الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قِرَاءَةُ التَّوْرَاةِ، وَالزَّبُورِ، وَالْإِنْجِيلِ لَا) قِرَاءَةُ (الْقُنُوتِ) لِأَنَّهُ كَسَائِرِ الْأَدْعِيَةِ (وَلَا يُكْرَهُ لَهُ مَسُّ الْقُرْآنِ بِالْكُمِّ) عَلَى مَا سَبَقَ (وَدَفْعُ الْمُصْحَفِ لِلصَّبِيِّ) لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِمْ بِالْوُضُوءِ حَرَجًا بِهِمْ وَفِي تَأْخِيرِهِ إلَى الْبُلُوغِ تَقْلِيلَ حِفْظِ الْقُرْآنِ فَرُخِّصَ لِلضَّرُورَةِ.
ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلَانِ بِهِ فَقَالَ (وَيَجُوزَانِ) أَيْ
الْوُضُوءُ، وَالْغُسْلُ (بِمَاءِ الْبَحْرِ، وَالْعَيْنِ، وَالْبِئْرِ، وَالْمَطَرِ، وَالثَّلْجِ الذَّائِبِ
وَبِمَاءٍ قَصَدَ تَشْمِيسَهُ) أَيْ تَسْخِينَهُ بِالشَّمْسِ (وَقِيلَ يُكْرَهُ) قَائِلُهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ وَفِي قَوْلِهِ " قَصَدَ " إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ لَمْ يُكْرَهْ اتِّفَاقًا.
(وَ) يَجُوزَانِ (بِمَاءٍ يَنْعَقِدُ بِهِ الْمِلْحُ) كَذَا فِي عُيُونِ الْمَذَاهِبِ (لَا بِمَاءِ الْمِلْحِ) أَيْ الْحَاصِلِ بِذَوَبَانِ الْمِلْحِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ لَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَوَّلَ بَاقٍ عَلَى طَبِيعَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالثَّانِيَ انْقَلَبَ إلَى طَبِيعَةٍ أُخْرَى (وَإِنْ مَاتَ) أَيْ يَجُوزَانِ بِالْمِيَاهِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَمُوتَ (فِيهِ) أَيْ فِي وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْمِيَاهِ (غَيْرُ دَمَوِيٍّ) أَيْ مَا لَا دَمَ لَهُ سَائِلًا (كَالزُّنْبُورِ) ، وَالْعَقْرَبِ، وَالْبَقِّ، وَالذُّبَابِ وَنَحْوِهَا (أَوْ مَائِيُّ الْمَوْلِدِ كَالسَّمَكِ) ، وَالسَّرَطَانِ، وَالضُّفْدَعِ وَنَحْوِهَا، وَالضُّفْدَعُ الْبَحْرِيُّ وَالْبَرِّيُّ سَوَاءٌ وَقِيلَ الْبَرِّيُّ مُفْسِدٌ (أَوْ خَارِجَهُ) عَطْفٌ عَلَى فِيهِ أَيْ وَإِنْ مَاتَ خَارِجَهُ (فَأُلْقِيَ فِيهِ) يَعْنِي لَا فَرْقَ فِي الصَّحِيحِ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ فِي الْمَاءِ أَوْ خَارِجَهُ فَأُلْقِيَ فِيهِ (لَا مَائِيُّ الْمَعَاشِ وَبَرِّيُّ الْمَوْلِدِ) عَطْفٌ عَلَى مَائِيِّ الْمَوْلِدِ (كَالْبَطِّ) ، وَالْإِوَزِّ فَإِنَّ مَوْتَهُ فِي الْمَاءِ يُفْسِدُهُ (كَذَا) أَيْ كَالْمَاءِ (سَائِرُ الْمَائِعَاتِ) فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (أَوْ غَيَّرَ) عَطْفٌ عَلَى مَاتَ (أَوْصَافَهُ) أَيْ أَوْصَافَ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْمِيَاهِ وَهِيَ اللَّوْنُ، وَالطَّعْمُ، وَالرَّائِحَةُ (مُكْثٌ أَوْ طَاهِرٌ جَامِدٌ) احْتِرَازٌ عَنْ الْمَائِعِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ وَقَدْ وَقَعَتْ عِبَارَةُ كَثِيرٍ مِنْ الْمَشَايِخِ هَكَذَا أَوْ غَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ طَاهِرٌ فَتَوَهَّمَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ أَنَّ لَفْظَ الْأَحَدِ احْتِرَازٌ عَمَّا فَوْقَهُ حَتَّى قَالَ إذَا غَيَّرَ الْوَصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ لَوْ نَقَعَ الْحِمَّصَ أَوْ الْبَاقِلَاءَ فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ وَرِيحُهُ يَجُوزُ بِهِ الْوُضُوءُ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمَنْقُولُ عَنْ الْأَسَاتِذَةِ جَوَازُهُ حَتَّى أَنَّ أَوْرَاقَ الْأَشْجَارِ وَقْتَ الْخَرِيفِ تَقَعُ فِي الْحِيَاضِ فَتُغَيِّرُ مَاءَهَا مِنْ حَيْثُ اللَّوْنُ، وَالطَّعْمُ، وَالرَّائِحَةُ ثُمَّ إنَّهُمْ يَتَوَضَّئُونَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَأَشَارَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إلَيْهِ وَلَكِنْ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا عَلَى رِقَّتِهِ أَمَّا إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَصَارَ بِهِ ثَخِينًا فَلَا يَجُوزُ كَمَا سَيَأْتِي (كَأُشْنَانٍ وَزَعْفَرَانٍ وَفَاكِهَةٍ وَوَرَقٍ فِي الْأَصَحِّ) إشَارَةٌ إلَى مَا نَقَلَ مِنْ الْيَنَابِيعِ، وَالنِّهَايَةِ (إنْ بَقِيَ عَلَى رِقَّتِهِ) قَيْدٌ لِلْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَوْلُهُ (بِخِلَافِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ غَيَّرَ أَوْصَافَهُ (مَا غَيَّرَ أَحَدَهَا) أَيْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ (نَجَسٌ) فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْمَوْصُولِ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ» هُوَ النَّجَسُ لِأَنَّ الطَّاهِرَ لَا يُنَجِّسُ طَاهِرًا (وَبِجَارٍ) عَطْفٌ عَلَى مَاءٍ يَنْعَقِدُ وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْمَاءِ الْجَارِي فَاخْتِيرَ هَاهُنَا مُخْتَارُ الْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي وَهُوَ مَا (يَذْهَبُ بِتِبْنَةٍ) وَقَعَ (فِيهِ نَجَسٌ لَمْ يُرَ) أَيْ لَمْ يُدْرَكْ.
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
وَقِيلَ هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا قِرَاءَةُ الْقُنُوتِ) هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَكَرِهَهَا مُحَمَّدٌ لِشُبْهَةِ الْقُرْآنِ لِأَنَّ أُبَيًّا رضي الله عنه كَتَبَهُ فِي مُصْحَفِهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَدَفْعُ الْمُصْحَفِ لِلصَّبِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِمْ) كَانَ يَنْبَغِي إفْرَادُ الضَّمِيرِ لِلْمُطَابَقَةِ.
(فَرْعٌ مُهِمٌّ) : لَوْ كَانَ رُقْيَةً فِي غِلَافٍ مُتَجَافٍ عَنْهُ لَمْ يُكْرَهْ دُخُولُ الْخَلَاءِ بِهِ، وَالِاحْتِرَازُ عَنْ مِثْلِ هَذَا أَفْضَلُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
[أَحْكَام الْمِيَاه]
[الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ بِمَاءِ الْبَحْرِ وَالْعَيْنِ وَالْبِئْرِ وَالْمَطَرِ وَالثَّلْجِ الذَّائِبِ]
(قَوْلُهُ: وَبِمَاءٍ قَصَدَ تَشْمِيسَهُ) يَعْنِي بِلَا كَرَاهَةٍ لِمُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْبَرِّيُّ مُفْسِدٌ) قَالَ فِي الْبَحْرِ صَحَّحَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا لَكِنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَرِّيِّ دَمٌ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ فَإِنَّهُ يُفْسِدُهُ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ.
