الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَقْتُ الظُّهْرِ فَتَبْطُلُ) الْجُمُعَةُ (بِخُرُوجِهِ) أَيْ وَقْتِ الظُّهْرِ فَيُقْضَى الظُّهْرُ وَلَا تُقَامُ الْجُمُعَةُ.
(وَ) شَرْطُ صِحَّتِهَا أَيْضًا (الْخُطْبَةُ نَحْوُ تَسْبِيحَةٍ) وَعِنْدَهُمَا لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ طَوِيلٍ يُسَمَّى خُطْبَةً وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا بُدَّ مِنْ خُطْبَتَيْنِ يَشْتَمِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى التَّحْمِيدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى وَالْأُولَى عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ (قَبْلَهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (فِي وَقْتِهَا) فَلَوْ صَلَّى بِلَا خُطْبَةٍ أَوْ بِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَ الْوَقْتِ بَطَلَتْ الْجُمُعَةُ فَتُعَادُ فِي وَقْتِهَا.
(وَ) شَرْطُ صِحَّتِهَا أَيْضًا (الْجَمَاعَةُ وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةُ رِجَالٍ سِوَى الْإِمَامِ فَإِنْ نَفَرُوا) أَيْ تَفَرَّقَ الْجَمَاعَةُ (قَبْلَ سُجُودِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (بَطَلَتْ) الْجُمُعَةُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا وَلَزِمَ الْبَدْءُ بِالظُّهْرِ (وَإِنْ بَقِيَ ثَلَاثَةٌ أَوْ نَفَرُوا بَعْدَ سُجُودِهِ أَتَمَّهَا) ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ، وَقَدْ انْعَقَدَتْ فَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا لَهُ.
(وَ) شَرْطُ صِحَّتِهَا أَيْضًا (الْإِذْنُ الْعَامُّ) أَيْ أَنْ يَأْذَنَ الْأَمِيرُ لِلنَّاسِ إذْنًا عَامًّا حَتَّى لَوْ أَغْلَقَ بَابَ قَصْرِهِ وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَخَصَائِصِ الدِّينِ فَتَجِبُ إقَامَتُهَا عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِهَارِ، وَإِنْ فَتَحَ بَابَ قَصْرِهِ وَأَذِنَ لِلنَّاسِ بِالدُّخُولِ جَازَ وَكُرِهَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْضِ حَقَّ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ.
(وَشَرْطُ وُجُوبِهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ شَرْطُ صِحَّتِهَا (الْإِقَامَةُ بِمِصْرٍ وَالصِّحَّةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَسَلَامَةُ الْعَيْنِ وَالرِّجْلِ فَفَاقِدُهَا) أَيْ فَاقِدُ هَذِهِ الشُّرُوطِ (وَنَحْوُهُ) كَالْمُخْتَفِي مِنْ السُّلْطَانِ الظَّالِمِ وَالْمَسْجُونِ (إنْ صَلَّاهَا تَقَعُ فَرْضًا) ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ لِأَجْلِهِ تَخْفِيفًا فَإِذَا تَحَمَّلَهُ جَازَ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ كَالْمُسَافِرِ إذَا صَامَ (جَازَتْ) الْجُمُعَةُ (فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْمِصْرِ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ فِي الِاجْتِمَاعِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي مَدِينَةٍ كَبِيرَةٍ حَرَجًا بَيِّنًا وَهُوَ مَدْفُوعٌ (الصَّالِحُ لِلْإِمَامَةِ فِي غَيْرِهَا صَالِحٌ فِيهَا فَجَازَتْ لِلْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرِيضِ) .
وَقَالَ زُفَرُ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِمْ كَالصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَلَنَا أَنَّهُمْ أَهْلٌ لِلْإِمَامَةِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُمْ الْوُجُوبُ تَخْفِيفًا لِلرُّخْصَةِ فَإِذَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
فِنَائِهَا.
