الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَنَةً بَعْدَ أَنْ أَجَّلَهُمَا شَهْرًا كَانَ الشَّهْرُ دَاخِلًا فِي السَّنَةِ وَيَنْتَهِي الْأَجَلُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَا يُعَدُّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ وَيَكُونُ الْأَجَلُ سَنَةً وَشَهْرًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحِلِّ الْمَزْبُورِ) .
[
(الْمَادَّةُ 656) الْمدين مُؤَجَّلًا لَوْ أَرَادَ الذَّهَاب إلَى دِيَار أُخْرَى وَرَاجَعَ الدَّائِن الْحَاكِم وَطَلَب كَفِيلًا]
(الْمَادَّةُ 656) :
الْمَدِينُ مُؤَجَّلًا لَوْ أَرَادَ الذَّهَابَ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى وَرَاجَعَ الدَّائِنُ الْحَاكِمَ وَطَلَبَ كَفِيلًا يَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ.
وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ رَهْنًا أَيْضًا. وَإِذَا لَمْ يُعْطِ الْمَدِينَ كَفِيلًا أَوْ رَهْنًا فَالْحَاكِمُ يَمْنَعُهُ عَنْ السَّفَرِ. وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَدِينُ حَالًّا. وَلَا يُقَالُ لِلدَّائِنِ: عَلَيْك أَنْ تَذْهَبَ إلَى حَيْثُ يَذْهَبُ الْمَدِينُ وَتُطَالِبَهُ بِالدَّيْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ. لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّائِنُ مُجْبَرًا عَلَى ذَلِكَ كَانَ لَهُ طَلَبُ نَفَقَاتِ السَّفَرِ فَضْلًا عَنْ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ. وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) .
وَكَمَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ عِدَّةِ كُفَلَاءَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ السَّفَرَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ كَفِيلٍ وَاحِدٍ، (التَّنْقِيحُ، الْأَنْقِرْوِيّ) .
كَذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْأَصِيلُ الذَّهَابَ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى فَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ السَّفَرِ بِقَوْلِهِ: (رُدَّ الدَّيْنَ إلَيَّ أَوْ إلَى الطَّالِبِ أَوْ خَلِّصْنِي مِنْ الْكَفَالَةِ بِإِبْرَاءِ الْمَكْفُولِ لَهُ إيَّايَ مِنْهَا) وَذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ بِأَمْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَكْفُلُ بِدُونِ أَمْرٍ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ مِنْ حَقٍّ فِي مُطَالَبَةِ الْأَصِيلِ. حَتَّى أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ مَعَهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي آخِرِ الْكَفَالَةِ) .
كَذَلِكَ لِلْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ أَنْ يَمْنَعَ الْأَصِيلَ عَنْ السَّفَرِ بِقَوْلِهِ: (سَلِّمْ نَفْسَك إلَى الطَّالِبِ وَخَلِّصْنِي مِنْ الْكَفَالَةِ) وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
[
(الْمَادَّةُ 657) لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَكْفِلْنِي عَنْ دَيْنِي الَّذِي هُوَ لِفُلَانٍ]
(الْمَادَّةُ 657) لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَكْفِلْنِي عَنْ دَيْنِي الَّذِي هُوَ لِفُلَانٍ فَبَعْدَ أَنْ كَفَلَ وَأَدَّى عِوَضًا بَدَلَ الدَّيْنِ بِحَسَبِ كَفَالَتِهِ لَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَصِيلِ يَرْجِعُ بِالشَّيْءِ الَّذِي كَفَلَهُ وَلَا اعْتِبَارَ لِلْمُؤَدَّى، وَأَمَّا لَوْ صَالَحَ الدَّائِنَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ يَرْجِعُ بِبَدَلِ الصُّلْحِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ مَثَلًا لَوْ كَفَلَ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ فَأَدَّاهَا زُيُوفًا رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ، وَبِالْعَكْسِ لَوْ كَفَلَ بِزُيُوفٍ وَأَدَّى جِيَادًا رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِزُيُوفٍ لَا بِجِيَادٍ وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَصَالَحَ عَلَى عُرُوضٍ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي كَفَلَهَا وَأَمَّا لَوْ كَفَلَ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَأَدَّى خَمْسَمِائَةٍ صُلْحًا رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِخَمْسِمِائَةٍ.
لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اُكْفُلْنِي أَوْ اضْمَنِّي عَنْ دَيْنِي الَّذِي لِفُلَانٍ فَقَدْ أَمَرَهُ بِكَفَالَتِهِ عَنْ دَيْنِهِ فَبَعْدَ أَنْ كَفَلَهُ وَأَدَّى ذَلِكَ الدَّيْنَ عَنْهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ وَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ وَاقِعَةً بِأَمْرِ الْأَصِيلِ
حَتَّى يُمْكِنَ الْكَفِيلُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي صُورَةِ الْأَمْرِ الَّذِي يُوجِبُ الرُّجُوعَ فَالْكَفَالَةُ الَّتِي تَقَعُ بِقَوْلِ الْمَدِينِ لِآخَرَ (اُكْفُلْنِي عَنْ دَيْنِي الَّذِي لِفُلَانٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا تَضَمُّنُهُ عَلَيَّ) تَكُونُ مُوجِبَةً لِلرُّجُوعِ فِي حَقِّ الطَّرَفَيْنِ. أَمَّا لَوْ قَالَ: اضْمَنْ دَيْنِي الَّذِي لِفُلَانٍ وَكَفَلَ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ الْأَمْرُ الرُّجُوعَ لِلْمُشَارِ إلَيْهِ مَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الرُّجُوعَ أَوْ طَلَبَ التَّبَرُّعِ فَلَا يَلْزَمُ الْأَمْرُ الْمَالَ مَا لَمْ يَكُنْ خَلِيطَ الْمَأْمُورِ.
لَكِنْ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الثَّانِي لَوْ قَالَ: اضْمَنْ دَيْنِي الَّذِي لِفُلَانٍ فَذَلِكَ يُوجِبُ الرُّجُوعَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ (عَنِّي) وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ لَوْ كَانَ خَلِيطًا رَجَعَ وَهُوَ الَّذِي فِي عِيَالِهِ مِنْ وَلَدٍ أَوْ وَالِدٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ أَجِيرِ الشَّرِيكِ شَرِكَةَ عَنَانٍ قَالَ فِي الْأَصِيلِ: وَالْخَلِيطُ أَيْضًا الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ وَيُدَايِنُهُ وَيَضَعُ عِنْدَهُ الْمَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكُلَّ يُعْطَى لَهُمْ حُكْمُ الْخَلِيطِ وَتَمَامُهُ فِيهِ، انْتَهَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِتَغْيِيرٍ مَا) وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ يُوَافِقُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الْمُشَارُ إلَيْهِ وَيُسْتَفَادُ مَسْأَلَتَانِ بِقَوْلِ الْمَجَلَّةِ إذَا أَدَّى: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ الدَّيْنَ بَعْدَ أَنْ أَدَّاهُ الْأَصِيلُ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِتَأْدِيَتِهِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَبْلَغِهِ مِنْ الدَّائِنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 97) وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ كَفَالَتُهُ بِأَمْرِهِ.
كَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَنْ يُؤَدِّي الدَّيْنَ مُتَبَرِّعًا؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ مُؤَدِّيًا الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ الْأَصِيلَ أَدَّاهُ مِنْ قَبْلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْأَنْقِرْوِيّ؛ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَطْلُبَ الدَّيْنَ مِنْ الْأَصِيلِ وَهُوَ لَمْ يُؤَدِّهِ وَإِنْ كَانَ كَفِيلًا بِالْأَمْرِ.
؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَمْلِكُ دَيْنَ الْمَكْفُولِ عَلَى أَنَّ الْأَصِيلَ بَعْدَ أَدَائِهِ وَلَيْسَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَوْ أَعْطَى الْأَصِيلُ إلَى الْكَفِيلِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَهُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ إلَى الْأَصِيلِ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّهِ الْكَفِيلُ إلَى الطَّالِبِ بَعْدُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْفِقْهِيَّةَ هِيَ: لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ شَيْئًا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ ذَلِكَ مِنْهُ مَا بَقِيَ ذَلِكَ الْغَرَضُ. وَلَمَّا كَانَ الْغَرَضُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَأْدِيَةَ الدَّيْنِ، فَقَدْ تَعَلَّقَ بِحَقِّ الْكَفِيلِ الَّذِي قَبَضَ الدَّرَاهِمَ وَمَا بَقِيَ ذَلِكَ الْغَرَضُ فَلَا تُسْتَرَدُّ الدَّرَاهِمُ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْأَصِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّيْنَ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ وَكَذَا إذَا أَجَّلَ الطَّالِبُ الدَّيْنَ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْكَفِيلُ كَفِيلًا بِأَمْرِ الْأَصِيلِ فَنَهْيُ الْأَصِيلِ عَنْ إعْطَاءِ الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ مُعْتَبَرٌ. أَمَّا إذَا لَمْ يُعْطِ الْأَصِيلُ ذَلِكَ بِقَصْدِ إعْطَائِهِ إلَى الطَّالِبِ وَأَعْطَاهُ عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعَادَتِهِ، بِقَوْلِهِ كَأَعْطَيْته إلَى الطَّالِبِ بِمُقْتَضَى كَفَالَتِي عَنْك. (الْأَنْقِرْوِيّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الدَّفْعُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ بِأَنْ قَالَ الْأَصِيلُ لِلْكَفِيلِ: خُذْ هَذَا الْمَالَ وَادْفَعْهُ إلَى الطَّالِبِ حَيْثُ لَا يَصِيرُ الْمُؤَدَّى مِلْكًا لِلْكَفِيلِ بَلْ هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ يَدِ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِالْمُؤَدَّى حَقُّ الطَّالِبِ وَهُوَ بِالِاسْتِرْدَادِ يُرِيدُ إبْطَالَهُ فَلَا يُمْكِنُ مِنْهُ مَا لَمْ يَقْضِ دَيْنَهُ (التَّنْقِيحُ فِي الْكَفَالَةِ) .
