الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُجِدَ. . . إلَخْ
(كِتَابُ الزَّكَاةِ)
عَقَّبَ الصَّلَاةَ بِالزَّكَاةِ اقْتِدَاءً بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَقَوْلُهُ {وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3] . (هِيَ تَمْلِيكُ بَعْضِ مَالٍ جَزْمًا عَيَّنَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضَ (الشَّارِعُ) قَالَ فِي الْكَنْزِ هِيَ تَمْلِيكُ الْمَالِ مِنْ فَقِيرٍ مُسْلِمٍ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ. . . إلَخْ أَقُولُ هَذَا التَّعْرِيفُ يَتَنَاوَلُ مُطْلَقَ الصَّدَقَةِ وَلَا مُخَصِّصَ لَهُ بِالزَّكَاةِ بِخِلَافِ مَا اُخْتِيرَ هَاهُنَا فَإِنَّ قَوْلَهُ عَيَّنَهُ (الشَّارِعُ) يُفِيدُ التَّخْصِيصَ إذْ لَا تَعْيِينَ فِي الصَّدَقَةِ وَأَيْضًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ يَرِدُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا مُلِكَتْ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ مَوْجُودٌ فِيهَا وَلَوْ قَالَ تَمْلِيكُ الْمَالِ عَلَى وَجْهٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ لَانْفَصَلَ عَنْهُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ يَجِبُ فِيهَا تَمْلِيكُ الْمَالِ فَقُلْت جَزْمًا لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنَّ مَعْنَاهُ بِلَا احْتِمَالٍ فِي نَفْسِهِ لِغَيْرِ التَّمْلِيكِ كَالْإِبَاحَةِ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ فِي نَفْسِهَا لَا تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَالْإِيتَاءُ كَمَا قَالُوا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ وَلَا يَتَأَدَّى بِالْإِبَاحَةِ حَتَّى لَوْ كَفَلَ يَتِيمًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ نَاوِيًا لِلزَّكَاةِ لَا يُجْزِئُهُ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَلَوْ كَسَاهُ يُجْزِئُهُ لِوُجُودِ التَّمْلِيكِ (لِفَقِيرٍ) مُتَعَلِّقٍ بِالتَّمْلِيكِ (مُسْلِمٍ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ وَلَا مَوْلَاهُ) احْتِرَازٌ عَنْ الْغَنِيِّ وَالْكَافِرِ وَالْهَاشِمِيِّ وَمَوْلَاهُ، فَإِنْ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَيْهِمْ مَعَ الْعِلْمِ لَا يَجُوزُ كَمَا سَيَأْتِي (مَعَ قَطْعِ الْمَنْفَعَةِ عَنْ الْمَالِكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الدَّفْعِ إلَى فُرُوعِهِ وَإِنْ سَفَلُوا وَأُصُولِهِ وَإِنْ عَلَوْا أَوْ مُكَاتَبِهِ وَدَفْعِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إلَى الْآخَرِ كَمَا سَيَأْتِي (لِلَّهِ تَعَالَى) لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِخْلَاصِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5]
(وَشَرْطُ وُجُوبِهَا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ) إذْ لَا تَكْلِيفَ بِدُونِهِمَا (وَالْإِسْلَامُ)
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
وَالْمُرَادُ وَهُوَ يَعْقِلُ. اهـ. قُلْتُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا مَكَثَ فِي الْمَعْرَكَةِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ حَيًّا وَالْقَوْمُ فِي الْقِتَالِ وَهُوَ يَعْقِلُ أَوْ لَا يَعْقِلُ فَهُوَ شَهِيدٌ وَالِارْتِثَاثُ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا بَعْدَ تَصَرُّمِ الْقِتَالِ. اهـ.
[كِتَابُ الزَّكَاةِ]
(كِتَابُ الزَّكَاةِ)(قَوْلُهُ: عَقَّبَ الصَّلَاةَ بِالزَّكَاةِ اقْتِدَاءً بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] أَقُولُ وَقُرِنَتْ الزَّكَاةُ بِالصَّلَاةِ فِي اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ آيَةً فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعَاقُبَ بَيْنَهُمَا فِي غَايَةِ الْوَكَادَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَقَدْ فَصَلَ قَاضِي خَانْ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ بِالصَّوْمِ (قَوْلُهُ {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3] هَذَا عَامٌّ فَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْخَاصِّ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: هِيَ تَمْلِيكٌ. . . إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الزَّكَاةَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ نَفْسُ الْإِيتَاءِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ؛ لِأَنَّهُمْ يَصِفُونَ الْإِيتَاءَ بِالْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ اسْمٌ لِلْمَالِ الْمُؤَدَّى؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَإِيتَاءُ الْإِيتَاءِ مُحَالٌ وَفِيهِ نَظَرٌ ذَكَرَهُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا وَقَالَ فِي الْمِعْرَاجِ الْأَصَحُّ أَنَّهَا فِعْلُ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهَا وُصِفَتْ بِالْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ لَا مِنْ صِفَاتِ الْأَعْيَانِ وَالْمُرَادُ بِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ إخْرَاجُهَا مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} [الأنعام: 72] كَذَا فِي الْمَنْشُورِ اهـ.
