الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَهْرِ) الْمُؤَجَّلِ (لَوْ كَانَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْ الْمُؤَجَّلِ شَيْءٌ (رَدَّتْ) عَلَى الزَّوْجِ (مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ) الْمُعَجَّلِ فَإِنَّهَا إذَا قَبِلَتْ الْخُلْعَ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فِي حَقِّهَا فَقَدْ الْتَزَمَتْ الْعِوَضَ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.
(خُلْعُ الْمَرِيضَةِ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ) لِكَوْنِهِ تَبَرُّعًا؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ حَالَ الْخُرُوجِ.
(بَابُ الظِّهَارِ)
(هُوَ) لُغَةً مُقَابَلَةُ الظَّهْرِ بِالظَّهْرِ فَإِنَّ الشَّخْصَيْنِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ يَجْعَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا ظَهْرَهُ إلَى ظَهْرِ الْآخَرِ وَشَرْعًا (تَشْبِيهُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ الطَّلَاقُ) وَهُوَ كُلُّهَا، أَوْ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ، أَوْ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْهَا (مِنْ الْمَنْكُوحَةِ) فَلَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْ أَمَتِهِ وَلَا مِمَّنْ نَكَحَهَا بِلَا أَمْرِهَا، ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْهَا، ثُمَّ أَجَازَتْ (بِمَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّشْبِيهِ (مِنْ عُضْوِ مَحْرَمِهِ) بَيَانٌ لِمَا (نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا) تَمْيِيزٌ مِنْ " مَحْرَمِهِ " (وَحُكْمُهُ حُرْمَةُ وَطْئِهَا وَدَوَاعِيهِ) كَالْمَسِّ وَالْقُبْلَةِ (حَتَّى يُكَفِّرَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] الْآيَةَ (لِلظِّهَارِ وَالْعَوْدِ) الْمُفَسَّرِ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ فَإِنَّ سَبَبَ وُجُوبِ التَّكْفِيرِ هُوَ الظِّهَارُ وَالْعَوْدُ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الْعُقُوبَةِ وَالْعِبَادَةِ وَسَبَبُهَا أَيْضًا دَائِرٌ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ حَتَّى تَتَعَلَّقَ الْعُقُوبَةُ بِالْمَحْظُورِ وَالْعِبَادَةُ بِالْمُبَاحِ، وَإِنَّمَا جَازَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْعَوْدِ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِرَفْعِ الْحُرْمَةِ الثَّابِتَةِ فِي الذَّاتِ فَيَجُوزُ بَعْدَ ثُبُوتِ تِلْكَ الْحُرْمَةِ لِتُرْفَعَ بِهَا كَمَا قُلْنَا فِي الطَّهَارَةِ إنَّهَا تَجُوزُ قَبْلَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهَا سَبَبُهَا لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِرَفْعِ الْحَدَثِ فَتَجُوزُ بَعْدَ وُجُودِهِ وَلِهَذَا جَازَتْ الْكَفَّارَةُ بَعْدَمَا أَبَانَهَا، أَوْ بَعْدَمَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِالِارْتِدَادِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْحُرْمَةَ لَا تَزُولُ بِغَيْرِ التَّكْفِيرِ مِنْ أَسْبَابِ الْحِلِّ كَمِلْكِ الْيَمِينِ، وَإِصَابَةِ الزَّوْجِ الثَّانِي وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْوَطْءِ وَعَلَيْهَا أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى التَّكْفِيرِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَلَوْ وَطِئَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّكْفِيرِ (اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَكَفَّرَ لِلظِّهَارِ فَقَطْ) أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ
(وَذَا) أَيْ الظِّهَارُ (كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ رَأْسُكِ وَنَحْوُهُ) يَعْنِي: رَقَبَتُكِ وَعُنُقُكِ مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ (أَوْ نِصْفُكِ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَحْوِهِ) مِنْ الْجُزْءِ الشَّائِعِ (أَوْ كَبَطْنِهَا أَوْ كَفَخِذِهَا، أَوْ كَظَهْرِ أُخْتِي، أَوْ عَمَّتِي وَهِيَ) أَيْ الصُّوَرُ الْمَذْكُورَةُ وَنَظَائِرُهَا (ظِهَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ فِيهَا إمَّا كُلُّهَا، أَوْ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْهُ، أَوْ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْهَا وَهُوَ الشَّرْطُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ) وَالشَّرْطُ فِي جَانِبِ الْمَحْرَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُشَبَّهُ بِهِ عُضْوًا لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ كَمَا ذُكِرَ، وَقَدْ وُجِدَا (لَا طَلَاقٌ، وَإِنْ نَوَاهُ وَلَا إيلَاءٌ) لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِلُهُمَا (وَفِي) قَوْلِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي، أَوْ مِثْلُ أُمِّي مَا نَوَاهُ مِنْ الْكَرَامَةِ، أَوْ الظِّهَارِ، أَوْ الطَّلَاقِ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْهَا فَمَا تَرَجَّحَ بِالنِّيَّةِ تَعَيَّنَ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَغَا) لِتَعَارُضِ الْمَعَانِي وَعَدَمِ الْمُرَجِّحِ.
