الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعُذْرِ وَعِنْدَهُمَا يُعِيدُ الْوَتْرَ أَيْضًا لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا فَلَا يَصِحُّ قَبْلَهَا، وَالثَّانِي أَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْفَرَائِضِ حَتَّى لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْفَجْرِ مَا لَمْ يُصَلِّ الْوَتْرَ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إذْ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ.
(وَلَا يَجِبَانِ) أَيْ الْعِشَاءُ وَالْوَتْرُ (لِفَاقِدِ وَقْتِهِمَا) أَيْ مَنْ لَمْ يَجِدْ وَقْتَ الْعِشَاءِ وَالْوَتْرِ بِأَنْ كَانَ فِي بَلَدٍ يَطْلُعُ فِيهِ الْفَجْرُ كَمَا تَغْرُبُ الشَّمْسُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ لَمْ يَجِبَا عَلَيْهِ لِعَدَمِ السَّبَبِ، وَهُوَ الْوَقْتُ.
(وَ)
وَقْتُ (التَّرَاوِيحِ
بَعْدَ الْعِشَاءِ إلَى الْفَجْرِ) قَبْلَ الْوَتْرِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهَا نَوَافِلُ سُنَّتْ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَقِيلَ بَيْنَ الْعِشَاءِ، وَالْوَتْرِ) حَتَّى لَوْ صَلَّاهَا قَبْلَ الْعِشَاءِ أَوْ بَعْدَ الْوَتْرِ لَمْ يُؤَدِّهَا فِي وَقْتِهَا (وَقِيلَ اللَّيْلُ كُلُّهُ) قَبْلَ الْعِشَاءِ وَبَعْدَهَا وَقَبْلَ الْوَتْرُ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهَا قِيَامُ اللَّيْلِ.
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَصْلِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْأَوْقَاتِ الْمُسْتَحَبَّةِ، فَقَالَ:(وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْفَجْرِ إلَى مَا يُمْكِنُ فِيهِ تَرْتِيلُ أَرْبَعِينَ آيَةً ثُمَّ إعَادَتُهُ إنْ لَزِمَتْ) بِأَنْ ظَهَرَ فَسَادُ وُضُوئِهِ قَالَ عليه الصلاة والسلام «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» .
(وَ) يُسْتَحَبُّ (تَأْخِيرُ ظُهْرِ الصَّيْفِ لِلْإِبْرَادِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» (وَ) تَأْخِيرُ (الْعِشَاءِ إلَى آخِرِ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ) بِأَنْ يَكُونَ ابْتِدَاؤُهَا قَبْلَ آخِرِ الثُّلُثِ وَانْتِهَاؤُهَا فِي آخِرِ الثُّلُثِ وَلَوْ بِالتَّخْمِينِ، وَبِهِ يُوَفَّقُ بَيْنَ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ إلَى مَا قَبْلَ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَقَوْلِ صَاحِبِ الْكَنْزِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ (وَ) تَأْخِيرُ الْوَتْرِ إلَى الْفَجْرِ (لِلْوَاثِقِ بِالِانْتِبَاهِ) وَإِنْ لَمْ يَثِقْ بِهِ أَوْتَرَ قَبْلَ النَّوْمِ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُمَا يُعِيدُ الْوَتْرَ أَيْضًا) يَعْنِي عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ قَبْلَهَا) يَعْنِي لَا يَقَعُ مُعْتَدًّا بِهِ عَنْ السُّنَّةِ فَنَفْيُ الصِّحَّةِ الْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ صِحَّةِ أَدَائِهِ سُنَّةً لَا نَفْيُ أَصْلِ الصِّحَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبَانِ لِفَاقِدِ وَقْتِهِمَا) أَقُولُ وَبِهِ أَفْتَى الْبَقَّالِيُّ ثُمَّ وَافَقَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَهُوَ مُخْتَارُ صَاحِبِ الْكَنْزِ وَأَفْتَى الْإِمَامُ الْبُرْهَانِيُّ الْكَبِيرُ بِوُجُوبِهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ قُلْت وَلَا يُسَاعِدُ الْقَائِلَ بِالْوُجُوبِ حَدِيثُ الدَّجَّالِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ لَمَّا «سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْثِ الدَّجَّالِ فِي الْأَرْضِ قَالَ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَيَكْفِينَا صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ لَا اُقْدُرُوا لَهُ» .
