الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُهُ.
(وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) هُوَ مُنْقَطِعُ الْغُزَاةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَيْ الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ وَمُنْقَطِعُ الْحَاجِّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ أَيْ الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا أُفْرِدَ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهِ فِي الْفَقِيرِ أَوْ الْمِسْكِينِ لِزِيَادَةِ حَاجَتِهِ بِسَبَبِ الِانْقِطَاعِ (وَابْنُ السَّبِيلِ) هُوَ الْمُسَافِرُ سُمِّيَ بِهِ لِلُزُومِهِ الطَّرِيقَ فَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ قَدْرَ حَاجَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي بَلَدِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ فَأُلْحِقَ بِهِ كُلُّ مَنْ غَابَ عَنْ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدِهِ (وَتُصْرَفُ إلَى كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ تَمْلِيكًا) أَيْ لَا بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تُصْرَفَ إلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ
(لَا إلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْنِيَ بِالزَّكَاةِ مَسْجِدًا؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ شَرْطٌ فِيهَا وَلَمْ يُوجَدْ وَكَذَا بِنَاءُ الْقَنَاطِيرِ وَإِصْلَاحُ الطُّرُقَاتِ وَكَرْيُ الْأَنْهَارِ وَالْحَجُّ وَالْجِهَادُ وَكُلُّ مَا لَا تَمْلِيكَ فِيهِ (وَكَفَنِ مَيِّتٍ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ) وَلَوْ قَضَى دَيْنَ حَيٍّ وَالْمَدْيُونُ فَقِيرٌ، فَإِنْ قَضَى بِغَيْرِ أَمَرَهُ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَا يُجْزِئُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَلَوْ قَضَى بِأَمْرِهِ جَازَ كَأَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَى الْغَرِيمِ فَيَكُونُ الْقَابِضُ كَالْوَكِيلِ فِي قَبْضِ الصَّدَقَةِ (وَثَمَنِ مَا يُعْتَقُ) أَيْ لَا يَشْتَرِي بِهَا رَقَبَةً تُعْتَقُ لِانْعِدَامِ التَّمْلِيكِ فِيهَا
(وَلَا) إلَى (مَنْ بَيْنَهُمَا وِلَادٌ) أَيْ أَصْلُهُ وَإِنْ عَلَا وَفَرْعُهُ وَإِنْ سَفَلَ (أَوْ زَوْجِيَّةٌ) أَيْ لَا يُعْطِي زَوْجٌ زَوْجَتَهُ وَلَا زَوْجَةٌ زَوْجَهَا لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْمَنَافِعِ عَادَةً
(وَمَمْلُوكِ الْمُزَكِّي) أَيْ مُدَبَّرِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ (وَعَبْدٍ أَعْتَقَ) الْمُزَكِّي (بَعْضَهُ) ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مُكَاتَبِهِ (وَعَبْدٍ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ الْمُعْسِرُ حِصَّتَهُ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُعْسِرٌ نَصِيبَهُ لَمْ يَجُزْ لَلشَّرِيك الْآخَرِ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْعَى لَهُ فَصَارَ كَمُكَاتَبِهِ وَقَالَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ عِنْدَهُمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا إلَى عَبْدٍ قَدْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ وَقَالَا: يَدْفَعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ وَاتَّفَقَ شُرَّاحُهُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ قَدْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَيَرْجِعُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
يُمْكِنُهُ أَخْذُهُ) يَعْنِي لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ الْآنَ كَمَا إذَا كَانَ نِصَابًا مُؤَجَّلًا أَوْ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ وَالْمَدْيُونُ مُعْسِرٌ أَوْ مُوسِرٌ جَاحِدٌ وَلَا بَيِّنَةَ عَادِلَةً وَحَلَّفَهُ الْقَاضِي أَمَّا لَوْ كَانَ مُوسِرًا مُقِرًّا أَوْ جَاحِدًا وَثَمَّةَ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ وَلَمْ يَرْفَعْهُ إلَى الْقَاضِي فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَقُولُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْ اللَّامِ إلَى فِي كَمَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ كَذَلِكَ فِي بَاقِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ وَهُوَ الْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ وَابْنُ السَّبِيلِ لَمَّا قَالَ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ إنَّمَا عَدَلَ عَنْ اللَّامِ إلَى فِي فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّهُمْ أَرْسَخُ فِي اسْتِحْقَاقِ التَّصَدُّقِ عَلَيْهِمْ مِمَّنْ سَبَقَ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّ فِي لِلْوِعَاءِ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُمْ أَحِقَّاءٌ بِأَنْ تُوضَعَ فِيهِمْ الصَّدَقَاتُ (قَوْلُهُ: هُوَ مُنْقَطِعُ الْغُزَاةِ. . . إلَخْ)
قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ طَلَبَةُ الْعِلْمِ وَكَذَا فِي الْمَرْغِينَانِيِّ وَقَالَ السُّرُوجِيُّ قُلْتُ بَعِيدٌ، فَإِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ وَلَيْسَ هُنَاكَ قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمْ طَلَبَةُ عِلْمٍ. اهـ. قُلْتُ وَاسْتِبْعَادُهُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ لَيْسَ إلَّا اسْتِفَادَةَ الْأَحْكَامِ وَهَلْ يَبْلُغُ طَالِبُ عِلْمٍ رُتْبَةَ مَنْ لَازَمَ صُحْبَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِتَلَقِّي الْأَحْكَامِ عَنْهُ كَأَصْحَابِ الصُّفَّةِ فَالتَّفْسِيرُ بِطَالِبِ الْعِلْمِ وَجِيهٌ خُصُوصًا قَدْ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَمِيعُ الْقُرَبِ فَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ سَعَى فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَسَبِيلِ الْخَيْرَاتِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا. اهـ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الصَّاحِبَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي التَّفْسِيرِ وَلَا خِلَافَ فِي الْحُكْمِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا تُعْطَى الْأَصْنَافُ كُلُّهُمْ بِشَرْطِ الْفَقْرِ إلَّا فِي الْعَامِلِ فَمُنْقَطِعُ الْحَاجِّ الْفَقِيرِ يُعْطَى بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَابْنُ السَّبِيلِ هُوَ الْمُسَافِرُ. . . إلَخْ) كَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ قَالَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَقْرِضَ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ عَجْزِهِ عَنْ الْأَدَاءِ ثُمَّ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا فَضَلَ فِي يَدِهِ عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَالِهِ كَالْفَقِيرِ إذَا اسْتَغْنَى وَالْمُكَاتَبِ إذَا عَجَزَ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ تَمْلِيكًا) أَيْ لَا بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ كِتَابِ الزَّكَاةِ
[بِنَاء الْمَسَاجِد مِنْ مَال الزَّكَاة]
(قَوْلُهُ: لَا إلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ. . . إلَخْ) الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ مِثْلِهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِقْدَارِ زَكَاتِهِ عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ يَأْمُرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالصَّرْفِ إلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْمَالِ ثَوَابُ الزَّكَاةِ وَلِلْفَقِيرِ ثَوَابُ هَذَا التَّقَرُّبِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ وَفَرْعُهُ) أَقُولُ وَلَوْ مِنْ زِنًا وَكَذَا لَا يَدْفَعُ إلَى وَلَدِهِ الَّذِي نَفَاهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ أَوْ زَوْجِيَّةٌ) أَقُولُ وَكَمَا لَا يَدْفَعُ إلَى مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَرَابَةُ وِلَادٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ كَذَلِكَ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِمْ صَدَقَةَ فِطْرِهِ وَكَفَّارَتِهِ وَعُشْرِهِ بِخِلَافِ خُمُسِ الرِّكَازِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُهُ لَهُمْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إلَّا الْفَقْرُ كَمَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ: وَمَمْلُوكِ الْمُزَكِّي) أَقُولُ وَكَذَا مَمْلُوكُ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَرَابَةُ وِلَادٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ لِمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْفَتْحِ وَأَنَّ الدَّفْعَ لِمُكَاتَبِ الْوَلَدِ غَيْرُ جَائِزٍ كَالدَّفْعِ لِابْنِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مُدَبَّرِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ) أَقُولُ جَعْلُهُ الْمَمْلُوكَ شَامِلًا لِلْمُكَاتَبِ صَرِيحًا كَمَا هُوَ مَفْهُومُ إطْلَاقِ ابْنِ كَمَالٍ بَاشَا وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ فِي بَابِ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يَتَنَاوَلُ الْمُكَاتَبَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ يَدًا. اهـ.
