الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ اشْتَرَى أَوْ لَمْ يَشْتَرِ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْغَنِيِّ فَإِذَا فَاتَ الْوَقْتُ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ إخْرَاجًا لَهُ عَنْ الْعُهْدَةِ كَالْجُمُعَةِ تُقْضَى بَعْدَ فَوَاتِهَا ظُهْرًا وَالصَّوْمِ بَعْدَ الْعَجْزِ فِدْيَةٌ
(صَحَّ) لِلتَّضْحِيَةِ (الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ) الضَّأْنُ مَا يَكُونُ لَهُ أَلْيَةٌ وَالْجَذَعُ شَاةٌ لَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ (وَ) صَحَّ (الثَّنِيُّ فَصَاعِدًا مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَهُوَ) أَيْ الثَّنِيُّ (ابْنُ خَمْسٍ مِنْ الْأَوَّلِ) أَيْ الْإِبِلِ (وَحَوْلَيْنِ مِنْ الثَّانِي) أَيْ الْبَقَرِ (وَحَوْلٍ مِنْ الثَّالِثِ) أَيْ الْغَنَمِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّنِيَّ فَصَاعِدًا يُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا الضَّأْنَ فَإِنَّ الْجَذَعَ مِنْهُ يُجْزِئُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «ضَحُّوا بِالثَّنَايَا إلَّا أَنْ يَعْسَرَ عَلَى أَحَدِكُمْ فَلْيَذْبَحْ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ» .
(وَ) صَحَّ (الْجَمَّاءُ) أَيْ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا (وَالْخَصِيُّ وَالثَّوْلَاءُ) أَيْ الْمَجْنُونَةُ (لَا الْعَمْيَاءُ وَالْعَوْرَاءُ) أَيْ ذَاتُ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ (وَالْعَجْفَاءُ) بِحَيْثُ لَا مُخَّ فِي عِظَامِهَا (وَعَرْجَاءُ لَا تَمْشِي إلَى الْمَنْسَكِ وَمَقْطُوعٌ يَدُهَا أَوْ رِجْلُهَا وَمَا ذَهَبَ الْأَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ أُذُنِهَا أَوْ ذَنَبِهَا أَوْ عَيْنِهَا أَوْ أَلْيَتِهَا) وَقِيلَ الثُّلُثُ، وَقِيلَ الرُّبْعُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
وَعَلَى الْفَقِيرِ بِالشِّرَاءِ بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ عِنْدَنَا فَإِذَا فَاتَ وَقْتُ التَّقَرُّبِ بِالْإِرَاقَةِ وَالْحَقُّ مُسْتَحَقٌّ وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِالْعَيْنِ أَوْ الْقِيمَةِ إخْرَاجًا لَهُ عَنْ الْعُهْدَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَالْجُمُعَةِ تُقْضَى بَعْدَ فَوَاتِهَا ظُهْرًا) ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضُ الْوَقْتِ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ هُوَ الظُّهْرُ
[مَا يَصِحّ لِلْأُضْحِيَّةِ]
(قَوْلُهُ: وَالْجَذَعُ شَاةٌ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَا مَعْزًا أَوْ ضَأْنًا وَجَذَعُ الضَّأْنِ يَجُوزُ إذَا كَانَ عَظِيمًا سَمِينًا لَوْ رَآهُ إنْسَانٌ يَحْسَبُهُ ثَنِيًّا وَالثَّنِيُّ مِنْ الضَّأْنِ أَفْضَلُ مِنْ جَذَعِهِ وَالْأُنْثَى مِنْ الْإِبِلِ أَفْضَلُ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ الْبَقَرِ أَفْضَلُ مِنْ الذَّكَرِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الْقِيمَةِ وَاللَّحْمِ؛ لِأَنَّ لَحْمَهَا أَطْيَبُ وَالذَّكَرُ مِنْ الْمَعْزِ أَفْضَلُ، وَكَذَا الذَّكَرُ مِنْ الضَّأْنِ إذَا كَانَ مَوْجُوءًا أَيْ خَصِيًّا وَاسْتَوَيَا وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي أَنَّ الْبَدَنَةَ أَفْضَلُ مِنْ الشَّاةِ الْوَاحِدَةِ أَوْ قَلْبُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ قِيمَةُ الشَّاةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْبَدَنَةِ فَالشَّاةُ أَفْضَلُ.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ رحمه الله الْبَدَنَةُ أَفْضَلُ.
وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الْكَبِيرُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ وَالْبَدَنَةِ سَوَاءً كَانَتْ الشَّاةُ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ لَحْمَهَا أَطْيَبُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْبَقَرَةُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ لَحْمًا وَالشَّاةُ أَفْضَلُ مِنْ سُبْعِ الْبَقَرَةِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الْقِيمَةِ وَاللَّحْمِ؛ لِأَنَّ لَحْمَ الشَّاةِ أَطْيَبُ فَإِنْ كَانَ الْبَقَرَةُ أَكْثَرَ لَحْمًا فَسُبْعُ الْبَقَرَةِ أَفْضَلُ وَالْبَقَرَةُ أَفْضَلُ مِنْ سِتِّ شِيَاهٍ إذَا اسْتَوَيَا قِيمَةً وَلَحْمًا وَسَبْعُ شِيَاهٍ أَفْضَلُ مِنْ بَقَرَةٍ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ.
وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ أَسْمَنَ وَأَحْسَنَ؛ لِأَنَّهَا مَطِيَّةُ الْآخِرَةِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «عَظِّمُوا ضَحَايَاكُمْ فَإِنَّهَا عَلَى الصِّرَاطِ مَطَايَاكُمْ وَمَهْمَا كَانَتْ الْمَطِيَّةُ أَعْظَمَ وَأَسْمَنَ كَانَتْ عَلَى الْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ أَقْدَرَ وَأَفْضَلُ الشَّاةِ أَنْ يَكُونَ كَبْشًا أَمْلَحَ أَقْرَنَ مَوْجُوءًا» وَالْأَقْرَن الْعَظِيمُ وَالْأَمْلَحُ الْأَبْيَضُ رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «دَمُ الْغَبْرَاءِ عِنْدَ اللَّهِ مِثْلُ دَمِ السَّوْدَاوَيْنِ وَإِنَّ أَحْسَنَ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ الْبَيَاضُ وَاَللَّهُ خَلَقَ الْجَنَّةَ بَيْضَاءَ وَخَلَقَ أَهْلَهَا بِيضًا» وَالْمَوْجُوءُ هُوَ مَدْقُوقُ الْخُصْيَتَيْنِ قِيلَ هُوَ الْخَصِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْبِطَ الْأُضْحِيَّةَ قَبْلَ أَيَّامِ النَّحْرِ بِأَيَّامٍ وَأَنْ يُقَلِّدَهَا وَيُجَلِّلَهَا قَالَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَيَتَصَدَّقُ بِجِلَالِهَا وَقَلَائِدِهَا اعْتِبَارًا بِالْهَدَايَا وَالْجَامِعُ أَنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِتَعْظِيمِهَا، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] اهـ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ الْجَمَّاءُ) وَهِيَ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا سَوَاءٌ كَانَ خِلْقَةً أَوْ مَسْكُورًا كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَقَاضِي خَانْ وَالتَّبْيِينِ.
وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ فَإِنْ بَلَغَ الْكَسْرُ الْمُشَاشَ لَا يُجْزِي وَالْمُشَاشُ رُءُوسُ الْعِظَامِ مِثْلُ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالثَّوْلَاءُ) هَذَا إذَا كَانَتْ تُعْتَلَفُ، أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُعْتَلَفُ لَا يُجْزِيهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَحَكَاهُ فِي الْهِدَايَةِ بِصِيغَةِ قِيلَ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ يُضَحَّى بِالثَّوْلَاءِ إذَا كَانَتْ تُعْتَلَفُ بِأَنْ كَانَتْ سَمِينَةً لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ السَّوْمِ وَالرَّعْيِ وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُهَا مِنْهُ لَا تُجْزِيهِ اهـ.
وَلَا بَأْسَ بِالْجَرْبَاءِ السَّمِينَةِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ: وَالْعَجْفَاءُ بِحَيْثُ لَا مُخَّ فِي عِظَامِهَا) وَيُقَالُ لِلْمُخِّ نَقِيٌّ، وَإِذَا اشْتَرَاهَا سَمِينَةً فَصَارَتْ عَجْفَاءَ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَفِي الطَّحَاوِيِّ يَجُوزُ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي (قَوْلُهُ: وَعَرْجَاءُ لَا تَمْشِي عَلَى الْمَنْسَكِ) أَيْ الْمَذْبَحِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَهَبَ الْأَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ أُذُنِهَا. . . إلَخْ) رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْأَصْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
وَقَالَ قَاضِي خَانْ الصَّحِيحُ أَنَّ الثُّلُثَ وَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الثُّلُثُ) أَيْ مَانِعُ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ عَنْ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ جَازَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَيْنُهَا) قَالُوا مَعْرِفَةُ الْمِقْدَارِ الذَّاهِبِ مِنْ الْعَيْنِ بِشَدِّ الْمَعِيبَةِ بَعْدَ إمْسَاكِ الْعَلَفِ عَنْهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَمَا جَاءَتْ، ثُمَّ يُقَرَّبُ الْعَلَفُ إلَيْهَا قَلِيلًا قَلِيلًا فَإِذَا رَأَتْهُ عُلِمَ عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، ثُمَّ تُشَدُّ عَيْنُهَا الصَّحِيحَةُ وَيُقَرَّبُ إلَيْهَا قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى إذَا رَأَتْهُ عُلِمَ مِنْ مَكَانِهِ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى تَفَاوُتِ مَا بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ ثُلُثًا فَالذَّاهِبُ هُوَ الثُّلُثُ أَوْ نِصْفًا فَنِصْفٌ، وَلَوْ تَعَيَّبَتْ فِي حَالَةِ الْإِضْجَاعِ بِنَحْوِ كَسْرِ وَذَهَابِ عَيْنٍ لَا يَضُرُّ، وَلَوْ انْفَلَتَتْ بَعْدَهُ وَأَخَذَهَا مِنْ فَوْرِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الرُّبْعُ) أَيْ مَانِعُ لَا مَا دُونَهُ، وَهَذَا رِوَايَةُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ
وَعِنْدَهُمَا إنْ بَقِيَ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ أَجْزَأَهُ
(مَاتَ أَحَدُ سَبْعَةٍ) اشْتَرَوْا بَقَرَةً لِلْأُضْحِيَّةِ (وَقَالَ وَرَثَتُهُ) لِلسِّتَّةِ الْبَاقِيَةِ (اذْبَحُوهَا عَنْهُ وَعَنْكُمْ صَحَّ) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِالْإِتْلَافِ فَلَا يَجُوزُ عَنْ الْغَيْرِ كَالْإِعْتَاقِ عَنْ الْمَيِّتِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْقُرْبَةَ قَدْ تَقَعُ عَنْ الْمَيِّتِ كَالتَّصَدُّقِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إلْزَامَ الْوَلَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ وَأَيْضًا الْبَقَرَةُ تَجُوزُ عَنْ سَبْعَةٍ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ الْكُلُّ الْقُرْبَةَ وَإِنْ اخْتَلَفَ جِهَاتُهَا (كَبَقَرَةٍ عَنْ أُضْحِيَّةٍ وَمُتْعَةٍ وَقِرَانٍ) فَإِنَّهَا تَجُوزُ عِنْدَنَا لِاتِّحَادِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْقُرْبَةُ (وَلَوْ) كَانَ (أَحَدُهُمْ كَافِرًا أَوْ قَاصِدَ لَحْمٍ لَا) يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْقُرْبَةِ، وَكَذَا قَصْدُ اللَّحْمِ يُنَافِيهَا
(وَيَأْكُلُ) مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ (وَيُؤْكِلُ غَيْرَهُ) مِنْ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ (وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ وَلَا يُعْطِي أَجْرَ الْجَزَّارِ مِنْهَا) لِلنَّهْيِ عَنْهُ (وَنُدِبَ التَّصَدُّقُ بِثُلُثِهَا) لِأَنَّ الْجِهَاتِ ثَلَاثٌ الْأَكْلُ وَالِادِّخَارُ وَالْإِطْعَامُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُمَا إنْ بَقِيَ الْأَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ أَجْزَأَهُ) اخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ وَقَوْلُهُمَا رِوَايَةُ رَابِعَةٌ عَنْ الْإِمَامِ.
وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْإِضَافِيَّةِ فَمَا كَانَ مُتَضَايِقَةً أَقَلَّ مِنْهُ يَكُونُ كَثِيرًا وَمَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ يَكُونُ قَلِيلًا إلَّا أَنَّهُ قَالَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ إذَا كَانَا سَوَاءً احْتِيَاطًا لِاجْتِمَاعِ جِهَةِ الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ بَقَاءُ الْأَكْثَرِ لِلْجَوَازِ وَلَمْ يُوجَدْ. اهـ.
(تَنْبِيهٌ) يُكْرَهُ ذَبْحُ الشَّاةِ الْحَامِلِ إذَا كَانَتْ مُشْرِفَةً عَلَى الْوِلَادَةِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَلَا تَجُوزُ الْهَتْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْأَسْنَانِ الْكَثْرَةُ وَالْقِلَّةُ كَالْأُذُنِ وَالذَّنَبِ، وَعَنْهُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ مَا يُمْكِنُ الِاعْتِلَافُ بِهِ أَجْزَأَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ اهـ.
وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَاَلَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا وَهِيَ تُعْتَلَفُ لَا تَجُوزُ وَإِنْ بَقِيَ لَهَا بَعْضُ الْأَسْنَانِ إنْ بَقِيَ مِنْ الْأَسْنَانِ قَدْرُ مَا تُعْتَلَفُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا اهـ.
وَفِي الْبَدَائِعِ، وَأَمَّا الْهَتْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا فَإِنْ كَانَتْ تُرْعَى وَتُعْتَلَفُ جَازَتْ وَإِلَّا فَلَا اهـ.
وَأَمَّا السَّكَّاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا أُذُنَ لَهَا خِلْقَةً لَا تَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً تَجُوزُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ بَعْدَ أَنْ تُسَمَّى أُذُنًا قَالَهُ قَاضِي خَانْ وَلَا تَجُوزُ الْجَلَّالَةُ وَهِيَ الَّتِي لَا تَأْكُلُ غَيْرَ الْعُذْرَةِ وَلَا الْحَذَّاءُ وَهِيَ مَقْطُوعَةُ الضَّرْعِ وَلَا الْمُصَرَّمَةُ وَهِيَ الَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَرْضِعَ فَصِيلَهَا وَلَا الْجَدَّاءُ وَهِيَ الَّتِي يَبِسَ ضَرْعُهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا تُجْزِي الْجَدْعَاءُ وَهِيَ مَقْطُوعَةُ الْأَطْبَاءِ وَهِيَ رُءُوسُ ضَرْعِهَا فَإِنْ بَقِيَ أَكْثَرُهَا جَازَ كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَيَجُوزُ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ قِبَلَ وَجْهِهَا وَهِيَ الْمُقَابَلَةُ، وَكَذَا الْمُدَابَرَةُ وَهِيَ عَلَى الْعَكْسِ، وَكَذَا الشَّرْقَاءُ وَهِيَ الَّتِي قُطِعَ مِنْ وَسَطِ أُذُنِهَا فَنَفَذَ الْخَرْقُ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَكَذَا الْحُوَّةُ وَهِيَ الَّتِي فِي عَيْنِهَا حَوَلٌ وَالْمَجْزُوزَةُ الَّتِي جُزَّ صُوفُهَا قَالَهُ قَاضِي خَانْ اهـ.
وَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِالشَّرْقَاءِ وَالْخَرْقَاءِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالْمُدَابَرَةِ» فَالنَّهْيُ فِي الشَّرْقَاءِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالْمُدَابَرَةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَفِي الْخَرْقَاءِ عَلَى الْكَثِيرِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَقَاوِيلِ فِي حَدِّ الْكَثِيرِ عَلَى مَا بَيَّنَّا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْحَمْلِ جَمَعَ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِوُرُودِ النَّهْيِ مُتَعَدِّدًا فَفِي مَرَّةٍ عَلَى النَّدْبِ وَأُخْرَى عَلَى الْمَنْعِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ كَافِرًا أَوْ قَاصِدَ لَحْمٍ لَا يَصِحُّ) أَيْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْقُرْبَةِ) أَيْ فَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْقُرْبَةِ عَلَى مُعْتَقَدِهِ فَإِذَا لَمْ تَقَعْ قُرْبَةً عَنْ الْبَعْضِ خَرَجَ الْكُلُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً لِعَدَمِ تَجَزِّي الْإِرَاقَةِ
(قَوْلُهُ: وَيَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ. . . إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ، وَهَذَا فِي الْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ وَالسُّنَّةِ سَوَاءٌ إذَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةَ النَّذْرِ وَإِنْ وَجَبَتْ بِهِ، فَلَيْسَ لِصَاحِبِهَا أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا إطْعَامُ الْأَغْنِيَاءِ سَوَاءٌ كَانَ النَّاذِرُ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا لِأَنَّ سَبِيلَهَا التَّصَدُّقُ وَلَيْسَ لِلْمُتَصَدِّقِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ صَدَقَتِهِ وَلَا أَنْ يُطْعِمَ الْأَغْنِيَاءَ اهـ وَسَوَاءٌ ذَبَحَهَا فِي أَيَّامِهَا أَوْ بَعْدَهَا، وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الشَّاةِ فَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِهَا، وَلَكِنَّهُ ذَبَحَهَا يَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا وَيُجْزِيهِ ذَلِكَ إنْ لَمْ يُنْقِصْهَا الذَّبْحُ وَإِنْ نَقَصَهَا يَتَصَدَّقُ بِاللَّحْمِ وَفِيهِ النُّقْصَانُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَإِنْ أَكَلَ شَيْئًا غَرِمَ قِيمَتَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَقَالَ قَاضِي خَانْ، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأُضْحِيَّةُ يُضَحِّي بِالْأُمِّ وَالْوَلَدِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ الْوَلَدِ، بَلْ يَتَصَدَّقُ بِهِ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَةِ مَا أَكَلَ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِوَلَدِهَا حَيًّا وَإِنْ حَلَبَ اللَّبَنَ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ جَزَّ صُوفَهَا يَتَصَدَّقُ بِهِمَا وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِمَا اهـ.
وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ انْتَفَعَ تَصَدَّقَ بِمِثْلِهِ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ جَازَ فَإِنْ وَلَدَتْ الْأُضْحِيَّةُ وَلَدًا يُذْبَحُ مَعَ الْأُمِّ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ.
وَقَالَ أَيْضًا وَإِنْ بَاعَهُ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ تَعَيَّنَتْ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْوَلَدُ يَحْدُثُ عَلَى وَصْفِ الْأُمِّ فِي الصِّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَتَسْرِي إلَى الْوَلَدِ كَالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ هَذَا فِي الْأُضْحِيَّةِ الْمُوجَبَةِ بِالنَّذْرِ أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَى النَّذْرِ كَالْفَقِيرِ إذَا اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فَأَمَّا الْمُوسِرُ إذَا اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فَوَلَدَتْ لَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ الْوُجُوبُ فِيهَا فَيَسْرِي إلَى الْوَلَدِ وَفِي الثَّانِي لَمْ يَتَعَيَّنْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِغَيْرِهَا فَكَذَا وَلَدُهَا، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ، وَقَالَ كَانَ أَصْحَابُنَا يَقُولُونَ يَجِبُ ذَبْحُ الْوَلَدِ، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَسْرِ إلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَكَانَ كَجِلَالِهَا وَخِطَامِهَا فَإِنْ ذَبَحَهُ تَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ بَاعَهُ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ وَلَا يَحِلُّ بَيْعُهُ وَلَا أَكْلُهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ
(وَ) نُدِبَ (تَرْكُهُ) أَيْ تَرْكُ التَّصَدُّقِ (لِذِي عِيَالٍ) تَوْسِعَةً عَلَيْهِمْ
(وَالذَّبْحُ بِيَدِهِ أَحْسَنُ إنْ أَحْسَنَ وَإِلَّا أَمَرَ غَيْرَهُ وَكُرِهَ ذَبْحُ كِتَابِيٍّ) لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلَوْ أَمَرَهُ فَذَبَحَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَالْقُرْبَةُ حَصَلَتْ بِإِنَابَتِهِ وَنِيَّتِهِ بِخِلَافِ الْمَجُوسِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا أَوْ يَجْعَلُهُ آلَةً كَجِرَابٍ وَخُفٍّ وَفَرْوٍ أَوْ يُبْدِلُهُ بِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ بَاقِيًا لَا مُسْتَهْلَكًا كَالْأَطْعِمَةِ) وَهُوَ يُنَافِي الْقُرْبَةَ (فَإِنْ بِيعَ اللَّحْمُ أَوْ الْجِلْدُ بِهِ) أَيْ بِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ مُسْتَهْلَكًا (تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ) لِأَنَّ الْقُرْبَةَ انْتَقَلَتْ إلَى بَدَلِهِ
(غَلِطًا وَذَبَحَ كُلٌّ شَاةَ صَاحِبِهِ صَحَّ بِلَا غُرْمٍ) اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ وَيَغْرَمَ؛ لِأَنَّهُ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا تَعَيَّنَتْ لِلذَّبْحِ لِتَعَيُّنِهَا لِلْأُضْحِيَّةِ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا بِعَيْنِهَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَصَارَ الْمَالِكُ مُسْتَعِينًا بِكُلِّ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلذَّبْحِ آذِنًا لَهُ دَلَالَةً؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِمُضِيِّ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعْجِزَ عَنْ إقَامَتِهَا لِمَانِعٍ، وَإِذَا غَلِطَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَسْلُوخَتَهُ مِنْ صَاحِبِهِ وَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ فِيمَا فَعَلَ دَلَالَةً وَإِنْ كَانَا أَكَلَا، ثُمَّ عَلِمَا فَلْيُحْلِلْ كُلٌّ صَاحِبَهُ وَإِنْ تَشَاحَّا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُضَمِّنَ صَاحِبَهُ قِيمَةَ لَحْمِهِ، ثُمَّ يَتَصَدَّقَ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ اللَّحْمِ
(وَصَحَّتْ) التَّضْحِيَةُ (بِشَاةِ الْغَصْبِ لَا الْوَدِيعَةِ وَضَمِنَهَا) وَجْهُ الصِّحَّةِ فِي الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْغَصْبِ ثَبَتَ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ وَفِي الْوَدِيعَةِ يَصِيرُ غَاصِبًا بِالذَّبْحِ فَيَقَعُ الذَّبْحُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَسَائِرِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ.
وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ يَصِيرُ غَاصِبًا بِمُقَدِّمَاتِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَذْبَحَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ذَبَحَهُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَأَكَلَ مِنْهُ كَالْأُمِّ وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ ذَبْحُهُ فَصَارَ كَالشَّاةِ الْمَنْذُورَةِ، وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا وَضَعَتْ الْأُضْحِيَّةُ فَذَبَحَ الْوَلَدَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الْأُمِّ أَجْزَأَهُ وَإِنْ تَصَدَّقَ يَوْمَ الْأَضْحَى قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَهَذَا عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الصِّغَارَ تَدْخُلُ فِي الْهَدَايَا وَيَجِبُ ذَبْحُهَا فَإِذَا وَلَدَتْ الْأُضْحِيَّةُ تَعَلَّقَ بِوَلَدِهَا مِنْ الْحُكْمِ مَا تَعَلَّقَ بِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ فَاتَ بِمُضِيِّ الْأَيَّامِ اهـ عِبَارَةُ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَرْكُهُ) أَيْ التَّصَدُّقِ لِذِي عِيَالٍ تَوْسِعَةً عَلَيْهِمْ كَذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْبِسَ لَحْمَهَا فَيَدَّخِرَ مِنْهَا كَمَا شَاءَ وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ ذَا عِيَالٍ فَيَدَعُهُ لِعِيَالِهِ وَيُوَسِّعُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ الْأَفْضَلُ اهـ.
