الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ السِّتَّةُ عِنْدَهُ مَعَ وَضْعِ الْفَرْضِيَّةِ (وَإِنْ قَضَاهُ) أَيْ ذَلِكَ الْفَائِتَ (قَبْلَ السَّادِسِ) بَطَلَ فَرْضِيَّةُ الْخَمْسِ وَتَصِيرُ نَفْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله كَمَا كَانَتْ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ قَبْلَ قَضَائِهِ لَهُمَا أَنَّ الْخَمْسَةَ أُدِّيَتْ مَعَ قِلَّتِهَا بِلَا تَرْتِيبٍ فَفَسَدَتْ فَلَا تَنْقَلِبُ صَحِيحَةً وَالْكَثْرَةُ الْحَاصِلَةُ بِالسَّادِسِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ حَيْثُ يَصِحَّانِ اتِّفَاقًا لَا فِي الْخَمْسَةِ الْمَاضِيَةِ كَمَا أَنَّ الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ إذَا تَرَكَ الْأَكْلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَثْبُتُ الْحِلُّ فِيمَا بَعْدَ الثَّلَاثِ لَا فِيهَا وَلَهُ فِي الْقَوْلِ بِفَسَادِ الْخَمْسَةِ مُلَاحَظَةُ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فِيمَا دُونَ السِّتَّةِ وَفِي الْقَوْلِ بِالتَّوَقُّفِ أَنَّ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ فَلَمَّا احْتَمَلَ أَنْ يُؤَدِّيَ السَّادِسَ فَيَبْلُغَ إلَى الْكَثْرَةِ فَلَا يُرَاعَى التَّرْتِيبُ فَتَصِحُّ الْخَمْسَةُ وَأَنْ يَقْضِيَ الْفَائِتَ قَبْلَ السَّادِسِ وَيَبْقَى قَلِيلًا فَيُرَاعَى التَّرْتِيبُ فَيَفْسُدَ قَطَعَا لَمْ يَصِحَّ الْجَزْمُ بِالْفَسَادِ مَعَ أَنَّ الْكَثْرَةَ الْمُوجِبَةَ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ قَائِمَةٌ بِمَجْمُوعِ السِّتَّةِ مُسْتَنِدَةً إلَى أَوَّلِهَا كَسَائِرِ الْمُسْتَنِدَاتِ فَكَأَنَّهُ صَلَّى الْخَمْسَ حَالَ سُقُوطِ التَّرْتِيبِ فَوَقَعَتْ صَحِيحَةً، وَإِنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ الْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ الْوَصْفُ بِمَا يَخُصُّهُ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْأَصْلِ كَمَا فِي صَوْمِ كَفَّارَةِ مُعْسِرٍ إذَا أَيْسَرَ حَيْثُ لَا يَقَعُ كَفَّارَةً بَلْ يَصِيرُ نَفْلًا.
(وَلَمْ يَجُزْ فَجْرُ مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُوتِرْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ بَيْنَ الْفُرُوضِ وَالْوِتْرِ فِيهِ خِلَافٌ لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ عِنْدَهُ وَسُنَّةٌ عِنْدَهُمَا.
[سُقُوط التَّرْتِيب بَيْن الْفَرَائِض]
(وَيُسْقِطُ) التَّرْتِيبُ (بِفَوْتِ سِتَّةٍ) مِنْ الْفُرُوضِ فَإِنَّ الْفَائِتَ حِينَئِذٍ يَبْلُغُ حَدَّ الْكَثْرَةِ (بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسِ) حَتَّى يَكُونَ وَاحِدٌ مِنْ الْفُرُوضِ مُكَرَّرًا فَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلتَّخْفِيفِ بِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ الْوَاجِبِ بَيْنَهَا أَنْفُسِهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ أَغْيَارِهَا وَالْأَصْلُ فِيهِ الْقَضَاءُ بِالْإِغْمَاءِ حَيْثُ ثَبَتَ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَقَضَى الصَّلَاةَ وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ رضي الله عنه أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَقَضَاهُنَّ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَمْ يَقْضِهِنَّ فَدَلَّ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
بَحْثًا ثُمَّ أَطْلَعَنِي اللَّهُ عَلَيْهِ مَنْقُولًا فِي الْمُجْتَبَى وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فَسَادَ الصَّلَوَاتِ بِتَرْكِ التَّرْتِيبِ مَوْقُوفٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ كَثُرَتْ وَصَارَتْ الْفَوَاسِدُ مَعَ الْفَوَائِتِ سِتًّا ظَهَرَ صِحَّتُهَا وَإِلَّا فَلَا اهـ قُلْت الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ وَمَنْ وَافَقَهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ حَتَّى لَوْ صَلَّى سِتَّ صَلَوَاتٍ تَأْكِيدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْخَامِسَةِ مِنْ الْمُؤَدَّاةِ لَا أَدَاءَ السَّادِسَةِ فَتَجَوَّزَ فِيهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ، وَلَوْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ رَتَّبَهَا فِي الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ تَزِيدَ عَلَى سِتٍّ اهـ فَقَدْ قَيَّدَ سُقُوطَ التَّرْتِيبِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى سِتٍّ وَلَمَّا كَانَ غَيْرَ مُرَادٍ قَالَ بَعْدَهُ وَجَدَ الْكَثْرَةُ أَنْ تَصِيرَ الْفَوَائِتُ سِتًّا بِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ السَّادِسَةِ اهـ.
وَلِهَذَا قَالَ الْكَمَالُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْوَقْتِيَّةَ الْمُؤَدَّاةَ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ تَفْسُدُ فَسَادًا مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يُصَلِّيَ كَمَالَ خَمْسِ وَقْتِيَّاتٍ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ شَيْئًا مِنْهَا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ السَّادِسَةِ صَارَتْ كُلُّهَا صَحِيحَةً فَإِنْ قُلْت إنَّمَا ذَكَرَ مَنْ رَأَيْت فِي تَصْوِيرِ هَذِهِ أَنَّهُ إذَا صَلَّى السَّادِسَةَ مِنْ الْمُؤَدَّيَاتِ وَهِيَ سَابِعَةُ الْمَتْرُوكَةِ صَارَتْ الْخَمْسُ صَحِيحَةً وَلَمْ يَحْكُمُوا بِالصِّحَّةِ عَلَى قَوْلِهِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ وَقْتِهَا فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَجِبُ كَوْنُ هَذَا مِنْهُمْ اتِّفَاقِيًّا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُؤَدِّي السَّادِسَةَ فِي وَقْتِهَا لَا بَعْدَ خُرُوجِهِ فَأُقِيمَ أَدَاؤُهَا مُقَامَ دُخُولِ وَقْتِهَا لِمَا سَنَذْكُرُ مِنْ أَنَّ تَعْلِيلَهُ لِصِحَّةِ الْخَمْسِ يَقْطَعُ بِثُبُوتِ الصِّحَّةِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ أَدَّاهَا أَوْ لَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَضَاهُ أَيْ ذَلِكَ الْفَائِتَ قَبْلَ السَّادِسِ بَطَلَ) أَقُولُ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَيُقَالُ، وَإِنْ قَضَاهُ أَيْ ذَلِكَ الْفَائِتَ قَبْلَ دُخُولِ السَّادِسِ أَيْ فِي وَقْتِ الْخَامِسِ بَطَلَ.
(قَوْلُهُ إذَا أَيْسَرَ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الصِّيَامِ لِلْكَفَّارَةِ.
(قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِفَوْتِ سِتَّةٍ مِنْ الْفُرُوضِ) أَيْ الْعِلْمِيَّةِ لِيَخْرُجَ الْوِتْرُ؛ لِأَنَّهُ عَمَلِيٌّ لَا يُعَدُّ مُسْقَطًا، وَإِنْ وَجَبَ تَرْتِيبُهُ.
(قَوْلُهُ بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسِ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ وَاكْتَفَى مُحَمَّدٌ بِدُخُولِ وَقْتِ السَّادِسِ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِلَا اشْتِرَاطِ اسْتِيعَابِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَالْكَنْزِ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَالْقُدُورِيِّ حَيْثُ قَالَ إلَّا أَنْ تَزِيدَ الْفَوَائِتُ عَلَى سِتٍّ اهـ.
وَقَالَ فِي الْكَافِي، وَلَوْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ رَتَّبَهَا إلَّا أَنْ تَزِيدَ عَلَى سِتٍّ ثُمَّ قَالَ وَمُرَادُهُ أَنْ تَصِيرَ الْفَوَائِتُ سِتًّا وَيَدْخُلُ وَقْتُ السَّابِعَةِ فَيَجُوزُ أَدَاءُ السَّابِعَةِ، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَمْ تَجُزْ السَّابِعَةُ اهـ فَقَدْ نَبَّهَ عَلَى التَّجَوُّزِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ اهـ.
وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَوَائِتِ فَشَمِلَ الْحَدِيثَةَ وَالْقَدِيمَةَ وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فَصَحَّحَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ عَدَمَ سُقُوطِهِ بِالْقَدِيمَةِ.
وَفِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الْمُجْتَبَى الْأَصَحُّ سُقُوطُهُ.
وَفِي الْكَافِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَالْفَتْوَى، وَالْعَمَلُ بِمَا يُوَافِقُ إطْلَاقَ الْمُتُونِ أَوْلَى كَمَا فِي الْبَحْرِ. اهـ. قُلْت وَهُوَ كَمَا قَالَ الْكَمَالُ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ أَيْ مِنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لَوْ اجْتَمَعَتْ الْفَوَائِتُ الْقَدِيمَةُ وَالْحَدِيثَةُ قِيلَ تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ مَعَ تَذَكُّرِ الْحَدِيثَةِ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ، وَقِيلَ لَا تَجُوزُ وَيُجْعَلُ الْمَاضِي كَأَنْ لَمْ يَكُنْ زَجْرًا لَهُ عَنْ التَّهَاوُنِ. اهـ.؛ لِأَنَّ هَذَا أَيْ الثَّانِي تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَمَا قَالُوا يُؤَدِّي إلَى التَّهَاوُنِ لَا إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ فَإِنَّ مَنْ اعْتَادَ تَفْوِيتَ الصَّلَاةِ وَغَلَبَ عَلَى نَفْسِهِ التَّكَاسُلُ لَوْ أُفْتِيَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ يُفَوِّتُ أُخْرَى وَهَلُمَّ جَرًّا حَتَّى يَبْلُغَ حَدَّ الْكَثْرَةِ اهـ مَا عَلَّلَ
أَنَّ التَّكْرَارَ مُعْتَبَرٌ فِي التَّخْفِيفِ.
(وَ) يَسْقُطُ أَيْضًا (بِضِيقِ الْوَقْتِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ) أَيْ الْوَقْتِ (مَا يَسَعُ بَعْضَ الْفَوَائِتِ مَعَ الْوَقْتِيَّةِ يَقْضِي مَا يَسَعُهُ) مِنْ الْفَوَائِتِ (مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْوَقْتِيَّةِ كَمَا إذَا فَاتَتْ الْعِشَاءُ وَالْوِتْرُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِ الْفَجْرِ إلَّا مَا يَسَعُ خَمْسَ رَكَعَاتٍ يَقْضِي الْوِتْرَ وَيُؤَدِّي الْفَجْرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا إذَا فَاتَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إلَّا مَا يُصَلِّي فِيهِ سَبْعَ رَكَعَاتٍ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْمَغْرِبَ.
(وَ) يَسْقُطُ أَيْضًا (بِالنِّسْيَانِ فَيُعِيدُ الْعِشَاءَ وَالسُّنَّةَ لَا الْوِتْرَ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ بِلَا وُضُوءٍ وَالْآخَرَيْنِ بِهِ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَذَكَّرَ فِي الْوَقْتِ أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ بِلَا وُضُوءٍ وَالسُّنَّةَ وَالْوِتْرَ بِهِ يُعِيدُ الْعِشَاءَ وَالسُّنَّةَ إذْ لَمْ يَصِحَّ أَدَاءُ السُّنَّةِ قَبْلَ الْفَرْضِ مَعَ أَنَّهَا أُدِّيَتْ بِالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْفَرْضِ أَمَّا الْوِتْرُ فَصَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ عِنْدَهُ فَصَحَّ أَدَاؤُهُ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِشَاءِ فَرْضٌ لَكِنَّهُ أَدَّى الْوِتْرَ بِزَعْمِ أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ بِالْوُضُوءِ فَكَانَ نَاسِيًا أَنَّ الْعِشَاءَ فِي ذِمَّتِهِ فَسَقَطَ التَّرْتِيبُ وَعِنْدَهُمَا يَقْضِي الْوِتْرَ أَيْضًا تَبَعًا لِلْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَهُمَا.
. (وَ) يَسْقُطُ أَيْضًا (بِالظَّنِّ الْمُعْتَبَرِ فَإِذَا صَلَّى الظُّهْرَ ذَاكِرًا لِتَرْكِ الْفَجْرِ فَسَدَ فَإِذَا قَضَى الْفَجْرَ وَصَلَّى الْعَصْرَ ذَاكِرًا لِلظُّهْرِ جَازَ الْعَصْرُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِالظَّنِّ الْمُعْتَبَرِ وَأَنَّهُ إذَا صَلَّى الظُّهْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ فَسَدَ ظُهْرُهُ فَإِذَا قَضَى الْفَجْرَ وَصَلَّى الْعَصْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ يَجُوزُ الْعَصْرُ إذْ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ حَالَ أَدَاءِ الْعَصْرِ وَهُوَ ظَنٌّ مُعْتَبَرٌ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
(اجْتَمَعَتْ الْحَدِيثَةُ وَالْقَدِيمَةُ جَازَتْ الْوَقْتِيَّةُ بِتَذَكُّرِ الْحَدِيثَةِ وَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ بِعَوْدِ الْكَثْرَةِ إلَى الْقِلَّةِ فَيَصِحُّ وَقْتِيُّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ شَهْرٍ) مَثَلًا حَتَّى سَقَطَ التَّرْتِيبُ (وَأَخَذَ يُؤَدِّي الْوَقْتِيَّاتِ فَتَرَكَ فَرْضًا) قَوْلُهُ فَيَصِحُّ. . . إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ اجْتَمَعَتْ الْحَدِيثَةُ وَالْقَدِيمَةُ. . . إلَخْ فَإِنَّهُ إذَا أَخَذَ يُؤَدِّي الْوَقْتِيَّاتِ صَارَتْ فَوَائِتُ الشَّهْرِ قَدِيمَةً وَهِيَ مُسْقِطَةٌ لِلتَّرْتِيبِ فَإِذَا تَرَكَ فَرْضًا يَجُوزُ مَعَ ذِكْرِهِ أَدَاءُ وَقْتِيٍّ (أَوْ قَضَى صَلَاةَ شَهْرٍ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَرَكَ صَلَاةَ شَهْرٍ وَتَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ إلَى آخِرِهِ أَيْ وَلَا يَصِحُّ وَقْتِيُّ مَنْ قَضَى صَلَاةَ شَهْرٍ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَإِنَّهُ إذَا قَضَاهَا كَذَلِكَ قَلَّتْ الْفَوَائِتُ وَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
بِهِ الْكَمَالُ رحمه الله (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ بِضِيقِ الْوَقْتِ) لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ رحمه الله الْمُرَادَ بِضِيقِ الْوَقْتِ اهـ.
وَأَصْلُهُ أَوْ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ قَالَ فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ بَيْنَ الْمَشَايِخِ وَنَسَبَ الطَّحَاوِيُّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالثَّانِي أَيْ الْوَقْتَ الْمُسْتَحَبَّ إلَى مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَثَمَرَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ تَذَكَّرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالظُّهْرِ يَقَعُ قَبْلَ التَّغْيِيرِ وَيَقَعُ الْعَصْرُ أَوْ بَعْضُهُ فِيهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ وَعَلَى الثَّانِي يُصَلِّي عَلَى الْعَصْرِ ثُمَّ الظُّهْرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَذَكَرَهُ بِصِيغَةِ عِنْدَنَا.
وَفِي الْمَبْسُوطِ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ هَهُنَا عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّالِثَةِ وَصَحَّحَ فِي الْمُحِيطِ الثَّانِي فَقَالَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ حُكْمِ الْكِتَابِ وَهُوَ نُقْصَانُ الْوَقْتِيَّةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اهـ قَالَ فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ الْوَقْفُ الْمُسْتَحَبُّ وَرَجَّحَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ اهـ.
وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَدَاءُ الْوَقْتِيَّةِ إلَّا مَعَ التَّخْفِيفِ فِي قَصْرِ الْقِرَاءَةِ وَالْأَفْعَالِ يُرَتِّبُ وَيَقْتَصِرُ عَلَى أَقَلِّ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى.
(قَوْلُهُ وَبِالنِّسْيَانِ فَيُعِيدُ الْعِشَاءَ. . . إلَخْ) وَكَمَا يُعِيدُ الْعِشَاءَ مَنْ نَسِيَ الطَّهَارَةَ لَهَا كَذَلِكَ لَوْ نَسِيَ الْفَائِتَةَ فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْحَاضِرَةِ.
(قَوْلُهُ يَعْنِي مَنْ تَذَكَّرَ فِي الْوَقْتِ) أَقُولُ تَقْيِيدُهُ بِالْوَقْتِ لِأَجْلِ الْإِتْيَانِ بِالسُّنَّةِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ أَعَمُّ إذْ لَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا يُعِيدُ الْوِتْرَ وَعَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْعِشَاءِ وَالْحَاضِرَةِ.
(قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ أَيْضًا بِالظَّنِّ الْمُعْتَبَرِ. . . إلَخْ) الْمُرَادُ بِالظَّنِّ الْمُعْتَبَرِ ظَنُّ مُجْتَهِدٍ مَا، لَا ظَنُّ الْمُصَلِّي مِنْ حَيْثُ هُوَ فَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فِي جَاهِلٍ صَلَّى كَمَا ذُكِرَ وَلَمْ يُقَلِّدْ مُجْتَهِدًا وَلَمْ يَسْتَفْتِ فَقِيهًا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ لِمُصَادَفَتِهَا مُجْتَهَدًا فِيهِ أَمَّا لَوْ كَانَ مُقَلِّدًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَلَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ الْمُخَالِفِ لِمَذْهَبِ إمَامِهِ، وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا لِلشَّافِعِيِّ وَصَلَّى الظُّهْرَ ذَاكِرًا لِتَرْكِ الْفَجْرِ فَلَا فَسَادَ فِي صَلَاتِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَى شَيْءٍ هَكَذَا يَنْبَغِي حَمْلُ هَذَا الْمَحَلِّ وَإِلَّا فَيُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَوَقُّفِ صِحَّةِ الْمُؤَدَّاةِ بَعْدَ الْمَتْرُوكَةِ عَلَى خُرُوجِ وَقْتِ الْخَامِسَةِ مِنْهَا حَتَّى لَوْ قَضَاهَا قَبْلَ ذَلِكَ بَطَلَ مَا صَلَّاهُ بَعْدَهَا وَلَيْسَ هَذَا مُسْقِطًا رَابِعًا مُطْلَقًا بَلْ فِيمَا صَوَّرْنَاهُ بِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ) لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ.
(قَوْلُهُ اجْتَمَعَتْ الْحَدِيثَةُ. . . إلَخْ) قَدَّمْنَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ بِعَوْدِ الْكَثْرَةِ إلَى الْقِلَّةِ) أَقُولُ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ كَمَاءٍ قَلِيلٍ نَجِسٍ دَخَلَ عَلَيْهِ مَاءٌ جَارٍ حَتَّى سَالَ فَعَادَ قَلِيلًا لَمْ يَعُدْ نَجِسًا بِخِلَافِ النِّسْيَانِ وَضِيقِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ ثَمَّةَ لِلْعَجْزِ وَهُنَا سَقَطَ حَقِيقَةً حَتَّى لَوْ تَمَكَّنَ هُنَا مِنْ أَدَاءِ الْفَائِتَةِ مَعَ الْوَقْتِيَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّرْتِيبُ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ تَمَكَّنَ هُنَاكَ بِزَوَالِ النِّسْيَانِ وَظَهَرَ سَعَةُ الْوَقْتِ يَلْزَمُهُ التَّرْتِيبُ.
(قَوْلُهُ فَيَصِحُّ وَقْتِيُّ مَنْ تَذَكَّرَ صَلَاةَ شَهْرٍ) تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ مِنْ إطْلَاقِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفَرْضُهُ فِي الشَّهْرِ لِمُوَافَقَةِ زُفَرَ عَلَى سُقُوطِ التَّرْتِيبِ إذْ لَا يَسْقُطُ عِنْدَهُ بِفَوَاتِ مَا دُونَ شَهْرٍ