وَمُنَاسَبَةُ الشَّرْعِيِّ لِلُّغَوِيِّ أَنَّ فِعْلَ الْمُكَلَّفِينَ سَبَبٌ لِلُّغَوِيِّ إذْ بِهِ يَحْصُلُ النَّمَاءُ بِالْإِخْلَافِ مِنْهُ تَعَالَى فِي الدَّارَيْنِ وَالطَّهَارَةُ لِلنَّفْسِ مِنْ دَنَسِ الْبُخْلِ وَالْمُخَالَفَةُ وَالطَّهَارَةُ لِلْمَالِ بِإِخْرَاجِ حَقِّ الْغَيْرِ مِنْهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ الْفَقِيرِ ثُمَّ هِيَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ
(تَنْبِيهٌ) : عَرَّفَهَا الْمُصَنِّفُ شَرْعًا وَلَمْ يَذْكُرْ تَعْرِيفَهَا لُغَةً وَهُوَ بِمَعْنَى الْبَرَكَةِ زَكَتْ الْبُقْعَةُ أَيْ بُورِكَ فِيهَا وَبِمَعْنَى الْمَدْحِ زَكَّى نَفْسَهُ مَدَحَهَا وَبِمَعْنَى الثَّنَاءِ الْجَمِيلِ زَكَّى الشَّاهِدُ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ النِّهَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ هِيَ فِي اللُّغَةِ الطَّهَارَةُ قَدْ {أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] وَالنَّمَاءُ زَكَا الزَّرْعُ إذَا نَمَا وَفِي الِاسْتِشْهَادِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ ثَبَت الزَّكَاءُ بِالْهَمْزِ بِمَعْنَى النَّمَاءِ يُقَالُ زَكَا زَكَاءً فَيَجُوزُ كَوْنُ الْفِعْلِ الْمَذْكُورِ مِنْهُ لَا مِنْ الزَّكَاةِ بَلْ كَوْنُهُ مِنْهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ عَيْنِ لَفْظِ الزَّكَاةِ فِي مَعْنَى النَّمَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَيْضًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ. . . إلَخْ) وَلَيْسَ بِشَيْءٍ مَا أَجَابَ بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْكَنْزِ بِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ فَقِيرٍ مُسْلِمٍ خَرَجَ مَخْرَجَ الشَّرْطِ وَالْإِسْلَامُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي أَخْذِ الْكَفَّارَةِ. اهـ.
فَإِنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ التَّعْرِيفِ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ مِنْ كَوْنِ الْإِسْلَامِ شَرْطًا فِي الزَّكَاةِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْكَفَّارَةِ حَتَّى يَخْرُجَ هَذَا قَالَهُ الْمَقْدِسِيُّ (قَوْلُهُ: لِفَقِيرٍ مُسْلِمٍ) لَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ آخَرَ وَهُوَ مَعَ قَبْضِ مُعْتَبَرٍ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ دَفَعَ إلَى صَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ أَوْ مَجْنُونٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ دَفَعَهَا الصَّبِيُّ إلَى أَبِيهِ، كَمَا لَوْ وَضَعَ زَكَاتَهُ عَلَى دُكَّانٍ فَجَاءَ الْفَقِيرُ وَقَبَضَهَا لَا يَجُوزُ فَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَقْبِضَهَا لَهُمَا الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ مَنْ كَانَ مِنْ عِيَالِهِ مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ الْأَجَانِبِ الَّذِينَ يَعُولُونَ وَالْمُلْتَقِطُ يَقْبِضُ لِلَّقِيطِ وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْقَبْضَ بِأَنْ كَانَ لَا يَرْمِي بِهِ وَلَا يُخْدَعُ عَنْهُ يَجُوزُ وَالدَّفْعُ إلَى الْمَعْتُوهِ مُجْزِئٌ كَمَا لَوْ انْتَهَبَهَا الْفُقَرَاءُ مِنْ يَدِ الْمُزَكِّي كَمَا فِي الْفَتْحِ
[شُرُوط وُجُوب الزَّكَاة]
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُ وُجُوبِهَا الْعَقْلُ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْجُنُونِ وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ جُنُونُهُ أَصْلِيًّا أَوْ عَارِضِيًّا فَالْأَصْلِيُّ مَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَمَّا إذَا أَفَاقَ كَانَ ابْتِدَاءُ حَوْلِهِ مِنْ وَقْتِ الْإِفَاقَةِ كَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ، وَأَمَّا الْعَارِضِيُّ، فَإِنْ دَامَ سَنَةً فَهُوَ كَالْأَصْلِيِّ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ يَجِبُ عَلَى مَنْ أَفَاقَ مِنْ الْجُنُونِ بَعْضَ الْحَوْلِ الَّذِي مَلَكَ فِيهِ النِّصَابَ وَلَوْ كَانَ الْجُنُونُ أَصْلِيًّا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقِيلَ يَعْتَبِرُ أَبُو يُوسُفَ
لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا (وَالْحُرِّيَّةُ) لِيَتَحَقَّقَ التَّمْلِيكُ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَمْلِكُ فَيُمْلَكُ (وَسَبَبُهُ) أَيْ سَبَبُ وُجُوبِهَا (الْمِلْكُ التَّامُّ) بِأَنْ لَا يَكُونَ يَدًا فَقَطْ كَمَا فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ، فَإِنَّهُ مِلْكُ الْمَوْلَى حَقِيقَةً وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا الْمِلْكُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ عَدَّهُ فِي الْكَنْزِ شَرْطًا لِوُجُوبِهَا (لِنِصَابٍ) اُعْتُبِرَ النِّصَابُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَدَّرَ السَّبَبَ بِهِ (فَارِغٍ عَنْ الدَّيْنِ) الْمُرَادُ بِهِ دَيْنٌ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ حَتَّى لَا يَمْنَعَ دَيْنَ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَيَمْنَعَ دَيْنَ الزَّكَاةِ حَالَ بَقَاءِ النِّصَابِ وَكَذَا بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يُطَالِبُهُ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَنُوَّابَهُ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ وَهُمْ الْمُلَّاكُ، فَإِنَّ الْإِمَامَ كَانَ يَأْخُذُهَا إلَى زَمَنِ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَهُوَ فَوَّضَهَا إلَى أَرْبَابِهَا فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ قَطْعًا لِطَمَعِ الظَّلَمَةِ فِيهَا فَكَانَ ذَلِكَ تَوْكِيلًا مِنْهُ لِأَرْبَابِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ أَوْ الْكَفَالَةِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ ضَمَّ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ الزَّكَاةَ إلَى النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ فَكَأَنَّهُ سَهْوٌ مِنْ النَّاسِخِ الْأَوَّلِ (وَ) عَنْ (الْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ) كَدُورِ السُّكْنَى وَنَحْوِهَا وَسَيَأْتِي (نَامٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا) النَّمَاءُ إمَّا تَحْقِيقِيٌّ يَكُونُ بِالتَّوَالُدِ وَالتَّنَاسُلِ وَالتِّجَارَاتِ أَوْ تَقْدِيرِيٌّ يَكُونُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ نَائِبِهِ، فَإِذَا فُقِدَ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ
(فَلَا تَجِبُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمِلْكُ التَّامُّ (عَلَى مُكَاتَبٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ يَدًا فَقَطْ (وَمَدْيُونٍ لِلْعَبْدِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَارِغٍ عَنْ الدَّيْنِ (بِقَدْرِ دَيْنِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَلَا تَجِبُ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَذَلِكَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَلَوْ كَانَ دَيْنُهُ مِائَتَيْنِ تَجِبُ زَكَاةُ مِائَتَيْنِ (وَلَا فِي دُورِ السُّكْنَى) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْحَاجَةُ الْأَصْلِيَّةُ (وَنَحْوِهَا) كَثِيَابِ الْبَدَنِ وَأَثَاثِ الْمَنْزِلِ وَدَوَابِّ الرُّكُوبِ وَعَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ لِأَهْلِهِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ إفَاقَةَ أَكْثَرِ الْحَوْلِ وَقِيلَ ابْتِدَاءُ حَوْلِ الْجُنُونِ الْأَصْلِيِّ مِنْ وَقْتِ الْإِفَاقَةِ مِنْهُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْجُنُونُ مُطْلَقًا عَارِضٌ وَالْحُكْمُ فِي الْعَارِضِ أَنَّهُ يَمْنَعُ الْوُجُوبَ إذَا امْتَدَّ أَيْ سَنَةً وَإِلَّا فَلَا اهـ.
وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ الْمَجْنُونُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا إذَا وُجِدَ مِنْهُ الْجُنُونُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا، فَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ إفَاقَةٌ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَالصَّحِيحُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ الْإِفَاقَةَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ وَآخِرِهَا، وَإِنْ قَلَّ يَشْتَرِطُ فِي أَوَّلِهَا لِانْعِقَادِ الْحَوْلِ وَفِي آخِرِهَا لِيَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ خِطَابُ الْأَدَاءِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تُعْتَبَرُ الْإِفَاقَةُ فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ فِي جُزْءٍ مِنْ السَّنَةِ اهـ.
