الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَصِحُّ أَدَاءُ الْوَقْتِيَّةِ وَعَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ إنْ قَلَّتْ بَعْدَ الْكَثْرَةِ عَادَ التَّرْتِيبُ زَجْرًا لَهُ عَنْ التَّهَاوُنِ بِالصَّلَاةِ وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
(إذَا كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ) فَاشْتَغَلَ بِالْقَضَاءِ يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَنَحْوِهِمَا وَيَنْوِي أَيْضًا ظُهْرَ يَوْمِ كَذَا أَوْ عَصْرَ يَوْمِ كَذَا إذْ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الظُّهْرَيْنِ فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا فَاخْتِلَافُ الْوَقْتِ كَاخْتِلَافِ السَّبَبِ وَاخْتِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنْ أَرَادَ تَسْهِيلَ الْأَمْرِ عَلَيْهِ (نَوَى أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ أَوْ آخِرَهُ) أَيْ آخِرَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ فَإِذَا نَوَى الْأَوَّلَ وَصَلَّى فَمَا يَلِيهِ يَصِيرُ أَوَّلًا، وَكَذَا لَوْ نَوَى آخِرَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ وَصَلَّى فَمَا قَبْلَهُ يَصِيرُ آخِرًا فَيَحْصُلُ التَّعْيِينُ (كَذَا الصَّوْمُ) أَيْ كَمَا يَحْتَاجُ إلَى التَّعْيِينِ فِي الصَّلَاةِ يَحْتَاجُ أَيْضًا إلَيْهِ فِي الصَّوْمِ (لَوْ) كَانَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقَضَاءِ (مِنْ رَمَضَانَيْنِ) فَيَنْوِي أَوَّلَ صَوْمٍ عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي أَوْ آخِرَ صَوْمٍ عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ رَمَضَانَيْنِ (فَلَا) يَحْتَاجُ إلَى التَّعَيُّنِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ فَقَضَى يَوْمًا وَلَمْ يُعَيِّنْ جَازَ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ فِي الصَّوْمِ وَاحِدٌ وَهُوَ الشَّهْرُ وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ إكْمَالَ الْعَدَدِ وَالسَّبَبُ فِي الصَّلَاةِ مُخْتَلِفٌ وَهُوَ الْوَقْتُ وَبِاخْتِلَافِ السَّبَبِ يَخْتَلِفُ الْوَاجِبُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ فِي النِّصَابِ.
وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى إذَا قَضَى الْفَائِتَةَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَهَا فِي بَيْتِهِ لَا فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى لَا يَقِفَ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ مَعْصِيَةٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي حَالِ الصِّحَّةِ ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا يَضُرُّهُ الْوُضُوءُ فَكَانَ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ فَأَدَّى الْفَوَائِتَ فِي الْمَرَضِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ جَازَ، وَلَوْ صَحَّ وَقَدَرَ عَلَى الْقَضَاءِ يَسْقُطُ الْقَضَاءُ.
(بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ)
(إذَا تَعَذَّرَ الْقِيَامُ لِمَرَضٍ) حَصَلَ (قَبْلَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (أَوْ فِيهَا أَوْ خَافَ زِيَادَتَهُ) أَيْ الْمَرَضِ (أَوْ) خَافَ بُطْءَ الْبُرْءِ بِهِ أَيْ بِسَبَبِ الْقِيَامِ (أَوْ) خَافَ (دَوَرَانَ الرَّأْسِ أَوْ يَجِدُ لِلْقِيَامِ أَلَمًا شَدِيدًا قَعَدَ) جَوَابُ إذَا تَعَذَّرَ (كَيْفَ شَاءَ) مِنْ التَّرَبُّعِ وَغَيْرِهِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
(قَوْلُهُ وَعَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ. . . إلَخْ) أَقُولُ اخْتَارَ فِي الْهِدَايَةِ فَقَالَ يَعُودُ التَّرْتِيبُ بِالْعَوْدِ إلَى الْقِلَّةِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ اهـ. وَذَكَرَ دَلِيلَهُ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى عَوْدِ التَّرْتِيبِ.
وَقَالَ الْكَمَالُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ ثُمَّ قَالَ وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّرْتِيبَ إذَا سَقَطَ لَا يَعُودُ.
(قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَيْ عَدَمُ الْعَوْدِ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَاخْتِيَارُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبِ الْمُحِيطِ وَقَاضِي خَانْ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ. . . إلَخْ) كَذَلِكَ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ عَلَيْهِ الْفَتْوَى.
