الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ حَرُمَتَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ رَضَاعًا (وَلَا مَهْرَ لِلْكَبِيرَةِ إنْ لَمْ تُوطَأْ) ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا حَتَّى لَوْ لَمْ تَجِئْ مِنْ قِبَلِهَا بِأَنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً فَارْتَضَعَتْهَا الصَّغِيرَةُ أَوْ أَخَذَ رَجُلٌ لَبَنَهَا فَأَوْجَرَ بِهِ الصَّغِيرَةَ أَوْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ مَجْنُونَةً فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ لِعَدَمِ إضَافَةِ الْفُرْقَةِ إلَيْهَا (وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا مِنْ قِبَلِهَا؛ إذْ لَا عِبْرَةَ لِارْتِضَاعِهَا (وَيَرْجِعُ) أَيْ الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ بِنِصْفِ الْمَهْرِ (عَلَى الْمُرْضِعَةِ إنْ تَعَمَّدَتْ الْفَسَادَ وَإِلَّا فَلَا، طَلُقَتْ لَبُونٌ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ آخَرَ فَحَبِلَتْ وَأَرْضَعَتْ فَحُكْمُهُ مِنْ الْأَوَّلِ حَتَّى تَلِدَ) يَعْنِي امْرَأَةً لَهَا لَبَنٌ مِنْ الزَّوْجِ فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ فَحَبِلَتْ مِنْهُ وَنَزَلَ لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ فَهُوَ مِنْ الْأَوَّلِ حَتَّى تَلِدَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِذَا وَلَدَتْ فَاللَّبَنُ يَكُونُ مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ الْأَوَّلِ بِيَقِينٍ وَشَكَكْنَا فِي كَوْنِهِ مِنْ الثَّانِي فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ
(أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ عَلَى التَّعَاقُبِ حَرُمَتَا) يَعْنِي رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ رَضِيعَتَانِ فَأَرْضَعَتْهُمَا امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ عَلَى التَّعَاقُبِ حَرُمَتَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا نِكَاحًا حَرَامٌ (قَالَ) رَجُلٌ مُشِيرًا إلَى امْرَأَتِهِ (هَذِهِ رَضِيعَتِي، ثُمَّ رَجَعَ) عَنْ قَوْلِهِ (صَدَقَ) فِي رُجُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا يَجْرِي فِيهِ الْغَلَطُ فَكَانَ مَعْذُورًا فَقَدْ يَقَعُ عِنْدَ الرَّجُلِ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانَةَ رَضَاعًا فَيُخْبِرُ بِذَلِكَ، ثُمَّ يَتَفَحَّصُ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ فَيَتَبَيَّنُ لَهُ غَلَطٌ فِي ذَلِكَ فَإِذَا أَخْبَرَ أَنَّهُ غَلَطٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ أُخْتُهُ أَوْ أُمُّهُ أَوْ بِنْتُهُ رَضَاعًا، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَقَالَ أَخْطَأْت أَوْ وَهَمْت أَوْ نَسِيت وَصَدَّقَتْهُ فَهُمَا مُصَدَّقَانِ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (وَلَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ ثَبَتَ عَلَى قَوْلِهِ.
وَقَالَ هُوَ حَقٌّ كَمَا قُلْت، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا (فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) ، وَإِنْ أَقَرَّتْ بِهِ وَأَنْكَرَ، ثُمَّ أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا، وَقَالَتْ أَخْطَأْت وَتَزَوَّجَهَا جَازَ، وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ تُكَذِّبَ نَفْسَهَا جَازَ، وَلَوْ أَقَرَّا جَمِيعًا بِذَلِكَ، ثُمَّ أَكْذَبَا أَنْفُسَهُمَا، وَقَالَا أَخْطَأْنَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا جَازَ، وَكَذَا فِي النَّسَبِ لَيْسَ يَلْزَمُهُ إلَّا مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ قَالَ هَذِهِ أُخْتِي أَوْ أُمِّي، وَلَيْسَ لَهَا نَسَبٌ مَعْرُوفٌ، ثُمَّ قَالَ وَهَمْت صُدِّقَ، وَإِنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْكَافِي
(وَيَثْبُتُ) أَيْ الرَّضَاعُ (بِمُثْبِتِ الْمِلْكِ كَالْبَيِّنَةِ) أَيْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (وَالتَّصَادُقُ) وَثُبُوتُهُ بِهَذَا لَا يُنَافِي ارْتِفَاعَ حُكْمِهِ بِالتَّكَاذُبِ كَمَا عَرَفْت
.
(كِتَابُ الطَّلَاقِ)
(وَهُوَ) لُغَةً رَفْعُ الْقَيْدِ مُطْلَقًا يُقَالُ أَطْلَقَ الْفَرَسَ أَوْ الْأَسِيرَ، وَلَكِنْ اُسْتُعْمِلَ فِي النِّكَاحِ بِالتَّفْعِيلِ كَالسَّلَامِ وَالسَّرَاحِ بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسْرِيحِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] وَفِي غَيْرِهِ بِالْأَفْعَالِ وَلِهَذَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَبِتَخْفِيفِهَا يَحْتَاجُ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَشَرْعًا (رَفْعُ قَيْدٍ ثَابِتٍ شَرْعًا) خَرَجَ بِهِ قَيْدٌ ثَابِتٌ حِسًّا كَحَلِّ الْوَثَائِقِ (بِالنِّكَاحِ) خَرَجَ بِهِ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ رَفْعُ قَيْدٍ ثَابِتٍ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
كَانَ اللَّبَنُ مِنْ الرَّجُلِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أَيْضًا مُؤَبَّدًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ثَانِيًا لِانْتِفَاءِ أُبُوَّتِهِ إلَّا إنْ كَانَ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ فَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ لِلدُّخُولِ بِالْأُمِّ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: إنْ تَعَمَّدَتْ الْفَسَادَ) بِأَنْ تَعْلَمَ قِيَامَ النِّكَاحِ وَأَنَّ الرَّضَاعَ مِنْهَا مُفْسِدٌ وَاعْتُبِرَ الْجَهْلُ لِدَفْعِ قَصْدِ الْفَسَادِ لَا لِدَفْعِ الْحُكْمِ وَأَنْ تَتَعَمَّدَهُ لَا لِدَفْعِ الْجُوعِ أَوْ الْهَلَاكِ عِنْدَ خَوْفِ ذَلِكَ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ لَوْ ظَنَّتْ أَنَّهَا جَائِعَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا شَبْعَانَةُ لَا تَكُونُ مُتَعَمِّدَةً. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالْقَوْلُ لِلْكَبِيرَةِ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْجَوْهَرَةِ.
(قَوْلُهُ: طَلُقَتْ لَبُونٌ. . . إلَخْ) فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ زَوْجُ مُرْضِعَةِ لَبَنِهَا مِنْهُ غِنًى عَنْ هَذَا
(قَوْلُهُ: أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ عَلَى التَّعَاقُبِ حَرُمَتَا) مُفِيدُ الْحُرْمَةِ بِالْمَعِيَّةِ بِالْأَوْلَوِيَّةِ فَلَوْ كُنَّ ثَلَاثًا فَأَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا بِأَنْ أَوْجَرَتْ وَاحِدَةً وَأَلْقَمَتْ ثَدْيَيْهَا ثِنْتَيْنِ حُرِّمْنَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى التَّعَاقُبِ بَانَتْ الْأُولَيَانِ فَقَطْ وَالثَّالِثَةُ امْرَأَتُهُ وَالتَّوْجِيهُ وَتَمَامُ التَّفْرِيعِ فِي الْفَتْحِ وَالْمُحِيطِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ صَدَقَ) يَعْنِي رَجَعَ قَبْلَ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُ الثَّبَاتُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) وَلَا يَنْفَعُهُ جُحُودُهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا فِي الْفَتْحِ
[مَا يَثْبُت بِهِ الرَّضَاع]
(قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَالُ) لَكِنْ لَا يَقَعُ الْفُرْقَةُ إلَّا بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْعَبْدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ
[كِتَابُ الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ: وَلَكِنْ اُسْتُعْمِلَ فِي النِّكَاحِ بِالتَّفْعِيلِ) يُقَالُ ذَلِكَ إخْبَارًا عَنْ أَوَّلِ طَلْقَةٍ أَوْقَعَهَا، فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا التَّأْكِيدُ، أَمَّا إذَا قَالَهُ فِي الثَّالِثَةِ فَلِلتَّكْثِيرِ كَغَلَّقَتْ الْأَبْوَابَ
(تَنْبِيهٌ) : لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِسَبَبِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ وَرُكْنِهِ وَمَحَاسِنِهِ وَوَصْفِهِ، وَسَبَبُهُ الْحَاجَةُ إلَى الْخَلَاصِ عِنْدَ تَبَايُنِ الْأَخْلَاقِ، وَشَرْطُهُ كَوْنُ الزَّوْجِ مُكَلَّفًا وَالْمَرْأَةِ مَنْكُوحَةً أَوْ فِي عِدَّةٍ تَصْلُحُ مَعَهَا مَحِلًّا لِلطَّلَاقِ وَحُكْمُهُ وُقُوعُ الْفُرْقَةِ مُؤَجَّلًا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِي الرَّجْعِيِّ وَبِدُونِهِ فِي الْبَائِنِ وَرُكْنُهُ نَفْسُ اللَّفْظِ وَمَحَاسِنُهُ مِنْهَا ثُبُوتُ التَّخَلُّصِ بِهِ مِنْ الْمَكَارِهِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ وَمِنْهَا جَعْلُهُ بِيَدِ الرِّجَالِ لَا النِّسَاءِ وَشَرَعَهُ
شَرْعًا لَكِنَّ ذَلِكَ الْقَيْدَ لَمْ يَثْبُتْ بِالنِّكَاحِ هَكَذَا وَقَعَ فِي الْكَنْزِ أَقُولُ هَذَا لَيْسَ بِمَانِعٍ لِدُخُولِ الْفَسْخِ وَفِيهِ وَلِهَذَا زِدْت قَوْلِي (يَزِيدُ) أَيْ ذَلِكَ الرَّفْعُ مِنْ وَاحِدٍ (إلَى الثَّلَاثَةِ) فَخَرَجَ الْفَسْخُ؛ إذْ لَا عَدَدَ فِيهِ اعْلَمْ أَنَّ الطَّلَاقَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَحْسَنُ وَحَسَنٌ وَبِدْعِيٌّ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (طَلْقَةٌ فِي طُهْرٍ لَا وَطْءَ فِيهِ أَحْسَنُ) طَلْقَةٌ مُبْتَدَأٌ وَأَحْسَنُ خَبَرُهُ يَعْنِي أَنَّ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ تَطْلِيقُهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَا وَطْءَ فِيهِ وَتَرَكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَصْحَابَ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام كَانُوا يَفْعَلُونَ كَذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ النَّدَمِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّدَارُكِ، وَذَكَرَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ (وَطَلَاقُ غَيْرِ مَوْطُوءَةٍ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي حَسَنٌ (وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ الطَّلَاقُ (فِي حَيْضٍ، وَ) طَلَاقُ (مَوْطُوءَةٍ بِتَفْرِيقِ الثَّلَاثِ) مُتَعَلِّقٌ بِالطَّلَاقِ (فِي أَطْهَارٍ لَا وَطْءَ فِيهَا) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّفْرِيقِ (فِيمَنْ تَحِيضُ) أَيْ فِي حَقِّ مَنْ تَحِيضُ مُتَعَلِّقٌ بِالطَّلَاقِ بَعْدَ التَّقْيِيدِ بِتَفْرِيقِ الثَّلَاثِ (وَأَشْهُرٍ) عَطْفٌ عَلَى أَطْهَارٍ (فِي) حَقِّ (الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْحَامِلِ حَسَنٌ وَسُنِّيٌّ) يَعْنِي أَنَّ تَطْلِيقَ غَيْرِ مَوْطُوءَةٍ وَاحِدَةً وَتَطْلِيقَ مَوْطُوءَةٍ ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَةً فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ أَوْ أَشْهُرٍ حَسَنٌ وَسُنِّيٌّ.
