الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَجَاءَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا (أَنْ يَكُونَا مُتَسَاوِيَيْنِ سَبَبًا) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ سَبَبُ دَيْنِ أَحَدِهِمَا مُخْتَلِفًا عَنْ دَيْنِ سَبَبِ الْآخَرِ كَمَا لَوْ كَانَ دَيْنُ أَحَدِهِمَا قَرْضًا وَدَيْنُ الثَّانِي ثَمَنَ مَبِيعٍ فَإِعْطَاءُ أَحَدِهِمَا شَيْئًا عَنْ شَرِيكِهِ بِالتَّعْيِينِ صَحَّ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ فِي الْجِنْسَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ مُعْتَبَرَةٌ وَفِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لَغْوٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
مَثَلًا لَوْ كَانَ عَلَى اثْنَيْنِ دَيْنٌ مِائَتَا قِرْشٍ وَكَانَ الدَّيْنُ عَلَى أَحَدِهِمَا قَرْضًا وَعَلَى الثَّانِي ثَمَنَ مَبِيعٍ وَبَعْدَ أَنْ كَفَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَعْطَى الَّذِي دَيْنُهُ قَرْضًا مِائَةَ قِرْشٍ عَنْ شَرِيكِهِ قَائِلًا لَهُ: (أَعْطَيْتهَا عَنْك حَسَبَ كَفَالَتِي) فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ شَرِيكِهِ الْمَدِينِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ أَيْ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ مِائَةَ قِرْشٍ وَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ. كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ وَلَمْ يَكْفُلْ الثَّانِي بِمَا فِي ذِمَّتِهِ وَأَدَّى الْكَفِيلُ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ عَنْ شَرِيكِهِ قُبِلَ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ الْكَفَالَةِ) .
كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ شَخْصَانِ (بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْنَا دَيْنٌ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِي أَخْذِهِ مِنْ أَيِّنَا شَاءَ) فَهَذَا الْإِقْرَارُ فِي حُكْمِ أَنْ يَكْفُلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ) .
[
(الْمَادَّةُ 647) كَانَ لِدَيْنٍ كُفَلَاءُ مُتَعَدِّدُونَ]
(الْمَادَّةُ 647) لَوْ كَانَ لِدَيْنٍ كُفَلَاءُ مُتَعَدِّدُونَ فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ قَدْ كَفَلَ عَلَى حِدَةٍ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانُوا قَدْ كَفَلُوا مَعًا يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ قَدْ كَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ الْمَبْلَغَ الَّذِي لَزِمَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ فَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ.
مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَلْفٍ ثُمَّ كَفَلَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ غَيْرُهُ أَيْضًا فَلِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَأَمَّا لَوْ كَفَلَا مَعًا يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ كَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْمَبْلَغَ الَّذِي لَزِمَهُ الْآخَرُ فَعَلَى ذَلِكَ الْحَالِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْأَلْفِ.
أَيْ أَنَّهُ يَصِحُّ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (627) تَعَدُّدُ الْكُفَلَاءِ وَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ إذَا كَفَلَ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ وَإِذَا أَبْرَأ الْكَفِيلُ بَعْضَ الْكُفَلَاءِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ كُلًّا مِنْ الْبَاقِينَ بِمَجْمُوعِهِ.
وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لِلدَّائِنِ إنْ شَاءَ أَنْ يُطَالِبَ الْأَصِيلَ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُطَالِبَ كَفِيلًا وَاحِدًا وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُطَالِبَ الْكُفَلَاءَ وَالْأَصِيلَ مَعًا كُلًّا بِمِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِذَا كَانَ الْكُفَلَاءُ الْمُتَعَدِّدُونَ اثْنَيْنِ فَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ أَوْ يُطَالَبُ الْأَصِيلُ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ، وَيَبْرَأُ الْجَمِيعُ مِمَّا يُؤَدِّيهِ أَحَدُ الْكُفَلَاءِ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا وَلَيْسَ لِلْمُؤَدِّي هَذَا أَنْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ مِنْ الْكُفَلَاءِ:(أَعْطُونِي حِصَّتَكُمْ؛ لِأَنَّكُمْ أَنْتُمْ كُفَلَاءُ أَيْضًا) مَا لَمْ يَكُونُوا كُفَلَاءَ لِبَعْضٍ بِالْأَمْرِ وَحِينَئِذٍ فَلِلْمُعْطِي الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَاجَعَ الْكُفَلَاءَ الْبَاقِينَ بِحِصَصِهِمْ مَا يَدْفَعُهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا. لِكَوْنِ الْكُلِّ كُفَلَاءَ هُنَا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَبَعْدَ ذَلِكَ لَهُمْ أَنْ يُرَاجِعُوا الْأَصِيلَ؛ لَأَنَّهُمَا أَدَّيَا عَنْهُ أَحَدُهُمَا بِنَفْسِهِ وَالْآخَرُ بِنَائِبِهِ (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِنْ شَاءَ رَاجَعَ الْأَصِيلَ لِكَوْنِهِ كَفَلَ بِالْكُلِّ بِأَمْرِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
وَإِذَا تَصَالَحَ أَحَدُ الْكُفَلَاءِ مَعَ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ بَاعَ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ مَالًا فِي مُقَابِلِ الْمَكْفُولِ بِهِ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. (الْبَزَّازِيَّةُ فِي نَوْعٍ آخَرَ) . إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ غَائِبًا.
وَقَوْلُ الْمَادَّةِ (عَلَى حِدَةٍ) احْتِرَازٌ مِنْ كَفَالَةِ الْكَفِيلَيْنِ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ مَعًا وَلَا فَرْقَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ. إذَا كَفَلَ الْكُفَلَاءُ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ مُتَعَاقِبِينَ أَوْ فِي وَقْتٍ مَعًا فِي الْحُكْمِ، أَمَّا إذَا كَفَلَ الْكُفَلَاءُ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ مَعًا يَنْقَسِمُ الدَّيْنُ الْمَكْفُولُ بِهِ عَلَى تَعْدَادِ رُءُوسِهِمْ وَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا كَانَ الْكُفَلَاءُ الَّذِينَ يَكْفُلُونَ مَعًا اثْنَيْنِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الدَّيْنِ وَإِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِرُبُعِ الدَّيْنِ وَلَا يُطَالِبُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يُؤَدِّي حِصَّتَهُ يَبْرَأُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ) .
وَإِذَا كَانَتْ كَفَالَةُ مَنْ يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ هُنَا (مَعًا) أَيْ أَنْ يَكْفُلَ كُلٌّ بِمِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ، وَالْكَفَالَةُ الَّتِي تَقَعُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ إذَا كَفَلَ كُلٌّ مِنْ الْكُفَلَاءِ بِمِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ يُقَسَّمُ الْمَكْفُولُ بِهِ عَلَى عَدَدِ الْكُفَلَاءِ. مَثَلًا إذَا قَالَ ثَلَاثَةٌ: نَكْفُلُ بِهَذَا الدَّيْنِ يُقَسَّمُ ذَلِكَ الدَّيْنُ عَلَى عَدَدِهِمْ فَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِثُلُثِهِ.
وَفِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ قَدْ يَجْتَمِعُ حُكْمُ الْفِقْرَتَيْنِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ مَعًا ثُمَّ جَاءَ اثْنَانِ وَكَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْأَلْفَ وَخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى حِدَةٍ صَحَّ. فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَشْخَاصِ الْأَوَّلِ بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَالْخَمْسِمِائَةِ وَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ وَلَا يَنْقَسِمُ الْمَكْفُولُ بِهِ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ عَلَى عَدَدِ الثَّلَاثَةِ الْكُفَلَاءِ الْأَوَّلِ وَالِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ.
لَكِنْ لَوْ كَانُوا كُفَلَاءَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مَعًا وَكَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ الْمُطَالَبَةَ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي لَزِمَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ صَحَّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (645) وَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُقَسَّمُ الدَّيْنُ عَلَى عَدَدِ الْكُفَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْكُفَلَاءُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ اثْنَيْنِ يُؤَاخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ بِكَفَالَتِهِ عَنْ الْأَصِيلِ وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ بِكَفَالَةٍ عَنْ الْكَفِيلِ.
مَثَلًا لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَصِيلِ رَأْسًا فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ بِدُونِ مُرَاجَعَةِ الْكَفِيلِ الثَّانِي.
كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ أَلْفِ قِرْشٍ عَلَى آخَرَ فَجَاءَ آخَرُ ثُمَّ آخَرُ وَكَفَلَا بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَلِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَ أَحَدَ هَؤُلَاءِ الْكُفَلَاءِ الثَّلَاثَةِ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ.
وَإِذَا أَدَّى أَحَدُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مَجْمُوعَ الدَّيْنِ أَوْ بَعْضَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ ثُلُثَيْ مَا دَفَعَ إلَى الطَّالِبِ وَيَقُولُ لَهُمَا: (أَعْطَيَانِي ثُلُثَيْ مَا دَفَعْت؛ لِأَنَّكُمَا أَنْتُمَا أَيْضًا كَفِيلَانِ) مَا لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ قَدْ كَفَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (645) وَفِي هَذِهِ الْحَال لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى ذَيْنِك الِاثْنَيْنِ بِثُلُثَيْ مَا دَفَعَهُ إلَى الطَّالِبِ، وَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَحَدَ الْكَفِيلَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَلَمْ يَجِدْ الْآخَرَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى ذَلِكَ الْكَفِيلِ الْمَوْجُودِ بِنِصْفِ مَا دَفَعَ، وَمِنْ ثَمَّ لِلِاثْنَيْنِ مَعًا أَنْ يَرْجِعَا عَلَى الشَّخْصِ الثَّالِثِ بِثُلُثِ الدَّيْنِ أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِسُدُسِهِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَالتَّنْقِيحُ) .
وَلِهَؤُلَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْأَصِيلِ إذَا كَانَتْ كَفَالَتُهُمْ بِأَمْرِهِ.