الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا اشْتَرَى أَحَدٌ بَغْلًا مِنْ آخَرَ مَثَلًا ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَأَرْجَعَهُ إلَى مِلْكِهِ ثَانِيَةً فَبِمَا أَنَّ رُجُوعَ الْبَغْلِ إلَى مِلْكِهِ بِسَبَبٍ غَيْرِ السَّبَبِ الْأَوَّلِ وَتَبَدُّلَ السَّبَبِ تَبَدُّلٌ لِلذَّاتِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلَوْ زَادَ فَزِيَادَتُهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ.
[
(الْمَادَّةُ 99) مَنْ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ]
(الْمَادَّةُ 99) :
مَنْ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ.
هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ (مَنْ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ) وَ (مَنْ اسْتَعْجَلَ مَا أَخَّرَهُ الشَّرْعُ يُجَازَى بِرَدِّهِ) وَ (مَنْ اسْتَعْجَلَ شَيْئًا قَبْلَ أَوَانِهِ وَلَمْ تَكُنْ الْمَصْلَحَةُ فِي ثُبُوتِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ) الْوَارِدَةِ فِي الْأَشْبَاهِ، وَالْكِفَايَةِ، وَزَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ.
فَعَلَيْهِ إذَا قَتَلَ شَخْصٌ مُوَرِّثَهُ قَتْلًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ أَوْ الْكَفَّارَةَ يُحْرَمُ مِنْ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ بِقَتْلِهِ مُوَرِّثَهُ تَعَجَّلَ الْوَقْتَ الَّذِي يَرِثُهُ بِهِ فَيُعَاقَبُ بِالْحِرْمَانِ فَلَا يَكُونُ وَارِثًا لِلْمُوَرِّثِ.
كَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى شَخْصٌ لِآخَرَ بِمَالِ فَقَتَلَ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصِيَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَيُحْرَمُ مِنْ الْمَالِ الْمُوصَى بِهِ.
قَدْ قَيَّدْنَا الْقَتْلَ الَّذِي يُوجِبُ الْحِرْمَانَ مِنْ الْإِرْثِ بِاَلَّذِي يُوجِبُ الْقِصَاصَ أَوْ الْكَفَّارَةَ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ الَّذِي لَا يُوجِبُ ذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ الْمِيرَاثِ فَالْقَتْلُ الَّذِي يُوقِعُهُ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ وَالْقَتْلُ بِسَبَبٍ وَقَتْلُ الزَّوْجَةِ أَوْ إحْدَى الْمَحَارِمِ مِنْ ذَوَاتِ الرَّحِمِ بِسَبَبِ الزِّنَا فَلَا تُوجِبُ الْحِرْمَانَ مِنْ الْإِرْثِ.
هَذَا وَقَدْ جَاءَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ (الْمَقْتُولُ مَيِّتٌ بِأَجَلِهِ أَيْ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لِمَوْتِهِ) فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ نَظَرًا إلَى هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ أَلَّا يُعَدَّ قَتْلُ الْمُوَرِّثِ أَوْ الْمُوصِي فَرْعًا لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ.
وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ إجْرَاءَ الْعِقَابِ وَالْقِصَاصِ وَأَمْثَالِهِ فِي حَقِّ الْقَاتِلِ إنَّمَا لِارْتِكَابِهِ الْأَمْرَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ وَإِقْدَامِهِ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ الْمَوْتُ عَادَةً فَذَلِكَ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالشُّئُونِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ.
(مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ)
يُوجَدُ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ بَعْضُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ:
مِنْهَا لَوْ قَتَلَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ الَّذِي تَأَجَّلَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى سَنَةٍ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَيَحِلُّ الْأَجَلُ بِمَوْتِ الْمَدِينِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ لِلْقَاتِلِ حَالًا اسْتِيفَاءُ دَيْنِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَقْتُولِ.
[
(الْمَادَّةُ 100) مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ]
(الْمَادَّةُ 100) :
مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ.
هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ.
وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا عَمِلَ شَخْصٌ عَلَى نَقْضِ مَا أَجْرَاهُ وَتَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا اعْتِبَارَ لِعَمَلِهِ.
مِثَالٌ: لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ قَدْ جَرَى فُضُولًا وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَالنَّفَاذِ حَتَّى وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى بِأَنَّهُ بَاعَ الْمَالَ بِدُونِ إذْنِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً.
كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ رَجُلٌ مَالًا مِنْ آخَرَ وَجَاءَ رَجُلٌ فَكَفَلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ فِي الْمَادَّةِ (616) فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمِلْكِيَّةِ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَمَّا كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَالْبَيْعُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهَا فَادِّعَاءُ الْكَفِيلِ بِمِلْكِيَّتِهِ لِلْمَالِ نَقْضٌ لِمَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ.
كَذَلِكَ لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ مَالًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَرْهُونَ هُوَ لِفُلَانٍ فَإِقْرَارُهُ هَذَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُصَدَّقٍ بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ مُلْزَمٌ بِهِ بَعْدَ أَدَائِهِ الدَّيْنَ وَاسْتِرْدَادِهِ الرُّهُونَ.
كَذَلِكَ إذَا طَلَبَ شَخْصٌ وَدِيعَةً مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ مُدَّعِيًا أَنَّهُ وَكِيلُ الْمُسْتَوْدِعِ بِالْقَبْضِ فَإِذَا سَلَّمَهُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِرْدَادُهَا مِنْهُ بِدَاعِي أَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ وَكَالَتَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ نَقْضَ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ.
كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الْمُحْتَمِلُ الْبُلُوغَ أَوْ اشْتَرَى وَاعْتَرَفَ بِالْبُلُوغِ ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَ الْبُلُوغِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِادِّعَائِهِ وَيَنْفُذُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ.
(مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) لَوْ بَاعَ وَالِدُ الصَّغِيرِ أَوْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَوْ وَصِيُّ التَّرِكَةِ مَالَ الصَّغِيرِ أَوْ مَالَ الْوَقْفِ أَوْ مَالَ التَّرِكَةِ مِنْ آخَرَ وَادَّعَى أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ وَالِدُ الصَّغِيرِ مَثَلًا بِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ وَقَعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَلَا يَحِقُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَنَاقُضٌ مَانِعٌ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 97) .
كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْمُبَايِعَيْنِ بَعْدَ وُقُوعِ الْبَيْعِ بِوُجُودِ فَسَادِ مَا فِي الْبَيْعِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِهِ حِينَ الْبَيْعِ فَكَمَا أَنَّ ادِّعَاءَهُ يَكُونُ مَقْبُولًا فَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ اشْتَرَى شَيْئًا وَقَبَضَهُ بِأَنَّ الْبَائِعَ كَانَ قَدْ بَاعَ الشَّيْءَ الْمَذْكُورَ مِنْ شَخْصٍ غَيْرَهُ غَائِبٍ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ فَيُقْبَلُ مِنْهُ الِادِّعَاءُ وَالْإِثْبَاتُ أَيْضًا.
كَذَلِكَ يُقْبَلُ ادِّعَاءُ الْمُشْتَرِي بِعَقَارٍ بِأَنَّ الْبَائِعَ قَبْلَ بَيْعِهِ مِنْهُ كَانَ اتَّخَذَهُ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً أَوْ أَنَّ الْبَائِعَ وَقَفَهُ عَلَى مَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ.