الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَعْنَاهُ شَرْعًا (عَقْدٌ مَوْضُوعٌ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ) أَيْ حِلِّ اسْتِمْتَاعِ الرَّجُلِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ عَقْدٌ مَوْضُوعٌ لِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَإِنْ تَبِعَهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ مِلْكُ الْمُتْعَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةِ قَوْلِنَا فِي مَحَلِّهَا كَمَا زِيدَ فِي النِّهَايَةِ احْتِرَازًا عَنْ بَيْعِ الْغِلْمَانِ وَالْبَهَائِمِ فَإِنَّ تَمَلُّكَهَا لَيْسَ سَبَبًا لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ الَّتِي هِيَ الْوَطْءُ وَالْمُرَادُ بِالْعَقْدِ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ ارْتِبَاطُ أَجْزَاءِ التَّصَرُّفِ الشَّرْعِيِّ، بَلْ الْأَجْزَاءُ الْمُرْتَبِطَةُ نَحْوُ زَوَّجْتُ وَتَزَوَّجْتُ، وَكَذَا بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ فَإِنَّ الشَّارِعَ قَدْ جَعَلَ بَعْضَ الْمُرَكَّبَاتِ الْإِخْبَارِيَّةِ إنْشَاءً بِحَيْثُ إذَا وُجِدَ وُجِدَ مَعَهُ مَعْنًى شَرْعِيٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مَثَلًا إذَا قِيلَ زَوَّجْتُ وَتَزَوَّجْتُ وُجِدَ مَعْنًى شَرْعِيٌّ هُوَ النِّكَاحُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ هُوَ مِلْكُ الْمُتْعَةِ، وَكَذَا إذَا قِيلَ بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ وُجِدَ مَعْنًى شَرْعِيٌّ هُوَ الْبَيْعُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ هُوَ مِلْكُ الْيَمِينِ وَلَمَّا كَانَ بَيْنَ اللَّفْظِ الْإِنْشَائِيِّ وَمَعْنَاهُ مِنْ الْعَلَاقَةِ الْقَوِيَّةِ حَيْثُ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ إيجَادُ مَعْنًى بِلَفْظٍ يُقَارِنُهُ فِي الْوُجُودِ سُمِّيَتْ الْأَلْفَاظُ الْإِنْشَائِيَّةُ بِأَسَامِي مَعَانِيهَا حَيْثُ ذُكِرَ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ وَأُرِيدَ بِهِمَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَلِذَا أَطْلَقَ النِّكَاحَ هَاهُنَا عَلَى الْعَقْدِ مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ مَوْضُوعٌ لِلنِّكَاحِ شَرْعًا كَمَا عَرَفْتَ فَظَهَرَ أَنَّ اللَّامَ فِي الْمِلْكِ الْمُتْعَةِ لَيْسَتْ صِلَةً لِلْوَضْعِ، بَلْ لِلْغَايَةِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ عَقْدٌ مَوْضُوعٌ لِمَعْنًى لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِلْكُ الْمُتْعَةِ وَأَنَّ هَا هُنَا عِلَلًا أَرْبَعًا الْفَاعِلِيَّةُ الْمُتَعَاقِدَانِ وَالْمَادِّيَّةُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَالصُّورِيَّةُ الِارْتِبَاطُ وَالْغَائِيَّةُ الِاسْتِمْتَاعُ، هَذَا تَحْقِيقُ مَا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ قَاصِرَةً عَنْ إفَادَتِهِ وَيَنْدَفِعُ بِهِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَسَّرَ أَوَّلًا النِّكَاحَ بِعَقْدٍ مَوْضُوعٍ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ وَصَرَّحَ ثَانِيًا بِأَنَّ النِّكَاحَ هُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مَعَ ذَلِكَ الِارْتِبَاطِ فَلَزِمَ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مَعَ الِارْتِبَاطِ مَعْنَى النِّكَاحِ، ثُمَّ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنَّ الشَّرْعَ يَحْكُمُ بِأَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ الْمَوْجُودَيْنِ حِسًّا يَرْتَبِطَانِ ارْتِبَاطًا حُكْمِيًّا فَيَحْصُلُ مَعْنًى شَرْعِيٌّ يَكُونُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي أَثَرًا لَهُ فَذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ الْبَيْعُ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ مَعْنَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعَ الْهَيْئَةِ وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ، ثُمَّ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ فَذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ الْبَيْعُ فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الْمَعْنَى الْمَجْمُوعُ الْمُرَكَّبُ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعَ ذَلِكَ الِارْتِبَاطِ الشَّرْعِيِّ أَنْ يَكُونَا مُتَّحِدَيْنِ لَا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَعْنًى لِلْآخَرِ وَهُوَ مُنَافٍ لِلْمُتَنَافِيَيْنِ وَوَجْهُ الِانْدِفَاعِ ظَاهِرٌ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، (يُسَنُّ) النِّكَاحُ (حَالَ الِاعْتِدَالِ) أَيْ اعْتِدَالِ الْمِزَاجِ بَيْنَ الشَّوْقِ الْقَوِيِّ إلَى الْجِمَاعِ وَبَيْنَ الْفُتُورِ عَنْهُ (وَيَجِبُ فِي التَّوَقَانِ) وَهُوَ الشَّوْقُ الْقَوِيُّ (وَيُكْرَهُ لِخَوْفِ الْجَوْرِ) أَيْ عَدَمُ رِعَايَةِ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ
(وَيَنْعَقِدُ) النِّكَاحُ أَيْ يَحْصُلُ وَيَتَحَقَّقُ (بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ كَمَا فِي بَنَيْت الْبَيْتَ بِالْحَجَرِ وَالْمَدَرِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَمَعْنَاهُ شَرْعًا عَقْدٌ مَوْضُوعٌ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ) أَيْ فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ وَهُمْ الْفُقَهَاءُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أُطْلِقَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُجَرَّدًا عَنْ الْقَرَائِنِ فَهُوَ لِلْوَطْءِ فَقَدْ تَسَاوَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَالشَّرْعِيُّ؛ وَلِذَا قَالَ قَاضِي خَانْ إنَّهُ فِي اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَقْدِ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ) احْتِرَازٌ عَنْ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْمُتَكَلِّمِ، كَذَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاهِيهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ هَاهُنَا عِلَلًا أَرْبَعًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَظَهَرَ أَنَّ اللَّامَ (قَوْلُهُ وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ) أَيْ بَيْنَ التَّفْسِيرَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَوَجْهُ الِانْدِفَاعِ ظَاهِرٌ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ مِنْ أَنَّ اللَّامَ فِي الْمِلْكِ الْمُتْعَةُ لَيْسَتْ صِلَةً، بَلْ لِلْغَايَةِ
(قَوْلُهُ: يُسَنُّ. . . إلَخْ) بَيَانٌ لِصِفَةِ النِّكَاحِ، وَأَمَّا سَبَبُ مَشْرُوعِيَّتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مَحْظُورًا تَعَلُّقُ بَقَاءِ الْعَالَمِ بِهِ الْمُقَدَّرِ فِي الْعِلْمِ الْأَزَلِيِّ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ وَشَرْطُهُ نَوْعَانِ عَامٌّ وَخَاصٌّ الْأَوَّلُ الْأَهْلِيَّةُ بِالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ فِي الْوَلِيِّ لَا فِي الزَّوْجَيْنِ وَلَا مُتَوَلِّي الْعَقْدِ، وَالنَّوْعُ الثَّانِي الْخَاصُّ لِلِانْعِقَادِ سَمَاعُ اثْنَيْنِ بِوَصْفٍ خَاصٍّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ وَرُكْنُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَاللَّفْظِ الْقَائِمِ مَقَامَهُمَا وَحُكْمُهُ حِلُّ اسْتِمْتَاعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ وَحُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَتَمَامُ صِفَتِهِ نَذْكُرُهَا مُنْقَسِمَةً إلَى سِتَّةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ فِي التَّوَقَانِ وَهُوَ الشَّوْقُ الْقَوِيُّ) أَيْ مَعَ عَدَمِ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي الزِّنَا، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ لَا يَحْتَرِزُ عَنْهُ كَانَ النِّكَاحُ فَرْضًا بِشَرْطِ مِلْكِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَمِنْهَا.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِخَوْفِ الْجَوْرِ) أَيْ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ كَانَ النِّكَاحُ حَرَامًا، وَإِنْ خَافَ الْعَجْزَ عَنْ الْإِيفَاءِ بِمُوجِبِهِ كَانَ مُبَاحًا فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَعَ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فَهِيَ سِتَّةٌ ذَكَرَهَا فِي الْبَحْرِ
[مَا يَنْعَقِد بِهِ النِّكَاح]
(قَوْلُهُ: وَيَنْعَقِدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ) أَيْ فِي مَجْلِسٍ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْقَبُولِ الْمَجْلِسُ كَالْبَيْعِ لَا الْفَوْرُ وَصُورَةُ اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ أَنْ يُوجِبَ أَحَدُهُمَا فَيَقُومُ الْآخَرُ قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ يَشْتَغِلُ بِعَمَلٍ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمَجْلِسِ فَسُكُوتُهُ بَعْدَ الْإِيجَابِ لَا يَضُرُّ إذَا قَبِلَ بَعْدَهُ وَيُشْتَرَطُ لِلِانْعِقَادِ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ بَعْدَ ذِكْرِ مَا اتَّصَلَ بِالْإِيجَابِ مِنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ حَتَّى لَوْ قَبِلَ قَبْلَهُ لَا يَصِحُّ كَقَوْلِهَا تَزَوَّجْتُكَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَبْلَ أَنْ تَقُولَ بِمِائَةِ دِينَارٍ قَبِلَ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ يَتَوَقَّفُ عَلَى آخِرِهِ إذَا كَانَ فِي آخِرِهِ مَا يُغَيِّرُ أَوَّلَهُ، كَذَا فِي الْفَتْحِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُخَالِفَ الْقَبُولُ الْإِيجَابَ فَلَوْ أَوْجَبَ بِكَذَا، فَقَالَ قَبِلْتُ النِّكَاحَ وَلَا أَقْبَلُ الْمَهْرَ
لَا لِلِاسْتِعَانَةِ كَمَا فِي كَتَبْت بِالْقَلَمِ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي كَوْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ أَجْزَاءً مَادِّيَّةً وَالْمُرَادُ بِالْإِيجَابِ مَا يُقَدَّمُ مِنْ كَلَامِ الْعَاقِدَيْنِ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ وُجُودَ الْعَقْدِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبُولُ أَوْ يُثْبِتُ لِلْآخَرِ خِيَارَ الْقَبُولِ (وُضِعَا) فِي أَصْلِ اللُّغَةِ (لِلْمُضِيِّ) أَيْ لِلْإِخْبَارِ عَمَّا حَدَثَ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنْشَاءُ تَصَرُّفٍ شَرْعِيٍّ وَالنِّكَاحُ كَذَلِكَ وَالتَّصَرُّفُ الشَّرْعِيُّ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالشَّرْعِ، وَالشَّرْعُ قَدْ اسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ الْمَوْضُوعَ لِلْإِخْبَارِ عَنْ الْمَاضِي لُغَةً فِي الْإِنْشَاءِ لِيَدُلَّ عَلَى التَّحَقُّقِ وَالثُّبُوتِ، فَيَكُونُ أَدَلَّ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ فِي الْحَاضِرِ فَإِنَّهُ لَوْ كَتَبَ عَلَى شَيْءٍ لِامْرَأَةٍ زَوِّجِينِي نَفْسَكِ فَكَتَبَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ عَقِبَهُ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْكَ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ (كَزَوَّجْتُ) أَيْ نَفْسِي إنْ صَدَرَ عَنْ الْمَرْأَةِ أَوْ بِنْتِي أَوْ نَحْوَهَا إنْ صَدَرَ عَنْ الرَّجُلِ (وَتَزَوَّجْتُ، وَ) يَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِمَا وُضِعَا) أَيْ لَفْظَيْنِ وُضِعَ أَحَدُهُمَا (لَهُ) أَيْ لِلْمُضِيِّ.