[شُرُوط الْجُمُعَةَ]
(قَوْلُهُ نَحْوُ تَسْبِيحَةٍ) أَقُولُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَالْخُطْبَةُ شَرْطُ الِانْعِقَادِ فِي حَقِّ مَنْ يُنْشِئُ التَّحْرِيمَةَ لِلْجُمُعَةِ لَا فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ صَلَّاهَا وَسَنَذْكُرُ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ عَنْ الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ طَوِيلٍ. . . إلَخْ) هُوَ أَنْ يُثْنِيَ عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَدْعُوَ لِلْمُسْلِمِينَ لِلتَّوَارُثِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.
(قَوْلُهُ قَبْلَهَا أَيْ الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِهَا) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَكَمَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْخُطْبَةِ وَقْتُ الظُّهْرِ يُشْتَرَطُ حُضُورُ مُصَلِّي الْجُمُعَةِ وَيَكْفِي لِوُقُوعِهَا الشَّرْطُ حُضُورُ وَاحِدٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ شَرْحُ الْكَنْزِ قَالَ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ، وَإِنْ الْجَوْهَرَةِ، ثُمَّ لِلْخُطْبَةِ شَرْطَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالثَّانِي بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ اهـ لَكِنْ قَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ هَذَا: ثُمَّ يُشْتَرَطُ عِنْدَهُ أَيْ الْإِمَامِ فِي التَّسْبِيحَةِ وَالتَّحْمِيدَةِ أَنْ تُقَالَ عَلَى قَصْدِ الْخُطْبَةِ فَلَوْ حَمِدَ لِعُطَاسٍ لَا تُجْزِئُ عَنْ الْوَاجِبِ أَيْ عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ وَمُقْتَضَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَوْ خَطَبَ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْضُرَهُ أَحَدٌ أَنَّهُ يَجُوزُ وَهَذَا الْكَلَامُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَبِي حَنِيفَةَ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ مَا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ وَفِي الْأَصْلِ قَالَ فِيهِ رِوَايَتَانِ فَلْيَكُنْ الْمُعْتَبَرُ إحْدَاهُمَا الْمُتَفَرِّعَةَ وَعَلَى الْأُخْرَى لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ وَاحِدٍ كَمَا قَدَّمْنَا اهـ.
وَفِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْخُطْبَةُ وَحْدَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ نَفَرُوا قَبْلَ سُجُودِهِ بَطَلَتْ) أَقُولُ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُحْرِمُوا مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى حَتَّى رَكَعَ وَلَمْ يُشَارِكُوهُ فِي الرُّكُوعِ فَإِنْ أَدْرَكُوهُ فِي الرُّكُوعِ صَحَّتْ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَعَزَاهُ قَاضِي خَانْ إلَى الْأَصْلِ وَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيمَا إذَا كَبَّرُوا بَعْدَ الْقِرَاءَةِ ضَعِيفٌ لِنَقْلِ قَاضِي خَانْ لَهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ) أَقُولُ وَهَذَا كَالْخُطْبَةِ بِخِلَافِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ لِلْأَدَاءِ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الِانْعِقَادِ أَنْ يُحْرِمَ مَعَهُ مَنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ وَبِهِ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ فَقَالَ لَوْ خَطَبَ الْإِمَامُ وَكَبَّرَ وَالْقَوْمُ قُعُودٌ يَتَحَدَّثُونَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُونَ لَمْ يَجُزْ كَأَنَّهُ وَحْدَهُ حَتَّى يُكَبِّرَ الْأَوَّلُونَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ اهـ.
وَلَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ إذَا خَطَبَ وَفَرَغَ فَذَهَبَ ذَلِكَ الْقَوْمُ وَجَاءَ قَوْمٌ آخَرُونَ لَمْ يَشْهَدُوا الْخُطْبَةَ فَصَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ خَطَبَ وَالْقَوْمُ حُضُورٌ فَتَحَقَّقَ الشَّرْطُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ إذَا جَاءَ قَوْمٌ آخَرُونَ وَلَمْ يَرْجِعْ الْأَوَّلُونَ يُصَلِّي بِهِمْ أَرْبَعًا إلَّا أَنْ يُعِيدَ الْخُطْبَةَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَسَلَامَةُ الْعَيْنِ وَالرِّجْلِ) فَإِنْ وَجَدَ الْأَعْمَى قَائِدًا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُقْعَدِ، وَإِنْ وَجَدَ حَامِلًا اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ فَفَاقِدُهَا وَنَحْوُهُ كَالْمُخْتَفِي. . . إلَخْ) أَقُولُ، وَكَذَا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي ضَعُفَ مُلْحَقٌ بِالْمَرِيضِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ شُمُولُ مَنْ لَيْسَ حُرًّا، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ وَالْعَبْدِ الَّذِي حَضَرَ بَابَ الْمَسْجِدِ لِحِفْظِ الدَّابَّةِ إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْحِفْظِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ الْخِلَافُ فِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ إذَا كَانَ يَسْعَى اهـ. كَذَا قَالَهُ الْكَمَالُ قُلْت وَمَا بَحَثَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَوْهَرَةِ قَالَ وَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ قَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا وَالْأَصَحُّ الْوُجُوبُ، وَكَذَا مُعْتَقُ الْبَعْضِ فِي حَالِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ. وَأَمَّا الْمَأْذُونُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى اهـ
حَضَرُوا تَقَعُ فَرْضًا كَالْمُسَافِرِ إذَا صَامَ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ وَالْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ إمَامًا لِلرِّجَالِ (وَتَنْعَقِدُ) الْجُمُعَةُ (بِهِمْ) أَيْ بِحُضُورِهِمْ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُمْ جَازَتْ؛ لِأَنَّهُمْ صَلَحُوا لِلْإِمَامَةِ فَأَوْلَى أَنْ يَصْلُحُوا لِلِاقْتِدَاءِ.
(وَكُرِهَ يَوْمَهَا) أَيْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (بِمِصْرٍ) احْتِرَازٌ عَنْ السَّوَادِ (ظُهْرُ مَعْذُورٍ وَمَسْجُونٍ وَمُسَافِرٍ وَأَهْلِ مِصْرٍ فَاتَتْهُمْ الْجُمُعَةُ بِجَمَاعَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ ظُهْرُ مَعْذُورٍ، وَإِنَّمَا كُرِهَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِخْلَالِ بِالْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا جَامِعَةٌ لِلْجَمَاعَاتِ بِخِلَافِ أَهْلِ السَّوَادِ إذْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ صَلَّوْا أَجْزَأَهُمْ لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ كَرَاهَةُ ظُهْرِ غَيْرِ الْمَعْذُورِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
(وَ) كُرِهَ (ظُهْرُ غَيْرِهِمْ) أَيْ غَيْرِ الْمَعْذُورِ وَالْمَسْجُونِ وَالْمُسَافِرِ (قَبْلَهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْإِخْلَالِ (فَإِنْ نَدِمَ) وَأَرَادَ أَنْ يَحْضُرَهَا (وَسَعَى إلَيْهَا وَالْإِمَامُ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ (بَطَلَ ظُهْرُهُ) بِمُجَرَّدِ سَعْيِهِ إلَيْهَا سَوَاءٌ (أَدْرَكَهَا أَوْ لَا) ، وَقَالَا لَا يَبْطُلُ حَتَّى يَدْخُلَ مَعَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ دُونَ الظُّهْرِ فَلَا يَنْقُضُهُ بَعْدَ تَمَامِهِ وَالْجُمُعَةُ فَوْقَهُ فَتَنْقُضُهُ فَصَارَ كَالْمُتَوَجِّهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَلَهُ أَنَّ السَّعْيَ إلَى الْجُمُعَةِ مِنْ خَصَائِصِ الْجُمُعَةِ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَتَهَا فِي حَقِّ انْتِقَاضِ الظُّهْرِ احْتِيَاطًا بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا لَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَعْيٍ إلَيْهَا وَلَا بِمَعْنَاهُ.
