الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَكِنَّهَا تَكْشِفُ وَجْهَهَا لَا رَأْسَهَا، وَلَا تُلَبِّي جَهْرًا، وَلَا تَرْمُلُ، وَلَا تَسْعَى بَيْنَ الْمِيلَيْنِ، وَلَا تَحْلِقُ وَتُقَصِّرُ وَتَلْبَسُ الْمَخِيطَ، وَلَا تَقْرَبُ الْحَجَرَ فِي الزِّحَامِ، وَحَيْضُهَا لَا يَمْنَعُ نُسُكًا غَيْرَ الطَّوَافِ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا يَجُوزُ دُخُولُهُ لِلْحَائِضِ (وَهُوَ) أَيْ الْحَيْضُ (بَعْدَ رُكْنَيْهِ) أَيْ الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ وَطَوَافِ الزِّيَارَةِ (يَسْقُطُ الصَّدْرُ) ، وَهُوَ طَوَافُ الْوَدَاعِ (الْبُدْنُ) جَمْعُ بَدَنَةٍ (مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ) وَالْهُدَى مِنْهُمَا وَمِنْ الْغَنَمِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(بَابُ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ)
(الْقِرَانُ أَنْ يُهِلَّ) الْإِهْلَالُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ (بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا) قَالَ فِي الْكَنْزِ، وَهُوَ أَنْ يُهِلَّ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ. . . إلَخْ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ اشْتِرَاطُ الْإِهْلَالِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَقَعَ اتِّفَاقًا حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَوْ بَعْدَمَا خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْمِيقَاتِ جَازَ وَصَارَ قَارِنًا؛ وَلِذَا قُلْت هَاهُنَا (مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ قَبْلَهَا) كَذَا فِي الْكَافِي (وَيَقُولَ بَعْدَ الصَّلَاةِ) يَعْنِي الشَّفْعَ الَّذِي يُصَلِّيهِ مُرِيدًا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
إلَخْ) أَيْ يَتَحَلَّلُ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ لَكِنَّهَا تَكْشِفُ وَجْهَهَا لَا رَأْسَهَا) تَبِعَ فِيهِ الْهِدَايَةَ وَالْكَنْزِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَكْشِفُ رَأْسَهَا، وَلَا يَذْكُرُ الْوَجْهَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ الرَّجُلَ فِي الْوَجْهِ، وَإِنَّمَا تُخَالِفُهُ فِي الرَّأْسِ فَيَكُونُ فِي ذِكْرِهِ تَطْوِيلٌ بِلَا فَائِدَةٍ وَلَا يُقَالُ: إنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُعْلَمَ أَنَّهَا كَالرَّجُلِ فِيهِ، وَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ لَمَا عُرِفَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ.
فَلَا يُنَاسِبُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ لَمَّا كَانَ كَشْفُ وَجْهِهَا خَفِيًّا؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ إلَى الْفَهْمِ أَنَّهَا لَا تَكْشِفُ لِمَا أَنَّهُ مَحَلُّ الْفِتْنَةِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَا سَوَاءً فِيهِ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ الْمُسْتَحَبُّ كَمَا قَالُوا أَنْ تُسْدِلَ عَلَى وَجْهِهَا شَيْئًا وَتُجَافِيَهُ، وَقَدْ جَعَلُوا لِذَلِكَ أَعْوَادًا كَالْقُبَّةِ تُوضَعُ عَلَى الْوَجْهِ وَتُسْدَلُ فَوْقَهَا الثَّوْبُ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ مَنْهِيَّةٌ عَنْ إبْذَالِ وَجْهِهَا لِلْأَجَانِبِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَكَذَلِكَ دَلَّ الْحَدِيثُ أَيْ حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ «كَانَ الرُّكْبَانُ تَمُرُّ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْنَا سَدَلَتْ إحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ» . (قَوْلُهُ: وَلَا تَسْعَى بَيْنَ الْمِيلَيْنِ) أَيْ فَتَمْشِي بَيْنَهُمَا عَلَى هِينَتِهَا كَبَاقِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؛ لِأَنَّ سَعْيَهَا بَيْنَ الْمِيلَيْنِ مُخِلٌّ بِالسَّتْرِ أَوْ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَشْرُوعِيَّةِ لِإِظْهَارِ الْجَلَدِ وَهُوَ لِلرِّجَالِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهَا لَا تَضْطَبِعُ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةُ الرَّمَلِ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَتُقَصِّرُ) أَيْ كَالرَّجُلِ مِنْ رُبُعِ شَعْرِهَا خِلَافًا لِمَا قِيلَ: إنَّهُ لَا يَتَقَدَّرُ فِي حَقِّهَا بِالرُّبُعِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَتَلْبَسُ الْمَخِيطَ) قَالَ الْكَمَالُ لَكِنْ لَا تَلْبَسُ الْمُوَرَّسَ وَالْمُزَعْفَرَ وَالْمُعَصْفَرَ اهـ. قُلْتُ إنْ كَانَ لِصَبْغٍ فِيهِ يَنْفُضُهُ فَهِيَ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ فِي الْمَنْعِ مِنْ حَيْثِيَّةِ الطِّيبِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنْفَضُ فَهُوَ جَائِزٌ لَهَا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَخِيطِ إذَا لَمْ يُنْفَضْ جَازَ لُبْسُهُ لِلرَّجُلِ (قَوْلُهُ وَحَيْضُهَا لَا يَمْنَعُ نُسُكًا) كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ هَذَا لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ اهـ.
وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ كَالْمَرْأَةِ احْتِيَاطًا، وَلَا يَخْلُو بِامْرَأَةٍ، وَلَا بِرَجُلٍ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ
[بَابُ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ]
(قَوْلُهُ الْإِهْلَالُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ) أَقُولُ كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّهُ بِالتَّلْبِيَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي إهْلَالٍ مَخْصُوصٍ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ الْإِهْلَالُ بِكُلِّ ذِكْرٍ خَالِصٍ لِلَّهِ تَعَالَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ،.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالتَّلْبِيَةِ وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْإِهْلَالِ مُحَافَظَةً عَلَى مَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ إذْ رَفْعُ الصَّوْتِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِلدُّخُولِ فِي الْإِحْرَامِ سَوَاءٌ كَانَ قَارِنًا أَوْ مُفْرِدًا بَلْ الرَّفْعُ مُسْتَحَبٌّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِبَيَانِ الْقِرَانِ لُغَةً وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مَصْدَرُ قَرَنَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَنَصَرَ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ الْقِرَانَ لِفَضْلِهِ عَلَى الْإِفْرَادِ إلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ تَرَقِّيًا مِنْ الْوَاحِدِ إلَى الِاثْنَيْنِ وَالْوَاحِدُ قَبْلَ الِاثْنَيْنِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَأَخَّرَ بَيَانَ أَفْضَلِيَّتِهِ آخِرَ الْبَابِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ (قَوْلُهُ مَعًا) الْمَعِيَّةُ لَيْسَتْ قَيْدًا لَازِمًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ بِحِجَّةٍ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ صَارَ قَارِنًا، وَإِنْ طَافَ لَهَا أَرْبَعَةً ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ كَانَ مُتَمَتِّعًا، وَكَذَا يَكُونُ قَارِنًا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ لَهُ وَقَدْ أَسَاءَ لِتَقْدِيمِهِ إحْرَامَ الْحَجِّ عَلَى إحْرَامِ الْعُمْرَةِ، وَلَوْ أَحْرَمَ لِلْعُمْرَةِ بَعْدَمَا طَافَ لِلْحَجِّ طَوَافَ الْقُدُومِ كَانَ قَارِنًا وَيَلْزَمُهُ دَمُ جَبْرٍ عَلَى الصَّحِيحِ لَا دَمُ شُكْرٍ عَلَى مَا يَجِيءُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْكَنْزِ. . . إلَخْ) أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِيقَاتَ ذُكِرَ قَيْدًا اتِّفَاقِيًّا فِي كَلَامِ الْكَنْزِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْقَارِنَ لَا يَكُونُ إلَّا آفَاقِيًّا وَهُوَ أَحْسَنُ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّهُ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ هُوَ أَفْضَلُ مِمَّا لَوْ أَحْرَمَ مِنْهُ) وَلَيْسَ قَيْدًا لَازِمًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهِمَا دَاخِلَ الْمِيقَاتِ كَانَ قَارِنًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وَيَقُولَ) بِالنَّصْبِ عُطِفَ عَلَى يُهِلَّ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ وُجْدَانِ النِّيَّةِ أَوْ إعْلَامٌ بِهَا فَهُوَ بَيَانٌ لِشَرْطَيْ دُخُولِهِ فِي الْقِرَانِ التَّلْبِيَةُ وَالنِّيَّةُ أَفَادَ الْإِتْيَانَ بِالتَّلْبِيَةِ بِقَوْلِهِ يُهِلُّ وَالْإِتْيَانَ بِالنِّيَّةِ بِيَقُولُ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ ظَرْفٌ
لِلْإِحْرَامِ (اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَيَسِّرْهُمَا لِي وَتَقَبَّلْهُمَا مِنِّي وَطَافَ لِلْعُمْرَةِ سَبْعَةٌ يَرْمُلُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَيَسْعَى بِلَا حَلْقٍ) بِخِلَافِ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ (ثُمَّ يَحُجُّ) أَيْ يَبْدَأُ بِأَفْعَالِ الْحَجِّ فَيَطُوفُ طَوَافَ الْقُدُومِ وَيَسْعَى (كَمَا مَرَّ) فِي الْمُفْرِدِ (وَكُرِهَ طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ لَهُمَا) بِأَنْ طَافَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَوْطًا سَبْعَةً لِلْعُمْرَةِ وَسَبْعَةً لِطَوَافِ الْقُدُومِ لِلْحَجِّ ثُمَّ سَعَى لَهُمَا، وَإِنَّمَا كُرِهَ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَ سَعْيَ الْعُمْرَةِ وَقَدَّمَ طَوَافَ الْقُدُومِ (وَذَبَحَ لِلْقِرَانِ بَعْدَ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الذَّبْحِ (صَامَ ثَلَاثَةَ) أَيَّامٍ (آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ وَسَبْعَةَ) أَيَّامٍ (بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَيْنَ شَاءَ) أَيْ سَوَاءٌ صَامَ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا (فَإِنْ فَاتَتْ الثَّلَاثَةُ تَعَيَّنَ الدَّمُ وَبِالْوُقُوفِ قَبْلَ الْعُمْرَةِ بَطَلَتْ وَقُضِيَتْ) أَيْ الْعُمْرَةُ (وَوَجَبَ دَمُ الرَّفْضِ وَسَقَطَ دَمُ الْقِرَانِ) .
قَوْلُهُ (وَالتَّمَتُّعُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْقِرَانُ (الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِهِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا إلْمَامٍ بِأَهْلِهِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
مُتَعَلِّقٌ بِيَقُولُ وَيُهِلُّ فَيَكُونَانِ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ فِي الذِّكْرِ عِنْدَ الْإِهْلَالِ وَدُعَاءِ التَّيْسِيرِ وَإِنْ أَخَّرَهَا فِيهِمَا جَازَ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْكَافِي وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ قَدَّمَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْقُدُورِيِّ ذِكْرَ الْحَجِّ تَبَرُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] فَمَنْ مَالَ إلَى الْأَوَّلِ قَالَ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ اهـ.
وَالْآيَةُ، وَإِنْ وَرَدَتْ فِي التَّمَتُّعِ لَكِنَّ الْقِرَانَ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ تَرَفَّقَ بِالنُّسُكَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُتَمَتِّعِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْحَلْقُ بَعْدَ سَعْيِهِ إنْ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَحُجُّ) عَبَّرَ بِحَرْفِ التَّرْتِيبِ وَالتَّرَاخِي لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بَيْنَ الطَّوَافَيْنِ بِأَكْلٍ أَوْ نَوْمٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ أَيْ يَبْدَأُ. . . إلَخْ) هَذَا التَّرْتِيبُ أَعْنِي تَقْدِيمَ الْعُمْرَةِ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ وَاجِبٌ فَلَوْ طَافَ أَوَّلًا لِحَجَّتِهِ وَسَعَى لَهَا ثُمَّ طَافَ لِعُمْرَتِهِ وَسَعَى لَهَا فَطَوَافُهُ الْأَوَّلُ وَسَعْيُهُ يَكُونُ لِلْعُمْرَةِ وَنِيَّتُهُ لَغْوٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ، وَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِقَوْلِهِ فِي الْبَحْرِ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِي الْمَنَاسِكِ لَا يُوجِبُ الدَّمَ عِنْدَهُمَا،.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ طَوَافُ التَّحِيَّةِ سُنَّةٌ وَتَرْكُهُ لَا يُوجِبُ الدَّمَ فَتَقْدِيمُهُ أَوْلَى اهـ.
(تَنْبِيهٌ) : هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْقِرَانِ الْإِتْيَانُ بِأَكْثَرِ أَشْوَاطِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَالتَّمَتُّعِ ذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَالْحَقُّ اشْتِرَاطُ فِعْلِ أَكْثَرِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَالَهُ الْكَمَالُ فِي بَابِ التَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ وَذَبَحَ لِلْقِرَانِ) أَيْ شَاةً أَوْ سُبُعَ بَدَنَةٍ وَالِاشْتِرَاكُ فِي الْبَقَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الشَّاةِ وَالْجَزُورُ أَفْضَلُ مِنْ الْبَقَرَةِ كَمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الْبَقَرَةِ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ الشَّاةِ كَمَا هُوَ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ (قَوْلُهُ صَامَ ثَلَاثَةً آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ) بَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ لِمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ وَيَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ بَدَلٌ عَنْ الْهَدْيِ فَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِ وَقْتِهِ رَجَاءَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْأَصْلِ اهـ.
وَعَلَى هَذَا يُسْتَثْنَى عَدَمُ كَرَاهَةِ صَوْمِ عَرَفَةَ لِلْحَاجِّ عَنْ الْهَدْيِ مِنْ إطْلَاقِهِ كَرَاهَةَ صَوْمِهِ لِلْحَاجِّ، وَالْعِبْرَةُ لِأَيَّامِ النَّحْرِ فِي الْعَجْزِ وَالْقُدْرَةِ أَيْ مَا لَمْ يَحْلِقْ، وَكَذَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْدَمَا أَكْمَلَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ وَيَحِلَّ وَهُوَ فِي أَيَّامِ الذَّبْحِ بَطَلَ صَوْمُهُ وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْهَدْيِ، وَلَوْ وَجَدَ الْهَدْيَ بَعْدَ الْحَلْقِ قَبْلَ صَوْمِ السَّبْعَةِ أَيَّامٍ صَحَّ صَوْمُهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُ الْهَدْيِ، وَلَوْ صَامَ الثَّلَاثَةَ وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ الذَّبْحِ ثُمَّ وَجَدَ الْهَدْيَ فَصَوْمُهُ مَاضٍ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ ثُمَّ بَعْدَ ثَلَاثِينَ سَنَةً مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيَّ فَحَقَّقْت لُزُومَ ذَبْحِ الْهَدْيِ لِوُجُودِهِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ بَعْدَ الْحَلْقِ كَمَا لَوْ وَجَدَهُ فِيهَا قَبْلَ الْحَلْقِ وَأَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ بِذَبْحِ الْهَدْيِ، وَلَا الرَّمْيِ وَلَيْسَ التَّحَلُّلُ إلَّا بِالْحَلْقِ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ عَمَلُهُ فِي حِلِّ النِّسَاءِ قَبْلَ الطَّوَافِ وَلَنَا فِيهِ رِسَالَةٌ سَمَّيْتهَا بَدِيعَةَ الْهَدْيِ لِمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ (قَوْلُهُ وَسَبْعَةً بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ صَامَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ عَنْ الْوَاجِبِ لِلنَّهْيِ عَنْ صِيَامِهَا كَذَا فِي الْكَافِي (قَوْلُهُ وَبِالْوُقُوفِ قَبْلَ الْعُمْرَةِ) أَيْ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِأَكْثَرِ طَوَافِ الْعُمْرَةِ فَإِنْ أَتَى بِأَكْثَرِ الطَّوَافِ بِقَصْدِهَا أَوْ بِقَصْدِ الْقُدُومِ أَوْ التَّطَوُّعِ لَمْ تَبْطُلْ وَيَأْتِي بِبَاقِيهَا يَوْمَ النَّحْرِ، وَهُوَ قَارِنٌ عَلَى حَالِهِ وَتَلْغُو نِيَّةُ الطَّوَافِ لِغَيْرِهَا، وَإِنْ أَتَى بِأَقَلِّهَا بَطَلَتْ بِالْوُقُوفِ وَقُيِّدَ بُطْلَانُهَا بِالْوُقُوفِ فَلَا تَبْطُلُ بِالذَّهَابِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَوَى الْحَسَنُ رَفْضَهَا بِمُجَرَّدِ التَّوَجُّهِ كَالْجُمُعَةِ وَالْفَرْقُ عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّ الْأَمْرَ هُنَاكَ بِالتَّوَجُّهِ مُتَوَجِّهٌ بَعْدَ أَدَاءِ الظُّهْرِ وَالتَّوَجُّهُ فِي الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ قَبْلَ أَدَاءِ الْعُمْرَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ وَالتَّمَتُّعُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) أَيْ بَيْنَ أَفْعَالِهِمَا وَهُمَا صَحِيحَانِ بِإِحْرَامَيْنِ وَأَكْثَرُ طَوَافِهِمَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بِإِحْرَامٍ بِهَا قَبْلَهَا كَفِعْلِهَا فِيهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ وَفَسَّرْنَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِالْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّهَا الشَّرْطُ لَا الْإِحْرَامُ إذْ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي رَمَضَانَ وَأَقَامَ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى شَوَّالٍ مِنْ قَابِلٍ وَأَتَى بِهَا فِيهِ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَقَوْلُنَا عَنْ إحْرَامٍ بِهَا قَبْلَهَا احْتِرَازٌ عَمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ بِالْعُمْرَةِ كَفَائِتِ الْحَجِّ فَلَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْ إحْرَامِهِ فِي عَامِهِ بَلْ أَخَّرَ إلَى قَابِلٍ فَتَحَلَّلَ بِهَا فِي شَوَّالٍ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ) احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ أَتَى بِهِمَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَكِنْ مِنْ عَامَيْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ بِلَا إلْمَامٍ بِأَهْلِهِ) الْإِلْمَامُ النُّزُولُ يُقَالُ أَلَمَّ بِأَهْلِهِ إذَا نَزَلَ
إلْمَامًا صَحِيحًا بَيْنَهُمَا) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ التَّمَتُّعُ التَّرَفُّقُ بِأَدَاءِ النُّسُكَيْنِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلِمَّ بِأَهْلِهِ بَيْنَهُمَا إلْمَامًا صَحِيحًا وَقَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ الَّذِي قَالَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ لَا يَتِمُّ بِهِ مَعْنَى التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّ التَّرَفُّقَ بِأَدَاءِ النُّسُكَيْنِ إذَا حَصَلَ مِنْ غَيْرِ إلْمَامٍ بِأَهْلِهِ إلْمَامًا صَحِيحًا لَا يُسَمَّى تَمَتُّعًا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَالْآخَرُ فِيهَا، وَكَذَا لَا يُسَمَّى تَمَتُّعًا إذَا كَانَ النُّسُكَانِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَكِنَّ أَحَدَهُمَا حَصَلَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَالْآخَرَ مِنْ السَّنَةِ الْأُخْرَى، وَلَمْ يُوجَدْ الْإِلْمَامُ بِأَهْلِهِ إلْمَامًا صَحِيحًا وَأَيَّدَهُ بِكَلَامِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ ثُمَّ قَالَ فَإِذَنْ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِأَنْ يُقَالَ التَّمَتُّعُ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ إلْمَامٍ بِأَهْلِهِ بَيْنَهُمَا إلْمَامًا صَحِيحًا وَأَجَابَ عَنْهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ تَفْسِيرُهُ وَأَمَّا كَوْنُ التَّرَفُّقِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ عَامٍ وَاحِدٍ فَهُوَ شَرْطٌ وَسَنَذْكُرُهُ أَقُولُ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ تَفْسِيرَ اللَّفْظِ بِحَسَبِ مَعْنَاهُ الِاصْطِلَاحِيِّ لَا يَكُونُ إلَّا تَعْرِيفًا اسْمِيًّا فَيَجِبُ كَوْنُهُ جَامِعًا وَمَانِعًا كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ فَإِذَا دَخَلَ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْمَحْدُودِ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا فَلِهَذَا اخْتَرْت هَهُنَا تِلْكَ الْعِبَارَةَ (فَيُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ فِي الْأَشْهُرِ بِعُمْرَةٍ فَيَطُوفُ لَهَا قَاطِعًا التَّلْبِيَةَ أَوَّلَ طَوَافِهِ) لِلْعُمْرَةِ (وَيَسْعَى وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ فَبَعْدَ مَا أَحَلَّ مِنْهَا أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ) وَكَوْنُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ لَيْسَ بِشَرْطٍ (بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَقَبْلَهُ أَفْضَلُ وَحَجَّ كَالْمُفْرِدِ لَكِنَّهُ يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَيَسْعَى بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ طَوَافِهِ لِلْحَجِّ بِخِلَافِ الْمُفْرِدِ فَإِنَّهُ قَدْ سَعَى مَرَّةً (وَذَبَحَ) ، وَهُوَ دَمُ التَّمَتُّعِ (وَلَمْ تَنُبْ الْأُضْحِيَّةُ عَنْهُ، وَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الذَّبْحِ (صَامَ كَالْقِرَانِ) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ (وَجَازَ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ إحْرَامِهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ (لَا قَبْلَهُ) أَيْ الْإِحْرَامِ (وَنُدِبَ تَأْخِيرُهُ إلَى عَرَفَةَ) فَإِنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ وَقْتٌ لِصَوْمِ الثَّلَاثَةِ لَكِنْ بَعْدَ تَحَقُّقِ السَّبَبِ، وَهُوَ الْإِحْرَامُ، وَكَذَا الْحَالُ فِي الْقِرَانِ لَكِنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ وَهُوَ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ آخِرُهَا عَرَفَةُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ بَدَلٌ عَنْ الْهَدْيِ فَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِ وَقْتِهِ رَجَاءَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْأَصْلِ (وَإِنْ شَاءَ) الْمُتَمَتِّعُ (سَوْقَ هَدْيِهِ أَحْرَمَ وَسَاقَهُ) ، وَهُوَ أَفْضَل مِنْ قَوْدِهِ إلَّا إذَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ إلْمَامًا صَحِيحًا) هُوَ النُّزُولُ بِوَطَنِهِ مِنْ غَيْرِ بَقَاءِ صِفَةِ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي لَمْ يَسُقْ الْهُدَى وَالْإِلْمَامُ الْفَاسِدُ مَا يَكُونُ عَلَى خِلَافِ الصَّحِيحِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ قُلْتُ كَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ وَلَكِنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ لَا يَكُونُ إلْمَامُهُ صَحِيحًا (قَوْلُهُ أَقُولُ فِيهِ بَحْثٌ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الْعِنَايَةِ إنَّ التَّرَفُّقَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. . . إلَخْ وَيُؤَيِّدُ بَحْثَ الْمُصَنِّفِ قَوْلُ الْكَمَالِ بَعْدَ سِيَاقِ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي التَّعْرِيفِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ اهـ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِ بِمَا فِي الْعِنَايَةِ مِنْ الْجَوَابِ، وَلَكِنْ مَالَ شَيْخُنَا إلَى كَلَامِ الْعِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ خَارِجَةٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْمَاهِيَّةِ وَالتَّعْرِيفُ لِحَقِيقَةِ الْمَاهِيَّةِ (قَوْلُهُ فَيُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ) الْمِيقَاتُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلْعُمْرَةِ، وَلَا لِلتَّمَتُّعِ حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهَا جَازَتْ وَصَارَ مُتَمَتِّعًا كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ هُوَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ مَكَّةَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِأَهْلِهَا تَمَتُّعٌ، وَلَا قِرَانٌ اهـ.
وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمِيقَاتَ يُطْلَقُ لِكُلٍّ بِمَا يُنَاسِبُهُ فَيَشْمَلُ الْمَكِّيَّ (قَوْلُهُ: فِي الْأَشْهُرِ) قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ الْإِحْرَامُ بِهَا بِالْأَشْهُرِ بَلْ أَكْثَرُ طَوَافِهَا فِيهَا شَرْطٌ (قَوْلُهُ قَاطِعًا التَّلْبِيَةَ أَوَّلَ طَوَافِهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى خِلَافِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رحمه الله أَنَّهُ يَقْطَعُهَا إذَا رَأَى بُيُوتَ مَكَّةَ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ إذَا رَأَى الْبَيْتَ فَيَكُونُ تَلْبِيَتُهُ إذْ ذَاكَ سُنَّةٌ عِنْدَنَا إلَى أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ (قَوْلُهُ وَيَحْلِقُ) يَعْنِي إنْ شَاءَ وَلَيْسَ بِحَتْمٍ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ تَحَلَّلَ، وَإِنْ شَاءَ بَقِيَ مُحْرِمًا حَتَّى يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إذَا لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ. . . إلَخْ) أَقُولُ فَلَوْ كَانَ هَذَا الْمُتَمَتِّعُ طَافَ وَسَعَى بَعْدَمَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مِنًى لَمْ يَرْمُلْ فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَلَا يَسْعَى بَعْدَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَنُبْ الْأُضْحِيَّةُ عَنْهُ) أَقُولُ حَتَّى لَوْ تَحَلَّلَ بَعْدَمَا ضَحَّى يَجِبُ دَمَانِ دَمُ الْمُتْعَةِ وَدَمُ التَّحَلُّلِ قَبْلَ الذَّبْحِ قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ اهـ.
قُلْتُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ وُقُوعِ طَوَافٍ مَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ عَنْ طَوَافِ الزِّيَارَةِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ الْأُضْحِيَّةُ عَنْ الْمُتْعَةِ وَتَلْغُوَ نِيَّتُهُ كَذَا ظَهَرَ لِي ثُمَّ رَأَيْت مُوَافَقَتَهُ لِفَهْمِ صَاحِبِ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِ الْحُكْمِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ أَيْ دَمُ التَّمَتُّعِ لَيْسَ فَوْقَ طَوَافِ الرُّكْنِ، وَلَا مِثْلَهُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ التَّطَوُّعَ أَجْزَأَ عَنْ الرُّكْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدَّمُ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى لَكِنَّهُ قَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ طَوَافُ الرُّكْنِ فَرْضًا مُتَعَيِّنًا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وُجُوبًا كَانَ النَّظَرُ لِإِيقَاعِ مَا طَافَهُ عَنْهُ وَتَلْغُو نِيَّتُهُ غَيْرُهُ وَأَمَّا الْأُضْحِيَّةُ فَهِيَ مُتَعَيِّنَةٌ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَالْمُتْعَةِ فَلَا تَقَعُ الْأُضْحِيَّةُ مَعَ تَعَيُّنِهَا عَنْ غَيْرِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَجَازَ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ إحْرَامِهَا أَيْ الْعُمْرَةِ) أَقُولُ يَعْنِي فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْإِحْرَامِ لَهَا قَبْلَ الْأَشْهُرِ صِحَّةُ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ) أَيْ الْإِحْرَامِ يَعْنِي: وَلَوْ صَامَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ وُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ التَّمَتُّعُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ الْمُتَمَتِّعُ سَوْقَ الْهَدْيِ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ أَحْكَامِ الْمُتَمَتِّعِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَوَّلِ الَّذِي لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ أَحْرَمَ وَسَاقَ) عَبَّرَ بِالْوَاوِ فَصَدَقَ بِمَا لَوْ أَحْرَمَ ابْتِدَاءً بِالنِّيَّةِ وَالتَّلْبِيَةِ ثُمَّ
كَانَتْ لَا تُسَاقُ فَحِينَئِذٍ يَقُودُهَا (وَقَلَّدَ بَدَنَتَهُ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّجْلِيلِ) أَيْ إلْقَاءُ الْجَلِّ عَلَى ظَهْرِهَا؛ لِأَنَّ لَهُ ذِكْرًا فِي الْقُرْآنِ حَيْثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ} [المائدة: 97](وَكُرِهَ إشْعَارُهَا) وَهُوَ شَقُّ سَنَامِهَا مِنْ الْأَيْسَرِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ طَعَنَ فِي جَانِبِ الْيَسَارِ قَصْدًا وَفِي جَانِبِ الْيَمِينِ اتِّفَاقًا وَأَبُو حَنِيفَةَ إنَّمَا كَرِهَ هَذَا الصُّنْعَ؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يَمْتَنِعُونَ عَنْ تَعَرُّضِهِ إلَّا بِهَذَا، وَقِيلَ إنَّمَا كَرِهَ إشْعَارَ أَهْلِ زَمَانِهِ لِمُبَالَغَتِهِمْ فِيهِ حَتَّى يُخَافُ مِنْهُ السِّرَايَةُ، وَقِيلَ: إنَّمَا كَرِهَ إيثَارَهُ عَلَى التَّقْلِيدِ (وَاعْتَمَرَ) أَيْ فَعَلَ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ (وَلَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ (إذَا سَاقَهُ) أَمَّا إذَا لَمْ يَسُقْهُ فَيَتَحَلَّلْ مِنْهَا كَمَا مَرَّ (ثُمَّ أَحْرَمَ) الْمُتَمَتِّعُ (بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَقَبْلَهُ أَحَبُّ) كَمَا مَرَّ (فَبِحَلْقِهِ يَوْمَ النَّحْرِ حَلَّ مِنْ إحْرَامَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ مُحَلِّلٌ فِي الْحَجِّ كَالسَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ.
(الْمَكِّيُّ يُفْرِدُ فَقَطْ) أَيْ لَا تَمَتُّعَ لَهُ، وَلَا قِرَانَ؛ لِأَنَّ شَرْعِيَّتَهُمَا لِلتَّرَفُّهِ بِإِسْقَاطِ إحْدَى السَّفْرَتَيْنِ، وَهَذَا فِي حَقِّ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
سَاقَ أَوْ سَاقَ مُقَارِنًا لِلنِّيَّةِ وَالْأَفْضَلُ الْإِحْرَامُ بِالتَّلْبِيَةِ فَيَأْتِي بِهَا قَبْلَ التَّقْلِيدِ وَالسَّوْقِ كَيْ لَا يَكُونَ مُحْرِمًا بِالتَّوَجُّهِ مَعَهَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ، وَالسَّوْقُ أَفْضَلُ مِنْ قَوْدِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَبَقِيَ قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ أَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِالتَّقْلِيدِ وَالتَّوَجُّهِ إذَا حَصَلَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلَا فِيهَا لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا مَا لَمْ يُدْرِكْ الْهَدْيَ وَيَسِيرِ مَعَهُ؛ لِأَنَّ تَقْلِيدَ هَدْيِ الْمُتْعَةِ فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَيَكُونُ تَطَوُّعًا وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ مَا لَمْ يُدْرِكْهُ وَيَسِيرُ مَعَهُ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ شَقُّ سَنَامِهَا مِنْ الْأَيْسَرِ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِهَذَا الْإِشْعَارِ الْمَخْصُوصِ وَتَفْسِيرُهُ لُغَةً الْإِدْمَاءُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ) أَيْ تَفْسِيرُ الْإِشْعَارِ بِشَقِّ سَنَامِهَا مِنْ الْأَيْسَرِ هُوَ الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ يَعْنِي فِي الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى خِلَافِ مَا وَقَعَ فِي الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ يُشَقُّ سَنَامُهَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ (قَوْلُهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ إنَّمَا كَرِهَ هَذَا الصُّنْعَ. . . إلَخْ) .
أَيْ خِلَافًا لَهُمَا فَقَالَا يُشْعِرُ وَهُوَ أَحْسَنُ عِنْدَهُمَا مِنْ التَّقْلِيدِ اتِّبَاعًا لِمَا فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ، وَقِيلَ إنَّمَا كَرِهَ إشْعَارَ أَهْلِ زَمَانِهِ) كَذَا حَمَلَهُ الطَّحَاوِيُّ وَقَالَ الْكَمَالُ هُوَ الْأَوْلَى وَقَالَ فِي الْبَحْرِ اخْتَارَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ لِمُبَالَغَتِهِمْ فِيهِ) أَيْ فَكَانُوا لَا يُحْسِنُونَهُ؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ مُجَرَّدُ شَقِّ الْجِلْدِ لِيُدْمِيَ وَلَا يُبَالِغُ فِيهِ إلَى اللَّحْمِ (قَوْلُهُ فَبِحَلْقِهِ يَوْمَ النَّحْرِ حَلَّ مِنْ إحْرَامَيْهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى بَقَاءِ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَاتُ الْأَصْحَابِ، وَهِيَ الظَّاهِرَةُ خِلَافًا لِمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَابَعَهُ إنَّ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ انْتَهَى بِالْوُقُوفِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا فِي حَقِّ التَّحَلُّلِ قَالَ شَارِحُ الْكَنْزِ، وَهَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الْقَارِنَ إذَا جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ يَجِبُ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ لِلْحَجِّ وَشَاةٌ لِلْعُمْرَةِ وَبَعْدَ الْحَلْقِ قَبْلَ الطَّوَافِ شَاتَانِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(قَوْلُهُ الْمَكِّيُّ يُفْرِدُ فَقَطْ) أَقُولُ كَذَلِكَ أَهْلُ مَا دُونَ الْمَوَاقِيتِ إلَى الْحَرَمِ، وَهَذَا مَا دَامَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ أَوْ وَطَنِهِ فَإِذَا خَرَجَ إلَى الْكُوفَةِ وَقَرَنَ صَحَّ بِلَا كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّ عُمْرَتَهُ وَحَجَّتَهُ مِيقَاتَانِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْآفَاقِيِّ قَالَ الْمَحْبُوبِيُّ رحمه الله هَذَا إذَا خَرَجَ إلَى الْكُوفَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَمَّا إذَا خَرَجَ بَعْدَهَا فَقَدْ مُنِعَ مِنْ الْقِرَانِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِخُرُوجِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَقَوْلُ الْمَحْبُوبِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ نَقَلَهُ الشَّيْخُ الشَّلَبِيُّ عَنْ الْكَرْمَانِيُّ ثُمَّ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْقِرَانَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ الْمَكِّيُّ إلَى الْكُوفَةِ وَاعْتَمَرَ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ اهـ قُلْت هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ التَّمَتُّعَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الْمَكِّيِّ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يُلِمَّ بِأَهْلِهِ بَعْدُ الْعُمْرَةَ إلْمَامًا صَحِيحًا وَالْمَكِّيُّ إلْمَامُهُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا فِي إحْدَى صُورَتَيْ التَّمَتُّعِ كَمَا نَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ أَيْ لَا تَمَتُّعَ لَهُ، وَلَا قِرَانَ) أَقُولُ الْمُرَادُ نَهْيُهُ عَنْ الْفِعْلِ لَا نَفْيُ الْفِعْلِ لِمَا نَذْكُرُ مِنْ أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْمَشْرُوعِيَّةَ فَإِنْ فَعَلَ الْقِرَانَ صَحَّ وَأَسَاءَ كَمَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي إضَافَةِ الْإِحْرَامِ إلَى الْإِحْرَامِ هَذَا وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ ظَاهِرُ الْكُتُبِ مُتُونًا وَشُرُوحًا وَفَتَاوَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمْ أَيْ أَهْلِ مَكَّةَ تَمَتُّعٌ، وَلَا قِرَانٌ.
وَفِي التُّحْفَةِ أَنَّهُ يَصِحُّ تَمَتُّعُهُمْ وَقِرَانُهُمْ فَإِنَّهُ نَقَلَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْهَا أَنَّهُمْ لَوْ تَمَتَّعُوا جَازَ وَأَسَاءُوا أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ دَمُ الْجَبْرِ وَهَكَذَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ اهـ. وَقَالَ الْكَمَالُ مُقْتَضَى كَلَامِ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ أَيْ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ الصِّحَّةِ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ يَعْنِي بِهِ صَاحِبَ التُّحْفَةِ الْقَائِلَ بِالصِّحَّةِ مَعَ الْإِسَاءَةِ اهـ.
قُلْتُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ فِي بَابِ إضَافَةِ الْإِحْرَامِ إلَى الْإِحْرَامِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التُّحْفَةِ وَكَذَلِكَ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوحِ وَالْمُتُونِ أَنَّ الْمَكِّيَّ إذَا طَافَ شَوْطَ الْعُمْرَةِ فَأَحْرَمَ بِحَجٍّ رَفَضَهُ فَإِنْ مَضَى الْمَكِّيُّ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَرْفُضْ شَيْئًا أَجْزَأَهُ قَالَ الْكَمَالُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى أَفْعَالَهُمَا كَمَا الْتَزَمَهُمَا غَيْرَ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] يَعْنِي التَّمَتُّعَ وَالْقِرَانَ دَخَلَ فِي مَفْهُومِهِ وَسَمَّاهُ الْمُصَنِّفُ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ نَهْيًا بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَهُوَ عَنْ فِعْلٍ شَرْعِيٍّ فَلَا يَمْنَعُ تَحَقُّقَ الْفِعْلِ عَلَى وَجْهِ الْمَشْرُوعِيَّةِ بِأَصْلِهِ غَيْرَ أَنَّهُ يَتَحَمَّلُ إثْمَهُ كَصِيَامِ يَوْمِ النَّحْرِ بَعْدَ أَنْ نَذَرَهُ اهـ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَكْمَلُ الدِّينِ فِي الْعِنَايَةِ، وَإِنْ مَضَى أَيْ الْمَكِّيُّ عَلَيْهِمَا وَأَدَّاهُمَا أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى أَفْعَالَهُمَا كَمَا الْتَزَمَهُمَا غَيْرَ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ وَالنَّهْيُ لَا يَمْنَعُ تَحَقُّقَ الْفِعْلِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ أَصْلِنَا أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْمَشْرُوعِيَّةَ دُونَ النَّفْيِ قِيلَ:
الْآفَاقِيِّ (مَنْ اعْتَمَرَ بِلَا سَوْقٍ ثُمَّ عَادَ إلَى بَلَدِهِ فَقَدْ أَلَمَّ) أَيْ أَبْطَلَ تَمَتُّعَهُ مِنْ قَبِيلِ ذِكْرِ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةِ اللَّازِمِ إذْ قَدْ عَرَفْت مَعْنَى التَّمَتُّعِ فَاَلَّذِي اعْتَمَرَ بِلَا سَوْقِ الْهَدْيِ لَمَّا عَادَ إلَى بَلَدِهِ صَحَّ إلْمَامُهُ فَبَطَلَ تَمَتُّعُهُ (وَمَعَ سَوْقِهِ لِلْهَدْيِ تَمَتُّعٌ) فَإِنَّهُ إذَا سَاقَ الْهَدْيَ فَلَا يَكُونُ إلْمَامُهُ صَحِيحًا إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ فَيَكُونُ عَوْدُهُ وَاجِبًا فَإِنْ عَادَ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ كَانَ مُتَمَتِّعًا (فَإِنْ طَافَ لَهَا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ قَبْلَ أَشْهُرِهِ وَتَمَّمَهَا فِيهَا وَحَجَّ فَقَدْ تَمَتَّعَ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ عِنْدَنَا شَرْطٌ فَيَصِحُّ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ أَدَاءُ الْأَفْعَالِ فِيهَا، وَقَدْ وُجِدَ الْأَكْثَرُ وَلَهُ حُكْمُ الْكُلِّ (وَلَوْ طَافَ أَرْبَعَةً قَبْلَهَا) أَيْ الْأَشْهُرِ (لَا) يَكُونُ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْأَكْثَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ (كُوفِيٌّ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي مُتَمَتِّعٌ (حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ فِيهَا) أَيْ الْأَشْهُرِ (وَسَكَنَ بِمَكَّةَ أَوْ بَصْرَةَ وَحَجَّ) فِي عَامِهِ ذَلِكَ (مُتَمَتِّعٌ) ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ الْأَوَّلَ لَمْ يَنْتَهِ بِرُجُوعِهِ إلَى الْبَصْرَةِ كَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمِيقَاتِ (وَلَوْ) أَتَى بِعُمْرَةٍ، وَ (أَفْسَدَهَا وَرَجَعَ مِنْ الْبَصْرَةِ وَقَضَاهَا وَحَجَّ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا) ؛ لِأَنَّ حُكْمَ السَّفَرِ الْأَوَّلِ لَمَّا بَقِيَ بِالرُّجُوعِ إلَى الْبَصْرَةِ كَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مَكَّةَ وَلَا تَمَتُّعَ لِلسَّاكِنِ فِيهَا (إلَّا إذَا أَلَمَّ بِأَهْلِهِ ثُمَّ أَتَى بِهِمَا) فَإِنَّهُ إذَا أَلَمَّ بِأَهْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَأَتَى بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ كَانَ هَذَا إنْشَاءَ سَفَرٍ لِانْتِهَاءِ السَّفَرِ الْأَوَّلِ بِإِلْمَامٍ فَاجْتَمَعَ نُسُكَانِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي حَقِّ الْمَكِّيِّ غَيْرُ مَشْرُوعٍ ثُمَّ ذَكَرَ هَاهُنَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ تَحَقُّقَ الْفِعْلِ وَمَعْنَاهُ كَمَا قُلْنَا إنَّهُ يَقْتَضِي الْمَشْرُوعِيَّةَ فَكَانَ التَّنَاقُضُ فِي كَلَامِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ غَيْرُ مَشْرُوعٍ كَامِلًا فِي حَقِّ الْآفَاقِيِّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّنَاقُضُ اهـ. كَلَامُ الْعِنَايَةِ فَبِهَذَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ قِرَانِ الْمَكِّيِّ وَتَمَتُّعِهِ وَأَنَّ مَا ادَّعَاهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ الْكُتُبِ عَدَمُ صِحَّتِهِ مَمْنُوعٌ وَأَنَّ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِمَّا قَالَهُ صَاحِبُ التُّحْفَةِ قَدْ خَالَفَهُ بِنَفْسِهِ فِي بَابِ إضَافَةِ الْإِحْرَامِ إلَى الْإِحْرَامِ وَكَذَلِكَ فَعَلَ صَاحِبِ الْبَحْرِ وَعَلَى تَسْلِيمِ ثُبُوتِ الْمُخَالَفَةِ بِصَرِيحِ لَا يَصِحُّ فِي كَلَامِهِمْ تَنْتَفِي الْمُخَالَفَةُ بِحَمْلٍ لَا يَصِحُّ عَلَى نَفْيِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُثَابِ عَلَيْهَا وَيُحْمَلُ كَلَامُ صَاحِبِ التُّحْفَةِ عَلَى التَّمَتُّعِ اللُّغَوِيِّ الَّذِي مَعَهُ الْإِسَاءَةُ فَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى وُجُودِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ مِنْ الْمَكِّيِّ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُبَاحٍ لَهُ وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ التَّمَتُّعُ مِنْ الْمَكِّيِّ لِمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّمَتُّعِ أَنْ لَا يُلِمَّ بِأَهْلِهِ إلْمَامًا صَحِيحًا وَالْإِلْمَامُ مَوْجُودٌ مِنْهُ قُلْتُ هَذَا خَاصٌّ بِمَا أَرَادَهُ مِنْ إحْدَى صُورَتَيْ التَّمَتُّعِ وَهُوَ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ إذَا حَلَقَ أَلَمَّ بِأَهْلِهِ لِتَحَلُّلِهِ بِالْحَلْقِ وَأَمَّا إذَا سَاقَ الْهَدْيَ فَإِلْمَامُهُ بِأَهْلِهِ غَيْرُ إلْمَامٍ صَحِيحٍ لِبَقَائِهِ عَلَى الْإِحْرَامِ وَأَيْضًا لَوْ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ وَلَمْ يَحْلِقْ لِلْعُمْرَةِ لَمْ يَكُنْ مُلِمًّا بِأَهْلِهِ إلْمَامًا صَحِيحًا فَإِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ الْحَلْقِ مِنْ عَامِهِ وُجِدَ مِنْهُ التَّمَتُّعُ لِعَدَمِ مَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ، وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ فَدَعْوَى عَدَمِ تَصَوُّرِ وُجُودِ تَمَتُّعِهِ خَاصٌّ بِصُورَةٍ وَيُتَصَوَّرُ بِصُورَتَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَثَبَتَ صِحَّةُ تَمَتُّعِ الْمَكِّيِّ كَمَا صَحَّ قِرَانُهُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مُحَرَّرًا بِحَمْدِ اللَّهِ (قَوْلُهُ مَنْ اعْتَمَرَ بِلَا سَوْقٍ. . . إلَخْ) أَقُولُ هَذَا إذَا حَلَقَ فَإِنْ عَادَ إلَى أَهْلِهِ قَبْلَ الْحَلْقِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ فِي أَهْلِهِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ وَقُيِّدَ بِالْمُتَمَتِّعِ إذْ الْقَارِنُ لَا يَبْطُلُ قِرَانُهُ بِالْعَوْدِ وَالتَّقْيِيدُ بِبَلَدِهِ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا أَمَّا إذَا رَجَعَ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ كَانَ مُتَمَتِّعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ عَوْدُهُ وَاجِبًا) يَعْنِي إذَا كَانَ عَلَى عَزْمِ الْمُتْعَةِ، وَالتَّقْيِيدُ بِعَزْمِ الْمُتْعَةِ لِنَفْيِ اسْتِحْقَاقِ الْعَوْدِ شَرْعًا عِنْدَ عَدَمِهِ فَإِنَّهُ لَوْ بَدَا لَهُ بَعْدَ الْعُمْرَةِ أَنْ لَا يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ لَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ أَيْ لَا يُؤَاخَذُ بِقَضَاءِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ بِالْحَجِّ بَعْدُ وَإِذَا ذَبَحَ الْهَدْيَ أَوْ أَمَرَ بِذَبْحِهِ يَقَعُ تَطَوُّعًا كَذَا فِي الْفَتْحِ قُلْت وَإِذَا تَحَلَّلَ كَانَ تَارِكًا لِلْوَاجِبِ وَهُوَ الْحَلْقُ فِي الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ أَدَاءُ الْأَفْعَالِ فِيهَا) أَقُولُ إنَّمَا خُصَّتْ الْمُتْعَةُ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ كَانَ مُتَعَيَّنًا لِلْحَجِّ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَدْخَلَ اللَّهُ الْعُمْرَةَ فِيهَا إسْقَاطًا لِلسَّفَرِ الْجَدِيدِ عَنْ الْغُرَبَاءِ فَكَانَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ رُخْصَةً وَتَمَتُّعًا كَذَا فِي الْبَحْرِ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْإِتْيَانِ بِأَكْثَرِ الْعُمْرَةِ فِي الْقِرَانِ كَالتَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ وَسَكَنَ بِمَكَّةَ أَوْ بَصْرَةَ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِمْ أَقَامَ؛ لِأَنَّ قَيْدَ الْإِقَامَةِ اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَّخِذَ مَكَّةَ أَوْ بَصْرَةَ دَارًا أَوْ لَا صَرَّحَ بِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَنْ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْكُوفِيِّ وَقَوْلُهُ بِعُمْرَةٍ يَعْنِي فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَفْسَدَهَا لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، وَإِنَّمَا قُيِّدَتْ بِفِعْلِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَفْسَدَهَا وَأَتَمَّهَا عَلَى الْفَسَادِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمِيقَاتِ حَتَّى دَخَلَ أَشْهُرُ الْحَجِّ فَقَضَى عُمْرَتَهُ فِيهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ اتِّفَاقًا وَعَلَيْهِ دَمُ جَبْرٍ، وَإِنْ خَرَجَ إلَى غَيْرِ أَهْلِهِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لِمَوْضِعٍ لِأَهْلِهِ الْمُتْعَةُ ثُمَّ عَادَ وَدَخَلَ الْمِيقَاتَ قَبْلَ دُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ مُحْرِمًا لِلْقَضَاءِ وَقَضَاهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ كَانَ مُتَمَتِّعًا، وَإِنْ دَخَلَ الْمِيقَاتَ فِي الْأَشْهُرِ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا هُوَ مُتَمَتِّعٌ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْخُرُوجُ إلَى الْمِيقَاتِ مِنْ غَيْرِ مُجَاوَزَتِهِ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يَتَمَتَّعُ مَنْ فَعَلَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا أَلَمَّ بِأَهْلِهِ) يَعْنِي بَعْدَ مَا مَضَى فِي الْفَاسِدِ وَبَعْدَ مَا حَلَّ مِنْهُ ثُمَّ أَتَى بِهِمَا أَيْ بِقَضَاءِ الْعُمْرَةِ