الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَمِينَةً وَلَا يَجِدُ الشَّرِيكَ وَقْتَ الشِّرَاءِ فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى هَذَا (وَنُدِبَ كَوْنُهُ) أَيْ الْإِشْرَاكِ (قَبْلَ الشِّرَاءِ) لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ الْخِلَافِ، وَعَنْ صُورَةِ الرُّجُوعُ فِي الْقُرْبَةِ (وَيُقْسَمُ اللَّحْمُ وَزْنًا لَا جُزَافًا إلَّا إذَا ضُمَّ مَعَهُ مِنْ أَكَارِعِهِ أَوْ جِلْدِهِ) أَيْ يَكُونُ فِي كُلِّ جَانِبٍ شَيْءٌ مِنْ اللَّحْمِ وَمِنْ الْأَكَارِعِ أَوْ يَكُونُ فِي كُلِّ جَانِبٍ شَيْءٌ مِنْ اللَّحْمِ وَبَعْضُ الْجِلْدِ أَوْ يَكُونُ فِي جَانِبٍ لَحْمٌ وَأَكَارِعُ وَفِي آخَرَ لَحْمٌ وَجِلْدٌ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ صَرْفًا لِلْجِنْسِ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ
(وَتَجِبُ) .
وَفِي الْجَوَامِعِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا سُنَّةٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَوَجْهُ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَمِثْلُ هَذَا الْوَعِيدِ لَا يَلْحَقُ إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ (عَلَى حُرٍّ) فَإِنَّهَا قُرْبَةٌ مَالِيَّةٌ فَلَا تَتَأَدَّى إلَّا بِالْمِلْكِ وَالْمَالِكُ هُوَ الْحُرُّ (مُسْلِمٍ) فَإِنَّ الْقُرْبَةَ لَا تُتَصَوَّرُ إلَّا مِنْ الْمُسْلِمِ (مُقِيمٍ) فَإِنْ أَدَاءَهَا يَخْتَصُّ بِأَسْبَابٍ تَشُقُّ عَلَى الْمُسَافِرِ وَتَفُوتُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ عَنْهُ كَالْجُمُعَةِ (مُوسِرٍ يَسَارَ الْفِطْرَةِ) فَإِنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَجِبُ إلَّا عَلَى الْقَادِرِ وَهُوَ الْغَنِيُّ وَمِقْدَارُهُ مَا يَجِبُ بِهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ (لِنَفْسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَجِبُ (لَا طِفْلِهِ) أَيْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ وَالْأَصْلُ فِي الْعِبَادَاتِ أَنْ لَا تَجِبَ عَلَى أَحَدٍ بِسَبَبِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَإِنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمُؤْنَةِ، وَالسَّبَبُ فِيهَا رَأْسٌ يَمُونُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ الْوَلَدِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ تَجِبُ عَلَيْهِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى نَفْسِهِ (بَلْ يُضَحِّي أَبُوهُ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ (إنْ كَانَ) لَهُ مَالٌ (أَوْ) يُضَحِّي (وَصِيُّهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْأَبِ (وَأَكَلَ الطِّفْلُ وَبَاقِيهِ) بَعْدَ الْأَكْلِ (بِبَدَلٍ بِمَا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ) مِنْ آلَاتِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهَا فِي الْهِدَايَةِ، الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُضَحِّي مِنْ مَالِهِ وَيَأْكُلُ مِنْهُ مَا أَمْكَنَ وَيَبْتَاعُ بِمَا بَقِيَ مَا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ.
وَفِي الْكَافِي، الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ مَالِهِ أَيْ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ
(لَا تُذْبَحُ) الْأُضْحِيَّةُ (فِي الْمِصْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
مَا اشْتَرَاهَا لِلْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ لِقِصَّةِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ فَكَذَلِكَ هُنَا فَأَمَّا إذَا كَانَ فَقِيرًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشْرِكَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِالشِّرَاءِ لِلْأُضْحِيَّةِ فَتَعَيَّنَتْ لِلْوُجُوبِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ اهـ، وَلَكِنْ لَمْ يَجْزِمْ بِكَرَاهَةِ اشْتِرَاكِ الْغَنِيِّ فِي الْهِدَايَةِ، بَلْ قَالَ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُكْرَهُ الِاشْتِرَاكُ بَعْدَ الشِّرَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ كَوْنُهُ أَيْ الْإِشْرَاكِ قَبْلَ الشِّرَاءِ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْأَصْلِ، وَقَالَ فِيهِ أَسْتُحْسِنَ ذَلِكَ أَيْ جَوَازَ الْإِشْرَاكِ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَيْ الْإِشْرَاكَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا كَانَ أَحْسَنَ اهـ.
وَتَبِعَهُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمَبْسُوطِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ أَنَّهُ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ وَلَا تُفِيدُهُ عِبَارَتُهُمْ (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ) أَقُولُ وَنَفَى جَوَازَ قَسْمِ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ جُزَافًا بِمَعْنًى لَا يَصِحُّ لَا بِمَعْنًى لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا حَقِيقِيًّا فَيَقْتَضِي الْحُرْمَةَ بِالْفَضْلِ، بَلْ إنَّهُ كَهِبَةِ مَشَاعٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَلَا يَمْلِكُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعَيْنَ بِمُجَرَّدِ نَقْضِهِ فَلِلْمَالِكِ نَقْضُ الْقِسْمَةِ حَتَّى إذَا لَمْ أَلْهَبْهَا حَتَّى أَكَلَ اللَّحْمَ تَمَّ الْأَمْرُ وَلَا حُرْمَةَ وَلَا ضَمَانَ لِرِضَا الْمَالِكِ بِإِتْلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إطْعَامُهُ الْأَغْنِيَاءَ وَغَيْرَهُمْ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي
(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَوَى ابْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا عَرِيضَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: فِي الْجَوَامِعِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ) قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْجَوَامِعِ اسْمُ كِتَابٍ فِي الْفِقْهِ صَنَّفَهُ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ) أَقُولُ وَيُسْتَحَبُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: فِي الْهِدَايَةِ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَأَصَحُّ مَا يُفْتَى بِهِ مِنْ التَّصْحِيحَيْنِ عَدَمُ الْوُجُوبِ قَالَ فِي مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ لَا تَجِبُ عَلَى طِفْلِهِ الْفَقِيرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَا عَنْ الْغَنِيِّ مِنْ مَالِهِ فِي أَصَحِّ مَا يُفْتَى بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ) قَالَ قَاضِي خَانْ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَا تَجِبُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ لَيْسَ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ الْأَبُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَيَضْمَنُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ فَإِنْ فَعَلَ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَضْمَنُ كَمَا لَا يَضْمَنُ الْأَبُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَأْكُلُ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ وَالْمَعْتُوهُ وَالْمَجْنُونُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ، أَمَّا الَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ. اهـ.
[وَقْت الْأُضْحِيَّة]
(قَوْلُهُ: لَا تُذْبَحُ الْأُضْحِيَّةُ فِي الْمِصْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَجْوَدُ مِنْ قَوْلِ الْكَنْزِ لَا يَذْبَحُ مِصْرِيٌّ قَبْلَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ إذَا ذَبَحَ فِي الْمِصْرِ لَمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ حِيلَةُ الْمِصْرِيِّ إذَا أَرَادَ التَّعْجِيلَ أَنْ يَبْعَثَ بِهَا إلَى خَارِجِ الْمِصْرِ فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ فِيهِ فَيُضَحِّيَ فِيهِ كُلَّمَا طَلَعَ الْفَجْرُ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ إلَى مَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْمِصْرِ كَيْ لَا يَشْتَغِلَ بِهَا عَنْ الصَّلَاةِ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ حَقِيقَةُ الْفَرَاغِ مِنْهَا عَلَى مَا قَالَ قَاضِي خَانْ فَإِنْ ضَحَّى بَعْدَمَا قَعَدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ السَّلَامِ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ وَيَكُونُ مُسِيئًا، وَلَوْ ضَحَّى بَعْدَمَا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً جَازَتْ الْأُضْحِيَّةُ عِنْدَ الْكُلِّ اهـ
