الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَمَا تَشْمَلُ عِبَارَةُ (الْكَفِيلُ ضَامِنٌ) الْكَفِيلَ، تَشْمَلُ كَفِيلَ الْكَفِيلِ وَكَفِيلَ كَفِيلِ الْكَفِيلِ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَجْعَلْ لِكَفِيلِ الْكَفِيلِ مَادَّةً خَاصَّةً.
وَإِلَيْك فِيمَا يَلِي بَعْضُ الْإِيضَاحَاتِ فِي بَيَانِ مَحِلِّ ضَمَانِ الْمَكْفُولِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لَهَا ذِكْرٌ فِي الْمَتْنِ: يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْمَكْفُولِ بِهِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى حَمْلٍ وَمَئُونَةٍ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي شَرَطَ تَسْلِيمَهُ فِيهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 83) أَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى حَمْلٍ وَمَئُونَةٍ فَلِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَهُ فِي أَيِّ مَحِلٍّ أَرَادَ.
مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ نِصْفَهَا فِي إسْتَانْبُولَ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ فِي إزمير فَلِلطَّالِبِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَلْفَ كُلَّهَا فِي إسْتَانْبُولَ أَوْ فِي إزمير أَوْ فِي مَكَان آخَرَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي) .
وَإِذَا لَمْ يُبَيَّنْ مَكَانٌ لِلتَّسْلِيمِ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى حَمْلٍ وَمَئُونَةٍ فَأَيْنَ يَصِيرُ تَسْلِيمُهَا؟ قَدْ مَرَّ نَظِيرَانِ لِهَذَا فِي الْمَجَلَّةِ. فَجَاءَ فِي الْمَادَّةِ (285) يُسَلَّمُ الْمَبِيعُ فِي الْبَيْعِ بِعَقْدٍ مُطْلَقٍ فِي مَكَانِ الْمَبِيعِ وَجَاءَ فِي الْمَادَّةِ (465) وَإِنْ لَمْ يُبَيَّنْ مَكَانُ التَّسَلُّمِ فَالْمَأْجُورُ إنْ كَانَ عَقَارًا يُسَلَّمُ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ عَمَلًا فَفِي مَحِلِّ عَمَلِ الْأَجِيرِ وَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا فَفِي مَكَانِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ. فَهَلْ تُقَاسُ هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ عَلَى ذَلِكَ؟ وَيُقَالُ: يَلْزَمُ الْكَفِيلَ التَّسْلِيمُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ فِيهِ أَوْ التَّسْلِيمُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ فِيهِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ؟
[
(الْمَادَّةُ 644) الطَّالِبُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ بِالدَّيْنِ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْكَفِيلَ]
(الْمَادَّةُ 644) :
الطَّالِبُ مُخَيَّرٌ فِي الْمُطَالَبَةِ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ بِالدَّيْنِ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْكَفِيلَ، وَمُطَالَبَةُ أَحَدِهِمَا لَا تُسْقِطُ حَقَّ مُطَالَبَتِهِ الْآخَرَ وَبَعْدَ مُطَالَبَتِهِ أَحَدَهُمَا لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ وَيُطَالِبَهُمَا مَعًا.
وَإِنْ كَانَ لِلْكَفِيلِ كَفِيلٌ فَلَهُ إنْ شَاءَ مُطَالَبَتُهُ وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ (لِلْمَكْفُولِ لَهُ حَقٌّ فِي مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ) فَذِكْرُ ذَلِكَ هُنَا إنَّمَا هُوَ تَوْطِئَةٌ لِمَا سَيَأْتِي بَعْدُ مِنْ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْكَفَالَةِ عِبَارَةٌ عَنْ ضَمِّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ. وَهَذَا يُوجِبُ قِيَامَ الذِّمَّةِ الْأُولَى وَلَيْسَ بَرَاءَتَهَا (الدُّرُّ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ خِيَارِ الطَّالِبِ مَسْأَلَتَانِ فَلَا يُطَالِبُ فِيهِمَا غَيْرَ الْكَفِيلِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 648) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَنَا كَفِيلٌ بِالْعَشْرِ جُنَيْهَاتِ الَّتِي لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو، وَأَنْكَرَ زَيْدٌ هَذَا الدَّيْنَ وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ الْأَصِيلَ شَيْءٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 81) .
وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْ تَخْيِيرِ الطَّالِبِ فِي الْمُطَالَبَةِ وَإِنْ شَمِلَ الْكَفَالَةَ بِأَنْوَاعِهَا الْأَرْبَعَةِ فَقَدْ اخْتَصَّ بِقَوْلِ الْمَجَلَّةِ (إنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ بِالدَّيْنِ) بِالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ.
وَبِمُجَرَّدِ مُطَالَبَتِهِ أَحَدَهُمَا بِالدَّيْنِ أَيْ إذَا طَالَبَهُ وَلَمْ يَفِهِ حَقَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّ مُطَالَبَتِهِ الْآخَرَ حَتَّى لَوْ
أَخَذَ مِنْهُ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ بِالْبَاقِي. وَلَهُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَنْ يُطَالِبَهُمَا مَعًا بِجَمِيعِهِ كَمَا لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ كُلًّا مِنْهُمَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَ كُلًّا مِنْ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ وَكَفِيلِ الْكَفِيلِ بِجَمِيعِ الْمَكْفُولِ بِهِ كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمْ بِهِ مَعًا؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ هِيَ ضَمٌّ وَلَيْسَتْ بِتَمْلِيكٍ. لَكِنْ إذَا اسْتَوْفَى الطَّالِبُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْأَصِيلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ الْكَفِيلَ أَوْ كَفِيلَ الْكَفِيلِ كَمَا أَنَّهُ إذَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ مِنْ كَفِيلِ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ الْأَصِيلَ أَوْ الْكَفِيلَ الْآخَرَ.
كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ أَلْفَ قِرْشٍ وَاسْتَوْفَى الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ الْأَصِيلِ أَرْبَعُمِائَةٍ فَقَطْ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِيفَاءُ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّمِائَةٍ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ كَفِيلِ الْكَفِيلِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَوْفَى الْأَرْبَعَمِائَةِ قِرْشٍ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ كَفِيلِ الْكَفِيلِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ الْأَصِيلِ أَوْ الْكَفِيلِ الْآخَرِ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّمِائَةِ قِرْشٍ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَمَا قَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (659)(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1651) وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الْكَفِيلُ عِنْدَ مُطَالَبَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ بِالدَّيْنِ (إنَّك قَدْ اسْتَوْفَيْتَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ أَنْ صِرْتَ كَفِيلًا مِنْ الْأَصِيلِ وَقَدْ أَقْرَرْت عَلَى أَخْذِك إيَّاهُ) وَرَفَعَ دَعْوَى عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ إقْرَارَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِذَا دَفَعَ الْمَكْفُولُ لَهُ هَذِهِ الدَّعْوَى فَيَكُونُ قَدْ خَلَصَ مِنْهَا.
كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الدَّائِنُ عَلَى مَدِينِهِ بِكَذَا قِرْشًا فَدَفَعَ الْمَدِينُ دَعْوَاهُ بِقَوْلِهِ (قَدْ أَخَذْت هَذَا مِنْ كَفِيلِي فُلَانٍ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ) وَأَثْبَتَ دَفْعَهُ فَالدَّائِنُ يَنْدَفِعُ عَنْ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ)(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1632) .
وَإِذَا طَالَبَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ بِالْمَكْفُولِ بِهِ وَكَانَ كَفِيلًا بِالْأَمْرِ فَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَطْلُبَ إلَى الْأَصِيلِ أَنْ يُوَفِّيَ الطَّالِبَ دَيْنَهُ وَيَطْلُبَ تَخْلِيصَهُ مِنْ الطَّالِبِ مَا لَمْ تَكُنْ لِلْأَصِيلِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْمَكْفُولِ بِهِ فَحِينَئِذٍ لَيْسَ لِلْكَفِيلِ ذَلِكَ بَلْ يَقَعُ التَّقَاصُّ.
لَاحِقَةٌ: تَحْتَوِي عَلَى مَبْحَثَيْنِ:
الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ - فِي الِادِّعَاءِ عَلَى الْكَفِيلِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ وَالْأَصِيلُ غَائِبٌ:
1 -
إذَا ادَّعَى الطَّالِبُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ قَائِلًا (إنَّ هَذَا الشَّخْصَ كَفِيلٌ بِدَيْنِي عَلَى فُلَانٍ بِأَمْرِهِ) وَأَثْبَتَ هَذَا الدَّيْنَ وَهَذِهِ الْكَفَالَةَ بِالْأَمْرِ فَالْحَاكِمُ يَحْكُمُ بِالْمَبْلَغِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ الْحَاضِرِ وَعَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ مَعًا. وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلْكَفِيلِ بِنَاءً عَلَى الصَّلَاحِيَّةِ الْمُخَوَّلَةِ لَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (657) أَنْ يَرْجِعَ بَعْدَ تَأْدِيَةِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ إلَى الطَّالِبِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصِيلَ الْغَائِبَ قَدْ حُكِمَ عَلَيْهِ ضِمْنًا.
أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَادَّعَى بِالْكَفَالَةِ مَعَ الدَّيْنِ وَأَثْبَتَهُمَا فَلَا يُحْكَمُ إلَّا عَلَى الْكَفِيلِ وَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْغَائِبِ (التَّنْوِيرُ، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْمَبْحَثُ الثَّانِي - فِي اخْتِلَافِ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَالْكَفِيلِ، وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي الْمَكْفُولِ بِهِ.