لِأَنَّهُ وَإِنْ أَوْجَبَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ عِشَاءٍ مَثَلًا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فِي الْإِيجَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ زَمَنٌ يَمْضِي فِيهِ مِقْدَارُ وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَالْوَتْرِ لِيُقَدَّرَ لَهُ بِهِ
[وَقْتُ التَّرَاوِيح]
(قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْفَجْرِ) هَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَرْأَةِ، وَالْأَفْضَلُ لَهَا فِي الْفَجْرِ الْغَلَسُ، وَفِي غَيْرِهَا الِانْتِظَارُ إلَى فَرَاغِ الرِّجَالِ عَنْ الْجَمَاعَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَلَا خِلَافَ لِأَحَدٍ فِي سُنِّيَّةِ التَّغْلِيسِ بِفَجْرِ مُزْدَلِفَةَ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: إلَى مَا يُمْكِنُ فِيهِ تَرْتِيلُ أَرْبَعِينَ آيَةً ثُمَّ إعَادَتُهُ. . . إلَخْ) .
أَقُولُ الْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ الْإِعَادَةُ بِقِرَاءَةٍ مَسْنُونَةٍ مَعَ الْإِتْيَانِ بِالْوُضُوءِ أَيْضًا قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مُوفِيًا بِهِ.
وَقَالَ الْكَمَالُ: قَالُوا وَحَدُّهُ يَعْنِي الْإِسْفَارَ بِالْفَجْرِ أَنْ يَبْدَأَ فِي وَقْتٍ يَبْقَى مِنْهُ بَعْدَ أَدَائِهَا إلَى آخِرِ الْوَقْتِ مَا لَوْ ظَهَرَ فَسَادُ صَلَاتِهِ أَعَادَهَا بِقِرَاءَةٍ مَسْنُونَةٍ مُرَتَّلَةٍ بَيْنَ الْخَمْسِينَ، وَالسِّتِّينَ آيَةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا يَظُنُّ أَنَّ هَذَا يَسْتَلْزِمُ التَّغْلِيسَ إلَّا مَنْ لَمْ يَضْبِطْ ذَلِكَ الْوَقْتَ (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ ظُهْرِ الصَّيْفِ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا لَوْ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ بِجَمَاعَةٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ أَطْلَقَهُ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ بِجَمَاعَةٍ أَوْ لَا وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِ فِي بِلَادٍ حَارَّةٍ أَوْ لَا وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ أَوْ لَا وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَجْمَعِ وَنُفَضِّلُ الْإِبْرَادَ بِالظُّهْرِ مُطْلَقًا كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ الْإِبْرَادُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ فَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَا قِيلَ، وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ أَصْلًا وَاسْتِحْبَابًا فِي الزَّمَانَيْنِ اهـ
(تَنْبِيهٌ) : لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ رحمه الله تَأْخِيرَ وَقْتِ الْعَصْرِ وَقَالَ فِي الْكَافِي: يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْعَصْرِ فِي كُلِّ زَمَانٍ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ الشَّمْسُ «لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يَأْمُرُ بِتَأْخِيرِ الْعَصْرِ» ، وَالْعِبْرَةُ لِتَغَيُّرِ الْقُرْصِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا لِتَغَيُّرِ الضَّوْءِ كَمَا قَالَ النَّخَعِيُّ وَالْحَاكِمُ الشَّهِيدُ لِأَنَّ ذَا يَحْصُلُ بَعْدَ الزَّوَالِ فَمَتَى صَارَ الْقُرْصُ بِحَيْثُ لَا تَحَارُ فِيهِ الْأَعْيُنُ فَقَدْ تَغَيَّرَتْ وَإِلَّا لَا (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ الْعِشَاءِ) أَطْلَقَهُ وَظَاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ التَّقْيِيدُ بِعَدَمِ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي مَسْأَلَةِ يَوْمِ الْغَيْمِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُوَفِّقُ. . . إلَخْ) .
أَقُولُ وَقَدْ ظَفِرْت بِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ إلَى مَا قَبْلَ ثُلُثِ اللَّيْلِ فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ إلَيْهِ وَوَجْهُ كُلٍّ فِي الْبُرْهَانِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا يُوَفَّقُ بِهِ لِفَكِّ التَّعَارُضِ وَقَدْ وَفَّقَ بَيْنَهُمَا شَارِحُ الْمَجْمَعِ بِأَنْ يَكُونَ التَّأْخِيرُ إلَى الثُّلُثِ مُسْتَحَبًّا فِي الشِّتَاءِ وَإِلَى مَا قَبْلَهُ فِي الصَّيْفِ لِغَلَبَةِ النَّوْمِ وَأَمَّا التَّأْخِيرُ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ فَمُبَاحٌ وَإِلَى آخِرِهِ فَمَكْرُوهٌ اهـ.
وَعَلَّلَ الْكَرَاهَةَ فِي الْهِدَايَةِ بِتَقْلِيلِ الْجَمَاعَةِ اهـ.
وَيُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَ الْعِشَاءِ لِمَنْ يَخْشَى فَوْتَ الْجَمَاعَةِ، وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَإِلَّا فَلَا كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالذِّكْرِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَمُذَاكَرَةِ الْفِقْهِ، وَالْحَدِيثِ مَعَ الضَّيْفِ، وَالْعُرْسِ (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ الْوَتْرِ إلَى الْفَجْرِ) ظَاهِرُ مَا فِي الْبُرْهَانِ، وَالْمَجْمَعِ أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ لِلْمُتَهَجِّدِ آخِرَ اللَّيْلِ وَهُوَ مَنْ يَأْلَفُ صَلَاةَ اللَّيْلِ لِلْإِتْيَانِ بِمَا يَتَنَفَّلُ بِهِ مَعَهُ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ وَإِذَا أَوْتَرَ قَبْلَ النَّوْمِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، وَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَا يُعِيدُ الْوَتْرَ وَلَزِمَهُ تَرْكُ الْأَفْضَلِ الْمُفَادِ مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا»
(وَ) يُسْتَحَبُّ (تَعْجِيلُ ظُهْرِ الشِّتَاءِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ فِي أَيَّامِ الشِّتَاءِ مَا نَدْرِي أَمَا ذَهَبَ مِنْ النَّهَارِ أَكْثَرُ أَمْ مَا بَقِيَ مِنْهُ» ، رَوَاهُ أَحْمَدَ (وَ) تَعْجِيلُ (الْمَغْرِبِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَتَوَارَتْ بِالْحِجَابِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (وَيَوْمَ غَيْمٍ يُعَجِّلُ الْعَصْرَ، وَالْعِشَاءَ) لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِ الْعَصْرِ احْتِمَالَ وُقُوعِهِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ وَفِي تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ تَقْلِيلَ الْجَمَاعَةِ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَطَرِ، وَالطِّينِ (وَيُؤَخِّرُ غَيْرَهُمَا) يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْمَغْرِبَ لِأَنَّ الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ لَا كَرَاهَةَ فِي تَأْخِيرِهِمَا، وَالْمَغْرِبُ يُخَافُ وُقُوعُهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ لِشِدَّةِ الِالْتِبَاسِ.
(لَا تَصِحُّ صَلَاةٌ وَسَجْدَةُ تِلَاوَةٍ كَانَتْ) تِلْكَ التِّلَاوَةُ (فِي) الْوَقْتِ (الْكَامِلِ وَصَلَاةُ جِنَازَةٍ حَضَرَتْ قَبْلَ) أَيْ قَبْلَ الْأَوْقَاتِ الَّتِي ذُكِرَتْ بِقَوْلِهِ (حَالَ الطُّلُوعِ، وَالِاسْتِوَاءِ، وَالْغُرُوبِ) وَهُوَ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ لَا تَصِحُّ (إلَّا عَصْرَ يَوْمِهِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا تَصِحُّ صَلَاةٌ فَإِنْ أَدَّاهَا لَا يُكْرَهُ وَقْتُ الْغُرُوبِ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا كَمَا وَجَبَتْ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ آخِرُ الْوَقْتِ إنْ لَمْ يُؤَدِّ قَبْلَهُ فَإِذَا أَدَّاهَا كَمَا وَجَبَتْ لَمْ يُكْرَهْ فِعْلُهَا فِيهِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ كَالْقَضَاءِ لَا يُكْرَهُ فِعْلُهُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ تَفْوِيتُهُ، قَالُوا الْمُرَادُ بِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ مَا تَلَاهَا قَبْلَ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ كَامِلَةً فَلَا تَتَأَدَّى بِالنَّاقِصِ وَأَمَّا إذَا تَلَاهَا فِيهَا فَجَازَ أَدَاؤُهَا فِيهَا بِلَا كَرَاهَةٍ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُهَا لِيُؤَدِّيَهَا فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ لِأَنَّهَا لَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ بِخِلَافِ الْعَصْرِ وَكَذَا الْمُرَادُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَا حَضَرَتْ قَبْلَ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ فَإِنْ حَضَرَتْ فِيهَا جَازَتْ بِلَا كَرَاهَةٍ لِأَنَّهَا أُدِّيَتْ كَمَا وَجَبَتْ إذْ الْوُجُوبُ بِالْحُضُورِ وَهُوَ أَفْضَلُ، وَالتَّأْخِيرُ مَكْرُوهٌ وَإِنَّمَا لَمْ تَجُزْ الْمَذْكُورَاتُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ عَنْهَا فِي الْحَدِيثِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَوْقَاتٌ يَعْبُدُ فِيهَا عَبَدَةُ الشَّمْسِ (كَذَا) أَيْ كَمَا جَازَ الْعَصْرُ وَقْتَ الْغُرُوبِ (جَازَ تَطَوُّعٌ بَدَأَ بِهِ فِيهَا) أَيْ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ (أَوْ نَذَرَ أَدَاءَهُ فِيهَا وَقَضَاءُ تَطَوُّعٍ بَدَأَ بِهِ فِيهَا فَأَفْسَدَهُ) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا وَجَبَ نَاقِصًا يُؤَدَّى نَاقِصًا (وَالْأَفْضَلُ فِي الْأَوَّلَيْنِ) يَعْنِي تَطَوُّعًا بَدَأَ بِهِ فِيهَا أَوْ نَذَرَ أَدَاءَهُ فِيهَا (وَالْقَطْعُ، وَالْقَضَاءُ فِي) الْوَقْتِ (الْكَامِلِ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
(وَكُرِهَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَأَدَاءِ) صَلَاةِ (الْعَصْرِ إلَى أَدَاءِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ النَّفْلِ سِوَى سُنَّةِ الْفَجْرِ) فَإِنَّهَا لَا تُكْرَهُ.
(وَ) كُرِهَ (الْمَنْذُورُ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ وَمَا بَدَأَ بِهِ فَأَفْسَدَهُ لَا) تُكْرَهُ (الْفَائِتَةُ) فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ (إلَّا فِي)
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: وَتَعْجِيلُ ظُهْرِ الشِّتَاءِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الرَّبِيعِ، وَالْخَرِيفِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الرَّبِيعَ مُلْحَقٌ بِالشِّتَاءِ، وَالْخَرِيفَ بِالصَّيْفِ (قَوْلُهُ: وَتَعْجِيلُ الْمَغْرِبِ) أَقُولُ وَلَمْ يُفِدْ حُكْمَ تَأْخِيرِهَا وَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ إلَّا مِنْ عُذْرٍ كَالسَّفَرِ وَنَحْوِهِ أَوْ يَكُونُ قَلِيلًا وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَا يُكْرَهُ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ وَفِي الْكَرَاهَةِ بِتَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ خِلَافٌ.
وَفِي الْقُنْيَةِ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ إلَى مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، وَالْعَصْرِ إلَى وَقْتِ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، وَالْمَغْرِبِ إلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ يُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ اهـ كَذَا فِي الْبَحْرِ قُلْت لَكِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ أَشْغَلَ جَمِيعَ وَقْتِ الْعَصْرِ بِالْقِرَاءَةِ لَا يَكُونُ مَكْرُوهًا فَيُنْظَرُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْمَغْرِبِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَدَّاهَا لَا يُكْرَهُ وَقْتَ الْغُرُوبِ) كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ فَإِنْ أَدَّاهَا يَصِحُّ وَقْتَ الْغُرُوبِ لِيُنَاسِبَ الِاسْتِثْنَاءَ وَإِنْ فُهِمَ الْحُكْمُ مِنْ نَفْيِ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا أَدَّاهَا كَمَا وَجَبَتْ لَا يُكْرَهُ فِعْلُهَا فِيهِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ) كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَقَدْ نَصَّ عَلَى كَرَاهَةِ الْفِعْلِ أَيْضًا فِي الْبَحْرِ فَقَالَ: وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمَكْرُوهَ إنَّمَا هُوَ تَأْخِيرُهُ لَا أَدَاؤُهُ وَقِيلَ الْأَدَاءُ مَكْرُوهٌ أَيْضًا كَمَا فِي الْكَافِي وَعَلَى هَذَا مَشَى فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَالتُّحْفَةِ، وَالْبَدَائِعِ وَالطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ مِنْ غَيْرِ حِكَايَةِ خِلَافٍ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِلْحَدِيثِ. اهـ. وَسَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا تَلَاهَا فِيهَا. . . إلَخْ) كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ: وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ شَيْءٌ مِنْ الْفَرَائِضِ، وَالْوَاجِبَاتِ عِنْدَنَا سِوَى عَصْرِ يَوْمِهِ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ وَجَبَتَا فِيهَا فَإِنَّهَا تَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهَةِ لَا بِدُونِهَا كَمَا ظَنَّهُ الْبَعْضُ (قَوْلُهُ: كَذَا جَازَ تَطَوُّعٌ بَدَأَ بِهِ. . . إلَخْ) .
أَقُولُ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةُ لَا الْحِلُّ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ آثِمًا (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ فِي الْأَوَّلَيْنِ. . . إلَخْ) .
أَقُولُ وَعَلَى هَذَا الْأَفْضَلُ قَضَاءُ تَطَوُّعٍ بَدَأَ بِهِ فِيهَا فَأَفْسَدَهُ الْقَضَاءُ فِي كَامِلٍ وَإِنْ صَحَّ فِي مِثْلِ مَا بَدَأَ بِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ يَعْنِي الزَّيْلَعِيَّ فِيهِمَا، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي غَيْرِهِ ضَعِيفٌ كَمَا قَدْ قَدَّمْنَاهُ اهـ. وَقَالَ الْكَمَالُ يُخْرِجُهُ يَعْنِي الْقَضَاءَ فِيهِ عَنْ الْعُهْدَةِ وَإِنْ كَانَ آثِمًا اهـ.
وَرَأَيْت مَكْتُوبًا عَلَى نُسْخَةٍ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ هَذَا كَلَامُ الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وُجُوبُ الْقَطْعِ اهـ.
وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَإِذَا افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ ثُمَّ يَقْضِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اهـ. فَهَذَا نَصٌّ عَلَى الْوُجُوبِ لِلْآمِرِ.
(قَوْلُهُ: سِوَى سُنَّةِ الْفَجْرِ) الْمُرَادُ بِهِ فِيمَا قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إذْ لَا تُقْضَى سُنَّةُ الْفَجْرِ إلَّا تَبَعًا (قَوْلُهُ: لَا تُكْرَهُ الْفَائِتَةُ) أَقُولُ وَلَوْ وِتْرًا (قَوْلُهُ: إلَّا فِي