وَقَالَ فِي الْمُبْتَغِي وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ وَيَتَّخِذَ الضِّيَافَةَ بِالثُّلُثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا عِيَالٍ فَلَهُ أَنْ يَدَعَهُ لِعِيَالِهِ وَيُوَسِّعَ بِهِ عَلَيْهِمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَمَرَ غَيْرَهُ) أَقُولُ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْهَدَهَا «لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ يَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ قُومِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَّتَك فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَك بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا كُلُّ ذَنْبٍ عَمِلْتِيهِ وَقُولِي إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ، أَمَا إنَّهُ يُجَاءُ بِلَحْمِهَا وَدَمِهَا فَيُوضَعُ فِي مِيزَانِك وَسَبْعُونَ ضِعْفًا فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا لِآلِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً أَمْ لَهُمْ وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِآلِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً» كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْجَوْهَرَةِ وَالْمَبْسُوطِ وَالْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بِيعَ اللَّحْمُ أَوْ الْجِلْدُ. . . إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اللَّحْمَ كَالْجِلْدِ فَلَهُ تَبْدِيلُهُ بِمَا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ: هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازٌ عَمَّا قِيلَ إنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّحْمِ إلَّا الْأَكْلُ أَوْ الْإِطْعَامُ فَلَوْ بَاعَ بِشَيْءٍ يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ لَا يَجُوزُ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ اللَّحْمَ بِمَنْزِلَةِ الْجِلْدِ إنْ بَاعَهُ بِشَيْءٍ يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ جَازَ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِاللَّحْمِ ثَوْبًا فَلَا بَأْسَ بِلُبْسِهِ اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ اشْتَرَى بِلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ مَأْكُولًا فَأَكَلَهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِقِيمَةِ اللَّحْمِ اسْتِحْسَانًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: غَلِطَا وَذَبَحَ كُلٌّ شَاةً صَاحِبِهِ صَحَّ بِلَا غُرْمٍ) يَعْنِي شَاةَ الْأُضْحِيَّةِ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِهِ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ لِيُفِيدَ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْأُضْحِيَّةِ تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ اهـ، وَإِذَا كَانَتْ لِلْأُضْحِيَّةِ وَضَمَّنَهُ مَالِكُهَا قِيمَتَهَا جَازَتْ عَنْ الذَّابِحِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الْإِرَاقَةَ حَصَلَتْ عَلَى مِلْكِهِ وَإِنْ أَخَذَهَا مَالِكُهَا مَذْبُوحَةً أَجْزَأَتْ مَالِكَهَا عَنْ التَّضْحِيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَوَاهَا فَلَا يَضُرُّهُ ذَبْحُهَا غَيْرُهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِذَا ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ الْغَيْرِ نَاوِيًا عَنْ مَالِكِهَا بِغَيْرِ أَمَرَهُ جَازَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي (قَوْلُهُ: وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا تَعَيَّنَتْ لِلذَّبْحِ لِتَعَيُّنِهَا لِلْأُضْحِيَّةِ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا بِعَيْنِهَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُضَحِّي فَقِيرًا وَيُكْرَهُ أَنْ يُبَدِّلَ بِهَا غَيْرَهَا أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ غَنِيًّا قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ رحمه الله هَكَذَا وَجَدْت بِخَطِّ شَيْخِي رحمه الله اهـ.
وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا عَيَّنَهَا لِجِهَةِ الذَّبْحِ صَارَ مُسْتَعِينًا بِكُلِّ وَاحِدٍ فِي التَّضْحِيَةِ دَلَالَةً وَصَرِيحًا سَوَاءٌ أَطْلَقَ فِي الْأَصْلِ وَقَيَّدَهَا فِي الْأَجْنَاسِ بِمَا إذَا أَضْجَعَهَا صَاحِبُهَا لِلتَّضْحِيَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ. . . إلَخْ) أَيْ قَالَهُ بَحْثًا وَمَا بَحَثَهُ نَقَلَهُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا فَقَالَ.
وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ لِلزَّاهِدِيِّ بِعَلَامَةِ صَدْرِ الدِّينِ حُسَامٍ، وَقِيلَ يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَهَا بِالْإِضْجَاعِ وَالشَّدِّ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي شَاةِ الْوَدِيعَةِ وَعَلَى مَا ذُكِرَ يَكُونُ الْمَذْبُوحُ مَغْصُوبًا وَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِ ذَبْحِ الْوَدِيعَةِ قَبْلَ أَنْ تُغْصَبَ. اهـ.
(تَنْبِيهٌ) الْمُرَادُ الْوَدِيعَةِ كُلُّ شَاةٍ كَانَتْ أَمَانَةً كَمَا فِي الْفَيْضِ عَنْ نَظْمِ الزَّنْدَوَسْتِيّ