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
رِوَايَتَانِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْمَهْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْفُصُولِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ عِنْدَهُمَا كَالْخُلْعِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ كَقَوْلِهَا كَذَا فِي النَّهْرِ وَسَنَذْكُرُهُ فِي النَّفَقَةِ أَيْضًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[بَابُ الظِّهَارِ]
(بَابُ الظِّهَارِ)(قَوْلُهُ: مِنْ عُضْوِ مَحْرَمِهِ نَسَبًا، أَوْ رَضَاعًا) يُرِيدُ بِهِ الْمُجْمَعَ عَلَى تَحْرِيمِهَا مُؤَبَّدًا لِيَخْرُجَ أُمُّ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَبِنْتُهَا فَإِنَّهُ لَوْ شَبَّهَهَا بِهَا لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ كَمَا فِي النِّهَايَةِ لَكِنَّ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَرَجَّحَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَكُونُ مُظَاهِرًا قِيلَ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ كَذَا فِي النَّهْرِ وَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا فِي تَشْبِيهِهَا بِأُمِّ، أَوْ بِنْتِ مَنْ مَسَّهَا، أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله قَالَ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْوَطْءَ.
(قَوْلُهُ: وَدَوَاعِيهِ كَاللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ) يُرِيدُ بِهِ النَّظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِخِلَافِ النَّظَرِ إلَى شَعْرِهَا وَظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا حَيْثُ يَجُوزُ كَمَا فِي الْجَارِيَةِ قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا كَمَا فِي السِّرَاجِ مِنْ الْحَظْرِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ سَبَبَ وُجُوبِ التَّكْفِيرِ هُوَ الظِّهَارُ وَالْعَوْدُ) عَلَيْهِ الْعَامَّةُ وَقِيلَ الظِّهَارُ هُوَ السَّبَبُ وَالْعَوْدُ شَرْطٌ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ الْحُرْمَةَ لَا تَزُولُ بِغَيْرِ التَّكْفِيرِ) يَعْنِي إذَا كَانَ الظِّهَارُ غَيْرَ مُؤَقَّتٍ أَمَّا إذَا قَيَّدَهُ بِوَقْتٍ كَشَهْرٍ، أَوْ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الظِّهَارُ بِمُضِيِّ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَذَا فِي النَّهْرِ عَنْ النِّهَايَةِ.
