الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اُنْتُظِرَ حُضُورُهُ أَوْ اسْتِطْلَاعُ رَأْيِهِ يَفُوتُ الْكُفْءُ الَّذِي حَضَرَ فَالْغَيْبَةُ مُنْقَطِعَةٌ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ نَظَرِيَّةٌ وَلَا نَظَرَ فِي إبْقَاءِ وِلَايَتِهِ حِينَئِذٍ (وَلَا يَبْطُلُ بِعَوْدِهِ) يَعْنِي بَعْدَ مَا ثَبَتَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ إذَا زَوَّجَهَا، ثُمَّ حَضَرَ الْأَقْرَبُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عُقِدَ بِوِلَايَةٍ تَامَّةٍ، وَقَدْ حَصَلَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْأَصْلِ بَعْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْخَلَفِ
(أَقَرَّ وَلِيُّ صَغِيرٍ أَوْ صَغِيرَةٍ أَوْ وَكِيلُ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ مَوْلَى الْعَبْدِ بِالنِّكَاحِ لَمْ يُصَدَّقْ) وَاحِدٌ مِنْهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِكَوْنِهِ إقْرَارًا عَلَى الْغَيْرِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى النِّكَاحِ أَوْ يُدْرِكَ الصَّغِيرُ أَوْ الصَّغِيرَةُ فَيُصَدِّقُهُ أَوْ يُصَدِّقُ الْمُوَكِّلَ أَوْ الْعَبْدَ، وَعِنْدَهُمَا يُصَدَّقُ بِلَا شُهُودٍ وَالتَّصْدِيقُ صُورَتُهُ أَنْ يَدَّعِيَ عِنْدَ الْقَاضِي رَجُلٌ عَلَى أَبِي الصَّغِيرَةِ أَنَّهُ زَوَّجَهَا مِنْهُ وَأَقَرَّ الْأَبُ بِهِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي بِالنِّكَاحِ مَا لَمْ يَأْتِ الزَّوْجُ بِبَيِّنَةٍ يَشْهَدُونَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَيُنَصِّبُ إنْسَانًا عَنْ الصَّغِيرَةِ حَتَّى يُنْكِرَ النِّكَاحَ فَيُقِيمُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَوْ تُدْرِكُ الصَّغِيرَةُ فَتُصَدِّقُ الرَّجُلَ وَالْأَبَ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي بِالنِّكَاحِ (بِخِلَافِ الْأَمَةِ) فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَوْلَى إذَا أَقَرَّ بِنِكَاحِ أَمَتِهِ بَعْدَمَا ادَّعَى رَجُلٌ نِكَاحَهَا يَقْضِي بِنِكَاحِهَا بِلَا تَصْدِيقٍ وَبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ نَفْسَ الْجَارِيَةِ وَبُضْعَهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَقَطْ
لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْوَلِيِّ شَرَعَ فِي الْكُفْءِ فَقَالَ (الْكَفَاءَةُ) هِيَ لُغَةً كَوْنُ الشَّيْءِ نَظِيرُ آخَرَ وَهِيَ (تُعْتَبَرُ) فِي النِّكَاحِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِلُزُومِ النِّكَاحِ خِلَافًا لِمَالِكٍ (نَسَبًا) فِي الْعَرَبِ فَإِنَّ الْعَجَمَ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ (فَقُرَيْشٌ أَكْفَاءٌ) أَيْ بَعْضُهُمْ كُفُؤٌ لِبَعْضٍ (وَالْعَرَبُ) يَعْنِي مَا سِوَى قُرَيْشٍ (أَكْفَاءٌ) قَبِيلَةٌ لِقَبِيلَةٍ وَلَيْسُوا كُفُؤًا لِقُرَيْشٍ (وَالْمَوَالِي) يَعْنِي الْعَجَمَ سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ نَصَرُوا الْعَرَبَ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَالنَّاصِرُ يُسَمَّى مَوْلَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 11](أَكْفَاءٌ) رَجُلٌ لِرَجُلٍ أَيْ لَا يُعْتَبَرُ نَسَبُهُمْ وَلَيْسُوا بِكُفْءٍ لِلْعَرَبِ.
(وَ) تُعْتَبَرُ أَيْضًا (إسْلَامًا فَمُسْلِمٌ بِنَفْسِهِ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِذِي أَبٍ) وَاحِدٍ (فِيهِ) أَيْ الْإِسْلَامِ (وَالْأَبَوَانِ فِيهِ كَالْآبَاءِ) يَعْنِي مَنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ كُفُؤٌ لِمَنْ لَهُ آبَاءٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ يَقَعُ بِالْأَبَوَيْنِ فَلَا تُعْتَبَرُ الزَّائِدُ.
(وَ) تُعْتَبَرُ أَيْضًا (حُرِّيَّةٌ فَعَبْدٌ أَوْ مُعْتَقٌ لَيْسَ كُفُؤًا لِحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ وَلَا مُعْتَقُ أَبُوهُ كُفُؤًا لِذَاتِ أَبَوَيْنِ حُرَّيْنِ، وَ) تُعْتَبَرُ أَيْضًا (دِيَانَةً، فَلَيْسَ فَاسِقٌ كُفُؤًا لِصَالِحَةٍ أَوْ بِنْتِ صَالِحٍ، وَ) تُعْتَبَرُ أَيْضًا (مَالًا) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (فَالْعَاجِزُ عَنْ) الْمَهْرِ (الْمُعَجَّلِ وَالنَّفَقَةِ لَيْسَ كُفُؤًا لِفَقِيرَةٍ) ، أَمَّا الْمَهْرُ فَلِأَنَّهُ عِوَضُ بُضْعِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَهْرِ قَدْرُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: أَقَرَّ وَلِيُّ صَغِيرٍ أَوْ صَغِيرَةٍ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْكَافِي.
(قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُمَا يُصَدَّقُ بِلَا شُهُودٍ وَتَصْدِيقٍ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَالَ فِي الْمُصَفَّى عَنْ أُسْتَاذِهِ يَعْنِي الشَّيْخَ حَمِيدَ الدِّينِ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَقَرَّ الْوَلِيُّ فِي صِغَرِهِمَا فَإِنَّ إقْرَارَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى بُلُوغِهِمَا فَإِذَا بَلَغَا وَصَدَّقَاهُ يَنْفُذُ إقْرَارُهُ وَإِلَّا يَبْطُلُ، وَعِنْدَهُمَا يَنْفُذُ فِي الْحَالِ، وَقَالَ إنَّهُ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ قَالَ هُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ وَأَنْكَرَ النِّكَاحَ فَأَقَرَّ الْوَلِيُّ، أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ فِي صِغَرِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ اهـ. ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَوْجَهَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا بَلَغَا فَأَنْكَرَا النِّكَاحَ، أَمَّا إذَا أَقَرَّ عَلَيْهِمَا فِي صِغَرِهِمَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا اهـ.
[الْكَفَاءَةُ فِي النِّكَاحِ]
(قَوْلُهُ: هِيَ لُغَةً كَوْنُ الشَّيْءِ نَظِيرَ آخَرَ) كَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ عَقِيبَ قَوْلِهِ فِي الْكُفْءِ وَلَمْ يَذْكُرْ تَعْرِيفَهُ شَرْعًا لِوُضُوحِ أَنَّهُ مَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ مَا ذُكِرَ مِنْ شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكَافِي؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ وَلَفْظَةُ بَيْنَ لَا تُفِيدُ هَذَا.
(قَوْلُهُ: لِلُزُومِ النِّكَاحِ) أَيْ يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْكَفَاءَةِ فِي ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ لِلُزُومِهِ وَلَا يَضُرُّ زَوَالُهَا بَعْدَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَقَدَّمْنَا الْقَوْلَ بِاشْتِرَاطِهَا لِلصِّحَّةِ.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَالِكٍ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ خِلَافَ الْكَرْخِيِّ مِنْ مَشَايِخِنَا أَيْضًا لِمُوَافَقَتِهِ لِمَالِكٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: فَقُرَيْشٌ أَكْفَاءٌ) الْقُرَشِيُّ مَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ النَّضْرِ وَالْهَاشِمِيُّ مَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَالْعَرَبُ مَنْ جَمَعَهُمْ أَبٌ فَوْقَ النَّضْرِ وَالْمَوَالِي سِوَاهُمْ، كَذَا فِي الْكَافِي أَيْ سِوَى الْعَرَبِ، وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهُمْ رِقٌّ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: وَالْعَرَبُ أَكْفَاءٌ) أَطْلَقَهُ كَالْكَنْزِ وَأَخْرَجَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي مِنْ عُمُومِهِ بَنِي بَاهِلَةَ فَقَالَ: وَبَنُو بَاهِلَةَ لَيْسُوا بِأَكْفَاءٍ لِعَامَّةِ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهُمْ مَعْرُوفُونَ بِالْخَسَاسَةِ اهـ. قَالَ الْكَمَالُ وَلَا يَخْلُو مِنْ نَظَرٍ أَيْ اسْتِثْنَاءُ بَنِي بَاهِلَةَ فَإِنَّ النَّصَّ لَمْ يُفَصِّلْ مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَعْلَمَ لِقَبَائِلِ الْعَرَبِ وَأَخْلَاقِهِمْ، وَقَدْ أَطْلَقَ، وَلَيْسَ كُلُّ بَاهِلِيٍّ كَذَلِكَ، بَلْ فِيهِمْ الْأَجْوَادُ وَكَوْنُ فَصِيلَةٍ مِنْهُمْ أَوْ بَطْنٍ صَعَالِيكَ فَعَلُوا ذَلِكَ لَا يَسْرِي فِي حَقِّ الْكُلِّ اهـ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ فَالْحَقُّ الْإِطْلَاقُ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَبَوَانِ فِيهِ كَالْآبَاءِ) لَوْ ثَنَّى ضَمِيرَ فِيهِ وَأَخَّرَهُ عَنْ اعْتِبَارِ الْحُرِّيَّةِ لَكَانَ خَيْرًا لِيُفِيدَ ذَلِكَ فِي الْحُرِّيَّةِ أَيْضًا كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْكَنْزِ وَأَبَوَانِ فِيهِمَا كَالْآبَاءِ.
(قَوْلُهُ: فَالْعَاجِزُ عَنْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ لَيْسَ كُفُؤًا لِفَقِيرَةٍ) غَيْرُ مُعْتَبَرِ الْمَفْهُومِ؛ لِأَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ كُفُؤًا كَمَا فِي
مَا تَعَارَفُوا تَعْجِيلَهُ؛ لِأَنَّ مَا وَرَاءَهُ مُؤَجَّلٌ عُرْفًا، وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَلِأَنَّ قِوَامَ الِازْدِوَاجِ وَدَاوَمَهُ بِهَا (لَا غِنَى فِي الْأَصَحِّ) قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْمَالِ مَذْمُومَةٌ فِي الْأَصَحِّ قَالَ عليه الصلاة والسلام «هَلَكَ الْمُكْثِرُونَ إلَّا مَنْ قَالَ بِمَالِهِ هَكَذَا وَهَكَذَا أَيْ تَصَدَّقَ بِهِ» (فَالْقَادِرُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ (كُفُؤٌ لِذَاتِ أَمْوَالٍ عِظَامٍ) لِعَدَمِ الْعِبْرَةِ بِالْغِنَى.
