الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ أَرْبَعِينَ بَعِيرًا عِشْرُونَ فَأَرْبَعَةٌ تُصْرَفُ إلَى الْعَفْوِ وَأَحَدَ عَشْرَ إلَى نِصَابٍ يَلِي الْعَفْوَ وَخَمْسَةٌ إلَى نِصَابٍ يَلِي هَذَا النِّصَابَ حَتَّى يَبْقَى أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَقِسْ عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَوْ ثَلَاثُونَ أَوْ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ
(أَخَذَ الْبُغَاةُ زَكَاةَ السَّوَائِمِ وَالْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ وَيُعَادُ غَيْرُ الْخَرَاجِ إنْ لَمْ يُصْرَفْ فِي حَقِّهِ) ، فَإِنَّ وِلَايَةَ أَخْذِ الْخَرَاجِ لِلْإِمَامِ وَكَذَا أَخْذُ الزَّكَاةِ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَهِيَ عُشْرُ الْخَارِجِ (وَزَكَاةُ السَّوَائِمِ وَزَكَاةُ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ مَا دَامَتْ تَحْتَ حِمَايَةِ الْعَاشِرِ) ، فَإِنْ أَخَذَ الْبُغَاةُ أَوْ سَلَاطِينُ زَمَانِنَا الْخَرَاجَ فَلَا إعَادَةَ عَلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ مَصْرِفَ الْخَرَاجِ الْمُقَاتِلَةُ وَهُمْ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ يُحَارِبُونَ الْكُفَّارَ وَإِنْ أَخَذُوا الزَّكَوَاتِ الْمَذْكُورَةَ، فَإِنْ صَرَفُوهَا إلَى مَصَارِفِهَا الْآتِي ذِكْرُهَا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَعَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ إلَى مُسْتَحِقِّهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى
(غَصَبَ سُلْطَانٌ مَالًا وَخَلَطَهُ بِمَالِهِ صَارَ مِلْكًا لَهُ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَوُرِثَ عَنْهُ) كَذَا فِي الْكَافِي (عَجَّلَ ذُو نِصَابٍ لِسِنِينَ أَوْ لِنُصُبٍ جَازَ) قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ الْمَالُ النَّامِي، وَالْحَوْلَانِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ السَّبَبَ إذَا وُجِدَ صَحَّ الْأَدَاءُ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ، فَإِذَا وُجِدَ النِّصَابُ صَحَّ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، فَإِذَا كَانَ لَهُ نِصَابٌ وَاحِدٌ كَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَأَدَّى لِسِنِينَ جَازَ حَتَّى إذَا مَلَكَ فِي كُلٍّ مِنْهَا نِصَابًا أَجْزَأَهُ مَا أَدَّى مِنْ قَبْلُ وَكَذَا إذَا كَانَ نِصَابٌ وَاحِدٌ فَأَدَّى لِنُصُبٍ جَازَ حَتَّى إذَا مَلَكَ النُّصُبَ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ فَبَعْدَ مَا تَمَّ الْحَوْلُ أَجْزَأَهُ مَا أَدَّى
(لَا يَضْمَنُ مُفْرِطٌ غَيْرُ مُتْلِفٍ) أَيْ إنْ قَصَّرَ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي الْأَدَاءِ حَتَّى هَلَكَ النِّصَابُ سَقَطَ عَنْهُ الزَّكَاةُ وَلَا يَضْمَنُ قَدْرَهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَسْقُطُ وَيَضْمَنُ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ النِّصَابَ صَارَ فِي حَقِّ الْوَاجِبِ حَقًّا لِصَاحِبِ الْحَقِّ فَصَارَ الْمُسْتَهْلِكُ مُتَعَدِّيًا فَيَضْمَنُ
(بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)
الْمُرَادُ بِالْمَالِ غَيْرُ السَّوَائِمِ وَاللَّامُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «هَاتُوا رُبُعَ عُشْرِ أَمْوَالِكُمْ» ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ السَّوَائِمَة إذْ زَكَاةُ السَّائِمَةِ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بِرُبُعِ الْعُشْرِ (نِصَابُ الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا وَالْفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ) أَيْ يَكُونُ كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا وَزْنَ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ وَالْمِثْقَالُ عِشْرُونَ قِيرَاطًا وَالدِّرْهَمُ أَرْبَعَةَ عَشْرَ قِيرَاطًا وَالْقِيرَاطُ خَمْسُ شَعِيرَاتٍ اعْلَمْ أَنَّ الدَّرَاهِمَ قَدْ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ رضي الله عنه
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
إذَا كَانَ لَهُ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَزَادَتْ وَاحِدَةٌ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَلَوْ فِي آخِرِهِ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ
(قَوْلُهُ: أَخَذَ الْبُغَاةُ) الْأَخْذُ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا حَتَّى لَوْ لَمْ يَأْخُذُوا مِنْهُ الْخَرَاجَ وَغَيْرَهُ سِنِينَ وَهُوَ عِنْدَهُمْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ أَيْضًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: يُعَادُ غَيْرُ الْخَرَاجِ إنْ لَمْ يُصْرَفْ فِي حَقِّهِ) يَعْنِي دِيَانَةً بِأَنْ يُفْتِيَ بِالْإِعَادَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يُفْتِي بِإِعَادَةِ الْخَرَاجِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْكَافِي وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ مَا يُفِيدُ ضَعْفَهُ حَيْثُ قَالَ ثُمَّ إذَا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ ثَانِيًا نُفْتِيهِمْ بِأَنْ يُعِيدُوهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ لَا نُفْتِيهِمْ بِإِعَادَةِ الْخَرَاجِ
(قَوْلُهُ: غَصَبَ سُلْطَانٌ مَالًا. . . إلَخْ) كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكَافِي وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ الْمَخْلُوطُ عَنْ مَالِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَظَاهِرُ الْكَافِي أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ.
وَفِي الْفَتْحِ مَا يُفِيدُ الْخِلَافَ لِنَقْلِهِ بِصِيغَةٍ قَالُوا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَيُورَثُ عَنْهُ اهـ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ صِيغَةَ قَالُوا تُذْكَرُ فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ وَيَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ بِمَا إذَا كَانَ الْفَاضِلُ بَعْدَ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ لِأَرْبَابِهِ نِصَابًا وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَغَصَبَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَخَلَطَهَا بِبَعْضِهَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَفْرِيغُ ذِمَّةٍ بِرَدِّهِ إلَى أَرْبَابِهِ إنْ عَلَمُوا وَإِلَّا إلَى الْفُقَرَاءِ (فَرْعٌ) لَوْ زَكَّى الْمَالَ الْحَلَالَ بِالْحَرَامِ اُخْتُلِفَ فِي إجْزَائِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ
(قَوْلُهُ لَا يَضْمَنُ مُفَرِّطٌ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْكَافِي ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ طَالَبَهُ السَّاعِي فَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِخِلَافِ مَا إذَا طَالَبَهُ فَقِيرٌ؛ لِأَنَّ السَّاعِيَ مُتَعَيَّنٌ لِلْأَخْذِ فَلَزِمَهُ الْأَدَاءُ عِنْدَ طَلَبِهِ فَصَارَ مُتَعَدِّيًا بِالْمَنْعِ كَالْمُودَعِ إذَا مَنَعَ الْوَدِيعَةَ وَالْأَصَحُّ أَنْ لَا يَضْمَنَ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِنَا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ يَسْتَدْعِي تَفْوِيتَ يَدٍ أَوْ مِلْكٍ وَلَمْ يُوجَدْ. اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ وَهُوَ أَيْ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ أَشْبَهُ بِالْفِقْهِ اهـ.
وَقُلْت إلَيْهِ مَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ لِمَا أَنَّهُ أَخَّرَهُ بِدَلِيلِهِ عَنْ الْقَوْلِ بِلُزُومِ الضَّمَانِ وَلَكِنَّهُ فِي الْعِنَايَةِ بَعْدَ مَا حَكَى الْقَوْلَيْنِ قَالَ عَقِبَ الثَّانِي قِيلَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِعَدَمِ التَّفْوِيتِ.
[بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ]
[نِصَابُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّة]
(بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)
(قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْمَالِ. . . إلَخْ) يَعْنِي فِي هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مُطْلَقًا هُوَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ بِقَوْلِهِ: الْمَالُ كُلُّ مَا يَتَمَلَّكُهُ النَّاسُ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ اهـ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ مَا تَقَدَّمَ أَيْ مِنْ صَدَقَةِ السَّائِمَةِ زَكَاةُ الْمَالِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ فِي عُرْفِنَا يَتَبَادَرُ مِنْ اسْمِ الْمَالِ النَّقْدَ وَالْعُرُوضَ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَاللَّامُ فِيهِ. . . إلَخْ) كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْقِيرَاطُ خَمْسُ شَعِيرَاتٍ) تَمَامُهُ فِي تَصْنِيفِ الْجَسَاوَنْدِيِّ صَاحِبِ السِّرَاجِيَّةِ
مُخْتَلِفَةً فَمِنْهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ عَلَى وَزْنِ عَشَرَةِ مَثَاقِيلَ وَعَشَرَةٌ عَلَى سِتَّةِ مَثَاقِيلَ وَعَشَرَةٌ عَلَى خَمْسَةِ مَثَاقِيلَ فَأَخَذَ عُمَرُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ ثُلُثًا كَيْ لَا تَظْهَرَ الْخُصُومَةُ فِي الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ فَثُلُثُ عَشَرَةٍ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ وَثُلُثُ سِتَّةٍ اثْنَانِ وَثُلُثُ خَمْسَةٍ دِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ فَالْمَجْمُوعُ سَبْعَةٌ وَإِنْ شِئْت فَاجْمَعْ الْمَجْمُوعَ فَيَكُونُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ فَثُلُثُ الْمَجْمُوعِ سَبْعَةٌ وَلِذَا سُمِّيَ الدِّرْهَمُ وَزْنَ سَبْعَةٍ
(وَفِي مَضْرُوبِ كُلٍّ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ هُوَ قَوْلُهُ الْآتِي رُبُعُ عُشْرٍ (وَمَعْمُولُهُ وَلَوْ حُلِيًّا) وَهُوَ مَا يُتَحَلَّى بِهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُبَاحَ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ لَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَجِبُ فِي حُلِيِّ النِّسَاءِ وَخَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الِاسْتِعْمَالِ فَأَشْبَهَ ثِيَابَ الْبِذْلَةِ وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ فِي أَيْدِيهِمَا سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ أَتُؤَدِّيَانِ زَكَاتَهُ قَالَتَا لَا فَقَالَ عليه الصلاة والسلام أَدِّيَا زَكَاتَهُ»
(وَتِبْرِهِ وَعَرْضِ تِجَارَةٍ قِيمَتُهُ) هُوَ مَعَ مَا بَعْدَهُ صِفَةُ عَرْضٍ وَهُوَ بِسُكُونِ الرَّاءِ مَتَاعٌ لَا يَدْخُلُهُ كَيْلٌ وَلَا وَزْنٌ وَلَا يَكُونُ حَيَوَانًا وَلَا عَقَارًا كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَأَمَّا الْعَرَضُ بِفَتْحِهَا فَمَتَاعُ الدُّنْيَا وَيَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ فَلَا وَجْهَ لَهُ هَاهُنَا لِجَعْلِهِ مُقَابِلًا لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (نِصَابٌ مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ قَوْلُهُ فِي عَرْضِ التِّجَارَةِ لَيْسَ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ وَنَوَى التِّجَارَةَ لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ وَاجِبٌ فِيهَا وَكَذَا إذَا اشْتَرَى أَرْضَ عُشْرٍ وَزَرَعَهَا أَوْ اشْتَرَى بَذْرًا لِلتِّجَارَةِ وَزَرَعَهُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ وَلَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَقُولُ، هَذَا الْكَلَامَ مِنْهُ فِي غَايَةِ الِاسْتِبْعَادِ أَمَّا أَوَّلًا فَلِمَا عَرَفْت أَنَّ الْأَرْضَ غَيْرُ الْعَرْضِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْعَقَارِ وَالْعَرْضُ يُقَابِلُ الْعَقَارَ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْبَذْرِ إنَّمَا حَدَثَ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ نِيَّةِ الْخِدْمَةِ إذَا أَسْقَطَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ كَمَا مَرَّ فَلَأَنْ يُسْقِطَ التَّصَرُّفَ الْأَقْوَى مِنْ النِّيَّةِ أَوْلَى
(مُقَوَّمًا بِالْأَنْفَعِ لِلْفَقِيرِ رُبُعُ عُشْرٍ) أَيْ إنْ كَانَ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ أَنْفَعَ لِلْفَقِيرِ قُوِّمَ عَرْضُ التِّجَارَةِ بِهَا وَإِنْ كَانَ بِالدَّنَانِيرِ أَنْفَعَ قُوِّمَ بِهَا
(ثُمَّ فِي
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
فِي الْفَرَائِضِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ حُلِيًّا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حِلْيَةَ نِسَاءٍ أَوْ سَيْفٍ أَوْ مُنْطِقَةٍ أَوْ لِجَامًا أَوْ سِرَاجًا وَالْكَوَاكِبُ فِي الْمَصَاحِفِ وَالْأَوَانِي وَغَيْرُهَا إذَا كَانَتْ تَخْلُصُ عَنْ الْإِذَابَةِ يَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ فِي الْبَحْرِ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ بِسُكُونِ الرَّاءِ) أَقُولُ وَتُحَرَّكُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: كَذَا فِي الصِّحَاحِ) أَقُولُ لَكِنَّهُ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ وَظَاهِرُ إطْلَاقِ اللُّغَةِ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الصِّحَاحِ نَصُّهَا الْعَرْضُ الْمَتَاعُ وَكُلُّ شَيْءٍ فَهُوَ عَرْضٌ سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، فَإِنَّهُمَا عَيْنٌ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعُرُوض الْأَمْتِعَةُ الَّتِي لَا يَدْخُلُهَا كَيْلٌ وَلَا وَزْنٌ وَلَا تَكُونُ حَيَوَانًا وَلَا عَقَارًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَرَضُ بِفَتْحِهَا فَمَتَاعُ الدُّنْيَا) أَقُولُ فَيَكُونُ أَعَمَّ مِنْ التَّفْسِيرِ السَّابِقِ وَعَلِمْت مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقَامُوسِ مِنْ أَنَّهُ يُحَرَّكُ. اهـ.
