الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول د/ كامل سعفان في بداية نقده للتشريعات اليهودية:
(قد يثير الدهشة أن الرب - في كثير من أسفار التوراة وكتب الأنبياء - يستغل استغلالًا قاسيًا في سيطرة طبقة أو في ابتزاز خيرات الشعوب لصالح سبط من الأسباط "فريضة دهرية" - أي أبدية - ويتخذ "تابوت الرب" الذي هو نصب من الأنصاب. بمثابة شرك للإيقاع بالشعب المخدوع بين أنياب ومخالب لا تشبع ولا ترتوي فإذا كان "هارون" عليه السلام في عبارة القرآن الكريم فصيحًا شجاعًا وشريكًا في أداء الرسالة فقال تعالى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} (1) وقوله تعالى: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} (2) فإنه في عبارة العهد القديم يهودي قبل أن يكون ربانيًا) (3).
فماذا صنع هارون؟ وما هي البداية التي انحرف من عندها بني إسرائيل؟ هذا ما سيتضح في السطور التالية:
(1) عبادة العجل وتقديم القرابين:
وحولى هذه القضية استدل د/ كامل بالنص التالي:
"لما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هارون وقالوا له: قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا لأن هذا موسى الرجل الذي أصعدنا عن أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه فقال لهم هارون: انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وائتوني بها. فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم وأتوا بها إلى هارون، فأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالأزميل وصنعه عجلًا مسبوكًا فقالوا: هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر فلما نظر هارون بني مذبحًا أمامه ونادي هارون وقال: غدًا عيد الرب فبكروا في الغد، وأصعدوا محرقات وقدموا ذبائح السلامة"(4).
ومضي د/ كامل في سرد ما حدث لهذا العجل الذهبي وطحن موسى عليه السلام له عندما عاد وذراه على وجه الماء وسقى به بنى إسرائيل (5).
(1) سورة القصص الآية: (34).
(2)
سورة طه الآية: (31، 32).
(3)
اليهود تاريخًا وعقيدة ص 233، 234.
(4)
خروج: (1/ 32 - 6) العجل الذهبي.
(5)
خروج: (32/ 20) السابق.
ثم يعلق د/ كامل على صناعة العجل وعبادته بقوله:
(طلب الشعب إلهًا مصنوعًا، وكان بوسع هارون أن يجعله من طين، أو من خشب، أو من نحاس مثلًا، لكنه أراده من ذهب في صورة الإله المصري القديم - قبل عهود الذل والعبودية في مصر - وصنعه بيده لا بيد أخرى وبني له مذبحًا وجعل له عيدًا، وأصعد المحرقات - وقدم الذبائح، ويلاحظ أن عبادة (العجل) تتكرر وتتجدد في حياة بنى إسرائيل
…
"فقد عمل يربعام (1) " عجلي ذهب ليعبدهما أتباعه في دولة إسرائيل، وحتى لا يحتاجوا للذهاب إلى الهيكل الذي يقع في دولة يهوذا برئاسة "رَحُبْعام (2) "(3)) (4).
ويقول أيضًا: "وملك" بعشا بن أخيا" (5) على جميع إسرائيل، وسار في طريق يربعام في خطيئته التي جعل بها إسرائيل يخطئ"(6).
ويقول: "وكذلك فعل "عُمْرى" (7) وجاء أخاب بن عمري، فتزوج ابنة ملك الصيدونيين، وعبد العجل وسجد له، وأقام مذبحًا"(8).
كما يلاحظ أن الإله من ذهب دائمًا، كأنما هو للتعبير عن القوة في عرف اليهود (9).
وفي نهاية حديثة عن عبادة العجل قال عن تحطيمه: (أراد موسى أن يحطم الوثنية فأجراها في دمائهم ذرات ذهبية صارت نسيج أبدانهم وميراث أجيالهم)(10).
(1) هو: ابن ناباط من سبط افرايم وصروعة ولد في صردة في وادي الأردن وهو الملك الأول في المملكة الشمالية بعد انقسام مملكة سليمان في أيام رحبعام وملك حوالي 22 سنة (قاموس الكتاب المقدس ص 1059).
(2)
هو: ابن سليمان من نعمة العمونية قامت الحرب بينه وبين يربعام ملك مملكة إسرائيل واستمرت طويلًا وانتشرت العبادة الوثنية في مملكة إسرائيل منذ بدايتها
…
ملك حوالي 17 سنة ومات حوالي 915 ق. م (قاموس الكتاب المقدس ص 401).
(3)
ملوك الأول: (12/ 28) إسرائيل يتمرد على رحبعام.
(4)
اليهود تاريخًا وعقيدة، ص 234.
(5)
هو: بعشا بن أخيا من سبط يساكر، تآمر علي ناداب بن يربعام وضربه في جبثون التى للفلسطنيين وملك عوضًا عنه عشرين سنة ومن أجل ألا يعارضه أحد قتل كل عائلة يربعام وسلك بعشا في طريق يربعام وعمل الشر في عيني الرب وكانت الحروب والاضطرابات كل أيام ملكه (قاموس الكتاب المقدس ص 181).
(6)
الملوك الأول: (15/ 33 - 34) بعشا يملك على إسرائيل.
(7)
هو: أحد ملوك إسرائيل وكان قبل توليه العرش قائدًا لجيش بني إسرائيل في زمن الملكين بعشا وأيلة ولم يعمل عمرى المستقيم في عيني الرب وعبد الأصنام التى عبدها يربعام وعمل من الشر ما لم يعمله أي ملك آخرمن قبله من ملوك إسرائيل (قاموس الكتاب ص 639).
(8)
الملوك الأول: (16/ 29 - 33) أخاب يملك على إسرائيل.
(9)
اليهود تاريخًا وعقيدة ص 234 مرجع سابق.
(10)
المرجع السابق 235.