الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ولكن حين انحرف اليهود عن الوحي الإلهى وحرفوا كتبهم انتزع الله منهم هذه الأرض وشردهم وأعطاها لمن يستحقها من الأمم الملتزمة بعبادة الله وتوحيده التي لم تنحرف عن ملة إبراهيم وهي الأمة الإسلامية، فمن نسل إبراهيم عليه السلام جاء إسماعيل جد العرب الذين حملوا لواء التوحيد والالتزام بملة إبراهيم، ففتحوا أرض الرومان واستعادوا فلسطين وما حولها محققين بذلك وعد الله لإبراهيم أن يجعل هذه الأرض لنسله من فر مصر إلى فر الفرات)(1).
(وهذا ما يتمشى مع قول الله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} (2) ومن هنا استحق العرب أبناء إسماعيل - أرض فلسطين - لأسباب كثيرة منها:
(1)
أنهم هم الذين اتبعوا ملة إبراهيم وساروا على نهجه.
(2)
أنهم أبناء إبراهيم من سلالة إسماعيل.
(3)
أنهم أول من دخل هذه الأرض وعمروها قبل أن يراها بنو إسرائيل.
(4)
أنهم هم الذين أقاموا فيها طيلة حياتهم ولم يفارقوها بينما كان اليهود على النقيض من ذلك كله) (3).
ثانيًا: العهود الفتراة التي تقضي لليهود بتملك أرض فلسطين وجهود العلماء في تفنيدها:
(إن العهود التوراتية الموجودة في التوراة الحالية التي بأيدي اليهود تنص على أن هناك أرضًا أعطاها الله لبنى إسرائيل أيام رسلهم، ويدعى اليهود اليوم أن هذه العهود تنطبق عليهم وأن هذه الأرض عطاء إلهى لهم يعتبر فوق القانون مهما كان نوع هذا القانون وفوق إرادة الشعوب مهما كانت هذه الشعوب حتى لو كانت صاحبة الأرض التي يطالب بها اليهود)(4).
ولذلك (يخادع اليهود أنفسهم، كما يخادعون العالم المسيحى وغيره بأحقيتهم في تملك فلسطين من العرب ويغمطون حقهم فيها، وذلك من خلال العهود والمواثيق المفتراة في توراتهم المحرفة على أنبيائهم)(5).
ولقد رصد كل من د/ عابد الهاشمي، د/ محمد أبو زيد هذه العهود في كتابيهما وأتبعاها بالنقد والتحليل الممزوج بالتفسير الصحيح للتاريخ خاصة سيرة أنبياء بني إسرائيل ولقد أبطلوا من خلال نقدهم نظرية الحق التاريخى المزعومة بتمليك أرض فلسطين لليهود، من هذه العهود ما يلي:
(1) عهد الله لإبراهيم عليه السلام
-:
تقول التوراة: "فلا يدعي اسمك بعد إبرام بل يكون اسمك إبراهيم لأنني أجعلك أبًا لجمهور من الأمم
…
وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم عهدًا أبديًا
…
وأعطي لنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان ملكًا أبديًا" (6).
(1) اليهودية د / أحمد شلبي ص 58.
(2)
سورة آل عمران الآية: (68).
(3)
العقيدة اليهودية: ص 375.
(4)
أرض الميعاد د/ محمد أبو زيد ص 1.
(5)
فلسطين في الميزان: ص 25.
(6)
تكوين: (17/ 1 - 8) عهد الختان.
والرؤية النقدية لهذا العهد تدور حول موطن الشاهد منه وهو قول التوراة: "وأقيم عهدي بينى وبينك وبين نسلك من بعدك
…
أرض كنعان".
وفي نقد د/ محمد أبو زيد وهو يفند هذا العهد تاريخيًا بمنظور الإسلام يقول: (الواقع يشهد بأن الإله الذي وعد إبراهيم هذا العهد لم يف بعهده لأن إبراهيم لم يملك شيئًا من أرض كنعان (وهي فلسطين) وكان فيها غريبًا، وكما تذكر التوراة نفسها أن إبراهيم عندما ماتت سارة في فلسطين لم يكن يملك مكانًا في فلسطين ليدفنها فيه حتى استعطف بنى حثّ هناك فباعوه قبرًا لها (1).
وطلب إبراهيم عليه السلام شراء مغارة في طرف الحقل فكافؤه بالحقل والمغارة كرمًا فاشتراهما بأربعمائة شاقل من الفضة ولم يكن يملك إبراهيم غير ذلك الحقل والمغارة في جميع أرض فلسطين وسوريا ولم تشر التوراة ولو إشارة واحدة إلى تملك إبراهيم في تلك البلاد غير ذلك! بل كان غريب الأهل والعشير وهو وحيد في فلسطين بشهادة التوراة، وحين مات إبراهيم عليه السلام عن عمر (175) سنة دفن في نفس المغارة التي دفن فيها زوجته، وما كان يملك من فلسطين حين موته إلا تلك المغارة والحقل معها، اللذين اشتراهما بنقد فضي كما تذكر التوراة (2)، ولم يكن هبة من الله كما وعد افتراءً عليه (3).
وفي جملة نقد د/ الهاشمي لعهد إبراهيم عليه السلام تاريخيًا يؤكد إبطال هذا العهد المزعوم بالتحليل التالي الذي صدَّره بقوله: ليس وإبراهيم نصيب من حكم أو ملك أو أرض أو أهل في فلسطين.
أما نسبته إلى فلسطين فنسبة باطلة لأنها ليست وطنه، لا ولادة ولا ملكا ولا حكمًا، ذلك أن ولادته في مدينة "أور" على نهر الفرات فى جنوب العراق وكانت مدينة كلدانية عريقة عمرها أكثر من 3000 سنة ق. م.
…
وهو من العبرانيين - والعبرانيون مشتقة من "عبر" أي اجتاز من مكان إلى آخر، فهم العابرون إلى أرض فلسطين، عبروا نهرا الفرات حتى وصلوا الشام ففلسطين - أما الكنعانيون - فمشتقة من "كنع" أي استقر ومكث وهدأ (4)
…
فهم السكان الثابتون المستقرون في فلسطين منذ ثلاثة آلاف سنة قبل المسيح أي منذ خمسة آلاف سنة حتى اليوم
…
ثم استقر فى حاران الواقعة على الحدود السورية التركية حيث توفي والده عن عمر (205) سنة
…
وتعترف التوراة أن إبراهيم حين غادر حاران على الحدود التركية متجهًا إلى بلاد الشام، كان الكنعانيون - العرب- هم سكان البلاد مستوطنين فيها "وكان الكنعانيون حينئذ فى الأرض"(5). (6).
(1) انظر: تكوين: (23/ 1 - 16)، انظر: أرض الميعاد ص 1.
(2)
انظر: تكوين: (25/ 9 - 11) والنص يقول: "ودفنه إسحاق وإسماعيل ابناه في مغارة المكفيلة في حقل عفرون
…
الذي أمام ممر الحقل الذي اشتراه إبراهيم من بني حث هناك دفن إبراهيم وسارة امرأته".
(3)
فلسطين في الميزان: د/ الهاشمي ص 33.
(4)
يشوع: (24/ 2).
(5)
تكرين: (12/ 6) دعوة إبراهيم.
(6)
انظر: فلسطين في الميزان: ص 32، 33 بتصرف بالحذف.