الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
احْتِرَازٌ عَمَّا قِيلَ لَا تَجُوزُ إقَامَتُهُمْ بَلْ يَقْصُرُونَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا فِي الْأَمْصَارِ أَوْ فِي الْقُرَى وَالْأَصَحُّ الْمُفْتَى بِهِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الرُّعَاةَ إذَا كَانُوا فِي تَرْحَالٍ مِنْ الْمَفَاوِزِ كَانُوا مُسَافِرِينَ إلَّا إذَا نَزَلُوا مَرْعًى وَعَزَمُوا عَلَى الْإِقَامَةِ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ أَجْعَلَهُمْ مُقِيمِينَ.
(وَإِنْ لَمْ يَقْصُرْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيَقْصُرُوا وَالضَّمِيرُ لِلْمُسَافِرِ أَيْ إنْ لَمْ يَقْصُرْ الْمُسَافِرُ بَلْ أَتَمَّ الْأَرْبَعَ (فَإِنْ قَعَدَ الْأُولَى تَمَّ فَرْضُهُ) ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ ثِنْتَانِ فَالْقَعْدَةُ الْأُولَى فَرْضٌ عَلَيْهِ فَإِذَا وُجِدَتْ يَتِمُّ فَرْضُهُ.
(وَ) لَكِنَّهُ (أَسَاءَ) لِتَأْخِيرِ السَّلَامِ وَتَرْكِهِ وَاجِبَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ فِي النَّفْلِ وَشَبَهُهُ عَدَمُ قَبُولِ صَدَقَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِأَنَّ الْقَصْرَ عِنْدَنَا رُخْصَةُ إسْقَاطٍ وَحُكْمُهُ أَنْ يَأْثَمَ الْعَامِلُ بِالْعَزِيمَةِ (وَمَا زَادَ) عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ (نَفْلٌ وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ الْأُولَى (بَطَلَ فَرْضُهُ) وَانْقَلَبَ الْكُلُّ نَفْلًا لِمَا عَرَفْت أَنَّهُ تَرْكُ فَرْضٍ وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ افْتَتَحَهَا الْمُسَافِرُ بِنِيَّةِ الْأَرْبَعِ أَعَادَ حَتَّى يَفْتَتِحَهَا بِنِيَّةِ الرَّكْعَتَيْنِ قَالَ الرَّازِيّ وَهُوَ قَوْلُنَا؛ لِأَنَّهُ إذَا نَوَى أَرْبَعًا فَقَدْ خَالَفَ فَرْضَهُ كَنِيَّةِ الْفَجْرِ أَرْبَعًا، وَلَوْ نَوَاهَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ نَوَاهَا أَرْبَعًا بَعْدَ الِافْتِتَاحِ فَهِيَ مُلْغَاةٌ كَمَنْ افْتَتَحَ الظُّهْرَ ثُمَّ نَوَى الْعَصْرَ، كَذَا فِي شَرْحِ الزَّاهِدِيِّ وَاخْتُلِفَ فِي السُّنَنِ فَقِيلَ الْأَفْضَلُ هُوَ التَّرْكُ تَرَخُّصًا، وَقِيلَ الْفِعْلُ تَقَرُّبًا.
وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ الْفِعْلُ حَالَ النُّزُولِ وَالتَّرْكُ حَالَ السَّيْرِ، وَقِيلَ يُصَلِّي سُنَّةَ الْفَجْرِ خَاصَّةً، وَقِيلَ سُنَّةَ الْمَغْرِبِ أَيْضًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(اقْتَدَى مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ فِي الْوَقْتِ صَحَّ) اقْتِدَاؤُهُ (وَأَتَمَّ) مَا شَرَعَ فِيهِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الِاقْتِدَاءِ مِنْ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِي حَقِّ وُجُوبِ التَّكْمِيلِ (لَا بَعْدَهُ فِيمَا يَتَغَيَّرُ) أَيْ لَا يَقْتَدِي الْمُسَافِرُ بِالْمُقِيمِ بَعْدَ الْوَقْتِ فِي فَرْضٍ يَتَغَيَّرُ بِالسَّفَرِ (وَهُوَ الرُّبَاعِيُّ) وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ فَإِنَّ اقْتِدَاءَهُ بِهِ فِيهِمَا يَصِحُّ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَعْدَ الْوَقْتِ فِيمَا يَتَغَيَّرُ لِاسْتِلْزَامِهِ بِنَاءَ الْفَرْضِ عَلَى غَيْرِ الْفَرْضِ حُكْمًا أَمَّا فِي الْقَعْدَةِ إنْ اقْتَدَى بِهِ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ إذْ الْقَعْدَةُ فَرْضٌ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْإِمَامِ أَوْ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ إنْ اقْتَدَى بِهِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ فِيهِ نَفْلٌ عَلَى إمَامٍ فَرْضٌ عَلَى الْمُقْتَدِي وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.
