الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ بِسَيْرِهَا.
وَفِي الْقُنْيَةِ إذَا سَيَّرَهَا رَاكِبُهَا لَا يُجْزِئُهُ الْفَرْضُ وَلَا التَّطَوُّعُ (وَهُوَ) أَيْ الْعُذْرُ (أَنْ يَخَافَ فِي النُّزُولِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ دَابَّتِهِ مِنْ سَبُعٍ أَوْ لِصٍّ أَوْ كَانَ فِي طِينٍ لَا يَجِدُ مَكَانًا جَافًّا أَوْ) كَانَ (عَاجِزًا) لِكِبَرِ سِنِّهِ أَوْ ضَعْفِ مِزَاجِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (أَوْ دَابَّتُهُ جَمُوحٌ لَوْ نَزَلَ لَا يَرْكَبُ بِغَيْرِ مُعِينٍ) ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (أَوْ) كَانَ (فِي الْبَادِيَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْقَافِلَةُ تَسِيرُ) فَإِنَّهُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَثِيَابِهِ لَوْ نَزَلَ، كَذَا فِي الْكَافِي (وَيَنْزِلُ لِلْوِتْرِ) وَعِنْدَهُمَا لَا كَالسُّنَنِ.
(بَابُ الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ)
الْأَصْلُ فِيهَا مَا رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه إلَى الْحَبَشَةِ أَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي السَّفِينَةِ قَائِمًا إلَّا أَنْ يَخَافَ الْغَرَقَ» وَعَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ قَالَ سَأَلْت أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا فَقَالَ إنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَصَلِّ قَاعِدًا، وَإِنْ كَانَتْ رَاسِيَةً فَصَلِّ قَائِمًا (يَتَوَجَّهُ الْمُصَلِّي فِيهَا الْقِبْلَةَ) بِأَنْ يَدُورَ إلَيْهَا (كَيْفَمَا دَارَتْ) السَّفِينَةُ (عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَفِي الصَّلَاةِ) ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْبَالُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ إذْ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْبَالُ إلَى الْقِبْلَةِ مَعَ سَيْرِ الدَّابَّةِ (الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ) فِي السَّفِينَةِ (وَ) الْقَادِرُ عَلَى (الْخُرُوجِ) عَنْهَا (صَلَّى قَاعِدًا فِيهَا) لَفٌّ وَنَشْرٌ أَيْ الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ فِيهَا صَلَّى قَاعِدًا وَالْقَادِرُ عَلَى الْخُرُوجِ عَنْهَا صَلَّى فِيهَا (جَازَتْ) تِلْكَ الصَّلَاةُ يَعْنِي أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَلْزَمُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْعَجْزُ وَاسْوِدَادُ الْعَيْنِ وَالْغَالِبُ كَالْكَائِنِ لَكِنَّهُ تَرَكَ الْأَفْضَلَ (وَالْأَفْضَلُ الْقِيَامُ) فِي الْأَوَّلِ (وَالْخُرُوجُ) فِي الثَّانِي (لَا تَجُوزُ) الصَّلَاةُ (قَاعِدًا فِي الْمَرْبُوطَةِ فِي الشَّطِّ) بِالْإِجْمَاعِ (إلَّا أَنْ يَدُورَ رَأْسُهُ) فَحِينَئِذٍ تَجُوزُ.
(لَا يَقْتَدِي أَهْلُ سَفِينَةٍ بِإِمَامٍ فِي) سَفِينَةٍ (أُخْرَى) لِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ (إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَا) فَحِينَئِذٍ تَجُوزُ لِاتِّحَادِ الْمَكَانِ حُكْمًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا عَلَى الدَّابَّتَيْنِ (الْمُقْتَدِي عَلَى الشَّطِّ وَالْإِمَامُ فِيهَا) أَيْ فِي السَّفِينَةِ (أَوْ بِالْعَكْسِ لَوْ) كَانَ (بَيْنَهُمَا مَانِعٌ مِنْ الِاقْتِدَاءِ) كَالطَّرِيقِ أَوْ طَائِفَةٍ مِنْ النَّهْرِ (لَمْ يَجُزْ) الِاقْتِدَاءُ (وَإِلَّا جَازَ) .