(وَمُدْرِكُهَا فِي التَّشَهُّدِ أَوْ سُجُودِ السَّهْوِ يُتِمُّهَا) ؛ لِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَلَّى مَعَهُ مَا أَدْرَكَ وَبَنَى عَلَيْهِ الْجُمُعَةَ عِنْدَهُمَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ أَكْثَرَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَنَى عَلَيْهَا الْجُمُعَةَ، وَإِنْ أَدْرَكَ أَقَلَّهَا بَنَى عَلَيْهَا الظُّهْرَ.
(لَا يَسْتَحْلِفُ الْإِمَامُ لِلْخُطْبَةِ أَصْلًا وَالصَّلَاةِ ابْتِدَاءً) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِحْلَافَ لِلْخُطْبَةِ لَا يَجُوزُ أَصْلًا وَلَا لِلصَّلَاةِ ابْتِدَاءً (بَلْ يَجُوزُ بَعْدَمَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ) وَهَذَا مَعْنَى مَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ يَسْتَخْلِفُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى شَرَفِ الْفَوَاتِ لِتَوَقُّتِهِ فَكَانَ الْأَمْرُ بِهِ إذْنًا بِالِاسْتِخْلَافِ، وَقَدْ قَالَ شُرَّاحُهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الْجُمُعَةِ عَلَى شَرَفِ الْفَوَاتِ لِتَوَقُّتِهِ بِوَقْتٍ يَفُوتُ الْأَدَاءُ بِانْقِضَائِهِ فَكَانَ الْأَمْرُ بِهِ مِنْ الْخَلِيفَةِ إذْنًا بِالِاسْتِخْلَافِ دَلَالَةً لَكِنْ إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْغَيْرُ يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَرَائِطِ افْتِتَاحِ الْجُمُعَةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْخُطْبَةَ وَالْإِمَامَةَ بَعْدَهَا مِنْ أَفْعَالِ السُّلْطَانِ كَالْقَضَاءِ فَلَمْ تَجُزْ لِغَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لَمْ تَجُزْ وَتَحْقِيقُهُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْمُعِينِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لَا يَجُوزُ اسْتِخْلَافُ الْقَاضِي إلَّا إذَا فَوَّضَ السُّلْطَانُ ذَلِكَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ الْقَضَاءَ بِالْإِذْنِ فَفِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُؤْذَنْ بَقِيَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْإِذْنِ وَيَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ بَعْدَ مَا فَوَّضَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ ذَلِكَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ كَمَا مَلَكَ الْقَضَاءَ بِنَفْسِهِ بَيْنَ النَّاسِ وَاعْتُبِرَ هَذَا بِالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ حَيْثُ كَانَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِهِ فَيَمْلِكُ تَمْلِيكَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ فَيَكُونُ مُتَصَرِّفًا بِحُكْمِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِحُكْمِ الْإِذْنِ فَيَمْلِكُ بِقَدْرِ مَا أُذِنَ لَهُ ثُمَّ قَالَ وَعَبَّرَ مَشَايِخُنَا عَنْ هَذَا، وَقَالُوا مَنْ قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ لِغَيْرِهِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
(قَوْلُهُ وَتَنْعَقِدُ بِهِمْ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ إمَامُهُمْ مِثْلَهُمْ كَمَا قَدَّمَهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كُرِهَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِخْلَالِ بِالْجُمُعَةِ) أَقُولُ لَيْسَ مُطَّرِدًا بِالنَّظَرِ لِمَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ.
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ ظُهْرُ غَيْرِهِمْ) أَقُولُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَقَالَ الْكَمَالُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَصَحَّتْ الظُّهْرُ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ نَدِمَ وَسَعَى إلَيْهَا وَالْإِمَامُ فِيهَا) أَقُولُ وَكَانَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُدْرِكَهَا، وَكَذَا يَبْطُلُ ظُهْرُهُ بِالسَّعْيِ إذَا لَمْ يَكُنْ شَرَعَ الْإِمَامُ فِيهَا بَلْ أَقَامَهَا بَعْدَ السَّعْيِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ قَدْ فَرَغَ مِنْهَا فَسَعَى أَوْ كَانَ سَعْيُهُ مُقَارِنًا لِفَرَاغِهَا أَوْ لَمْ يُقِمْهَا الْإِمَامُ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَا يَبْطُلُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْجَوْهَرَةِ، وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْجُمُعَةِ وَقْتَ الِانْفِصَالِ وَلَكِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُدْرِكَهَا لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ لَا تَبْطُلُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَتَبْطُلُ عِنْدَ مَشَايِخِ بَلْخِي وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْجَوْهَرَةِ.
(قَوْلُهُ بَطَلَ ظُهْرُهُ بِمُجَرَّدِ سَعْيِهِ) أَقُولُ وَالْمُعْتَبَرُ فِي السَّعْيِ الِانْفِصَالُ عَنْ دَارِهِ فَلَا تَبْطُلُ قَبْلَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَقِيلَ إذَا خَطَا خُطْوَتَيْنِ فِي الْبَيْتِ الْوَاسِعِ يَبْطُلُ، كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ السَّعْيَ إلَى الْجُمُعَةِ. . . إلَخْ) أَقُولُ لَا فَرْقَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ بَيْنَ الْمَعْذُورِ كَالْعَبْدِ وَغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ صَلَّى الْمَرِيضُ الظُّهْرَ ثُمَّ سَعَى إلَى الْجُمُعَةِ بَطَلَ ظُهْرُهُ عَلَى الْخِلَافِ خِلَافًا لِزُفَرَ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ أَكْثَرَ الثَّانِيَةِ) قَالَ الْكَمَالُ بِأَنْ يُشَارِكَهُ فِي رُكُوعِهَا لَا بَعْدَ الرَّفْعِ
(قَوْلُهُ لَا يَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ لِلْخُطْبَةِ أَصْلًا وَالصَّلَاةِ بَدْءًا. . . إلَخْ) .
أَقُولُ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا فُهِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ عَنْ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَلَا دَلِيلَ فِيمَا ذَكَرَهُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ صَاحِبُ النَّهْرِ جَزَمَ مُنْلَا خُسْرو بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ بِلَا إذْنٍ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ وَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْكَمَالِ فِي رِسَالَةٍ خَاصَّةٍ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَرْهَنَ فِيهَا عَلَى الْجَوَازِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَأَطْنَبَ فِيهَا وَأَبْدَعَ وَالْكَثِيرَ مِنْ الْفَوَائِدِ أَوْدَعَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ سِيَاقِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ اسْتِنَابَةِ الْخَطِيبِ مُطْلَقًا وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ أَيْ الزَّيْلَعِيِّ هَذَا بِمَا إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ مِمَّا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَادَ أَنَّهُ لَوْ عُزِلَ نَائِبُ الْمِصْرِ لَا يَحْتَاجُ الْخُطَبَاءُ إلَى إذْنِ الثَّانِي وَلَنَا رِسَالَةٌ سَمَّيْتهَا إتْحَافُ الْأَرِيبِ بِجَوَازِ اسْتِنَابَةِ الْخَطِيبِ يَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهَا.
غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ وَمَنْ قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ وَالْفِقْهُ مَا بَيَّنَّا فَإِنْ قِيلَ هَلْ تَجُوزُ خَطَابَةُ النَّائِبِ بِحُضُورِ الْأَصِيلِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ كَمَا جَازَ حُكْمُ النَّائِبِ وَتَصَرُّفُ الْوَكِيلِ عِنْدَ حُضُورِ الْقَاضِي وَالْمُوَكِّلِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ قُلْنَا لَا؛ لِأَنَّ مَدَارَهُمَا حُضُورُ الرَّأْيِ فَإِذَا وُجِدَ جَازَ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ إذْ لَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِي إقَامَتِهَا (إلَّا إذَا أَذِنَ) أَيْ لَا يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ لَهُمَا إلَّا إذَا كَانَ مَأْذُونًا مِنْ السُّلْطَانِ لِلِاسْتِخْلَافِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ ذَلِكَ وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ فَإِنَّ النَّاسَ عَنْهُ غَافِلُونَ.
(بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ) وَجَبَ السَّعْيُ وَكُرِهَ الْبَيْعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] ، وَقِيلَ بِالْأَذَانِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَوَجَّهَ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ السُّنَّةِ قَبْلَهَا وَمِنْ اسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ بَلْ يُخْشَى عَلَيْهِ فَوَاتُ الْجُمُعَةِ لَمْ يَقُلْ وَحَرُمَ الْبَيْعُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ بِوُجُوبِ السَّعْيِ وَحُرْمَةِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقْتَ الْأَذَانِ جَائِزٌ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ وَلِهَذَا أَوْرَدَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لَفْظَ الْكَرَاهَةِ بَدَلَ الْحُرْمَةِ.
(وَبِخُرُوجِ الْإِمَامِ) أَيْ صُعُودِهِ إلَى الْمِنْبَرِ (حَرُمَ الصَّلَاةُ وَالْكَلَامُ إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ) لَمْ يَقُلْ إلَى تَمَامِ الْخُطْبَةِ كَمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُمَا يُكْرَهَانِ مِنْ حِينِ خُرُوجِ الْإِمَامِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَكُرِهَ الْبَيْعُ) أَقُولُ أَيْ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقْتَ الْأَذَانِ جَائِزٌ) أَيْ صَحِيحٌ.
(قَوْلُهُ وَلِهَذَا أَوْرَدَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ. . . إلَخْ) هُوَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ وَنَظَرَ الْأَتْقَانِيُّ فِي إطْلَاقِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ الْحُرْمَةَ عَلَى الْبَيْعِ وَقْتَ الْأَذَانِ فَقَالَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقْتَ الْأَذَانِ جَائِزٌ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَبِهِ صُرِّحَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَهَذَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ لَا يُعْدِمُ الْمَشْرُوعِيَّةَ اهـ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ مَا صُورَتُهُ أَقُولُ النَّظَرُ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ أَيْضًا لَا تُعْدِمُ الْمَشْرُوعِيَّةَ، وَتَصْرِيحُ الطَّحَاوِيِّ بِالْكَرَاهَةِ لَا يُنَافِي مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ إذْ الْكَرَاهَةُ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّهُ يَصِحُّ إطْلَاقُ الْحُرْمَةِ عَلَى الْمَكْرُوهِ تَحْرِيمًا كَمَا وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَمَا قِيلَ إنَّ السَّعْيَ مَنْدُوبٌ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ أَيْ صَاحِبُ الْكَنْزِ وَيُفْتَرَضُ السَّعْيُ مَعَ أَنَّهُ فَرْضٌ لِلِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِهِ وَاَلَّذِي يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فِي الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ إثْمًا وَأَثْقَلُ وِزْرًا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَبِخُرُوجِ الْإِمَامِ) أَيْ صُعُودِهِ الْمِنْبَرَ كَذَا فَسَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْبُرْهَانِ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ، وَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَذَكَرَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مَعْنَى خَرَجَ أَيْ مِنْ الْمَقْصُورَةِ وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ.
(قَوْلُهُ حَرُمَ الصَّلَاةُ وَالْكَلَامُ) أَقُولُ قَدْ خَالَفَ صَنِيعَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ عَدَلَ عَنْ إطْلَاقِ الْحُرْمَةِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَ تَصْرِيحِ الْهِدَايَةِ بِالْحُرْمَةِ فِيهِ وَلَمْ يَتَّبِعْ الْهِدَايَةَ هُنَا بَلْ عَدَلَ إلَى إطْلَاقِ الْحُرْمَةِ، وَقَدْ صَرَّحْت بِالْكَرَاهَةِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ أَوْرَدَ لَفْظَ الْكَرَاهَةِ بَدَلَ الْحُرْمَةِ هُنَاكَ، وَقَدْ أَوْرَدَ لَفْظَ الْحُرْمَةِ هُنَا بَدَلَ الْكَرَاهَةِ اهـ.
وَالْمُرَادُ بِالْكَلَامِ مَا سِوَى التَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُّ كَلَامٍ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْأَحْوَطُ الْإِنْصَاتُ أَيْ مُطْلَقًا اهـ.
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ نَقْلًا عَنْ الْقُنْيَةِ الْكَلَامُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ اتِّفَاقًا اهـ قُلْت وَيُخَالِفُهُ مَا نُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى الِاسْتِمَاعُ إلَى خُطْبَةِ النِّكَاحِ وَالْخَتْمِ وَسَائِرِ الْخُطَبِ وَاجِبٌ وَالْأَصَحُّ الِاسْتِمَاعُ إلَى الْخُطْبَةِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الْوُلَاةِ. اهـ.
قُلْتُ وَصَاحِبُ الْقُنْيَةِ هُوَ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى فَالْمُعَوَّلُ عَلَى مَا فِي الْمُجْتَبَى لِتَقَدُّمِ الشُّرُوعِ عَلَى الْفَتَاوَى. اهـ. وَيُكْرَهُ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَتَكَلَّمَ حَالَ الْخُطْبَةِ لِلْإِخْلَالِ بِالنَّظْمِ إلَّا إذَا كَانَ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَقَالَ فِي السِّرَاجِ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ اسْتَدْبَرَهُمْ فِي صُعُودِهِ اهـ.
وَمَنْ بَعُدَ مِنْ الْإِمَامِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَعَنْ الثَّانِي وَاخْتَارَ ابْنُ سَلَمَةَ السُّكُوتَ وَنُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى اخْتَارَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ. وَأَمَّا دِرَاسَةُ الْفِقْهِ وَالنَّظَرُ فِيهِ فَكَرِهَهُ الْبَعْضُ، وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ وَعَنْ الثَّانِي أَنَّهُ كَانَ يُصَحِّحُ الْكُتُبَ فِي وَقْتِ الْخُطْبَةِ بِالْقَلَمِ وَلَا يَحِلُّ لِلسَّامِعِ الْكَلَامُ أَصْلًا، وَإِنْ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ اهـ.
وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ اعْلَمْ أَنَّهُ تُعُورِفَ أَنَّ الْمُرَقِّيَ لِلْخَطِيبِ يَقْرَأُ الْحَدِيثَ النَّبَوِيَّ وَأَنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يُؤَمِّنُونَ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَيَدْعُونَ لِلصَّحَابَةِ بِالرِّضْوَانِ وَلِلسُّلْطَانِ بِالنَّصْرِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَكُلُّهُ حَرَامٌ عَلَى مُقْتَضَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَأَغْرَبُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَقِّيَ يَنْهَى عَنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ بِمُقْتَضَى الْحَدِيثِ الَّذِي يَقْرَؤُهُ ثُمَّ يَقُولُ انْصِتُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ وَلَمْ أَرَ نَقْلًا فِي وَضْعِ هَذَا الْمُرَقِّي فِي كُتُبِ أَئِمَّتِنَا. اهـ.
قُلْتُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْكَلَامُ قَبْلَ نُطْقِ الْخَطِيبِ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَقُلْ إلَى تَمَامِ الْخُطْبَةِ. . . إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ مُقَابَلَةَ نَقْلٍ بِآخَرَ لَا يَقْتَضِي أَرْجَحِيَّةَ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ مُجَرَّدًا عَنْ مُرَجِّحٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَلِّلَ لِلْمُحِيطِ كَمَا قَالَ الْأَتْقَانِيُّ لَوْ قَالَ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ مَكَانَ قَوْلِهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ مَحْفُوظَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكَلَامَ يُكْرَهُ عِنْدَهُ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ اهـ.