(وَعَكْسُهُ) أَيْ إنْ اقْتَدَى الْمُقِيمُ بِالْمُسَافِرِ (صَحَّ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ حَالَ الْمُقِيمِ لَا يَتَغَيَّرُ عَمَّا كَانَ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِالْمُسَافِرِ فِي الْوَقْتِ كَانَ فِي حَقِّ الْقَعْدَةِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
(قَوْلُهُ إلَّا إذَا نَزَلُوا مَرْعًى. . . إلَخْ) أَطْلَقَ فِيهِ، وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَالْمَاءُ وَالْكَلَأُ يَكْفِيهِمْ تِلْكَ الْمُدَّةَ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ حَتَّى لَا يُخَالِفَ حَالُهُمْ عَزِيمَتَهُمْ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَعَدَ فِي الْأُولَى تَمَّ فَرْضُهُ) أَقُولُ يَعْنِي وَكَانَ قَدْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ تَمَّ فَرْضُهُ سَوَاءٌ نَوَى رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا لِمُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ. . . إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ الْأُولَى بَطَلَ فَرْضُهُ) أَقُولُ إلَّا إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ لَمَّا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَيَتَحَوَّلُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الرَّازِيِّ وَهُوَ قَوْلُنَا) أَقُولُ الْمُرَادُ إسْنَادُ الْقَوْلِ لِلْمُتَكَلِّمِ فَقَطْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَوْلُ أَئِمَّتِنَا؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّ نِيَّةَ أَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ كَمَا لَوْ نَوَى الْفَجْرَ أَرْبَعًا فَتَصِحُّ الصَّلَاةُ وَيَلْغُو ذِكْرُ الْعَدَدِ إذَا جَلَسَ آخِرَهَا قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَقَوْلُ الرَّازِيِّ الْمَنْقُولُ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ مُقَابِلٌ لِلْمَذْهَبِ يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ مَا قَالَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ فَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا وَقَعَدَ فِي الثَّانِيَةِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ أَجْزَأَتْهُ عَنْ فَرْضِهِ وَكَانَتْ الْأُخْرَيَانِ لَهُ نَافِلَةً وَيَصِيرُ مُسِيئًا بِتَأْخِيرِ السَّلَامِ وَهَذَا إذَا أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ أَمَّا إذَا نَوَى أَرْبَعًا فَإِنَّهُ يُبْتَنَى عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ سِتَّ رَكَعَاتٍ يَنْوِي الظُّهْرَ وَرَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجْزِيهِ عَنْ الْفَرْضِ خَاصَّةً وَيَبْطُلُ التَّطَوُّعُ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَجْزِيهِ الصَّلَاةُ وَلَا يَكُونُ دَاخِلًا فِيهَا لَا فَرْضًا وَلَا تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّ افْتِتَاحَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ يُوجِبُ الْخُرُوجَ مِنْ الْأُخْرَى فَكَذَا هُنَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ تَفْسُدُ وَلَا تَكُونُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَنْقَلِبُ كُلُّهَا نَفْلًا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ فِي السُّنَنِ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ هُوَ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ حَالُ الْفَرْضِ فَمَا حُكْمُ السُّنَنِ؟ فَأَجَابَ بِمَا ذَكَرَ وَهُوَ أَيْضًا مِنْ شَرْحِ الزَّاهِدِيِّ الْمُسَمَّى بِالْمُجْتَبَى.
