الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا عَجَزَ بِيعَ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْهُ بَعْدَ الْعَجْزِ.
(نَفَقَةُ الْأَمَةِ
الْمَنْكُوحَةِ إنَّمَا تَجِبُ بِالتَّبْوِئَةِ) أَيْ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً لِغَيْرِهِ فَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ إذَا بَوَّأَهَا سَيِّدُهَا أَيْ خَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا وَلَا يَسْتَخْدِمُهَا لِأَنَّ الِاحْتِبَاسَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِهَا وَعَدَمِ اسْتِخْدَامِهَا فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي اسْتِحْقَاقِهَا النَّفَقَةَ تَفْرِيغُهَا لِمَصَالِحِ الزَّوْجِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ (وَلَوْ اسْتَخْدَمَهَا الْمَوْلَى بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ التَّبْوِئَةِ (تَسْقُطُ) أَيْ النَّفَقَةُ لِزَوَالِ الْمُوجِبِ، وَإِنْ خَدَمَتْهُ أَحْيَانًا بِلَا اسْتِخْدَامِهَا لَا تَسْقُطُ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْتَخْدِمْهَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَرِدًّا وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ حُرًّا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ مُكَاتَبًا لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُوجِبَ هُوَ التَّبْوِئَةُ فَلَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْوَاجِ (كَذَا) أَيْ كَالْقِنَّةِ (الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ) حَتَّى لَا تَجِبَ نَفَقَتُهُمَا إلَّا بِالتَّبْوِئَةِ (بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ) إذَا تَزَوَّجَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى حَيْثُ تَجِبُ نَفَقَتُهَا قَبْلَ التَّبْوِئَةِ كَالْحُرَّةِ؛ إذْ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا لِصَيْرُورَتِهَا أَحَقَّ بِنَفْسِهَا وَمَنَافِعِهَا.
(وَيَجِبُ) عَلَى الزَّوْجِ (السُّكْنَى) لِزَوْجَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6](فِي بَيْتٍ خَالٍ عَنْ أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ) لِأَنَّهُمَا يَتَضَرَّرَانِ بِالسُّكْنَى مَعَ النَّاسِ؛ إذْ لَا يَأْمَنَانِ عَلَى مَتَاعِهِمَا وَيَمْنَعُهُمَا عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْمُعَاشَرَةِ (إلَّا أَنْ يَخْتَارَا) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فَلَهُمَا أَنْ يَسْكُنَا مَعَهُ وَيَتَّفِقَا عَلَيْهِ (وَلِأَهْلِهَا) يَعْنِي مَحْرَمَهَا (النَّظَرُ) إلَيْهَا (وَالْكَلَامُ مَعَهَا مَتَى شَاءُوا) وَلَا يَمْنَعُهُمْ الزَّوْجُ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ (لَا الدُّخُولُ عَلَيْهَا بِلَا إذْنِهِ) فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْبَيْتَ مِلْكُهُ فَلَهُ الْمَنْعُ مِنْ الدُّخُولِ فِيهِ (وَالصَّحِيحُ أَنْ لَا مَنْعَ مِنْ خُرُوجِهَا إلَى الْوَالِدَيْنِ وَ) لَا مِنْ (دُخُولِهِمَا عَلَيْهَا كُلَّ جُمُعَةٍ وَدُخُولِ مَحْرَمٍ غَيْرِهِمَا كُلَّ سَنَةٍ) قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا يَمْنَعُ الْمَحَارِمَ مِنْ الزِّيَارَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ.
(تُفْرَضُ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ وَطِفْلِهِ وَأَبَوَيْهِ فِي مَالِ لَهُ) أَيْ لِلْغَائِبِ (مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمْ) أَيْ دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ، أَوْ طَعَامًا، أَوْ كِسْوَةً مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيْعِ وَلَا يُبَاعُ مَالُ الْغَائِبِ لِلْإِنْفَاقِ بِالْوِفَاقِ (إنْ أَقَرَّ مَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ) يَعْنِي الْمُضَارِبَ، أَوْ الْمُودَعَ، أَوْ الْمَدْيُونَ (بِهِ) أَيْ بِالْمَالِ (وَبِالزَّوْجِيَّةِ وَالْوِلَادِ، أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي ذَلِكَ) أَيْ الْمَالَ وَالزَّوْجِيَّةَ وَالْوِلَادَ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ مَنْ عِنْدَهُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
[نَفَقَةُ الْأَمَةِ]
قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ حُرًّا، أَوْ عَبْدًا) يَعْنِي لِغَيْرِ سَيِّدِ الْأَمَةِ، إذْ لَوْ كَانَ عَبْدَهُ فَنَفَقَتُهَا عَلَى السَّيِّدِ بَوَّأَهَا، أَوْ لَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ اهـ.
وَيُنْظَرُ مَا لَوْ كَانَ مُكَاتَبًا لِلْمَوْلَى وَلَعَلَّهَا عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فِي بَيْتٍ) أَيْ كَامِلِ الْمَرَافِقِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَلَوْ مِنْ دَارٍ يُغْلَقُ عَلَى حِدَةٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّ عِبَارَتَهَا تُفِيدُ أَنَّ بَيْتَ الْخَلَاءِ لَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا فِي دَارٍ وَلَهُ غَلْقٌ عَلَى حِدَةٍ فَأَسْكَنَهَا فِي بَيْتٍ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ يَكْفِيهَا وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِمَسْكَنٍ آخَرَ فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْبَيْتَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كَامِلَ الْمَرَافِقِ وَلِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْخَلَاءِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِ الْأَجَانِبِ ضَرَرُهُ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: خَالٍ عَنْ أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ) شَامِلٌ لِوَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ قِيلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا لَا يَفْهَمُ الْجِمَاعَ فَلَهُ إسْكَانُهُ مَعَهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَلَهُ أَنْ يُسْكِنَ أَمَتَهُ مَعَهَا فِي الْمُخْتَارِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا بِحَضْرَتِهَا كَمَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ بِحَضْرَتِهَا وَلَا بِحَضْرَةِ الضَّرَّةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي النَّهْرِ: لَمْ نَجِدْ فِي كَلَامِهِمْ ذِكْرَ الْمُؤْنِسَةِ إلَّا أَنَّهُ يُسْكِنُهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ بِحَيْثُ لَا تَسْتَوْحِشُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي وُجُوبِهَا فِيمَا إذَا كَانَ الْبَيْتُ خَالِيًا عَنْ الْجِيرَانِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ تَخْشَى عَلَى عَقْلِهَا مِنْ سَعَتِهِ اهـ.
(قُلْتُ) فِي بَحْثِهِ نَظَرٌ وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْبَحْرِ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِامْرَأَةٍ تُؤْنِسُهَا فِي الْبَيْتِ إذَا خَرَجَ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا أَحَدٌ كَمَا فِي فَتَاوَى سِرَاجِ الدِّينِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْبَيْتَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ جِيرَانٌ غَيْرُ مَسْكَنٍ شَرْعِيٍّ.
(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنْ لَا مَنْعَ مِنْ خُرُوجِهَا إلَى الْوَالِدَيْنِ. . . إلَخْ)
قَالَ الْكَمَالُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تَقْيِيدُ خُرُوجِهَا بِأَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى إتْيَانِهَا وَهُوَ حَسَنٌ وَقَدْ اخْتَارَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهِمَا وَالْحَقُّ الْأَخْذُ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إذَا كَانَ الْأَبَوَانِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِي زِيَارَتِهِمَا فِي الْحِينِ بَعْدَ الْحِينِ عَلَى قَدْرٍ مُتَعَارَفٍ أَمَّا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فَهُوَ بَعِيدٌ فَإِنَّ فِي كَثْرَةِ الْخُرُوجِ فَتْحَ بَابِ الْفِتْنَةِ خُصُوصًا الشَّابَّةَ وَالزَّوْجَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ وَحَيْثُ أَبَحْنَا لَهَا الْخُرُوجَ فَإِنَّمَا يُبَاحُ بِشَرْطِ عَدَمِ الزِّينَةِ وَتَغْيِيرِ الْهَيْئَةِ إلَى مَا لَا يَكُونُ دَاعِيَةً لِنَظَرِ الرِّجَالِ وَالِاسْتِمَالَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَدُخُولِ مَحْرَمٍ غَيْرِهِمَا فِي كُلِّ سَنَةٍ) لَمْ يَذْكُرْ خُرُوجَهَا لِلْمَحْرَمِ وَلَا تُمْنَعُ مِنْ زِيَارَتِهِ كُلَّ سَنَةٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْفَتْحِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَحَارِمِ فَزِيَارَتُهُمْ وَعِيَادَتُهُمْ وَالْوَلِيمَةُ لَا يَأْذَنُ لَهَا لِذَلِكَ وَلَا تَخْرُجُ وَلَوْ أَذِنَ وَخَرَجَتْ كَانَا عَاصِيَيْنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَفِيهِ وَتُمْنَعُ مِنْ الْحَمَّامِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ جَزْمِهِ بِهِ وَقَوْلُ الْفَقِيهِ وَتُمْنَعُ مِنْ الْحَمَّامِ خَالَفَهُ فِيهِ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي فَصْلِ الْحَمَّامِ مِنْ فَتَاوَاهُ: دُخُولُ الْحَمَّامِ مَشْرُوعٌ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ جَمِيعًا خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُ النَّاسِ اهـ كَلَامُ الْفَتْحِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّ الْمَشْرُوعِيَّةَ لَا تُنَافِي الْمَنْعَ أَلَا يَرَى أَنَّهُ يَمْنَعُهَا مِنْ صَوْمِ النَّفْلِ، وَإِنْ كَانَ مَشْرُوعًا اهـ.
وَإِنَّمَا يُبَاحُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إنْسَانٌ
الْمَالُ (وَيُحَلِّفُهَا) أَيْ الْقَاضِي الزَّوْجَةَ (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْغَائِبَ (لَمْ يُعْطِهَا النَّفَقَةَ وَيَكْفُلُهَا) لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْطِي الْكَفِيلَ وَلَا يُحَلِّفُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْكِسُ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا نَظَرًا لِلْغَائِبِ (لَا بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تُفْرَضُ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ أَيْ لَا تُفْرَضُ النَّفَقَةُ بِإِقَامَةِ الزَّوْجَةِ بَيِّنَةً (عَلَى النِّكَاحِ وَلَا) تُفْرَضُ أَيْضًا (إنْ لَمْ يَتْرُكْ) أَيْ الْغَائِبُ (مَالًا فَإِقَامَتُهَا) أَيْ إقَامَةُ الزَّوْجَةِ الْبَيِّنَةَ (لِيَفْرِضَهَا) أَيْ الْقَاضِي النَّفَقَةَ (عَلَيْهِ) أَيْ الْغَائِبِ (وَيَأْمُرُهَا بِالِاسْتِدَانَةِ) لِأَنَّ فِيهِ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ (وَلَا يَقْضِي بِهِ) أَيْ بِالنِّكَاحِ لِأَنَّهُ أَيْضًا قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ (وَقَالَ زُفَرُ: يَقْضِي بِهَا لَا بِهِ) أَيْ بِالنَّفَقَةِ لَا بِالنِّكَاحِ لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لَهَا وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْغَائِبِ فَإِنَّهُ لَوْ حَضَرَ وَصَدَّقَهَا فَقَدْ أَخَذَتْ حَقَّهَا، وَإِنْ جَحَدَ يُحَلَّفُ فَإِنْ نَكَلَ فَقَدْ صَدَّقَهَا، وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً فَقَدْ ثَبَتَ حَقُّهَا فَإِنْ عَجَزَتْ يَضْمَنُ الْكَفِيلُ أَوْ الْمَرْأَةُ (وَبِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِ زُفَرَ (يُعْمَلُ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا دُونَهُ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِنَفَقَةٍ فِي مَالِ الْغَائِبِ إلَّا لِهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ فَنَفَقَةُ هَؤُلَاءِ وَاجِبَةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَلِهَذَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِدُونِ رِضَاهُ، فَيَكُونُ الْقَضَاءُ فِي حَقِّهِمْ إعَانَةً وَفَتْوَى مِنْ الْقَاضِي بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَقَارِبِ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ غَيْرُ وَاجِبَةٍ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَلِهَذَا لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ مَالِهِ شَيْئًا قَبْلَ الْقَضَاءِ إذَا ظَفِرُوا بِهِ فَكَانَ الْقَضَاءُ فِي حَقِّهِمْ ابْتِدَاءَ إيجَابٍ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْغَائِبِ.
(وَ) تَجِبُ (لِمُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ) رَجْعِيًّا كَانَ، أَوْ بَائِنًا (وَ) مُعْتَدَّةِ (التَّفْرِيقِ إلَّا بِمَعْصِيَةٍ) كَخِيَارِ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ (أَوْ) التَّفْرِيقِ (لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى) أَمَّا الرَّجْعِيُّ فَلِأَنَّ النِّكَاحَ بَعْدَهُ قَائِمٌ لَا سِيَّمَا عِنْدَنَا؛ إذْ يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ، وَأَمَّا الْبَائِنُ فَلِأَنَّ النَّفَقَةَ جَزَاءُ الِاحْتِبَاسِ كَمَا ذُكِرَ وَالِاحْتِبَاسُ قَائِمٌ فِي حَقِّ حُكْمٍ مَقْصُودٍ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ الْوَلَدُ؛ إذْ الْعِدَّةُ وَاجِبَةٌ لِصِيَانَةِ الْوَلَدِ فَتَجِبُ النَّفَقَةُ وَلِهَذَا كَانَ لَهَا السُّكْنَى بِالْإِجْمَاعِ (لَا الْمَوْتِ وَالْمَعْصِيَةِ) أَيْ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ لِمُعْتَدَّةِ الْمَوْتِ وَالتَّفْرِيقِ بِمَعْصِيَةٍ كَالرِّدَّةِ وَتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ فِي مَالِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَلَا مَالَ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهَا فِي مَالِ الْوَرَثَةِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهَا صَارَتْ حَابِسَةً نَفْسَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَصَارَتْ كَالنَّاشِزَةِ.