(وَ) تُعْتَبَرُ أَيْضًا (حِرْفَةً) ؛ لِأَنَّ التَّفَاخُرَ يَقَعُ بِهَا (فَمِثْلُ حَائِكٍ) كَحَدَّادٍ وَخَفَّافٍ وَنَحْوِهِمَا (لَيْسَ كُفُؤًا لِمِثْلِ عَطَّارٍ) كَبَزَّازٍ فَالْعَطَّارُ وَالْبَزَّازُ كُفُؤَانِ (الْعَجَمِيُّ الْعَالِمُ كُفُؤٌ لِلْعَرَبِيِّ الْجَاهِلِ) ؛ لِأَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ يُقَاوِمُ شَرَفَ النَّسَبِ (وَالْعَالِمُ الْفَقِيرُ) أَيْ غَيْرُ الْغَنِيِّ لِمَا عَرَفْت أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ وَالنَّفَقَةِ (كُفُؤٌ لِلْجَاهِلِ الْغَنِيِّ) لِمَا عَرَفْت أَنَّ الْغِنَى غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (وَلِلْعَلَوِيِّ) لِمَا عَرَفْت أَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ يُقَاوِمُ شَرَفَ النَّسَبِ (وَالْقَرَوِيُّ لِلْمَدَنِيِّ نَقَصَتْ) أَيْ تَزَوَّجَتْ امْرَأَةٌ وَنَقَصَتْ (عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا لِلْوَلِيِّ أَنْ يُتِمَّ) الْمَهْرَ (أَوْ يُفَرِّقَ) بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا أَلْحَقَتْ الْعَارَ بِالْأَوْلِيَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَفَاخَرُونَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيُعَيَّرُونَ بِالنُّقْصَانِ فَكَانَ لَهُمْ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ
(أَمَرَ) رَجُلٌ شَخْصًا (بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ فَزَوَّجَهُ أَمَةً جَازَ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ صَدَرَ مُطْلَقًا فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ كَمَا إذَا زَوَّجَهُ أَمَتَهُ وَلَمْ يَكُنْ مَانِعٌ كَمَا إذَا كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ (وَامْرَأَتَيْنِ لَا) يَعْنِي إذَا زَوَّجَهُ الْمَأْمُورُ امْرَأَتَيْنِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ؛ إذْ لَا وَجْهَ إلَى إلْزَامِ كِلْتَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ أَمْرِهِ وَلَا إلَى إلْزَامِ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَا إلَى إلْزَامِ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ إلَى الْمَجْهُولَةِ لِتَعَطُّلِهِ عَمَّا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَهُوَ الْوَطْءُ لِاسْتِحَالَةِ وَطْءِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ (زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ غَائِبٍ) بِأَنْ قَالَتْ اشْهَدُوا أَنِّي زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْ فُلَانٍ (فَأَجَازَهُ) أَيْ أَجَازَ الْغَائِبُ التَّزْوِيجَ بِبُلُوغِ خَبَرِهِ إلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ قَبِلَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ طَرَفِ الْغَائِبِ فِي الْمَجْلِسِ (وَاحِدٌ) سَوَاءٌ كَانَ فُضُولِيًّا أَوْ وَكِيلًا (جَازَ) النِّكَاحُ (وَإِلَّا فَلَا) ؛ لِأَنَّ مَا صَدَرَ عَنْ الْمَرْأَةِ شَطْرُ الْعَقْدِ وَشَطْرُهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ نَاكِحٍ غَائِبٍ، بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَوْ مِنْ فُضُولِيٍّ لِيَتَحَقَّقَ صُورَةُ الْعَقْدِ وَيَتَوَقَّفُ تَمَامُهُ عَلَى إجَازَةِ الْغَائِبِ
(يَتَوَلَّى طَرَفَيْ النِّكَاحِ) يَعْنِي الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ (وَاحِدٌ لَيْسَ بِفُضُولِيٍّ مِنْ جَانِبٍ) وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَكَلَّمَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
الْهِدَايَةِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ فَهُوَ كُفُؤٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَيُعَدُّ قَادِرًا عَلَى الْمَهْرِ بِيَسَارِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَجَدِّهِ وَجَدَّتِهِ وَلَا تُعْتَبَرُ الْقُدْرَةُ عَلَى النَّفَقَةِ بِيَسَارِ الْأَبِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: فَالْقَادِرُ عَلَيْهِمَا أَيْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ كُفُؤٌ) مُفِيدٌ لِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ.