(بَابُ الْمُسَافِرِ)
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
(قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا كَالسُّنَنِ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَنْزِلُ لِسُنَّةِ الْفَجْرِ.
[بَابُ الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ]
(قَوْلُهُ الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ. . . إلَخْ) أَيْ حَالَ جَرَيَانِهَا.
(قَوْلُهُ جَازَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَقَالَا لَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا قَاعِدًا إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْعُذْرُ كَدَوَرَانِ الرَّأْسِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْخُرُوجِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.
(قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ الْقِيَامُ فِي الْأَوَّلِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي صَلَاتِهِ قَاعِدًا عِنْدَ الْإِمَامِ.
وَقَالَ الْكَمَالُ فَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ أَجْزَأَهُ، وَقَدْ أَسَاءَ.
(قَوْلُهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ قَاعِدًا فِي الْمَرْبُوطَةِ بِالشَّطِّ بِالْإِجْمَاعِ) أَقُولُ حِكَايَةُ الْإِجْمَاعِ فِي الْمَرْبُوطَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي الْمَرْبُوطَةِ قَائِمًا مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَالِاخْتِيَارِ.
وَفِي الْإِيضَاحِ فَإِنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً فِي الشَّطِّ وَهِيَ عَلَى قَرَارِ الْأَرْضِ فَصَلَّى قَائِمًا جَازَ؛ لِأَنَّهَا إنْ اسْتَقَرَّتْ عَلَى الْأَرْضِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَتْ مَرْبُوطَةً وَيُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَسْتَقِرَّ فَهِيَ كَالدَّابَّةِ اهـ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَقَرَّتْ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ كَالسَّرِيرِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. اهـ. وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ اهـ.
وَتَقْيِيدُهُ بِالْمَرْبُوطِ بِالشَّطِّ احْتِرَازًا عَنْ الْمَرْبُوطَةِ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ، وَالْأَصَحُّ إنْ كَانَ الرِّيحُ يُحَرِّكُهَا شَدِيدًا فَهِيَ كَالسَّائِرَةِ وَإِلَّا فَكَالْوَاقِفَةِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَدُورَ رَأْسُهُ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ) أَقُولُ وَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ وَأَرَادَ بِالصَّلَاةِ قَاعِدًا كَوْنَهَا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجُوزُ بِالْإِيمَاءِ فِيهَا اتِّفَاقًا فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْمُحِيطِ.
[إقتداء أَهْل سَفِينَة بِإِمَامِ فِي سَفِينَة أُخْرَى]
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الدَّابَّتَيْنِ) أَقُولُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله اُسْتُحْسِنَ أَنَّهُ يَجُوزُ اقْتِدَاؤُهُمْ إذَا كَانَتْ دَوَابُّهُمْ بِالْقُرْبِ مِنْ دَابَّةِ الْإِمَامِ عَلَى وَجْهٍ لَا تَكُونُ الْفُرْجَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ إلَّا بِقَدْرِ الصَّفِّ بِالْقِيَاسِ عَلَى صَلَاةِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ.
(قَوْلُهُ كَالطَّرِيقِ أَوْ طَائِفَةٍ مِنْ النَّهْرِ) أَطْلَقَ فِي الطَّائِفَةِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَقَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ بِمِقْدَارِ نَهْرٍ عَظِيمٍ قُلْت وَالْمُرَادُ بِالْعَظِيمِ مَا يَجْرِي فِيهِ الزَّوْرَقُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِمَامَةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ بِمَنِّهِ.