(وَ) الْآخَرُ (لِلِاسْتِقْبَالِ) يَعْنِي الْأَمْرَ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلِاسْتِقْبَالِ (كَزَوِّجْنِي وَزَوَّجْت) وَإِنَّمَا عَطَفَ قَوْلَهُ بِمَا وُضِعَا عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَا وُضِعَ لِلِاسْتِقْبَالِ لَيْسَ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ قَالَ النِّكَاحُ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِلَفْظَيْنِ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْمَاضِي، ثُمَّ قَالَ وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ يُعَبَّرُ بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْمَاضِي وَبِالْآخَرِ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ وَأَعَادَ لَفْظَ يَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ اللَّفْظَيْنِ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا مَاضٍ وَالْآخَرُ مُسْتَقْبَلٌ لَيْسَا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ، بَلْ قَوْلُهُ زَوِّجْنِي تَوْكِيلٌ، وَقَوْلُهُ زَوَّجْت إيجَابٌ وَقَبُولٌ حُكْمًا فَإِنَّ الْوَاحِدَ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَصَاحِبُ الْوِقَايَةِ وَالْكَنْزِ كَأَنَّهُمَا زَعَمَا أَنَّ قَوْلَهُ ثَانِيًا وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ بِنَاءً عَلَى زَعْمِ أَنَّ مَا وُضِعَ لِلْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ إيجَابٌ وَقَبُولٌ فَقَصَدَ الِاخْتِصَارَ فَقَالَ الْأَوَّلُ وَيَنْعَقِدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ لَفْظُهُمَا مَاضٍ كَزَوَّجْتُ وَتَزَوَّجْتُ أَوْ مَاضٍ وَمُسْتَقْبَلٍ كَزَوِّجْنِي فَقَالَ زَوَّجْتُ، وَقَالَ الثَّانِي يَنْعَقِدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ بِلَفْظَيْنِ وُضِعَا لِلْمَاضِي أَوْ أَحَدُهُمَا.
وَقَالَ شَارِحُهُ الزَّيْلَعِيُّ: أَيْ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِلَفْظَيْنِ وُضِعَا لِلْمَاضِي أَوْ وُضِعَ أَحَدُهُمَا لِلْمَاضِي وَالْآخَرُ لِلْمُسْتَقْبَلِ فَجَعَلُوا مَا وُضِعَ لِلْمُسْتَقْبَلِ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكُتُبِ، وَالْعَجَبُ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَاضِيًا وَالْآخَرُ مُسْتَقْبَلًا، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ زَوِّجْنِي فَيَقُولُ الْآخَرُ زَوَّجْتُكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ زَوِّجْنِي تَوْكِيلٌ وَإِنَابَةٌ، وَقَوْلُهُ زَوَّجْتُكَ امْتِثَالٌ لِأَمْرِهِ فَيَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ يَجْعَلُ زَوِّجْنِي شَطْرَ الْعَقْدِ وَيُوَافِقُهُ الشَّارِحُ فِيهِ، ثُمَّ يَجْعَلُهُ تَوْكِيلًا وَإِنَابَةً وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ بَعْدَ مَا نَبَّهَ عَلَى هَذِهِ الدَّقِيقَةِ كَيْفَ لَمْ يَتَنَبَّهْ لَهَا هَؤُلَاءِ الْأَفَاضِلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مُلْهِمِ الصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالِاسْتِقْبَالِ مَا يَتَنَاوَلُ الْمُضَارِعَ لِمَا نُقِلَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
لَا يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِيهِ تَبَعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ فِي الْحَاضِرِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى انْعِقَادِهِ بِالْكِتَابَةِ مِنْ الْغَائِبِ لَكِنْ بِشَرْطِ إسْمَاعِ الشُّهُودِ قِرَاءَةَ الْكِتَابِ مَعَ قَبُولِهَا أَوْ حِكَايَتِهَا مَا فِي الْكِتَابِ مَعَ الْقَبُولِ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ كَزَوِّجِي نَفْسَكِ مِنِّي لَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُهَا الشُّهُودَ بِمَا فِي الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهَا تَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمُصَفَّى عَنْ الْكَامِلِ.