(وَتُذْبَحُ فِي غَيْرِهِ بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى غُرُوبِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ) فَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي حَقِّ الْمِصْرِيِّ وَبَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَآخِرُهُ قُبَيْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ (وَاعْتُبِرَ الْآخِرُ لِلْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ وَالْوِلَادَةِ وَالْمَوْتِ) فَإِنَّهُ إذَا كَانَ غَنِيًّا فِي أَوَّلِ أَيَّامِ النَّحْرِ فَقِيرًا فِي آخِرِهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَفِي الْعَكْسِ تَجِبُ وَإِنْ وُلِدَ فِي الْيَوْمِ الْآخِرِ تَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ فِيهِ لَا تَجِبُ
(وَكُرِهَ الذَّبْحُ لَيْلًا) وَإِنْ جَازَ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ (تُرِكَتْ) التَّضْحِيَةُ (وَمَضَتْ أَيَّامُهَا) اعْلَمْ أَنَّ أَيَّامَ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَيْضًا ثَلَاثَةٌ وَالْكُلُّ يَمْضِي بِأَرْبَعَةٍ أَوَّلُهَا نَحْرٌ لَا غَيْرُ وَآخِرُهَا تَشْرِيقٌ لَا غَيْرُ وَالْمُتَوَسِّطَانِ نَحْرٌ وَتَشْرِيقٌ وَالتَّضْحِيَةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَقَعُ وَاجِبَةً أَوْ سُنَّةً وَالتَّصَدُّقُ تَطَوُّعٌ مَحْضٌ، وَإِذَا تُرِكَتْ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّضْحِيَةِ (تَصَدَّقَ بِهَا) أَيْ بِالْأُضْحِيَّةِ نَفْسِهَا (حَيَّةً نَاذِرٌ لِمُعَيَّنَةٍ) أَيْ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ شَاةٌ، وَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ الشَّاةِ تَصَدَّقَ بِهَا أَيْضًا (فَقِيرٌ شَرَاهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةَ (لَهَا) أَيْ لِلتَّضْحِيَةِ فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ بِالشِّرَاءِ بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ عِنْدَنَا.
(وَ) تَصَدَّقَ (بِقِيمَتِهَا غَنِيٌّ شَرَاهَا أَوْ لَا) يَعْنِي إنْ كَانَ غَنِيًّا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ لَوْ ذَبَحَ بَعْدَمَا قَعَدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ قَالُوا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ بِصُنْعِهِ فَرْضٌ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا فَإِنْ اشْتَغَلَ الْإِمَامُ فَلَمْ يُصَلِّ الْعِيدَ أَوْ تَرَكَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا حَتَّى زَالَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ حَلَّ الذَّبْحُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فِي الْأَيَّامِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا زَالَتْ الشَّمْسُ بَعْدُ فَاتَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يَخْرُجُ الْإِمَامُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ، وَالتَّرْتِيبُ شَرْطٌ فِي الْأَدَاءِ لَا فِي الْقَضَاءِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ انْتَهَى كَلَامُ الْبَدَائِعِ وَهَكَذَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ الْمُحِيطِ وَهُوَ نَقَلَهُ عَنْ الْقُدُورِيِّ فِي شَرْحِهِ وَنَقَلَ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِمْ الْأُضْحِيَّةُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي قَبْلَ الزَّوَالِ إلَّا إذَا كَانُوا لَا يَرْجُونَ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ فَحِينَئِذٍ يُجْزِيهِمْ. اهـ. وَالْإِمَامُ إذَا صَلَّى الْعِيدَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ وَضَحَّى النَّاسُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ أَجْزَأَتْهُمْ الصَّلَاةُ وَالذَّبَائِحُ لِلضَّرُورَةِ كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ صَلَاةُ الْعِيدِ؛ لِأَنَّهُمْ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ مَشْغُولُونَ بِأَدَاءِ الْمَنَاسِكِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ صَلَاةُ الْعِيدِ وَيَجُوزُ لَهُمْ التَّضْحِيَةُ بَعْدَ انْشِقَاقِ الْفَجْرِ كَمَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْقُرَى اهـ.
وَمِنْ الظَّاهِرِ أَنَّ أَهْلَ مِنًى هُمْ مَنْ بِهَا مِنْ الْحَاجِّ وَأَهْلِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ: وَتُذْبَحُ فِي غَيْرِهِ بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) شَامِلٌ لِأَهْلِ الْبَوَادِي، وَقَدْ قَالَ قَاضِي خَانْ فَأَمَّا أَهْلُ السَّوَادِ وَالْقُرَى وَالرِّبَاطَاتِ عِنْدَنَا يَجُوزُ لَهُمْ التَّضْحِيَةُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي مِنْ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الْبَوَادِي لَا يُضَحُّونَ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ أَقْرَبِ الْأَئِمَّةِ إلَيْهِمْ اهـ.
وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّبْيِينِ وَمَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مِنْ إطْلَاقِ جَوَازِ التَّضْحِيَةِ لِغَيْرِ الْمِصْرِيِّ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَشَمِلَ أَهْلُ الْبَوَادِيَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي حَقِّ الْمِصْرِيِّ وَبَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ) فِيهِ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ أَوَّلُ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إلَّا أَنَّ فِي حَقِّ أَهْلِ الْأَمْصَارِ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ فَلَا تَصِحُّ قَبْلَهَا لِعَدَمِ الشَّرْطِ لَا لِعَدَمِ الْوَقْتِ وَلِهَذَا جَازَتْ التَّضْحِيَةُ فِي الْقُرَى بَعْدَ انْشِقَاقِ الْفَجْرِ، وَدُخُولُ الْوَقْتِ لَا يَخْتَلِفُ فِي حَقِّ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى اهـ.
وَقَدَّمْنَا مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: اعْلَمْ أَنَّ أَيَّامَ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ) لَكِنْ أَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا وَأَدْوَنُهَا آخِرُهَا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: وَالتَّضْحِيَةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ هَذَا الدَّلِيلُ يَشْمَلُ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ اهـ.
(قُلْت) فِيهِ إيهَامُ جَوَازِ التَّصَدُّقِ بِالْقِيمَةِ عَنْ وَاجِبِ الْأُضْحِيَّةِ لِلْغَنِيِّ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَلَا يُجْزِيهِ التَّصَدُّقُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ بِالْقِيمَةِ لِمَا قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ إنَّهُ لَا إشْكَالَ أَنَّ الْمُوسِرَ لَا يُجْزِيهِ التَّصَدُّقُ بِالْقِيمَةِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِإِرَاقَةِ الدَّمِ وَإِقَامَةُ الْمُتَقَوِّمِ مَقَامُ مَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ لَا يَجُوزُ وَإِرَاقَةُ الدَّمِ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْفَقِيرِ التَّضْحِيَةُ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّقَرُّبِ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ وَالتَّصَدُّقِ اهـ بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّصَدُّقُ) أَيْ بِثَمَنِهَا تَطَوُّعٌ مَحْضٌ فَكَانَتْ هِيَ أَفْضَلُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: نَاذِرٌ لِمُعَيَّنَةٍ) شَامِلٌ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ إلَّا أَنَّ الْغَنِيَّ إذَا عَنَى بِالنَّذْرِ الْإِخْبَارَ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بِإِيجَابِ الشَّارِعِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا هِيَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِشَاتَيْنِ عِنْدَنَا شَاةٍ لِأَجْلِ النَّذْرِ وَشَاةٍ بِإِيجَابِ الشَّرْعِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا التَّضْحِيَةُ بِشَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَيَّامِ النَّحْرِ تَلْزَمُهُ شَاتَانِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ لَا تَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ عَنْ الْوَاجِبِ إذْ لَا وُجُوبَ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ ذَلِكَ وَهُوَ مُعْسِرٌ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، ثُمَّ أَيْسَرَ فِيهَا فَعَلَيْهِ شَاتَانِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَفَقِيرٌ شَرَاهَا لَهَا) كَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا غَنِيٌّ لَهَا وَافْتَقَرَ بَعْدَمَا مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا وَإِنْ افْتَقَرَ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَهَا قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ سَقَطَتْ عَنْهُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: وَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا غَنِيٌّ شَرَاهَا أَوَّلًا) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّصَدُّقِ بِعَيْنِهَا وَيُفِيدُهُ مَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ إنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْغَنِيِّ عَيَّنَهَا أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهَا