الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وينتقد د/ المطعني هذا النص متسائلًا في وقفته المتأنية التي تؤكد عمق نظرته النقدية لهذه القضية فيقول:
كيف يتخذ اليهودي عبيدًا وإماءً من الذكور والإنات وفتوى التوراة في هذا الموضوع تقول: إن مصدر الاستعباد الوحيد لليهود هو الشعوب المجاورة لهم أو بعبارة أوضح: كل الشعوب غير اليهود يصلحون أن يكونوا عبيدًا لليهود رجالهم وأطفالهم ونساءهم، وكذلك من نزح إلى ديار بني إسرائيل من هذه الشعوب وعاشوا بينهم على اليهود أن يتخذوا منهم ومن ذرياتهم الذين ولدوا بينهم عبيدًا وإمًاء يملكونهم مدى الحياة، ثم تنقل ملكيتهم إلى أبناء اليهود ومن بعدهم فيكونون لهم عبيدًا أبد الدهر، أما استعباد اليهودي ليهودي آخر فحرام حرام وفي هذا تقدم التوراة المقدسة هذا القرار الصارم:"وأما إخوانكم بنو إسرائيل فلا يتسلط إنسان على أخيه بعنف"(1).
ثانيًا: استرقاق الغير إلى الأبد وخاصة شعب كنعان:
يؤكد د/ وافى، هذه النزعة ويشير إلى تمكنها وتأصلها في الفكر الإسرائيلي بنًاء على نصوص توراتية فيقول:
إن الإسرائيلي إذا باع نفسه بيعًا اختياريًا لاُخيه الإسرائيلى في حالة عوزه وحاجته إلى المال فإن رقه يكون موقوتًا بأجل يرجع بعده إلى الحرية على حين أن الرق المضروب على غير الإسرائيلى يظل قائمًا أبد الآبدين؛ بل إن أسفارهم لتقرر أن شعب كنعان قد كُتب عليه في الأزل أن يكون رقيقًا لبني إسرائيل وأنه لا ينبغى لأفراد هذا الشعب وظيفة ما في الحياة غير هذه الوظيفة، وهذا الوضع الذي فُرض عليهم بسبب دعوة دعاها نوح على كنعان (2).
ثالثًا: إباحة التعاملات الربوية مع غير الإسرائيلي:
يشير د/ وافى إلى وجود الانحراف في المعاملات من قبل اليهود وأنهم يفرقون في التعامل بينهم وبين غيرهم من الأمم الأخرى فيقول:
ما كان يجوز للإسرائيلى أن يتعامل بالربا مع أخيه الإسرائيلى ولا أن يأخذ منه رهنًا بدينه، وإذا أخذ منه في الصباح رهنًا من المتاع الذي لا يستغني عنه في حياته اليومية كالرحى التي يطحن عليها قوته وجب أن يرده إليه في المساء، أما غير الإسرائيلي فمباح للإسرائيلى أن يمتصه ويتعامل معه بأشنع أنواع الربا الفاحش (3).
(1) الإِسلام في مواجهة الاستشراق، ص 225.
(2)
انظر: اليهودية واليهود د/ وافي، ص 53 - 55 باختصار، وانظر: لاويين: (25/ 29)، تثنية:(15/ 12).
(3)
انظر: المرجع السابق، نفس الصفحات، وانظر: تثنية: (25/ 35)، (23/ 20).
وكذلك يؤكد د/ بدران أن إباحة الربا مع غير اليهود وتحريمه فيما بينهم من أبرز القضايا التي تؤكد معني العنصرية في نصوص العهد القديم فيقول:
جاء في سفر التثنية أمر لإله إسرائيل في غاية الغرابة، أمر لا يأمر به إلا كهنة معابد الأصنام، حيث يأمر إله إسرائيل موساهم بأنّه إذا أقرض الإسرائيلي إسرائيليًا قرضًا فلا يكون بربا أما إذا كان القرض لأحد غير بني إسرائيل (الأمميين) فيكون القرض بربا حسب النص الذي يقول: "ولا تقرض أخاك بربا فضة أو ربا طعام أو ربا شىء ما مما يقرض بربا. للأجنبي تقرض بربا ولكن لأخيك لا تقرض بربا لكي يباركك الرب إلهك في كل ما تمتد إليه يدك في الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها (1).
ثم ينتقد د/ بدران بقوله:
إن شيئًا مثل هذا ينفر البشر من شريعتهم هذه
…
لأنها ليست شريعة الله أبدًا، فشريعة الله لا تفرق بين عربي وأعجمى، ولا بين أحمر ولا أبيض ولا بين أبيض ولا أسود ولكن ما يفرق بينهم هو التقوى والعمل الصالح (2).
أما د/ المطعني في نقده لهذه التعاملات الربوية التي تزكى الروح العنصرية عند اليهود وتقويها فيقول:
الحلال حلال، والحرام حرام ولا عبرة بحال الشخص المعامل بهما
…
بصرف النظر عن عقيدته وجنسه، ولكن التوراة تهدر تلك القيمة التشريعية من حساباتها وتبيح من حرمات الأجنبي -غير اليهودي- ما تجزم بحرمته بالنسبة لليهودي، وقد جعلت التوراة إقراض الأجنبي بربا إحدى دعامتين تستوجبان البركة من الرب الإله، والدعامة الثانية: هي أن يتلطف اليهودي مع أخيه اليهودي فيقرضه قرضًا حسنًا لا ربا فيه (3).
وعلى ذلك:
فإن ما قدمه العلماء من رؤى نقدية متنوعة حول قضية الربا في التشريع اليهودي يؤكد أن النصوص التوراتية في هذا الجانب هي الخلفية الدينية المحرفة إلى تكمن وراء تكديس الثروات في اليهودية، ووراء سيطرة اليهود على الاقتصاد العالمي في الوقت الحاضر، وأن امتلاكهم لأسباب القوة المادية مرجعيته لهذه التعاملات الربوية.
(1) التوراة: د/ بدران ص 76، وانظر: تثنية (23/ 19 - 20)، اليهودية واليهود: د/ وافي، (53 - 55).
(2)
انظر: التوراة د/ بدران ص، 76 بتصرف بالحذف.
(3)
انظر: الإِسلام في مواجهة الاستشراق، د/ المطعني ص 233 باختصار بالحذف.