الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّحْرِيمَةُ فَصَحَّ الشُّرُوعُ فِي الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الثَّانِي فَسَدَ أَيْضًا فَلَزِمَ قَضَاءُ الْأَرْبَعِ.
(وَلَا قَضَاءَ إنْ لَمْ يَقْعُدْ بَيْنَهُمَا) أَيْ إذَا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ النَّفْلِ وَلَمْ يَقْعُدْ بَيْنَ الشَّفْعَيْنِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَفْسُدَ الشَّفْعُ الْأَوَّلُ وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْ النَّفْلِ صَلَاةٌ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَفْسُدُ قِيَاسًا عَلَى الْفَرْضِ كَمَا سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ.
(أَوْ نَقَضَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ أَوَّلًا) أَيْ نَوَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ النَّفْلِ وَقَعَدَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ ثُمَّ نَقَضَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَدَّاهُ وَلَمْ يَشْرَعْ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي لِيَجِبَ قَضَاؤُهُ.
(وَيَتَنَفَّلُ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَةِ الْقِيَامِ ابْتِدَاءً وَكُرِهَ بَقَاءٌ إلَّا بِعُذْرٍ) أَيْ إنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ جَازَ أَنْ يَشْرَعَ فِي النَّفْلِ قَاعِدًا، وَإِنْ شَرَعَ فِيهِ قَائِمًا كُرِهَ أَنْ يَقْعُدَ فِيهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَإِذَا عَرَضَ لَهُ عُذْرٌ لَمْ يُكْرَهْ.
. (وَ) يَتَنَفَّلُ (رَاكِبًا خَارِجَ الْمِصْرِ) وَهُوَ كُلُّ مَوْضِعٍ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ وَسَيَأْتِي وَالتَّقْيِيدُ بِهِ يَنْفِي اشْتِرَاطَ السَّفَرِ وَالْجَوَازِ فِي الْمِصْرِ (مُومِيًا) وَيَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ (وَلَوْ) كَانَ صَلَاتُهُ (إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ) ؛ لِأَنَّ النَّوَافِلَ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِوَقْتٍ فَلَوْ الْتَزَمَ النُّزُولَ وَاسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
فَرَّعَ عَلَيْهَا مَا أَمْكَنَهُ.
(قَوْلُهُ فَإِذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ. . . إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ. . . إلَخْ؛ لِأَنَّهُ مُغْنٍ عَنْهُ.
. (قَوْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ) أَقُولُ هُوَ أَنَّ الْقِيَاسَ الْفَسَادُ كَقَوْلِ زُفَرَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ التَّطَوُّعَ كَمَا شُرِعَ رَكْعَتَيْنِ شُرِعَ أَرْبَعًا أَيْضًا وَإِذَا لَمْ يَقْعُدْ أَوَّلًا أَمْكَنَنَا أَنْ نَجْعَلَ الْكُلَّ صَلَاةً وَاحِدَةً وَفِيهَا الْفَرْضُ الْجُلُوسُ آخِرَهَا.
(قَوْلُهُ أَوْ نَقَضَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ أَوَّلًا) أَقُولُ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا أَيْ الْأَوَّلُ.
[التَّنَفُّل قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَام]
(قَوْلُهُ وَيَتَنَفَّلُ قَاعِدًا) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْقُعُودِ أَيْ فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ وَالْمُخْتَارُ أَنْ يَقْعُدَ كَمَا يَقْعُدُ فِي حَالِ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ مَشْرُوعًا فِي الصَّلَاةِ اهـ.
وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ مُخْتَارُ الْفَقِيهِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَرُوِيَ عَنْ زُفَرَ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.
وَقَالَ الْكَاكِيُّ ذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ زُفَرَ وَلَكِنْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ أَنْ يَقْعُدَ فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ مُحْتَبِيًا.
وَفِي شَرْحِ الضَّوْءِ الِافْتِرَاشُ أَفْضَلُ فِي قَوْلٍ وَالتَّرَبُّعُ فِي قَوْلٍ، وَقِيلَ يَنْصِبُ رُكْبَتَهُ الْيُمْنَى كَالْقَارِئِ يَجْلِسُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُقْرِئِ اهـ.
وَفِي النِّهَايَةِ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَقْعُدَ فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ مُحْتَبِيًا. اهـ.
(قَوْلُهُ مَعَ قُدْرَةِ الْقِيَامِ) أَقُولُ لَكِنْ لَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ قَالَ عليه الصلاة والسلام «صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ» كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
وَقَالَ الْكَمَالُ أَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا عَنْ «عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ سَأَلْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا فَقَالَ مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ» ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَفِي الْحَدِيثِ «صَلَاةُ النَّائِمِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَاعِدِ» وَلَا نَعْلَمُ الصَّلَاةَ نَائِمًا تَسُوغُ إلَّا فِي الْفَرْضِ حَالَةَ الْعَجْزِ عَنْ الْقُعُودِ وَلَا أَعْلَمُ جَوَازَهَا فِي النَّافِلَةِ فِي فِقْهِنَا اهـ.
وَرَأَيْتُ بِخَطِّ شَيْخِي عَنْ شَيْخِهِ مَا صُورَتُهُ حَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِيهِ وَجْهَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ بَقَاءً إلَّا بِعُذْرٍ) أَقُولُ مُفَادُهُ عَدَمُ كَرَاهَتِهِ ابْتِدَاءً وَسَنَذْكُرُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ التَّصْرِيحَ بِهِ وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ بَقَاءً أَيْضًا.
(قَوْلُهُ وَرَاكِبًا خَارِجَ الْمِصْرِ وَهُوَ كُلُّ مَوْضِعٍ. . . إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي اعْتِبَارِ خَارِجَ الْمِصْرِ، وَقِيلَ قَدْرُ فَرْسَخَيْنِ، وَقِيلَ قَدْرُ مِيلٍ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ اهـ.
وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تَسِيرُ بِنَفْسِهَا أَمَّا إذَا سَيَّرَهَا صَاحِبُهَا فَلَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ وَلَا الْفَرْضُ وَإِذَا حَرَّكَ رِجْلَهُ أَوْ ضَرَبَ دَابَّتَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا كَثِيرًا اهـ قُلْت قَوْلُهُ أَمَّا إذَا سَيَّرَهَا صَاحِبُهَا فَلَا يَجُوزُ. . . إلَخْ عِلَّتُهُ الْعَمَلُ الْكَثِيرُ صَرَّحَ بِهِ الْبَزَّازِيُّ وَيُشِيرُ إلَيْهِ آخِرُ كَلَامِ الْأَتْقَانِيِّ فَإِذَا انْتَفَى جَازَتْ الصَّلَاةُ اهـ.
وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَجْزُهُ عَنْ إيقَافِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ.
وَقَالَ الْكَاكِيُّ شَرَطَ عَدَمَ إمْكَانِ وَقْفِ الدَّابَّةِ فِي الْمُحِيطِ فَقَالَ، وَلَوْ أَوْمَأَ عَلَى الدَّابَّةِ وَهِيَ تَسِيرُ لَمْ يَجُزْ إذَا قَدَرَ أَنْ يُوقِفَهَا، وَإِنْ تَعَذَّرَ الْوَقْفُ جَازَ اهـ قُلْت وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى صَلَاةِ الْفَرْضِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَرَّحَ بِحُكْمِهَا؛ لِأَنَّ النَّفَلَ يُتَوَسَّعُ فِيهِ مَا لَا يُتَوَسَّعُ فِي الْفَرْضِ لِمَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَيَجُوزُ الْفَرْضُ أَيْضًا إنْ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا يَابِسًا وَقَفَ عَلَيْهَا مُسْتَقِلًّا وَأَوْمَى إنْ أَمْكَنَهُ إيقَافُ الدَّابَّةِ وَإِلَّا لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ اهـ أَيْ وَلَا الْإِيقَافُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ أَمَّا إذَا سَيَّرَهَا إلَى آخِرِ مَا قَدَّمْنَاهُ اهـ.
وَالتَّقْيِيدُ بِالدَّابَّةِ يَنْفِي جَوَازَ صَلَاةِ الْمَاشِي وَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى (قَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَ صَلَاتُهُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ) أَقُولُ هَذَا عِنْدَ الْعَامَّةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ.
وَفِي الْمُحِيطِ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا تَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ عِنْدَ افْتِتَاحِهَا ثُمَّ تَرَكَ التَّوَجُّهَ أَمَّا لَوْ افْتَتَحَ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي حَالِ الِابْتِدَاءِ ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْقَائِلِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ اهـ.
وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِ النَّجَاسَةِ عَلَى الدَّابَّةِ، وَإِنَّمَا لَا تُمْنَعُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَالْكَافِي، وَقِيلَ إنْ كَانَتْ عَلَى السَّرْجِ وَالرِّكَابَيْنِ تُمْنَعُ، وَقِيلَ مَوْضِعُ الْجُلُوسِ فَقَطْ وَالْعَجَلَةُ وَالْمَحْمِلُ عَلَى الدَّابَّةِ سَائِرَةٌ أَوْ لَا كَالدَّابَّةِ، وَلَوْ جَعَلَ تَحْتَ الْمَحْمِلِ خَشَبَةً حَتَّى بَقِيَ قَرَارُهُ عَلَى الْأَرْضِ لَا الدَّابَّةِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْفَتْحِ
انْقَطَعَ عَنْ الْقَافِلَةِ بِخِلَافِ الْفَرَائِضِ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِوَقْتٍ فَلَا تَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَكَذَا الْوَاجِبَاتُ مِنْ الْوِتْرِ وَالْمَنْذُورِ وَمَا شَرَعَ فِيهِ فَأَفْسَدَهُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةٌ تُلِيَتْ عَلَى الْأَرْضِ. وَأَمَّا السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ فَنَوَافِلُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّهُ يَنْزِلُ لِسُنَّةِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ غَيْرِهَا (وَبَنَى بِنُزُولِهِ) يَعْنِي إذَا افْتَتَحَ رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ بَنَى (لَا رُكُوبِهِ) يَعْنِي إذَا افْتَتَحَ غَيْرَ رَاكِبٍ ثُمَّ رَكِبَ لَا يَبْنِي؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ مَا شَرَعَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ يُؤَدِّيهِ أَكْمَلَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ وَفِي الثَّانِي انْعَقَدَتْ التَّحْرِيمَةُ مُوجِبَةً لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهُ بِالْإِيمَاءِ وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ كَلَامٍ فِيهِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(التَّرَاوِيحُ) جَمْعُ تَرْوِيحَةٍ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْجِلْسَةِ وَسُمِّيَتْ بِالتَّرْوِيحَةِ لِاسْتِرَاحَةِ النَّاسِ بَعْدَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بِالْجِلْسَةِ ثُمَّ سُمِّيَتْ كُلُّ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ تَرْوِيحَةٌ مَجَازًا لِمَا فِي آخِرِهَا مِنْ التَّرْوِيحَةِ وَهِيَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذْ قَدْ صَحَّ أَنَّهُ عليه السلام أَقَامَهَا فِي بَعْضِ اللَّيَالِي وَبَيَّنَ الْعُذْرَ فِي تَرْكِ الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا وَهُوَ خَشْيَةُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْنَا ثُمَّ وَاظَبَ عَلَيْهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي» وَهِيَ (سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) .
وَقَالَ بَعْضُ الرَّوَافِضِ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ فَقَطْ.
(وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا) أَيْ التَّرَاوِيحِ (سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ) حَتَّى لَوْ تَرَكَ أَهْلُ مَسْجِدٍ أَسَاءُوا، وَلَوْ أَقَامَهَا الْبَعْضُ فَالْمُتَخَلِّفُ تَارِكٌ لِلْفَضِيلَةِ وَلَمْ يَكُنْ مُسِيئًا إذْ قَدْ تَخَلَّفَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مَنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ كَمَا يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ فَصَلَاتُهُ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ فَضِيلَةً، وَلِلْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَضِيلَةٌ أُخْرَى فَهُوَ حَازَ إحْدَى الْفَضِيلَتَيْنِ وَتَرَكَ الْفَضِيلَةَ الزَّائِدَةَ، كَذَا فِي الْكَافِي.
(وَإِنْ فَاتَتْ لَا تُقْضَى أَصْلًا) أَيْ لَا بِالْجَمَاعَةِ وَلَا مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مِنْ خَوَاصِّ الْفَرْضِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ الْمُؤَكَّدَاتِ.
(وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى) انْتِهَاءِ (ثُلُثِ اللَّيْلِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
(قَوْلُهُ فَلَا تَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ كَخَوْفِ اللِّصِّ وَالسَّبُعِ وَطِينِ الْمَكَانِ وَجُمُوحِ الدَّابَّةِ وَعَدَمِ وِجْدَانِ مَنْ يَرْكَبُهُ لِعَجْزِهِ اهـ.
وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذَا أَيْ جَوَازُهَا لِلطِّينِ إذَا كَانَ بِحَالٍ يَغِيبُ وَجْهُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ لَكِنَّ الْأَرْضَ نَدِيَّةٌ صَلَّى هُنَالِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَنْزِلُ لِسُنَّةِ الْفَجْرِ. . . إلَخْ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَقَالَ ابْنُ شُجَاعٍ رحمه الله يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا لِبَيَانِ الْأَوْلَى يَعْنِي أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَنْزِلَ لِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
وَقَالَ الْكَمَالُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْ الْإِمَامِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَعَلَى هَذَا اُخْتُلِفَ فِي أَدَائِهَا قَاعِدًا.
(قَوْلُهُ وَبَنَى بِنُزُولِهِ) أَيْ بِلَا عَمَلٍ كَثِيرٍ بِأَنْ ثَنَى رِجْلَهُ فَانْحَدَرَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ لَا رُكُوبِهِ) هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ وَعَكَسَهُ مُحَمَّدٌ فِي رِوَايَةٍ فَأَجَازَ بِنَاءَ مَنْ رَكِبَ لَا مَنْ نَزَلَ، وَقِيلَ يَمْنَعُهُ أَبُو يُوسُفَ مُطْلَقًا بَعْدَ نُزُولِهِ فَيَسْتَقْبِلُ كَالْمُومِي إذَا قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي خِلَالِهَا وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَبْنِي بَعْدَ رَكْعَةٍ وَإِذَا لَمْ يُتِمَّهَا بَنَى.
وَقَالَ زُفَرُ يَبْنِي فِي النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ لِتَجْوِيزِهِ الْبِنَاءَ عَلَى الْإِيمَاءِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.
(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ كَلَامٍ) أَيْ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ حُكْمَ الْبِنَاءِ وَعَدَمِهِ لِلرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ لِذِكْرِهِ هُنَا.
(قَوْلُهُ وَسُمِّيَتْ بِالتَّرَاوِيحِ. . . إلَخْ) ، كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَقِيلَ لِإِعْقَابِهِ رَاحَةَ الْجَنَّةِ ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ.
(قَوْلُهُ إذْ قَدْ صَحَّ أَنَّهُ عليه السلام أَقَامَهَا فِي بَعْضِ اللَّيَالِي) يَعْنِي صَحَّ إقَامَتُهُ أَيَّاهَا فِي الْجُمْلَةِ لَا إقَامَةُ الْعِشْرِينَ رَكْعَةً؛ لِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْجَمَاعَةِ إحْدَى عَشْرَةَ بِالْوِتْرِ وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ سِوَى الْوِتْرِ فَضَعِيفٌ وَالْعِشْرُونَ ثَبَتَتْ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ كَمَا ذَكَرْته فِي شَرْحِ مُقَدِّمَتِي نُورِ الْإِيضَاحِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ وَاظَبَ عَلَيْهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَقَالَ الْكَمَالُ هُوَ تَغْلِيبٌ إذْ لَمْ يُرِدْ كُلَّهُ بَلْ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيًّا رضي الله عنهم.
(قَوْلُهُ وَهِيَ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) أَقُولُ وَالْقَوْلُ بِسُنِّيَّتِهَا هُوَ الصَّحِيحُ.
وَفِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ.
وَفِي الْمُجْتَبَى لَا خِلَافَ أَنَّهَا سُنَّةٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَنَّهَا سُنَّةٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ كَمَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُ الرَّوَافِضِ إنَّهَا سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ) أَقُولُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ أَصْلًا كَمَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَهَا لِبَعْضٍ. . . إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى نَفْيِ مَا أَفْتَى بِهِ ظَهِيرُ الدِّينِ مِنْ إسَاءَةِ مَنْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ مُنْفَرِدًا.
(قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ. . . إلَخْ) هُوَ اخْتِيَارُ الطَّحَاوِيِّ حَيْثُ قَالَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ فِي بَيْتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا عَظِيمًا يُقْتَدَى بِهِ.
(قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ. . . إلَخْ) هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالْخَانِيَّةِ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مِنْ خَوَاصِّ الْفَرْضِ) أَيْ، وَلَوْ عَمَلِيًّا كَالْوِتْرِ.
(قَوْلُهُ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ الْمُؤَكَّدَاتِ) الْمُرَادُ بِهِ سُنَّةُ الْفَجْرِ عَلَى مَا سَيَذْكُرُهُ.
(قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى انْتِهَاءِ ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَهَا إلَى نِصْفِهِ كَانَ غَيْرَ مُسْتَحَبٍّ وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْمُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ اهـ.
وَفِي كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِهَا إلَى مَا بَعْدَ النِّصْفِ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْبُرْهَانِ حَيْثُ قَالَ الصَّحِيحُ عَدَمُ كَرَاهَةِ تَأْخِيرِهَا؛ لِأَنَّهَا صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالْأَفْضَلُ فِيهَا آخِرُهُ اهـ.
وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ ابْتِدَاءَ وَقْتِهَا وَهُوَ بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ كَمَا فِي الْكَنْزِ