(قَوْلُهُ إذَا كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ. . . إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ وَخِلَافُهُ مَا قَالَهُ فِي الْكَنْزِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى لَوْ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ صَحَّ، وَلَوْ عَنْ رَمَضَانَيْنِ كَقَضَاءِ الصَّلَاةِ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ أَوَّلَ صَلَاةٍ أَوْ آخِرَ صَلَاةٍ عَلَيْهِ اهـ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي رَمَضَانَ وَاحِدٍ وَلَا يَجُوزُ فِي رَمَضَانَيْنِ مَا لَمْ يُعَيِّنْ أَنَّهُ صَائِمٌ عَنْ رَمَضَانَ سَنَةَ كَذَا، وَكَذَا فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ تَسْهِيلَ الْأَمْرِ عَلَيْهِ نَوَى أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ أَوْ آخِرَهُ) أَقُولُ اقْتَصَرَ هُنَا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ فِي النِّيَّةِ كَالزَّيْلَعِيِّ وَقَدَّمَ فِي كَيْفِيَّةِ نِيَّةِ الظُّهْرِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ زِيَادَةَ قَوْلِهِ أَدْرَكْت وَقْتَهُ وَلَمْ أُصَلِّهِ بَعْدُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]
(قَوْلُهُ إذَا تَعَذَّرَ الْقِيَامُ) أَرَادَ بِهِ التَّعَذُّرَ الْحَقِيقِيَّ لِذِكْرِهِ الْحُكْمِيَّ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ يَجِدُ لِلْقِيَامِ أَلَمًا شَدِيدًا تَبَعًا لِمَا قَالَ فِي الْكَافِي التَّعَذُّرُ قَدْ يَكُونُ حَقِيقِيًّا بِحَيْثُ لَوْ قَامَ يَسْقُطُ، وَقَدْ يَكُونُ حُكْمِيًّا بِأَنْ يَخَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ أَوْ يَجِدَ وَجَعًا لِذَلِكَ اهـ.
وَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ مِثْلَ الْمُصَنِّفِ فِي النُّقَايَةِ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ إذَا تَعَذَّرَ الْقِيَامُ قَالَ شَارِحُهَا الشُّمُنِّيُّ تَعَذَّرَ الْقِيَامُ أَيْ شَقَّ وَعَسِرَ وَلَا يُرِيدُونَ بِالتَّعَذُّرِ عَدَمَ الْإِمْكَانِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ إذَا عَجَزَ الْمَرِيضُ عَنْ الْقِيَامِ. . . إلَخْ قَالَ الْكَمَالُ الْمُرَادُ أَعَمُّ مِنْ الْعَجْزِ الْحَقِيقِيِّ حَتَّى لَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ لَكِنْ يَخَافُ بِسَبَبِهِ إبْطَاءَ الْبُرْءِ أَوْ كَأَنْ يَجِدَ أَلَمًا شَدِيدًا إذَا قَامَ جَازَ لَهُ تَرْكُهُ.
(قَوْلُهُ أَوْ خَافَ زِيَادَتَهُ) قَدَّمْنَا فِي بَابِ التَّيَمُّمِ الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَجِدَ لِلْقِيَامِ أَلَمًا شَدِيدًا) قَالَ الْكَمَالُ فَإِنْ لَحِقَهُ نَوْعُ مَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ تَرْكُ الْقِيَامِ بِسَبَبِهَا.
(قَوْلُهُ كَيْفَ شَاءَ مِنْ التَّرَبُّعِ وَغَيْرِهِ) هُوَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ لَمَّا قَالَ قَاضِي خَانْ يَجْلِسُ الْمَرِيضُ فِي صَلَاتِهِ كَيْفَ شَاءَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّهُ يَتَرَبَّعُ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَرْكَعُ مُتَرَبِّعًا اهـ قُلْت وَرِوَايَةُ مُحَمَّدٍ تَشْمَلُ حَالَةَ التَّشَهُّدِ لِإِطْلَاقِهَا وَلِذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْعُدُ كَيْفَ شَاءَ اهـ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ كَيْفَ تَيَسَّرَ عَلَيْهِ اهـ لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ أَمَّا فِي حَالَةِ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ بِالْإِجْمَاعِ. وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَحَالِ الرُّكُوعِ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجْلِسُ كَيْفَ شَاءَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إنْ شَاءَ مُحْتَبِيًا، وَإِنْ شَاءَ مُتَرَبِّعًا، وَإِنْ شَاءَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ.