وَذَكَرَ الْكَمَالُ مَا تَجِبُ مُرَاجَعَتُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ، فَإِنَّهُ مِلْكُ الْمَوْلَى حَقِيقَةً) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ إيهَامُ الْوُجُوبِ عَلَى الْمَوْلَى وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ فَلَوْ قَالَ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْمُكَاتَبُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِوُجُودِ الْمُنَافِي وَهُوَ الرِّقُّ وَلِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ دَائِرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْلَى إنْ أَدَّى مَالَ الْكِتَابَةِ سَلِمَ لَهُ، وَإِنْ عَجَزَ سَلِمَ لِلْمَوْلَى فَكَمَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِيهِ شَيْءٌ فَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَدَّهُ أَيْ الْمِلْكَ التَّامَّ فِي الْكَنْزِ شَرْطًا) كَذَا انْتَقَدَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ فَقَالَ وَقَدْ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ سَبَبَهَا مِلْكُ مَالٍ مُرْصَدٍ لِلنَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فَاضِلٍ عَنْ الْحَاجَةِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ السَّبَبَ وَالشَّرْطَ قَدْ اشْتَرَكَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُضَافُ إلَيْهِ الْوُجُوبُ لَا عَلَى وَجْهِ التَّأْثِيرِ فَخَرَجَ الْعِلَّةُ وَيَتَمَيَّزُ السَّبَبُ عَنْ الشَّرْطِ بِإِضَافَةِ الْوُجُوبِ إلَيْهِ أَيْضًا دُونَ الشَّرْطِ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ اهـ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَمْنَعَ دَيْنَ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ) أَقُولُ: وَكَذَا لَا يَمْنَعُ دَيْنَ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَوُجُوبَ الْحَجِّ وَهَدْيَ الْمُتْعَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ أَوْ الْكَفَالَةِ) أَقُولُ: جَعْلُ دَيْنِ الْكَفَالَةِ مَانِعًا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْكَفَالَةَ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الدَّيْنِ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهَا فِي الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ فَفِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ عَنْ الْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ) هِيَ مَا يَدْفَعُ الْهَلَاكَ مِنْ الْإِنْسَانِ تَحْقِيقًا كَالنَّفَقَةِ وَدُورِ السُّكْنَى أَوْ تَقْدِيرًا كَالدَّيْنِ، فَإِنَّ الْمَدْيُونَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ الْحَبْسَ بِالْقَضَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ مَنْ مَعَهُ دَرَاهِمُ وَأَمْسَكَهَا بِنِيَّةِ صَرْفِهَا إلَى حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ وَهِيَ عِنْدَهُ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فِي فَصْلِ زَكَاةِ الْعُرُوضِ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي النَّقْدِ كَيْفَمَا مَا أَمْسَكَهُ لِلنَّمَاءِ أَوْ لِلنَّفَقَةِ اهـ.
وَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي بَحْثِ النَّمَاءِ التَّقْدِيرِيِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكُتُبِ الْعِلْمِ لِأَهْلِهِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ لَيْسَ بِقَيْدٍ مُعْتَبَرِ الْمَفْهُومِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَتُسَاوِي نُصُبًا لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ أَعَدَّهَا لِلتِّجَارَةِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ الْأَهْلِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْأَهْلَ إذَا كَانُوا مُحْتَاجِينَ لِلْكُتُبِ تَدْرِيسًا وَحِفْظًا وَتَصْحِيحًا لَا يَخْرُجُونَ بِهَا عَنْ الْفَقْرِ، وَإِنْ سَاوَتْ نُصُبًا فَلَهُمْ أَخْذُ الزَّكَاةِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ حَاجَتِهِمْ مَا يُسَاوِي نِصَابًا كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ كُلِّ تَصْنِيفٍ نُسْخَتَانِ وَقِيلَ ثَلَاثٌ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْأَهْلِ، فَإِنَّهُمْ يُحَرِّمُونَ بِهَا الزَّكَاةَ وَالْمُرَادُ كُتُبُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ أَمَّا كُتُبُ الطِّبِّ وَالنَّحْوِ وَالنُّجُومِ فَمُعْتَبَرَةٌ فِي الْمَنْعِ مُطْلَقًا ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّ
وَآلَاتِ الْمُحْتَرِفِينَ