، وَالْبَحْرِيُّ مَا يَكُونُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ سُتْرَةٌ بِخِلَافِ الْبَرِّيِّ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: كَذَا) أَيْ كَالْمَاءِ سَائِرُ الْمَائِعَاتِ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ أَيْ فِي أَنَّهُ إذَا مَاتَ فِي الْمَائِعِ مَائِيُّ الْمَوْلِدِ لَا يُنَجِّسُهُ وَإِنْ مَاتَ فِيهِ بَرِّيُّ الْمَوْلِدِ وَمَائِيُّ الْمَعَاشِ نَجَّسَهُ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا غَيَّرَ أَحَدَهُمَا نَجَسٌ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِيهِ نَجَسٌ وَلَمْ يُغَيِّرْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ يَجُوزُ التَّطْهِيرُ بِهِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ الْقَلِيلُ مِنْ الْمَاءِ يَنْجُسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهَا أَثَرٌ وَلَا يُقَالُ إنَّ كَلَامَهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَخْتَصُّ بِالْقَلِيلِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ وَلِأَنَّ عَطْفَهُ الْمَاءَ الْجَارِيَ وَمَا هُوَ فِي حُكْمِهِ بَعْدَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَلِيلِ مِنْ الْمَاءِ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْمَوْصُولِ فِي قَوْلِهِ عليه السلام. . . إلَخْ فَهُوَ صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا أَوْ جَارِيًا لِمَا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ فِي سِيَاقِ دَلِيلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رحمه الله لِاعْتِبَارِهِ الْأَوْصَافَ مُطْلَقًا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» . . . إلَخْ إنَّهُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَاسْتَدَلَّ فِي الشَّرْحِ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَاءِ الْجَارِي وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ فَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ اسْتِدْلَالَهُ بِالْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ عَلَى جُزْءِ الدَّعْوَى.
(قَوْلُهُ: فَاخْتِيرَ هَاهُنَا مُخْتَارُ الْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي) أَقُولُ لَمْ يَقَعْ مُخْتَارًا فِي الْهِدَايَةِ بَلْ نُقِلَ فِيهَا عَلَى صِيغَةِ الضَّعْفِ وَعِبَارَتُهَا
(أَثَرُهُ) وَهُوَ اللَّوْنُ، وَالطَّعْمُ، وَالرَّائِحَةُ حَتَّى إنْ رُئِيَ لَمْ يَجُزْ اسْتِعْمَالُهُ (أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ) أَيْ الْجَارِي (وَهُوَ عَشْرٌ فِي عَشْرٍ) أَيْ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ فِي عَشَرَةِ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ الْكِرْبَاسِ بِحَسَبِ الطُّولِ، وَالْعَرْضِ وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الْعُمْقِ، وَالصَّحِيحُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ (لَا تَنْحَسِرُ) أَيْ لَا تَنْكَشِفُ (أَرْضُهُ بِالْغَرْفِ) لِلتَّوَضُّؤِ وَقِيلَ لِلِاغْتِسَالِ، وَإِذَا لَمْ يَتَنَجَّسْ كُلُّهُ هَلْ يَتَنَجَّسُ مَوْضِعُ الْوُقُوعِ إنْ كَانَتْ مَرْئِيَّةً تَنَجَّسَ وَإِلَّا فَلَا وَعِنْدَ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ يَتَنَجَّسُ فِيهِمَا (وَقَدْ يُعْتَبَرُ مَا هُوَ بِقَدْرِهِ) بِأَنْ يَكُونَ لَهُ طُولٌ وَعُمْقٌ وَلَا عَرْضَ لَهُ لَكِنْ لَوْ بُسِطَ صَارَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَلْ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيِّ لَا يَتَوَضَّأُ بِهِ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ تَصِلُ إلَى الْعَرْضِ وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ: يَتَوَضَّأُ بِهِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْعَرْضِ وَإِنْ أَوْجَبَ التَّنَجُّسَ لَكِنَّ اعْتِبَارَ الطُّولِ لَا يُوجِبُهُ فَلَا يَتَنَجَّسُ (هُوَ) أَيْ كَوْنُهُ طَاهِرًا هُوَ (الْمُخْتَارُ) لَا مَا قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ كَذَا فِي عُيُونِ الْمَذَاهِبِ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ الْحَوْضُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ لَكِنَّهُ عَمِيقٌ فَوَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ حَتَّى تَنَجَّسَ ثُمَّ انْبَسَطَ وَصَارَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ فَهُوَ نَجِسٌ وَلَوْ وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ وَهُوَ عَشْرٌ فِي عَشْرٍ ثُمَّ اجْتَمَعَ الْمَاءُ فَصَارَ أَقَلَّ مِنْ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ فَهُوَ طَاهِرٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (الْحَوْضُ مُدَوَّرٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا هُوَ الصَّحِيحُ) فَإِنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ إذَا رُبِّعَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
وَالْجَارِي مَا لَا يَتَكَرَّرُ اسْتِعْمَالُهُ وَقِيلَ هُوَ مَا يَذْهَبُ بِتِبْنَةٍ اهـ.
نَعَمْ هُوَ كَمَا فِي الْكَافِي لِأَنَّ لَفْظَهُ: وَالْجَارِي مَا يَذْهَبُ بِتِبْنَةٍ اهـ.
وَكَذَا مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْكَافِي فِي الْكَنْزِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ مَا يَذْهَبُ بِتِبْنَةٍ.
وَقَالَ شَارِحُهُ الزَّيْلَعِيُّ: وَحَدَّ الْجَرَيَانَ بِمَا ذَكَرَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ ذَكَرَ أَقْوَالًا رَابِعُهَا أَنَّهُ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ جَارِيًا وَهُوَ الْأَصَحُّ ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ، وَالتُّحْفَةِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ شَرْحِ الْكَنْزِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْجَارِي عَلَى أَقْوَالٍ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَاضِحُهَا أَنَّهُ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ جَارِيًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ، وَالتَّبْيِينِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَثَرُهُ وَهُوَ اللَّوْنُ، وَالطَّعْمُ، وَالرَّائِحَةُ حَتَّى إنْ رُئِيَ لَمْ يَجُزْ اسْتِعْمَالُهُ) أَقُولُ الْمُرَادُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ أَوْ الرَّائِحَةِ أَثَرٌ كَمَا قَالَ فِي الْكَنْزِ وَهُوَ طَعْمٌ أَوْ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: قَوْلُهُ: وَهُوَ طَعْمٌ أَيْ الْأَثَرُ هُوَ الطَّعْمُ أَوْ اللَّوْنُ، وَالرَّائِحَةُ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِذِرَاعِ الْكِرْبَاسِ) قَالَ الْكَمَالُ وَذِرَاعُ الْكِرْبَاسِ سِتُّ قَبَضَاتٍ لَيْسَ فَوْقَ كُلِّ قَبْضَةٍ أُصْبُعٌ قَائِمَةٌ وَجَعَلَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ سَبْعًا وَذِرَاعُ الْمِسَاحَةِ سَبْعٌ فَوْقَ كُلِّ قَبْضَةٍ أُصْبُعٌ قَائِمَةٌ، وَهَلْ الْمُعْتَبَرُ ذِرَاعُ الْمِسَاحَةِ أَوْ الْكِرْبَاسِ أَوْ فِي كُلِّ زَمَانِ وَمَكَانِ ذُرْعَانِهِمْ أَقْوَالٌ كُلٌّ مِنْهَا صَحَّحَهُ مَنْ ذَهَبَ إلَيْهِ، وَالْكُلُّ فِي الْمُرَبَّعِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْكَافِي: وَالْأَصَحُّ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ ذِرَاعُهُمْ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مَرْئِيَّةً تَنَجَّسَ وَإِلَّا فَلَا) أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يُدَارَ الْحُكْمُ عَلَى ظُهُورِ أَثَرِ النَّجَاسَةِ مَرْئِيَّةً كَانَتْ أَوْ لَا لِحُكْمِنَا أَنَّهُ كَالْجَارِي كَمَا قَالَ الْكَمَالُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ كَالْجَارِي لَا يَتَنَجَّسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي تَصْحِيحُهُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَرْئِيَّةِ وَغَيْرِهَا اهـ.
لِأَنَّ الدَّلِيلَ إنَّمَا يَقْتَضِي عِنْدَ الْكَثْرَةِ التَّنَجُّسَ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَهُوَ أَيْضًا الْحُكْمُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ نَقْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ لِهَذَا وَفِي النِّصَابِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ثُمَّ قَالَ: إنَّ مَشَايِخَ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ جَوَّزُوا الْوُضُوءَ مِنْ أَيِّ مَكَان كَانَ فِيمَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَرْئِيَّةٍ كَمَا قَالُوا جَمِيعًا فِي الْمَاءِ الْجَارِي وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَرْئِيَّةِ لَا تَسْتَقِرُّ فِي مَكَان وَاحِدٍ بَلْ تَنْتَقِلُ فَلَا يَتَيَقَّنُ بِالنَّجَاسَةِ فِي مَحَلِّ التَّوَضُّؤِ اهـ.
(قُلْت) وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ قَوْلَ الزَّيْلَعِيِّ وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ كُلَّ مَا خَالَطَهُ النَّجَسُ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ جَارِيًا وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.
لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ أَثَرُ الْمُخَالِطِ يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ جَارِيًا لِأَنَّ الْمُخَالَطَةَ فِي الْجَارِي لَا تَتَحَقَّقُ فِي الْمَحَلِّ إلَّا بِظُهُورِ الْأَثَرِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا فَرَّعَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَلَى مَا حَكَاهُ عَنْ الْكَرْخِيِّ بِقَوْلِهِ فَعَلَى هَذَا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي صَاحِبَ الْكَنْزِ بِقَوْلِهِ فَهُوَ أَيْ مَا كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ كَالْجَارِي لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَوْضِعَ الْوُقُوعِ لَا يَتَنَجَّسُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ كَالْجَارِي فَإِذَا تَنَجَّسَ مَوْضِعُ الْوُقُوعِ مِنْ الْجَارِي فَمِنْهُ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: هُوَ أَيْ كَوْنُهُ طَاهِرًا هُوَ الْمُخْتَارُ) قَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ نَقْلِ تَصْحِيحِ مِثْلِ هَذَا عَنْ الْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى التَّقْدِيرِ بِعَشْرٍ وَلَوْ فَرَّعْنَا عَلَى الْأَصَحِّ يَعْنِي مِنْ اعْتِبَارِ غَلَبَةِ الظَّنِّ تَفْوِيضًا لِرَأْيِ الْمُبْتَلَى يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ أَكْبَرُ الرَّأْيِ لَوْ ضُمَّ وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ عُمِّقَ بِلَا سَعَةٍ وَلَوْ بُسِطَ بَلَغَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَحَّحَ جَعْلَهُ كَثِيرًا، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ مَدَارَ الْكَثْرَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى تَحْكِيمِ الرَّأْيِ فِي عَدَمِ خُلُوصِ النَّجَاسَةِ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَعِنْدَ تَقَارُبِ الْجَوَانِبِ لَا شَكَّ فِي غَلَبَةِ ظَنِّ الْخُلُوصِ إلَيْهِ، وَالِاسْتِعْمَالُ يَقَعُ مِنْ السَّطْحِ لَا مِنْ الْعُمْقِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ ضَعْفُ مَا اخْتَارَهُ فِي الِاخْتِيَارِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرْضٌ فَأَقْرَبُ الْأُمُورِ الْحُكْمُ بِوُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنْ عَرْضِهِ، وَبِهِ خَالَفَ حُكْمَ الْكَثِيرِ إذْ لَيْسَ حُكْمُ الْكَثِيرِ تَنَجُّسَ الْجَانِبِ الْآخَرِ بِسُقُوطِهَا فِي مُقَابَلَةٍ بِدُونِ تَغَيُّرٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: الْحَوْضُ الْمُدَوَّرُ. . . إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ: فَإِنْ كَانَ الْحَوْضُ مُدَوَّرًا فَقُدِّرَ بِأَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَالْمُخْتَارُ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ وَفِي الْحِسَابِ يُكْتَفَى بِأَقَلَّ عَنْهَا بِكَسْرٍ لِلنِّسْبَةِ لَكِنْ يُفْتَى بِسِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ كَيْ لَا يَتَعَسَّرَ رِعَايَةُ الْكَسْرِ، وَالْكُلُّ تَحَكُّمَاتٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ إنَّمَا الصَّحِيحُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عَدَمِ
كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ لِأَنَّ الدَّائِرَةَ أَوْسَعُ الْأَشْكَالِ وَهُوَ مُبَرْهَنٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحُسَّابِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(لَا) أَيْ لَا يَجُوزَانِ (بِمَا) الرِّوَايَةُ بِالْقَصْرِ عَلَى أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ (اُعْتُصِرَ مِنْ شَجَرٍ) وَاخْتُلِفَ فِي الْمُتَقَاطِرِ مِنْ الشَّجَرِ فِي الْهِدَايَةِ مَا يَقْطُرُ مِنْ الْكَرْمِ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ.
وَفِي الْمُحِيطِ لَا يُتَوَضَّأُ بِمَا يَسِيلُ مِنْ الْكَرْمِ لِكَمَالِ الِامْتِزَاجِ (أَوْ) اُعْتُصِرَ مِنْ (ثَمَرٍ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ إذْ لَا يَتَبَادَرُ إلَيْهِ الذِّهْنُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.
(وَ) لَا يَجُوزَانِ أَيْضًا (بِمَاءٍ) بِالْمَدِّ (زَالَ طَبْعُهُ) وَهُوَ السَّيَلَانُ وَالْإِرْوَاءُ وَالْإِنْبَاتُ بِالطَّبْخِ (كَشَرَابِ الرِّيبَاسِ) مِثَالٌ لِمَا اُعْتُصِرَ مِنْ شَجَرٍ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِمَّا قِيلَ كَالْأَشْرِبَةِ فَإِنَّهُ عَلَى عُمُومِهِ مُشْكِلٌ (وَالْخَلِّ) مِثَالُ مَا اُعْتُصِرَ مِنْ ثَمَرٍ (وَالْمَرَقِ) مِثَالٌ لِمَا زَالَ طَبْعُهُ بِالطَّبْخِ (أَوْ بِغَلَبَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ) وَلَمْ يُمَثِّلْ لَهُ لِأَنَّ عِبَارَاتِ الْقَوْمِ فِيهِ مُخْتَلِفَةٌ وَرِوَايَاتِهِمْ فِي الظَّاهِرِ مُتَخَالِفَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَابِطَةٍ يُعْرَفُ بِهَا حَقِيقَةُ الْحَالِ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُتْلَى عَلَيْك مِنْ الْمَقَالِ وَهِيَ أَنَّ الْمُطَهِّرَ هُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ فَزَوَالُ إطْلَاقِهِ إمَّا بِكَمَالِ الِامْتِزَاجِ أَوْ بِغَلَبَةِ الْمُمْتَزِجِ، الْأَوَّلُ إمَّا بِالطَّبْخِ بِطَاهِرٍ لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّنْظِيفُ أَوْ بِتَشَرُّبِ النَّبَاتِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ بِلَا عِلَاجٍ، وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخَالِطُ جَامِدًا أَوْ مَائِعًا فَالْأَوَّلُ إنْ جَرَى عَلَى الْأَعْضَاءِ فَالْغَالِبُ الْمَاءُ، وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخَالِطُ لَا يُخَالِفُ الْمَاءَ فِي صِفَةٍ مِنْ اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ وَالرَّائِحَةِ أَوْ يُخَالِفُهُ فِي جَمِيعِهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا، فَالْأَوَّلُ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ، وَالْمُسْتَخْرَجِ مِنْ النَّبَاتِ بِالتَّقْطِيرِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْغَلَبَةُ بِالْأَجْزَاءِ، وَالثَّانِي إنْ غَيَّرَ الثَّلَاثَ أَوْ الثِّنْتَيْنِ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ وَإِلَّا جَازَ، وَإِنْ خَالَفَهُ فِي صِفَةٍ أَوْ صِفَتَيْنِ يُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ كَاللَّبَنِ مَثَلًا يُخَالِفُهُ فِي اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ فَإِنْ كَانَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ غَالِبًا فِيهِ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ وَإِلَّا جَازَ وَكَذَا مَاءُ الْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْغَلَبَةُ بِالطَّعْمِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ جَمِيعُ مَا جَاءَ مِنْهُمْ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
التَّحَكُّمِ بِتَقْدِيرٍ مُعَيَّنٍ اهـ.
لَكِنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ مَا نَقَلَ الْمُصَنِّفُ وَالْكَمَالُ مِنْ جِهَةِ الْحِسَابِ بَعِيدٌ، وَالصَّوَابُ وَاضِحٌ لِمَنْ يَعْرِفُ الْحِسَابَ.
(ثُمَّ قُلْت) مُبَيِّنًا لِلصَّوَابِ وَهُوَ كَلَامُ الظَّهِيرِيَّةِ الَّذِي تَبِعَهُ مُؤَلِّفُ الدُّرَرِ وَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِنَّ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ فِي الْمُدَوَّرِ تَبْلُغُ مِائَةَ ذِرَاعٍ كَالْعَشْرِ فِي عُشْرِ الْمُرَبَّعِ بِزِيَادَةِ كَسْرٍ فَإِلْزَامُ قَدْرٍ يَزِيدُ عَلَى السِّتَّةِ وَالثَّلَاثِينَ لَا وَجْهَ لَهُ عَلَى التَّقْدِيرِ بِعَشْرٍ فِي عَشْرٍ عِنْدَ جَمِيعِ الْحُسَّابِ، وَطَرِيقُ مِسَاحَتِهِ أَنْ تَضْرِبَ نِصْفَ قُطْرِ الْمُسْتَدِيرِ فِي نِصْفِ دَوْرِهِ يَكُونُ مِائَةَ ذِرَاعٍ وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ ذِرَاعٍ، وَقُطْرُ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ أَحَدَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَخُمْسُ ذِرَاعٍ، وَنِصْفُ الْقُطْرِ خَمْسَةٌ وَنِصْفٌ وَعَشْرٌ فَتَضْرِبُ نِصْفَ الْقُطْرِ فِي نِصْفِ السِّتَّةِ وَالثَّلَاثِينَ وَهُوَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَبْلُغُ مِائَةَ ذِرَاعٍ وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ ذِرَاعٍ، بَيَانُهُ: أَنْ تَبْسُطَ الْخَمْسَةَ وَالنِّصْفَ، وَالْعَشْرَ سِتَّةً وَخَمْسِينَ لِدُخُولِ النِّصْفِ فِي الْعَشْرِ وَزِيَادَةُ وَاحِدٍ هُوَ بَسْطُ الْكَسْرِ ثُمَّ تَضْرِبُ سِتَّةً وَخَمْسِينَ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ الَّتِي هِيَ نِصْفُ الدَّوْرِ فَيَخْرُجُ أَلْفٌ وَثَمَانِيَةٌ فَتَقْسِمُهَا عَلَى مَخْرَجِ الْكَسْرِ وَهُوَ عَشَرَةٌ وَبِقِسْمَةِ أَلْفٍ عَلَى عَشَرَةٍ يَخْرُجُ مِائَةٌ وَبِقِسْمَةِ ثَمَانِيَةٍ عَلَى عَشَرَةٍ يَخْرُجُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهَذَا مِثَالُ الْحَوْضِ الْمُدَوَّرِ وَقُطْرِهِ، وَالْقُطْرُ: هُوَ الْخَطُّ الْمَارُّ عَلَى الْمَرْكَزِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى جَانِبَيْ الْمُحِيطِ لِلْمُدَوَّرَةِ، وَنِصْفُهُ هُوَ هَذَا الْقَاطِعُ لِنِصْفِهِ بِالْمُشَاهَدَةِ وَبُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّنَا عَلِمْنَا الدَّوْرَ وَالْمِسَاحَةَ الَّتِي هِيَ تَكْسِيرُ الدَّائِرَةِ فَقَسَمْنَا الْمِسَاحَةَ عَلَى رُبْعِ الدَّوْرِ وَهُوَ تِسْعَةٌ فَخَرَجَ الْقُطْرُ أَحَدَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَخُمُسَ ذِرَاعٍ وَبُرْهَانُ اعْتِبَارِ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ بِقِسْمَةِ الْمِسَاحَةِ وَهِيَ مِائَةُ ذِرَاعٍ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ ذِرَاعٍ عَلَى نِصْفِ الْقُطْرِ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَدْ بَسَطْنَا ذَلِكَ بِرِسَالَةٍ سَمَّيْتهَا الزَّهْرُ النَّضِيرُ عَلَى الْحَوْضِ الْمُسْتَدِيرِ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الْقَوْلَ الْمُخَالِفَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُدَوَّرُ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ أَوْ سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ أَوْ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ لَا وَجَهْلِهِ فِي قَوْلِ الْحُسَّابِ مَعَ اعْتِبَارِ الْعَشْرِ فِي الْعَشْرِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مُلْهِمِ الصَّوَابِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُحِيطِ لَا يَتَوَضَّأُ بِمَا يَسِيلُ مِنْ الْكَرْمِ) أَقُولُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلِ إمَّا بِالطَّبْخِ بِطَاهِرٍ لَا يَقْصِدُ بِهِ التَّنْظِيفَ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ طُبِخَ بِمَا يُقْصَدُ بِهِ التَّنْظِيفُ لَا يَزُولُ بِهِ إطْلَاقُهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الْمَاءِ فَيَسْلُبُ رِقَّتَهُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ بِلَا عِلَاجٍ) هَذَا عَلَى غَيْرِ الْأَظْهَرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَمَّا عَلَى الْأَظْهَرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ خُرُوجِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعِلَاجٍ (قَوْلُهُ: كَاللَّبَنِ مَثَلًا يُخَالِفُهُ فِي اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ فَإِنْ كَانَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ غَالِبًا فِيهِ لَمْ يَجُزْ) أَقُولُ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ فَإِنْ كَانَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ كَمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْمُقْتَحِمُ لِهَذَا الضَّابِطِ فَإِنْ كَانَ لَوْنُ اللَّبَنِ أَوْ طَعْمُهُ هُوَ الْغَالِبُ فِيهِ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ وَإِلَّا جَازَ (وَتَوْضِيحُهُ) مَا قَالَهُ فِي تِبْيَانِ التَّوْفِيقِ بِقَوْلِهِ: وَيُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنْ غَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُخَالِطُ يُخَالِفُهُ فِي الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إذَا غَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا إذَا كَانَ يُخَالِفُهُ فِي وَصْفٍ وَاحِدٍ أَوْ وَصْفَيْنِ