الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَجِبَ شَيْءٌ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ مُلْحَقَةٌ بِالْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ لِكَوْنِهَا تَبَعًا لَهَا (الْكِفَايَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ) أَمَّا إذَا أَجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَالَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ إجَارَةً فَاسِدَةً عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ آنِفًا إيجَارًا صَحِيحًا لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ الثَّانِيَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ قَدْ سَمَّى الْبَدَلَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (588)(الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
إنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ قَابِلَةٌ لِلْفَسْخِ.
فَعَلَيْهِ إذَا تَنَازَعَ الطَّرَفَانِ قَبْلَ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْجُورِ إيجَارًا فَاسِدًا وَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي فَالْقَاضِي يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ لِإِزَالَةِ الْفَسَادِ الَّذِي هُوَ مَعْصِيَةٌ.
وَالْإِيجَارُ وَالْبَيْعُ أَخَوَانِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ الْأَعْيَانِ وَقَدْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ: وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَسْخُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ مَا دَامَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إعْدَامًا لِلْفَسَادِ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَيَجِبُ رَفْعُهَا وَإِذَا أَصَرَّ أَحَدُهُمَا عَلَى إمْسَاكِهِ وَعَلِمَ بِهِ الْقَاضِي فَلَهُ فَسْخُهُ جَبْرًا عَلَيْهِمَا حَقًّا لِلشَّرْعِ (الْهِنْدِيَّةُ، التَّنْقِيحُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) .
مِثَالٌ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَلَمْ يُعَيَّنْ فِي الْعَقْدِ النَّوْعُ الْمُرَادُ زَرْعُهُ وَلَمْ يُطْلَقْ أَنْ يَزْرَعَ مَا يُرِيدُ وَرُفِعَتْ الْإِجَارَةُ إلَى الْقَاضِي قَبْلَ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ فَسَخَهَا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (454) فَاسِدَةٌ.
كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ مُشَاعًا وَدَفَعَ أُجْرَتَهُ سَلَفًا فَلَهُ الِادِّعَاءُ بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ وَاسْتِرْدَادُ مَا دَفَعَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالْمَادَّةُ (494) مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذَا أَيْضًا.
وَحَقُّ الْفَسْخِ هَذَا وَإِنْ لَمْ يُصَرَّحْ بِهِ فِي الْمَجَلَّةِ إلَّا أَنَّهُ يُخْفَضُ قَوْلُهُ قَبْلَ الْفَسْخِ فِي الْمَادَّةِ 524.
وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ 494 بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ فَسَادِ الْإِجَارَةِ وَكَذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ فَعُدِمَ التَّصْرِيحُ بِهِ لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ.
[
(الْمَادَّةُ 462) فَسَادُ الْإِجَارَةِ]
(الْمَادَّةُ 462) فَسَادُ الْإِجَارَةِ يَنْشَأُ بَعْضُهُ عَنْ كَوْنِ الْبَدَلِ مَجْهُولًا وَبَعْضُهُ عَنْ فِقْدَانِ بَاقِي شَرَائِطِ الصِّحَّةِ.
فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى.
يَنْشَأُ فَسَادُ الْإِجَارَةِ بَعْضُهُ عَنْ كَوْنِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ مَجْهُولًا وَبَعْضُهُ عَنْ فِقْدَانِ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ الْأُخْرَى كَوُجُودِ شَرْطٍ فَاسِدٍ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 460) وَجَهَالَةُ الْبَدَلِ تَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
(1)
أَلَّا يُسَمَّى مُطْلَقًا كَأَنْ يُقَالَ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ.
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْبَدَلِ الَّذِي لَيْسَ بِمَالٍ أَصْلًا كَقَوْلِك آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ بِهَذِهِ الْجِيفَةِ. لَكِنْ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟
(2)
كَوْنُ بَدَلِ الْإِجَارَةِ الْمُسَمَّى مَجْهُولًا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ
جَهَالَةَ الْكُلِّ، كَالْعِبَارَةِ عَنْ الْبَدَلِ بِكَذَا قِرْشًا أَوْ رَأْسَ غَنَمٍ أَوْ دِينَارًا فِي الْبِلَادِ الَّتِي تُتَدَاوَلُ فِيهَا دَنَانِيرُ مُخْتَلِفَةٌ (الْأَنْقِرْوِيّ) .
كَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ آخَرَ لِرَعْيِ غَنَمِهِ عَلَى أَنْ تَكُونَ أَوْلَادُهَا وَصُوفُهَا وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَنَافِعِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً لِجَهَالَةِ الْبَدَلِ كُلِّهِ (التَّنْقِيحُ) وَالْمَادَّةُ 566 مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
جَهَالَةُ الْبَعْضِ كَاسْتِئْجَارِ دَارِ بِمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ نَفَقَاتُ الْعِمَارَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَاسْتِئْجَارُ خَادِمٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُسْتَأْجِرُ كُسْوَتَهُ.
لِأَنَّ نَفَقَاتِ الْعِمَارَةِ وَالْكُسْوَةِ قَدْ جُعِلَتْ أُجْرَةً أَيْضًا وَمِقْدَارُهَا لَيْسَ مَعْلُومًا.
وَبِضَمِّ الْمَجْهُولِ إلَى الْمَعْلُومِ يُصْبِحُ مَجْمُوعُهُ مَجْهُولًا.
اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (563 و 564 و 565) .
(الْأَنْقِرْوِيّ رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَيْ إذَا كَانَ جَمِيعُ الْبَدَلِ أَوْ بَعْضُهُ مَجْهُولًا وَانْتَفَعَ بِالْمَأْجُورِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (471) يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَأْجُورُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا (الْخَيْرِيَّةُ) .
وَإِذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ مَثَلًا بِعَدَمِ تَسْمِيَةِ أَجْرٍ مُطْلَقًا. أَوْ بِكَوْنِ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ جِيفَةً أَوْ مَا شَابَهَهَا مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ مُطْلَقًا. أَوْ تَسْمِيَةِ بَدَلٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ نَفَقَاتُ الْعِمَارَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ (الْبَزَّازِيَّةُ) لَا أَجْرَ مِثْلٍ لَا يَتَجَاوَزُ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ تَجَاوُزُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى إذْ إنَّ الْمُسَمَّى مَفْقُودٌ هُنَا (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) .
مُسْتَثْنَى: إذَا بَيَّنَ الْمُؤَجِّرُ بَعْدَ أَنْ اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ بَدَلَ الْإِيجَارِ أَوْ قَبِلَ مِقْدَارًا مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مِقْدَارٍ زَائِدٍ عَنْ ذَلِكَ.
مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَابَّةً عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْمُؤَجِّرَ الْأُجْرَةَ الَّتِي يَطْلُبُهَا عِنْدَ الْوُصُولِ إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ فَطَلَبَ الْمُؤَجِّرُ عِنْدَ بُلُوغِ الْمَكَانِ (عِشْرِينَ قِرْشًا) فَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ إلَّا إذَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ عَنْ الْعِشْرِينَ فَلَا يُعْطِي غَيْرَهَا لِأَنَّهُ أَبْرَأَ ذِمَّةَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الزِّيَادَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ بُسْتَانِيًّا وَاسْتَخْدَمَهُ وَتُوُفِّيَ فَقَالَ وَصِيُّهُ لِلْبُسْتَانِيِّ ثَابِرْ عَلَى عَمَلِك وَأُجْرَتُك السَّابِقَةُ تَبْقَى كَمَا كَانَتْ وَبَعْدَ أَنْ اشْتَغَلَ مُدَّةً بَاعَ الْوَصِيُّ الْبُسْتَانَ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي ثَابِرْ عَلَى عَمَلِك فَلَا أَقْطَعُ أُجْرَتَك السَّابِقَةَ فَلِلْبُسْتَانِيِّ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِعَمَلِهِ فِي حَيَاةِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَأَجْرُ الْمِثْلِ مِنْ الْوَصِيِّ لِلْمُدَّةِ الَّتِي اشْتَغَلَهَا بَعْدَ قَبُولِهِ بِهَا وَأَجْرُ الْمِثْلِ كَذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْمُدَّةِ الَّتِي اشْتَغَلَ بِهَا بَعْدَ قَبُولِ هَذَا أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ وَالْمُشْتَرِي عَالِمَيْنِ بِالْأَجْرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَيْنَ الْبُسْتَانِيِّ وَالْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
عَدَمُ نَقْصِ أَجْرِ الْمِثْلِ عَنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى: إذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ لِلْعِلْمِ بِبَعْضِهَا وَالْجَهْلِ بِالْبَعْضِ الْآخَرِ فَقَطْ كَتَسْمِيَةِ مِائَةِ قِرْشٍ بَدَلًا لِلْإِيجَارِ عَلَى أَنْ تَكُونَ نَفَقَةُ الْعِمَارَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يُنْتَقَصُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى حَتَّى إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ الْمَعْلُومُ خَمْسِينَ قِرْشًا لَزِمَ مِائَةُ قِرْشٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ)
يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ:
1 -
قَدْ مَرَّ بَيَانُهُ آنِفًا وَصَارَ تَوْضِيحُهُ فِي الشَّرْحِ.
2 -
إنَّ الْإِجَارَةَ الَّتِي تُعْقَدُ عَلَى أَنْ لَا يَسْكُنَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ الْمَأْجُورَةَ فَاسِدَةٌ وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَنْقُصُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى. وَوَجْهُ فَسَادِ الْإِجَارَةِ فِي ذَلِكَ هُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ فَفِي ذَلِكَ نَفْعٌ لِلْمُؤَجِّرِ إذْ إنَّهُ لِعَدَمِ سُكْنَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا تَمْتَلِئُ الْبِئْرُ وَالْبَالُوعَةُ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْجُورِ حُفْرَةُ بَالُوعَةٍ وَمُتَوَضَّأٌ لَا تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ بِهَذَا الشَّرْطِ وَقَدْ جَاءَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ مَا يَأْتِي: وَوَجْهُهُ أَنَّ شَرْطَ عَدَمِ السُّكْنَى فِيهِ نَفْعٌ لِلْمُؤَجِّرِ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَقَدْ جَعَلَهُ مَعَ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى بَدَلَ الْإِجَارَةِ فَصَارَ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ أَجَرَ دَارِهِ بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يُرَمِّمَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَأَضْحَى بَعْضُ الْأَجْرِ مَجْهُولًا لِصَيْرُورَةِ الْأَجْرِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْأُجْرَةِ فَوَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ جَهَالَةَ الْبَعْضِ كَجَهَالَةِ الْكُلِّ، إنَّمَا فَسَدَ هَذَا الْعَقْدُ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لِرَبِّ الدَّارِ لَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْكُنْ فِيهَا لَا تَمْتَلِئُ الْبَالُوعَةُ وَالْمُتَوَضَّأُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ بَالُوعَةٌ أَوْ بِئْرُ وُضُوءٍ لَا تَفْسُدُ بِالشَّرْطِ لِعَدَمِ مَا قُلْنَا وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْوَارِدَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (460) سَبَبٌ آخَرُ لِلْفَسَادِ وَذُكِرَ أَنَّ الْإِجَارَةَ بِشَرْطٍ كَهَذَا هُوَ مَا مَنَعَ لِمُقْتَضَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ.
إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَارًا وَقَدْ سَمَّى الْبَدَلَ عَيْنًا مُعَيَّنَةً وَبَعْدَ أَنْ سَكَنَ فِي الدَّارِ هَلَكَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَاسْتَهْلَكَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ (الْهِنْدِيَّةُ، الْأَنْقِرْوِيّ، الْبَزَّازِيَّةُ) .
أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَفَسَادُ الْإِجَارَةِ لَيْسَ بِنَاشِئٍ عَنْ مَجْهُولِيَّةِ الْبَدَلِ وَإِنَّمَا هُوَ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ وُجُودِ بَعْضِ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ الْأُخْرَى مَعَ كَوْنِ الْبَدَلِ مَعْلُومًا وَذَلِكَ كَالشَّرْطِ الْفَاسِدِ أَوْ الشُّيُوعِ الْأَصْلِيِّ أَوْ جَهَالَةِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَذَلِكَ الِانْتِفَاعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ 471 فَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى (أَشْبَاهٌ) وَرِضَاءُ الْعَاقِدَيْنِ بِالْأَجْرِ الْمُسَمَّى دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى لِأَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ فَقَدْ أَسْقَطَا الزِّيَادَةَ فَالْإِسْقَاطُ وَإِنْ كَانَ فِي ضِمْنِ التَّسْمِيَةِ لَكِنْ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِهَا لِرِضَائِهِ بِسُقُوطِ الزِّيَادَةِ وَعَدَمِ تَقَوُّمِ الْمَنَافِعِ فِي نَفْسِهَا (الْكِفَايَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ)(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51)) .
أَجَلْ فَالْوَاقِعُ أَنَّ هَذَا الْإِسْقَاطَ وَقَعَ ضِمْنَ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (52) لَكِنْ بِمَا أَنَّ الْمَنَافِعَ فِي حَدِّ ذَاتِهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ فَالْإِسْقَاطُ لَا يَكُونُ بَاطِلًا أَوْ فَاسِدًا وَجَازَ تَنْقِيصُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْإِجَارَةُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (52) فَاسِدَةً فَقَدْ فَسَدَ مَا فِي ضِمْنِهَا وَهِيَ التَّسْمِيَةُ أَيْ تَعْيِينُ بَدَلِ الْإِيجَارِ (التَّنْوِيرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالشِّبْلِيُّ، وَالزَّيْلَعِيّ) .
وَقَدْ قَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ فِي الْكُلِّ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُتَقَوِّمَةٌ عِنْدَهُمَا فَتَجِبُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ عِنْدَ تَعَذُّرِ إيجَابِ الْمُسَمَّى كَمَا فِي بَيْعِ الْأَعْيَانِ. كَمَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ لِجَهَالَةِ الْأُجْرَةِ أَوْ لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ وَلَنَا أَنَّ الْمَنَافِعَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ بِنَفْسِهَا لِأَنَّ التَّقَوُّمَ يَسْتَدْعِي سَابِقِيَّةَ الْإِحْرَازِ وَمَا لَا بَقَاءَ لَهُ لَا يُمْكِنُ إحْرَازُهُ فَلَا يُتَقَوَّمُ وَإِنَّمَا تَقَوَّمَتْ بِالْعَقْدِ شَرْعًا لِضَرُورَةِ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَإِذَا لَزِمَ
تَتَقَوَّمُ فِي أَنْفُسِهَا وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى مَا قُوِّمَ الْعَقْدُ بِهِ وَسَقَطَ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا رَضِيَا بِإِسْقَاطِ ذَلِكَ (شَلَبِيّ) وَإِذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَجَبَ أَنْ لَا تَجِبَ الْأُجْرَةُ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْهَا كَافٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَاسِدِ إلَّا أَنَّ الْفَاسِدَ مِنْ كُلِّ عَقْدٍ مُلْحَقٌ بِصَحِيحِهِ لِكَوْنِهِ تَبَعًا لَهُ وَالتَّبَعُ يَثْبُتُ بِثُبُوتِ الْأَصْلِ.
وَهَذَا لِأَنَّ الْفَاسِدَ مَشْرُوعٌ بِأَصْلِهِ دُونَ وَصْفِهِ (الشَّلَبِيُّ) وَكَانَتْ بَاقِيَةً مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يَهْتَدِي إلَى الصَّحِيحِ فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى إلْحَاقِهَا بِهِ فَيَكُونُ لَا قِيمَةَ بِقَدْرِ مَا وُجِدَ فِيهِ شُبْهَةُ الْعَقْدِ وَهُوَ قَدْرُ الْمُسَمَّى.
فَيَجِبُ فِي الْمُسَمَّى بَالِغًا مَا بَلَغَ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى لَمْ يُوجَدْ فِيهِ عَقْدٌ وَلَا شُبْهَةٌ فَلَا يُتَقَوَّمُ وَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ بِنَفْسِهِ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَلَا نِهَايَةَ لِلْمَجْهُولِ وَلَا لِغَيْرِ الْمُسَمَّى فَيَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ (الزَّيْلَعِيّ) .
الْخُلَاصَةُ: يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ إذَا كَانَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى مُسَاوِيًا لِأَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَالْأَجْرُ الْمُسَمَّى إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ أَعْطَى الْمُسْتَأْجِرُ الْآجِرَ الْمُسَمَّى الَّذِي يَزِيدُ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ بِدَاعِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا زَادَ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 72)(عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
مَثَلًا: فَلَوْ كَانَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى اثْنَيْ عَشَرَ قِرْشًا وَأَجْرُ الْمِثْلِ اثْنَيْ عَشَرَ قِرْشًا أَيْضًا أَوْ كَانَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى خَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا وَأَجْرُ الْمِثْلِ اثْنَيْ عَشَرَ فَقَطْ لَزِمَ اثْنَا عَشَرَ قِرْشًا. وَلَوْ كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ اثْنَيْ عَشَرَ قِرْشًا وَالْأَجْرُ الْمُسَمَّى خَمْسَةَ قُرُوشٍ لَزِمَتْ الْخَمْسَةُ الْقُرُوشِ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
مُسْتَثْنَى: أَمَّا فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ اللَّذَيْنِ يُؤَجَّرَانِ إيجَارًا فَاسِدًا كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
أَيْ أَنَّهُ لَوْ آجَرَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ مَالَ الْيَتِيمِ أَوْ الْمُتَوَلِّي مَالَ الْوَقْفِ وَفَسَدَتْ الْإِجَارَةُ لِفِقْدَانِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ.
الْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
1 -
يَلْزَمُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى.
2 -
يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ.
3 -
يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا إذَا كَانَ فَسَادُ الْإِجَارَةِ نَاشِئًا مِنْ جِهَتَيْنِ أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً لِجَهَالَةِ الْبَدَلِ وَلِوُجُودِ شَرْطٍ فَاسِدٍ فِيهَا يُنْظَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُجْرَةِ إلَى الْفَسَادِ النَّاشِئِ عَنْ الصُّورَةِ الْأُولَى وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِلُزُومِ أَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى أَنْ يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ أَجْرٍ مُسَمًّى (الْبَحْرُ) .
كَذَلِكَ إذَا آجَرَ شَخْصٌ الْمُشَاعَ بِدُونِ تَسْمِيَةِ بَدَلِ إيجَارٍ لَهُ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِكَوْنِ الْمَأْجُورِ مُشَاعًا مِنْ جِهَةٍ وَالْبَدَلِ مَجْهُولًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى (الْحَمَوِيُّ) .
وَقَالَ الْحَمَوِيُّ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ تَفْسُدْ بِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى أَوْ بِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ بَلْ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالشُّيُوعِ الْأَصْلِيِّ أَوْ بِجَهَالَةِ الْوَقْتِ وَالْمُسَمَّى مَعْلُومٌ لَمْ يَزِدْ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَمَّى انْتَهَى.
وَإِذَا أُعْطِيت فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أُجْرَةٌ زَائِدَةٌ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ بِالْعِلْمِ وَالرِّضَاءِ لَا تُسْتَرَدُّ الزِّيَادَةُ.
فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ إذَا قُمْت بِالْخِدْمَةِ الْفُلَانِيَّةِ لِي فَإِنِّي أُكْرِمُك وَبَعْدَ أَنْ قَامَ بِهَا أَعْطَاهُ مِقْدَارًا زَائِدًا عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِرْدَادُهُ (الْفَيْضِيَّةُ) .