وَقَالَ مَالِكٌ الثَّلَاثُ بِدْعَةٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْظُورٌ فَلَا يُبَاحُ إلَّا لِحَاجَةِ الْخَلَاصِ وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِالْوَاحِدَةِ وَلَنَا «قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام لِعُمَرَ رضي الله عنه مُرْ ابْنَكَ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يَدَعْهَا حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا، ثُمَّ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا إنْ أَحَبَّ. وَقَالَ عليه الصلاة والسلام لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه إنَّكَ أَخْطَأْتَ السُّنَّةَ مَا هَكَذَا أَمَرَكَ اللَّهُ تَعَالَى إنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ اسْتِقْبَالًا وَتُطَلِّقَ لِكُلِّ قُرْءٍ وَاحِدَةً فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَكَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تُطَلِّقَ لَهَا النِّسَاءَ» يُرِيدُ قَوْله تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وَبِهِ يَظْهَرُ وَجْهُ تَسْمِيَتِهِ سُنِّيًّا
(وَحَلَّ طَلَاقُهُنَّ) أَيْ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْحَامِلِ (عَقِيبَ الْوَطْءِ) ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي ذَوَاتِ الْحَيْضِ لِتَوَهُّمِ الْحَبَلِ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا، وَذَكَرَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَثَلَاثٌ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي بِدْعِيٌّ (أَوْ ثِنْتَانِ بِمَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ فِي طُهْرٍ لَا رَجْعَةَ فِيهِ أَوْ وَاحِدَةٌ فِي طُهْرٍ وُطِئَتْ فِيهِ أَوْ) وَاحِدَةٌ (فِي حَيْضِ مَوْطُوءَةٍ بِدْعِيٌّ) ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْحَسَنِ وَالْأَحْسَنِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِدْعِيًّا قَبِيحًا، (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الرَّجْعَةِ فِي الْأَخِيرَةِ) أَيْ الْمُطَلَّقَةِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ عَمَلًا بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ وَدَفْعًا لِلْمَعْصِيَةِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ بِرَفْعِ أَثَرِهَا وَهُوَ الْعِدَّةُ، وَعِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِنَا تُسْتَحَبُّ (فَإِذَا طَهُرَتْ طَلَّقَهَا إنْ شَاءَ) وَإِلَّا أَمْسَكَهَا
(قَالَ لِمَوْطُوءَتِهِ)
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
ثَلَاثًا، وَأَمَّا وَصْفُهُ فَالْأَصَحُّ حَظْرُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: أَقُولُ هَذَا لَيْسَ بِمَانِعٍ لِدُخُولِ الْفَسْخِ فِيهِ وَلِهَذَا زِدْت قَوْلِي يَزِيدُ. . . إلَخْ) لَوْ أَبْدَلَ الزِّيَادَةَ بِمَا أَرَادَهُ صَاحِبُ الْكَنْزِ وَصَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ مِنْ أَنَّهُ بِلَفْظٍ مَخْصُوصٍ لَكَانَ أَوْلَى وَاللَّفْظُ الْمَخْصُوصُ مَا اشْتَمَلَ عَلَى مَادَّةِ طَلَّقَ صَرِيحًا كَطَالِقٍ أَوْ كِنَايَةً كَمُطْلَقَةٍ بِالتَّخْفِيفِ.
(قَوْلُهُ: طَلْقَةً فِي طُهْرٍ لَا وَطْءَ فِيهِ) أَيْ وَلَا فِي الْحَيْضِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِيهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ فِي أَيِّ زَمَنٍ مِنْهُ يُوقَعُ الطَّلَاقُ.