(تَنْبِيهٌ) : لَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى بَطَلَ وَلَوْ بِمَشِيئَةِ فُلَانٍ، أَوْ بِمَشِيئَتِهَا كَانَ عَلَى الْمَشِيئَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. . . إلَخْ) هَذَا وَقَالَ النَّخَعِيُّ: ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَذَا أَيْ الظِّهَارُ. . . إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لَهُ أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ أَنَا عَلَيْكَ كَظَهْرِ أُمِّكَ لَا يَكُونُ ظِهَارًا قَالُوا: وَلَا يَمِينًا أَيْضًا وَهُوَ الصَّحِيحُ،.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي، أَوْ مِثْلُ أُمِّي مَا نَوَاهُ مِنْ الْكَرَامَةِ، أَوْ الظِّهَارِ، أَوْ الطَّلَاقِ) قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ وَالْخَانِيَّةِ: وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمًا كَانَ ظِهَارًا فِي الصَّحِيحِ اهـ. وَلَا بُدَّ مِنْ أَدَاةِ التَّشْبِيهِ، إذْ لَوْ تَجَرَّدَ الْكَلَامُ عَنْهَا فَقَالَ: أَنْتِ أُمِّي لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا وَيُكْرَهُ لِقُرْبِهِ مِنْ التَّشْبِيهِ
(وَفِي) قَوْلِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي مَا نَوَاهُ مِنْ الظِّهَارِ أَوْ الطَّلَاقِ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُمَا وَمَا تَرَجَّحَ بِالنِّيَّةِ تَعَيَّنَ (وَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي ظِهَارٌ، وَإِنْ نَوَى طَلَاقًا، أَوْ إيلَاءً) لِأَنَّ ذِكْرَ الظَّهْرِ رَجَّحَ جَانِبَ الظِّهَارِ (وَبِأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لِنِسَائِهِ يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْهُنَّ جَمِيعًا) لِأَنَّهُ أَضَافَ الظِّهَارَ إلَيْهِنَّ فَصَارَ كَمَا إذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ (فَحِينَئِذٍ يَجِبُ لِكُلٍّ) مِنْهُنَّ عَلَيْهِ (كَفَّارَةٌ) وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا لِلنَّصِّ الْوَارِدِ فِيهِ وَفَصَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَهِيَ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) مُؤْمِنَةً كَانَتْ، أَوْ كَافِرَةً ذَكَرًا كَانَتْ أَوْ أُنْثَى صَغِيرَةً كَانَتْ، أَوْ كَبِيرَةً (لَمْ تَكُنْ فَائِتَةَ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ) وَهُوَ الْمَانِعُ أَمَّا إذَا اخْتَلَّتْ الْمَنْفَعَةُ فَلَا يَمْنَعُ حَتَّى جَازَ الْعَوْرَاءُ وَنَحْوُهَا وَجَازَ الْأَصَمُّ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّ الْفَائِتَ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ لَكِنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا الْجَوَازَ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَنْفَعَةِ بَاقٍ فَإِنَّهُ إذَا صِيحَ عَلَيْهِ يَسْمَعُ، حَتَّى لَوْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَسْمَعُ بِأَنْ وُلِدَ أَصَمَّ مَثَلًا وَهُوَ الْأَخْرَسُ لَا يَجُوزُ (وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ التَّحْرِيرُ (بِشِرَاءِ قَرِيبِهِ بِنِيَّتِهَا) أَيْ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ وَبَيَّنَ فَوْتَ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ بِقَوْلِهِ (كَالْأَعْمَى) بِخِلَافِ الْأَعْوَرِ (وَمَجْنُونٍ لَا يَعْقِلُ) ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْجَوَارِحِ لَيْسَ إلَّا بِالْعَقْلِ فَكَانَ فَائِتَ الْمَنْفَعَةِ وَاَلَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الِاخْتِلَالَ غَيْرُ مَانِعٍ (وَالْمَقْطُوعِ يَدَاهُ) فَإِنَّهُ فَائِتُ مَنْفَعَةِ الْبَطْشِ (أَوْ إبْهَامَاهُ) لِأَنَّ قُوَّةَ الْبَطْشِ بِهِمَا فَبِفَوَاتِهِمَا يَفُوتُ مَنْفَعَةُ الْبَطْشِ (أَوْ رِجْلَاهُ) فَإِنَّهُ فَائِتُ مَنْفَعَةِ الْمَشْيِ (أَوْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ جَانِبٍ) فَإِنَّهُ أَيْضًا فَائِتُ مَنْفَعَةِ الْمَشْيِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَذَّرٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قُطِعَتَا مِنْ خِلَافٍ؛ إذْ لَمْ يَفُتْ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ (وَلَا مُدَبَّرًا) عَطْفٌ عَلَى لَمْ تَكُنْ فَائِتَةَ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ (أَوْ أُمَّ وَلَدٍ) لِاسْتِحْقَاقِهَا الْحُرِّيَّةَ بِجِهَةٍ فَكَانَ الرِّقُّ فِيهِمَا نَاقِصًا (أَوْ مُكَاتَبًا أَدَّى بَعْضَ بَدَلِهِ) لِأَنَّهُ تَحْرِيرٌ بِعِوَضٍ وَبِهِ لَا تَتَأَدَّى الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ خَالِصَةً لِلَّهِ، وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ لَمْ يَكُنْ خَالِصًا لِأَنَّهُ يَكُونُ تِجَارَةً فَإِنْ أَعْتَقَ مُكَاتَبًا لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا جَازَ (أَوْ عَبْدًا مُشْتَرَكًا أَعْتَقَ) الْمُكَفِّرُ عَنْ ظِهَارِهِ (نِصْفَهُ) وَهُوَ مُوسِرٌ (ثُمَّ) أَعْتَقَ عَنْهُ (بَاقِيَهُ بَعْدَ ضَمَانِهِ) لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَالنُّقْصَانُ تَمَكَّنَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لِتَعَذُّرِ اسْتِدَامَةِ الرِّقِّ فِيهِ وَهَذَا النُّقْصَانُ حَصَلَ فِي مِلْكِ شَرِيكِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِالضَّمَانِ نَاقِصًا فَلَا يُجْزِيهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ (أَوْ عَبْدًا أَعْتَقَ نِصْفَهُ عَنْ تَكْفِيرِهِ، ثُمَّ بَاقِيَهُ بَعْدَ وَطْءِ مَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا) لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يَتَجَرَّأُ عِنْدَهُ وَالْمَأْمُورُ بِهِ الْعِتْقُ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَمْ يُوجَدْ لِأَنَّ النِّصْفَ وَقَعَ بَعْدَهُ (وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْعِتْقِ صَامَ شَهْرَيْنِ وِلَاءً لَيْسَ فِيهِمَا رَمَضَانُ وَلَا الْأَيَّامُ الْمَنْهِيَّةُ) الْوِلَاءُ التَّتَابُعُ وَهُوَ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ لَا يَقَعُ عَنْ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ بِهِ وَالصَّوْمُ فِي الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَيَكُونُ نَاقِصًا فَلَا يَتَأَدَّى بِهِ الْوَاجِبُ الْكَامِلُ (وَإِنْ أَفْطَرَ) الْمُظَاهِرُ (يَوْمًا وَلَوْ بِعُذْرٍ) كَالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ (أَوْ وَطِئَهَا) أَيْ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا (فِي الشَّهْرَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَفْطَرَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (لَيْلًا عَمْدًا، أَوْ يَوْمًا سَهْوًا اسْتَأْنَفَهُ) أَيْ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
وَمِثْلُهُ يَا بِنْتِي وَيَا أُخْتِي وَنَحْوِهِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ.
(قَوْلُهُ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي مَا نَوَاهُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ ظِهَارٌ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إيلَاءٌ اهـ.
وَكَوْنُهُ ظِهَارًا رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ رحمه الله وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْهُ أَنَّهُ إيلَاءٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ، أَوْ الدَّمِ، أَوْ الْخِنْزِيرِ. رِوَايَاتٌ أَصَحُّهَا أَنَّهُ إيلَاءٌ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَطَلَاقٌ إنْ نَوَاهُ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَإِنْ نَوَى ظِهَارًا لَا يَكُونُ ظِهَارًا اهـ.
(قَوْلُهُ: يَجِبُ لِكُلٍّ كَفَّارَةٌ) كَذَا لَوْ ظَاهَرَ مِرَارًا وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ مِنْ امْرَأَةٍ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْمَوَاهِبِ وَلَوْ أَرَادَ التَّكْرَارَ صُدِّقَ فِي الْقَضَاءِ، إذَا قَالَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ لَا مَجَالِسَ كَمَا فِي السِّرَاجِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِشِرَاءِ قَرِيبِهِ بِنِيَّتِهَا) لَوْ قَالَ بِتَمَلُّكِ قَرِيبِهِ بِنِيَّتِهَا لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْوَصِيَّةَ، وَفِي قَوْلِنَا بِتَمَلُّكِ إشَارَةٌ إلَى إخْرَاجِ الْإِرْثِ كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَعْوَرِ) تَقَدَّمَ قَرِيبًا شَرْحًا كَمَا هُنَا. (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ يُجْزِيهِ) يَعْنِي إذَا أَعْتَقَهُ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْخُلَاصَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَقْطُوعِ يَدَاهُ) كَذَا قَطْعُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مِنْ كُلِّ يَدٍ غَيْرِ الْإِبْهَامَيْنِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إبْهَامَاهُ) يَعْنِي إبْهَامَيْ الْيَدَيْنِ فَلَوْ قَالَ أَوْ إبْهَامَاهُمَا لَكَانَ أَوْلَى لِيُخْرِجَ إبْهَامَيْ الرِّجْلَيْنِ إذْ لَا يُمْنَعُ قَطْعُهُمَا كَمَا فِي السِّرَاجِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُكَاتَبًا أَدَّى بَعْضَ بَدَلِهِ) هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ مُطْلَقًا يَجُوزُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْعِتْقِ) عَجْزُهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ثَمَنِهَا وَقْتَ الْأَدَاءِ وَلَوْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهَا لَزِمَهُ الْعِتْقُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ فِي الْخِزَانَةِ: بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ وَعَلَى هَذَا فَمَا فِي السِّرَاجِ لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ لِلْخِدْمَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ زَمِنًا اهـ يَعْنِي الْعَبْدَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إلَى الْمَوْلَى لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ، كَذَا فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: لَيْلًا عَمْدًا، أَوْ يَوْمًا سَهْوًا) الْعَمْدُ لَيْسَ بِقَيْدٍ مُخْرِجٍ لِلسَّهْوِ بَلْ هُمَا سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَالتُّحْفَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْعَمْدِ اتِّفَاقِيٌّ، أَوْ خَطَأٌ فَاجْتَنِبْهُ. اهـ. .
وَالسَّهْوُ يَوْمًا مُفِيدٌ بِالْأَوْلَوِيَّةِ الِاسْتِئْنَافَ بِالْعَمْدِ فِيهِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ وَطْئَهَا مُطْلَقًا عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا يُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ، وَوَطْءَ غَيْرِهَا لَا يُوجِبُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُفَرِّطًا. (قَوْلُهُ: أَوْ يَوْمًا) لَمْ يَقُلْ نَهَارًا لِيَدْخُلَ
الصَّوْمَ أَمَّا فِي الْإِفْطَارِ فَلِانْقِطَاعِ التَّتَابُعِ بِالْفِطْرِ وَهُوَ عُذْرٌ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِدُ شَهْرَيْنِ لَا عُذْرَ فِيهِمَا، وَأَمَّا فِي الْوَطْءِ فَلِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَبْلَ التَّمَاسِّ وَمِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهِمَا قَبْلَهُ إخْلَاؤُهُمَا عَنْهُ أَمَّا لَوْ وَطِئَ غَيْرَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا نَاسِيًا فَلَا يَضُرُّهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (لَا الْإِطْعَامُ إنْ وَطِئَ فِي خِلَالِهِ) أَيْ إنْ وَطِئَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا فِي خِلَالِ الْإِطْعَامِ لَمْ يَسْتَأْنِفْ لِأَنَّ النَّصَّ فِي الْإِطْعَامِ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِمَا قَبْلَ التَّمَاسِّ وَهُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْإِعْتَاقِ وَالصِّيَامِ.
(وَلَوْ قَدَرَ) الْمُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ (عَلَى الْإِعْتَاقِ فِي آخِرِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ) أَيْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي (لَزِمَهُ) أَيْ الْإِعْتَاقُ وَلَمْ يَصِحَّ تَكْفِيرُهُ بِالصَّوْمِ وَكَانَ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُتِمَّ صَوْمَ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ، وَإِنْ أَفْطَرَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَإِنْ عَجَزَ) أَيْ الْمُكَفِّرُ (عَنْهُ) أَيْ الْإِعْتَاقِ (أَطْعَمَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الظِّهَارِ (هُوَ) أَيْ الْمُظَاهِرُ (أَوْ نَائِبُهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) يَعْنِي أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ عَنْ ظِهَارِهِ فَفَعَلَ أَجْزَأَهُ.
