الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ فِي بَيْتِ الْمَالِ حُمُولَةٌ يَحْمِلُ عَلَيْهَا الْغَنَائِمَ فَيَقْسِمُهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ قِسْمَةَ إيدَاعٍ لِيَحْمِلُوهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ يَسْتَرِدَّهَا مِنْهُمْ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يُحَمِّلُوهَا أَجِيرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فِي رِوَايَةِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ؛ لِأَنَّهُ دَفْعُ ضَرَرٍ عَامٍّ بِتَحْمِيلِ ضَرَرٍ خَاصٍّ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً شَهْرًا فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فِي الْمَفَازَةِ أَوْ اسْتَأْجَرَ سَفِينَةً فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ عَلَيْهَا إجَارَةٌ أُخْرَى بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُجْبِرُهُمْ عَلَى رِوَايَةِ السِّيَرِ الصَّغِيرِ إذْ لَا يُجْبَرُ عَلَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ ابْتِدَاءً كَمَا إذَا نَفَقَتْ دَابَّتُهُ فِي الْمَفَازَةِ وَمَعَ رَفِيقِهِ دَابَّةٌ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِجَارَةِ، بِخِلَافِ مَا اُسْتُشْهِدَ بِهِ فَإِنَّهُ بِنَاءٌ وَلَيْسَ بِابْتِدَاءٍ وَهُوَ أَسْهَلُ مِنْهُ.
. (وَ) حَرُمَ (بَيْعُهُ) أَيْ الْمَغْنَمِ (قَبْلَهَا) أَيْ الْقِسْمَةِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ وَلِأَنَّهُ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِالدَّارِ لَمْ يَمْلِكْ كَمَا مَرَّ وَبَعْدَهُ نَصِيبُهُ مَجْهُولٌ جَهَالَةً فَاحِشَةً فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهُ (وَالرِّدْءُ) أَيْ الْعَوْنُ (وَمَدَدٌ يَلْحَقُهُمْ ثَمَّةَ كَمُقَاتِلٍ) فِي اسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ (لَا سُوقِيٌّ لَمْ يُقَاتِلْ وَلَا مَنْ مَاتَ ثَمَّةَ) لِعَدَمِ التَّمَلُّكِ.
(وَيُورَثُ قِسْطُ مَنْ مَاتَ هُنَا) لِحُصُولِ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ مُشَاعًا (وَحَلَّ فِيهَا) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (طَعَامٌ وَعَلَفٌ وَحَطَبٌ وَدُهْنٌ وَسِلَاحٌ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِلَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
وَلَكِنْ انْعَقَدَ فِيهَا سَبَبُ الْمِلْكِ عَلَى أَنْ تَصِيرَ مِلْكًا عِنْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا ثُمَّ قَالَ، وَأَمَّا بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةً مِنْ الْمَغْنَمِ وَادَّعَى الْوَلَدَ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ اسْتِحْسَانًا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ ثَبَاتَ النَّسَبِ وَأُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ يَقِفُ عَلَى مِلْكٍ خَاصٍّ وَذَلِكَ بِالْقِسْمَةِ أَوْ حَقٍّ خَاصٍّ وَيَلْزَمُهُ الْعُقْرُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الْعَامَّ أَوْ الْحَقَّ الْمُتَأَكِّدَ يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْإِتْلَافِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ: لَوْ وَطِئَ جَارِيَةً لَا يُحَدُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُقْرُ إنْ وَطِئَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ دُونَ دَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَنَافِعَ بُضْعِهَا. اهـ. قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْمُحِيطِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ، وَقَدْ نَقَلَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة بِصِيغَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبَ قَالَ وَكَذَا إذَا قَتَلَ وَاحِدًا مِنْ السَّبْيِ أَوْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَهْلِكُ مِنْ الْغَانِمِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ. اهـ.
وَقَدْ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ كَمَالِ الدِّينِ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى التَّنْبِيهِ وَقَوْلُ الْبَدَائِعِ وَأُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ تَقِفُ عَلَى مِلْكٍ خَاصٍّ يُشِيرُ إلَى مَا قَالَهُ الْكَمَالُ أَنَّهُ إذَا قُسِمَتْ الْغَنِيمَةُ عَلَى الرَّايَاتِ أَوْ الْعَرَّافَةِ فَوَقَعَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ أَهْلِ رَايَةٍ صَحَّ اسْتِيلَادُ أَحَدِهِمْ لَهَا وَعِتْقُهُ إذَا كَانُوا قَلِيلًا وَالْقَلِيلُ مِائَةٌ فَمَا دُونَهَا وَقِيلَ أَرْبَعُونَ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُؤَقَّتَ وَيُوكَلَ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ. اهـ.
[بَيْعُ الْمَغْنَمِ قَبْلَ الْقِسْمَة]
(قَوْلُهُ وَحَرُمَ بَيْعُهُ) أَيْ الْمَغْنَمِ قَبْلَهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الشَّرْحِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي بَيْعِ الْغُزَاةِ، وَأَمَّا بَيْعُ الْإِمَامِ لَهَا فَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ وَأَقَلُّهُ تَخْفِيفُ إكْرَاهِ الْحَمْلِ عَنْ النَّاسِ أَوْ عَنْ الْبَهَائِمِ وَنَحْوِهِ وَتَخْفِيفُ مُؤْنَتِهِ عَنْهُمْ فَيَقَعُ عَنْ اجْتِهَادٍ فِي الْمَصْلَحَةِ فَلَا يَقَعُ جُزَافًا فَيَنْعَقِدُ بِلَا كَرَاهَةٍ مُطْلَقًا، كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ) كَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهُوَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَنِيمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ» فَغَرِيبٌ جِدًّا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالرِّدْءُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ. (قَوْلُهُ: وَمَدَدٌ يَلْحَقُهُمْ ثَمَّةَ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْقِتَالِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْمَدَدُ الْجَمَاعَةُ النَّاصِرُونَ لِلْجُنْدِ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَشَرْحِ الْمُخْتَارِ إنَّمَا يَنْقَطِعُ شَرِكَتُهُمْ إمَّا بِالْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ بِالْقِسْمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَيْعِ الْإِمَامِ الْغَنِيمَةَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُ هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ انْقَطَعَتْ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَسْتَقِرُّ بِهِ وَاسْتِقْرَارُ الْمِلْكِ يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ. اهـ.
وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ لُحُوقَ الْمَدَدِ بِدَارِ الْحَرْبِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ الْعَسْكَرُ بَلَدًا بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ اسْتَظْهَرُوا عَلَيْهِ ثُمَّ لَحِقَهُمْ الْمَدَدُ لَمْ يُشَارِكْهُمْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِدَارِ إسْلَامٍ فَصَارَتْ الْغَنِيمَةُ مُحْرَزَةً بِدَارِ الْإِسْلَامِ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الِاخْتِيَارِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ مَاتَ ثَمَّةَ لِعَدَمِ الْمِلْكِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ لَمْ تُقْسَمْ فَلَوْ قُسِمَتْ ثَمَّةَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْإِحْرَازِ فَيُورَثُ نَصِيبُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْحَقَائِقِ (قُلْت) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ إذَا بَاعَهَا الْإِمَامُ بِدَارِ الْحَرْبِ لِحُصُولِ الْمِلْكِ.
(قَوْلُهُ: وَحَلَّ فِيهَا طَعَامٌ) أَيْ حَلَّ لِمَنْ لَهُ سَهْمٌ أَوْ رَضْخٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَلِمَنْ مَعَهُ مِنْ النِّسَاءِ وَالْأَوْلَادِ وَالْمَمَالِيكِ وَلَا يُطْعَمُ التَّاجِرُ وَالْأَجِيرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَبَزَ الْحِنْطَةَ أَوْ طَبَخَ اللَّحْمَ فَلَا بَأْسَ بِهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَلَا فَرْقَ فِي الطَّعَامِ بَيْنَ الْمُهَيَّأِ لِلْأَكْلِ وَغَيْرِهِ حَتَّى جَازَ ذَبْحُ الْمَوَاشِي وَأَكْلُهَا وَتُرَدُّ جُلُودُهَا فِي الْغَنِيمَةِ وَكَذَا تُؤْكَلُ الْفَاكِهَةُ الرَّطْبَةُ وَغَيْرُهَا وَالسُّكَّرُ وَالسَّمْنُ وَالزَّيْتُ وَكُلُّ مَأْكُولٍ عَادَةً كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِمَا.
(قَوْلُهُ: وَحَطَبٌ) أَيْ جَازَ لِلطَّبْخِ وَلِلِاصْطِلَاءِ لِلْبَرْدِ إذَا كَانَ مُعَدًّا لِلْوَقُودِ وَإِنْ مُعَدًّا لِاِتِّخَاذِ الْقِصَاعِ وَالْأَقْدَاحِ وَلَهُ قِيمَةٌ لَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَفٌ) أَيْ وَلَوْ بِالْحِنْطَةِ إذَا لَمْ يُوجَدْ الشَّعِيرُ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ وَدُهْنٌ) يَعْنِي كَالسَّمْنِ وَالزَّيْتِ فَيَدْهُنُ وَيَسْتَصْبِحُ وَيُوقِحُ دَابَّتَهُ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَدْهَانِ كَالْبَنَفْسَجِ وَالزَّنْبَقِ وَالْخَيْرِيِّ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْهِدَايَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ لَهُ لِمَرَضٍ يَحُوجُهُ إلَيْهِ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ كَلُبْسِ الثَّوْبِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَسِلَاحٌ عِنْدَ الْحَاجَةِ) التَّقْيِيدُ بِالْحَاجَةِ رَاجِعٌ لِلسِّلَاحِ خَاصَّةً عَلَى اتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ الِانْتِفَاعُ
قِسْمَةٍ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَدْفَعُهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَادَتَهُمْ الِانْتِفَاعُ بِمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ (لَا بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهَا) لِزَوَالِ الْمُبِيحِ وَهُوَ الضَّرُورَةُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ قَدْ تَأَكَّدَ حَتَّى يُورَثَ نَصِيبُهُ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِلَا رِضَاهُمْ (وَلَا بَيْعُهَا وَتَمَوُّلُهَا) أَيْ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ لَمْ تُمْلَكْ بِالْأَخْذِ وَإِنَّمَا أُبِيحَ التَّنَاوُلُ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ بَاعَ أَحَدُهُمْ رُدَّ الثَّمَنُ إلَى الْمَغْنَمِ (وَرُدَّ الْفَضْلُ) أَيْ مَا بَقِيَ مِمَّا أَخَذَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ (إلَى الْمَغْنَمِ) بَعْدَ الْخُرُوجِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لِزَوَالِ حَاجَتِهِ هَذَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا إنْ كَانَ غَنِيًّا تَصَدَّقَ بِعَيْنِهِ لَوْ قَائِمًا وَبِقِيمَتِهِ لَوْ هَالِكًا، وَالْفَقِيرُ يَنْتَفِعُ بِالْعَيْنِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ هَلَكَ.
(وَمَنْ أَسْلَمَ) مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ (ثَمَّةَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (عَصَمَ نَفْسَهُ وَطِفْلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْلِمًا تَبَعًا فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ وَاسْتِرْقَاقُهُمْ.
(وَ) عَصَمَ (مَالًا مَعَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ مَعْصُومًا) أَيْ وَضَعَهُ أَمَانَةً عِنْدَ مَعْصُومٍ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ حُكْمًا (لَا وَلَدَهُ الْكَبِيرَ وَعُرْسَهُ وَحَمْلَهَا) ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ الْأُمِّ (وَعَقَارَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ فِي يَدِ أَهْلِ الدَّارِ (وَعَبْدَهُ مُقَاتِلًا وَمَالَهُ مَعَ حَرْبِيٍّ بِغَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ) لِسَهْمِ الْفَارِسِ أَوْ الرَّاجِلِ (وَقْتَ الْمُجَاوَزَةِ) أَيْ مُجَاوَزَةِ مَدْخَلِ دَارِ الْحَرْبِ.
(فَمَنْ دَخَلَ دَارَهُمْ فَارِسًا فَنَفَقَ فَرَسُهُ) أَيْ مَاتَ فَشَهِدَ الْوَقْعَةَ رَاجِلًا (فَلَهُ سَهْمَانِ سَهْمُ فَارِسٍ وَمَنْ دَخَلَهَا رَاجِلًا فَشَرَى فَرَسًا) فَشَهِدَ الْوَقْعَةَ فَارِسًا (فَلَهُ سَهْمُ رَاجِلٍ وَلَا يُسْهَمُ لِغَيْرِ فَرَسٍ وَاحِدٍ) أَيْ لَا يُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ وَلَا لِرَاحِلَةٍ وَبَغْلٍ.
(وَ) لَا (عَبْدٍ وَصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ وَذِمِّيٍّ وَرَضَخَ لَهُمْ) الرَّضْخُ إعْطَاءُ شَيْءٍ قَلِيلٍ وَالْمُرَادُ هَاهُنَا قَدْرُ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ تَحْرِيضًا لَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ وَإِنَّمَا يَرْضَخُ لَهُمْ إذَا بَاشَرُوا الْقِتَالَ أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَقُومُ بِمَصَالِحِهِمْ فَيَكُونُ جِهَادًا بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهَا أَوْ دَلَّ الذِّمِّيُّ عَلَى الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ فِي دَلَالَتِهِ مَنْفَعَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يَبْلُغُ الرَّضْخُ السَّهْمَ لِأَنَّهُمْ لَا يُسَاوُونَ الْجَيْشَ فِي عَمَلِ الْجِهَادِ إلَّا فِي دَلَالَةِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَى السَّهْمِ إذَا كَانَتْ فِي دَلَالَتِهِ مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ؛ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
بِالسِّلَاحِ وَالثِّيَابِ وَغَيْرِهِمَا لَا يَجُوزُ إلَّا لِحَاجَةٍ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ. اهـ.
وَقَالَ فِي الْفَتْحِ اسْتِعْمَالُ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ كَالْفَرَسِ يَجُوزُ بِشَرْطِ الْحَاجَةِ بِأَنْ مَاتَ فَرَسُهُ أَوْ انْكَسَرَ سَيْفُهُ أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يُوَفِّرَ سَيْفَهُ أَوْ فَرَسَهُ بِاسْتِعْمَالِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ فَعَلَ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ. اهـ.
وَأَمَّا غَيْرُ السِّلَاحِ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَالطَّعَامِ وَالدُّهْنِ فَشَرَطَ فِي السِّيَرِ الصَّغِيرِ الْحَاجَةَ إلَى التَّنَاوُلِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَلَمْ يَشْتَرِطْهَا فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ تَنَاوُلُهُ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَنْهَهُمْ الْإِمَامُ عَنْ الِانْتِفَاعِ فَإِذَا نَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُبَاحُ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُهَا وَتَمَوُّلُهَا) شَامِلٌ لِمَا لَمْ يَمْلِكْهُ أَهْلُ الْحَرْبِ مِنْ عَسَلٍ فِي جَبَلٍ وَيَاقُوتٍ وَفَيْرُوزَجَ وَزُمُرُّدٍ وَفِضَّةٍ وَذَهَبٍ مِنْ مَعْدِنِهِ فَإِنَّ جَمِيعَهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَاجِدِ وَأَهْلِ الْعَسْكَرِ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ فَإِنْ بَاعَهُ نَظَرَ الْإِمَامُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَنْفَعَ قَسَمَهُ فِي الْغَنِيمَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ أَنْفَعَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَاسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ وَجَعَلَهُ فِي الْغَنِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ قَائِمًا يُجِيزُ بَيْعَهُ وَيَجْعَلُ ثَمَنَهُ فِي الْغَنِيمَةِ وَلَوْ حَشَّ حَشِيشًا أَوْ اسْتَقَى مَاءً وَبَاعَهُ مِنْ الْعَسْكَرِ طَابَ لَهُ ثَمَنُهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَسْلَمَ. . . إلَخْ) هُنَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ إحْدَاهَا أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ بِدَارِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْنَا حَتَّى ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ وَالْحُكْمُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ثَانِيهَا خَرَجَ إلَيْنَا مُسْلِمًا ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ فَجَمِيعُ مَالِهِ هُنَاكَ فَيْءٌ إلَّا أَوْلَادَهُ الصِّغَارَ لِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا لَهُ وَإِلَّا مَا أَوْدَعَهُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لِصِحَّةِ يَدِهِمَا ثَالِثُهَا أَسْلَمَ مُسْتَأْمَنٌ بِدَارِنَا ثُمَّ ظَهَرْنَا عَلَى دَارِهِ فَجَمِيعُ مَا خَلَفَهُ حَتَّى صِغَارِ أَوْلَادِهِ فَيْءٌ لِانْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ وَعَدَمِ تَبَعِيَّتِهِمْ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ بِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ رَابِعُهَا دَخَلَ دَارَهُمْ تَاجِرٌ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ بِأَمَانٍ وَاشْتَرَى مِنْهُمْ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا ثُمَّ ظَهَرْنَا عَلَى الدَّارِ فَالْكُلُّ لَهُ إلَّا الدُّورَ وَالْأَرَاضِيَ فَإِنَّهَا فَيْءٌ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: فَمَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ فَارِسًا) أَيْ وَفَرَسُهُ صَالِحٌ لِلْقِتَالِ بِأَنْ يَكُونَ صَحِيحًا كَبِيرًا فَلَوْ كَانَ مُهْرًا أَوْ كَبِيرًا مَرِيضًا لَا يَسْتَطِيعُ الْقِتَالَ عَلَيْهِ فَلَهُ سَهْمُ رَاجِلٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالِاخْتِيَارِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْبَرِّ أَوْ سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِتَالِ فَحَضَرَ بِهِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ وَإِنْ غَصَبَهُ وَحَضَرَ بِهِ اسْتَحَقَّ سَهْمَهُ مِنْ وَجْهٍ مَحْظُورٍ فَيُتَصَدَّقُ بِهِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ: فَنَفَقَ فَرَسُهُ) أَيْ مَاتَ فَشَهِدَ الْوَقْعَةَ رَاجِلًا (فَلَهُ سَهْمَانِ سَهْمُ فَارِسٍ) وَكَذَا إذَا قَاتَلَ رَاجِلًا لِضِيقِ الْمَكَانِ وَلَوْ غُصِبَ فَرَسُهُ قُبَيْلَ الدُّخُولِ فَدَخَلَ رَاجِلًا ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ فِيهَا فَلَهُ سَهْمُ فَارِسٍ، وَكَذَا لَوْ رَكِبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ أَوْ نَفَرَ أَوْ ضَلَّ الْفَرَسُ فَاتَّبَعَهُ وَدَخَلَ رَاجِلًا ثُمَّ وَجَدَهُ فِيهَا اسْتَحَقَّ سَهْمَ فَارِسٍ وَلَا سَهْمَ لِفَرَسٍ مُشْتَرَكٍ لِلْقِتَالِ عَلَيْهِ إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّةَ الْآخَرِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَالسَّهْمُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِمَوْتِ الْفَرَسِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ وَلَوْ فِي حَالِ الْقِتَالِ عَلَى الْأَصَحِّ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ وَهَبَهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ سَهْمَ فَارِسٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَصْدِهِ الْمُجَاوَزَةُ لِلْقِتَالِ فَارِسًا إلَّا إذَا بَاعَهُ مُكْرَهًا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة اهـ.
(قُلْت) كَذَلِكَ
لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِ الْجِهَادِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ التَّسْوِيَةُ فِي الْجِهَادِ إذْ مَا يَأْخُذُهُ فِي الدَّلَالَةِ بِمَنْزِلَةِ الْأُجْرَةِ فَيُعْطَى بَالِغًا مَا بَلَغَ.
(الْخُمُسُ لِلْيَتِيمِ وَالْمِسْكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَقُدِّمَ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى عَلَيْهِمْ وَلَا شَيْءَ لِغَنِيِّهِمْ وَذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى) فِي قَوْلِهِ جل جلاله {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41](لِلتَّبَرُّكِ) أَيْ لِافْتِتَاحِ الْكَلَامِ تَبَرُّكًا بِاسْمِهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْكُلَّ لَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى شَيْءٍ (وَسَهْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَقَطَ بَعْدَهُ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَحِقُّهُ بِالرِّسَالَةِ وَلَا رَسُولَ بَعْدَهُ كَالصَّفِيِّ وَهُوَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْطَفِيهِ لِنَفْسِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ (مَنْ دَخَلَ دَارَهُمْ فَأَغَارَ خُمُسٌ إلَّا مَنْ لَا مَنَعَةَ لَهُ وَلَا إذْنَ) فَإِنَّ الْخُمُسَ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَهِيَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْكُفَّارِ قَهْرًا وَهُوَ إمَّا بِالْمَنَعَةِ أَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَنَعَةِ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِذْنِ الْتَزَمَ نُصْرَتَهُ (وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ) التَّنْفِيلُ إعْطَاءُ شَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى سَهْمِ الْغَنِيمَةِ (وَقْتَ الْقِتَالِ حَثًّا) . أَيْ إغْرَاءً (فَيَقُولُ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» ) وَسَيَأْتِي مَعْنَى السَّلَبِ وَهُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: 65](أَوْ) يَقُولُ (مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَيَسْتَحِقُّ الْإِمَامُ) النَّفَلَ اسْتِحْسَانًا فِي قَوْلِهِ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» (إذَا قَتَلَ) الْإِمَامُ (قَتِيلًا) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ اسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ وَلِهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةَ سَهْمًا أَوْ رَضْخًا فَلَا يُتَّهَمُ بِهِ (لَا مَنْ) أَيْ لَا يَسْتَحِقُّ الْإِمَامُ النَّفَلَ إذَا قَالَ مَنْ (قَتَلْته أَنَا فَلِي سَلَبُهُ) ؛ لِأَنَّهُ خَصَّ نَفْسَهُ فَصَارَ مُتَّهَمًا (وَلَا) أَيْ لَا يَسْتَحِقُّ الْإِمَامُ النَّفَلَ أَيْضًا إذَا قَالَ (مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ) لِأَنَّهُ مَيَّزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ (وَذَا) أَيْ اسْتِحْقَاقُ السَّلَبِ إنَّمَا يَكُونُ (إذَا كَانَ الْقَتِيلُ مُبَاحَ الْقَتْلِ) حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّهُ بِقَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ؛ لِأَنَّ التَّنْفِيلَ تَحْرِيضٌ عَلَى الْقِتَالِ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْمَقَاتِلِ حَتَّى لَوْ قَاتَلَ الصَّبِيُّ فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ اُسْتُحِقَّ سَلَبُهُ لِكَوْنِهِ بِالْقِتَالِ مُبَاحَ الدَّمِ وَيُسْتَحَقُّ السَّلَبُ بِقَتْلِ الْمَرِيضِ وَالْأَجِيرِ مِنْهُمْ وَالتَّاجِرِ فِي عَسْكَرِهِمْ وَالذِّمِّيِّ الَّذِي نَقَضَ الْعَهْدَ وَخَرَجَ؛ لِأَنَّ بُنْيَتَهُمْ صَالِحَةٌ لِلْقِتَالِ أَوْ هُمْ مُقَاتِلُونَ بِرَأْيِهِمْ.
(أَوْ يَقُولُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيَقُولُ أَيْ يَقُولُ الْإِمَامُ (لِسَرِيَّةٍ)
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
لَوْ أُكْرِهَ عَلَى غَيْرِ الْبَيْعِ مِنْ الرَّهْنِ وَنَحْوِهِ اسْتَحَقَّ سَهْمَ فَارِسٍ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْعِلَّةِ. اهـ. وَإِذَا بَاعَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ لَمْ يَسْقُطْ سَهْمُ الْفَارِسِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالتَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ الْخُمُسُ لِلْيَتِيمِ وَالْمِسْكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) مُفِيدٌ أَنَّهُ يُقْسَمُ الْخُمُسُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَصْنَافِ.
وَقَالَ قَاضِي خَانْ إنْ صَرْفَ الْخُمُسِ إلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ جَازَ عِنْدَنَا. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَلَّلَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنْ ذَكَرَ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافَ لِبَيَانِ الْمَصَارِفِ لَا لِإِيجَابِ الصَّرْفِ إلَى كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمْ شَيْئًا بَلْ لِتَعْيِينِ الْمَصْرِفِ حَتَّى لَا يَجُوزَ الصَّرْفُ إلَى غَيْرِ هَؤُلَاءِ كَمَا فِي الصَّدَقَاتِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى) إشَارَةٌ إلَى دُخُولِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ فِي الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ لَكِنَّهُ يُبْدَأُ بِهِمْ وَثُبُوتُ اسْتِحْقَاقِهِمْ هُوَ الْأَصَحُّ.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ بِسُقُوطِهِ كَمَا فِي الْكَافِي لِلنَّسَفِيِّ وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ سَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى يَسْتَحِقُّونَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْفَقْرِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَيَكُونُ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ. اهـ. .
وَفِي الْبَدَائِعِ تُعْطَى الْقَرَابَةُ كِفَايَتَهُمْ. (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِغَنِيِّهِمْ) فَإِنْ قِيلَ فَلَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ فِي ذِكْرِ اسْمِ الْيَتِيمِ حَيْثُ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ لَا بِالْيُتْمِ، أُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ دَفْعُ تَوَهُّمِ أَنَّ الْيَتِيمَ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا بِالْجِهَادِ وَالْيَتِيمُ صَغِيرٌ فَلَا يَسْتَحِقُّهَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: كَالصَّفِيِّ) قَالَ فِي طُلْبَةِ الطَّلَبَةِ وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَسْتَأْثِرُ بِالصَّفِيِّ زِيَادَةً عَلَى سَهْمِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ) سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُسْتَأْذِنِ مَنَعَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ إذَا دَخَلَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُخْمَسُ وَالْبَاقِي لِمَنْ أَصَابَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُمْ فَقَدْ الْتَزَمَ نُصْرَتَهُمْ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْكَافِي.
(قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ أَيْ نُدِبَ لَهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِذَا نَفَلَ) فَلَا خُمُسَ فِيمَا أَصَابَهُ أَحَدٌ وَيُورَثُ عَنْهُ وَلَوْ مَاتَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا مَعَ اسْتِبْرَائِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ كَانَتْ أَمَةً نَفَلَ بِهَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَمَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ) يَدْخُلُ فِيهِ الْإِمَامُ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي (قَوْلُهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْإِمَامُ النَّفَلَ إذَا قَالَ مَنْ قَتَلْته أَنَا) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ إلَّا إذَا عُمِّمَ بَعْدَهُ وَيَقَعُ التَّنْفِيلُ عَلَى كُلِّ قِتَالٍ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ مَا لَمْ يَرْجِعُوا وَلَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْوَالِي وَعَزْلِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ الثَّانِي، كَذَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَقُولُ لِسَرِيَّةٍ. . . إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مَتْنًا مُسْتَنَدُهُ مَا نَقَلَهُ عَنْ السِّيَرِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْعَسْكَرِ فَاقْتَضَى صِحَّتَهُ لِلسَّرِيَّةِ دُونَ الْعَسْكَرِ، وَقَدْ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْكَمَالِ عَنْ السِّيَرِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْعَسْكَرِ وَالسَّرِيَّةِ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ حَيْثُ قَالَ لَوْ قَالَ لِلْعَسْكَرِ كُلُّ مَا أَخَذْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ بِالسَّوِيَّةِ بَعْدَ الْخُمُسِ أَوْ لِلسَّرِيَّةِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ السَّهْمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَوْجَبَهُمَا الشَّرْعُ إذْ فِيهِ تَسْوِيَةُ الْفَارِسِ بِالرَّاجِلِ وَكَذَا لَوْ قَالَ مَا أَصَبْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ الْخُمُسِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ ذَكَرَهُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