[اقْتِدَاء الْمُسَافِر بِالْمُقِيمِ]
(قَوْلُهُ اقْتَدَى مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ فِي الْوَقْتِ صَحَّ وَأَتَمَّ) أَقُولُ أَيْ سَوَاءٌ اقْتَدَى بِهِ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ كُلِّهَا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَسَوَاءٌ أَتَمَّ صَلَاتَهُ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَإِذَا أَفْسَدَ صَلَاتَهُ بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لِزَوَالِ الِاقْتِدَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى مُتَنَفِّلٌ بِمُفْتَرِضٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي أَرْبَعًا إذَا أَفْسَدَ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَهُنَا لَمْ يَقْصِدْ سِوَى إسْقَاطَ فَرْضِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ مُقِيمًا حَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُ الْإِمَامِ إلَى الْأَرْبَعِ مَعَ أَنَّهُ صَارَ مُقْتَدِيًا بِخَلِيفَتِهِ الْمُقِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُؤْتَمُّ الْمُسْتَخْلِفُ خَلِيفَةً عَنْ الْمُسَافِرِ كَانَ الْمُسَافِرُ كَأَنَّهُ الْإِمَامُ فَيَأْخُذُ الْخَلِيفَةُ صِفَةَ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ مِنْ الْمُسَافِرِينَ وَالْمُقِيمِينَ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ أَوْ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ إنْ اقْتَدَى بِهِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي. . . إلَخْ) أَقُولُ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَقْرَأْ الْإِمَامُ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْآخَرَيْنِ فَاقْتَدَى بِهِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ بِالْقَضَاءِ تَلْحَقُ الْقِرَاءَةُ بِمَحَلِّ الْأَدَاءِ فَيَبْقَى الثَّانِي خَالِيًا عَنْ الْقِرَاءَةِ فَكَانَ بِنَاءُ الْمَوْجُودِ عَلَى الْمَعْدُومِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ.
[اقْتِدَاء الْمُقِيم بِالْمُسَافِرِ]
(قَوْلُهُ كَانَ فِي حَقِّ الْقَعْدَةِ
اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ، وَكَذَا لَوْ اقْتَضَى بَعْدَ الْوَقْتِ ثُمَّ إنَّ الْمُقِيمَ الْمُقْتَدِي بِالْمُسَافِرِ إذَا قَامَ إلَى الْإِتْمَامِ لَا يَقْرَأُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ كَاللَّاحِقِ حَيْثُ أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ مَعَ الْإِمَامِ وَفَرْضُ الْقِرَاءَةِ صَارَ مُؤَدًّى بِقِرَاءَةِ إمَامِهِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ بِالشَّفْعِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ فِيهِ، وَإِنْ قَرَأَ الْإِمَامُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ قِرَاءَةَ نَافِلَةٍ (وَأَتَمَّ الْمُقِيمُ) الْمُقْتَدِي بِالْمُسَافِرِ؛ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي سَفَرِهِ بِالنَّاسِ، وَقَالَ حِينَ سَلَّمَ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ يَا أَهْلَ مَكَّةَ فَإِنَّا قَوْمٌ سُفْرٌ» .