(قَوْلُهُ: إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا وُضِعَ لِلِاسْتِقْبَالِ لَيْسَ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ) هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لِمَا نَذْكُرُ.
(قَوْلُهُ: وَأَعَادَ لَفْظَ يَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ تَنْبِيهًا. . . إلَخْ) مُرَادُ الْمُصَنِّفِ مِنْ هَذَا أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ جَهِلَ الصِّحَّةَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَوْكِيلٌ بِالنِّكَاحِ وَالْوَاحِدُ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ النِّكَاحِ، فَيَكُونُ تَمَامُ الْعَقْدِ عَلَى هَذَا قَائِمًا بِالْمُجِيبِ وَصَرَّحَ غَيْرُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ زَوِّجْنِي إيجَابٌ، فَيَكُونُ تَمَامُ الْعَقْدِ قَائِمًا بِهِمَا أَيْ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ وَلَفْظُ الْأَمْرِ فِي النِّكَاحِ إيجَابٌ، وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْكَمَالُ، وَهَذَا أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ لَيْسَ إلَّا اللَّفْظُ الْمُفِيدُ قَصْدَ تَحْقِيقِ الْمَعْنَى أَوَّلًا وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى لَفْظَةِ الْأَمْرِ فَلْيَكُنْ إيجَابًا اهـ. قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فَقَدْ عَلِمْت اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ فِي أَنَّ الْأَمْرَ إيجَابٌ أَوْ تَوْكِيلٌ فَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ أَيْ الْكَنْزِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَانْدَفَعَ بِهِ مَا اعْتَرَضَ مُنْلَا خُسْرو مِنْ أَنَّ صَاحِبَ الْكَنْزِ خَالَفَ الْكُتُبَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ فَالْمُعْتَرِضُ غَفَلَ عَنْ الْقَوْلِ الْآخَرِ حَفِظَ شَيْئًا وَغَابَتْ عَنْهُ أَشْيَاءَ مَعَ أَنَّ الرَّاجِحَ كَوْنُهُ إيجَابًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالِاسْتِقْبَالِ مَا يَتَنَاوَلُ الْمُضَارِعَ. . . إلَخْ) يَرْجَحُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْإِيجَابَ هُوَ الصَّادِرُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْمِثَالَ الَّذِي جَعَلَهُ لِهَذَا بِقَوْلِهِ إنِّي أَتَزَوَّجُكِ فَتَقُولُ الْمَرْأَةُ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْكَ لَا يَقْتَضِي الِانْعِقَادَ بِالتَّوْكِيلِ بِلَفْظِهَا فَقَطْ لِعَدَمِ صَلَاحِيَةِ إنِّي أَتَزَوَّجُكِ لِلتَّوْكِيلِ، فَيَكُونُ تَمَامُ الْعَقْدِ قَائِمًا بِهِمَا اهـ.
وَيَنْعَقِدُ بِالْمُضَارِعِ الْمَبْدُوءِ بِالتَّاءِ تُزَوِّجُنِي بِنْتَكَ فَقَالَ قَبِلْتُ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ الِاسْتِبْعَادِ؛ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ فِيهِ هَذَا الِاحْتِمَالُ بِخِلَافِ الْمَبْدُوءِ
عَنْ الشَّيْخِ حَمِيدِ الدِّينِ أَنَّهُ قَالَ نَظِيرُ الِانْعِقَادِ بِالْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ إنِّي أَتَزَوَّجُكِ فَتَقُولَ الْمَرْأَةُ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْكَ يَصِحُّ النِّكَاحُ
(وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا مَعْنَاهُ) قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِلَفْظٍ لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ أَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِهِ إنْ عَلِمَا أَنَّ هَذَا لَفْظٌ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ يَكُونُ نِكَاحًا عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا مَعْنَاهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا أَنَّ هَذَا لَفْظٌ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَسَائِلِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْحُقُوقِ وَالْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ فَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالتَّدْبِيرُ وَاقِعٌ فِي الْحُكْمِ ذَكَرَهُ فِي عَتَاقِ الْأَصْلِ، وَإِذَا عَرَفَ الْجَوَابَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِمَضْمُونِ اللَّفْظِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِأَجْلِ الْقَصْدِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا يَسْتَوِي فِيهِ الْجَدُّ وَالْهَزْلُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ.