وَلَمَّا كَانَ مُغَايِرًا لَهُ قَالَ فِي الْكَنْزِ وَعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ (قَوْلُهُ: وَاتَّفَقَ شُرَّاحُهُ. . . إلَخْ) .
أَيْ مُعْظَمُ شُرَّاحِهِ وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ لَهُ الْكَمَالُ تَوْجِيهًا فَقَالَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَفْظُ أَعْتَقَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلْمَفْعُولِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ لَهُمَا بِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ إذْ هُوَ حُرٌّ كُلُّهُ بِلَا دَيْنٍ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا فَإِعْتَاقُ بَعْضِهِ إعْتَاقُ كُلِّهِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَصِحُّ تَعْلِيلُهُ عَدَمَ الْإِعْطَاءِ بِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ
ضَمِيرُهُ إلَى الْمُزَكِّي؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَقَالَا يَدْفَعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ عِنْدَهُمَا، فَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ كُلُّهُ لَهُ فَأَعْتَقَ بَعْضَهُ كَانَ كُلُّهُ حُرًّا بِلَا دَيْنٍ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَيُصَوِّرُ الْمَسْأَلَةَ فِي عَبْدَيْنِ اثْنَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ حَتَّى يَتَأَتَّى هَذَا التَّعْلِيلُ وَلَمَّا كَانَ كَوْنُ أَعْتَقَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيلُ وَكَانَ دَلَالَةُ قَوْلِهِ أَعْتَقَ بَعْضَهُ عَلَى الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي غَايَةِ الْخَفَاءِ كَمَا لَا يَخْفَى ذَكَرْتُ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى فِي الْمَتْنِ وَدَلِيلًا لَهَا فِي الشَّرْحِ غَيْرِ مَا ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَالثَّانِيَةَ بِعِبَارَةٍ تَدُلُّ ظَاهِرًا عَلَى الْمَذْكُورَةِ وَدَلِيلًا لَهَا مِثْلُ الْمَذْكُورَةِ فِي الْهِدَايَةِ (وَغَنِيٍّ وَمَمْلُوكِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَاقِعٌ لِمَوْلَاهُ (وَطِفْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ غَنِيًّا بِمَالِ أَبِيهِ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
مُكَاتَبُ الْغَيْرِ وَهُوَ مَصْرِفٌ بِالنَّصِّ فَلَا يَعْرَى عَنْ الْإِشْكَالِ وَيَحْتَاجُ فِي دَفْعِهِ إلَى تَخْصِيصِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنْ قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَالْمُرَادُ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَعَلَيْهِ السِّعَايَةُ لِلِابْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَمُكَاتَبِ ابْنِهِ وَكَمَا لَا يَدْفَعُ إلَى ابْنِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ إلَى مُكَاتَبِهِ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ لِلِابْنِ، وَإِنْ قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَالْمُرَادُ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ أَجْنَبِيَّيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَيَسْتَسْعِيهِ السَّاكِتُ فَلَا يَجُوزُ لِلسَّاكِتِ الدَّفْعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَمُكَاتَبِ نَفْسِهِ، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَدْيُونٌ وَهُوَ حُرٌّ وَيَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ الْإِنْسَانُ إلَى مَدْيُونِهِ أَمَّا لَوْ اخْتَارَ السَّاكِتُ التَّضْمِينَ كَانَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْعَبْدِ فَيَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ كَمُكَاتَبِ الْغَيْرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَغَنِيٍّ) أَقُولُ أَيْ يَمْلِكُ نِصَابَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ فَاضِلًا عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ يَمْلِكُ مَا يُسَاوِي قِيمَةَ نِصَابِ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ بِلَا شَرْطِ النَّمَاءِ حَتَّى لَوْ مَلَكَ نِصَابَ سَائِمَةٍ كَخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ لَا تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ جَازَ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ وَمَا وَقَعَ فِي الْبَحْرِ خِلَافُ هَذَا فَهُوَ وَهْمٌ حَيْثُ قَالَ وَدَخَلَ تَحْتَ النِّصَابِ الْخَمْسُ مِنْ الْإِبِلِ السَّائِمَةِ، فَإِنْ مَلَكَهَا أَوْ نِصَابًا مِنْ السَّوَائِمِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ لَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ. اهـ.
فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ وَقَدْ ذَكَرَ خِلَافَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي فَنِّ الْمُعَايَاةِ فَقَدْ نَاقَضَ نَفْسَهُ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ صَرَّحَ بِمَا ادَّعَاهُ مِمَّنْ اطَّلَعْت عَلَيْهِ بَلْ عِبَارَتُهُمْ مُفِيدَةٌ جَوَازَ الدَّفْعِ لِمَنْ مَلَكَ نِصَابَ سَائِمَةٍ لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى مَنْ مَلَكَ نِصَابًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ النُّقُودِ أَوْ السَّوَائِمِ أَوْ الْعَرْضِ. اهـ.
فَأَوْهَمَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ مَدْفُوعٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْعِنَايَةِ سَوَاءٌ كَانَ. . . إلَخْ مُقَيَّدٌ تَقْدِيرُ النِّصَابِ بِالْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْعَرْضِ أَوْ السَّوَائِمِ لِمَا أَنَّ الْعُرُوضَ لَيْسَ نِصَابُهَا إلَّا مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِقْدَارُ النِّصَابِ فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ فِي الْكَافِي بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ فَقَدْ سَأَلَ النَّاسَ إلْحَافًا قِيلَ وَمَا الَّذِي يُغْنِيهِ قَالَ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ عَدْلُهَا. اهـ.
فَقَدْ شَمَلَ الْحَدِيثُ اعْتِبَارَ السَّائِمَةِ بِالْقِيمَةِ لِإِطْلَاقِهِ وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ الْغَنِيُّ الَّذِي يُحَرِّمُ الصَّدَقَةَ وَيُوجِبُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ هُوَ أَنْ يَمْلِكَ مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ مِائَتِي دِرْهَمٍ مِنْ الْأَمْوَالِ الْفَاضِلَةِ عَنْ حَاجَتِهِ لِقَوْلِهِ عليه السلام «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ قِيلَ وَمَا الْغَنِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ» . اهـ.
وَقَدْ نَصَّ عَلَى اعْتِبَارِ قِيمَةِ السَّوَائِمِ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ مِنْ غَيْرٍ (وَإِنْ) ذُكِرَ خِلَافٌ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ كَمَا ذَكَرْنَا وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَنَظْمِ ابْنُ وَهْبَانَ وَشَرْحِهِ لَهُ وَفِي شَرْحِهِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ.
وَفِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ إذَا كَانَ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ قِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِصَابُ النَّقْدِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ بَلَغَ نِصَابًا أَيْ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ. اهـ. مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَرْغِينَانِيِّ
(تَنْبِيهٌ) : قَيَّدْنَا بِكَوْنِ النِّصَابِ فَاضِلًا عَنْ الْحَاجَةِ تَبَعًا لِلْكَمَالِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قَالَ وَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ الْحَاجَةِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ نِصَابٌ لَيْسَ نَامِيًا وَهُوَ مُسْتَغْرَقٌ بِحَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ فَيَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ كَمَا قَدَّمْنَا فِيمَنْ يَمْلِكُ كُتُبًا تُسَاوِي نُصُبًا وَهُوَ عَالِمٌ يَحْتَاجُ إلَيْهَا أَوْ هُوَ جَاهِلٌ لَا حَاجَةَ لَهُ بِهَا. اهـ. قُلْت إلَّا أَنَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ هُوَ جَاهِلٌ لَا حَاجَةَ لَهُ بِهَا نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَى مَنْ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ لَكِنَّهُ لَمَّا أَحَالَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مُفِيدٌ أَنَّ الْجَاهِلَ لَا يَكُونُ مُصَرِّفًا بِمِلْكِهِ كُتُبًا عُلِمَ حُكْمُهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي هَذَا تَسَامُحٌ (قَوْلُهُ وَمَمْلُوكِهِ) أَقُولُ الْمُرَادُ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى تَصْرِيحِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ شُمُولَ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمِلْكَ وَاقِعٌ لِمَوْلَاهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى جَوَازِ الدَّفْعِ لَهُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا مَدْيُونًا بِمَا يُحِيطُ بِكَسْبِهِ وَرَقَبَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ فَقَالَ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَوْلَى يَمْلِكُ إكْسَابَهُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ لَا يَمْلِكُ فَصَارَ كَالْمُكَاتَبِ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَ الْعَبْدُ زَمِنًا وَلَيْسَ فِي عِيَالِ مَوْلَاهُ وَلَا يَجِدُ شَيْئًا يَجُوزُ وَكَذَا إذَا كَانَ مَوْلَاهُ غَائِبًا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَطِفْلِهِ) لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي عِيَالِ الْأَبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّحِيحِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَبِيرِ) أَقُولُ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَّاحِ وَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ فَقَالَ وَهَكَذَا حُكْمُ الْبِنْتِ الْكَبِيرَةِ إلَّا أَنَّهُ عَقَّبَهُ فِيهَا بِقَوْلِهِ.
وَفِي الْفَتَاوَى إذَا دَفَعَ إلَى ابْنَةِ الْغَنِيِّ الْكَبِيرَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ
وَإِنْ كَانَ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ كَذَا امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ فَقِيرَةً لَا تُعَدُّ غَنِيَّةً بِيَسَارِ الزَّوْجِ وَبِقَدْرِ النَّفَقَةِ لَا تَصِيرُ مُوسِرَةً
(وَبَنِي هَاشِمٍ) وَهُمْ آلُ عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ وَجَعْفَرٍ وَعَقِيلٍ وَالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «يَا بَنِي هَاشِمٍ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْكُمْ غُسَالَةَ أَمْوَالِ النَّاسِ وَأَوْسَاخَهُمْ» (وَمَوَالِيهِمْ) أَيْ مُعْتَقِي بَنِي هَاشِمٍ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ (وَإِنْ جَازَ التَّطَوُّعَاتُ) مِنْ الصَّدَقَةِ (وَالْأَوْقَافِ لَهُمْ) أَيْ لِبَنِي هَاشِمٍ وَمَوَالِيهمْ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الزَّكَاةِ فِيهَا