وَحَقُّ الْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ بَعْدَ التَّأْدِيَةِ هُوَ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ وَلَا دَخْلَ لَهُ بِالرَّهْنِ. مَثَلًا: لَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ بِدَيْنِ ذِي رَهْنٍ ذَلِكَ الدَّيْنَ وَاسْتَرَدَّ مِنْ الدَّائِنِ الرَّهْنَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ عِنْدَهُ كَرَهْنٍ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْحِلِّ الْمَزْبُورِ) .
كَذَا لَا دَخَلَ لِمَنْ يَكْفُلُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ بَعْدَ تَأْدِيَتِهِ إيَّاهُ فِي الْمَبِيعِ الَّذِي فِي يَدِهِ لِلْبَائِعِ وَلَمْ يُسَلَّمْ إلَى الْمُشْتَرِي أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَبِيعَ وَيُوقِفَهُ فِي يَدِهِ اسْتِنَادًا عَلَى الْمَادَّةِ (278) لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ (التَّنْقِيحُ) يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ (اُكْفُلْنِي عَنْ دَيْنِي) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي رُجُوعِ الْكَفِيلِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَنْ تَقَعَ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ.
وَالْأَمْرُ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا.
الْأَمْرُ الْحَقِيقِيُّ: هُوَ كَقَوْلِ الْمَدِينِ لِأَحَدٍ: اُكْفُلْنِي عَنْ دَيْنِي الَّذِي لِفُلَانٍ كَمَا جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ.
وَلْنُوَضِّحْ الْأَمْرَ الْحُكْمِيَّ بِأَمْثِلَةٍ ثَلَاثَةٍ:
الْمِثَالُ الْأَوَّلُ - كَكَفَالَةِ الْأَبِ بِمَهْرِ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ.
مَثَلًا لَوْ اُسْتُوْفِيَ الْمَهْرُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ وَفَاةِ الْأَبِ مِنْ تَرِكَتِهِ فَلِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ مُرَاجَعَةُ حِصَّةِ الِابْنِ الْمَذْكُورِ مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يُعَدُّ بِكَفَالَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ كَفِيلًا بِالْأَمْرِ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ. (فَإِنْ أَدَّى بِنَفْسِهِ فَإِنْ أَشْهَدَ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا)(رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا كَفَالَةُ الِابْنِ الْكَبِيرِ بِدُونِ أَمْرٍ فَتُعَدُّ تَبَرُّعًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ هَذِهِ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُرَاجِعَ الْأَصِيلَ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ وَقَبِلَتْ بِهِ الْمَجَلَّةُ آنِفًا وَلَوْ لَمْ يَشْرُطْ رُجُوعَ الْكَفِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْأَصِيلِ أَوْ لَمْ يَشْرُطْ ضَمَانَ الْأَصِيلِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ إذَا أَدَّاهُ الْكَفِيلُ.
وَإِذَا أَنْكَرَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ الْأَمْرَ فَلِلْكَفِيلِ إثْبَاتُ ذَلِكَ (الْبَزَّازِيَّةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ)(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) .
مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ بِأَمْرِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (672) وَبَعْدَ أَنْ أَدَّى الْبَدَلَ إلَى الْآجِرِ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَقَوْلُهُ: (دَيْنِي) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَفِيلَ بِالْأَمْرِ مَتَى أَدَّى مَا يَجِبُ عَلَى الْأَصِيلِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ.
وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ ذَلِكَ.
مَثَلًا لَوْ كَفَلَ بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ وَقَبْلَ أَنْ تَلْزَمَ الْمُسْتَأْجِرَ الْأُجْرَةُ أَدَّى الْكَفِيلُ بَدَلَ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ فِي الْحَالِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) وَسَنُوَضِّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْآتِي.
وَالْوَاقِعُ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِلَا أَمْرٍ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَهِيَ تَبَرُّعٌ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ (الدُّرَرُ) .
مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ أَحَدٍ بِلَا أَمْرِ الْمَدِينِ وَبَعْدَ أَنْ قَبِلَ الطَّالِبُ أَيْ الدَّائِنُ الْكَفَالَةَ عَنْهُ بِهَا عِنْدَ سَمَاعِهِ بِوُقُوعِهَا أَدَّى الْكَفِيلُ الدَّيْنَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ.
لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْوَاقِعَةَ بِمَا أَنَّهَا انْعَقَدَتْ عَلَى صُورَةٍ لَا تُوجِبُ الرُّجُوعَ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ وَقَوْلِ الْمَكْفُولِ لَهُ فَلَا تَنْقَلِبُ إلَى حَالَةٍ تُوجِبُ الرُّجُوعَ بَعْدُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ. وَرَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الْحَوَالَةِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْكَفَالَةِ) .
لَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَا يَرَيَانِ أَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ وَقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ.
أَمَّا الْإِمَامُ الثَّانِي فَبِمَا أَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ إيجَابِ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ مِنْ تَفْرِيقٍ
فِي هَذَا الْوَجْهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (621) أَيْ أَنَّهُ لَهُ حَقٌّ فِي الرُّجُوعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الثَّانِي.
الْمِثَالُ الثَّانِي - لَوْ أَنْكَرَ الْكَفِيلُ الْكَفَالَةَ وَأَثْبَتَ الْمَكْفُولُ لَهُ أَنَّهُ كَفِيلٌ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَحُكِمَ عَلَيْهِ فَأَدَّى الدَّيْنَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي طَلَبِ الرُّجُوعِ بَعْدَ إنْكَارِ الْكَفِيلِ الْكَفَالَةَ بِالْأَمْرِ تَنَاقُضٌ فَقَدْ عُفِيَ عَنْ هَذَا التَّنَاقُضِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1654)(رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
إلَّا أَنَّهُ إذَا كَذَّبَ الْكَفِيلُ الشُّهُودَ وَأَنْكَرَ كَفَالَتَهُ بِالْأَمْرِ بَعْدَ الْحُكْمِ أَيْضًا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بَعْدُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِنْكَارَ يُعَدُّ إبْرَاءً (الْبَهْجَةُ فِي فَصْلِ الدَّعْوَى فِي الْكَفَالَةِ وَمَا يُنَاسِبُهَا) .
قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّ الَّذِي يَأْمُرُ بِالْكَفَالَةِ هُوَ الْمَدِينُ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الَّتِي تَقَعُ بِأَمْرِ أَجْنَبِيٍّ فَهِيَ كَالْكَفَالَةِ الَّتِي تَقَعُ بِلَا أَمْرٍ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اُكْفُلْ عَنْ فُلَانٍ دَيْنَهُ الَّذِي لِفُلَانٍ. وَكَفَلَ الرَّجُلُ عَنْهُ بِالدَّيْنِ وَأَدَّى الْمَكْفُولَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يُعْطِيَ فُلَانًا كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَبِمَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِهِ وَبَعْدَ أَنْ أَعْطَى ذَلِكَ الشَّخْصُ كَفِيلًا عَنْ الْمَدِينِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ حُكِمَ عَلَيْهِ كَذَا قِرْشًا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مَعَ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُؤَاخِذَ الْوَكِيلَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إيجَابُ الْعَقْدِ وَلَا قَبُولُهُ وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْأَمْرِ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الْمَطْلُوبِ وَالْآمِرُ بِالْعَقْدِ لَا يُؤَاخَذُ بِحُقُوقِ الْعَقْدِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) .
وَأَمْرُ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ لَا حُكْمَ لَهُ وَلَيْسَ مُوجِبًا لِلرُّجُوعِ.
وَعَلَيْهِ لَوْ أَمَرَ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ أَحَدًا قَائِلًا (اُكْفُلْ دَيْنِي الَّذِي لِفُلَانٍ) وَقَبِلَ الرَّجُلُ وَأَوْفَى الدَّيْنَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ الْآمِرِ.
أَمَّا أَمْرُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ فَهُوَ كَأَمْرِ الْبَالِغِ مُعْتَبَرٌ وَمُوجِبٌ لِلرُّجُوعِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَفَالَةِ) وَأَمْرُ الْوَصِيِّ أَيْضًا مُوجِبٌ لِلرُّجُوعِ.
مَثَلًا لَوْ أَمَرَ الْوَصِيُّ أَحَدًا بِأَنْ يَكْفُلَ دَيْنَ الْمُتَوَفَّى وَكَفَلَهُ وَأَدَّاهُ حَسَبَ الْكَفَالَةِ فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ عَلَى مَالِ الْآمِرِ (آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ) .
الْمِثَالُ الثَّالِثُ - لَوْ ضَمِنَ الْوَصِيُّ دَيْنَ الْمُتَوَفَّى تُرَاجَعُ تَرِكَتُهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ) .
وَالْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ تَكُونُ مُوجِبَةً لِلرُّجُوعِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ لَازِمًا أَصَالَةً أَوْ كَفَالَةً مُطْلَقًا.
مَثَلًا لَوْ أَمَرَ الْأَصِيلُ أَحَدًا بِكَفَالَةِ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ الَّذِي لَزِمَتْ الْمُطَالَبَةُ بِالْمَبْلَغِ ذِمَّتَهُ وَبَعْدَ أَنْ كَفَلَ
هَذَا اسْتَوْفَى الطَّالِبُ دَيْنَهُ مِنْ الْكَفِيلِ الثَّانِي فَلِلْكَفِيلِ هَذَا الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الرَّابِعِ مِنْ الْكَفَالَةِ) .
إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ الْمُؤَجَّلَ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ حَالًّا - فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ.
كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِأُجْرَةٍ وَأَعْطَى الْكَفِيلُ الْأُجْرَةَ إلَى الْآجِرِ قَبْلَ أَنْ يَلْزَمَ الْمُسْتَأْجِرَ - إيفَاؤُهَا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ إلَّا عِنْدَ لُزُومِهَا إيَّاهُ وَوُجُوبِ أَدَائِهَا عَلَيْهِ (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 467 و 468 و 469 و 470) وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ ذَلِكَ، (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) .
إذَا نَقَلَ الْكَفِيلُ بِالْحِمْلِ الْحِمْلَ إلَى الْمَحِلِّ الْمَشْرُوطِ وَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ.
مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ الْآخَرَ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَتْ مِنْهُ دَابَّةٌ مُعَيَّنَةٌ لِنَقْلِ كَذَا إلَى الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ وَنَقَلَ الْكَفِيلُ الْحِمْلَ الْمَذْكُورَ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآجِرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ يَوْمَ النَّقْلِ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ.
وَالْحُكْمُ فِي كَفَالَةِ الْخِيَاطَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ)(اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 631) .
بَعْضُ مَسَائِلَ فِي عَدَمِ حَقِّ الرُّجُوعِ لِلْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ: لَيْسَ لِلْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا: لَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيلُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ عَنْهُ حَسَبَ الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَوْ وَهَبَهُ إلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي الرُّجُوعِ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى - إنَّ الْكَفِيلَ لَوْ أَدَّى الدَّيْنَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الطَّالِبِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) .
وَالْخُلَاصَةُ: هِيَ أَنَّ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ الْأَصِيلَ صَحِيحٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْكَفِيلُ قَدْ أَدَّى الدَّيْنَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدُ.
مَثَلًا لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ إبْرَاءً عَامًّا بَعْدَ أَنْ كَفَلَ عَنْهُ بِدَيْنٍ لِأَحَدِ النَّاسِ قَائِلًا: لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ مُطْلَقًا. وَبَعْدَ ذَلِكَ أَدَّاهُ إلَى الطَّالِبِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ مِثْلُ مَا وَجَبَ لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَ الْمُطَالَبَةَ إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ، وَلِهَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيلُ الْأَصِيلَ قَبْلَ الْأَدَاءِ صَحَّ (النَّتِيجَةُ، وَالْهِدَايَةُ) .
ثَانِيًا: لَوْ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ بِالْأَمْرِ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ.
بَرَاءَةُ الْإِسْقَاطِ، كَقَوْلِهِ لِلْكَفِيلِ: أَبْرَأْتُك أَوْ لِيَكُنْ الْمَكْفُولُ بِهِ لَك حَلَالًا وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ.
وَإِذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ فَلِلطَّالِبِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِذَلِكَ الْإِبْرَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ وَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ.
