقرر تعدد الشخصيات في الإله، وينسب خصائص شخصية منفصلة لكل شخص (2).
أما د/ عبد الأحد داود، فقد عرض هذه العقيدة -الثالوث- على الحقائق العلمية الثابتة التى لا يختلف عليها اثنان في مشارق الأرض ومغاربها وبين معارضتها لتلك الحقائق ومخالفتها للمنطق والعقل فقال:
والرياضيات كعلم إيجابي تعلمنا إن الوحدة ليست أكثر من واحد ولا أقل، وإن واحدًا لا يمكن أن يساوى واحدًا+ واحدٍ + واحدٍ، وبعبارة أخرى فإنه لا يمكن أن يكون الواحد مساويًا لثلاثة لأنّ الواحد هو ثلث الثلاثة، وقياسًا على ذلك فإن الواحد لا يساوى الثلث وبالعكس فإن الثلاثة لا تساوى واحدًا كما إنه لا يمكن للثلث أن يساوى الوحدة
…
والذين يقولون بوحدانية الله في ثالوث من الأشخاص إنما يقولون لنا إن كل شخص هو: "إله قدير موجود دائم، أزلي، وكامل، لكنه لا يوجد ثلاثة آلهة قديرين وموجودين ودائمين وأزليين وكاملين ولكنه إله واحد قدير" وإذا لم تكن هناك سفسطة في المنطق المذكور أعلاه فإننا سنطرح هذا "اللغز" الذي تقدمه الكنائس ويكون طرحنا له بالمعادلة التالية:
إله واحد= إلهًا واحدًا، إلهٍ واحد + إلهٍ واحد
كذلك فإن:
إلهًا واحدًا = ثلاثة آلهة!
أولًا: لا يمكن لاله واحد أن يساوى ثلاثة آلهة، بل يساوى واحدًا منها فقط ثم يخاطب النصراني بقوله: ثانيًا: بما أنك تسلم بأن كل شخص إله كامل مثل قرينيه، فإن استنتاجك بأن 1+ 1+ 1 = 1 ليس استنتاجًا رياضيًا بل هو ضرب من السخف (3).
(1) الإِسلام والأديان: ص 217 عن كنت نصرانيًا، ص 25.
(2)
المرجع السابق: نفس الصفحة.
(3)
"محمَّد في الكتاب المقدس": د/ عبد الأحد داود، ص 45.