. (وَ) لَا (ذِمِّيٍّ)«لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذٍ رضي الله عنه خُذْهَا مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَرُدَّهَا إلَى فُقَرَائِهِمْ» يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ (وَإِنْ جَازَ غَيْرُهَا) أَيْ صَدَقَةٌ غَيْرَ الزَّكَاةِ (لَهُ) أَيْ لِلذِّمِّيِّ وَكَذَا الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ لَا يَجُوزُ لَهُ (دَفْعٌ بِتَحَرٍّ) أَيْ يَظُنُّ أَنَّهُ مَصْرِفٌ (فَظَهَرَ كَوْنُهُ عَبْدَهُ أَوْ مُكَاتَبَهُ يُعِيدُهَا) ؛ لِأَنَّهُ بِالدَّفْعِ إلَى عَبْدِهِ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ مِلْكِهِ وَالتَّمْلِيكُ رُكْنٌ وَلَهُ فِي كَسْبِ مُكَاتَبِهِ حَقٌّ فَلَمْ يَتِمَّ التَّمْلِيكُ (وَلَوْ) ظَهَرَ (غِنَاهُ أَوْ كُفْرُهُ أَوْ أَنَّهُ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ أَوْ هَاشِمِيٌّ لَا) يُعِيدُهَا؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِالِاجْتِهَادِ لَا الْقَطْعِ فَيُبْنَى الْأَمْرُ عَلَى مَا يَقَعُ عِنْدَهُ كَمَا إذَا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ وَلَوْ أَمَرَ بِالْإِعَادَةِ لَكَانَ مُجْتَهِدًا فِيهِ أَيْضًا فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَفِي قَوْلِهِ دَفْعٌ بِتَحَرٍّ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا دَفَعَ بِلَا تَحَرٍّ وَأَخْطَأَ لَا يُجْزِئُهُ
(وَكُرِهَ الْإِغْنَاءُ) أَيْ جَازَ إعْطَاءُ مِائَتَيْ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
غَنِيَّةً بِغِنَى أَبِيهَا وَزَوْجِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَذَا امْرَأَتُهُ) وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَسَوَاءٌ فَرَضَ لَهَا نَفَقَةً أَوْ لَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ لَهَا كَابْنِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ نَفَقَتَهَا بِمَنْزِلَةِ الْأُجْرَةِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ مُسَبَّبَةٌ عَنْ الْجُزْئِيَّةِ فَكَانَ كَنَفَقَةِ نَفْسِهِ كَذَا فِي الْبُرْهَانِ
(قَوْلُهُ: وَهُمْ آلُ عَلِيٍّ. . . إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ الْقُدُورِيَّ حَيْثُ عَدَّهُمْ مُرَتَّبِينَ كَمَا ذَكَرَهُ وَالْعَبَّاسُ وَالْحَارِثُ ابْنَا عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ وَعَقِيلٌ أَوْلَادُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم وَفَائِدَةُ التَّخْصِيصِ بِهَؤُلَاءِ أَنَّهُ يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى مَنْ عَدَاهُمْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ كَذُرِّيَّةِ أَبِي لَهَبٍ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَأَطْلَقَ الْحُكْمَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِزَمَانٍ وَلَا شَخْصٍ إشَارَةً لِرَدِّ رِوَايَةِ أَبِي عِصْمَةَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَجُوزُ الدَّفْعُ لِبَنِي هَاشِمٍ فِي زَمَانِهِ؛ لِأَنَّ فِي عِوَضِهَا خُمُسُ الْخُمُسِ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ وَلِرَدِّ رِوَايَةِ أَنَّ الْهَاشِمِيَّ يَجُوزُ لَهُ دَفْعُ زَكَاةٍ إلَى هَاشِمِيٍّ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا كَذَا فِي الْبَحْرِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْآثَارِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الصَّدَقَاتِ كُلَّهَا جَائِزَةٌ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَالْحُرْمَةُ كَانَتْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِوُصُولِ خُمُسِ الْخُمُسِ إلَيْهِمْ فَلَمَّا حَصَلَ مَنْعُهُمْ ظُلْمًا عَنْ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم حَلَّتْ لَهُمْ الصَّدَقَةُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَبِالْجَوَازِ نَأْخُذُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ وَمَوَالِيهِمْ) أَيْ مُعْتَقِي بَنِي هَاشِمٍ مُقَيَّدٌ بِالْأَوْلَوِيَّةِ عَدَمُ جَوَازِ الدَّفْعِ إلَى أَرِقَّائِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَازَ التَّطَوُّعَاتُ وَالْأَوْقَافُ لَهُمْ) نَقَلَ فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْعَتَّابِيِّ أَنَّ النَّفَلَ جَائِزٌ لَهُمْ بِالْإِجْمَاعِ كَالنَّفْلِ لِلْغَنِيِّ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمِعْرَاجِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحِيطِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَعَزَاهُ إلَى النَّوَادِرِ وَمَشَى عَلَيْهِ الْأَقْطَعُ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَاخْتَارَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَلَمْ يَنْقُلْ غَيْرَهُ شَارِحُ الْمَجْمَعِ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ وَأَثْبَتَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ الْخِلَافَ فِي التَّطَوُّعِ عَلَى وَجْهٍ يُشْعِرُ بِالْحُرْمَةِ وَقَوَّاهُ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ لِإِطْلَاقِهِ وَقَدْ سَوَّى فِي الْكَافِي بَيْنَ التَّطَوُّعِ وَالْوَقْفِ كَمَا سَمِعْتَ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْحِلَّ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا سَمَّاهُمْ أَيْ الْوَاقِفُ أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّهِمْ فَلَا؛ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ وَرَدَّهُ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ صَدَقَةَ الْوَقْفِ كَالنَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِتَصَدُّقِهِ بِالْوَقْفِ إذَا لَا إيقَافَ وَاجِبٌ وَانْظُرْ صَاحِبَ الْبَحْرِ فِيهِ بِأَنَّ الْإِيقَافَ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا كَمَا إذَا قَالَ: إنْ قَدِمَ أَبِي فَعَلَيَّ أَنْ أَقِفَ هَذِهِ الدَّارَ صَرَّحَ الْمُحَقِّقُ نَفْسُهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ بِذَلِكَ وَأَوْرَدَ سُؤَالًا كَيْفَ يَلْزَمُ بِهِ وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ مَسْجِدًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ. اهـ.
وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ مَا يُوجِبُ الْوَفَاءَ بِنَذْرِ الْوَقْفِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَازَ غَيْرُهَا لَهُ) هُوَ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْكَفَّارَاتِ جَائِزٌ دَفْعُهُ لِلذِّمِّيِّ وَقَيَّدَ بِالذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الصَّدَقَاتِ فَرْضًا وَنَفْلًا لَا تَجُوزُ لِلْحَرْبِيِّ اتِّفَاقًا وَلَوْ كَانَ مُسْتَأْمَنًا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: دَفْعٌ بِتَحَرٍّ أَيْ بِظَنِّ أَنَّهُ مَصْرِفٌ) فَسَّرَ التَّحَرِّيَ بِالظَّنِّ لِيَخْرُجَ الِاجْتِهَادُ يَعْنِي الْمُجَرَّدَ عَنْ الظَّنِّ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَهَرَ كُفْرُهُ) الْمُرَادُ بِهِ بِأَنْ كَانَ ذِمِّيًّا أَمَّا لَوْ ظَهَرَ حَرْبِيًّا وَلَوْ مُسْتَأْمَنًا لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِهِ دَفْعٌ بِتَحَرٍّ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا دَفَعَ بِلَا تَحَرٍّ وَأَخْطَأَ لَا يُجْزِئُهُ) أَقُولُ وَكَذَا إذَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ مَصْرِفًا لَا تُجْزِئُهُ وَكَذَا إذَا تَحَرَّى وَغَلَبَهُ ظَنُّهُ أَنَّهُ لَيْسَ مَصْرِفًا لَا يُجْزِئُهُ إلَّا إذَا عَلِمَ مَحَلِّيَّتَهُ بَعْدَهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَقَالَ الْكَمَالُ ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا كَمَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ حَالَ الِاشْتِبَاهِ إلَى جِهَةِ التَّحَرِّي، فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَإِنْ ظَهَرَ صَوَابُهُ وَأُلْحِقَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْجَوَازِ هُنَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلَاةَ إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ مُتَعَيِّنَةٌ لِتَعَمُّدِهِ الصَّلَاةَ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ إذْ هِيَ جِهَةُ التَّحَرِّي حَتَّى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله أَخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرَ فَلَا تَنْقَلِبُ طَاعَةً وَهُنَا نَفْسُ الْإِعْطَاءِ لَا يَكُونُ بِهِ عَاصِيًا فَصَلَحَ وُقُوعُهُ مُسْقِطًا إذَا ظَهَرَ صَوَابُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ الْإِغْنَاءُ) أَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