(وَتَسْقُطُ) أَيْ النَّفَقَةُ (بِارْتِدَادِ مُعْتَدَّةِ الثَّلَاثِ لَا بِتَمْكِينِهَا ابْنَهُ) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ تَثْبُتُ بِالطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ وَلَا عَمَلَ فِيهَا لِلرِّدَّةِ وَالتَّمْكِينِ إلَّا أَنَّ الْمُرْتَدَّةَ تُحْبَسُ حَتَّى تَتُوبَ وَلَا نَفَقَةَ لِلْمَحْبُوسَةِ، وَالْمُمَكِّنَةُ لَا تُحْبَسُ فَلَهَا النَّفَقَةُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِنَّ مِنْ دُخُولِهِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُنَّ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تُؤَيِّدُ قَوْلَ الْفَقِيهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: وَيُحَلِّفُهَا أَنَّهُ لَمْ يُعْطِهَا النَّفَقَةَ وَيَكْفُلُهَا) كَذَلِكَ يَأْخُذُ الْكَفِيلَ مِنْ الْقَرِيبِ وِلَادًا وَيُحَلِّفُهُ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ كَفِيلًا بِذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ نَاظِرٌ مُحْتَاطٌ، وَفِي أَخْذِ الْكَفِيلِ نَظَرٌ لِلْغَائِبِ اهـ أَيْ وَكَذَلِكَ فِي التَّحْلِيفِ وَلَكِنَّهُ لَوْ كَانَ صَغِيرًا كَيْفَ يُحَلَّفُ، فَلْيُنْظَرْ.
(قَوْلُهُ: لَا بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى النِّكَاحِ) يَعْنِي لَوْ لَمْ يُقِرَّ مَنْ بِيَدِهِ الْمَالُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا أَيْ بِقَوْلِ زُفَرَ يُعْمَلُ لِلْحَاجَةِ) كَذَا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَالْأَصَحُّ قَبُولُهَا اهـ.
وَقَالَ الْخَصَّافُ وَهَذَا أَوْفَقُ بِالنَّاسِ كَمَا فِي النَّهْرِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي مُلْتَقَى الْأَبْحُرِ، وَفِي غَيْرِهِ وَبِهِ يُفْتَى.
(قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِنَفَقَةٍ فِي مَالِ الْغَائِبِ إلَّا لِهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُمْ الزَّوْجَةُ وَالْوَالِدَانِ وَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ اهـ. وَيُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ الْأَوْلَادُ الْكِبَارُ الْإِنَاثُ وَالذُّكُورُ الْكِبَارُ الزَّمْنَى وَنَحْوُهُمْ لِأَنَّهُمْ كَالصِّغَارِ لِلْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ اهـ كَذَا قَالَهُ الْكَمَالُ وَيُنْظَرُ مَاذَا يُرَادُ بِنَحْوِهِمْ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَقَارِبِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ نَحْوُ الْعَمِّ وَالْأَخِ فَلْيُنْظَرْ.
(قَوْلُهُ: كَخِيَارِ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ) هَذَا مِثَالٌ لِغَيْرِ الْمَنْفِيِّ اهـ.
وَلَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِاللِّعَانِ أَوْ الْعُنَّةِ، أَوْ الْجَبِّ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَتْ وَأَبَى الزَّوْجُ أَنْ يُسْلِمَ لَا عَكْسُهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْكَفَاءَةِ) مُسْتَدْرَكٌ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ: وَالتَّفْرِيقُ لِشُمُولِهِ هَذَا.
(قَوْلُهُ: النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى) كَذَا الْكِسْوَةُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْغَايَةِ وَالْمُجْتَبَى قَالُوا: وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَطُولُ غَالِبًا فَيُسْتَغْنَى عَنْهَا حَتَّى لَوْ احْتَاجَتْ إلَيْهَا تُفْرَضُ لَهَا كَذَا فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ.
(قَوْلُهُ: لَا الْمَوْتِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا إلَّا إذَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَعْصِيَةِ) مُسْتَدْرَكٌ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ " وَالتَّفْرِيقِ لَا بِمَعْصِيَةٍ ".
(قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ بِارْتِدَادِ مُعْتَدَّةِ الثَّلَاثِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ لِأَنَّ الْمُبَانَةَ بِمَا دُونَهَا كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ الْعَيْنِيِّ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ الْمُرْتَدَّةَ تُحْبَسُ حَتَّى تَتُوبَ وَلَا نَفَقَةَ لِلْمَحْبُوسَةِ) يُشِيرُ إلَى قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ لَوْ أَسْلَمَتْ الْمُرْتَدَّةُ أَيْ بَعْدَمَا أَبَانَهَا وَعَادَتْ إلَى مَنْزِلِ الزَّوْجِ وَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ اهـ كَذَا لَوْ عَادَتْ إلَى مَنْزِلِهِ مُرْتَدَّةً كَمَا فِي الْفَتْحِ كَالنَّاشِزَةِ إذَا رَجَعَتْ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالرِّدَّةِ حَيْثُ لَا تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ وَعَادَتْ إلَى مَنْزِلِ الزَّوْجِ وَلَوْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ عَادَتْ مُسْلِمَةً فَلَا نَفَقَةَ لَهَا كَيْفَمَا كَانَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِالرِّدَّةِ، أَوْ ارْتَدَّتْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ تَسْقُطُ بِاللِّحَاقِ حُكْمًا لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ فَانْعَدَمَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ اهـ.
وَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِلِحَاقِهَا وَهُوَ مَحْمَلُ
(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ أَسْبَابِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ (النَّسَبُ فَتَجِبُ عَلَى الْأَبِ خَاصَّةً) لَا يَشْرِكُهُ أَحَدٌ فِيهَا (كَنَفَقَةِ أَبَوَيْهِ وَزَوْجَتِهِ) أَيْ كَمَا لَا يَشْرِكُهُ أَحَدٌ فِي نَفَقَتِهِمْ (وَلَوْ كَانَ) الْأَبُ (فَقِيرًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} [البقرة: 233] وَالْمَوْلُودُ لَهُ هُوَ الْأَبُ (لِوَلَدِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَجِبُ (الْفَقِيرِ) حَالَ كَوْنِهِ (صَغِيرًا) حَتَّى لَوْ كَانَ الصَّغِيرُ غَنِيًّا فَهِيَ فِي مَالِهِ (أَوْ كَبِيرًا عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ) حَتَّى لَوْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ،.
وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْكِرَامِ، وَلَا يَسْتَأْجِرُهُ النَّاسُ فَهُوَ عَاجِزٌ وَكَذَا طَلَبَةُ الْعِلْمِ إذَا لَمْ يَهْتَدُوا إلَى الْكَسْبِ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُمْ عَنْ آبَائِهِمْ (وَعَلَى الْمُوسِرِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى الْأَبِ أَيْ تَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا كَانَ عَاجِزًا وَلَا نَفَقَةَ عَلَى الْعَاجِزِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ الصِّغَارِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ فَلَا تَسْقُطُ بِالْفَقْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْيَسَارِ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِتَمَلُّكِ نِصَابِ حِرْمَانِ الصَّدَقَةِ أَعْنِي (يَسَارَ الْفِطْرَةِ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ (لِأُصُولِهِ) أَيْ أَبَوَيْهِ وَأَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ أَمَّا الْأَبَوَانِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] وَفَسَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِحُسْنِ الْعِشْرَةِ بِأَنْ يُطْعِمَهُمَا إذَا جَاعَا وَيَكْسُوَهُمَا إذَا عَرِيَا نَزَلَتْ فِي حَقِّ الْأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهَا فَأَفَادَتْ وُجُوبَ النَّفَقَةِ فِي حَقِّ الْكَافِرِ بِعِبَارَتِهَا، وَفِي حَقِّ الْمُسْلِمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَأَمَّا الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ فَلِأَنَّهُمْ مِنْ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
مَا فِي الْجَامِعِ مِنْ عَدَمِ عَوْدِ النَّفَقَةِ بَعْدَمَا لَحِقَتْ وَعَادَتْ وَمَحْمَلُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ أَنَّهَا تَعُودُ نَفَقَتُهَا بِعَوْدِهَا عَلَى إذَا لَمْ يُحْكَمْ بِلِحَاقِهَا تَوْفِيقًا بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: لِوَلَدِهِ الْفَقِيرِ صَغِيرًا) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَإِذَا بَلَغَ - أَيْ الْغُلَامُ الصَّغِيرُ - حَدَّ الْكَسْبِ كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يُؤْجِرَهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ فَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُبَذِّرًا يَدْفَعُ كَسْبَ الِابْنِ إلَى أَمِينٍ كَمَا فِي سَائِرِ أَمْلَاكِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَبِيرًا عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ) قَالَ الْخَصَّافُ: وَإِذَا كَانَ الْأَبُ عَاجِزًا أَيْضًا يَتَكَفَّفُ النَّاسَ وَيُنْفِقُ عَلَى وَلَدِهِ وَقِيلَ نَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ اكْتَسَبَ فَإِذَا امْتَنَعَ عَنْهُ حُبِسَ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ وَلَا يُحْبَسُ وَالِدٌ، وَإِنْ عَلَا فِي دَيْنِ وَلَدِهِ، وَإِنْ سَفَلَ إلَّا فِي النَّفَقَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَبِيرًا عَاجِزًا) يَعْنِي بِهِ الذَّكَرَ أَمَّا الْأُنْثَى فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَجْزُ بَلْ عَدَمُ الزَّوْجِ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا طَلَبَةُ الْعِلْمِ) قَالَ الْحَلْوَانِيُّ رَأَيْت فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ هَذَا إذَا كَانَ بِهِمْ رُشْدٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ) أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمُوسِرِ) كَذَا قَيَّدَ بِالْيَسَارِ الْكَمَالُ قَوْلُ الْهِدَايَةِ: وَعَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى أَبَوَيْهِ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ أُصُولِهِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ الِابْنُ فَقِيرًا وَالْأَبُ فَقِيرًا إلَّا أَنَّهُ أَيْ الْأَبَ صَحِيحُ الْبَدَنِ لَا يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ زَمِنًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ فَإِنَّهُ يُشَارِكُ الِابْنَ فِي نَفَقَتِهِ، وَأَمَّا الْأُمُّ إذَا كَانَتْ فَقِيرَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الِابْنَ نَفَقَتُهَا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَهِيَ غَيْرُ زَمِنَةٍ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ اهـ لَكِنْ قَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ التَّقْيِيدِ بِالْيَسَارِ فَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا - أَيْ الْأَبِ وَالِابْنِ - كَسُوبًا يَجِبُ أَنْ يَكْتَسِبَ الِابْنُ وَيُنْفِقَ عَلَى الْأَبِ اهـ فَلَمْ يَشْتَرِطْ الْيَسَارَ هُنَا وَشَرَطَهُ ثَمَّةَ فَلْيُنْظَرْ.
(قَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِمِلْكِ نِصَابِ حِرْمَانِ الصَّدَقَةِ) هُوَ مُخْتَارُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ،.
وَفِي الْخُلَاصَةِ هُوَ نِصَابُ الزَّكَاةِ وَبِهِ يُفْتَى وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَدَّرَهُ بِمَا يَفْضُلُ عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ شَهْرًا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْغَلَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحِرَفِ فَهُوَ مُقَدَّرٌ بِمَا يَفْضُلُ عَنْ نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ كُلَّ يَوْمٍ قَالَ الْكَمَالُ وَهَذَا أَوْجَهُ وَقَالُوا الْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ وَمَالَ السَّرَخْسِيُّ إلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَقَالَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَرْفَقُ، ثُمَّ قَالَ، وَإِذَا كَانَ كَسُوبًا يُعْتَبَرُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأُصُولِهِ) شَامِلٌ لِلْجَدِّ وَالْجَدَّةِ الْفَاسِدَيْنِ، وَفِيهِ اسْتِدْرَاكٌ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ كَنَفَقَةِ أَبَوَيْهِ وَزَوْجَتِهِ وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَإِنْ احْتَاجَ الْأَبُ إلَى زَوْجَةٍ وَالِابْنُ مُوسِرٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً وَيَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمَا وَكِسْوَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَةٍ لَمْ يَلْزَمْ الِابْنَ إلَّا نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ يُوَزِّعُهَا الْأَبُ عَلَيْهِنَّ اهـ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ فِي نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْأَبِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ نَفَقَاتِ الْحَلْوَانِيِّ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ كَمَا قُلْنَا وَقَيَّدَ فِي أُخْرَى وُجُوبَ نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْأَبِ بِكَوْنِهِ مَرِيضًا، أَوْ بِهِ زَمَانَةٌ أَمَّا إذَا كَانَ صَحِيحًا فَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ عَلَى وَلَدِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهَا) هُوَ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} [لقمان: 15] .
(قَوْلُهُ: فَأَفَادَتْ وُجُوبَ النَّفَقَةِ فِي حَقِّ الْكَافِرِينَ) يَعْنِي الذِّمِّيِّينَ لَا الْحَرْبِيِّينَ وَلَوْ مُسْتَأْمَنِينَ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ فَلِأَنَّهُمْ مِنْ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ) قَالَ الْكَمَالُ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِي اللَّفْظِ أَعْنِي لَفْظَ الْأَبَوَيْنِ الَّذِي هُوَ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي وَصَاحِبْهُمَا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَانِ فِي آمِنُونَا عَلَى آبَائِنَا صَرَّحُوا بِعَدَمِ دُخُولِ الْأَجْدَادِ لِعَدَمِ انْتِظَامِ اللَّفْظِ، وَإِنْ أَرَادَ إلْحَاقَهُمْ بِالْقِيَاسِ فَلَا حَاجَةَ بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَلَّلَ دُخُولُهُمْ بِأَنَّهُمْ مِنْ الْآبَاءِ بَلْ يُعَلَّلُ اسْتِحْقَاقُ الْأَبَوَيْنِ النَّفَقَةَ بِتَسَبُّبِهِمْ فِي وُجُودِهِ وَيُلْحَقُ بِهِ الْأَجْدَادُ وَيَعْتَبِرُهُ فِي عُمُومِ الْمَجَازِ هَذَا وَلَوْ قَالَ إنَّهُمْ مِنْ الْوَالِدِينَ وَالْوَالِدَاتِ كَانَ أَقْرَبَ لِأَنَّ ضَمِيرَ
وَلِذَا يَقُومُ الْجَدُّ مَقَامَ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ (الْفُقَرَاءِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ فَنَفَقَتُهُمْ فِي مَالِهِمْ (وَإِنْ قَدَرُوا عَلَى الْكَسْبِ) لِأَنَّهُمْ يَتَضَرَّرُونَ بِهِ وَالْوَلَدُ مَأْمُورٌ بِدَفْعِهِ عَنْهُمْ (بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ) ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَبَوَيْنِ إنَّمَا هُوَ بِحَقِّ الْمِلْكِ فِي مَالِ الْوَلَدِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» وَهَذَا الْمَعْنَى يَشْتَمِلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ وَلِهَذَا يَثْبُتُ لَهُمَا هَذَا الِاسْتِحْقَاقُ مَعَ اخْتِلَافِ الْمِلَّةِ، وَإِنْ انْعَدَمَ التَّوَارُثُ (يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ لَا الْإِرْثُ) لِمَا ذُكِرَ.
(فَفِيمَنْ لَهُ بِنْتٌ وَابْنُ ابْنٍ) النَّفَقَةُ (عَلَى الْبِنْتِ) مَعَ أَنَّ الْإِرْثَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.
(وَفِي وَلَدِ بِنْتٍ وَأَخٍ) النَّفَقَةُ (عَلَى وَلَدِهَا) مَعَ أَنَّ الْإِرْثَ كُلَّهُ لِلْأَخِ وَلَا شَيْءَ لِوَلَدِ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ (وَلِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ) عَطْفٌ عَلَى لِأُصُولِهِ، الْفَرْقُ بَيْنَ ذِي الرَّحِمِ وَبَيْنَ الْمَحْرَمِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ لِصِدْقِهِمَا عَلَى الْبِنْتِ وَالْأُخْتِ وَصِدْقِ الْأَوَّلِ عَلَى بِنْتِ الْعَمِّ دُونَ الثَّانِي لِصِحَّةِ نِكَاحِهَا وَصِدْقِ الثَّانِي عَلَى أُخْتِ الزَّوْجَةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ نِكَاحِهَا دُونَ الْأَوَّلِ (صَغِيرٍ، أَوْ أُنْثَى بَالِغَةٍ، أَوْ ذَكَرٍ عَاجِزٍ) بِأَنْ كَانَ زَمِنًا، أَوْ أَعْمَى أَوْ مَجْنُونًا (فُقَرَاءَ) حَالٌ مِنْ الْمَجْمُوعِ حَتَّى لَوْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ لِأَنَّ الصِّلَةَ فِي الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَاجِبَةٌ دُونَ الْبَعِيدَةِ، وَالْفَاصِلُ أَنْ يَكُونَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَعَلَى الْوَارِثِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مِثْلُ ذَلِكَ وَقِرَاءَتُهُ مَشْهُورَةٌ فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْخَبَرِ الْمَشْهُورِ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ فَجَازَ تَقْيِيدُ إطْلَاقِ الْكِتَابِ بِهِ، ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ الْحَاجَةِ وَالصِّغَرِ وَالْأُنُوثَةِ وَالزَّمَانَةِ، وَالْعَمَى أَمَارَةُ الْحَاجَةِ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ فَإِنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْكَسْبِ غَنِيٌّ بِكَسْبِهِ بِخِلَافِ الْأَبَوَيْنِ كَمَا سَبَقَ (بِقَدْرِ الْإِرْثِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبُ الْمُقَدَّرِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ قَدْرُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] فَإِنَّ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ مُشْعِرٌ بِعِلِّيَّتِهِ وَلِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ (وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِنْفَاقِ لِإِيفَاءِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ فَتَجِبُ نَفَقَةُ الْبِنْتِ الْبَالِغَةِ وَالِابْنِ الزَّمِنِ مِنْ الْبَالِغِ عَلَى أَبَوَيْهِمَا أَثْلَاثًا عَلَى الْأَبِ الثُّلُثَانِ وَعَلَى الْأُمِّ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَهُمَا عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كُلُّ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} [البقرة: 233] وَفِي غَيْرِ الْوَالِدَيْنِ يُعْتَبَرُ بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَفَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَنَفَقَةُ مَنْ) أَيْ فَقِيرٍ (لَهُ أَخَوَاتٌ مُتَفَرِّقَاتٌ) مُوسِرَاتٌ (عَلَيْهِنَّ أَخْمَاسًا كَإِرْثِهِ) ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخُمُسُهَا عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ وَخُمُسُهَا عَلَى
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
صَاحِبْهُمَا الْوَالِدَانِ لَا الْأَبَوَانِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلِذَا يَقُومُ الْجَدُّ مَقَامَ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ) أَيْ فِي الْوِرَاثَةِ وَوِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: الْفُقَرَاءِ. . . إلَخْ) يُوَافِقُ بِإِطْلَاقِهِ قَوْلَ السَّرَخْسِيِّ: الْمُعْتَبَرُ فِي إيجَابِ نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ مُجَرَّدُ الْفَقِيرِ قِيلَ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ مَعْنَى الْأَذَى فِي إيكَالِهِ إلَى الْكَدِّ وَالتَّعَبِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي التَّأْفِيفِ الْمُحَرَّمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23] وَيُخَالِفُ قَوْلَ الْحَلْوَانِيِّ إنَّهُ لَا يُجْبَرُ إذَا كَانَ الْأَبُ كَسُوبًا لِأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا بِاعْتِبَارِ الْكَسْبِ فَلَا ضَرُورَةَ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الْغَيْرِ ثُمَّ نَقَلَ الْكَمَالُ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَةٍ عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ لَا يُجْبَرُ الْمُوسِرُ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدٍ مِنْ قَرَابَتِهِ إذَا كَانَ رَجُلًا صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ إلَّا فِي الْوَالِدِ خَاصَّةً، أَوْ فِي الْجَدِّ أَبِ الْأَبِ إذَا مَاتَ الْوَلَدُ فَإِنَّهُ أُجْبِرَ الْوَلَدُ عَلَى نَفَقَتِهِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا اهـ.
وَهَذَا جَوَابُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ يَشِيدُ قَوْلَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ بِخِلَافِ الْحَلْوَانِيِّ اهـ كَلَامُ الْكَمَالِ.
(قَوْلُهُ: بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَالْحَقُّ الِاسْتِوَاءُ فِيهَا لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْوِلَادِ وَهُوَ يَشْمَلُهُمَا بِالسَّوِيَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْوِلَادِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عُلِّقَ فِيهِ بِالْإِرْثِ اهـ.
وَقِيلَ تَجِبُ بِقَدْرِ الْإِرْثِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.
(قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» ) أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى.
(قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) صَوَابُهُ لِمَا نَذْكُرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ وَسَيَذْكُرُ أَنَّ الصِّلَةَ فِي الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَاجِبَةٌ دُونَ الْبَعِيدَةِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْبِنْتِ) أَيْ لِقُرْبِهَا. (قَوْلُهُ: عَلَى وَلَدِهَا) أَيْ لِلْجُزْئِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَصِدْقِ الثَّانِي عَلَى أُخْتِ الزَّوْجَةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ نِكَاحِهَا دُونَ الْأَوَّلِ) يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ مَنْكُوحَةُ الْغَيْرِ وَالْخَامِسَةُ لِمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَنَحْوُهُ مَحْرَمًا وَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: وَصِدْقِ الثَّانِي عَلَى نَحْوِ الْأُخْتِ رَضَاعًا.
(قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الْإِرْثِ مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبُ الْمُقَدَّرِ) يَعْنِي فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَلِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ.
(قَوْلُهُ: فَتَجِبُ نَفَقَةُ الْبِنْتِ الْبَالِغَةِ وَالِابْنِ الزَّمِنِ الْبَالِغِ عَلَى أَبَوَيْهِمَا أَثْلَاثًا) رِوَايَةُ الْخَصَّافِ وَالْحَسَنِ. (قَوْلٌ) وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبِنْتِ فَرْعٌ وَلَا عَدَدٌ مِنْ الْإِخْوَةِ يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَهُمَا عَلَى هَذَا اهـ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كُلُّ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ وَجْهُ الْفَرْقِ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى بَيْنَ نَفَقَةِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ الزَّمِنِ أَنَّهُ اجْتَمَعَتْ لِلْأَبِ فِي الصَّغِيرِ وِلَايَةٌ وَمُؤْنَةٌ حَتَّى وَجَبَتْ عَلَيْهِ صَدَقَةُ فِطْرِهِ فَاخْتُصَّ بِلُزُومِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ الْكَبِيرُ لِانْعِدَامِ الْوِلَايَةِ فَتُشَارِكُهُ الْأُمُّ فَاعْتُبِرَ كَسَائِرِ الْمَحَارِمِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ بِالْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: عَلَيْهِنَّ أَخْمَاسًا كَإِرْثِهِ) يَعْنِي عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ وَالرَّدِّ.
الْأُخْتِ لِأُمٍّ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِنَّ (وَيُعْتَبَرُ فِيهِ) أَيْ فِي ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ (أَهْلِيَّةُ الْإِرْثِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ مَحْرُومًا (لَا حَقِيقَتُهُ) بِأَنْ يَكُونَ مُحْرِزًا لِلْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَنَفَقَةُ مَنْ) أَيْ فَقِيرٍ (لَهُ خَالٌ وَابْنُ عَمٍّ) مُوسِرَانِ (عَلَى الْخَالِ) إذْ يُمْكِنُ أَنْ يَمُوتَ ابْنُ الْعَمِّ، وَيَكُونُ الْإِرْثُ لِلْخَالِ فَإِنَّ ابْنَ الْعَمِّ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ، وَالْخَالُ مَحْرَمٌ فَتَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ.
(لَا نَفَقَةَ مَعَ الِاخْتِلَافِ دِينًا) لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِاسْمِ الْوَارِثِ، وَاخْتِلَافُ الدِّينِ يَمْنَعُ التَّوَارُثَ فَلَا تَجِبُ عَلَى النَّصْرَانِيِّ نَفَقَةُ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَلَا عَلَى الْمُسْلِمِ نَفَقَةُ أَخِيهِ النَّصْرَانِيِّ (إلَّا لِلزَّوْجَةِ) لِأَنَّهَا تَجِبُ بِاعْتِبَارِ الْحَبْسِ الْمُسْتَحَقِّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَذَلِكَ يَعْتَمِدُ صِحَّةَ الْعَقْدِ لَا اتِّحَادَ الْمِلَّةِ حَتَّى لَا تَجِبَ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَلَا الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ (وَالْأُصُولِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] وَفَسَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ، وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ كَالْأَبَوَيْنِ كَمَا مَرَّ وَلَا يُجْبَرُ الْمُسْلِمُ عَلَى إنْفَاقِ أَبَوَيْهِ الْحَرْبِيَّيْنِ وَلَا الْحَرْبِيُّ عَلَى إنْفَاقِ أَبِيهِ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِطَرِيقِ الصِّلَةِ، وَالْحَرْبِيُّ لَا يَسْتَحِقُّهَا لِلنَّهْيِ عَنْ بِرِّهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 9] وَلِهَذَا لَا يَجْرِي الْإِرْثُ بَيْنَ مَنْ هُوَ فِي دَارِنَا وَبَيْنَهُمْ، وَإِنْ اتَّحَدَتْ مِلَّتُهُمْ (وَالْفُرُوعِ) لِأَنَّ الْفَرْعَ جُزْؤُهُ، وَنَفَقَةَ الْجُزْءِ لَا تُمْنَعُ بِالْكُفْرِ كَنَفَقَةِ نَفْسِهِ (الذِّمِّيِّينَ) قَيَّدَ بِهِ احْتِرَازًا عَنْ الْحَرْبِيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّا نُهِينَا عَنْ الْبِرِّ فِي حَقِّ مَنْ يُقَاتِلُنَا كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الثَّانِي فَالْعَرَضِيَّةُ أَنْ يُلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ.
(يَبِيعُ الْأَبُ عَرَضَ ابْنِهِ لَا عَقَارَهُ لِنَفَقَتِهِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ لِنَفَقَتِهِ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْحِفْظِ فِي مَالِ وَلَدِهِ الْغَائِبِ؛ إذْ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ فَلِلْأَبِ أَوْلَى لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ، وَبَيْعُ الْمَنْقُولِ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ؛ إذْ يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ وَلَا كَذَلِكَ الْعَقَارُ لِأَنَّهَا مَحْفُوظَةٌ بِنَفْسِهَا وَبِخِلَافِ غَيْرِ الْأَبِ مِنْ الْأَقَارِبِ؛ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُمْ أَصْلًا فِي التَّصَرُّفِ حَالَ الصِّغَرِ لِيَبْقَى أَثَرُهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَا فِي الْحِفْظِ بَعْدَ الْكِبَرِ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَإِذَا جَازَ بَيْعُهُ فَالثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَهُوَ النَّفَقَةُ فَلَهُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ.
(لَا) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأَبِ عَرَضَ ابْنِهِ (لِدَيْنٍ لَهُ) أَيْ الْأَبِ (عَلَيْهِ) أَيْ الِابْنِ (غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ النَّفَقَةِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ لِانْقِطَاعِهَا بِالْبُلُوغِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ حَالَ حَضْرَتِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ فِي دَيْنٍ سِوَى النَّفَقَةِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا ذَكَرْنَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: فِي الْمَسْأَلَةِ نَوْعُ إشْكَالٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ لِلْأَبِ حَالَ غَيْبَةِ ابْنِهِ وِلَايَةُ الْحِفْظِ إجْمَاعًا فَمَا الْمَانِعُ لَهُ مِنْ الْبَيْعِ بِالنَّفَقَةِ عِنْدَهُمَا، أَوْ بِالدَّيْنِ عِنْدَ الْكُلِّ.
أَقُولُ: لَا إشْكَالَ أَصْلًا لِأَنَّ هَاهُنَا مُقَدِّمَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّ لِلْأَبِ حَالَ غَيْبَةِ ابْنِهِ وِلَايَةَ الْحِفْظِ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّ بَيْعَ الْمَنْقُولِ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْأُولَى إجْمَاعِيَّةً كَوْنُ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ فَالْمَانِعُ مِنْ الْبَيْعِ بِالنَّفَقَةِ عِنْدَهُمَا كَوْنُهُ مُنَافِيًا لِلْحِفْظِ، وَأَمَّا الْمَانِعُ مِنْ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ فَهُوَ أَنَّ ثُبُوتَ الدَّيْنِ يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْوِلَادِ كَمَا سَبَقَ وَالْعَجَبُ أَنَّ هَذَا مَعَ كَمَالِهِ فِي الظُّهُورِ كَيْفَ خَفِيَ عَلَى مَنْ هُوَ بِالْفَضْلِ مَشْهُورٌ،. وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: قَالُوا إنَّ لِلْأَبِ وِلَايَةَ حِفْظِ مَالِ الِابْنِ، وَبَيْعُ الْمَنْقُولَاتِ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ لَا بَيْعُ الْعَقَارِ لِأَنَّهُ مُحَصَّنٌ بِنَفْسِهِ فَإِذَا بَاعَ الْمَنْقُولَ فَالثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَهُوَ النَّفَقَةُ فَيُصْرَفُ إلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ قُلْت: الْكَلَامُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: أَقُولُ لَا إشْكَالَ أَصْلًا. . . إلَخْ) غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ وَالثَّانِيَةُ أَنَّ بَيْعَ الْمَنْقُولِ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْأُولَى إجْمَاعِيَّةً كَوْنُ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ هُوَ رَدُّ الْإِشْكَالِ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ مَنْعِ الْمُلَازَمَةِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَنْقُولِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ لَا خِلَافَ فِيهِ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحُكْمُ بَيْنَ الْمُقَدِّمَتَيْنِ، وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَبْحَثَ الزَّيْلَعِيِّ، إذْ بَحْثُهُ فِي مَنْعِ الْبَيْعِ لِلنَّفَقَةِ عِنْدَهُمَا، أَوْ لِلدَّيْنِ عِنْدَ الْكُلِّ لِكَوْنِ أَنَّ مُجَوِّزَ الْبَيْعِ إنَّمَا جَوَّزَهُ بِاعْتِبَارِ الْبَيْعِ لِأَجْلِ الْمُحَافَظَةِ، ثُمَّ إذَا صَارَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ صَرَفَهُ لِنَفَقَتِهِ وَهُمَا يُوَافِقَانِ عَلَى بَيْعِهِ تَحْصِينًا كَالْوَصِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ فِي وَجْهِ الْقِيَاسِ وَحَيْثُ اتَّفَقُوا عَلَى بَيْعِهِ تَحْصِينًا فَأَيُّ مَانِعٍ يَمْنَعُ الْأَبَ مِنْ صَرْفِهِ بَعْدَهُ لِنَفَقَتِهِ وَقَدْ صَارَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ فَمَا الْمَانِعُ لَهُ مِنْ الْبَيْعِ بِالنَّفَقَةِ عِنْدَهُمَا اهـ. عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي عَرَضِ الِابْنِ الْكَبِيرِ أَمَّا الصَّغِيرُ فَلِلْأَبِ بَيْعُ عَرَضِهِ لِلنَّفَقَةِ إجْمَاعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ اهـ.
وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالزَّيْلَعِيِّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ بِالدَّيْنِ عِنْدَ الْكُلِّ فَتَوْجِيهُهُ أَنَّ مِنْ الْمُسَلَّمِ بَيْعَ الْأَبِ لِأَجْلِ التَّحْصِينِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِذَا صَارَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ لَا مَانِعَ مِنْ صَرْفِهِ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِيمَنْ ظَفِرَ بِجِنْسِ مَالِهِ عَلَى غَرِيمِهِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ رِضًى وَلَا قَضَاءٍ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَيْضًا عَدَمُ صِحَّةِ مَا ادَّعَاهُ مِنْ بُطْلَانِ كَلَامِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ رحمه الله.
فِي أَنَّهُ هَلْ يَحِلُّ بَيْعُ الْعُرُوضِ لِأَجْلِ النَّفَقَةِ لَا فِي الْبَيْعِ لِأَجْلِ الْمُحَافَظَةِ ثُمَّ الْإِنْفَاقِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ لَوْ كَانَتْ هَذَا لَجَازَ الْبَيْعُ لِدَيْنٍ سِوَى النَّفَقَةِ بِعَيْنِ هَذَا الدَّلِيلِ.
أَقُولُ: الْقَوْمُ إنَّمَا يَذْكُرُونَ جَوَازَ الْبَيْعِ لِأَجْلِ الْمُحَافَظَةِ لِإِثْبَاتِ جَوَازِ الْبَيْعِ لِلنَّفَقَةِ فَإِنَّ مَعْنَى كَلَامِهِمْ أَنَّ بَيْعَ الْمَنْقُولَاتِ يَجُوزُ لِأَجْلِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِأَجْلِ الْمُحَافَظَةِ بِدَلِيلِ جَوَازِهِ لِلْوَصِيِّ فَلَأَنْ يَجُوزَ مِنْ الْأَبِ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْ الْأَبِ فَإِذَا جَازَ بَيْعُهُ لِلْمُحَافَظَةِ وَبَاعَ حَصَلَ مَالٌ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ فَجَازَ صَرْفُ الْأَبِ إيَّاهُ فِي نَفَقَتِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ لَوْ كَانَتْ هَذَا. . . إلَخْ فَبَاطِلٌ مَحْضٌ لِمَا عَرَفْتَ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ هُوَ أَنَّ ثُبُوتَ الدَّيْنِ يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ، وَالْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْوِلَادِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْأَوَّلِ جَوَازُ الثَّانِي.
(وَلَا تَبِيعُ الْأُمُّ مَالَهُ) أَيْ مَالَ ابْنِهَا (لَهَا) أَيْ لِنَفَقَتِهَا؛ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهَا فِي التَّصَرُّفِ حَالَ الصِّغَرِ وَلَا فِي الْحِفْظِ بَعْدَ الْكِبَرِ فَإِنْ قِيلَ: قَدْ سَبَقَ أَنَّ لِلْأُمِّ أَيْضًا حَقَّ التَّمَلُّكِ فِي مَالِ الِابْنِ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ يَجُوزَ لَهَا أَيْضًا أَنْ تَبِيعَ مَالَ وَلَدِهَا لِلنَّفَقَةِ قُلْنَا: إنَّ مَدَارَ جَوَازِ الْبَيْعِ لَيْسَ حَقَّ التَّمَلُّكِ بَلْ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْوَلَدِ فَمَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِيهِ جَازَ لَهُ الْبَيْعُ وَمَنْ لَا فَلَا.
(ضَمِنَ مُودَعُ الِابْنِ لَوْ أَنْفَقَهَا) أَيْ الْوَدِيعَةَ (عَلَى أَبَوَيْهِ بِلَا أَمْرِ قَاضٍ) لِتَصَرُّفِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِلَا إنَابَةٍ وَوِلَايَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَمَرَهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ مُلْزِمٌ (لَا الْأَبَوَانِ) أَيْ لَا يَضْمَنَانِ (وَلَوْ أَنْفَقَا مَالَهُ) أَيْ مَالَ الِابْنِ الْغَائِبِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَاسْتَوْفَيَا حَقَّهُمَا.
(قُضِيَ بِنَفَقَةِ غَيْرِ الزَّوْجَةِ) يَعْنِي الْأُصُولَ وَالْفُرُوعَ وَالْقَرَائِبَ (وَمَضَتْ مُدَّةٌ) لَمْ تَصِلْ إلَيْهِمْ فِيهَا (سَقَطَتْ) لِأَنَّ نَفَقَةَ هَؤُلَاءِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ انْدَفَعَتْ الْحَاجَةُ، وَإِنَّمَا قَالَ: غَيْرِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى بِنَفَقَتِهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهَا جَزَاءُ الِاحْتِبَاسِ لَا لِلْحَاجَةِ كَمَا مَرَّ وَلِهَذَا تَجِبُ مَعَ يَسَارِهَا فَلَا تَسْقُطُ بِحُصُولِ الِاسْتِغْنَاءِ فِيمَا مَضَى (إلَّا إذَا اسْتَدَانُوا) أَيْ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ وَالْقَرَائِبُ (بِإِذْنِ الْقَاضِي) أَيْ أَذِنَ لَهُمْ الْقَاضِي بِالِاسْتِدَانَةِ فَاسْتَدَانُوا عَلَى الْغَائِبِ فَحِينَئِذٍ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُمْ أَيْضًا كَمَا لَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ بِمُجَرَّدِ تَقْرِيرِ الْقَاضِي، وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ.
