الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَوَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِي وُضُوءَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ.
(مَلْبُوسَيْنِ عَلَى طُهْرٍ تَامٍّ عِنْدَ الْحَدَثِ) هَذَا أَحْسَنُ مِمَّا قِيلَ إذَا لَبِسَهُمَا عَلَى طُهْرٍ تَامٍّ عِنْدَ الْحَدَثِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هَاهُنَا الْإِشَارَةُ إلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا بُدَّ مِنْ لُبْسِهِمَا عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ ابْتِدَاءً حَتَّى لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَتَمَّ الْوُضُوءَ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ وَنَحْنُ نَقُولُ يَكْفِي كَوْنُ الْوُضُوءِ وَاللُّبْسِ مَوْجُودَيْنِ وَقْتَ الْحَدَثِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ زَمَانُ بَقَاءِ اللُّبْسِ لَا زَمَانُ حُدُوثِهِ، وَالْمُفِيدُ لِلْبَقَاءِ، وَالِاسْتِمْرَارِ هُوَ الِاسْمُ لِأَنَّ الْفِعْلَ يُفِيدُ التَّجَدُّدَ، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَحْسَنُ لِجَوَازِ تَوْجِيهِ عِبَارَةِ الْقَوْمِ بِأَنْ يُجْعَلَ عَلَى طُهْرٍ تَامٍّ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ لَبِسَ وَعِنْدَ الْحَدَثِ مُتَعَلِّقًا بِتَامٍّ، وَالْمَعْنَى إذَا لَبِسَهُمَا كَائِنًا عَلَى طُهْرٍ هُوَ تَامٌّ عِنْدَ الْحَدَثِ فَيَكُونُ مَآلُ الْعِبَارَتَيْنِ وَاحِدًا.
(لِلْمُقِيمِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: جَازَ (يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةً) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا لِقَوْلِهِ عليه السلام «يَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا» (مِنْ حِينِ الْحَدَثِ) لَا حِينِ اللُّبْسِ وَلَا الْمَسْحِ لِأَنَّ الزَّمَانَ الَّذِي يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْمَسْحِ هُوَ وَقْتُ الْحَدَثِ.
(عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ) مُتَعَلِّقٌ أَيْضًا بِقَوْلِهِ جَازَ، الْخُفُّ مَا يَسْتُرُ الْكَعْبَ أَوْ يَكُونُ الظَّاهِرُ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الرِّجْلِ أَصْغَرَهَا أَمَّا لَوْ ظَهَرَ قَدْرَهَا فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَرْقِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ وَاسِعًا بِحَيْثُ تُرَى رِجْلُهُ مِنْ أَعْلَى الْخُفِّ قَيَّدَ بِالظَّاهِرِ إذْ لَا يَجُوزُ عَلَى بَاطِنِهِ وَعَقِبِهِ وَسَاقِهِ لِأَنَّ الْمَسْحَ مَعْدُولٌ بِهِ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ فَيُرَاعَى فِيهِ جَمِيعُ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ (أَوْ جُرْمُوقَيْهِ) هُمَا خُفَّانِ يُلْبَسَانِ فَوْقَ الْخُفِّ وِقَايَةً لَهُمَا (الْمَلْبُوسَيْنِ عَلَى الْخُفِّ قَبْلَ الْحَدَثِ) حَتَّى لَوْ لَبِسَهُمَا عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَدَثِ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْبَدَلَ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَلٌ بِالرَّأْيِ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ «رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ» ثُمَّ إنَّهُ لَيْسَ بِبَدَلٍ عَنْ الْخُفِّ وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ بَلْ عَنْ الرِّجْلِ كَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا الْجُرْمُوقُ لِأَنَّ الْوَظِيفَةَ كَانَتْ بِالرِّجْلِ وَلَمْ يَكُنْ بِالْخُفِّ وَظِيفَةٌ لِيَصِيرَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَيَصِيرُ الْجُرْمُوقُ بَدَلًا مَانِعًا مِنْ سِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَيْهِ بَلْ يَمْنَعُ السِّرَايَةَ إلَى الرِّجْلِ وَلِذَا قُلْنَا إذَا أَحْدَثَ وَمَسَحَ بِالْخُفِّ أَوْ لَمْ يَمْسَحْ فَلَبِسَ الْجُرْمُوقَ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَسْحِ اسْتَقَرَّ بِالْخُفِّ فَصَارَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ حُكْمًا فَلَوْ مَسَحَ عَلَى الْجُرْمُوقِ يَكُونُ بَدَلًا عَنْهُ وَإِذًا لَا يَجُوزُ كَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا أَقُولُ يُعْلَمُ مِنْهُ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى خُفٍّ لُبِسَ فَوْقَ مَخِيطٍ مِنْ كِرْبَاسٍ أَوْ جُوخٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْجُرْمُوقَ إذَا كَانَ بَدَلًا مِنْ الرِّجْلِ وَجُعِلَ الْخُفَّ مَعَ جَوَازِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
[مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]
قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ الْحَدَثِ) هَذَا عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: لَا حِينَ اللُّبْسِ وَلَا الْمَسْحِ) يَعْنِي كَمَا قَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ.
(قَوْلُهُ: قَيَّدَ بِالظَّاهِرِ. . . إلَخْ) أَقُولُهُ وَجَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى غَيْرِ النَّاصِيَةِ مِنْ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ لِبَيَانِ مَا ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَلَا كَذَلِكَ الْخُفُّ فَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ نُصْبِ الشَّرْعِ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجُوزُ عَلَى بَاطِنِهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى مَا قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ مَسْحُ بَاطِنِ الْخُفِّ أَوْلَى مِنْ ظَاهِرِهِ وَنَقَلَ الْكَمَالُ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَاطِنِ عِنْدَهُمْ مَحَلُّ الْوَطْءِ لَا مَا يُلَاقِي الْبَشَرَةَ لَكِنْ بِتَقْدِيرِهِ لَا تَظْهَرُ أَوْلَوِيَّةُ مَسْحِ بَاطِنِهِ لَوْ كَانَ بِالرَّأْيِ بَلْ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ مَا يُلَاقِي الْبَشَرَةَ وَذَكَرَ وَجْهَهُ (قَوْلُهُ: هُمَا خُفَّانِ يُلْبَسَانِ. . . إلَخْ) .
أَقُولُ قَيَّدَ الْجُرْمُوقَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ أُدُمٍ إذْ لَوْ كَانَ مِنْ الْكِرْبَاسِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَقِيقًا يَصِلُ الْبَلَلُ إلَى مَا تَحْتَهُ اهـ.
وَكَذَا فِي الْكَافِي وَالزَّيْلَعِيِّ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْبَحْرِ.
(وَأَقُولُ) لَعَلَّ هَذَا التَّقْيِيدَ عَلَى الْمَرْجُوحِ لِمَا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الثَّخِينِ وَحِينَئِذٍ لَا يَخْتَصُّ الْجَوَازُ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ مُنْفَرِدًا فَيَجُوزُ وَلَوْ لُبِسَ عَلَى خُفٍّ مِثْلِهِ أَوْ مِنْ أُدُمٍ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَقُولُ يُعْلَمُ مِنْهُ جَوَازُ الْمَسْحِ. . . إلَخْ)
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ الْحَقُّ كَمَا سَنَذْكُرُهُ لَكِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خُفَّاهُ صَالِحَيْنِ لِلْمَسْحِ لِخَرْقِهِمَا يَجُوزُ عَلَى الْمُوقَيْنِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْكَافِي، وَنَقَلَ مِنْ فَتَاوَى الشَّاذِيِّ أَنَّ مَا يُلْبَسُ مِنْ الْكِرْبَاسِ الْمُجَرَّدِ تَحْتَ الْخُفِّ يَمْنَعُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ لِكَوْنِهِ فَاصِلًا وَقِطْعَةُ كِرْبَاسٍ تُلَفُّ عَلَى الرِّجْلِ لَا تَمْنَعُ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ لِلُبْسٍ لَكِنْ يُفْهَمُ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْكَافِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ لِأَنَّ الْخُفَّ الْغَيْرَ صَالِحٍ لِلْمَسْحِ إذَا لَمْ يَكُنْ فَاصِلًا فَأَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْكِرْبَاسِ
الْمَسْحِ عَلَيْهِ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ فَلَأَنْ يَكُونَ الْخُفُّ بَدَلًا عَنْ الرِّجْلِ وَيُجْعَلَ مَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ أَوْلَى كَمَا فِي اللِّفَافَةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْإِمَامَ الْغَزَالِيَّ فِي الْوَجِيزِ وَالرَّافِعِيَّ فِي شَرْحِهِ لَهُ مَعَ الْتِزَامِهِمَا بِذِكْرِ خِلَافِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَسَائِلِ أَوْرَدَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي صُورَةِ الِاتِّفَاقِ وَكَأَنَّ مَشَايِخُنَا إنَّمَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ فِيمَا اُشْتُهِرَ مِنْ كُتُبِهِمْ اكْتِفَاءً بِمَا قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الْجُرْمُوقِ مِنْ كَوْنِهِ خَلَفًا عَنْ الرِّجْلِ (أَوْ جَوْرَبَيْهِ الثَّخِينَيْنِ) أَيْ بِحَيْثُ يَسْتَمْسِكَانِ عَلَى السَّاقِ بِلَا شَكٍّ كَانَ الْإِمَامُ لَا يُجَوِّزُ الْمَسْحَ عَلَيْهِمَا أَوَّلًا وَيُجَوِّزُهُ صَاحِبَاهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمَا، وَبِهِ يُفْتِي (أَوْ الْمُنَعَّلَيْنِ) الْمُنَعَّلِ، وَالْمُنَعَّلُ مَا وُضِعَ الْجِلْدُ عَلَى أَسْفَلِهِ كَالنَّعْلِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُمْكِنُ مُوَاظَبَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ كَالْخُفِّ (أَوْ الْمُجَلَّدَيْنِ) وَهُوَ مَا وُضِعَ الْجِلْدُ عَلَى أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ فَيَكُونُ كَالْخُفِّ (لَا) يَجُوزُ الْمَسْحُ (عَلَى عِمَامَةٍ وَقَلَنْسُوَةٍ وَبُرْقُعٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِهَا الْخِمَارُ (وَقُفَّازَيْنِ) مَا يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ أَوْ مِخْلَبِ الصَّقْرِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الْحَرَجِ وَلَا حَرَجَ فِي نَزْعِهَا لَكِنْ لَوْ مَسَحَتْ عَلَى خِمَارِهَا وَنَفَذَتْ الْبَلَّةُ إلَى رَأْسِهَا حَتَّى ابْتَلَّ قَدْرُ الرُّبْعِ جَازَ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
(وَفَرْضُهُ) أَيْ فَرْضُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ (قَدْرُ ثَلَاثَةِ أَصَابِعِ الْيَدِ) مِنْ كُلِّ رِجْلٍ عَلَى حِدَةٍ حَتَّى لَوْ مَسَحَ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ مِقْدَارَ أُصْبُعَيْنِ وَعَلَى الْأُخْرَى مِقْدَارَ خَمْسِ أَصَابِعَ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِمِيَاهٍ جَدِيدَةٍ جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَبِلَا تَجْدِيدٍ لَا، وَلَوْ أَصَابَ مَوْضِعَ الْمَسْحِ مَاءُ مَطَرٍ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ جَازَ وَكَذَا لَوْ مَشَى فِي حَشِيشٍ مُبْتَلٍّ بِالْمَطَرِ أَوْ الطَّلِّ أَوْ أَصَابَ الْخُفَّ طَلٌّ قَدْرَ الْوَاجِبِ وَذِكْرُ الْيَدِ احْتِرَازٌ عَنْ أَصَابِعِ الرِّجْلِ كَمَا رَوَى الْكَرْخِيُّ.
(وَسُنَّتُهُ مَدُّهَا) أَيْ الْأَصَابِعِ حَالَ كَوْنِهَا (مُفَرَّجَةً مِنْ أَصَابِعِ الْقَدَمِ إلَى السَّاقِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ الْمَشَايِخِ يَشْهَدُ بِهِ التَّتَبُّعُ فَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ مَا زَادَ عَلَى مِقْدَارِ ثَلَاثِ أَصَابِعَ إنَّمَا هُوَ بِمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ فَلَا اعْتِبَارَ لَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَدَّ الْأَصَابِعِ إلَى السَّاقِ إذَا كَانَ سُنَّةً لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بِالْمَاءِ الْمُطَهِّرِ، وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ غَيْرُ مُطَهِّرٍ وَأَيْضًا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ فِي الْعُضْوِ لَمْ يَكُنْ مُسْتَعْمَلًا فَكَيْفَ يَصِحُّ مَا ذَكَرَ (خَرْقُ قَدْرِ ثَلَاثِهَا) أَيْ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْقَدَمِ (الْأَصَاغِرِ يَمْنَعُهُ) أَيْ الْمَسْحَ وَهُوَ خَبَرُ قَوْلِهِ خَرْقُ اعْتَبَرَ أَصَابِعَ الْقَدَمِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْقَدَمِ حَتَّى تَجِبُ الدِّيَةُ بِقَطْعِهَا بِلَا كَفٍّ وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ وَلِأَنَّهَا الْمُنْكَشِفَةُ وَاعْتَبَرَ الْأَصَاغِرَ لِلِاحْتِيَاطِ هَذَا إذَا كَانَ خَرْقُ الْخَلْفِ غَيْرَ مُقَابِلٍ لِلْأَصَابِعِ وَفِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْعَقِبِ أَمَّا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
فَاصِلًا أَوْلَى اهـ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ: وَقَدْ وَقَعَ فِي عَصْرِنَا بَيْنَ فُقَهَاءِ الرُّومِ فِي الرُّومِ كَلَامٌ كَثِيرٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ تَمَسَّكَ بِمَا فِي فَتَاوَى الشَّاذِيِّ وَأَفْتَى بِمَنْعِ الْمَسْحِ وَرَدَّ عَلَى ابْنِ الْمَلَكِ فِي عَزْوِهِ لِلْكَافِي إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ كَافِي النَّسَفِيِّ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِالْجَوَازِ وَهُوَ الْحَقُّ وَذَكَرَ وَجْهَهُ فَلْيُرَاجِعْهُ مَنْ رَامَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمَا) أَقُولُ وَلَمْ يَكُنْ الرُّجُوعُ نَصًّا مِنْهُ بَلْ اسْتِدْلَالًا لِمَا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِهِ حُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَقَالَ لِعُوَّادِهِ فَعَلْت مَا كُنْت أَمْنَعُ النَّاسَ عَنْهُ قَالَ رحمه الله اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى رُجُوعِهِ إلَى قَوْلِهِمَا.
وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مُحِيطِ وَكَانَ الشَّيْخُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يَقُولُ هَذَا كَلَامٌ مُحْتَمَلٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ رُجُوعًا إلَى قَوْلِهِمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ رُجُوعًا وَيَكُونُ اعْتِذَارًا لَهُمْ إنَّمَا أَخَذْت بِقَوْلِ الْمُخَالِفِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَثْبُتُ الرُّجُوعُ بِالشَّكِّ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: وَبُرْقُعٍ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِهَا الْخِمَارُ) أَقُولُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ بَلْ هُوَ كَمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ الْبُرْقُعُ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِهَا خُرَيْقَةٌ تُثْقَبُ لِلْعَيْنَيْنِ تَلْبَسُهَا الدَّوَابُّ وَنِسَاءُ الْعَرَبِ عَلَى وُجُوهِهِنَّ.
(قَوْلُهُ: وَفَرْضُهُ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْيَدِ) يَعْنِي مِنْ أَصْغَرِهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَالْبُرْهَانِ وَاكْتَفَى الْمُصَنِّفُ رحمه الله بِذِكْرِ قَدْرِ الْآلَةِ عَنْ ذِكْرِ قَدْرِ الْمَمْسُوحِ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِبَيَانِ الْآلَةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَأَشَارَ بِلَفْظِ الْقَدْرِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِذَاتِ الْأَصَابِعِ كَمَا ذَكَرَهُ فِيمَا بَعْدُ.
(تَنْبِيهٌ) : شَرْطُهُ بَقَاءُ قَدْرِ الْمَفْرُوضِ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْقَدَمَيْنِ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَهُوَ مُقَدَّمُ الرِّجْلِ إذْ لَوْ قُطِعَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَبَقِيَ مِنْهَا أَقَلُّ مِنْهُ أَوْ قَدْرُهُ لَكِنْ مِنْ الْعَقِبِ لَا يَمْسَحُ لِوُجُوبِ غَسْلِ ذَلِكَ الْبَاقِي كَمَا لَوْ قُطِعَتْ مِنْ الْكَعْبِ حَيْثُ يَجِبُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يَمْسَحُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ الطَّلِّ) هَذَا عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ بِالطَّلِّ لِأَنَّهُ نَفَسُ دَابَّةٍ لَا مَاءٌ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْيَدَ. . . إلَخْ) .
أَقُولُ، وَالْمُحْتَرِزُ بِهِ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.
(قَوْلُهُ: إلَى السَّاقِ) يَعْنِي فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: هَذِهِ الْعِبَارَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ الْمَشَايِخِ) أَقُولُ أَسْنَدَ النَّقْلَ إلَيْهِمْ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ نَقَلُوا ذَلِكَ الْفِعْلَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيَكُونَ مَسْنُونًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَيَانِ سُنَّةِ الْمَسْحِ يَبْدَأُ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى السَّاقِ هَكَذَا نُقِلَ فِعْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اهـ.
(قَوْلُهُ: خَرْقُ قَدْرِ ثَلَاثِهَا. . . إلَخْ) أَقُولُ وَمَقْطُوعُ الْأَصَابِعِ يَعْتَبِرُ بِأَصَابِعِ غَيْرِهِ وَقِيلَ بِأَصَابِعِ نَفْسِهِ لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ، وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي وَلَكِنْ لَمْ يَعْزُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْقَدَمِ) هَذَا عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ أَصَابِعُ الْيَدِ