الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولذلك يقول د/ عبد الأحد داود في كتابه:
(إن هذا السر اللاهوتي الذي كان مكتومًا عن كل الأنبياء والصالحين السابقين قد خيل أو كأنما كُشف للكنيسة بواقعة صلب المسيح، وإن هوية الأقانيم الثلاثة وأسرارها التي كان يجهلها أكابر الأنبياء كإبراهيم وموسى وداود وعيسي عليهم السلام قد صار من مبادئ معلومات كل غلام مسيحى فضلًا عن القسيسين والرهبان. الصليب كاشف الأسرار اللاهوتية ما أغربه من نموذج لتجليات الأديان)(1).
ثم تؤكد د/ مريم زامل، من خلال دراستها على ما كتبه أهل الكتاب حول هذا الموضوع أن الحواريين في بدء دعوتم لم يجدوا في النصوص المقدسة، ولا في كتب الأحبار ما يشير من قريب أو بعيد إلى صلب المسيح، وتعذيبه على خشبة الصلب كما يزعم بولس أن المسيح مات من أجل خطايا البشر (2).
2 - بداية ظهور عقيدة الصلب والفداء وأدله النصارى عليها:
أما عن بداية ظهور هذه العقيدة في النصرانية يؤكد البيروتي (3) في كتابه: أن الذي يحمل وزر هذه العقيدة هو بولس اليهودي الذي تأثر بالفلسفة الإغريقية، وبعقائد الهنود التي تنص على صلب كرشنا المولود البكر الذي هو نفس الإله فشنو الذي لا ابتداء له ولا انتهاء على رأيهم قد تحرك شفقة وحنوًا -كي يخلص الأرض من ثقل حملها فأتاها وخلَّص الإنسان بتقديم نفسه ذبيحة عنه وقد تأثر بها تأثيرًا كبيرًا انعكس على تعاليم المسيح التي أخذ يبشر بها عندما اختلق قصة دخوله المسيحية (4).
وكذلك يرى م/ الطهطاوي أن فكرة صلب المسيح دخلت النصرانية على يد بولس وهو الذي ابتدعها فيقول نقلًا عن "ولز" من كبار كُتاب المسيحية في أوروبا: إن بولس هو الذي أسس المسيحية الحديثة، وهو لم ير المسيح ولا سمعه، وكان اسمه في الأصل "شاول" وكان من مضطهدي المسيحيين ثم اعتنق المسيحية فجأة، وغير اسمه إلى بولس، وكان شديد الاهتمام بعقائد زمانه، فنقل إلى المسيحية كثيرًا من أفكارهم ومن ذلك قوله: "إن المسيح ابن الله، نزل ليصلب، ويفدي البشرية، وذلك مثل الضحايا القديمة أيام الحضارات البدائية (5).
(1) الإنجيل والصليب: ص 8.
(2)
موقف ابن تيميه من النصرانية: ص 645.
(3)
هو: محمد بن طاهر بن عبد الوهاب بن سليم التنير البيروتي، من أهل بيروت، باحث متكلم رحل إلى مصر، ثم سوريا وتوفي بدمشق سنة 1933م، من مؤلفاته: الدر النضير والعقائد الوثنية، انظر الأعلام للزركلي 6/ 173.
(4)
انظر: العقائد الوثنية في الديانة النصرانية / محمَّد بن طاهر التنير البيروتي ص75 تحقيق د/ محمَّد عبد الله الشرقاوي ط: دار عمران بيروت ومكتبة الزهراء جامعة القاهرة/ ط الأولي 1414 هـ / 1993 م، وانظر: موقف ابن تيميه من النصرانية: ص 645، المسيحية د/أحمد شلبي: ص 167.
(5)
نقلًا عن: النصرانية والإِسلام: م/ الطهطاوى، ص 265.
أما م/ أحمد عبد الوهاب في رؤيته النقدية لهذه الفكرة الدخيلة على النصرانية يقول: تبنى بولس فكرة سفك دم المسيح كفارة عن خطايا البشر، وروج لها في رسائله .. تلك الرسائل التي لم يُكتب أقدمها إلا بعد رفع المسيح بأكثر من عشرين عامًا (1).
أما عن الأدلة التي يستند عليها النصارى في إثبات هذه العقيدة كثيرة قد رصدها جميع من تكلم في الصلب من علمائنا الأجلاء منها:
1 -
قول بولس: "المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا؛ لأنه مكتوب: ملعون كل من علق على خشبة"(2).
2 -
قول مرقس: "لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم"(3).
3 -
قول بولس: "متبررين مجانًا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الفصح عن الخطايا السالفة بإمهال إلى الله"(4).
(1) المسيح في مصادر العقائد المسيحية: ص 191.
(2)
رسالته إلى أهل غلاطية: (3/ 13) الإيمان أم أعمال الناموس.
(3)
انظر: الإصحاح (10/ 45) طلبة يعقوب ويوحنا.
(4)
رسالته إلى رومية: (3/ 24، 25) التبرير والإيمان.