(قَوْلُهُ: فَالْعَطَّارُ وَالْبَزَّازُ كُفُؤَانِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْحِرْفَةِ التَّقَارُبُ لَا حَقِيقَةُ الْمُسَاوَاةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: وَالْعَالِمُ الْفَقِيرُ. . . إلَخْ) لَمْ يُفِدْ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ الْمَهْرَ وَقَدَرَ عَلَى النَّفَقَةِ كَانَ كُفُؤًا لِفَائِقَةِ الْغِنَى فَزِيَادَةُ الْعِلْمِ لَمْ تُؤَثِّرْ شَيْئًا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ. نَعَمْ وَصْفُ الْعِلْمِ يُجْبِرُ خَلَلَ الْفَقْرِ بِعَدَمِ مِلْكِ الْمَهْرِ عَلَى مَا نَصَّهُ الزَّيْلَعِيُّ بِقَوْلِهِ، وَقِيلَ إذَا كَانَ ذَا جَاهٍ كَالسُّلْطَانِ وَالْعَالِمِ يَكُونُ كُفُؤًا وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا النَّفَقَةَ؛ لِأَنَّ الْخَلَلَ يَنْجَبِرُ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْفَقِيهُ الْعَجَمِيُّ يَكُونُ كُفُؤًا لِلْعَرَبِيِّ الْجَاهِلِ اهـ.
(تَنْبِيهٌ) لَا تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إلَّا أَنَّ بِنْتَ مَلِكِهِمْ إذَا خَدَعَهَا حَائِكٌ أَوْ سَائِسٌ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا تَسْكِينًا لِلْفِتْنَةِ لَا لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ.
(قَوْلُهُ: لِلْوَلِيِّ أَنْ يُتِمَّ الْمَهْرَ أَوْ يُفَرِّقَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ طَلَبُ تَتْمِيمِ الْمَهْرِ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ الْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ الْعَصَبَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا عَلَى الْمُخْتَارِ فَخَرَجَ الْقَرِيبُ الَّذِي لَيْسَ بِعَصَبَةٍ وَخَرَجَ الْقَاضِي اهـ.
(قُلْت) التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي التَّفْرِيقَ لِكُلِّ قَرِيبٍ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُفَرِّقُوا دَفْعًا لِضَرَرِ الْعَارِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِتَزَوُّجِهَا غَيْرَ الْكُفْءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَوْ لَا كَابْنِ الْعَمِّ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَمَرَ رَجُلٌ شَخْصًا) أَطْلَقَ الرَّجُلَ الْآمِرَ فَشَمِلَ الْأَمِيرَ وَغَيْرَهُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً تُكَافِئُهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ
(قَوْلُهُ: كَمَا إذَا زَوَّجَهُ أَمَتَهُ) مِثَالٌ لِمَوْضِعِ التُّهْمَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ مَانِعٌ كَمَا إذَا كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ) تَنْصِيصٌ عَلَى الشَّرْطِ الثَّانِي لِصِحَّةِ تَزْوِيجِ الْمَأْمُورِ أَمَةً لِآمِرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَامْرَأَتَيْنِ لَا) أَيْ فِي صُورَةِ قَوْلِهِ زَوِّجْنِي امْرَأَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، أَمَّا لَوْ عَيَّنَهَا فَزَوَّجَهَا لَهُ مَعَ أُخْرَى لَزِمَتْهُ الْمُعَيَّنَةُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: بِعَقْدٍ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ) لَا يَنْفُذُ نِكَاحُهُمَا عَلَى الْآمِرِ فَيَتَوَقَّفُ فَإِنْ أَجَازَهُمَا صَحَّ وَقَوْلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فَتَعَيَّنَ التَّفْرِيقُ لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُجِيزَ نِكَاحَهُمَا، وَلَوْ قَالَ فَانْتَفَى اللُّزُومُ اسْتَقَامَ قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ فُضُولِيًّا أَوْ وَكِيلًا) أَمَّا كَوْنُهُ فُضُولِيًّا فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ وَكِيلًا فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِشَرْطِ الْمُصَنِّفِ الْإِجَازَةَ لِصِحَّتِهِ مَعَ قَبُولِ الْوَكِيلِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) مُفِيدٌ عَدَمَ الِانْعِقَادِ مَوْقُوفًا فِيمَا إذَا قَبِلَ الْعَاقِدُ الْفُضُولِيَّ أَيْضًا عَنْ الْغَائِبِ كَقَوْلِهَا زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْ فُلَانٍ، ثُمَّ قَالَتْ وَقَبِلْتُ عَنْهُ لَا يَتَوَقَّفُ، بَلْ يَبْطُلُ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