(وَنُدِبَ أَنْ يَقُولَ) الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ (أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنِّي مُسَافِرٌ) كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم (السَّفَرُ وَالْحَضَرُ لَا يُغَيِّرَانِ الْفَائِتَةَ) أَيْ إذَا قَضَى فَائِتَةَ السَّفَرِ فِي الْحَضَرِ يَقْصُرُ وَإِذَا قَضَى فَائِتَةَ الْحَضَرِ فِي السَّفَرِ يُتِمُّ (وَالْعِبْرَةُ فِي تَغْيِيرِ الْفَرْضِ بِآخِرِ الْوَقْتِ) فَإِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ مُسَافِرٌ أُوجِبَ عَلَيْهِ رَكْعَتَانِ، وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرَ فِي السَّبَبِيَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَدَاءِ قَبْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ (يَبْطُلُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ بِمِثْلِهِ فَقَطْ، وَ) يَبْطُلُ (وَظَنُّ الْإِقَامَةِ بِمِثْلِهِ وَالسَّفَرِ وَالْأَصْلِيِّ) الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْمَسْكَنُ وَوَطَنُ الْإِقَامَةِ مَوْضِعٌ نَوَى أَنْ يَتَمَكَّنَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّخِذَهُ مَسْكَنًا فَإِذَا كَانَ لِشَخْصٍ وَطَنٌ أَصْلِيٌّ فَإِنْ اتَّخَذَ وَطَنًا أَصْلِيًّا آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ السَّفَرِ أَوْ لَا بَطَلَ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ الْأَوَّلُ حَتَّى لَوْ دَخَلَهُ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا إلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَا يُبْطِلُ الْوَطَنَ الْأَصْلِيَّ السَّفَرُ حَتَّى لَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ إلَيْهِ يَصِيرُ مُقِيمًا بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ. وَأَمَّا وَطَنُ الْإِقَامَةِ فَيَبْطُلُ بِمِثْلِهِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ وَطَنَ إقَامَةٍ اتَّخَذَهُ وَطَنًا بَعْدَ الْأَوَّلِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ سَفَرٍ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَكَذَا إذَا سَافَرَ عَنْهُ أَوْ انْتَقَلَ إلَى وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ (الْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْأَصْلِ لَا التَّبَعِ) يَعْنِي إذَا نَوَى الْأَصْلُ السَّفَرَ أَوْ الْإِقَامَةَ يَكُونُ التَّبَعُ كَذَلِكَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ اسْتِقْلَالًا (كَالْمَرْأَةِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ) أَقُولُ الْقَعْدَةُ وَاجِبَةٌ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ عَلَيْهَا اسْمَ النَّفْلِ مَجَازًا لِاشْتِرَاكِ الْوَاجِبِ وَالنَّفَلِ فِي عَدَمِ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِالتَّرْكِ.
(قَوْلُهُ لَا يَقْرَأُ فِي الْأَصَحِّ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَقَالَ الْكَاكِيُّ قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ حَيْثُ قَالُوا يَقْرَأُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ وَلِهَذَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ، وَلَوْ سَهَا فِيمَا يُتِمُّ سَجَدَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقْتَدٍ فَيَقْرَأُ السُّورَةَ مَعَ الْفَاتِحَةِ.
وَقَالَ الْكَرْخِيُّ لَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ، وَلَوْ سَهَا فِيمَا يُتِمُّ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَاللَّاحِقِ فَإِنَّهُمْ أَدْرَكُوا أَوَّلَ الصَّلَاةِ، وَقَدْ تَمَّ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اهـ.
قُلْت فَوُجُوبُ الْقِرَاءَةِ ضَعِيفٌ وَالِاسْتِشْهَادُ لَهُ بِوُجُوبِ السَّهْوِ اسْتِشْهَادٌ بِضَعِيفٍ مُوهِمٍ أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ قَوْمٌ سَفْرٌ) أَيْ مُسَافِرُونَ جَمْعُ مُسَافِرٍ كَرَكْبٍ وَصَحْبٍ فِي رَاكِبٍ وَصَاحِبٍ.
(قَوْلُهُ وَنُدِبَ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْبِرَ الْإِمَامُ الْقَوْمَ قَبْلَ شُرُوعِهِ أَنَّهُ مُسَافِرٌ فَإِذَا لَمْ يُخْبِرْ أَخْبَرَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا فِي السِّرَاجِ.