اعْلَمْ أَنَّ مَا شُرِعَ بِلَفْظِ الْإِطْعَامِ، أَوْ الطَّعَامِ يَجُوزُ فِيهِ التَّمْلِيكُ وَالْإِبَاحَةُ وَمَا شُرِعَ بِلَفْظِ الْإِيتَاءِ وَالْآرَاءِ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّمْلِيكُ فَذَكَرَ صُورَةَ التَّمْلِيكِ بِقَوْلِهِ أَطْعَمَ عَنْهُ هُوَ، أَوْ نَائِبُهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا (كُلًّا قَدْرَ الْفِطْرَةِ، أَوْ قِيمَتَهُ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْقِيمَةِ (مِنْ غَيْرِ الْمَنْصُوصَةِ) الْأَشْيَاءُ الْمَنْصُوصَةُ كَالْبُرِّ وَدَقِيقِهِ وَسَوِيقِهِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِهَا كَالْأَرُزِّ وَالْعَدَسِ وَالذُّرَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ رُبُعَ صَاعٍ مِنْ التَّمْرِ إذَا سَاوَى نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ، أَوْ صَاعَ شَعِيرٍ قِيمَةً لَمْ يُجْزِ دَفْعُهُ بِخِلَافِ الْأَرُزِّ مَثَلًا فَإِنَّ رُبُعَ صَاعٍ مِنْهُ إذَا سَاوَى نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ، أَوْ صَاعَ شَعِيرٍ قِيمَةً جَازَ دَفْعُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ مُقَرَّرٍ فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْمَنْصُوصَ لَا يَنُوبُ أَخَاهُ (أَوْ) أَطْعَمَ (وَاحِدًا شَهْرَيْنِ) أَيْ أَعْطَى الطَّعَامَ كُلَّهُ مِسْكِينًا وَاحِدًا سِتِّينَ يَوْمًا جَازَ عِنْدَنَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ خَلَّةِ الْمِسْكِينِ وَرَدُّ جَوْعَتِهِ، وَذَا يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الْأَيَّامِ فَكَانَ هُوَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي كَمِسْكِينٍ آخَرَ لِتَجَدُّدِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ (لَا فِي يَوْمٍ قَدْرَ الشَّهْرَيْنِ إلَّا عَنْ يَوْمِهِ) سَوَاءٌ كَانَ بِدَفْعَةٍ، أَوْ دَفَعَاتٍ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَسْتَوْفِي فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ طَعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَلَمْ يُوجَدْ الْعَدَدُ الْمَفْرُوضُ حَقِيقَةً وَحُكْمًا لِعَدَمِ تَجَدُّدِ الْحَاجَةِ وَذَكَرَ صُورَةَ الْإِبَاحَةِ بِقَوْلِهِ (وَإِذَا أَشْبَعَهُمْ) أَيْ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَإِنْ قَلَّ مَا أَكَلُوا (بِالْغَدَاءِ) وَهُوَ الطَّعَامُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ (وَالْعَشَاءِ) وَهُوَ الطَّعَامُ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ (أَوْ غَدَاءَيْنِ) أَيْ أَشْبَعَهُمْ بِطَعَامٍ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ مَرَّتَيْنِ (أَوْ عَشَاءَيْنِ) أَيْ أَشْبَعَهُمْ بِطَعَامٍ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ عَشَاءٍ وَسَحُورٍ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: طَعَامُ الْإِبَاحَةِ أَكْلَتَانِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ وَالْغَدَاءَانِ يُجْزِئُهُ وَالْعَشَاءَانِ كَذَلِكَ وَالْعَشَاءُ وَالسَّحُورُ كَذَلِكَ، وَأَوْفَقُهَا وَأَعْدَلُهَا الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الشِّبَعُ لَا الْمِقْدَارُ وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّمْلِيكِ الْمِقْدَارُ لَا الشِّبَعُ وَالسَّحُورُ قَدْ يَصْلُحُ لِلِاسْتِيفَاءِ فَأُقِيمَ مَقَامَ الْغَدَاءِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْأَكْلَتَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4] وَالْوَاجِبُ فِيهِ الْوَسَطُ وَهُوَ أَكْلَتَانِ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ فِي الْعَادَةِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، وَالْأَقَلَّ مَرَّةٌ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (بِخُبْزِ بُرٍّ فَقَطْ، أَوْ خُبْزِ شَعِيرٍ بِالْإِدَامِ) فَإِنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ حَاجَتَهُ إلَّا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ فِي النَّهْرِ كَأَنَّهُ عَنَى الْعُرْفِيَّ، وَإِلَّا