وَقَالَ زُفَرُ
(وَصَلَّى) قَاعِدًا (بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ) ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ قَامَ بِأَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّكْبِيرِ قَائِمًا أَوْ عَلَى التَّكْبِيرِ وَبَعْضِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْقِيَامِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ، وَلَوْ تَرَكَ هَذَا خِيفَ أَنْ لَا تَجُوزَ صَلَاتُهُ (وَإِنْ تَعَذَّرَا) أَيْ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لَا الْقِيَامُ (أَوْمَأَ قَاعِدًا) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِيمَاءِ قَائِمًا.
(وَ) لَكِنْ (سُجُودُهُ أَخْفَضُ مِنْ رُكُوعِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ قَائِمٌ مُقَامَهُمَا فَأَخَذَ حُكْمَهُمَا وَلَا يُرْفَعُ إلَيْهِ شَيْءٌ لِيَسْجُدَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِمَرِيضٍ دَخَلَ عَلَيْهِ عَائِدًا «إنْ قَدَرْت أَنْ تَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ فَاسْجُدْ وَإِلَّا فَأَوْمِئْ» (وَلَوْ رُفِعَ إلَيْهِ شَيْءٌ وَخَفَضَ رَأْسَهُ أَوْ سَجَدَ عَلَى مَا لَا يَجِدُ حَجْمَهُ) وَلَا تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ جَبْهَتُهُ (جَازَ) لِوُجُودِ الْإِيمَاءِ وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ تَعَذَّرَ) أَيْ الْقُعُودُ (أَوْمَأَ مُسْتَلْقِيًا وَرِجْلَاهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «يُصَلِّي الْمَرِيضُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ وَالصَّحِيحُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ عُذْرَ الْمَرَضِ أَسْقَطَ عَنْهُ الْأَرْكَانَ فَلَأَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ الْهَيْئَاتِ أَوْلَى، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالتَّجْنِيسِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ زُفَرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَيْسَرُ عَلَى الْمَرِيضِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ الْأَيْسَرُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِكَيْفِيَّةٍ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ فَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ اهـ مَا فِي الْبَحْرِ قُلْت وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا وَارِدٌ عَلَى حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ يَجْلِسُ فِي حَالِ التَّشَهُّدِ كَمَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّقْيِيدِ فِيهِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ وَصَلَّى قَاعِدًا) أَيْ، وَلَوْ مُسْتَنِدًا إلَى حَائِطٍ أَوْ إنْسَانٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَلَا تُجْزِئُهُ مُضْطَجِعًا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ النِّهَايَةِ قُلْت فَقَوْلُهُ يَجِبُ الْمُرَادُ بِهِ اللُّزُومُ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ قَامَ) أَقُولُ أَيْ، وَلَوْ مُتَّكِئًا لِمَا فِي التَّبْيِينِ لَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مُتَّكِئًا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّي مُتَّكِئًا وَلَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى عَصًا أَوْ خَادِمٍ لَهُ فَإِنَّهُ يَقُومُ وَيَتَّكِئُ خُصُوصًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ اهـ. وَالتَّقْيِيدُ بِالْقُدْرَةِ عَلَى كُلِّ الْقِيَامِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ لَا يَنْفِي لُزُومَ الِاتِّكَاءِ فِي الْبَعْضِ بَلْ يُفِيدُ لُزُومَهُ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ مُعْتَبَرٌ بِالْكُلِّ.
(قَوْلُهُ أَوْمَأَ) بِالْهَمْزِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِيمَاءِ قَائِمًا) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالسُّجُودِ.
وَقَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ يُومِئُ لِلرُّكُوعِ قَائِمًا وَلِلسُّجُودِ قَاعِدًا، وَقَالَ زُفَرُ كَالشَّافِعِيِّ يُومِئُ بِهِمَا قَائِمًا لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ قُلْتُ وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى جَوَازِ الْإِيمَاءِ قَائِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبُرْهَانِ فَمَا فِي الْمُجْتَبَى، وَإِنْ أَوْمَأَ بِالسُّجُودِ قَائِمًا لَمْ يَجُزْ وَهَذَا أَحْسَنُ وَأَقْيَسُ كَمَا لَوْ أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ جَالِسًا لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِ خُوَاهَرْ زَادَهْ، وَقَدْ ضَعَّفَ قَوْلَهُ لِنَقْلِهِ فِي الْبُرْهَانِ بِصِيغَةِ قِيلَ وَلِذَا قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ لِمَا فِي الْمُجْتَبَى وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ الْإِيمَاءِ بِهِمَا قَائِمًا وَقَاعِدًا كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ رُفِعَ إلَيْهِ شَيْءٌ وَخَفَضَ. . . إلَخْ) أَقُولُ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةُ لَا الْحِلُّ وَاسْتَدَلَّ لِلْكَرَاهَةِ بِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَأَرَادَ بِخَفْضِ الرَّأْسِ خَفْضَهَا لِلرُّكُوعِ ثُمَّ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ حَتَّى لَوْ سَوَّى لَمْ يَصِحَّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجِيِّ اهـ.
وَفِي إطْلَاقِ اسْمِ السُّجُودِ فِي قَوْلِهِ أَوْ سَجَدَ عَلَى مَا لَمْ يَجِدْ حَجْمَهُ تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةُ السُّجُودِ مَا عَجَزَ عَنْهُ وَهُوَ وَضْعُ بَعْضِ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
(قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْإِيمَاءِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى قَدْ كَانَ كَيْفِيَّةُ الْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُتَشَبِّهًا عَلَى أَنَّهُ يَكْفِيهِ بَعْضُ الِانْحِنَاءِ أَوْ أَقْصَى مَا يُمْكِنُ إلَى أَنْ ظَفِرْت بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَى الرِّوَايَةِ وَهُوَ مَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ الْمُومِئَ إذَا خَفَضَ رَأْسَهُ لِلرُّكُوعِ شَيْئًا ثُمَّ لِلسُّجُودِ شَيْئًا جَازَ، وَلَوْ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَسَائِدَ وَأَلْصَقَ جَبْهَتَهُ عَلَيْهَا وَوَجَدَ أَدْنَى الِانْخِفَاضِ جَازَ عَنْ الْإِيمَاءِ وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ إذَا كَانَ بِجَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ عُذْرٌ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَقْرِيبُ الْجَبْهَةِ إلَى الْأَرْضِ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُ وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ اهـ قُلْت وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْعُذْرِ بِكُلٍّ مِنْ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ لِجَوَازِ الْإِيمَاءِ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِهِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَوْهَرَةِ لَوْ كَانَ بِجَبْهَتِهِ قُرُوحٌ لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ عَلَيْهَا لَمْ يُجْزِهِ الْإِيمَاءُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى أَنْفِهِ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ اهـ.
وَلَعَلَّ هَذَا عَلَى الْمَرْجُوحِ وَهُوَ جَوَازِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَنْفِ أَوْ الْجَبْهَةِ. وَأَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ وَهُوَ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْأَنْفِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ وَجَبَ ضَمُّهُ إلَى الْجَبْهَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْزِئَهُ الْإِيمَاءُ مَعَ قُدْرَةِ السُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ، وَإِنْ أَثِمَ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا» . . . إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَقَالَ الْكَمَالُ هُوَ غَرِيبٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْكَمَالِ غَرِيبٌ، وَذَكَرَ لَهُ وَجْهًا ثُمَّ قُرِئَ ذَلِكَ عَلَى الْكَمَالِ فَقَالَ قَوْلُ الْمُعْتَرِضِ عَلَيَّ فِي قَوْلِي غَرِيبٌ لَيْسَ وَارِدًا، وَذَكَرَ وَجْهَهُ ثُمَّ قَالَ فَقَوْلِي غَرِيبٌ لَيْسَ بِغَرِيبٍ كَمَا ذَكَرَ وَمَا تَكَلَّفَهُ أَيْ الْمُعْتَرِضُ مِنْ الْإِشْكَالِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِمَنْ تَأَمَّلَ فِي ذَلِكَ اهـ. وَلَوْلَا الْإِطَالَةُ لَأَثْبَتَ جَمِيعَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَذَّرَ أَيْ الْعُقُودُ أَوْمَأَ مُسْتَلْقِيًا. . . إلَخْ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ اسْتَلْقَى عَلَى جَنْبِهِ، وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَأَوْمَأَ جَازَ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ قَبْلُ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى هُوَ الْأَوَّلُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ اهـ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى الْقَفَا وَالِاضْطِجَاعِ عَلَى الْجَنْبِ جَوَابُ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ كَالْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا وَفِي
قَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى قَفَاهُ يُومِئُ إيمَاءً فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِقَبُولِ الْعُذْرِ مِنْهُ» وَيَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ تَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ لِيُشْبِهَ الْقَاعِدَ وَيَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِيمَاءِ إذْ حَقِيقَةُ الِاسْتِلْقَاءِ تَمْنَعُ الْإِيمَاءَ لِلصَّحِيحِ فَكَيْفَ لِلْمَرِيضِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
(وَإِنْ تَعَذَّرَ) الْإِيمَاءُ (أُخِّرَتْ) الصَّلَاةُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ (وَلَا يُومِئُ بِعَيْنَيْهِ وَلَا بِحَاجِبَيْهِ وَلَا بِقَلْبِهِ) لِمَا رَوَيْنَا وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ (مَرِضَ فِي صَلَاتِهِ يُتِمُّ بِمَا قَدَرَ) أَيْ صَلَّى صَحِيحٌ بَعْضَ صَلَاتِهِ قَائِمًا ثُمَّ مَرِضَ يُتِمُّهَا قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ أَوْ يُومِئُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ مُسْتَلْقِيًا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقُعُودِ؛ لِأَنَّهُ بَنَى الْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى كَاقْتِدَاءِ الْمُومِئِ بِالصَّحِيحِ (صَحَّ فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (رَاكِعٌ وَسَاجِدٌ قَاعِدًا) يَعْنِي إنْ كَانَ مَرِيضًا عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ فَصَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إذَا صَحَّ فِيهَا (يَبْنِي قَائِمًا) ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ كَالِاقْتِدَاءِ وَالْقَائِمُ يَقْتَدِي بِالْقَاعِدِ فَكَذَا الْمُنْفَرِدُ يَبْنِي آخِرَ صَلَاتِهِ عَلَى أَوَّلِهَا (وَمُومِئٌ كَذَلِكَ) أَيْ صَحَّ فِي الصَّلَاةِ لَا يَبْنِي بَلْ (يَسْتَأْنِفُ) ؛ لِأَنَّ اقْتِدَاءَ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ بِالْمُومِئِ لَمْ يَجُزْ فَكَذَا الْبِنَاءُ (لِلْمُتَطَوِّعِ) الْقَائِمِ (يَجُوزُ أَنْ يَتَّكِئَ عَلَى شَيْءٍ) كَعَصًا أَوْ حَائِطٍ (أَوْ يَقْعُدَ إنْ أَعْيَا) ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ هَاهُنَا مَسْأَلَتَانِ مَسْأَلَةُ الْإِتْكَاءِ وَمَسْأَلَةُ الْقُعُودِ وَكُلٌّ عَلَى نَوْعَيْنِ بِعُذْرٍ وَبِلَا عُذْرٍ أَمَّا الِاتِّكَاءُ بِعُذْرٍ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ إجْمَاعًا وَبِغَيْرِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
الْقُنْيَةِ مَرِيضٌ اضْطَجَعَ عَلَى جَنْبِهِ وَصَلَّى وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِاسْتِلْقَاءِ قِيلَ يَجُوزُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِلْقَاءُ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ، وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ اهـ. ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَهَذَا الْأَظْهَرُ خَفِيَ وَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ اهـ.
وَفِي الْمُجْتَبَى وَيَنْبَغِي لِلْمُسْتَلْقِي أَنْ يَنْصِبَ رُكْبَتَهُ إنْ قَدَرَ حَتَّى لَا يَمُدَّ رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِيمَاءُ أُخِّرَتْ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى مَا سَاقَهُ مِنْ الْحَدِيثِ لِكَوْنِهِ دَلِيلًا لَهُ كَمَا فَعَلَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ.
(قَوْلُهُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ) أَقُولُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ. وَقَوْلُهُ أُخِّرَتْ عَنْهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ، وَإِنْ كَانَ الْعَجْزُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إذَا كَانَ مُفِيقًا هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ يَفْهَمُ مَضْمُونَ الْخِطَابِ بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازٌ عَمَّا صَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إذَا كَثُرَ، وَإِنْ كَانَ يَفْهَمُ مَضْمُونَ الْخِطَابِ فَجَعَلَهُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَفِي الْمُحِيطِ مِثْلُهُ وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ.