بَرَاءَةُ الِاسْتِيفَاءِ، كَقَوْلِهِ: أَخَذْت مِنْك الْمَالَ الْمَكْفُولَ بِهِ أَوْ بِمَا أَنَّك قَدْ أَدَّيْت الدَّيْنَ فَذِمَّتُك بَرِيئَةٌ وَمَا شَأْنُهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ.
إذَا وَقَعَ شَكٌّ فِي الْبَرَاءَةِ هَلْ وَقَعَتْ بِإِبْرَاءِ إسْقَاطٍ أَوْ بِإِبْرَاءِ اسْتِيفَاءٍ يُسْأَلُ الطَّالِبُ (أَيْ الْمُبْرِئُ) أَيُّهُمَا أَرَادَ وَيُقْبَلُ جَوَابُهُ فِي ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
ثَالِثًا: إذَا أَنْكَرَ الدَّائِنُ اسْتِيفَاءَ الدَّيْنِ وَكَانَ الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ إنْ أَوْفَاهُ إيَّاهُ فِي حُضُورِ الْأَصِيلِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ وَاسْتَوْفَاهُ مِنْ الْكَفِيلِ مَرَّةً أُخْرَى فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ لِتَأْدِيَتِهِ الدَّيْنَ مَرَّةً ثَانِيَةً.
أَمَّا لَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَأَدَّى الْأَصِيلُ الدَّيْنَ فِي حُضُورِ الْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ وَأَنْكَرَ الدَّائِنُ اسْتِيفَاءَهُ الدَّيْنَ وَحَلَفَ الْيَمِينَ وَاسْتَوْفَى الدَّيْنَ مَرَّةً ثَانِيَةً مِنْ الْكَفِيلِ فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِهَذَا الْأَدَاءِ الثَّانِي، (الْأَنْقِرْوِيّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ) .
رَابِعًا: إذَا ادَّعَى الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ أَدَاءَ الدَّيْنِ وَصَدَّقَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَاسْتَوْفَى الطَّالِبُ الدَّيْنَ مَرَّةً ثَانِيَةً مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ بَعْدَ إنْكَارِهِ أَخْذَهُ وَحَلِفِهِ الْيَمِينَ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ. إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَامَ الْكَفِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَدَائِهِ الدَّيْنَ قُبِلَتْ مِنْهُ وَإِذَا كَانَ الطَّالِبُ غَائِبًا فَتُقَامُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ فِي مُوَاجَهَةِ الْأَصِيلِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) .
وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ قَالَ لِلْمَأْمُورِ: إنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفًا فَبِعْهُ فَرَسَك بِهَا، كَانَ هَذَا جَائِزًا فَإِنْ بَاعَهُ الْفَرَسَ بِهَا ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ: بَاعَنِي إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْ الْفَرَسَ حَتَّى هَلَكَ فِي يَدِهِ، وَقَالَ الْآمِرُ وَالْبَائِعُ: لَا بَلْ قَبَضْته، فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ ثَبَتَ هَلَاكُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَذَلِكَ يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ فَيَبْطُلُ بِهِ حُكْمُ الْمُقَاصَّةِ وَكَانَ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى غَرِيمِهِ وَهُوَ الْآمِرُ وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ صَدَّقَهُ، أَمَّا لَوْ جَحَدَ الْآمِرُ قَبْضَ الطَّالِبِ فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ بَيِّنَةً عَلَى الْآمِرِ عَلَى قَبْضِ الطَّالِبِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَكُونُ هَذَا قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) .
وَلَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَصِيلِ وَكَانَ الْمُؤَدَّى هُوَ الشَّيْءَ الَّذِي كَفَلَ بِهِ رُجُوعٌ عَلَيْهِ بِالْمُؤَدَّى وَإِذَا كَانَ الْمُؤَدَّى غَيْرَ مَا كَفَلَ بِهِ رُجُوعٌ عَلَيْهِ بِالشَّيْءِ الَّذِي كَفَلَهُ وَلَا اعْتِبَارَ لِلْمُؤَدَّى أَيْ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى الْكَفِيلُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ شَيْئًا غَيْرَ الشَّيْءِ الَّذِي كَفَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِهِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الْكَفِيلِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ وَبِمَا أَنَّهُ يَكُونُ الْكَفِيلُ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ مَالِكًا لِلدَّيْنِ بَعْدَ أَدَائِهِ فَيَكُونُ كَالْكَفِيلِ الْأَصْلِيِّ فَكَمَا لِلدَّائِنِ الْأَصْلِيِّ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ فَلِلْكَفِيلِ أَيْضًا أَخْذُهُ. فَصَارَ كَمَا إذَا مَلَكَ الْكَفِيلُ الدَّيْنَ بِالْإِرْثِ بِأَنْ مَاتَ الطَّالِبُ وَالْكَفِيلُ وَارِثُهُ فَإِنَّمَا لَهُ عَيْنُهُ وَكَذَا إذَا وَهَبَ الطَّالِبُ الدَّيْنَ لِلْكَفِيلِ
فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَيُطَالِبُ بِهِ الْمَكْفُولَ بِعَيْنِهِ وَصَحَّتْ الْهِبَةُ مَعَ أَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لَا تَصِحُّ إلَّا مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلَيْسَ الدَّيْنُ عَلَى الْكَفِيلِ عَلَى الْمُخْتَارِ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ إذَا أَذِنَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَهُنَا بِعَقْدِ الْكَفَالَةِ سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ الدَّيْنَ بِالْأَدَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْحُكْمِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ: إذَا كَفَلَ أَحَدٌ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ الْقِيَمِيِّ وَبَعْدَ أَنْ أَوْفَاهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْكَفَالَةِ) .
وَأَمَّا لَوْ صَالَحَ الدَّائِنَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ كَأَنْ كَانَ الدَّيْنُ أَلْفَ مَجِيدِيٍّ.
صَالَحَ عَنْ ثَمَانِمِائَةٍ يَرْجِعُ بِبَدَلِ الصُّلْحِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمَدِينِ قَدْ بَرَأَتْ بِذَلِكَ الصُّلْحِ مِنْ الْبَاقِي وَسَقَطَ عَنْهُ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (1552) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَدَّى بَدَلَ الصُّلْحِ حَسَبَ الْكَفَالَةِ مَلَكَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ أَيْ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي ذِمَّةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَقَطْ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا سَقَطَ كَمَا سَيُوَضَّحُ قَرِيبًا.
وَإِذَا أَعْطَى مَالًا مِنْ جِنْسٍ آخَرَ بَدَلًا عَنْ بَدَلِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ يَرْجِعُ أَيْضًا بِبَدَلِ الصُّلْحِ وَلَيْسَ بِجِنْسِ ذَلِكَ الْمَالِ الْمُعْطَى أَوْ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ مَالٍ مِنْ جِنْسٍ غَيْرِ جِنْسِ بَدَلِ الصُّلْحِ مُعَاوَضَةً بَيْنَ الْكَفِيلِ وَالدَّائِنِ لَا دَخْلَ لِلْمَكْفُولِ عَنْهُ فِيهَا وَرِبْحُ وَخَسَارَةُ تِلْكَ الْمُعَاوَضَةِ عَلَى مَنْ يَتَوَلَّاهَا وَالشَّخْصُ الثَّالِثُ الَّذِي هُوَ الْمَدِينُ لَا يَنْتَفِعُ مِنْ هَذِهِ الْمُعَاوَضَةِ وَلَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ يَتَضَمَّنُ الْإِبْرَاءَ مِنْ الْبَاقِي وَإِسْقَاطَهُ فَلَا يَمْلِكُ الْكَفِيلُ الْبَاقِيَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْحَالُ أَنَّ حَقَّ رُجُوعِ الْكَفِيلِ نَاشِئٌ بِمَا يَمْلِكُ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ مِنْ الدَّيْنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَقَعْ الصُّلْحُ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ بَلْ وَقَعَ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ كَأَنْ تَصَالَحَ عَلَى دَيْنِ مِائَةِ مَجِيدِيٍّ بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ رَجَعَ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْفِقْرَتَيْنِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَتُسْتَفَادُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْهُمَا.
كَذَلِكَ لِلْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ إذَا تَصَالَحَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ يَهَبَهُ الدَّائِنُ الْبَاقِيَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (667) .
مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِأَمْرِ الْمَدِينِ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ وَأَدَّى الْمَكْفُولُ بِهِ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ رَجَعَ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ كَمَا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ. أَيْضًا إذَا أَدَّى زُيُوفًا وَلَيْسَ بِزُيُوفٍ وَبِالْعَكْسِ لَوْ كَفَلَ شَخْصٌ بِالْمَدِينِ بِزُيُوفٍ وَأَدَّى الْمَكْفُولَ بِهِ زُيُوفًا رَجَعَ عَلَيْهِ زُيُوفٌ كَمَا لَوْ أَدَّى جِيَادًا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا بِزُيُوفٍ وَلَيْسَ بِجِيَادٍ.
وَهَذَانِ الْمِثَالَانِ أَمْثِلَةٌ عَلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ.
كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ شَخْصٌ بِأَمْرِ الْمَدِينِ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَصَالَحَ عَلَى عُرُوضٍ كَالْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَكَالْحَيَوَانَاتِ وَالْعَقَارَاتِ وَالْأَمْتِعَةِ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَعْلُومَةِ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي كَفَلَهَا. وَلَيْسَ بِبَدَلِ الْأَشْيَاءِ الْمُؤَدَّاةِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ لَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ
مُبَادَلَةٌ وَيَعُودُ مَا يَنْشَأُ عَنْ هَذِهِ الْمُبَادَلَةِ مِنْ رِبْحٍ أَوْ خَسَارَةٍ عَلَى الْكَفِيلِ وَالدَّائِنِ اللَّذَيْنِ أَجْرَيَا الْمُبَادَلَةَ وَبِهَذِهِ الْمُبَادَلَةِ يَمْلِكُ الْكَفِيلُ مَا فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ مِنْ دَيْنٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ.
وَهَذَا الْمِثَالُ فَكَمَا أَنَّهُ مِثَالٌ لَلْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى حِدَةٍ فَهُوَ مِثَالٌ لَلْفِقْرَةِ (إذَا لَمْ يَقَعْ الصُّلْحُ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْهُ) الْوَارِدَةِ فِي الشَّرْحِ.
أَمَّا لَوْ كَفَلَ شَخْصٌ بِأَمْرِ الْمَدِينِ أَلْفَ قِرْشٍ وَأَدَّى خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ صُلْحًا، فَلَهُ أَخْذُ خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ صُلْحًا وَلَيْسَ جَمِيعَ الْأَلْفِ قِرْشٍ وَهَذَا الْمِثَالُ مِثَالٌ لِفَقَرَةِ (وَأَمَّا لَوْ صَالَحَ الدَّائِنَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ) .
مَسْأَلَةٌ أُولَى - لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ أَلْفَ قِرْشٍ وَكَفَلَ شَخْصٌ آخَرُ هَذَا الْمَبْلَغَ بِالْأَمْرِ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّاهُ وَتَصَادَقَ الدَّائِنُ وَالْمَدِينُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّائِنِ عَلَى الْمَدِينِ دَيْنٌ مُطْلَقًا يَرُدُّ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَبْلَغَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْكَفِيلِ إلَى الْمَدِينِ وَهُوَ يَرُدُّهُ إلَى الْكَفِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ) .
مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّاهُ إلَى الْبَائِعِ حَسَبَ الْكَفَالَةِ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ ضُبِطَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالِاسْتِحْقَاقِ وَالْكَفِيلُ غَائِبٌ يُنْظَرُ فَإِذَا رَجَعَ الْكَفِيلُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرِي أَيْضًا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِذَا كَانَ لَمْ يَرْجِعْ بَعْدُ فَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ مَا لَمْ يَحْضُرُ الْكَفِيلُ وَإِذَا حَضَرَ الْكَفِيلُ فَيَكُونُ مُخَيَّرًا فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مَا أَعْطَاهُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْبَائِعِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي دَيْنٌ، وَإِذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا فَلَيْسَ لَهُ الْعُدُولُ إلَى الْآخَرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ) .
مَسْأَلَةٌ ثَالِثَةٌ - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّاهُ حَسَبَ الْكَفَالَةِ إلَى الْبَائِعِ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ سَوَاءٌ أَرْجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يُرْجِعْ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَتْلَفْ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ إلَى الْبَائِعِ أَوْ كَانَ الرَّدُّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَلَا سَبِيلَ لِلْكَفِيلِ عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحِلِّ الْمَزْبُورِ) .
مَسْأَلَةٌ رَابِعَةٌ - إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ الدَّيْنَ وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَوْ أَرَادَ الْأَصِيلُ الِادِّعَاءَ عَلَى الْكَفِيلِ وَالطَّالِبُ غَائِبٌ بِبُطْلَانِ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ رِشْوَةٌ أَوْ قِمَارٌ أَوْ جِيفَةٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُؤْمَرُ الْأَصِيلُ بِتَأْدِيَةِ الْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الْكَفِيلِ وَبَعْدَ تَأْدِيَتِهِ إيَّاهُ.
فَإِذَا حَضَرَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ رِشْوَةٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَيْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ دَيْنٌ غَيْرُ صَحِيحٍ بَرِئَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ مَعًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْكَفَالَةِ) .
مَسْأَلَةٌ خَامِسَةٌ - يَجُوزُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (719) إعْطَاءُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ الْكَفِيلَ رَهْنًا وَإِذَا تَلِفَ