فَالشَّرْعِيُّ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدَرَ الْمُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ عَلَى الْإِعْتَاقِ. . . إلَخْ) كَذَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ فِي آخِرِ الْإِطْعَامِ لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَانْقَلَبَ الْإِطْعَامُ نَفْلًا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَفِّرُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْإِعْتَاقِ أَطْعَمَ) الصَّوَابُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَنْهُ إنَّمَا هُوَ لِلصِّيَامِ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ الْإِطْعَامُ إلَّا بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ الصِّيَامِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ الصِّيَامُ إلَّا بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْإِعْتَاقِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُقَالَ: وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ أَيْ عَنْ الصِّيَامِ أَطْعَمَ. . . إلَخْ.
(قَوْلُهُ: سِتِّينَ مِسْكِينًا) لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمْ جَائِعًا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا بَلْ مُرَاهِقًا فَالشَّبْعَانُ وَغَيْرُ الْمُرَاهِقِ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ اهـ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ فَطِيمًا لَمْ يُجْزِهِ اهـ.
وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ إفَادَةِ مَا يُخَالِفُ الْبَدَائِعَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُرَاهِقًا اهـ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْمِسْكِينِ لِمُطَابَقَةِ لَفْظِ النَّصِّ وَإِلَّا فَالْفَقِيرُ مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ. . . إلَخْ) قَيَّدَ بِالْأَمْرِ، إذْ بِغَيْرِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَبِالْإِطْعَامِ، لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالْعِتْقِ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ يُجْزِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِلثَّانِي وَلَوْ بِجُعْلٍ سَمَّاهُ جَازَ اتِّفَاقًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الرُّجُوعِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ إلَّا إنْ قَالَ لَهُ الْآمِرُ: عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ، وَإِنْ سَكَتَ لَمْ يَرْجِعْ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ خِلَافًا لِلثَّانِي وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ فِي الدَّيْنِ يَرْجِعُ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ كَذَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْمُحِيطِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَسْتَوْفِي فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ طَعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا) هَذَا بِخِلَافِ الْكِسْوَةِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْطَى فَقِيرًا عَشَرَةَ أَيَّامٍ كُلَّ يَوْمٍ ثَوْبًا جَازَ وَلَا يُشْتَرَطُ مُضِيُّ زَمَانٍ تَتَجَدَّدُ فِيهِ الْحَاجَةُ إلَى الْكِسْوَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا أَشْبَعَهُمْ بِالْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ. . . إلَخْ) يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّحَادُ الْفُقَرَاءِ فِيهِمَا، إذْ لَوْ غَدَّى سِتِّينَ وَعَشَّى سِتِّينَ آخَرِينَ لَمْ يُجْزِ إلَّا أَنْ يُعِيدَ عَلَى أَحَدِ السِّتِّينَ غَدَاءً، أَوْ عَشَاءً كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُمْ فِي الْغَدَاءَيْنِ أَوْ الْعَشَاءَيْنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: وَأَرْفَقُهُمَا وَأَعْدَلُهُمَا الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ) أَيْ إذَا كَانَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. (وَأَقُولُ) كَذَلِكَ الْعَشَاءُ وَالسَّحُورُ فِي