الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِثَالٌ ثَانٍ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ أَنَا كَفِيلٌ بِأَدَاءِ مَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ الْفُلَانِيُّ عَلَى فُلَانٍ، وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ حَكَمَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ آخَرُ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ.
مِثَالٌ ثَالِثٌ - لَوْ قَالَ: إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ الْحَنَفِيُّ بِشَيْءٍ عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا كَفِيلٌ بِأَدَائِهِ وَحَكَمَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ أَمَّا لَوْ قَالَ: لَوْ حَكَمَ حَاكِمُ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بِدَيْنٍ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا كَفِيلٌ بِأَدَائِهِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ إذَا حَكَمَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ آخَرُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْمَسَائِلِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَذْهَبِ مِنْ حَنَفِيٍّ إلَى شَافِعِيٍّ.
وَلَا يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ حُكْمِ حَاكِمَيْنِ يَنْتَسِبَانِ إلَى مَذْهَبٍ وَاحِدٍ.
[
(الْمَادَّةُ 638) لَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ]
(الْمَادَّةُ 638) لَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ مَا لَمْ يُحْكَمْ بَعْدَ الْمُحَاكَمَةِ عَلَى الْبَائِعِ بِرَدِّ الثَّمَنِ.
يَعْنِي لَا يُؤَاخَذُ الْوَكِيلُ بِالدَّرَكِ مَا لَمْ يَدَّعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ وَيُثْبِتُ الْمُدَّعِي مُدَّعَاهُ وَيَحْلِفُ الْيَمِينَ حَسَبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ (1746) وَيَحْكُمُ بِأَنَّ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَيَدَّعِي الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَى الْبَائِعِ بِطَلَبِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِسَبَبِ ضَبْطِ الْمَبِيعِ مِنْ يَدِهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَيَحْكُمُ عَلَى الْبَائِعِ بِرَدِّ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي فَبَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يُنْقَضُ بِمُجَرَّدِ الِادِّعَاءِ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ إعَادَةُ الثَّمَنِ (الْهِدَايَةُ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الْفَسْخِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ إجَازَتُهُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ.
وَيُفْهَمُ أَنَّ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ قَابِلٌ لِلْإِجَازَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (378) .
وَالْقَاعِدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ هِيَ: يُؤَاخَذُ الْأَصِيلُ أَيْ الْبَائِعُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمَكْفُولِ بِهِ عِنْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِبْطَالِهِ فِي الْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ كَمَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِهِ أَمَّا قَبْلَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِبْطَالِهِ فَلَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ.
وَبَعْدَ مَعْرِفَةِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَلْنُبَادِرْ إلَى التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ: فَهُنَا دَعْوَيَانِ وَحُكْمَانِ:
الدَّعْوَى الْأُولَى وَالْحُكْمُ الْأَوَّلُ: دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْحُكْمُ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهَا (إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ) .
مَثَلًا كَمَا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَقَامَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكُهُ وَأَثْبَتَ مِلْكِيَّتَهُ عَلَى الْأُصُولِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1846) وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِمِلْكِيَّةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لِلْمَالِ الْمَذْكُورِ فَيُقَالُ لِهَذَا الْحُكْمِ: (الْحُكْمُ بِالِاسْتِحْقَاقِ) .
إلَّا أَنَّهُ لَا يَفْسَخُ عَقْدَ الْبَيْعِ الَّذِي بَيْنَ هَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ بِهَذَا الْحُكْمِ أَوْ بِمُجَرَّدِ قَبْضِ الْمُسْتَحِقِّ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بَلْ يَبْقَى مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الشَّخْصِ الْمُسْتَحِقِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (368) وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ نَفَذَ وَعَلَى ذَلِكَ فَكَمَا لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ رَدُّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي بِهَذَا الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ أَيْضًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
الدَّعْوَى الثَّانِيَةُ وَالْحُكْمُ الثَّانِي: دَعْوَى الرُّجُوعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَالْحُكْمُ بِالرُّجُوعِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهَا (مَا لَمْ يُحْكَمْ بَعْدَ الْمُحَاكَمَةِ عَلَى الْبَائِعِ بِرَدِّ الثَّمَنِ) .
مَثَلًا يَدَّعِي الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ (بِرَدِّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ) الَّذِي أَعْطَاهُ إلَى الْبَائِعِ وَاَلَّذِي ضُبِطَ مِنْ يَدِهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَالْحُكْمِ وَسَيَحْصُلُ بِرَدِّ الْبَائِعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ إلَيْهِ وَبِذَلِكَ يَنْفَسِخُ عَقْدُ الْبَيْعِ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَيُطَالَبُ الْبَائِعُ بِرَدِّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ أَصْبَحَ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (51) غَيْرَ قَابِلٍ لِإِجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ كَمَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِرَدِّ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ لِسِرَايَةِ هَذَا الْحُكْمِ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ لِلْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى صَلَاحِيَّتِهِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّةِ (644) إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْكَفِيلِ.
وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْقَاعِدَةِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا أَيْضًا أَنَّهُ إذَا فَسَخَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ صَرَاحَةً بَعْدِ إقَامَةِ الدَّعْوَى الْأُولَى وَالْحُكْمِ بِمُوجِبِهَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (378) .
وَبِمَا أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْبَائِعَ رَدُّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَإِعَادَتُهُ إلَيْهِ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى الدَّعْوَى الثَّانِيَةِ وَالْحُكْمِ الثَّانِي يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ أَيْضًا بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَيْهِ مَا أَيْ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى الدَّعْوَى الثَّانِيَةِ وَالْحُكْمِ الثَّانِي وَمِنْ هُنَا يُفْهَمُ أَنَّ قَوْلَهُ: (بَعْدَ الْمُحَاكَمَةِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْكَفَالَةِ) .
وَالْمَقْصُودُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْقِسْمُ الثَّانِي، أَيْ الِاسْتِحْقَاقُ الَّذِي يَنْقُلُ الْمِلْكِيَّةَ أَمَّا فِي الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي يُبْطِلُ الْمِلْكِيَّةَ فَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى مُحَاكَمَةٍ ثَانِيَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) وَهَذَانِ الِاسْتِحْقَاقَانِ قَدْ مَرَّ إيضَاحُهُمَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (616) .
مَثَلًا لَوْ ظَهَرَ شَخْصٌ وَادَّعَى أَنَّ الْعَرْصَةَ الَّتِي بَاعَهَا أَحَدٌ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ هِيَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ الَّذِي هُوَ مُتَوَلٍّ عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ ادِّعَاءَهُ فَحُكِمَ لَهُ بِذَلِكَ يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ فِي الْحَالِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ لَيْسَ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ.
وَعَلَيْهِ لَوْ وُضِعَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى الصُّورَةِ الْآتِيَةِ لَشَمِلَتْ جَمِيعَ الصُّوَرِ الَّتِي مَرَّ بَيَانُهَا فِي الشَّرْحِ وَلَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَبِيعِ مَا لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ يَكُونُ أَحْيَانًا بِرَدِّ الثَّمَنِ وَأَحْيَانًا بِالْحُكْمِ بِالْوَقْفِيَّةِ أَوْ بِفَسْخِ الْمُسْتَحِقِّ الْبَيْعَ بَعْدَ الدَّعْوَى الْأُولَى وَالْحُكْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ.
لَكِنْ لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ إذَا فُسِخَ الْبَيْعُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، أَوْ خِيَارِ الْعَيْبِ وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ) احْتِرَازٌ عَنْهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي كَفَالَةِ الْكَفِيلِ مُقَيَّدٌ بِضَبْطِ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ.
وَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَنَّ الْكَفِيلَ بِالدَّرَكِ يَضْمَنُ الْمَكْفُولَ بِهِ فَقَطْ وَلَا يَضْمَنُ مَعَ الْمَكْفُولِ بِهِ الضَّرَرَ الْمُبَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (658)(رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَفِيلِ كَفَالَةٌ بِذَلِكَ. اسْتِطْرَادٌ - فِي كَوْنِ الْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ مَانِعَةً لِدَعْوَى التَّمَلُّكِ وَالشُّفْعَةِ وَالْإِجَارَةِ.
إنَّ الشَّخْصَ الْكَفِيلَ بِالدَّرَكِ بِكَفَالَتِهِ يَكُونُ قَدْ صَدَّقَ عَلَى مِلْكِيَّةِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