[بَاب صَلَاة الْمُسَافِرِ]
(بَابُ الْمُسَافِرِ)
أَيْ بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَأَصْلُ الْمُفَاعَلَةِ أَنْ تَكُونَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُنَا مِنْ وَاحِدٍ أَوْ نَقُولُ الْمُسَافَرَةُ مِنْ السَّفَرِ وَهُوَ الْكَشْفُ، وَقَدْ حَصَلَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يَنْكَشِفُ لِلطَّرِيقِ وَالطَّرِيقُ تَنْكَشِفُ لَهُ اهـ.
كَذَا فِي شَرْحِ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيِّ لِنَظْمِ الْكَنْزِ. وَأَمَّا الْإِضَافَةُ فِيهِ فَهِيَ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى شَرْطِهِ أَوْ الْفِعْلِ إلَى فَاعِلِهِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالسَّفَرُ فِي اللُّغَةِ قَطْعُ الْمَسَافَةِ وَهُنَا قَطْعٌ خَاصٌّ
(هُوَ مَنْ جَاوَزَ بُيُوتَ مُقَامِهِ) أَيْ مَوْضِعَ إقَامَتِهِ أَعَمُّ مِنْ الْبَلَدِ وَالْقَرْيَةِ فَإِنَّ الْخَارِجَ مِنْ قَرْيَتِهِ لِلسَّفَرِ مُسَافِرٌ أَيْضًا فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِمْ بُيُوتُ بَلَدِهِ جَمْعُ الْبُيُوتِ إذْ لَوْ بَقِيَ أَمَامَهُ بَيْتٌ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا (قَاصِدًا قَطْعَ مَسَافَةٍ) فَمَنْ جَاوَزَ وَلَمْ يَقْصِدْ أَوْ قَصَدَ وَلَمْ يُجَاوِزْ لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا (تُقْطَعُ) أَيْ مِنْ شَأْنِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ أَنْ تُقْطَعَ (بِسَيْرٍ وَسَطٍ) اُعْتُبِرَ فِي الْوَسَطِ لِلْبَرِّ سَيْرُ الْإِبِلِ وَالرَّاجِلِ وَلِلْبَحْرِ اعْتِدَالُ الرِّيحِ وَلِلْجَبَلِ مَا يَلِيقُ بِهِ (فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَعَ الِاسْتِرَاحَاتِ) مَعْنَى قَوْلِ عُلَمَائِنَا أَدْنَى مُدَّةِ السَّفَرِ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا السَّيْرُ الَّذِي يَكُونُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا مَعَ الِاسْتِرَاحَاتِ الَّتِي تَكُونُ فِي خِلَالِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَمْشِيَ دَائِمًا بَلْ يَمْشِي فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَيَسْتَرِيحُ فِي بَعْضِهَا وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلِكَوْنِ اللَّيَالِي مِنْ أَوْقَاتِ الِاسْتِرَاحَةِ تُرِكَتْ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ وَذُكِرَتْ فِي بَعْضِهَا (وَيُرَخَّصُ لَهُ) أَيْ لِلْمُسَافِرِ (وَلَوْ) كَانَ (عَاصِيًا فِيهِ) أَيْ فِي سَفَرِهِ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَسَفَرِ الْمَرْأَةِ لِلْحَجِّ بِلَا مَحْرَمٍ وَسَفَرِ الْعَبْدِ الْآبِقِ مِنْ مَوْلَاهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هَذَا السَّفَرُ لَا يُفِيدُ الرُّخْصَةَ (قَصْرُ الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ) فَاعِلُ يُرَخَّصُ قَيَّدَ بِالْفَرْضِ إذْ لَا قَصْرَ فِي
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
(قَوْلُهُ مَنْ جَاوَزَ بُيُوتَ مُقَامِهِ. . . إلَخْ) لَا يَشْمَلُ أَهْلَ الْأَخْبِيَةِ إذْ لَيْسَ فِيهِ مُجَاوَزَةُ بَيْتٍ بَلْ انْتِقَالٌ عَنْ مَحَلِّهِ اهـ.