(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ أَسْبَابِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ (الْمِلْكُ فَتَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى) النَّفَقَةُ (لِمَمْلُوكِهِ فَإِنْ أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ الْمَوْلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ (كَسَبَ) أَيْ الْمَمْلُوكُ (إنْ قَدَرَ) عَلَى الْكَسْبِ (وَأَنْفَقَ) عَلَى نَفْسِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ (أُمِرَ) أَيْ الْمَوْلَى يَعْنِي أَمَرَهُ الْقَاضِي (بِبَيْعِهِ) لَوْ رَقِيقًا.
(وَفِي الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ أُجْبِرَ) الْمَوْلَى (عَلَى الْإِنْفَاقِ) لِامْتِنَاعِ الْبَيْعِ فِيهِمَا (وَالْمُكَاتَبُ عَلَى الْمَالِ يَكْسِبُ) ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ يَدًا، وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا رَقَبَةً وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُكَاتَبِ عَلَى الْخِدْمَةِ فَإِنَّهُ كَالرَّقِيقِ؛ إذْ لَا يَدَ لَهُ أَصْلًا.
(رَجُلٌ لَا يُنْفِقُ عَلَى عَبْدِهِ: إنْ قَدَرَ) أَيْ الْعَبْدُ (عَلَى الْكَسْبِ لَيْسَ لَهُ أَكْلُ مَالِ مَوْلَاهُ بِلَا رِضَاهُ، وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَسْبِ (جَازَ) أَكْلُهُ بِلَا رِضَاهُ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ (كَذَا) أَيْ جَازَ أَكْلُهُ بِلَا رِضَاهُ أَيْضًا (إنْ مَنَعَ) مَوْلَاهُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْكَسْبِ.
(غَصَبَ) أَيْ شَخْصٌ (عَبْدًا فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (إلَى أَنْ يَرُدَّ) الْمَغْصُوبَ إلَى مَالِكِهِ (فَإِنْ طَلَبَ) الْغَاصِبُ (مِنْ الْقَاضِي الْأَمْرَ بِالنَّفَقَةِ) أَيْ بِأَنْ يُنْفِقَ الْغَاصِبُ عَلَى الْعَبْدِ (أَوْ الْبَيْعِ) أَيْ بِأَنْ يَبِيعَ الْغَاصِبُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: وَلَا تَبِيعُ الْأُمُّ مَالَهُ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ بَعْدَ شَرْحِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَكِنْ نَقَلَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْأَقْضِيَةِ جَوَازَ بَيْعِ الْأَبَوَيْنِ وَهَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ فَإِنَّهُ أَضَافَ الْبَيْعَ إلَيْهِمَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ.
وَجْهُ رِوَايَةِ الْأَقْضِيَةِ أَنَّ مَعْنَى الْوِلَادِ يَجْمَعُهُمَا وَهُمَا فِي اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ سَوَاءٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْإِنْفَاقِ فَتَأْوِيلُهُ أَنَّ الْأَبَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الْبَيْعَ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا أَمَّا نَفْسُهَا فَبَعِيدٌ اهـ. وَلَا يَخْفَى عَدَمُ اطِّرَادِ التَّأْوِيلِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ قَدْ سَبَقَ. . . إلَخْ) قَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا لَا يَكْفِي فِي اسْتِحْقَاقِهَا مَالَ الِابْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثُّبُوتُ بِدَلَالَةِ النَّصِّ.
(قَوْلُهُ: ضَمِنَ مُودَعُ الِابْنِ. . . إلَخْ) هَذَا قَضَاءً وَكَذَا مَنْ عِنْدَهُ مَالُهُ كَالْمُضَارِبِ وَالْمَدْيُونِ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُودَعِ وَنَحْوِهِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ بِالضَّمَانِ مَلَكَهُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ التَّعَدِّي وَهَذَا - أَيْ الضَّمَانُ - إذَا كَانَ يُمْكِنُ اسْتِطْلَاعُ رَأْيِ الْقَاضِي وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ اسْتِطْلَاعُهُ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَعَلَى هَذَا بَيْعُ بَعْضِ الرُّفْقَةِ مَتَاعَ بَعْضِهِمْ لِتَجْهِيزِهِ وَكَذَا لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَنْفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَضْمَنُوا اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ، وَالتَّقْيِيدُ بِالضَّمَانِ قَضَاءً لِنَفْيِ ضَمَانِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَوْ مَاتَ الِابْنُ الْغَائِبُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ لِوَرَثَتِهِ أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ عَلَيْهِ حَقٌّ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: وَمَضَتْ مُدَّةٌ) يَعْنِي طَوِيلَةً كَشَهْرٍ لَا مَا دُونَهُ وَاسْتَثْنَى فِي التَّبْيِينِ نَفَقَةَ الصَّغِيرِ الْمَفْرُوضَةَ فَإِنَّهَا تَصِيرُ دَيْنًا بِالْقَضَاءِ دُونَ غَيْرٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ) يَعْنِي بِأَنْ كَانَ زَمِنًا، أَوْ أَعْمَى، أَوْ أَمَةً لَا يُؤْجَرُ مِثْلُهَا خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْبُرْهَانِ اهـ.
فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأُنُوثَةَ هُنَا لَيْسَتْ أَمَارَةَ الْعَجْزِ بِخِلَافِهَا فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ اهـ.
وَلَمْ يَتَعَرَّضْ
الْعَبْدَ (لَا يُجِيبُهُ) أَيْ الْقَاضِي وَلَا يَقْبَلُ كَلَامَهُ (إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَضِيعَ فَيَبِيعَهُ الْقَاضِي) لَا الْغَاصِبُ (وَيُمْسِكَ ثَمَنَهُ) لِمَالِكِهِ.
(أَوْدَعَ) شَخْصٌ (عَبْدًا) عِنْدَ زَيْدٍ فَغَابَ الشَّخْصُ الْمُودِعُ (فَطَلَبَ) زَيْدٌ (الْمُودَعُ مِنْ الْقَاضِي الْأَمْرَ بِالنَّفَقَةِ فَالْقَاضِي لَا يَأْمُرُ بِهَا) لِتَضَرُّرِ الْمَوْلَى بِهِ لِاحْتِمَالِ اسْتِيعَابِ قِيمَتِهِ بِالنَّفَقَةِ (بَلْ يُؤْجِرُهُ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ أَجْرِهِ (أَوْ يَبِيعُهُ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ لِمَوْلَاهُ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
الْمُصَنِّفُ لِنَفَقَةِ الْبَهَائِمِ وَهِيَ لَازِمَةٌ دِيَانَةً عَلَى مَالِكِهَا وَيَكُونُ آثِمًا مُعَاقَبًا فِي جَهَنَّمَ بِحَبْسِهَا عَنْ الْبَيْعِ مَعَ عَدَمِ الْإِنْفَاقِ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهَا عِنْدَنَا وَقِيلَ يُوجِبُهَا أَبُو يُوسُفَ كَمَا تَجِبُ فِي الدَّابَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ اهـ.
وَكَذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُجْبَرُ فِي الْحَيَوَانِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ، وَالْحَقُّ مَا عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ يَعْنِي أَبَا يُوسُفَ وَمَنْ وَافَقَهُ،.
وَفِي التَّبْيِينِ: فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَلَا يُفْتَى ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.