وَفِي الْيَنَابِيعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَمَنْ تَأَمَّلَ تَعْلِيلَ الْأَصْحَابِ فِي الْأُصُولِ وَمَسْأَلَةَ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَقْضِي وَفِيمَا دُونَهَا يَقْضِي إنْ قَدَحَ فِي ذِهْنِهِ إيجَابُ الْقَضَاءِ عَلَى هَذَا الْمَرِيضِ إلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ حَتَّى يَلْزَمَ الْإِيصَاءُ بِهِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِطَرِيقٍ وَسُقُوطُهُ إنْ زَادَ اهـ.
وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ مَعَ زِيَادَةٍ قَالَ قَاضِي خَانْ إنَّ الصَّحِيحَ السُّقُوطُ عِنْدَ الْكَثْرَةِ لَا الْقِلَّةِ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَصَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَجَزَمَ بِهِ الْوَلْوَالِجِيُّ وَصَاحِبُ التَّجْنِيسِ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْهِدَايَةِ اهـ قُلْت صَاحِبُ التَّجْنِيسِ هُوَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فَحَيْثُ خَالَفَ مَا فِيهَا مُوَافِقًا لِلْأَكْثَرِ يُرْجَعُ إلَيْهِ دُونَ مَا فِي الْهِدَايَةِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِقَبُولِ الْعُذْرِ» أَيْ عُذْرِ السُّقُوطِ وَعَلَى مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مَعْنَاهُ بِقَبُولِ عُذْرِ التَّأْخِيرِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ اهـ.
(تَنْبِيهٌ) : لَوْ مَاتَ الْمَرِيضُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ بِالْإِيمَاءِ لَا يَلْزَمُهُ الْإِيصَاءُ بِهَا، وَإِنْ قَلَّتْ كَالْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ إذَا أَفْطَرَا أَوْ مَاتَا قَبْلَ الْإِقَامَةِ وَالصِّحَّةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ لَا فِدْيَةَ فِي الصَّلَوَاتِ حَالَةَ الْحَيَاةِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ اهـ قُلْت يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَصِلْ الْمَرِيضُ إلَى حَالَةٍ يَعْجِزُ فِيهَا عَنْ الْإِيمَاءِ، أَمَّا لَوْ كَانَ وَدَامَ إلَى الْمَوْتِ وَفَدَى فَصِحَّتُهَا مُتَّجِهَةٌ. اهـ. وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ كَيْفِيَّةَ الْفِدْيَةِ لِلصَّلَاةِ فِي الصَّوْمِ.
(قَوْلُهُ وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ) أَقُولُ لَكِنَّهُ قَالَ إذَا صَحَّ أَعَادَ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ الْإِيمَاءِ بِالْعَيْنِ وَالْقَلْبِ وَالْحَاجِبِ عِنْدَ زُفَرَ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَكِنْ رَتَّبَ زُفَرُ فِي الْجَوَازِ لِمَا قَالَ الشُّمُنِّيُّ.
وَقَالَ زُفَرُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ بِالرَّأْسِ يُومِئُ بِالْحَاجِبِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْعَيْنِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْقَلْبِ اهـ.
(قَوْلُهُ مَرِضَ فِي صَلَاتِهِ يُتِمُّ بِمَا قَدَرَ. . . إلَخْ) هُوَ الصَّحِيحُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ إذَا صَارَ إلَى الْإِيمَاءِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَتَهُ انْعَقَدَتْ مُوجِبَةً لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلَا تَجُوزُ بِدُونِهِمَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ صَحَّ فِيهَا رَاكِعٌ وَسَاجِدٌ. . . إلَخْ) هَذَا عِنْدَهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَسْتَقْبِلُ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الِاقْتِدَاءِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(قَوْلُهُ وَمُومِئٌ كَذَلِكَ أَيْ صَحَّ فِي الصَّلَاةِ لَا يَبْنِي. . . إلَخْ) أَقُولُ هَذَا عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ زُفَرُ يَبْنِي بِنَاءً عَلَى إجَازَتِهِ اقْتِدَاءَ الرَّاكِعِ بِالْمُومِئِ قُلْت فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا إذَا أَدَّى بَعْضَهَا قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا بِالْإِيمَاءِ فَإِنْ افْتَتَحَهَا قَاعِدًا بِنِيَّةِ الْإِيمَاءِ ثُمَّ قَدَرَ قَبْلَ الْإِيمَاءِ لِلرُّكُوعِ يُتِمُّهَا، وَإِنْ افْتَتَحَهَا مُضْطَجِعًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ دُونَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ هُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الْقُعُودِ أَقْوَى فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّعِيفِ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ وَالْبَحْرِ. (قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