الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْمَوَادِّ الْمُتَعَلِّقَةِ بِرَدِّ الْمَأْجُورِ وَإِعَادَتِهِ]
الْمَادَّةُ 591) يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ رَفْعُ يَدِهِ عَنْ الْمَأْجُورِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ. لَا يَبْقَى لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ حَقٍّ فِي الْمَأْجُورِ مَتَى انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ فَعَلَيْهِ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ:
أَوَّلًا: أَنْ يَرْفَعَ يَدَهُ عَنْ الْمَأْجُورِ أَيْ أَلَا يَسْتَعْمِلَهُ.
ثَانِيًا: أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُؤَجَّرِ بِمُجَرَّدِ طَلَبِهِ. وَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: يُلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرُ بِرَفْعِ يَدِهِ عَنْ الْمَأْجُورِ أَيْ عَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ إيَّاهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى الْآجِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْجُورُ مُحْتَاجًا إلَى حَمْلٍ وَمَئُونَةٍ أَوْ لَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 594) وَالْمَادَّتَانِ (592 و 593) الْآتِيَتَانِ فَرْعَانِ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ. يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ رَفْعُ يَدِهِ؛ لِأَنَّ تَسَلُّمَ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَأْجُورَ إنَّمَا هُوَ بِقَصْدِ اسْتِيفَاءِ مَنَافِعَ مَعْلُومَةٍ وَمَتَى اُسْتُوْفِيَتْ تِلْكَ الْمَنَافِعُ، فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِذَلِكَ الْعَقْدِ. فَوَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْمَأْجُورِ بَعْدَ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ رِضَاءِ الْمُؤَجَّرِ، وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ. وَلِذَلِكَ يَلْزَمُ رَفْعُ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ.
مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ:
أَوَّلًا - لَوْ اسْتَأْجَرَتْ امْرَأَةٌ حُلِيًّا لِتَتَزَيَّنَ بِهَا يَوْمًا وَاحِدًا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَسْتَعْمِلَهَا زِيَادَةً عَنْ يَوْمٍ فَإِنْ اسْتَعْمَلَتْهَا أَوْ طَلَبَهَا مِنْهَا الْآجِرُ، وَلَمْ تُعْطِهَا لَهُ عُدَّتْ غَاصِبَةً. أَمَّا إذَا لَمْ يُطَالِبْهَا وَبَقِيَتْ فِي يَدِهَا وَحَفِظَتْهَا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا (التَّنْقِيحُ) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ لِلْحِفْظِ وَالْإِمْسَاكِ لِلِاسْتِعْمَالِ هُوَ كَمَا يَأْتِي:
كُلُّ مَوْضِعٍ يُمْسَكُ فِيهِ الْمَأْجُورُ لِأَجْلِ الِاسْتِعْمَالِ يَكُونُ ذَلِكَ الْإِمْسَاكُ اسْتِعْمَالًا، وَكُلُّ مَوْضِعٍ يُمْسَكُ فِيهِ الْمَأْجُورُ لِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ حِفْظٌ. فَعَلَى هَذَا إذَا تَسَوَّرَتْ الْمَرْأَةُ بِالْخَلْخَالِ أَوْ تَخَلَّلَتْ بِالسِّوَارِ أَوْ تَعَمَّمَ الرَّجُلُ بِالْقَمِيصِ أَوْ وَضَعَ الْعِمَامَةَ عَلَى الْعَاتِقِ فَهَذَا كُلُّهُ حِفْظٌ، وَلَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ وَكَذَلِكَ وَضْعُ الْخَاتَمِ فِي الْجَيْبِ وَوَضْعُ غِطَاءِ الرَّأْسِ تَحْتَ جَنَاحِهِ هُوَ حِفْظٌ، وَلَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ.
وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ (طَبَقًا) وَبَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَضَعَهُ عَلَى رَأْسِ إنَاءٍ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ مَا بِدَاخِلِ ذَلِكَ الْإِنَاءِ يَحْتَاجُ إلَى وِقَايَةٍ فَيَكُونُ وَضْعُ ذَلِكَ الطَّبَقِ اسْتِعْمَالًا. وَإِلَّا فَيَكُونُ
حِفْظًا (هِنْدِيَّةٌ قُبَيْلَ الْبَابِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ) .
ثَانِيًا - مَنْ يَسْتَأْجِرُ عَقَارًا لِمُدَّةِ سَنَةٍ لَيْسَ لَهُ إيجَارُهُ لِمُدَّةِ سَنَتَيْنِ مِنْ آخَرَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 587) الْبَزَّازِيَّةُ.
ثَالِثًا - إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ دَارًا وَغَابَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَتَرَكَ أَمْتِعَتَهُ فِيهَا، وَلَمْ يُعْطِ الْمِفْتَاحَ لِلْمُؤَجِّرِ فَلِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يُفْتَحَ الدَّارَ وَيَضَعَ الْأَمْتِعَةَ فِي جَانِبٍ مِنْهَا وَيَسْكُنَهَا، وَلَا حَاجَةَ إلَى مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ لِإِجْرَاءِ ذَلِكَ (التَّنْقِيحُ) .
رَابِعًا - لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَانُوتًا لِوَقْفٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَحْدَثَ فِيهِ بِنَاءً بِدُونِ إذْنِ مُتَوَلِّيهِ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ رَفْعُ ذَلِكَ الْبِنَاءِ غَيْرُ مُضِرٍّ بِالْوَقْفِ يَرْفَعُ، وَإِلَّا فَلَا وَيَكُونُ الْبَانِي مَجْبُورًا عَلَى انْتِظَارِ انْفِصَالِهِ عَنْ الْوَقْفِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْبِنَاءُ مَانِعًا مِنْ إيجَارِ جَانِبِ الْوَقْفِ مِنْ الْحَانُوتِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 531) أَيْضًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
خَامِسًا - تَتَفَرَّعُ الْمَادَّةُ الْآتِيَةُ: (الْمَادَّةُ 592) لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِعْمَالُ الْمَأْجُورِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ. لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِعْمَالُ الْمَأْجُورِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بِدُونِ إذْنِ الْمُؤَجِّرِ مُطْلَقًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) ، وَإِنْ فَعَلَ عُدَّ غَاصِبًا وَيَكُونُ ضَامِنًا إنْ تَلِفَ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 600 و 792) وَتَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لِلْمُدَّةِ الَّتِي يَبْقَى فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ بِدُونِ عَقْدٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 596) . مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ مِرْجَلًا عَلَى أَنْ يَطْبُخَ فِيهِ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ لِشَهْرٍ وَفَرَغَ مِنْ الطَّبْخِ فِي مُدَّةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَكَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ أُجْرَةِ الشَّهْرِ كُلِّهَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَوْ بَقِيَ بَعْدَ تَمَامِ الشَّهْرِ فِي يَدِهِ مَهْمَا كَانَتْ الْمُدَّةُ.
سَادِسًا - تَتَفَرَّعُ الْمَادَّةُ الْآتِيَةُ: (الْمَادَّةُ 593) لَوْ انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ وَأَرَادَ الْآجِرُ قَبْضَ مَالِهِ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَسْلِيمُهُ إيَّاهُ. لَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَأَرَادَ الْآجِرُ قَبْضَ الْمَأْجُورِ الْمُسْتَأْجَرِ لَزِمَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ تَسْلِيمُهُ إيَّاهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 600 و 794) وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إيَّاهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 606) لِأَنَّهُ بِإِمْسَاكِهِ إيَّاهُ بَعْدَ الطَّلَبِ يُعَدُّ مُتَعَدِّيًا. جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (591) يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ رَفْعُ يَدِهِ وَهُنَا قَدْ جَاءَ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ. وَبَيْنَ الرَّفْعِ وَالتَّسْلِيمِ فَرْقٌ، إذْ أَنَّ رَفْعَ الْيَدِ يَلْزَمُهُ سَوَاءٌ طَلَبَ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ أَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ، أَمَّا التَّسْلِيمُ فَإِنَّمَا يَلْزَمُ حِينَ الطَّلَبِ، وَإِذَا أَرَادَ الْآجِرُ إيجَارَ مَالِهِ مِنْ آخَرَ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَيْسَ لِهَذَا أَنْ يَقُولَ (إنَّنِي أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِي؛ لِأَنَّنِي