الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبُلُوغِ تَحْتَاجُ إلَى التَّحْصِينِ وَالْحِفْظِ وَالْأَبُ فِيهِ أَقْدَرُ (وَرُوِيَ) عَنْ مُحَمَّدٍ (حَتَّى تُشْتَهَى) يَعْنِي أَنَّهَا تُدْفَعُ إلَى الْأَبِ إذَا بَلَغَتْ حَدَّ الشَّهْوَةِ لِتَحَقُّقِ الْحَاجَةِ إلَى الصِّيَانَةِ (وَهُوَ الْأَحْوَطُ) لِفَسَادِ الزَّمَانِ (وَغَيْرُهُمَا) أَيْ حَضَانَةُ غَيْرِ الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ (أَحَقُّ بِهَا) أَيْ بِالْبِنْتِ مِنْهُمَا (حَتَّى تُشْتَهَى) لِأَنَّ التَّرْكَ عِنْدَ مَنْ تَحْضُنُهَا نَوْعُ اسْتِخْدَامٍ وَغَيْرُهُمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِخْدَامِهَا وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ التَّسْلِيمُ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالِاسْتِخْدَامِ، وَغَيْرُهُمَا لَا يَمْلِكُهُ وَلِهَذَا لَا يُؤَجِّرُهَا لِلْخِدْمَةِ فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِخِلَافِ الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ لِقُدْرَتِهِمَا عَلَيْهِ شَرْعًا.
(لَا تُسَافِرُ مُطَلَّقَةٌ بِوَلَدِهَا) أَيْ بِدُونِ إذْنِ أَبِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْوَلَدِ (إلَّا إلَى وَطَنِهَا الَّذِي نَكَحَهَا فِيهِ) حَتَّى لَوْ وَقَعَ التَّزَوُّجُ فِي بَلَدٍ وَلَيْسَ بِوَطَنٍ لَهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْقُلَهُ إلَيْهِ وَلَا إلَى وَطَنِهَا لِعَدَمِ الْأَمْرَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ رِوَايَةُ كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ الْأَصْلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَذَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ تَفَاوُتٌ، وَإِنْ تَقَارَبَا بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ مُطَالَعَةِ وَلَدِهِ فِي يَوْمٍ وَيَرْجِعُ إلَى أَهْلِهِ فِيهِ قَبْلَ اللَّيْلِ جَازَ لَهَا النَّقْلُ إلَيْهِ مُطْلَقًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ وُقُوعُ التَّزَوُّجِ وَلَا الْوَطَنُ إلَّا إلَى قَرْيَةٍ مِنْ مِصْرٍ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ إلَى قَرِيبٍ بِمَنْزِلَةِ الِانْتِقَالِ مِنْ مَحَلَّةٍ إلَى مَحَلَّةٍ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ لَكِنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ مِصْرٍ إلَى قَرْيَةٍ يَضُرُّ بِالْوَلَدِ لِأَنَّهُ يَتَخَلَّقُ بِأَخْلَاقِ أَهْلِ الْقُرَى فَلَا تَمْلِكُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَطَنَهَا وَوَقَعَ الْعَقْدُ فِيهَا فِي الْأَصَحِّ لِمَا بَيَّنَّا (وَخُصَّ هَذَا) السَّفَرُ (بِالْأُمِّ) وَلَيْسَ لِغَيْرِهَا أَنْ يَنْقُلَهُ بِلَا إذْنِ الْأَبِ حَتَّى الْجَدَّةِ.
(لِلصَّغِيرَةِ عَمَّةٌ مُوسِرَةٌ وَالْأَبُ مُعْسِرٌ أَرَادَتْ الْعَمَّةُ إمْسَاكَ الْوَلَدِ مَجَّانًا وَلَا تَمْنَعُهُ) أَيْ الْعَمَّةُ الْوَلَدَ (عَنْ الْأُمِّ وَهِيَ) أَيْ الْأُمُّ (تَأْبَى) أَيْ تَمْتَنِعُ مِنْ الْحَضَانَةِ (وَتُطَالِبُهُ بِالْأُجْرَةِ وَنَفَقَةِ الْوَلَدِ فَالصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ لَهَا: إمَّا أَنْ تُمْسِكِي الْوَلَدَ مَجَّانًا، أَوْ تَدْفَعِي إلَى الْعَمَّةِ) كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(بَابُ النَّفَقَةِ)
هِيَ اسْمٌ بِمَعْنَى الْإِنْفَاقِ قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ النَّفَقَةِ فَقَالَ: هِيَ الطَّعَامُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (هِيَ تَجِبُ بِأَسْبَابٍ مِنْهَا الزَّوْجِيَّةُ، وَ) مِنْهَا (النَّسَبُ، وَ) مِنْهَا (الْمِلْكُ) قَدَّمَ الزَّوْجِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا أَصْلُ النَّسَبِ، وَالنَّسَبُ أَقْوَى مِنْ الْمِلْكِ (فَتَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ وَلَوْ صَغِيرًا) لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ (أَوْ فَقِيرًا) لَيْسَ عِنْدَهُ قَدْرُ النَّفَقَةِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ حَتَّى تُشْتَهَى وَهُوَ الْأَحْوَطُ) قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ وَبِهِ يُفْتَى وَقَالَ الْكَمَالُ: وَفِي غِيَاثِ الْمُفْتِي الِاعْتِمَادُ عَلَى رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ: لَا تُسَافِرُ مُطَلَّقَةٌ بِوَلَدِهَا) قَالَ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّعْبِيرِ بِالسَّفَرِ، وَالْخُرُوجِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِأَنَّ السَّفَرَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الشَّرْعِيَّ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْمَنْعِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ اللُّغَوِيُّ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا لِأَنَّهَا لَا تُمْنَعُ فِيمَا إذَا تَقَارَبَ مَا بَيْنَ الْمَكَانَيْنِ وَكَذَا التَّعْبِيرُ بِمُطْلَقِ الْخُرُوجِ لَا يَصِحُّ وَالْعِبَارَةُ الصَّحِيحَةُ لَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ بِالْوَلَدِ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ إلَّا إذَا انْتَقَلَتْ مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ اهـ.
وَكَذَا لَا يَخْرُجُ الْأَبُ بِهِ مِنْ مَحَلِّ إقَامَتِهِ قَبْلَ اسْتِغْنَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ بِزَوَالِ الْمَانِعِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ،.
وَفِي السِّرَاجِيَّةِ لِلْمُطَلِّقِ السَّفَرُ بِوَلَدِهِ لِزَوْجِهِ إلَى أَنْ يَعُودَ حَقُّهَا اهـ. .
وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهَا أَنْ تُبْصِرَ وَلَدَهَا كُلَّ يَوْمٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَارَبَا. . . إلَخْ) أَيْ وَنَقَلَتْهُ إلَى مِصْرٍ آخَرَ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وَسَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِانْتِقَالَ إلَى قَرِيبٍ. . . إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ تَقَارَبَا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا شَمِلَ النَّقْلَ مِنْ مِصْرٍ إلَى قَرْيَةٍ اسْتَثْنَاهُ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ مِصْرٍ إلَى قَرْيَةٍ يَضُرُّ بِالْوَلَدِ. . . إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِلصَّغِيرَةِ عَمَّةٌ. . . إلَخْ) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُغَايِرَةٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الصَّغِيرَةَ تُدْفَعُ لِلْعَمَّةِ هُنَا، وَفِي السَّابِقَةِ قَالَ تَرْضَعُ فِي بَيْتِ الْأُمِّ فَتُحْمَلُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَهَذَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ كَالْعَمَّةِ وَأَنَّ الصَّغِيرَةَ تُدْفَعُ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ مُتَبَرِّعَةً، وَالْأُمُّ تُرِيدُ الْأَجْرَ عَلَى الْحَضَانَةِ وَلَا تُقَاسُ عَلَى الْعَمَّةِ لِأَنَّهَا حَاضِنَتُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَكُلُّ حَاضِنَةٍ لَهُ هِيَ كَذَلِكَ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَتَقْيِيدُ الدَّفْعِ لِلْعَمَّةِ بِيَسَارِهَا، وَإِعْسَارِ الْأَبِ مُفِيدٌ أَنَّ الْأَبَ الْمُوسِرَ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْأُجْرَةِ لِلْأُمِّ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ وَمَعَ إعْسَارِهِ لَا يُوجَدُ أَحَدٌ مِمَّنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَمَّةِ مُتَبَرِّعًا بِمِثْلِ الْعَمَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا تَكُونَ مُتَزَوِّجَةً بِغَيْرِ مَحْرَمٍ لِلصَّغِيرِ وَلَنَا فِيهِ رِسَالَةٌ اسْمُهَا كَشْفُ الْقِنَاعِ الرَّفِيعِ عَنْ مَسْأَلَةِ التَّبَرُّعِ بِمَا يَسْتَحِقُّ الرَّضِيعُ.
[بَابُ النَّفَقَةِ]
[أَسْبَاب النَّفَقَة]
(بَابُ النَّفَقَةِ)(قَوْلُهُ: تَجِبُ بِأَسْبَابٍ. . . إلَخْ) وَمِنْهَا حَبْسُ النَّفْسِ لِمَصَالِحِ الْغَيْرِ، أَوْ الْعَامَّةِ كَالْمُفْتِي وَالْمُضَارِبِ إذَا سَافَرَ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْوَصِيِّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا) قَالَ قَاضِي خَانْ، وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَتُهَا وَيَسْتَدِينُ الْأَبُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ إذَا أَيِسَ. (أَقُولُ) هَذَا إذَا كَانَ فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرِ مَصْلَحَةٌ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي تَزْوِيجِ قَاصِرٍ وَمُرْضِعٍ بَالِغَةً حَدَّ الشَّهْوَةِ وَطَاقَةِ الْوَطْءِ بِمَهْرٍ كَثِيرٍ، وَلُزُومِ نَفَقَةٍ يُقَرِّرُهَا الْقَاضِي تَسْتَغْرِقُ مَالَهُ إنْ كَانَ، أَوْ يَصِيرُ ذَا دَيْنٍ كَثِيرٍ، وَنَصُّ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا عُرِفَ الْأَبُ بِسُوءِ الِاخْتِيَارِ مَجَانَةً، أَوْ فِسْقًا فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَلِيِّ.
(لِزَوْجَتِهِ) سَوَاءٌ كَانَتْ (مُسْلِمَةً، أَوْ كَافِرَةً كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً تُوطَأُ) أَيْ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُوطَأَ حَتَّى لَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ الْمَانِعُ مِنْ جِهَتِهَا فَلَمْ يُوجَدْ تَسْلِيمُ الْبُضْعِ فَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ فَإِنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ فَلَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ لَا يُطِيقَانِ الْجِمَاعَ لَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّ الْمَنْعَ مَعْنًى جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا فَغَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُجْعَلَ الْمَنْعُ مِنْ قِبَلِهِ كَالْمَعْدُومِ فَالْمَنْعُ مِنْ قِبَلِهَا قَائِمٌ وَمَعَ قِيَامِ الْمَنْعِ مِنْ قِبَلِهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (فَقِيرَةً، أَوْ غَنِيَّةً) فَإِنَّ غِنَاهَا لَا يُبْطِلُ حَقَّهَا فِي النَّفَقَةِ عَلَى زَوْجِهَا (مَوْطُوءَةً، أَوْ لَا) كَمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ وَهِيَ كَبِيرَةٌ (بِقَدْرِ حَالِهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَتَجِبُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخَصَّافِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (فِي الْمُوسِرَيْنِ نَفَقَةُ الْيَسَارِ، وَفِي الْمُعْسِرَيْنِ نَفَقَةُ الْعِسَارِ وَالْمُخْتَلِفِينَ) بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا وَهُوَ يَتَنَاوَلُ صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ تَكُونَ مُعْسِرَةً وَالزَّوْجُ مُوسِرًا، وَالثَّانِيَةُ عَلَى الْعَكْسِ (بَيْنَ الْحَالَيْنِ) أَيْ نَفَقَةٌ دُونَ نَفَقَةِ الْمُوسِرَاتِ وَفَوْقَ نَفَقَةِ الْمُعْسِرَاتِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: يُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ: هُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ: الْمُعْتَبَرُ حَالُهُ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (وَلَوْ) هِيَ (فِي بَيْتِ أَبِيهَا) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ إذَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا إلَى مَنْزِلِهِ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ هَذَا الشَّرْطُ لَيْسَ بِلَازِمٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ: وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ النَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ لَهَا، وَإِنْ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخِي: لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ إذَا لَمْ تُزَفَّ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَالْفَتْوَى عَلَى جَوَابِ الْكِتَابِ وَهُوَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ، وَإِنْ لَمْ تُزَفَّ (أَوْ مَرِضَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ) فَإِنَّ لَهَا النَّفَقَةَ وَالْقِيَاسُ عَدَمُهَا إذَا كَانَ مَرَضًا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ لِفَوَاتِ الِاحْتِبَاسِ لِلِاسْتِمْتَاعِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الِاحْتِبَاسَ قَائِمٌ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِسُ بِهَا وَيَمَسُّهَا وَتَحْفَظُ الْبَيْتَ، وَالْمَانِعُ لِعَارِضٍ فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا إذَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا، ثُمَّ مَرِضَتْ تَجِبُ النَّفَقَةُ لِتَحَقُّقِ التَّسْلِيمِ، وَلَوْ مَرِضَتْ ثُمَّ سَلَّمَتْ لَا تَجِبُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لَا يَصِحُّ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْهِدَايَةِ.
(لَا) أَيْ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ (لِنَاشِزَةٍ) وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرَةً تُوطَأُ) قَالَ فِي التَّبْيِينِ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّهِ فَقِيلَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِالسِّنِّ، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ لِلِاحْتِمَالِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْجِمَاعِ فَإِنَّ السَّمِينَةَ الضَّخْمَةَ تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةَ السِّنِّ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ اخْتَلَفُوا فِيهَا فَقِيلَ أَقَلُّهَا سَبْعُ سِنِينَ وَقَالَ الْعَتَّابِيُّ اخْتَارَ مَشَايِخُنَا تِسْعَ سِنِينَ، وَالْحَقُّ عَدَمُ التَّقْدِيرِ.
(قَوْلُهُ: مَوْطُوءَةً، أَوْ لَا) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا، أَوْ لَا وَلَا يُفَسَّرُ بِمَا ذَكَرَهُ شَرْحًا لِأَنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَبِيرَةً، أَوْ صَغِيرَةً تُوطَأُ.