وَفِي الْهِدَايَةِ قِيلَ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ الْإِيقَاعَ إلَى آخِرِ الطُّهْرِ احْتِرَازًا عَنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا كَمَا طَهُرَتْ كَيْ لَا يُبْتَلَى بِالْإِيقَاعِ عَقِبَ الْوَقَاعِ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوَّلَ أَقَلُّ ضَرَرًا فَكَانَ أَوْلَى. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَطَلَاقُ مَوْطُوءَةٍ بِتَفْرِيقِ الثَّلَاثِ. . . إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ أَيْضًا زَمَنَ إيقَاعِ الطَّلْقَةِ الْأُولَى، وَقِيلَ يُؤَخِّرُ الطَّلْقَةَ الْأُولَى إلَى آخِرِ الطُّهْرِ، وَقِيلَ يُطَلِّقُهَا عَقِبَ الطُّهْرِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَتَأَتَّى مَا قَالَهُ الْكَمَالُ مِنْ الْأَوْلَوِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: حَسَنٌ وَسُنِّيٌّ) قَالَ الْكَمَالُ تَخْصِيصُ هَذَا بِاسْمِ طَلَاقِ السُّنَّةِ لَا وَجْهَ لَهُ اهـ. أَيْ لِأَنَّ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ سُنِّيٌّ أَيْضًا اهـ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأَحْسَنَ سُنِّيٌّ بِالْإِجْمَاعِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّصْرِيحِ بِكَوْنِهِ سُنِّيًّا وَصَرَّحَ بِكَوْنِ الْحَسَنِ سُنِّيًّا لِدَفْعِ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِسُنِّيٍّ لَا لِأَنَّهُ عِنْدَنَا سُنِّيٌّ دُونَ الْأَوَّلِ، كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ تَطْلِيقَ غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ) عَبَّرَ بِالتَّطْلِيقِ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَطَلَاقُ غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ لِيَصِحَّ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ حَسَنًا وَسُنِّيًّا؛ إذْ الْفِعْلُ هُوَ الَّذِي يُوصَفُ بِالسُّنَّةِ اهـ.
وَالسُّنِّيُّ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ وَمِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ وَالْبِدْعِيُّ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ يَظْهَرُ وَجْهُ تَسْمِيَتِهِ سُنِّيًّا) مَعْنَى السُّنِّيِّ مِنْ الطَّلَاقِ مَا يَثْبُتُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَسْتَوْجِبُ فَاعِلُهُ عِتَابًا إذَا صَدَرَ لِحَاجَةٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ عِبَادَةً فِي نَفْسِهِ لِيَثْبُتَ لَهُ ثَوَابٌ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَالْأَصَحُّ حَظْرُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَمَالِ
(قَوْلُهُ: لِتَوَهُّمِ الْحَبَلِ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا) ضَمِيرُ هُوَ رَاجِعٌ لِلتَّوَهُّمِ وَالْإِشَارَةُ بِهُنَا إلَى الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْحَامِلِ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِاشْتِبَاهِ حَالِ الْعِدَّةِ إمَّا بِالْأَقْرَاءِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ عُلُوقٌ أَوْ بِالْوَضْعِ إنْ حَصَلَ وَالِاشْتِبَاهُ مُنْتَفٍ فِيهِنَّ لِعَدَمِ خَفَاءِ أَمْرِ الْحَبَلِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِدْعِيًّا قَبِيحًا) فَفَاعِلُهُ يَكُونُ عَاصِيًا بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الرَّجْعَةِ) كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: وَعِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِنَا تُسْتَحَبُّ) قَالَ الْكَمَالُ كَأَنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْوُجُوبِ.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا طَهُرَتْ طَلَّقَهَا إنْ شَاءَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ تَطْلِيقَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَةَ الَّتِي طَلَّقَهَا وَرَاجَعَهَا فِيهَا، وَكَذَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ.