وَيَدْخُلُ مَا كَانَ مِنْ مَحَلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ وَفِي الْقَدِيمِ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْمِصْرِ وَيَدْخُلُ فِي بُيُوتِ الْمِصْرِ رَبَضُهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالرَّبَضُ مَا حَوْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ بُيُوتٍ وَمَسَاكِنَ كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَأَمَّا فِنَاءُ الْمِصْرِ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِمَصَالِحِ الْمِصْرِ كَرَكْضِ الدَّوَابِّ وَدَفْنِ الْمَوْتَى فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ، وَقَدْ فَصَّلَ فِيهِ قَاضِي خَانْ فَقَالَ وَهَلْ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْفِنَاءِ إنْ كَانَ بَيْنَ الْمِصْرِ وَفِنَائِهِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ غَلْوَةٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَزْرَعَةٌ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْفِنَاءِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَزْرَعَةٌ أَوْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْمِصْرِ وَفِنَائِهِ قَدْرَ غَلْوَةٍ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ عُمْرَانُ الْمِصْرِ وَلَا يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْفِنَاءِ، وَكَذَا إذَا كَانَ هَذَا الِانْفِصَالُ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ أَوْ بَيْنَ قَرْيَةٍ وَمِصْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْقُرَى مُتَّصِلَةً بِرَبَضِ الْمِصْرِ فَالْمُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْقُرَى هُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ مُتَّصِلَةً بِفِنَاءِ الْمِصْرِ لَا بِرَبَضِ الْمِصْرِ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْفِنَاءِ وَلَا يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْقَرْيَةِ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ نَقْلِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ مُفَارَقَةُ بُيُوتِ الْمِصْرِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ الْقَصْرِ فَفِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ أَيْ الْهِدَايَةِ إرْسَالٌ غَيْرُ وَاقِعٍ، وَلَوْ ادَّعَيْنَا ثُبُوتَ تِلْكَ الْقُرَى دَاخِلَةً فِي مُسَمَّى الْمِصْرِ انْدَفَعَ هَذَا لَكِنَّهُ تَعَسُّفٌ ظَاهِرٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ إذْ لَوْ بَقِيَ أَمَامَهُ بَيْتٌ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُحَاذَاةُ الْعُمْرَانِ لِأَحَدِ جَانِبَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ قَاصِدًا قَطْعَ مَسَافَةٍ) أَقُولُ أَيْ وَهُوَ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ حَتَّى لَوْ خَرَجَ صَبِيٌّ وَكَافِرٌ قَاصِدَيْنِ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَفِي أَثْنَائِهَا بَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ يَقْصُرُ الَّذِي أَسْلَمَ فِيمَا بَقِيَ وَيُتِمُّ الَّذِي بَلَغَ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ مِنْ الصَّبِيِّ حَيْثُ أَنْشَأَ السَّفَرَ بِخِلَافِ النَّصْرَانِيِّ وَالْبَاقِي بَعْدَ صِحَّةِ النِّيَّةِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ لَكِنْ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ الْحَائِضُ إذَا طَهُرَتْ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَقْصِدِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تُصَلِّي أَرْبَعًا هُوَ الصَّحِيحُ اهـ قُلْت وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا لَا تَنْزِلُ عَنْ رُتْبَةِ الَّذِي أَسْلَمَ فَكَانَ حَقُّهَا الْقَصْرَ مِثْلَهُ اهـ.
وَهَذَا أَيْ كَوْنُهُ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ أَحَدَ شُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ لِصِحَّةِ النِّيَّةِ ذَكَرَهَا الْمَقْدِسِيُّ عَنْ الزَّاهِدِيِّ وَثَانِيهَا الِاسْتِقْلَالُ بِالْحُكْمِ فَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ التَّابِعِ وَثَالِثُهَا أَنْ يَنْوِيَ سَفَرًا صَحِيحًا وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا فَوْقَهَا وَذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ وَلِلْبَحْرِ اعْتِدَالُ الرِّيحِ) هَذَا مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَمْ يَذْكُرْ مَسِيرَ السَّفَرِ فِي الْمَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.
(قَوْلُهُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَقُولُ الْمُرَادُ مَنْ قَصَرَ أَيَّامَ السَّنَةِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ بِالْمَرَاحِلِ وَلَا الْفَرَاسِخِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ بِالْفَرَاسِخِ هُوَ الصَّحِيحُ. اهـ. . وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ فَإِنَّهُمْ قَدَّرُوهَا بِالْفَرَاسِخِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ اخْتَارَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ تَقْدِيرَ أَقَلِّ مُدَّةِ السَّفَرِ بِالْأَمْيَالِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ بِثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ مِيلًا، وَقِيلَ يُفْتَى بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ، وَقِيلَ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ النِّهَايَةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى اعْتِبَارِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَرْسَخًا.
وَفِي الْمُجْتَبَى فَتْوَى أَكْثَرِ أَئِمَّةِ خَوَارِزْمَ عَلَى خَمْسَةَ عَشْرَةَ فَرْسَخًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بِالْفَرَاسِخِ ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَأَنَا أَعْجَبُ مِنْ فَتْوَاهُمْ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ بِمَا يُخَالِفُ مَذْهَبَ الْإِمَامِ خُصُوصًا الْمُخَالِفَ لِلنَّصِّ الصَّرِيحِ. اهـ.
(قَوْلُهُ مَعَ الِاسْتِرَاحَاتِ. . . إلَخْ) أَقُولُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِمَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَفَرُ كُلِّ يَوْمٍ إلَى اللَّيْلِ حَتَّى لَوْ بَكَّرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَمَشَى إلَى الزَّوَالِ وَبَلَغَ الْمَرْحَلَةَ وَنَزَلَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَبَاتَ فِيهَا ثُمَّ فَعَلَ كَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ يَصِيرُ مُسَافِرًا اهـ.
وَهُوَ تَصْحِيحُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَاصِيًا فِيهِ) أَقُولُ خِلَافَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْعَاصِي بِسَفَرِهِ لَا فِي سَفَرِهِ؛ لِأَنَّ الْعَاصِيَ فِي سَفَرِهِ يَقْصُرُ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ. . . إلَخْ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِلْعَاصِي فِي سَفَرِهِ بِأَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعِصْيَانُ فِي السَّفَرِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِلْعَاصِي بِسَفَرِهِ بِأَنْ ابْتَدَأَهُ مُلْتَبِسًا بِالْمَعْصِيَةِ.
(قَوْلُهُ قَصْرُ الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ فَاعِلُ يُرَخَّصُ)
السُّنَنِ وَبِالرُّبَاعِيِّ لِيُخْرِجَ الْفَجْرَ وَالْمَغْرِبَ لِمَا رُوِيَ «عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ فِي الْأَصْلِ رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ ضَمَّ إلَى كُلِّ صَلَاةٍ مِثْلَهَا غَيْرَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا وِتْرًا لِنَهَارٍ ثُمَّ زِيدَتْ فِي الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ فِي السَّفَرِ» (حَتَّى يَدْخُلَ مُقَامَهُ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ وَيُرَخَّصُ (أَوْ يَنْوِي إقَامَةَ نِصْفِ شَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ بِبَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ) تَقْيِيدُهُ بِهِمَا إشْعَارٌ بِأَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ لَا تَصِحُّ فِي الْمَفَاوِزِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ لَكِنْ قَالَ فِي الْكَافِي قَالُوا هَذَا إذَا سَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا فَإِنْ لَمْ يَسِرْ ثَلَاثَةً تَصِحُّ (فَيَقْصُرَ) أَيْ إذَا كَانَ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ مُقَدَّرَةً بِنِصْفِ شَهْرٍ لَمْ تَصِحَّ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِيمَا دُونَهُ فَيَقْصُرَ (إنْ نَوَى) الْإِقَامَةَ (فِي أَقَلَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ (أَوْ فِيهِ) لَكِنْ (بِمَوْضِعَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ) كَمَكَّةَ وَمِنًى فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إذْ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا فَأَمَّا إذَا تَبِعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِأَنْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ قَرِيبَةً مِنْ الْمِصْرِ بِحَيْثُ تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى سَاكِنِهَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُقِيمًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِيهِمَا فَيُتِمُّ بِدُخُولِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا فِي الْحُكْمِ كَمَوْضِعٍ وَاحِدٍ، كَذَا فِي التُّحْفَةِ (أَوْ دَخَلَ بَلَدًا وَلَمْ يَنْوِهَا) أَيْ الْإِقَامَةَ ثَمَّةَ بَلْ هُوَ عَلَى عَزْمِ أَنْ يَخْرُجَ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ (وَبَقِيَ سِنِينَ) فَإِنَّهُ أَيْضًا يَقْصُرُ (وَعَسْكَرَ) عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ يَقْصُرُ أَيْ يَقْصُرُ عَسْكَرٌ دَخَلَ فِي دَارِ الْحَرْبِ (وَنَوَاهَا) أَيْ الْإِقَامَةَ بِدَارِ الْحَرْبِ نِصْفَ شَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ (وَإِنْ حَاصَرُوا حِصْنًا فِيهَا) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْضِعَ الْإِقَامَةِ؛ لِأَنَّهُمْ بَيْنَ الْقَرَارِ وَالْفِرَارِ لَكِنْ مَنْ دَخَلَ فِيهَا بِأَمَانٍ وَنَوَى الْإِقَامَةَ فِي مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ صَحَّتْ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (أَوْ) نَوَاهَا (بِدَارِنَا وَحَاصَرَ الْبُغَاةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا) أَيْ مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ فَإِنَّهُمْ أَيْضًا يَقْصُرُونَ وَلَا تَجُوزُ إقَامَتُهُمْ.
(لَا أَهْلُ أَخْبِيَةٍ) عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ يَقْصُرُ أَيْ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ أَهْلُ أَخْبِيَةٍ كَالْأَعْرَابِ وَالْأَتْرَاكِ وَهُوَ جَمْعُ خِبَاءٍ وَهُوَ بَيْتٌ مِنْ وَبَرٍ أَوْ صُوفٍ (نَوَوْهَا) أَيْ الْإِقَامَةَ فِي مَوْضِعٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (فِي الْأَصَحِّ)
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
أَقُولُ لَعَلَّهُ نَائِبُ فَاعِلِ يُرَخَّصُ وَسَقَطَ الْمُضَافُ فِي خَطِّ النَّاسِخِ أَوْ هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الزَّمَخْشَرِيِّ.
(قَوْلُهُ غَيْرَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ) الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ الصَّلَاةُ فُرِضَتْ فِي الْأَصْلِ رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفَجْرَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي عُمُومِ الضَّمِّ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ زِيدَتْ فِي الْحَضَرِ) فِيهِ تَسَامُحٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ ضُمَّ إلَى كُلِّ صَلَاةٍ مِثْلُهَا.
(قَوْلُهُ وَأُقِرَّتْ فِي السَّفَرِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَصْرَ عَزِيمَةٌ عِنْدَنَا وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَنْ حَكَى خِلَافًا بَيْنَ الشَّارِحِينَ فِي أَنَّ الْقَصْرَ عِنْدَنَا عَزِيمَةٌ أَوْ رُخْصَةٌ فَقَطْ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ رُخْصَةٌ عَنَى رُخْصَةَ الْإِسْقَاطِ وَهِيَ الْعَزِيمَةُ وَتَسْمِيَتُهَا رُخْصَةً مَجَازٌ وَهَذَا بَحْثٌ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَنْوِيَ إقَامَةَ نِصْفِ شَهْرٍ) قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى إنَّمَا تُؤَثِّرُ النِّيَّةُ بِخَمْسِ شَرَائِطَ تَرْكُ السَّيْرِ وَصَلَاحِيَةُ الْمَوْضِعِ وَاتِّحَادُهُ وَالْمُدَّةُ وَالِاسْتِقْلَالُ بِالرَّأْيِ اهـ قُلْت وَهِيَ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْهِدَايَةِ) أَقُولُ لَكِنَّهُ قَالَ إنَّهُ الظَّاهِرُ قُلْتُ وَظَاهِرُهُ شُمُولُ أَهْلِ الْأَخْبِيَةِ لِمُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الَّذِي سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ وَلَكِنْ قَالَ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ إنَّهُ أَيْ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ الْأَصَحُّ فَفِيهِ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِطْلَاقَ الْمُتَقَدِّمَ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْكَافِي قَالُوا هَذَا. . . إلَخْ) أَقُولُ، وَقَالَ الْكَمَالُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ مِنْ الْعَسْكَرِ قَبْلَ الْفَتْحِ اهـ.
وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِمَّا سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ اهـ. ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يَحِلَّ فِطْرُهُ رَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِهِ يَوْمَانِ اهـ.
وَقَالَ الْبَحْرِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُجْتَبَى لَا يَبْطُلُ السَّفَرُ إلَّا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ أَوْ دُخُولِ الْوَطَنِ أَوْ الرُّجُوعِ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ اهـ. ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَحْثًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ الْمِصْرِ مُطْلَقًا وَسَاقَ فِي اسْتِدْلَالِهِ مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه خَرَجَ فَقَصَرَ وَهُوَ يَرَى الْبُيُوتَ فَلَمَّا رَجَعَ قِيلَ لَهُ هَذِهِ الْكُوفَةُ قَالَ لَا حَتَّى نَدْخُلَهَا يُرِيدُ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَالْكُوفَةُ بِمَرْأًى مِنْهُمْ فَقِيلَ لَهُ إلَخْ. اهـ.
قُلْت وَمَا اسْتَظْهَرَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ مَا لَمْ يَثْبُتْ الرُّجُوعُ قَبْلَ اسْتِحْكَامِ مُدَّةِ السَّفَرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ.
(قَوْلُهُ: كَذَا فِي التُّحْفَةِ) أَقُولُ.
وَفِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ أَوْ دَخَلَ بَلَدًا وَلَمْ يَنْوِهَا) أَقُولُ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَمِيرَ الْقَافِلَةِ لَا يَخْرُجُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ أَقَلِّ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى الْإِقَامَةِ وَلِسَانُ الْحَالِ أَنْطَقُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (قَوْلُهُ أَوْ حَاصَرَ الْبُغَاةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا) أَقُولُ، كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَاتِ مِنْهَا الْهِدَايَةُ قَالَ، وَكَذَا أَيْ يَقْصُرُونَ إذَا حَاصَرُوا أَهْلَ الْبَغْيِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِي غَيْرِ الْمِصْرِ أَوْ حَاصَرُوهُمْ فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ حَالَهُمْ يُبْطِلُ عَزِيمَتَهُمْ اهـ فَأَفَادَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمُحَاصَرَةُ بِمِصْرٍ صَحَّتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ التَّعْلِيلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي غَيْرِ مِصْرٍ وَقَوْلَهُ فِي الْبَحْرِ لَيْسَ بِقَيْدٍ حَتَّى لَوْ نَزَلُوا مَدِينَةَ أَهْلِ الْبَغْيِ وَحَاصَرُوهُمْ فِي الْحِصْنِ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَدِينَتَهُمْ كَالْمَفَازَةِ عِنْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ لَا يُقِيمُونَ فِيهَا اهـ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْمَقْدِسِيُّ وَالْغَزِّيُّ لِهَذَا.
(قَوْلُهُ وَهُوَ جَمْعُ خِبَاءٍ وَهُوَ بَيْتٌ مِنْ وَبَرٍ أَوْ صُوفٍ) أَقُولُ فَإِنْ كَانَ مِنْ الشَّعْرِ فَلَيْسَ بِخِبَاءٍ كَمَا فِي ضِيَاءِ الْحَلُومِ وَفِي الْمُغْرِبِ الْخِبَاءُ الْخَيْمَةُ مِنْ الصُّوفِ اهـ.
وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