الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمْ يُفْسِدْهُ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي الْأَوَّلِ أَصَابَ جِلْدَهُ وَجِلْدُهُ نَجِسٌ، وَفِي الثَّانِي أَصَابَ شَعْرَهُ وَشَعْرُهُ طَاهِرٌ.
(وَنَافِجَةُ الْمِسْكِ طَاهِرَةٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ رَطْبَةً وَلِغَيْرِ الْمَذْبُوحَةِ) حَتَّى لَوْ كَانَتْ رَطْبَةً لَكِنَّهَا لِلْمَذْبُوحَةِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ وَلَوْ كَانَتْ لِغَيْرِ الْمَذْبُوحَةِ لَكِنَّهَا يَابِسَةٌ فَهِيَ أَيْضًا طَاهِرَةٌ (وَالْمِسْكُ طَاهِرٌ حَلَالٌ) كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَزَادَ قَوْلَهُ حَلَالٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّهَارَةِ الْحِلُّ كَمَا فِي التُّرَابِ.
(وَبَوْلُ مَا يُؤْكَلُ نَجِسٌ) .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ طَاهِرٌ (وَلَا يُشْرَبُ أَصْلًا) لَا لِلتَّدَاوِي وَلَا لِغَيْرِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ لِلتَّدَاوِي، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَجُوزُ مُطْلَقًا.
[فَصْلٌ بِئْرٌ دُونَ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ وَقَعَ فِيهَا نَجَسٌ]
(فَصْلٌ بِئْرٌ دُونَ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَشْرًا فِي عَشْرٍ لَا يَتَنَجَّسُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُ الْمَاءِ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي يُخْرِجُ (وَقَعَ فِيهَا نَجَسٌ وَإِنْ عُفِيَ خُرْءُ حَمَامٍ وَعُصْفُورٍ وَتَقَاطُرُ بَوْلٍ كَرُءُوسِ الْإِبَرِ) حَتَّى لَوْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهَا لَمْ يُعْفَ (وَغُبَارٌ نَجِسٌ وَبَعْرَتَا إبِلٍ أَوْ غَنَمٍ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الثَّلَاثَ كَثِيرٌ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ التُّمُرْتَاشِيِّ وَجْهٌ، وَالْعَفْوُ أَنَّ الْآبَارَ فِي الْفَلَوَاتِ لَيْسَ لَهَا رُءُوسٌ حَاجِزَةٌ، وَالْإِبِلُ وَالْغَنَمُ تَبْعَرُ حَوْلَهَا فَتُلْقِيهِ الرِّيَاحُ فِيهَا فَلَوْ أَفْسَدَ الْقَلِيلُ لَزِمَ الْحَرَجُ وَهُوَ مَدْفُوعٌ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ، وَالصَّحِيحِ، وَالْمُنْكَسِرِ، وَالْبَعْرِ، وَالْخُثَى، وَالرَّوْثِ لِشُمُولِ الضَّرُورَةِ وَلَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ آبَارِ الْمِصْرِ، وَالْفَلَوَاتِ فِي الصَّحِيحِ لِشُمُولِ الضَّرُورَةِ فِي الْجُمْلَةِ (كَمَا إذَا وَقَعَتَا فِي مِحْلَبٍ فَرُمِيَتَا) الْفَاءُ تَدُلُّ عَلَى الْفَوْرِ، قَالَ فِي: الْمَبْسُوطِ لَا يَنْجُسُ إذَا رُمِيَتْ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا لَوْنٌ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَتِهَا أَنَّهَا تَبْعَرُ عِنْدَ الْحَلْبِ (أَوْ انْتَفَخَ فِيهَا حَيَوَانٌ دَمَوِيٌّ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ مَا لَا دَمَ لَهُ إذَا انْتَفَخَ أَوْ تَفَسَّخَ فِي الْمَاءِ أَوْ الْعَصِيرِ لَمْ يَنْجُسْ لَمْ يَذْكُرْ التَّفَسُّخَ لِأَنَّ حُكْمَهُ يُفْهَمُ مِنْ انْتِفَاخٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ (أَوْ مَاتَ نَحْوُ آدَمِيٍّ يُخْرِجُ الْوَاقِعَ) فِي الْبِئْرِ (فَيَنْزَحُ كُلَّهَا) أَيْ كُلَّ مَائِهَا فَكَانَ نَزْحُ مَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ طَهَارَةً لَهَا.
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا تَطْهُرُ بِمُجَرَّدِ النَّزْحِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى غَسْلِ الْأَحْجَارِ، وَنَقْلِ الْأَوْحَالِ (وَإِنْ تَعَسَّرَ) نَزْحُ كُلِّهَا (فَقَدْرَ مَا فِيهَا) أَيْ فَيَنْزَحُ قَدْرَ مَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ (فَيُفَوَّضُ) فِي نَزْحِ قَدْرِ مَا فِيهَا (إلَى ذَوِي بَصَارَةٍ) أَيْ رَجُلَيْنِ لَهُمَا شُعُورٌ وَمَعْرِفَةٌ (فِي) حَالِ (الْمَاءِ) فَأَيَّ مِقْدَارٍ قَالَا إنَّهُ فِي الْبِئْرِ نَزَحَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ لِكَوْنِهِمَا
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
(فَصْلٌ)(قَوْلُهُ: وَإِنْ عُفِيَ خُرْءُ حَمَامٍ وَعُصْفُورٍ) أَقُولُ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ خُرْءَ الْحَمَامِ، وَالْعُصْفُورِ نَجِسٌ لِإِطْلَاقِ الْعَفْوِ عَلَيْهِ كَالْقَطَرَاتِ مِنْ الْبَوْلِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي نَجَاسَتِهِ وَطَهَارَتِهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى سُقُوطِ حُكْمِ النَّجَاسَةِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَزُرْقُ سِبَاعِ الطَّيْرِ يُفْسِدُ الثَّوْبَ إذَا فَحُشَ وَيُفْسِدُ مَاءَ الْأَوَانِي وَلَا يُفْسِدُ مَاءَ الْبِئْرِ اهـ.
وَفِي الْفَيْضِ وَبَوْلُ الْفَأْرَةِ لَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ التَّنَجُّسِ (قَوْلُهُ: يُشِيرُ إلَى أَنَّ الثَّلَاثَ كَثِيرٌ) أَقُولُ هَذَا عِنْدَ الْبَعْضِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا وَقَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ وَقَعَتْ فِيهَا بَعْرَةٌ أَوْ بَعْرَتَانِ لَا يَفْسُدُ الْمَاءُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ تُفْسِدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ فِي الرِّوَايَةِ مُعْتَبَرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا فِي الدَّلَائِلِ عِنْدَنَا عَلَى الصَّحِيحِ وَهَذَا الْفَهْمُ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ اقْتَصَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ قَالَ إذَا وَقَعَتْ بَعْرَةٌ أَوْ بَعْرَتَانِ لَا يَفْسُدُ مَا لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا فَاحِشًا، وَالثَّلَاثُ لَيْسَ بِكَثِيرٍ فَاحِشٍ كَذَا نَقَلَ عِبَارَةَ الْجَامِعِ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ، وَالْكَثِيرُ مَا يَسْتَكْثِرُهُ النَّاظِرُ، وَالْقَلِيلُ مَا يَسْتَقِلُّهُ صَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَالْكَافِي، وَالْمِعْرَاجِ وَالْهِدَايَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ أَوْ أَنَّهُ مَا لَا يَخْلُو وَلَوْ عَنْ بَعْرَةٍ، وَصَحَّحَهُ فِي النِّهَايَةِ وَعَزَاهُ إلَى الْمَبْسُوطِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا وَقَعَتَا فِي مِحْلَبٍ) أَقُولُ يَعْنِي وَقَعَتَا مِنْ الشَّاةِ وَهِيَ تَبْعَرُ وَقْتَ الْحَلْبِ فِي الْمِحْلَبِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمِحْلَبِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِنَاءِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الشَّاةِ تَبْعَرُ فِي الْمِحْلَبِ بَعْرَةً أَوْ بَعْرَتَيْنِ قَالُوا تُرْمَى الْبَعْرَةُ وَيُشْرَبُ اللَّبَنُ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ وَلَا يُعْفَى الْقَلِيلُ فِي الْإِنَاءِ عَلَى مَا قِيلَ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَالْبِئْرِ فِي حَقِّ الْبَعْرَةِ، وَالْبَعْرَتَيْنِ اهـ.
وَالتَّعْبِيرُ بِالْبَعْرَةِ، وَالْبَعْرَتَيْنِ لَيْسَ احْتِرَازًا عَمَّا فَوْقَ ذَلِكَ لِمَا قَالَ فِي الْفَيْضِ وَلَوْ وَقَعَ الْبَعْرُ فِي الْمِحْلَبِ عِنْدَ الْحَلْبِ فَرُمِيَ مِنْ سَاعَتِهِ لَا يَفْسُدُ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا يَنْجُسُ إذَا رُمِيَتْ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا لَوْنٌ) يُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ التَّنَجُّسِ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الْمُكْثِ، وَاللَّوْنِ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ أَخَّرَ أَوْ أَخَذَ اللَّبَنُ لَوْنَهَا لَا يَجُوزُ اهـ.
(قَوْلُهُ: قَيَّدَ بِهِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ مَا لَا دَمَ لَهُ. . . إلَخْ) صَوَابُهُ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: يَخْرُجُ الْوَاقِعُ فِي الْبِئْرِ) يَعْنِي مِمَّا ذَكَرَ إذَا وَجَبَ نَزْحُ شَيْءٍ فَلَا يَجِبُ إخْرَاجُ نَحْوِ الْبَعْرَتَيْنِ لِعَدَمِ نَزْحِ شَيْءٍ بِوُقُوعِهِ، وَلَوْ وَقَعَ فِيهَا عَظْمٌ أَوْ خَشَبَةٌ أَوْ قِطْعَةُ ثَوْبٍ مُتَلَطِّخَةٌ بِنَجَاسَةٍ وَتَعَذَّرَ اسْتِخْرَاجُ ذَلِكَ فَبِنَزْحِ الْمَاءِ يَطْهُرُ ذَلِكَ تَبَعًا كَخَابِيَةِ خَمْرٍ تَخَلَّلَ كَمَا فِي الْفَيْضِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ. . . إلَخْ) كَذَلِكَ يَطْهُرُ الدَّلْوُ وَالرِّشَاءُ، وَالْبَكَرَةُ وَيَدُ الْمُسْتَقِي كَطَهَارَةِ عُرْوَةِ الْإِبْرِيقِ بِطَهَارَةِ الْيَدِ إذَا أَخَذَهَا كُلَّمَا غَسَلَ يَدَهُ
نِصَابَ الشَّهَادَةِ الْمُلْزِمَةِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الرُّجُوعُ إلَى أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدَ الِابْتِلَاءِ بِأَمْرٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43](وَقِيلَ يُقَدَّرُ مَا فِيهَا) رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ تُحْفَرَ حُفْرَةٌ عُمْقُهَا وَدَوْرُهَا مِثْلُ مَوْضِعِ الْمَاءِ مِنْهَا وَتُجَصَّصُ وَيُصَبُّ الْمَاءُ فِيهَا فَإِنْ امْتَلَأَتْ فَقَدْ نُزِحَ مَاؤُهَا، وَالثَّانِي أَنْ يُرْسِلَ قَصَبَةً فِي الْمَاءِ وَيَجْعَلَ عَلَامَةً لِمَبْلَغِ الْمَاءِ ثُمَّ يَنْزَحَ عَشْرَ دِلَاءٍ مَثَلًا ثُمَّ تُعَادُ الْقَصَبَةُ فَيَنْظُرُ كَمْ انْتَقَصَ فَإِنْ انْتَقَصَ الْعَشْرُ فَهُوَ مِائَةٌ وَلَكِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا إذَا كَانَ دَوْرُ الْبِئْرِ مِنْ أَوَّلِ حَدِّ الْمَاءِ إلَى قَعْرِ الْبِئْرِ مُتَسَاوِيًا (وَقِيلَ يُنْزَحُ مِائَتَا دَلْوٍ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ) وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَفْتَى بِمَا شَاهَدَ فِي بَغْدَادَ لِأَنَّ آبَارَهَا كَثِيرَةُ الْمَاءِ بِمُجَاوَرَةِ دِجْلَةَ (وَإِنْ مَاتَ نَحْوُ حَمَامَةٍ أَوْ دَجَاجَةٍ فَأَرْبَعُونَ دَلْوًا وَسَطًا إلَى سِتِّينَ) الْأَرْبَعُونَ بِطَرِيقِ الْوُجُوبِ، وَالْعِشْرُونَ بِطَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ.
(وَ) إنْ مَاتَ نَحْوُ (فَأْرَةٍ أَوْ عُصْفُورٍ فَعِشْرُونَ إلَى ثَلَاثِينَ) هُوَ أَيْضًا كَمَا مَرَّ (وَمَا جَاوَزَ الْوَسَطَ اُحْتُسِبَ بِهِ ثُمَّ مَا بَيْنَ الْفَأْرَةِ، وَالْحَمَامَةِ كَالْفَأْرَةِ) فَيُنْزَحُ عِشْرُونَ إلَى ثَلَاثِينَ (وَمَا بَيْنَ الدَّجَاجَةِ، وَالشَّاةِ كَالدَّجَاجَةِ) فَيُنْزَحُ أَرْبَعُونَ إلَى سِتِّينَ كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَوْ وَقَعَ أَكْثَرُ مِنْ فَأْرَةٍ فَإِلَى الْأَرْبَعِ يُنْزَحُ عِشْرُونَ وَلَوْ خَمْسًا فَأَرْبَعُونَ إلَى التِّسْعِ وَلَوْ عَشْرًا فَجَمِيعُ الْمَاءِ، وَلَوْ كَانَتْ فَأْرَتَانِ كَهَيْئَةِ الدَّجَاجَةِ فَأَرْبَعُونَ وَفِي السِّنَّوْرَيْنِ يُنْزَحُ كُلُّهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (وَتَنَجُّسُهَا) أَيْ الْبِئْرِ (مِنْ وَقْتِ الْوُقُوعِ إنْ عُلِمَ) ذَلِكَ الْوَقْتُ (وَإِلَّا فَمُنْذُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إنْ لَمْ يَنْتَفِخْ) فِي حَقِّ الْوُضُوءِ حَتَّى يَلْزَمُهُمْ إعَادَةُ الصَّلَاةِ إذَا تَوَضَّئُوا مِنْهَا وَأَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَيُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ وُجُودِ النَّجَاسَةِ فِي الثَّوْبِ حَتَّى إذَا كَانُوا غَسَلُوا الثِّيَابَ بِهَا لَمْ يَلْزَمْهُمْ إلَّا غَسْلُهَا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الزَّيْلَعِيُّ يُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ أَنَّ الصَّبَّاغِيَّ كَانَ يُفْتِي بِهَذَا (وَإِنْ انْتَفَخَ أَوْ تَفَسَّخَ فَمُنْذُ) أَيْ تَنَجُّسِهَا مُنْذُ (ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا) ذَكَرَ هَاهُنَا التَّفَسُّخَ لِأَنَّ حُكْمَهُ هَاهُنَا لَا يُفْهَمُ مِنْ الِانْتِفَاخِ لِأَنَّ التَّفَسُّخَ أَكْثَرُ إفْسَادًا لِلْمَاءِ مِنْ الِانْتِفَاخِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا قَدَّرَ لَهُ مِنْ الْمُدَّةِ أَكْثَرَ مِمَّا قَدَّرَ لِلِانْتِفَاخِ فَلَوْ اقْتَصَرَ فِي تَقْدِيرِ هَذِهِ الْمُدَّةِ عَلَى الِانْتِفَاخِ لَتُوُهِّمَ أَنَّ التَّفَسُّخَ يَقْتَضِي مُدَّةً أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ الِانْتِفَاخِ وَلَوْ عَكَسَ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الِانْتِفَاخَ يَقْتَضِي أَقَلَّ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بَيَانًا لِلْحُكْمِ وَدَفْعًا لِلْوَهْمِ فَظَهَرَ أَنَّ عِبَارَةَ الْوِقَايَةِ لَيْسَتْ كَمَا يَنْبَغِي حَيْثُ جَمَعَ فِي الْأَوَّلِ بَيْنَ الِانْتِفَاخِ، وَالتَّفَسُّخِ وَاقْتَصَرَ فِي الثَّانِي عَلَى الِانْتِفَاخِ فَكَانَ الْوَاجِبُ الْعَكْسَ (وَقَالَا) تَنَجُّسُهَا (مُنْذُ وُجِدَ) حَتَّى لَا يَلْزَمُهُمْ إعَادَةُ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ بَلْ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ مَاؤُهَا.
(وَلَوْ أُخْرِجَ) الْحَيَوَانُ الْوَاقِعُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُقَدِّرُ مَا فِيهَا) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ وَقِيلَ أَنْ تُحْفَرَ حَفِيرَةٌ أَوْ تُرْسَلَ فِيهَا قَصَبَةٌ لِأَنَّ هَذَا أَحَدُ الْأَوْجُهِ لِمَعْرِفَةِ مِقْدَارِ مَا فِيهَا عِنْدَ تَعَسُّرِ نَزْحِهَا وَإِنَّمَا قُلْنَا يَنْبَغِي. . . إلَخْ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا يُفِيدُ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ مَتْنًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ نَحْوُ حَمَامَةٍ. . . إلَخْ) .
أَقُولُ هَذَا، وَالْمَيِّتُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ غَسْلِهِ لَا يُفْسِدُهَا، وَالْكَافِرُ يُفْسِدُهَا وَلَوْ غُسِّلَ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: الشَّهِيدُ كَالْمُغَسَّلِ وَفِيهِ نَظَرٌ لَمَّا أَنَّ الدَّمَ الَّذِي بِهِ غَيْرُ طَاهِرٍ فِي حَقِّ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا غُسِلَ عَنْهُ قَبْلَ الْوُقُوعِ فِي الْبِئْرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَعَ أَكْثَرُ مِنْ فَأْرَةٍ إلَى قَوْلِهِ فَجَمِيعُ الْمَاءِ) حَكَاهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْكَمَالُ بِقَوْلِهِمَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ فَأْرَتَانِ. . . إلَخْ) حَكَيَاهُ بِقَوْلِهِمَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ اهـ.
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَأَلْحَقَ مُحَمَّدٌ الثَّلَاثَ مِنْهَا إلَى الْخَمْسِ بِالْهِرَّةِ، وَالسِّتَّ بِالْكَلْبِ وَأَبُو يُوسُفَ الْخَمْسَ إلَى التِّسْعِ بِالْهِرَّةِ، وَالْعَشَرَةَ بِالْكَلْبِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَلْزَمُهُمْ إعَادَةُ الصَّلَاةِ إذَا تَوَضَّئُوا مِنْهَا) أَيْ وَهُمْ مُحْدِثُونَ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ: حَتَّى إذَا كَانُوا غَسَلُوا الثِّيَابَ) أَيْ مِنْ نَجَاسَةٍ أَمَّا إذَا تَوَضَّئُوا مِنْهَا وَهُمْ مُتَوَضِّئُونَ أَوْ غَسَلُوا ثِيَابَهُمْ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ فَإِنَّهُمْ لَا يُعِيدُونَ إجْمَاعًا كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا مُوَفَّقُ الدِّينِ رحمه الله ذَكَرَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ اهـ.
وَتَعَقَّبَ شَارِحُ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الْغَسْلِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَلْزَمُهُمْ غَسْلُهَا لِكَوْنِهَا مَغْسُولَةً بِمَاءِ الْبِئْرِ فِيمَا تَقَدَّمَ حَالَ الْعِلْمِ بِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْفَأْرَةِ بِدُونِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَوْ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَيْفَ يَكُونُ الْحُكْمُ بِنَجَاسَةِ الثِّيَابِ مِنْ بَابِ الِاقْتِصَارِ عَلَى التَّنْجِيسِ فِي الْحَالِ لَا مُسْتَنِدًا إلَى مَا تَقَدَّمَ فَلَا يَتَّجِهُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ مَعَ الْغَسْلِ الْإِعَادَةَ وَلَا عَلَى قَوْلِهِمَا لِأَنَّهُمَا لَا يُوجِبَانِ غَسْلَ الثَّوْبِ أَصْلًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَا بِتَنَجُّسِهَا مُنْذُ وُجِدَ إلَخْ) يَعْنِي حَتَّى يَتَحَقَّقُوا مَتَى وَقَعَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ اهـ.
وَقَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ قَالَ فِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ قَوْلُهُ: مَا هُوَ الْمُخْتَارُ قُلْت لَمْ يُوَافِقْ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ اعْتَمَدَ قَوْلَ الْإِمَامِ الْبُرْهَانِيِّ، وَالنَّسَفِيِّ وَالْمَوْصِلِيِّ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَرَجَّحَ دَلِيلَهُ فِي جَمِيعِ الْمُصَنَّفَاتِ وَصَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ قَوْلَهُمَا قِيَاسٌ، وَقَوْلَهُ اسْتِحْسَانٌ وَهُوَ الْأَحْوَطُ فِي الْعِبَادَاتِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بَلْ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ مَاؤُهَا) أَقُولُ يُخَالِفُ هَذَا مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْبَحْرِ، وَالْفَيْضِ بِقَوْلِهِمْ وَقَالَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا وَقْتَ الْعِلْمِ بِهَا وَلَا يَلْزَمُهُمْ إعَادَةُ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلَا غَسْلُ مَا أَصَابَهُ مَاؤُهَا اهـ. فَلَعَلَّ الصَّوَابَ خِلَافُ مَا قَالَهُ.