الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلْبَائِعِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ: إنَّ السِّعْرَ غَالٍ فَيَرُدُّ لَهُ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَيَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي فَتَجْرِي الْإِقَالَةُ فِيمَا رُدَّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ الْهِنْدِيَّةُ ".
وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ عِدَّةَ بَقَرَاتٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ وَقَبَضَ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ طَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِبَاقِي الثَّمَنِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْت بِثَمَنٍ غَالٍ فَرَدَّ الْبَائِعُ الْجُزْءَ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فَالْإِقَالَةُ تَنْعَقِدُ وَانْعِقَادُهَا هَهُنَا بِإِعْطَاءِ الْمُشْتَرِي وَإِذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْبَقَرَاتِ إلَى الْبَائِعِ فَعَلَيْهِ اسْتِرْدَادُهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْفُضَ ذَلِكَ بِدَعْوَى أَنَّ الْإِقَالَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ وَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ.
[
(الْمَادَّةُ 193) اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ فِي الْإِقَالَةِ]
(الْمَادَّةُ 193) يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ فِي الْإِقَالَةِ كَالْبَيْعِ يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُوجَدَ الْقَبُولُ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ: أَقَلْت الْبَيْعَ وَقَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ الْآخَرُ انْفَضَّ الْمَجْلِسُ أَوْ صَدَرَ مِنْ أَحَدِهِمَا فِعْلٌ أَوْ قَوْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ ثُمَّ قَبِلَ الْآخَرُ لَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُ وَلَا يُفِيدُ شَيْئًا حِينَئِذٍ.
اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ شَرْطٌ فِي الْإِقَالَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ قَوْلِيَّةً وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَجْلِسُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَاحِدًا وَإِنْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بِالتَّعَاطِي وَجَبَ اتِّحَادُ مَجْلِسِ التَّعَاطِي وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ حِصَانًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ غَيْرَ مُوَافِقٍ فَأَعَادَهُ إلَى الْبَائِعِ فَرَفَضَ الْبَائِعُ قَبُولَ الْحِصَانِ صَرَاحَةً فَتَرَكَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُ وَذَهَبَ فَاسْتَعْمَلَ الْبَائِعُ الْحِصَانَ فِي أَعْمَالٍ فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الِاسْتِعْمَالُ قَبُولًا مِنْهُ لِلْإِقَالَةِ وَلَهُ أَلَّا يَرُدَّ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَنْ يَرُدَّ الْحِصَانَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْحِصَانِ وَإِنْ كَانَ دَلِيلًا عَلَى قَبُولِ الْبَائِعِ لِلْإِقَالَةِ إلَّا أَنَّ الرَّدَّ الَّذِي وَقَعَ صَرَاحَةً مَانِعٌ مِنْ اعْتِبَارِ قَبُولِ الدَّلَالَةِ؛ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ دُونَ التَّصْرِيحِ رَدُّ الْمُحْتَارِ " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْهِنْدِيَّةُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 184 " وَعَلَى هَذَا إذَا ذَهَبَ الْمُشْتَرِي بِالْحِصَانِ الَّذِي شَرَاهُ لِيَرُدَّهُ إلَى الْبَائِعِ وَيَسْتَقِيلَ مِنْ الْبَيْعِ فَلَمْ يَجِدْ الْبَائِعَ فِي دَارِهِ فَتَرَكَ الْحِصَانَ فِي إصْطَبْلِهِ وَرَجَعَ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ اسْتَعْمَلَ الْحِصَانَ فِي مَصَالِحِهِ فَالْإِقَالَةُ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ اسْتِعْمَالُ الْبَائِعِ لِلْحِصَانِ قَبُولًا فِعْلِيًّا لِلْإِقَالَةِ غَيْرَ أَنَّ مَجْلِسَ التَّعَاطِي لَمْ يَكُنْ مُتَّحِدًا فَلِهَذَا لَيْسَتْ الْإِقَالَةُ صَحِيحَةً.
[
(الْمَادَّةُ 194) مَوَانِعُ الْإِقَالَةِ أَرْبَعَةٌ]
(الْمَادَّةُ 194) يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَمَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقْتَ الْإِقَالَةِ فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ قَدْ تَلِفَ لَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ مَوَانِعُ الْإِقَالَةِ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا هَلَاكُ الْمَبِيعِ هَلَاكًا حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا. ثَانِيهَا: حُصُولُ زِيَادَةٍ فِي الْمَبِيعِ مُنْفَصِلَةٍ غَيْرِ مُتَوَلِّدَةٍ فِيهِ ثَالِثُهَا حُصُولُ زِيَادَةٍ فِي الْمَبِيعِ مُنْفَصِلَةٍ مُتَوَلِّدَةٍ فِيهِ. رَابِعُهَا تَبَدُّلُ اسْمِ الْمَبِيعِ فَهَذِهِ الْمَوَانِعُ الْأَرْبَعَةُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْبَيْعِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى قِيَامِ الْبَيْعِ وَقِيَامَ الْبَيْعِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى قِيَامِ الْمَبِيعِ لِوُجُوبِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُتَعَيَّنًا وَبِهَلَاكِ الْمَبِيعِ يَرْتَفِعُ الْبَيْعُ وَلَوْ بَقِيَ الثَّمَنُ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مَوْجُودًا فَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فَلَيْسَ ثَمَّةَ عَقْدٌ يُمْكِنُ رَفْعُهُ وَالتَّقَايُلُ فِيهِ.
وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ حَقِيقَةٌ ظَاهِرَةٌ كَمَوْتِ الْحِصَانِ الْمَبِيعِ مَثَلًا أَمَّا هَلَاكُ الْمَبِيعِ حُكْمًا فَكَأَنْ يَكُونَ حِصَانًا فَيَفِرَّ أَوْ طَائِرًا فَيَطِيرَ وَلَا يُعْلَمُ مَكَانُهُمَا فَيَصِيرُ الْمَبِيعُ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ لِلْبَائِعِ.
وَلَفْظَةُ (قَائِمٌ) الْوَارِدَةُ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ يُقْصَدُ بِهَا عَدَمُ هَلَاكِ الْمَبِيعِ حُكْمًا، وَلَفْظَةُ " مَوْجُودٌ " يُقْصَدُ بِهَا عَدَمُ هَلَاكِ الْمَبِيع حَقِيقَةً.
مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَقَبْلَ إعَادَةِ الْمَبِيعِ أَوْ كَانَ حَيَوَانًا فَفَرَّ أَوْ فُقِدَ فَالْإِقَالَةُ تَبْطُلُ وَيَبْقَى الْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 292.
إنَّ الْأَسْبَابَ الَّتِي تَمْنَعُ مِنْ رَدِّ الْمَبِيعِ فِي خِيَارِ الْبَيْعِ وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ تَمْنَعُ أَيْضًا مِنْ الرَّدِّ فِي الْإِقَالَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 349 و 352) وَقَدْ قُلْنَا آنِفًا أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ غَيْرَ الْمُتَوَلِّدَةِ وَالزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ تَمْنَعَانِ مِنْ الْإِقَالَةِ.
مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ الْمَقْبُوضُ أَثْوَابًا فَتُصْبَغُ أَوْ أَرْضًا فَيَبْنِي فِيهَا فَفِي ذَلِكَ حُصُولُ زِيَادَةٍ غَيْرِ مُتَوَلِّدَةٍ أَوْ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ الْمَقْبُوضُ حَيَوَانًا فَيَلِدُ أَوْ بُسْتَانًا فَيُثْمِرُ وَفِي هَذَا حُصُولُ زِيَادَةٍ مُتَوَلِّدَةٍ فَحُصُولُ الزِّيَادَةِ فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ مَانِعٌ مِنْ الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّ حُصُولَ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ يَجْعَلُ فَسْخَ الْعَقْدِ مُتَعَذَّرًا؛ لِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ مِنْ حَقِّ الْمُشْتَرِي شَرْعًا وَلَمْ تَكُنْ لِلْبَائِعِ حَتَّى يَجُوزَ رَدُّهَا إلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا أَنَّ الْإِقَالَةَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إعَادَةِ حَادِثٍ سَابِقٍ فَإِذَا اُعْتُبِرَتْ الْإِقَالَةُ صَحِيحَةً فَلَا يَبْقَى مَانِعٌ مِنْ بَقَاءِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَمَّا الزِّيَادَةُ الَّتِي تَحْدُثُ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تَكُونُ مِنْ مَوَانِعِ الْإِقَالَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً أَمْ مُنْفَصِلَةً وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ أَرْضَهُ الْمَزْرُوعَةَ مَعَ زَرْعِهَا وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي لَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ بَعْدَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ.
وَمِنْ مَوَانِعِ الْإِقَالَةِ تَبَدُّلُ الِاسْمِ كَمَا إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ خُيُوطًا أَوْ قَمْحًا فَنَسَجَ مِنْ الْخُيُوطِ ثَوْبًا أَوْ طَحَنَ الْقَمْحَ وَصَارَ اسْمُ تِلْكَ الْخُيُوطِ ثَوْبًا وَالْقَمْحُ دَقِيقًا أَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَخَاطَهُ قَمِيصًا فَالْإِقَالَةُ فِي هَذِهِ الْمَبِيعَاتِ الَّتِي تَبَدَّلَتْ أَسْمَاؤُهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ هَذَا إذَا بُنِيَتْ الْإِقَالَةُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الْأَصْلَ لِلْبَائِعِ فَقَطْ دُونَ الزِّيَادَةِ كَأَنْ يُقَالَ لِلْمُشْتَرِي مَثَلًا: اُفْتُقْ الْخِيَاطَةَ وَسَلِّمْ الثَّوْبَ لِلْبَائِعِ عَلَى مَا فِي هَذَا مِنْ الضَّرَرِ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ بُنِيَتْ الْإِقَالَةُ عَلَى رَدِّ الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ لِلْبَائِعِ كَأَنْ يُسَلِّمَ الثَّوْبَ إلَى الْبَائِعِ بَعْدَ أَنْ صَيَّرَهُ الْمُشْتَرِي قَمِيصًا كَمَا هُوَ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ الْأَنْقِرْوِيُّ ".
أَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ فَلَيْسَتَا مِنْ مَوَانِعِ الْإِقَالَةِ صُرَّةُ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ ".
مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ حَيَوَانًا وَيُقْبِضَهُ ثُمَّ يَسْمَنُ هَذَا الْحَيَوَانُ أَوْ يَكُونُ مُصَابًا فِي عَيْنِهِ فَيَبْرَأُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَالْإِقَالَةُ فِي هَذَا الْحَيَوَانِ صَحِيحَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ طَاحُونًا أَوْ حِصَانًا فَأَجَّرَ الْمُشْتَرِي الطَّاحُونَ أَوْ أَكْرَى الْحِصَانَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ ثُمَّ تَقَايَلَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَالْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي.
وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِقَالَةِ حَيَاةُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلِوَرَثَتِهِمَا أَنْ يَتَقَايَلَا بَعْدَ وَفَاتِهِمَا وَلِوَصِيِّهِمَا أَيْضًا رَدُّ الْمُحْتَارِ ".
وَلِلْإِقَالَةِ ضَبْطٌ عَامٌّ وَهُوَ: كُلُّ مَنْ يَمْلِكُ حَقَّ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَمْلِكُ حَقَّ الْإِقَالَةِ رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةُ مَوَاضِعَ فَقَطْ:
الْأَوَّلُ: فِيمَا إذَا كَانَ بَيْعُ الْوَصِيِّ لِلْمَالِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ كَانَ