(قَوْلُهُ: بِقَدْرِ حَالِهِمَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَإِنَّمَا تَجِبُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ بِحَسَبِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَالنَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ الْمَأْكَلُ وَالْمَلْبَسُ وَالْمَسْكَنُ أَمَّا الْمَأْكَلُ فَكَالدَّقِيقِ وَالْمَاءِ وَالْحَطَبِ وَالْمِلْحِ وَالدُّهْنِ وَلَا تُجْبَرُ قَضَاءً عَلَى الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ وَيَأْتِيهَا بِطَعَامٍ مُهَيَّإٍ أَوْ بِمَنْ يَكْفِيهَا الطَّبْخَ وَالْخَبْزَ، وَأَمَّا دِيَانَةً فَيَجِبُ عَلَيْهَا الطَّبْخُ وَالْخَبْزُ وَكَنْسُ الْبَيْتِ وَغَسْلُ الثِّيَابِ كَإِرْضَاعِ وَلَدِهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إذَا امْتَنَعَتْ عَنْ الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ إنَّمَا يَأْتِيهَا بِطَعَامٍ مُهَيَّإٍ إذَا كَانَتْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ لَا تَخْدُمُ بِنَفْسِهَا فِي أَهْلِهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ لَكِنْ بِهَا عِلَّةٌ تَمْنَعُهَا أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامٍ مُهَيَّإٍ وَهَذَا بِخِلَافِ خَادِمَتِهَا إذَا امْتَنَعَتْ عَنْ الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ لَا يَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِ الْمَرْأَةِ لِمُقَابَلَتِهَا بِالْخِدْمَةِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ قَدْرَ الْكِسْوَةِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ: وَأَمَّا الْمَلْبُوسُ فَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ وَقَدْرُ الْكِسْوَةِ بِدِرْعَيْنِ وَخِمَارَيْنِ وَمِلْحَفَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْمِلْحَفَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ الْمِلَاءَةُ تَلْبَسُهَا الْمَرْأَةُ عِنْدَ الْخُرُوجِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ غِطَاءُ اللَّيْلِ يُلْبَسُ فِي النَّهَارِ وَذِكْرُ دِرْعَيْنِ وَخِمَارَيْنِ أَرَادَ بِهِ صَيْفًا وَشِتَاءً رَقِيقًا لِزَمَانِ الْحَرِّ وَثَخِينًا لِدَفْعِ الْبَرْدِ وَلَمْ يَذْكُرْ السَّرَاوِيلَ فِي الصَّيْفِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي الشِّتَاءِ وَهَذَا فِي عُرْفِهِمْ، وَأَمَّا فِي دِيَارِنَا يَجِبُ السَّرَاوِيلُ وَثِيَابٌ أُخْرَى كَالْجُبَّةِ وَالْفُرُشِ الَّذِي تَنَامُ عَلَيْهِ وَاللِّحَافِ وَمَا يُدْفَعُ بِهِ أَذَى الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فِي الشِّتَاءِ دِرْعُ خَزٍّ وَجُبَّةُ قَزٍّ وَخِمَارُ إبْرَيْسَمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْخُفَّ وَالْمُكَعَّبَ فِي النَّفَقَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْخُرُوجِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَهْيِئَةُ أَسْبَابِهِ اهـ.
وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ الْمَسْكَنَ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْكَرْخِيُّ يُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ) قَالَ قَاضِي خَانْ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ يُعْتَبَرُ حَالُهَا.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخِي: لَا تَسْتَحِقُّ. . . إلَخْ) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَاخْتَارَهَا الْقُدُورِيُّ وَلَيْسَ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَقَوْلُ الْأَقْطَعِ الشَّيْخِ أَبِي مَنْصُورٍ فِي شَرْحِهِ " إنَّ تَسْلِيمَهَا نَفْسَهَا شَرْطٌ بِالْإِجْمَاعِ " مَنْظُورٌ فِيهِ، ثُمَّ قَرَّرَهُ عَلَى وَجْهٍ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُلْهَا إلَى بَيْتِهِ وَلَمْ تَمْتَنِعْ هِيَ تَجِبُ النَّفَقَةُ كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَرِضَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا وَمَا بَعْدَهُ وَمَا فَصَّلَهُ قَاضِي خَانْ رَدَّهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِسُ بِهَا. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ، وَإِنْ كَانَ مَرَضًا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِنَوْعِ انْتِفَاعٍ لَا تَسْقُطُ وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْأَوَّلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْهِدَايَةِ) عِبَارَتُهَا قَالُوا: هَذَا حَسَنٌ، وَفِي لَفْظِ الْكِتَابِ