وَفِي الْأَصْلِ خِلَافُهُ وَهُوَ نَصُّ الْقُدُورِيِّ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَا وَإِذَا طَهُرَتْ وَحَاضَتْ، ثُمَّ طَهُرَتْ إنْ شَاءَ طَلَّقَهَا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا
حَالَ كَوْنِهَا (مِمَّنْ تَحِيضُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ بِلَا نِيَّةٍ) أَوْ نَوَى أَنْ يَقَعَ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةٌ (يَقَعُ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ يَتَنَاوَلُ الْكَامِلَ وَإِنَّمَا قَالَ مِمَّنْ تَحِيضُ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ يَقَعُ لِلْحَالِ طَلْقَةٌ وَبَعْدَ شَهْرٍ أُخْرَى وَبَعْد شَهْرٍ أُخْرَى، وَكَذَا الْحَالُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ نَوَى كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ وَقَعَتْ لِلْحَالِ طَلْقَةٌ، ثُمَّ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ هَذَا الْكَلَامِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِوَقْتِ السُّنَّةِ وَلَمْ يَبْقَ فِي حَقِّهَا وَقْتَ السُّنَّةِ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْكُلَّ) أَيْ وُقُوعَ الْكُلِّ (الْآنَ أَوْ) يَنْوِيَ (وَاحِدَةً عِنْدَ كُلِّ شَهْرٍ) فَحِينَئِذٍ يَقَعُ مَا نَوَى؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ كَلَامَهُ؛ لِأَنَّهُ سُنِّيٌّ وُقُوعًا؛ إذْ وُقُوعُ الثَّلَاثِ جُمْلَةً عُرِفَ بِالسُّنَّةِ لَا إيقَاعًا فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ مُطْلَقُ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ كَمَا مَرَّ وَهُوَ السُّنِّيُّ وُقُوعًا وَإِيقَاعًا
(يَقَعُ طَلَاقُ كُلِّ زَوْجٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ وَلَا الْمُكَاتَبُ إلَّا الطَّلَاقَ» (وَلَوْ مُكْرَهًا) فَإِنَّ طَلَاقَهُ صَحِيحٌ لَا إقْرَارَهُ بِالطَّلَاقِ (أَوْ هَازِلًا) وَهُوَ الَّذِي لَا يَقْصِدُ حَقِيقَةَ كَلَامِهِ (أَوْ سَفِيهًا) أَيْ ضَعِيفَ الْعَقْلِ (أَوْ سَكْرَانَ) زَائِلُ الْعَقْلِ فَإِنَّ طَلَاقَهُ وَاقِعٌ، وَكَذَا خُلْعُهُ وَإِعْتَاقُهُ (أَوْ أَخْرَسَ) فِي الْيَنَابِيعِ هَذَا إذَا وُلِدَ أَخْرَسَ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ وَدَامَ، وَإِنْ لَمْ يَدُمْ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ (بِإِشَارَتِهِ) الْمَعْهُودَةِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ إشَارَةٌ تُعْرَفُ فِي نِكَاحِهِ وَطَلَاقِهِ وَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ فَهِيَ كَالْعِبَارَةِ مِنْ النَّاطِقِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْكَافِي (أَوْ سَاهِيًا) بِأَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَثَلًا فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ
(فَلَا يَقَعُ طَلَاقُ الْمَوْلَى) أَيْ تَطْلِيقُهُ (امْرَأَةَ عَبْدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَوْجٍ (وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إلَّا طَلَاقَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ» (وَالْمُبَرْسَمِ) مِنْ الْبِرْسَامِ بِكَسْرِ الْبَاءِ عِلَّةٌ مَعْرُوفَةٌ كَالْجُنُونِ (وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَعْتُوهِ) مِنْ الْعَتَهِ وَهُوَ اخْتِلَالٌ فِي الْعَقْلِ بِحَيْثُ يَخْتَلِطُ كَلَامُهُ فَيُشْبِهُ مَرَّةً كَلَامَ الْعُقَلَاءِ وَمَرَّةً كَلَامَ الْمَجَانِينِ (وَالنَّائِمِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُمْ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ أَوْ الْعَقْلِ فِيهِمْ
(إذَا مَلَكَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (الْآخَرَ) كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (بَطَلَ النِّكَاحُ) ؛ لِأَنَّ الْمَالِكِيَّةَ تُنَافِي ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ فَتَمْنَعُ بَقَاءَهُ (وَلَوْ حَرَّرَتْهُ) أَيْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا الْمَمْلُوكَ (حِينَ مَلَكَتْهُ فَطَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ خَرَجَتْ الْحَرْبِيَّةُ) مِنْ دَارِ الْحَرْبِ (مُسْلِمَةً، ثُمَّ خَرَجَ) زَوْجُهَا (مُسْلِمًا فَطَلَّقَهَا فِي عِدَّتِهَا)(أَلْغَاهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (أَبُو يُوسُفَ) أَيْ قَالَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَأَوْقَعَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (مُحَمَّدٌ) فِيهِمَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ قَوْلُهُمَا: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ قَوْلُ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِإِثْبَاتِ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَحْكِيَ الْخِلَافَ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا فِيهِ فَلِذَا قَالَ فِي الْكَافِي إنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، كَذَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَيَتَنَاوَلُ الْكَامِلَ وَهُوَ السُّنِّيُّ وُقُوعًا وَإِيقَاعًا.
(قَوْلُهُ: لَهُ ثُمَّ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ شَيْءٌ) مُفِيدٌ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا طَلُقَتْ أُخْرَى، وَكَذَا ثَالِثًا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ فَمَا فِي الْمِعْرَاجِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ لِلْحَالِ بِالْإِجْمَاعِ سَهْوٌ ظَاهِرٌ اهـ.
وَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْكَمَالِ أَنَّهُ لَوْ رَاجَعَ الْمَدْخُولَ بِهَا لَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَتَطْلُقُ بَعْدَهُ فِي طُهْرَيْنِ طَلْقَتَيْنِ فَلْيُنْظَرْ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكْرَهًا فَإِنَّ طَلَاقَهُ صَحِيحٌ لِإِقْرَارِهِ بِالطَّلَاقِ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَقِيَامُ السَّيْفِ عَلَى رَأْسِهِ يُرَجِّحُ جَانِبَ الْكَذِبِ وَلَا كَذَلِكَ الْإِنْشَاءُ؛ لِأَنَّهُ عَرَفَ الشَّيْئَيْنِ فَاخْتَارَ أَهْوَنَهُمَا، وَفَوْتُ الرَّضَاعِ لَا يُخِلُّ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ كَالْهَازِلِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ سَكْرَانَ) أَيْ مِنْ مُحَرَّمٍ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ فَلَوْ كَانَ مُكْرَهًا الْأَصَحُّ عَدَمُ وُقُوعِ طَلَاقِهِ كَمَا لَا يُحَدُّ، كَذَا فِي قَاضِي خَانْ وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِيمَا إذَا سَكِرَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ أَوْ الْعَسَلِ وَالْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا سَكِرَ مِنْ مُحَرَّمٍ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ.
(قَوْلُهُ: زَائِلُ الْعَقْلِ) وَهُوَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ وَلَا السَّمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ وَفِي شَرْحِ بَكْرٍ السُّكْرُ الَّذِي يَصِحُّ بِهِ التَّصَرُّفَاتُ أَنْ يَصِيرَ بِحَالٍ يَسْتَحْسِنُ مَا يَسْتَقْبِحُهُ النَّاسُ وَيَسْتَقْبِحُ مَا يَسْتَحْسِنُهُ النَّاسُ لَكِنَّهُ يَعْرِفُ الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ) أَيْ الْمَقْرُونَةِ بِتَصْوِيتٍ مِنْهُ وَسَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ أَوْ لَا اسْتِحْسَانًا.
وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إنْ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ لَا تَقَعُ بِالْإِشَارَةِ لِانْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِمَا هُوَ أَدَلُّ مِنْ الْإِشَارَةِ وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ سَاهِيًا) يَعْنِي مُخْطِئًا لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْمِثَالِ وَلَا يَدِينُ لِمَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ أَيْ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله لَا يَجُوزُ الْغَلَطُ فِي الطَّلَاقِ وَفِي الْعَتَاقِ يَدِينُ وَالْغَلَطُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ سَبْقِ اللِّسَانِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الثَّانِي أَيْ أَبُو يُوسُفَ لَا يَدِينُ فِيهِمَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالنَّائِمُ) كَذَا لَوْ اسْتَيْقَظَ فَقَالَ أَجَزْت ذَلِكَ الطَّلَاقَ أَوْ أَوْقَعْته لَا يَقَعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعَادَ الضَّمِيرَ إلَى غَيْرِ مُعْتَبَرٍ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ
(قَوْلُهُ: وَإِذَا مَلَكَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) يَعْنِي مِلْكًا حَقِيقِيًّا فَلَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَزَوْجَتِهِ إذَا اشْتَرَاهَا لِقِيَامِ الرِّقِّ وَالثَّابِتُ لَهُ حَقُّ الْمِلْكِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ النِّكَاحِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: أَلْغَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَأَوْقَعَهُ مُحَمَّدٌ) كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ وَنَفْيُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