وَأَمَّا الْعُرْضُ بِضَمِّ الْعَيْنِ فَهُوَ الْجَانِبُ وَبِالْكَسْرِ مَا يُحْمَدُ الرَّجُلُ بِهِ وَيُذَمُّ كَمَا ذَكَرَهُ تَاجُ الشَّرِيعَةِ اهـ وَفِي الْمُغْرِبِ الْعُرْضُ بِسُكُونِ الرَّاءِ خِلَافُ الطُّولِ اهـ يَعْنِي مَعَ ضَمِّ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: أَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْهُ فِي غَايَةِ الِاسْتِبْعَادِ. . . إلَخْ) الِاسْتِبْعَادُ بَعِيدٌ عَنْ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّ جَعْلَ الْأَرْضِ غَيْرَ الْعَرْضِ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْعُرُوضَ هُنَا جَمْعُ عَرْضٍ بِسُكُونِ الرَّاءِ عَلَى تَفْسِيرِ الصِّحَاحِ فَتَخْرُجُ النُّقُودُ فَقَطْ لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي عُبَيْدٍ وَبِذَا رَدَّ صَاحِبُ الْبَحْرِ كَلَامَ صَاحِبِ الدُّرَرِ. اهـ. وَإِنْ عَمَّ كَلَامُ الصِّحَاحِ السَّوَائِمَ فَقَدْ خَرَجَتْ بِمَا عُلِمَ مِنْ حُكْمِهَا قَالَهُ الْمَقْدِسِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا ثَانِيًا. . . إلَخْ) مُتَّجَهٌ فِي رَدِّ اعْتِرَاضِ الزَّيْلَعِيِّ بِمَنْ اشْتَرَى بَذْرًا لِلتِّجَارَةِ فَزَرَعَهُ وَالْجَوَابُ عَنْ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ أَطْلَقَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيمَا اُشْتُرِيَ لِلتِّجَارَةِ أَرَادَ مَا تَصِحُّ فِيهِ النِّيَّةُ كَمَا قَدَّمْنَا لَا عُمُومَ الْأَشْيَاءِ
(قَوْلُهُ: مُقَوَّمًا بِالْأَنْفَعِ لِلْفَقِيرِ) قَدَّمْنَا الْوَعْدَ بِبَيَانِ وَقْتِ الْقِيمَةِ وَهُوَ كَمَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ فِي بَابِ زَكَاةِ الْإِبِلِ ثُمَّ الْوَاجِبُ هُنَا الْعَيْنُ وَلَهُ نَقْلُهَا إلَى الْقِيمَةِ وَقْتَ الْأَدَاءِ اهـ.
وَالْإِشَارَةُ بِهِنَا فِي كَلَامِ الْجَوْهَرَةِ إلَى بَابِ زَكَاةِ السَّائِمَةِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْقِيمَةِ فِي السَّائِمَةِ يَوْمَ الْأَدَاءِ بِالِاتِّفَاقِ وَالْخِلَافُ فِي زَكَاةِ الْمَالِ فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْأَدَاءِ فِي زَكَاةِ الْمَالِ عَلَى قَوْلِهِمَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَوْمَ الْوُجُوبِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عِنْدَهُمَا جُزْءٌ مِنْ الْعَيْنِ وَلَهُ وِلَايَةُ مَنْعِهَا إلَى الْقِيمَةِ فَيُعْتَبَرُ يَوْمَ الْمَنْعِ كَمَا فِي مَنْعِ رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَعِنْدَهُ، الْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا ابْتِدَاءً وَلِذَا يُجْبَرُ الْمُصَدِّقُ عَلَى قَبُولِهَا اهـ.
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْعَيْنُ بِنَاءً عَلَى مَا ظَنَّهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ أَدَاءَ الْقِيمَةِ بَدَلٌ عَنْ الْوَاجِبِ حَتَّى لَقَّبَ الْمَسْأَلَةَ بِالْإِبْدَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْمَصِيرَ إلَى الْبَدَلِ لَا يَجُوزُ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْأَصْلِ وَأَدَاءُ الْقِيمَةِ مَعَ وُجُودِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ جَائِزٌ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ أَيْ إنْ كَانَ التَّقْوِيمُ. . . إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِالْمَضْرُوبِ بِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَالْعِبْرَةُ بِالْبَلَدِ الَّذِي بِهِ الْمَالُ وَلَوْ كَانَ فِي مَفَازَةٍ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي أَقْرَبِ الْأَمْصَارِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ أَوْلَى مِمَّا فِي التَّبْيِينِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَفَازَةِ يُقَوَّمُ فِي الْمِصْرِ الَّذِي يَصِيرُ إلَيْهِ. اهـ.