(وَالْوَاصِل مِنْ مَالِ الضِّمَارِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ نَامٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا وَالضِّمَارُ مَالٌ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ كَآبِقٍ وَمَفْقُودٍ وَمَغْصُوبٍ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَمَالٍ سَاقِطٍ فِي الْبَحْرِ وَمَدْفُونٍ فِي مَغَارَةٍ نُسِيَ مَكَانُهُ وَمَالٍ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ مُصَادَرَةً الْوَدِيعَةٍ نَسِيَ الْمُودِعُ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ مَعَارِفِهِ وَدَيْنٍ مَجْحُودٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ثُمَّ صَارَتْ لَهُ بَعْدَ سِنِينَ بِأَنْ أَقَرَّ عِنْدَ النَّاسِ، فَإِنَّهُ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ بَعْدَ سِنِينَ لَا تَجِبُ زَكَاتُهُ (لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ) لِانْتِفَاءِ النَّمَاءِ وَلَوْ تَقْدِيرًا (بِخِلَافِ مَا عَلَى مُقِرٍّ وَلَوْ) كَانَ (مُعْسِرًا) إذْ يُمْكِنُهُ الْوَصْلُ إلَيْهِ ابْتِدَاءً أَوْ بِوَاسِطَةِ التَّحْصِيلِ (أَوْ مُفْلِسًا) أَيْ مَحْكُومًا بِإِفْلَاسِهِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، فَإِنَّ التَّفْلِيسَ إذَا وُجِدَ تَحَقَّقَ الْإِفْلَاسُ عِنْدَهُ (أَوْ) عَلَى (جَاحِدٍ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ عَلِمَهُ قَاضٍ) ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَمْوَالَ إذَا وَصَلَتْ إلَى مَالِكِهَا تَجِبُ زَكَاةُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ
(وَلَا) تَجِبُ أَيْضًا (فِي دُورٍ لَا لِلسُّكْنَى) تَفْرِيعٌ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ نَامٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا (وَنَحْوِهَا) كَثِيَابٍ لَا تُلْبَسُ وَأَثَاثٍ لَا يُسْتَعْمَلُ وَدَوَابَّ لَا تُرْكَبُ وَعَبِيدٍ لَا تُسْتَخْدَمُ وَكُتُبِ الْعِلْمِ لِغَيْرِ أَهْلِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَلَمْ يَنْوِ التِّجَارَةَ) لِانْتِفَاءِ النَّمَاءِ التَّقْدِيرِيِّ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَى هَذَا كُتُبِ الْعِلْمِ لِأَهْلِهَا وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْأَهْلُ هَاهُنَا غَيْرُ مُفِيدٍ لِمَا أَنَّهُ إنْ لَمْ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
نُسْخَةً مِنْ النَّحْوِ أَوْ نُسْخَتَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ لَا يُعْتَبَرُ مِنْ النِّصَابِ وَكَذَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَالْكَلَامُ غَيْرُ مَخْلُوطٍ بِالْآرَاءِ بَلْ هُوَ مَقْصُورٌ عَلَى تَحْقِيقِ الْحَقِّ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُ الْمَخْلُوطِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ اهـ.
وَالْمُصْحَفُ الْوَاحِدُ لَا يُعْتَبَرُ نِصَابًا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ الْخُجَنْدِيِّ إنَّهُ إنْ بَلَغَ قِيمَتُهُ نِصَابًا لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِدُ مُصْحَفًا يَقْرَأُ فِيهِ اهـ.
وَذَكَرْت هَذَا هُنَا، وَإِنْ سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ (قَوْلُهُ: وَآلَاتِ الْمُحْتَرِفِينَ) الْمُرَادُ بِهَا مَا لَا يُسْتَهْلَكُ عَيْنُهُ فِي الِانْتِفَاعِ كَالْقَدُومِ وَالْمِبْرَدِ أَوْ مَا يُسْتَهْلَكُ وَلَا تَبْقَى عَيْنُهُ كَصَابُونٍ وَحُرْضٍ لِغَسَّالٍ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَيُسَاوِي نِصَابًا؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ بِمُقَابَلَةِ الْعَمَلِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَى مَا تَبْقَى عَيْنُهُ كَعُصْفُرٍ وَزَعْفَرَانٍ لِصَبَّاغٍ وَدُهْنٍ وَعَفْصٍ لِدَبَّاغٍ، فَإِنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ فِيهِ بِمُقَابَلَةِ الْعَيْنِ وَقَوَارِيرِ الْعَطَّارِينَ وَلُجُمِ الْخَيْلِ وَالْحَمِيرِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ وَمَقَاوِدِهَا وَجِلَالِهَا إنْ كَانَ مِنْ غَرَضِ الْمُشْتَرِي بَيْعُهَا بِهَا فَفِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَتْ لِحِفْظِ الدَّوَابِّ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا كَالْقُدُورِ وَغَيْرِهَا مِنْ آلَةِ الصَّبَّاغِينَ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْمِعْرَاجِ وَالْجَوَالِقُ الْمُشْتَرَاةُ لِلْإِجَارَةِ لَا زَكَاةَ فِيهَا كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ
(قَوْلُهُ: وَالضِّمَارُ مَالٌ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ إلَى آخِرِهِ) قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا اُشْتُرِيَ لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ يُقْبَضْ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ إذَا قَبَضَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَمَغْصُوبٍ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) أَقُولُ إلَّا فِي السَّائِمَةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِهَا زَكَاةٌ، وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَدْفُونٍ فِي مَفَازَةٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ دَفَنَهُ فِي حِرْزٍ وَلَوْ دَارَ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ كَذَا أَطْلَقَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ لَوْ كَانَتْ دَارًا عَظِيمَةً فَالْمَدْفُونُ فِيهَا يَكُونُ ضِمَارًا فَلَا يَنْعَقِدُ نِصَابًا اهـ.
وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْمَدْفُونِ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ كَرْمٍ فَقِيلَ بِالْوُجُوبِ لِإِمْكَانِ الْوُصُولِ وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ حِرْزٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَمَالٍ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ مُصَادَرَةً) قَالَ فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ صَادَرَهُ عَلَى مَالِهِ أَيْ فَارَقَهُ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ صَارَ لَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلدَّيْنِ الْمَجْحُودِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ) رَاجِعٌ لِمَالِ الضِّمَارِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ وَدَيْنٍ مَجْحُودٍ) نَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ إنَّمَا لَا يَكُونُ الْمَجْحُودُ نِصَابًا إذَا حَلَّفَهُ الْقَاضِي وَحَلَفَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَالٍ عَلَى مُقِرٍّ. . . إلَخْ) كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ فَيَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الدَّيْنَ زَكَاةً لِمَا مَضَى وَهُوَ غَيْرُ جَارٍ عَلَى إطْلَاقِهِ أَيْ عِنْدَ الْإِمَامِ بَلْ ذَلِكَ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الدَّيْنِ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله قَسَّمَ الدَّيْنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قَوِيٌّ وَهُوَ بَدَلُ الْقَرْضِ وَمَالِ التِّجَارَةِ، وَمُتَوَسِّطٌ وَهُوَ بَدَلُ مَا لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ كَثَمَنِ ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَعَبْدِ الْخِدْمَةِ وَدَارِ السُّكْنَى، وَضَعِيفٌ وَهُوَ بَدَلُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ كَالْمَهْرِ وَالْوَصِيَّةِ بِمَالٍ وَبَدَلُ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ وَالسِّعَايَةِ فَفِي الْقَوِيِّ تَجِبُ الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ وَيَتَرَاخَى الْأَدَاءُ إلَى أَنْ يَقْبِضَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَفِيهَا دِرْهَمٌ وَكَذَا فِيمَا زَادَ بِحِسَابِهِ وَفِي الْمُتَوَسِّطِ لَا يَجِبُ مَا لَمْ يَقْبِضْ نِصَابًا وَيُعْتَبَرُ لِمَا مَضَى مِنْ الْحَوْلِ فِي صَحِيحِ الرِّوَايَةِ وَفِي الضَّعِيفِ لَا يَجِبُ مَا لَمْ يَقْبِضْ نِصَابًا وَيَحُولُ الْحَوْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَيْهِ وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَنَقَلَ مِثْلَهُ فِي الْبُرْهَانِ وَقَالَ وَاجِبًا أَيْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الزَّكَاةُ عَنْ الْمَقْبُوضِ مِنْ الدُّيُونِ الثَّلَاثَةِ بِحِسَابِهِ مُطْلَقًا أَيْ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ مُفْلِسًا) أَيْ مَحْكُومًا بِإِفْلَاسِهِ أَفَادَ أَنَّهُ مِنْ التَّفْلِيسِ وَقَالَ الْكَاكِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُفْلِسُ الْإِفْلَاسِ وَالْمَعْنَى وَالْحُكْمُ يَخْتَلِفَانِ بِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ أَمَّا الْمَعْنَى فَيُقَالُ أَفْلَسَ الرَّجُلُ صَارَ مُفْلِسًا أَيْ صَارَتْ دَرَاهِمُهُ فُلُوسًا كَمَا يُقَالُ أَخْبَثَ الرَّجُلُ إذَا صَارَتْ أَصْحَابُهُ خُبَثَاءَ، وَأَمَّا فَلَّسَهُ الْقَاضِي تَفْلِيسًا أَيْ نَادَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَفْلَسَ كَذَا فِي الصِّحَاحِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى جَاحِدٍ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) هَذَا عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ.
وَفِي الْأَصْلِ لَمْ يَجْعَلْ الدَّيْنَ نِصَابًا وَلَمْ يُفَصِّلْ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الصَّحِيحُ جَوَابُ الْكِتَابِ أَيْ الْأَصْلِ إذْ لَيْسَ كُلُّ قَاضٍ بِعَدْلٍ وَلَا كُلُّ بَيِّنَةٍ لِعَدْلٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ التَّصْحِيحَ عَنْ التُّحْفَةِ وَالْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَهُ قَاضٍ) الْمُفْتَى
يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا وَلَيْسَتْ هِيَ لِلتِّجَارَةِ لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ أَيْضًا وَإِنْ كَثُرَتْ لِعَدَمِ النَّمَاءِ وَإِنَّمَا يُفِيدُ ذِكْرَ الْأَهْلِ فِي حَقِّ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَتْ لَهُ كُتُبٌ سَمَاوِيَّةٌ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا لِلتَّدْرِيسِ وَغَيْرِهِ يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا وَهِيَ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَا يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ آلَاتُ الْمُحْتَرِفِينَ
(وَسَبَبُ وُجُوبِ أَدَائِهَا تَوَجُّهُ الْخِطَابِ) يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَهُوَ عَقِيبَ حَوْلَانِ الْحَوْلِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إنَّ وُجُوبَهُ فَوْرِيٌّ وَفِي آخِرِ الْعُمُرِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ عُمُرِيٌّ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ
(وَشَرْطُهُ) أَيْ وَشَرْطُ وُجُوبِ أَدَائِهَا (الْحَوْلَانِ) أَيْ حَوْلَانِ الْحَوْلُ (بِثَمَنِيَّةِ الْمَالِ) كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (أَوْ السَّوَائِمِ أَوْ نِيَّةِ التِّجَارَةِ) إذَا مَا لَمْ تُوجَدْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَمْ يَتَوَجَّهْ الْخِطَابُ فَلَا يَأْثَمُ بِالتَّرْكِ (وَشَرْطُ أَدَائِهَا) أَيْ كَوْنِهَا مُؤَدَّاةً (نِيَّةٌ) ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَا تَصِحُّ بِلَا نِيَّةٍ (مُقَارِنَةٍ لَهُ) أَيْ لِلْأَدَاءِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ (أَوْ) مُقَارِنَةٍ (لِعَزْلِ مَا وَجَبَ) ، فَإِنَّهُ إذَا عَزَلَ مِنْ النِّصَابِ قَدْرَ الْوَاجِبِ نَاوِيًا لِلزَّكَاةِ وَتَصَدَّقَ عَلَى الْفَقِيرِ بِلَا نِيَّةٍ سَقَطَ زَكَاتُهُ (أَوْ تَصَدَّقَ بِكُلِّهِ) عَطْفٌ عَلَى نِيَّةٍ، فَإِنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ بِكُلِّهِ دَخَلَ الْجُزْءُ الْوَاجِبُ فِيهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعْيِينِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ تَصَدَّقَ بِبَعْضِهِ سَقَطَتْ زَكَاتُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا (وَأَمَّا وُجُوبُهَا فَقِيلَ عُمَرِيٌّ) أَيْ تَجِبُ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْعُمُرِ وَقْتُ الْأَدَاءِ وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ بِهَلَاكِ النِّصَابِ بَعْدَ التَّفْرِيطِ (وَقِيلَ فَوْرِيٌّ) أَيْ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
بِهِ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِعِلْمِ الْقَاضِي الْآنَ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ الْحَوْلَانِ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ الْعِبْرَةُ فِي الزَّكَاةِ لِلْحَوْلِ الْقَمَرِيِّ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ الْعِنِّينِ بَيَانُ الشَّمْسِيِّ وَالْقَمَرِيِّ وَسُمِّيَ حَوْلًا؛ لِأَنَّ الْأَحْوَالَ تَتَحَوَّلُ فِيهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْغَايَةِ
(قَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةِ التِّجَارَةِ) الْمُرَادُ مَا يَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ لَا عُمُومُ الْأَشْيَاءِ، فَإِنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا خَرَاجِيَّةً أَوْ عُشْرِيَّةً لِيَتَّجِرَ فِيهَا لَا يَجِبُ فِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَإِلَّا اجْتَمَعَ فِيهَا الْحَقَّانِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْأَرْضُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ تَجِبُ الزَّكَاةُ مَعَ الْعُشْرِ، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ بَقِيَتْ الْأَرْضُ عَلَى وَظِيفَتِهَا الَّتِي كَانَتْ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بَذْرًا لِلتِّجَارَةِ وَزَرَعَهُ فِي عُشْرِيَّةٍ اسْتَأْجَرَهَا كَانَ فِيهِ الْعُشْرُ لَا غَيْرُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُشْتَرَطُ نِيَّةُ التِّجَارَةِ حَقِيقَةً وَهُوَ وَاضِحٌ أَوْ حُكْمًا كَمَالٍ قُويِضَ بِمَالِ التِّجَارَةِ، فَإِنَّ مَا قُويِضَ بِهِ يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فِيهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْبَدَلِ حُكْمُ الْأَصْلِ مَا لَمْ يُخْرِجْهُ بِنِيَّةِ عَدَمِهَا وَعَبْدٌ قَتَلَ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ خَطَأً فَدَفَعَ بِهِ وَكَذَا مَا اشْتَرَاهُ مُضَارِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ التِّجَارَةَ كَمَا إذَا ابْتَاعَ الْمُضَارِبُ عَبْدًا وَثَوْبًا لِلْعَبْدِ وَطَعَامًا وَحُمُولَتَهُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ قَصَدَ غَيْرَ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ إلَّا لِلتِّجَارَةِ بِخِلَافِ رَبِّ الْمَالِ حَيْثُ لَا يُزَكِّي الثَّوْبَ وَالْحُمُولَةَ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ بِغَيْرِ التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ: مُقَارِنَةٍ لِلْأَدَاءِ) الْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ مُقَارِنَةً لِلْأَدَاءِ لِلْفَقِيرِ أَوْ الْوَكِيلِ وَلَوْ مُقَارَنَةً حُكْمِيَّةً كَأَنْ دَفَعَ بِلَا نِيَّةٍ ثُمَّ نَوَى وَالْمَالُ قَائِمٌ بِيَدِ الْفَقِيرِ صَحَّتْ وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْفَقِيرِ بِأَنَّهَا زَكَاةٌ عَلَى الْأَصَحِّ لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ وَالْمُجْتَبَى الْأَصَحُّ أَنَّ مَنْ أَعْطَى مِسْكِينًا دَرَاهِمَ وَسَمَّاهَا هِبَةً أَوْ قَرْضًا وَنَوَى الزَّكَاةَ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ اهـ.