(وَ) يَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِقَوْلِهِمَا داد ويذيرفت بِلَا مِيمٍ بَعْدَ دادي ويذير فَتَى) يَعْنِي إذَا قِيلَ لِلْمَرْأَةِ خويشتن بزنى بِفُلَانٍ دَادِي فَقَالَتْ داد، ثُمَّ قِيلَ لِلرَّجُلِ يذير فَتَى فَقَالَ يذيرفت بِلَا مِيمٍ يَصِحُّ النِّكَاحُ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ وَفِي الْمُضْمَرَاتِ الِاحْتِيَاطُ أَنْ يَقُولَ بِالْمِيمِ، وَعَنْ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْخَاطِبُ خويشتن بزنى دادي، وَتَقُولَ الْمَرْأَةُ خويشتن بزنى دادم؛ لِأَنَّ فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِدُونِ ذِكْرِ بزنى اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ لِتَكُونَ الْمَسْأَلَةُ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ (كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ) أَيْ إذَا قِيلَ لِلْبَائِعِ فروختي فَقَالَ فروخت، ثُمَّ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي خريدي فَقَالَ خريد يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَقُولَا فروختم وخريدم لِمَا ذُكِرَ (لَا) يَنْعَقِدُ (بِقَوْلِهِمَا عِنْدَ الشُّهُودِ مازن وشوهريم) ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ هَذِهِ امْرَأَتِي، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ هَذَا زَوْجِي عِنْدَ الشُّهُودِ لَا يَكُونُ نِكَاحًا قَالَ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ أَقَرَّا بِعَقْدٍ مَاضٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ لَا يَكُونُ نِكَاحًا، وَإِنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَأَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ يَكُونُ ذَلِكَ نِكَاحًا وَيَتَضَمَّنُ إقْرَارُهُمَا بِذَلِكَ إنْشَاءَ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّا بِعَقْدٍ لَمْ يَكُنْ فَإِنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ.
(وَلَا) يَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِالتَّعَاطِي) وَهُوَ أَنْ لَا يَذْكُرَ الْعَاقِدَانِ شَيْئًا مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، بَلْ تَرَاضَيَا عَلَى قَدْرٍ مِنْ الْمَهْرِ وَيُنَفِّذُهُ الزَّوْجُ أَوْ وَكِيلُهُ وَتَأْخُذُهُ الْمَرْأَةُ أَوْ وَكِيلُهَا وَتُسَلِّمُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَنْعَقِدْ بِهِ مُبَالَغَةً فِي صِيَانَةِ الْإِبْضَاعِ عَنْ الْهَتْكِ وَاحْتِرَامًا لِشَأْنِهَا وَيَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ؛ إذْ لَيْسَ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْعَقِدُ بِهِ فِي الْخَسِيسِ لَا النَّفِيسِ (وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَمَا وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ) كَهِبَةٍ وَتَمْلِيكٍ وَصَدَقَةٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ فَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّهُمَا وُضِعَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
بِالْهَمْزَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَخْبِرُ نَفْسَهُ عَنْ الْوَعْدِ، وَلَوْ قَالَ بِاسْمِ الْفَاعِلِ كَقَوْلِهِ جِئْتُكَ خَاطِبًا ابْنَتَكَ أَوْ لِتُزَوِّجَنِي ابْنَتَكَ فَقَالَ الْأَبُ زَوَّجْتُكَ فَالنِّكَاحُ لَازِمٌ، وَلَيْسَ لِلْخَاطِبِ أَنْ لَا يَقْبَلَ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْمُسَاوَمَةِ فِيهِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا مَعْنَاهُ) هَذَا عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّجْنِيسِ لَوْ عَقَدَا عَقْدَ النِّكَاحِ بِلَفْظٍ لَا يَفْهَمَانِ كَوْنَهُ نِكَاحًا هَلْ يَنْعَقِدُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ اهـ. يَعْنِي بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مَعَ الْهَزْلِ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُهُ اهـ لَفْظُ الْبَحْرِ.
