الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ذكر هذه القصة كثير من الكتاب منهم من ذكرها دون تعليق لوضوح المخالفة فيها ومنهم من علق عليها فقد قدم لها د/ على خليل، بقوله نقرأ في سفر التكوين أن:(رأوبين بن يعقوب وهو بكره، استغل غياب والده ودخل على امرأته بلهة وكان لها ولدان وإن ونفتالي واضطجع معها)(1)، ثم ذكر النص وهو:"وحدث إذ كان إسرائيل ساكنًا في تلك الأرض أن رأوبين ذهب واضطجع مع بلهة سرية أبيه"(2).
ولكن العلامة رحمة الله الهندي علق عليها منتقدًا ما تقول التوراة بقوله: (فانظروا إلى رأوبين الولد الأكبر ليعقوب عليه السلام كيف زنى بزوجة أبيه؟، وإلى يعقوب كيف لم يجر الحد أو التعزير، لا على ابنه ولا على هذه الزوجة، والظاهر أن حدّ الزنا في هذا الوقت كان إحراق الزاني والزانية بالنار كما يُفهم من الآية 24 من الإصحاح 38 من سفر التكوين (3)، ودعا لهذا الابن بالبركة والخير في آخر حياته كما هو مصرح به في الإصحاح 49 من هذا السفر (4)) (5).
ويضيف د/ بدران، بعدًا جديدًا زيادة (6) على ما قاله العلامة رحمة الله الهندي فيقول:(هذا مع العلم بأن التوراة تحرم مجرد النظر لعورة زوجة الأب (لاويين 18/ 1)(7).
2. ثامار (كنة يهوذا) ابن يعقوب الرابع:
تقول التوراة أن ثامار أخطأت مع حميها يهوذا وحبلت منه وولدت ولدين أحب الأوّل (فارص) والثاني (زارح) والنص يقول: "وأن يهوذا زوج ابنه بكره" عير "امرأة اسمها ثامار". وكان عير بكر يهوذا رديئًا بين أيدي الرب فقتله الرب. وقال يهوذا لابنه أونان: ادخل على امرأة أخيك، وكن معها، وأقم زرعًا لأخيك. فلما علم أونان أن الخلف لغيره كان إذا دخل على امرأة أخيه يفسد على الأرض لئلا يكون زرعًا لأخيه. فظهر ذلك منه سوء أمام الرب لفعله ذلك، وقتله الرب، فقال يهوذا لثامار كنته اجلسي أرملة في بيت أبيك حتى يكبر شيلة ابني
…
فأعلموا ثامار قائلين هو ذا حموك صاعدًا إلى تمنة ليجز غنمه فطرحت ثامار عنها ثياب الترمل وأخذت رداءً وتزينت، وجلست في قارعة الطريق، فلما رآها يهوذا ظن أنها زانية لأنها كانت قد غطت وجهها لئلا تعرف، ودخل عندها وقال لها دعيني أدخل إليك لأنه لم يعلم أنها كنته فقالت له:
(1) التعاليم الدينية: ص26.
(2)
تكوين: (35/ 22) موت راحيل وإسحاق.
(3)
النص يقول: "أخبر يهوذا وقيل له قد زنت ثامار كَنَّتكَ، وهاهى حبلى من الزنى فقال يهوذا أحرجرها فتحرق".
(4)
النص يقول: "وهذا ما كلمهم وبه أبوهم وباركهم، كل واحد بحسب بركته باركهم".
(5)
إظهار الحق: 2/ 563.
(6)
انظر: التوراة د/ بدران، ص 60.
(7)
والنص يقول: "عورة امرأة أبيك لا تكشف إنها عورة أبيك".
ماذا تعطيني حتى تدخل علىّ؟، فقال لها أنا أرسل لك جديًا ماعزًا من الغنم وهي قالت له: أعطني رهنًا حتى ترسله فقال يهوذا: أي شيء أعطيك رهنًا؟ فقالت خاتمك وعمامتك وعصاك التي بيدك فأعطاها لها. ودخل عليها فحبلت منه وقامت فمضت وطرحت عنها لباسها ورداءها ولبست ثياب ترملها فلما كان بعد ثلاثة أشهر أخبروا يهوذا قائلين: زنت ثامار كنتك وهو ذا قد حبلت من الزنا فقال يهوذا أخرجوها لتحرق أما هى فلما خرجت أرسلت إلى حميها قائلة: من الرجل الذي هذه له حبلت أنا فأعرف لمن هو الخاتم والعمامة والعصا، فعرفها يهوذا وقال تبررت هي أكثر من لموضع أني لم أعطها لشيلة ابني ولكنه لم يعد يعرفها بعد ذلك وكان لما دنا وقت الولادة وإذ توأمان في بطنها فعند طلقها، واحد سبق وأخرج يده فأخذت القابلة قرمزًا وربطته في يده قائلة: هذا يخرج أولًا، ولكن حين رد يده إذا أخوه قد خرج فقالت لماذا اقتحمت؟ عليك اقتحام. فدعي اسمه فارص، وبعد ذلك خرج أخوه الذي على يد القرمز فدعت اسمه زراح" (1).
تنوعت نظرة النقاد إلى هذا النص فالعلامة رحمة الله الهندي بفكره الثاقب وتحليله الرائع للنصوص وبيان مالها وما عليها واستخراج ما فيها من هنّات ومخالفات يأخذ على هذه القصة الأمور التالية:
1 -
(أن الرب قتل عيرًا لكونه رديئًا ورداءته لم تبيّن أكانت هذه الرداءة أشد من رداءة عمه الكبير حيث زنى بزوجة أبيه، ومن رداءة عليه الآخرين شمعون ولاوي حيث قتلا ذكور أهل البلدة كلهم ومن رداءة أبيه وجميع أعمامه حيث نهبوا أموال تلك البلدة وسبوا نساءها وأطفالها، ومن رداءة أبيه حيث زنى بزوجته بعد موته؟ أهؤلاء كانوا قابلين للرأفة وعدم القتل وكان عير قابلًا للقتل فقتله الرب؟.
2 -
العجب أن الرب قتل أونان على خطأ عزل المنى، وما قتل أعمامه وأباه على الخطايا المذكورة. أهذا العزل أشد ذنبًا من هذه الخطايا؟.
3 -
أن يعقوب لم يجر الحد ولا التعزير على هذا الولد العزيز ولا على هذه المرأة الفاجرة بل لم يثبت من هذا الإصحاح ولا من إصحاح آخر أنه تضايق لهذا الأمر من يهوذا والإصحاح 49 من سفر التكوين (2) شاهد صدق على عدم تضايقه حيث ذم رأوبين وشمعون ولاوي على ما صدر منهم، وما ذم يهوذا على ما صدر منه بل سكت عما صدر منه ومدحه مدحًا بليغًا ودعا له دعاءً كاملًا ورجحه على إخوته.
(1) تكوين: (6/ 38 - 30) يهوذا وثامار.
(2)
النص يقول: "رأوبين أنت بكرى قوتي وأول قدرتي فضل الرفعة وفضل العز فائرًا كالماء لا تتفضل لأنك صعدت على مضجع أبيك حينئذ دنسته. على فراشي صعد شمعون ولاوي أخوان، آلات ظلم سيوفهما في مجلسهما لا تدخل نفسي بمجمعهما لا تتحد كرامتى لأنهما في غضبهما قتلا إنسانًا
…
"تكوين: (49/ 3 - 7).