الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول المادية في أخلاق اليهود
تحت عنوان: اليهود موضع دراسة للآفات الأخلاقية، تحدث د/ محمَّد سيد ندا في كتابه "جنايات بني إسرائيل" عن تلك الجنايات التي ارتكبها اليهود ضد الأخلاق فقال:
(لقد عرف التاريخ في بنى إسرائيل شر الجماعات التي تصلح أن تكون موضعًا لدراسة الآفات الإنسانية لمن شاء أن يدرس ويفكر ويعتبر، ولقد حاول بنو إسرائيل ألا تكون طباعهم السيئة مقصورة عليهم، بل شاءت لهم أهواؤهم وسوّلت لهم أنفسهم وشياطينهم أن يطرحوا الآخرين معهم في أتون أخلاقهم الفاسدة والمنكرات والرذائل، وذلك هو السبب في وصفهم بأنهم جناة على الأخلاق، إذ كل رذيلة من رذائلهم المنطوية عليها صدورهم والجاري تعاملهم بها قد استطاعوا بمهارتهم وكيدهم أن يجروا الناس إليها ويطبعوهم عليها زرافات ووحدانا)(1).
وقد رصد د/ محمَّد ندا، في كتابه جنايات متعددة على الأخلاق في العهد القديم وأبرز هذه الجنايات ظهور المادية بصورة واضحة في أخلاق اليهود فقال: إن اليهود لا يؤمنون إلا بالمادة
…
أما المعاني الروحية فلا نصيب لها من نفوسهم، والمعنويات العقلية لا يقيمون لها وزنًا فلا يهمهم السمو الروحى ولا المبادئ الخلقية القائمة على الاتصال بين الناس، فالمروءة والمودة والتراحم والصدق والوفاء والأمانة والحياء وغيرها صفات لا يعرفها اليهود، وإنما يعرفون وحسب مقدار النفع المادي الذي يعود عليهم واللذة الوقتية لا الدائمة ترضى أهواءهم وتشبع نهمهم (2).
ويرجع د/ موريس بوكاي تقهقر اليهودية والمسيحية في العصر الحاضر لتلك المادية المفرطة إلى تغرق الغرب في متاهاتها وبعد وصفه للمجتمع المادي الذي يسخر من فكرة الألوهية ويرد الأشياء إلى المادة فيقول:
(أمام هذه الموجة المادية وغزو الإلحاد للغرب يظهر عجز المسيحية واليهودية عن الصمود، وكل منهما غارق في الحيرة، ألا ترى من عقد لآخر تناقضًا خطيرًا في مقاومة ذلك التيار الذي يهدد باجتراف الكل؟ إن المادي الملحد لا يرى في المسيحية الكلاسيكية إلا نظامًا ابتناه البشر منذ حوالي ألفى عام لإرساء سلطة لأقلية قليلة على بشر مثلها، ولن يجد في الكتب المقدسة المسيحية لغة تتشابه مع لغته، فهذه الكتب تحتوى على كثرة من الأمور التي لا تتفق مع المعطيات العلمية الحديثة)(3).
(1) جنايات بنى إسرائيل على الدين والمجتمع د/ محمَّد محمود سيد ندا ص 209 طبعة دار اللواء. بدون.
(2)
المرجع السابق ص 211 بتصرف بالحذف.
(3)
القرآن والتوراة والإنجيل والعلم د/ موريس بوكاي ص 123 طبعة دار الفتح للإعلام العربي 1417 هـ- 1997 م.
ثم يبين د/ محمَّد ندا المرجعية الدينية لليهود التي تدفعهم للسعى وراء المادة ويقدم لتلك الخلفية بقوله: ولما كانت الحياة الدنيا هي غاية همهم والمادية هى مبتغاهم الأسمى؛ بل شعارهم الذي يسيرون وراءه لا يضلون عنه، فقد صاروا نفعيين أنانيين يهدمون المبادىء من أجل ذواتهم ويدوسون المصالح العامة في سبيل منافعهم الشخصية، وحملتهم تلك الأنانية أن يسلكوا كل طريق منحرف للحصول على المال والمنافع فلم يتورعوا عن الكذب والخداع والغش والنفاق والتضليل (1).
وأكد د/ محمَّد ندا كلامه بالنصوص التوراتية التالية:
1 -
"لأنهم -أي اليهود- من صغيرهم إلى كبيرهم كل واحد مولع بالربح ومن النبي إلى الكاهن كل واحد يعمل بالكذب"(2). وينتقد هذا النص بقوله: (أضافت التوراة هذا القول لله، وحاشا لله أن يتهم نبيه بل حاشاه أن يبعث نبيًا كاذبًا يتخذ من الكذب وسيلة للربح، غير أن كتبة التوراة لما كانوا على طبيعة ذويهم المادية فإنهم أحبوا أن يشركهم في هذا الأمر أنبياؤهم وكهانهم ليكون ذلك أحد المسوغات لهم كى يفعلوا ما يشاءون وهاهى التوراة تقول مرة أخرى)(3).
2 -
"وصار مرشدوا هذا الشعب مضلين ومرشدوه متبعين، لأجل ذلك لا يفرح السيد بفتيانه ولا يرحم يتماه وأرامله لأنّ كل واحد منهم منافق وفاعل شر وكل فم متكلم بالحماقة
…
إلى أن تقول: بسخط رب الجنود تحرق الأرض ويكون الشعب كمأكل للنار لا يشفق الإنسان على أخيه يلتهم على اليمين فيجوع ويأكل على الشمال فلا يشبع، يأكلون كل واحد لحم ذراعه. منسي (4) أفرايم (5) وأفرايم منسى وهما معًا على يهوذا" (6).
(1) انظر: جنايات بني إسرائيل ص 215 بتصرف.
(2)
أرميا: (6/ 13) أورشليم تحت الحصار.
(3)
جنايات بني إسرائيل ص 216 مرجع سابق.
(4)
هو: بكر يوسف ولما أشرف جده على الموت أخذه يوسف مع أخيه أفرايم إلي فراش يعقوب ليباركهما فتبناهما يعقوب وأنبأ برئاسة أفرايم على منسى، ولما أتي العبرانيون إلى الأرض التى تقع شرقى الأردن وافتتحوها طلب نصف سبط منسى أن يحل فيها وسكن النصف الآخر غربى الأردن شمالي أفرايم (قاموس الكتاب المقدس ص 924).
(5)
هو: ابن يوسف واسنات وقد ولد بمصر وأعطاه يوسف هذا الاسم "الأثمار المضاعفة" لأنه كان الابن الثاني (تكوين 41/ 52) وعندما بارك يعقوب ابني يوسف وتبناهما وضع يد اليمني التى تدل على عظمة الكرامة على رأس أفرايم مشيرًا بذلك إلى السبط الذي يأتي من نسل أفرايم، وأفرايم اسم سبط من أسباط إسرائيل (قاموس الكتاب المقدس ص 90).
(6)
أشعياء: (9/ 16 - 21) غضب الرب على إسرائيل.
وينتقد هذه الأقوال قائلًا: (حرص قاتل وطمع وجشع لا رحمة فيهم ولا خير، فهم مصدر الشر والحماقة والكذب والنفاق وسيلتهم لإدراك المال والالتواء والغموض سبيلهم في هذه الحياة لجمع الحطام أو هكذا تصفهم التوراة وتحقرهم "جيل أعوج ملتو، الرب تكافئون بهذا يا شعبًا غبيًا غير حكيم" (1)) (2).
وبناءً على ذلك فإن المادية هي الأساس الذي تنطلق منه جميع التصرفات اليهودية في الماضي والحاضر.
(1) تثنية: (32/ 5 - 6) نشيد موسى.
(2)
جنايات بني إسرائيل ص 216 مرجع سابق.