وَقَالَ الْكَمَالُ مُعَلِّلًا لِلِاسْتِحْبَابِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ خَلْفَهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ وَلَا يَتَسَيَّرُ لَهُ الِاجْتِمَاعُ بِالْإِمَامِ قَبْلَ ذَهَابِهِ فَيَحْكُمُ حِينَئِذٍ بِفَسَادِ صَلَاةِ نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى ظَنِّ إقَامَةِ الْإِمَامِ ثُمَّ إفْسَادُهُ بِسَلَامِهِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا مَحْمَلُ مَا فِي الْفَتَاوَى أَيْ كَقَاضِي خَانْ إذَا اقْتَدَى بِإِمَامٍ لَا يَدْرِي أَمُسَافِرٌ هُوَ أَوْ مُقِيمٌ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِحَالِ الْإِمَامِ شَرْطُ الْأَدَاءِ بِجَمَاعَةٍ اهـ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الِابْتِدَاءِ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُ الْإِمَامِ مُسْتَحَبًّا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ مُعَرِّفًا صِحَّةَ صَلَاتِهِ لَهُمْ لِحُصُولِهِ بِالسُّؤَالِ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ بِآخِرِ الْوَقْتِ) أَقُولُ وَهُوَ قَدْرُ التَّحْرِيمَةِ.
(قَوْلُهُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ) هُوَ الْمَسْكَنُ أَرَادَ بِهِ الْأَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ وَلَا عِيَالَ لَهُ أَوْ بِأَهْلِهِ كَأَنْ تَأَهَّلَ فِيهِ وَمِنْ قَصْدِهِ التَّعَيُّشُ لَا الِارْتِحَالُ، وَكَذَا مَحَلُّ مَوْلِدِهِ وَطَنٌ أَصْلِيٌّ وَهَذَا الْوَطَنُ وَطَنُ الْقَرَارِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّخَذَ وَطَنًا أَصْلِيًّا آخَرَ) أَيْ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ بِالْأَوَّلِ أَهْلٌ إذْ لَوْ بَقِيَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ.
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهَا مُدَّةُ سَفَرٍ أَوْ لَا) هَذَا بِالْإِجْمَاعِ لِمَا قَالَ الْكَمَالُ وَتَقْدِيمُ السَّفَرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِثُبُوتِ الْأَصْلِيِّ بِالْإِجْمَاعِ وَهَلْ هُوَ شَرْطٌ لِثُبُوتِ وَطَنِ الْإِقَامَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا يُشْتَرَطُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَفِي أُخْرَى إنَّمَا يَصِيرُ الْوَطَنُ وَطَنَ إقَامَةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ سَفَرٌ وَيَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَارَ إلَيْهِ مِنْهُ مُدَّةُ سَفَرٍ حَتَّى لَوْ خَرَجَ مِنْ مِصْرِهِ لَا لِقَصْدِ السَّفَرِ فَوَصَلَ إلَى قَرْيَةٍ وَنَوَى الْإِقَامَةَ فِيهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا تَصِيرُ تِلْكَ الْقَرْيَةُ وَطَنَ إقَامَةٍ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ السَّفَرِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ السَّفَرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ دَخَلَهُ) أَيْ بَعْدَ مَا خَرَجَ مُسَافِرًا لَا يَصِيرُ مُقِيمًا إلَّا بِالنِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ دَخَلَ وَطَنَ إقَامَةٍ اتَّخَذَهُ وَطَنًا بَعْدَ الْأَوَّلِ) أَيْ بَعْدَ وَطَنِ الْإِقَامَةِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ سَفَرٍ) لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا عَمَّا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ سَفَرٍ بَلْ الْمُرَادُ عَدَمُ نِيَّةِ السَّفَرِ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا سَافَرَ) أَيْ، وَكَذَا يَبْطُلُ وَطَنُ الْإِقَامَةِ إذَا سَافَرَ عَنْهُ أَوْ انْتَقَلَ إلَى وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ رحمه الله لِوَطَنِ السُّكْنَى تَبَعًا لِلْمُحَقِّقِينَ قَالُوا لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى مُسَافِرًا عَلَى حَالِهِ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَعَامَّتُهُمْ أَيْ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ، وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فَائِدَتَهُ وَنَاقَشَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ الْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْأَصْلِ لَا التَّبَعِ) أَقُولُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَرْطِ عِلْمِ التَّبَعِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَالْأَحْوَطُ كَمَا فِي الْعَزْلِ الْحُكْمِيِّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عِلْمُ التَّبَعِ لِتَوَقُّفِ الْخِطَابِ بِالْحُكْمِ عَلَى