وَقَالَ الْكَمَالُ لَوْ لُقِّنَتْ الْمَرْأَةُ زَوَّجْتُ نَفْسِي بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا تَعْلَمْ مَعْنَاهُ وَقَبِلَ أَيْ الزَّوْجُ وَالشُّهُودُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ أَوْ لَا يَعْلَمُونَ صَحَّ النِّكَاحُ كَالطَّلَاقِ، وَقِيلَ لَا كَالْبَيْعِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمِثْلُ هَذَا فِي جَانِبِ الرَّجُلِ إذَا لَقَّنَتْهُ وَلَا يَعْلَمْ مَعْنَاهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا عَرَفَ الْجَوَابَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ. . . إلَخْ) نَقَلَهُ الْكَمَالُ عَنْ قَاضِي خَانْ
(تَنْبِيهٌ) لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ بَاقِي الْأَحْكَامِ مِنْ الْخُلْعِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْحُقُوقِ. . . إلَخْ، وَقَالَ الْكَمَالُ اخْتَلَفُوا فِي الْخُلْعِ قِيلَ لَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ الْقَاضِي فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَلَا النَّفَقَةُ، وَكَذَا لَوْ لُقِّنَتْ أَنْ يَبْرَأَ، وَكَذَا الْمَدْيُونُ إذَا لَقَّنَ رَبَّ الدَّيْنِ لَفْظَ الْإِبْرَاءِ لَا يَبْرَأُ اهـ. وَعَلِمْت بِمَا قَدَّمْنَاهُ عَدَمَ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَمِثْلُهُ التَّمْلِيكُ.
(قَوْلُهُ: كَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ هَذِهِ امْرَأَتِي، وَقَالَتْ هَذَا زَوْجِي عِنْدَ الشُّهُودِ لَا يَكُونُ نِكَاحًا) ، كَذَا قَالَهُ الْكَمَالُ، وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْوَاقِعَاتِ إنَّهُ الْمُخْتَارُ وَصَحَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْإِقْرَارَ إنْ كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ صَحَّ النِّكَاحُ وَجُعِلَ إنْشَاءً وَإِلَّا فَلَا اهـ.
وَهَذَا أَعَمُّ مِمَّا فَصَّلَهُ قَاضِي خَانْ بَيْنَ أَنْ يُخْبِرَا بِمَا لَمْ يَكُنْ لَا يَنْعَقِدُ وَإِلَّا انْعَقَدَ اهـ. ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ، وَلَوْ قَالَ الشُّهُودُ جَعَلْتُمَا هَذَا نِكَاحًا فَقَالَا نَعَمْ انْعَقَدَ؛ لِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْجَعْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِلَفْظِ النِّكَاحِ. . . إلَخْ) أُورِدَ عَلَيْهِ انْعِقَادُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَلَفْظِ الرَّجْعَةِ وَكُونِي امْرَأَتِي فَقَبِلَتْ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي حَتَّى فِي النِّكَاحِ فَلْيُرَاجَعْ (تَنْبِيهٌ) لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِإِضَافَتِهِ لِجُزْءٍ شَائِعٍ فِي الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ وَصَحَّحَ فِي الْفَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ خِلَافَهُ وَنَصُّهَا قَالَ زَوَّجْت نِصْفَ نَفْسِي مِنْك بِكَذَا الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْعَقِد. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ) هُوَ الصَّحِيحُ، أَمَّا إذَا جُعِلَتْ أُجْرَةً فَيَنْعَقِدُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ مِلْكَ الْعَيْنِ لِلْحَالِ فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ شَرَطَ الْحُلُولَ أَوْ عُجِّلَتْ، كَذَا فِي الْبَحْرِ، وَقَالَ فِي الْفَتْحِ لَوْ جُعِلَتْ بَدَلَ الْإِجَارَةِ أَوْ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْتَلَفَ فِي جَوَازِهِ.
(قَوْلُهُ: وَالْإِعَارَةِ) هُوَ الصَّحِيحُ