وَكَذَا صَحَّحَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ الْإِجْزَاءَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِنِيَّةِ الدَّافِعِ لَا لِعِلْمِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ إلَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تَصَدَّقَ بِكُلِّهِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ دَفَعَهُ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الزَّكَاةَ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ فَقِيلَ عُمُرِيٌّ) أَقُولُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَدْ أَخَّرَهُ بِدَلِيلِهِ عَنْ الْقَوْلِ بِالْفَوْرِيَّةِ مَعَ دَلِيلِهِ فَأَفَادَ أَنَّهُ أَيْ الْعُمَرِيَّ مُخْتَارُهُ كَمَا هُوَ طَرِيقَتُهُ اهـ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى التَّرَاخِي وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ الثَّلْجِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا قَالَهُ تَاجُ الشَّرِيعَةِ اهـ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يُؤَخِّرَ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ عُمُرِيٌّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ لَكِنْ قَالَ الْكَمَالُ وَالْوَجْهُ الْمُخْتَارُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالصَّرْفِ إلَى الْفَقِيرِ مَعَهُ قَرِينَةُ الْفَوْرِ وَهِيَ أَنَّهُ لِدَفْعِ حَاجَتِهِ وَهِيَ مُعَجَّلَةٌ وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ الْمُسْتَنِدِ إلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ بِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ فَالْمَعْنَى الَّذِي عَيَّنَّاهُ يَقْتَضِيهِ وَهُوَ ظَنِّيٌّ فَتَكُونُ الزَّكَاةُ فَرِيضَةً وَفَوْرِيَّتُهَا وَاجِبَةً فَيَلْزَمُ بِتَأْخِيرِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ الْإِثْمُ ثُمَّ قَالَ وَمَا ذَكَرَ ابْنُ شُجَاعٍ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى التَّرَاخِي يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّظَرِ إلَى دَلِيلِ الِافْتِرَاضِ أَيْ دَلِيلِ الِافْتِرَاضِ لَا يُوجِبُهَا فَوْرًا وَهُوَ لَا يَنْفِي دَلِيلَ الْإِيجَابِ اهـ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ هَذَا وَلَا يَخْفَى عَلَى مَنْ أَمْعَنَ التَّأَمُّلَ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي قَدَّمْنَاهُ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ لِجَوَازِ أَنْ يَثْبُتَ دَفْعُ الْحَاجَةِ مَعَ دَفْعِ كُلِّ مُكَلَّفٍ مُتَرَاخِيًا إذْ بِتَقْدِيرِ اخْتِيَارِ الْكُلِّ لِلتَّرَاخِي وَهُوَ بَعِيدٌ لَا يَلْزَمُ اتِّحَادُ زَمَانِ أَدَاءِ جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ فَتَأَمَّلْ. اهـ.
قُلْتُ: وَقَوْلُ الْكَمَالِ وَالْوَجْهُ الْمُخْتَارُ لَا يُعَارِضُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ تَاجِ الشَّرِيعَةِ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَارَ التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْكَمَالِ فِي وَجْهِ الْحُكْمِ لَا لِحُكْمٍ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ فَوْرِيٌّ أَيْ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْأَمْرِ) أَقُولُ الدَّعْوَى مَقْبُولَةٌ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ، فَإِنَّ الْمُخْتَارَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ وَلَا التَّرَاخِيَ بَلْ مُجَرَّدَ طَلَبِ الْمَأْمُورِ بِهِ فَيَجُوزُ لِلْمُكَلَّفِ كُلٌّ مِنْ التَّرَاخِي وَالْفَوْرِ فِي الِامْتِثَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ الْفِعْلُ مُقَيَّدًا بِأَحَدِهِمَا فَيَبْقَى عَلَى خِيَارِهِ فِي الْمُبَاحِ الْأَصْلِيِّ فَالْوَجْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَمَالِ