الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ (لَا عَسْكَرٍ جَعَلْت لَكُمْ الْكُلَّ أَوْ قَدْرًا مِنْهُ) نُقِلَ فِي النِّهَايَةِ عَنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَالَ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ جَمِيعًا مَا أَصَبْتُمْ فَلَكُمْ نَفْلًا بِالسَّوِيَّةِ بَعْدَ الْخُمُسِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ مَا أَصَبْتُمْ فَلَكُمْ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَإِنْ فَعَلَهُ مَعَ السَّرِيَّةِ جَازَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّنْفِيلِ التَّحْرِيضُ عَلَى الْقِتَالِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِتَخْصِيصِ الْبَعْضِ بِشَيْءٍ وَفِي التَّعْمِيمِ إبْطَالُ تَفْضِيلِ الْفَارِسِ عَلَى الرَّاجِلِ أَوْ إبْطَالُ الْخُمُسِ أَيْضًا إذَا لَمْ يُسْتَثْنَ (لَا بَعْدَ الْإِحْرَازِ هُنَا إلَّا مِنْ الْخُمُسِ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْفَلَ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ إذَا دَخَلَهَا الْكُفَّارُ لِلْقِتَالِ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغَانِمِينَ قَدْ تَأَكَّدَ فِيهِ بِالْإِحْرَازِ بِالدَّارِ وَلِهَذَا يُورَثُ مِنْهُ لَوْ مَاتَ فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُ حَقِّهِمْ (وَسَلْبُهُ مَا مَعَهُ) مِنْ ثِيَابِهِ وَسِلَاحِهِ وَمَالِهِ عَلَى وَسَطِهِ (حَتَّى مَرْكَبِهِ وَمَا عَلَيْهِ) مِنْ السَّرْجِ وَإِلَّا لَهُ وَحَقِيقَتُهُ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ مَالِهِ (وَهُوَ) أَيْ السَّلَبُ (لِلْكُلِّ) أَيْ لِجَمِيعِ الْجُنْدِ (إنْ لَمْ يَنْفُلْ) الْإِمَامُ وَالْقَاتِلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ.
(بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)
(أَهْلُ الْحَرْبِ إذَا سَبَوْا أَهْلَ الذِّمَّةِ مِنْ دَارِنَا لَا يَمْلِكُونَهُمْ) لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ كَذَا فِي وَاقِعَاتِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ (وَإِذَا سَبَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ أَوْ بَعِيرًا نَدَّ إلَيْهِمْ أَوْ غَلَبُوا عَلَى مَالِنَا وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ مَلَكُوهُ وَلَوْ) كَانَ مَالُنَا (عَبْدًا مُؤْمِنًا) أَوْ أَمَةً مُؤْمِنَةً ذُكِرَ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، وَهِيَ مَا إذَا ابْتَاعَ مُسْتَأْمَنٌ عَبْدًا مُسْلِمًا وَأَدْخَلَهُ دَارَهُمْ. . . إلَخْ، وَإِنَّمَا قَالَ وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِهَا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا مِنَّا حَتَّى إذَا اشْتَرَى مِنْهُمْ تَاجِرٌ شَيْئًا مِمَّا أَخَذُوهُ قَبْلَ إحْرَازِهِمْ بِهَا وَوَجَدَهُ مَالِكُهُ فِي يَدِهِ أَخَذَهُ بِلَا شَيْءٍ (لَا حُرَّنَا) الْمَحْضَ (وَمُدَبَّرَنَا وَأُمَّ وَلَدِنَا وَمُكَاتَبَنَا) حَتَّى لَوْ كَانَ أَهْلُ الْحَرْبِ أَخَذُوهُمْ مِنْ دَارِنَا وَأَحْرَزُوهُمْ بِدَارِهِمْ ثُمَّ ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَهُمْ لِمَالِكِهِمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا بِلَا شَيْءٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ إنَّمَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ إذَا لَاقَى مَحَلًّا قَابِلًا لِلْمِلْكِ وَهُوَ الْمَالُ الْمُبَاحُ وَالْحُرُّ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْمِلْكِ وَكَذَا مَنْ سِوَاهُ لِحُرِّيَّتِهِمْ مِنْ وَجْهٍ (وَعَبْدَنَا) أَيْ عَبْدًا مِنْ دَارِنَا سَوَاءً كَانَ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ ذَكَرَهُ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ (آبِقًا دَخَلَ إلَيْهِمْ) احْتِرَازٌ عَنْ آبِقٍ مُتَرَدِّدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُمْ يَمْلِكُونَهُ إذَا اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَالَ (وَإِنْ أَخَذُوهُ) إشَارَةً إلَى خِلَافِ الْإِمَامَيْنِ فَإِنَّهُمْ إذَا أَخَذُوهُ وَقَيَّدُوهُ مَلَكُوهُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ. لَهُمَا أَنَّ الْعِصْمَةَ لِحَقِّ الْمَالِكِ لِقِيَامِ يَدِهِ وَقَدْ زَالَتْ وَلِهَذَا لَوْ أَخَذُوهُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ مَلَكُوهُ كَمَا مَرَّ وَلَهُ أَنَّ يَدَهُ ظَهَرَتْ عَلَى نَفْسِهِ بِالْخُرُوجِ مِنْ دَارِنَا لِأَنَّ سُقُوطَ اعْتِبَارِهِ لِيَتَحَقَّقَ يَدُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ تَمْكِينًا لَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَقَدْ زَالَتْ وَظَهَرَتْ يَدُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَصَارَ مَعْصُومًا بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْمِلْكِ، بِخِلَافِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَالَ الْكَمَالُ وَهَذَا بِعَيْنِهِ يُبْطِلُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِهِ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ لِاتِّحَادِ اللَّازِمِ فِيهِمَا وَهُوَ بُطْلَانُ السَّهْمَيْنِ الْمَنْصُوصَةِ بِالسَّوِيَّةِ بَلْ وَزِيَادَةُ حِرْمَانِ مَنْ لَمْ يُصِبْ شَيْئًا أَصْلًا بِانْتِهَائِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ وَالْفَرْعُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْحَوَاشِي وَبِهِ أَيْضًا يَنْتَفِي مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَوْ نَفَلَ بِجَمِيعِ الْمَأْخُوذِ جَازَ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ وَفِيهِ زِيَادَةُ إيحَاشِ الْبَاقِينَ وَزِيَادَةُ الْفِتْنَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا بَعْدَ الْإِحْرَازِ هُنَا إلَّا مِنْ الْخُمُسِ) ظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِيمَا غَنِمَهُ وَصَارَ بِيَدِهِ أَمَّا التَّنْفِيلُ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ أَهْلِ حَرْبٍ دَخَلُوا دَارَنَا فَكَالْحُكْمِ حَالَ قِتَالِهِمْ بِدَارِهِمْ. اهـ.
[بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ]
(بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)(قَوْلُهُ: وَإِذَا سَبَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا. . . إلَخْ)
قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ الْحَرْبِيُّ إذْ قَهَرَ حَرْبِيًّا إنَّمَا يَمْلِكُهُ إذَا كَانُوا يَرَوْنَ ذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَقَاوِيلُ الْمَشَايِخِ فِيهِ مُخْتَلِفَةٌ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِمُجَرَّدِ الْقَهْرِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يَمْلِكُ حَرْبِيًّا آخَرَ بِالْقَهْرِ. اهـ. وَنَمْلِكُ مَا مَلَكُوهُ بِالظَّفَرِ عَلَيْهِمْ وَلَوْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرُّومِ الْمَأْخُوذِينَ مُوَادَعَةٌ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وَإِنْ أَسْلَمُوا قَبْلَ الظَّفَرِ فَلَا سَبِيلَ لِأَصْحَابِ الْأَمْوَالِ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مَالٍ فَهُوَ لَهُ» كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ) قَيْدٌ لِغَلَبْتُمْ عَلَى مَالِنَا خَاصَّةً دُونَ مَا اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِ بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ مَسْأَلَةَ اسْتِيلَائِهِمْ عَلَى أَمْوَالِنَا مُقَيَّدَةً بِالْإِحْرَازِ بِدَارِهِمْ وَأَطْلَقَ غَيْرَهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ وَمُدَبَّرَنَا) ظَاهِرٌ فِي الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ، وَأَمَّا الْمُقَيَّدُ فَهَلْ يَمْلِكُونَهُ أَوْ لَا يَمْلِكُونَهُ وَفِي تَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ إنَّمَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ إذَا لَاقَى مَحَلًّا قَابِلًا لِلْمِلْكِ إشَارَةً إلَى مِلْكِهِمْ الْمُقَيَّدِ فَلْيُنْظَرْ حُكْمُهُ.
(قَوْلُهُ: فَهُمْ لِمَالِكِهِمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا بِلَا شَيْءٍ) أَقُولُ وَيُعَوِّضُ الْإِمَامُ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قِيمَتَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: وَعَبْدَنَا آبِقًا) هَذَا إذَا لَمْ يَرْتَدَّ فَإِنْ ارْتَدَّ وَأَبَقَ إلَيْهِمْ فَأَخَذُوهُ مَلَكُوهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ كَافِرًا أَصْلِيًّا؛ لِأَنَّهُ ذِمِّيٌّ تَبَعٌ لِمَوْلَاهُ وَفِي الْعَبْدِ الذِّمِّيِّ إذَا أَبَقَ قَوْلَانِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ إذَا أَخَذُوهُ وَقَيَّدُوهُ مَلَكُوهُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ) مُفِيدٌ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَأْخُذُوهُ قَهْرًا لَا يَمْلِكُونَهُ اتِّفَاقًا وَبِهِ صُرِّحَ فِي الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ الْوِقَايَةِ.
(قَوْلُهُ: فَلَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْمِلْكِ) أَيْ فَيَأْخُذُهُ مَالِكُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا بِلَا شَيْءٍ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
الْمُتَرَدِّدِ لِأَنَّ يَدَ الْمَوْلَى بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ حُكْمًا لِقِيَامِ يَدِ أَهْلِ الدَّارِ عَلَيْهِ فَمَنَعَ ظُهُورَ يَدِهِ تَمَلُّكُهُمْ وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مَلَكَهُ، وَلَوْ وَهَبَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ لَا يَمْلِكُهُ.
(وَنَمْلِكُ بِالْغَلَبَةِ) عَلَيْهِمْ (حُرَّهُمْ وَمُدَبَّرَهُمْ وَأُمَّ وَلَدِهِمْ وَمُكَاتَبَهُمْ وَمَلِكَهُمْ) فَإِنَّ الشَّرْعَ أَسْقَطَ عِصْمَتَهُمْ جَزَاءً عَلَى جِنَايَتِهِمْ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا أَنْكَرُوا وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَنْكَفُوا عَنْ عِبَادَتِهِ جَازَاهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِأَنْ جَعَلَهُمْ عَبِيدَ عَبِيدِهِ وَتَبِعَ مَالُهُمْ رِقَابَهُمْ، ثُمَّ إنَّ الْكُفَّارَ بَعْدَمَا غُلِبُوا عَلَيْنَا وَأَخَذُوا مَالَنَا إذَا غَلَبْنَا عَلَيْهِمْ وَأَخَذَ الْغَانِمُونَ مِنْهُمْ مَا أَخَذُوا مِنَّا (فَمَنْ وَجَدَ مِنَّا مَالَهُ فِي الْغَانِمِينَ أَخَذَهُ مَجَّانًا قَبْلَ قِسْمَتِنَا) الْغَنِيمَةَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ (وَ) أَخَذَهُ (بِالْقِيمَةِ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَخَذُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِدَارِهِمْ ثُمَّ وَقَعَتْ فِي الْغَنِيمَةِ فَخَاصَمَ فِيهَا الْمَالِكَ الْقَدِيمَ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم إنْ وَجَدْتهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذْتهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدْتهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَخَذْتهَا بِالْقِيمَةِ إنْ شِئْت» ، وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ الْقَدِيمَ يَتَضَرَّرُ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ بِلَا رِضَاهُ وَمَنْ وَقَعَ الْعَيْنُ فِي نَصِيبِهِ يَتَضَرَّرُ بِالْأَخْذِ مِنْهُ مَجَّانًا لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ عِوَضًا عَنْ سَهْمِهِ فِي الْغَنِيمَةِ فَقُلْنَا بِحَقِّ الْأَخْذِ بِالْقِيمَةِ جَبْرًا لِلضَّرَرَيْنِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ الْمِلْكُ فِيهِ لِلْعَامَّةِ فَلَا يُصِيبُ كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُمْ مَا يُبَالَى بِفَوْتِهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الضَّرَرُ، وَإِنَّمَا قُلْت قَبْلَ قِسْمَتِنَا لِرَدِّ مَا وَقَعَ فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ لِلْمُصَنِّفِ حَيْثُ قِيلَ فِيهِ وَإِذَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ حَلَّتْ لِأَرْبَابِهَا أَوْ بَعْدَهَا أَخَذُوهَا بِالْقِيمَةِ إنْ شَاءُوا، وَفِي الشَّرْحِ إذَا ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْكُفَّارِ فَوَجَدُوا أَمْوَالَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمُوهَا فَهِيَ لِأَرْبَابِهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدُوهَا بَعْدَ أَنْ اقْتَسَمُوهَا أَخَذُوهَا بِالْقِيمَةِ إنْ اخْتَارُوا، فَإِنَّ حَمْلَ الْقِسْمَةِ عَلَى قِسْمَةِ الْكُفَّارِ مُخَالِفٌ لِجَمِيعِ الْكُتُبِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى أُولِي الْأَبْصَارِ.
(وَ) أَخَذَهُ (بِالثَّمَنِ إنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ) فِي دَارِ الْحَرْبِ (تَاجِرٌ) وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِنَا، فَإِنَّ الْمَالِكَ الْقَدِيمَ إنْ وَجَدَ مَالَهُ فِي مِلْكٍ خَاصٍّ، فَإِنْ كَانَ ذُو الْيَدِ مَلَكَهُ بِمُعَاوَضَةٍ صَحِيحَةٍ أَخَذَهُ بِمِثْلِ الْعِوَضِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا؛ لِأَنَّهُ بِالْأَخْذِ مِنْهُ مَجَّانًا يَلْحَقُ الضَّرَرُ بِهِ لِأَنَّهُ دَفَعَ الْعِوَضَ بِمُقَابَلَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مِلْكُهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ بِأَنْ وَهَبُوهُ لِمُسْلِمٍ أَخَذَهُ بِقِيمَةِ مَالِهِ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا، وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا لَا يَأْخُذُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ أَخَذَهُ بِمِثْلِهِ فَلَا يُفِيدُ.
(وَإِنْ أَخَذَ أَرْشَ عَيْنِهِ مَفْقُوءَةً) يَعْنِي إذَا أَسَرُوا عَبْدًا فَاشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِنَا فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ وَأَخَذَ الْمُسْلِمُ أَرْشَهَا فَالْمَوْلَى الْقَدِيمُ أَخَذَ الْعَبْدَ بِثَمَنِ أَخْذِهِ بِهِ مِنْ الْعَدُوِّ لِمَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ وَلَا يَأْخُذُ الْأَرْشَ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْعَيْنِ الْمُسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَلَمْ يَرِدْ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْأَرْشِ وَلَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ الْعَيْنِ.
(تَكَرَّرَ الْأَسْرُ وَالشِّرَاءُ) بِأَنْ أَسَرَ الْكُفَّارُ عَبْدًا فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَسَرُوهُ ثَانِيًا فَأَدْخَلُوهُ دَارَ الْحَرْبِ فَاشْتَرَاهُ آخَرُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِنَا فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَخْذُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِأَنَّ الْأَسْرَ لَمْ يَرِدْ عَلَى مِلْكِهِ بَلْ (أَخَذَ) الْمُشْتَرِي (الْأَوَّلُ مِنْ الثَّانِي بِثَمَنِهِ) لِوُرُودِ الْأَسْرِ عَلَى مِلْكِهِ (ثُمَّ) أَخَذَهُ (الْمَالِكُ الْقَدِيمُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِالثَّمَنَيْنِ إنْ شَاءَ) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِالثَّمَنَيْنِ فَلَمْ يُحَطَّ مِنْهُ شَيْءٌ صِيَانَةً لِحَقِّهِ (وَقَبْلَ أَخْذِ الْأَوَّلِ)
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: وَأَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ بَعْدَهَا) مُفِيدٌ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ بِالْمِثْلِ لَوْ مِثْلِيًّا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ نَفَذَ عِتْقُهُ وَبَطَلَ حَقُّ الْمَالِكِ وَإِنْ بَاعَهُ أَخَذَهُ مَالِكُهُ بِالثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ (فَإِنْ قِيلَ) لَوْ ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْكَافِرِ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى مَالِ الْمُسْلِمِ لَمَا ثَبَتَ وِلَايَةُ الِاسْتِرْدَادِ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ مِنْ الْغَازِي الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ أَوْ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ بِدُونِ رِضًى (أُجِيبَ) بِأَنَّ بَقَاءَ حَقِّ الِاسْتِرْدَادِ لِحَقِّ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ لَا يَدُلُّ عَلَى قِيَامِ الْمِلْكِ لَهُ، أَلَا يُرَى أَنَّ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ وَالْإِعَادَةَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ بِدُونِ رِضَى الْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ زَوَالِ مِلْكِ الْوَاهِبِ فِي الْحَالِ وَكَذَا الشَّفِيعُ يَأْخُذُ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِحَقِّ الشُّفْعَةِ بِدُونِ رِضَى الْمُشْتَرِي مَعَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ. اهـ. كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
(قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ مَالِهِ) أَيْ مَالِيَّةِ ذَاتِ الْمَأْخُوذِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا يَأْخُذُهُ بِقِيمَةِ نَفْسِهِ كَذَا لَوْ وَهَبَهُ الْعَدُوُّ لِمُسْلِمٍ يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمَا إذْ مِلْكُهُ فِيهِ ثَابِتٌ فَلَا يُزَالُ بِغَيْرِ شَيْءٍ.
(قَوْلُهُ: فَالْمَوْلَى الْقَدِيمُ أَخَذَ الْعَبْدَ بِثَمَنٍ أَخَذَهُ بِهِ مِنْ الْعَدُوِّ) مُفِيدٌ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِتَعَيُّبِ الْعَبْدِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا بِتَعْيِيبِهِ لَهُ وَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَعَلَى قَوْلِهِمَا الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَوْلَى الْقَدِيمِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ) يَعْنِي قَوْلَهُ وَإِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ الْحَالَيْنِ. . . إلَخْ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ النَّظَرِ أَيْ لِلْجَانِبَيْنِ