الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِجَوَازِهَا إلَى قِسْمَيْنِ:
قِسْمٌ يَقُولُ بِعَدَمِ لُزُومِهَا، وَقِسْمٌ يَقُولُ بِلُزُومِهَا.
فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ إذَا بَاعَ الْمُؤَجِّرُ الْمَأْجُورَ لِآخَرَ قَبْلَ حُلُولِ وَقْتِ الْإِجَارَةِ نَفَذَ الْبَيْعُ وَبَطَلَتْ الْإِجَارَةُ.
وَعَلَى الْقَوْلِ بِاللُّزُومِ لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيَجْرِي فِي الْإِجَارَةِ حُكْمُ الْمَادَّةِ 590 وَالْمَجَلَّةُ هِيَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ حَسَبَ قَوْلِهَا (وَتَلْزَمُ) وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ حُكْمَانِ:
1 -
كَوْنُ الْإِضَافَةِ فِي الْإِجَارَةِ صَحِيحَةً وَمُعْتَبَرَةً وَمُتَفَرِّعٌ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ:
إذَا قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: اسْتَأْجَرَتْكَ غَدًا لِتَخِيطَ لِي هَذَا الرِّدَاءَ فَخَاطَهُ لَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ صَحِيحَةٌ فِي الْإِجَارَةِ وَالْوَقْتُ الْمُضَافُ إلَيْهِ لَمْ يَحِلَّ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا.
2 -
لُزُومُ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ أَوْ بَيْعُ الْمَأْجُورِ، أَوْ هِبَتُهُ وَتَسْلِيمُهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ مَا آنَ وَقْتُهَا فَإِذَا بَاعَهُ، أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ؛ فَلَا يَنْفُذُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 590) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 114 أَنَّ الْإِجَارَةَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ لِكِلَا الطَّرَفَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً بِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ الْآنَ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا مُقَرَّرٌ فِي الْآتِي.
كَذَلِكَ لَوْ آجَرَ آخَرُ دَابَّتَهُ لِيَرْكَبَهَا فِي الْغَدِ ثُمَّ آجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ؛ فَلَا يَكُونُ الْإِيجَارُ الثَّانِي مُعْتَبَرًا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ 589 أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ عِنْدَ حُلُولِ الْوَقْتِ نَقْضُ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ.
صِحَّةُ إضَافَةِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ: فَكَمَا تَصِحُّ الْإِضَافَةُ فِي الْإِجَارَةِ تَصِحُّ فِي فَسْخِهَا فَلَوْ قَالَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ: قَدْ فَسَخْتُ الْإِجَارَةَ فِي ابْتِدَاءِ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ انْفَسَخَتْ فِي ابْتِدَاءِ ذَلِكَ الشَّهْرِ وَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْمَادَّةِ 494 (وَإِنْ قَالَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ: فَسَخْتُ الْإِجَارَةَ اعْتِبَارًا مِنْ الشَّهْرِ الْآتِي تَنْفَسِخُ عِنْدَ حُلُولِهِ) .
أَمَّا الْإِجَارَةُ الْمُعَلَّقَةُ؛ فَلَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ التَّمْلِيكِ عَلَى شَرْطٍ بَاطِلٌ، وَالْمَنْفَعَةُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْأُجْرَةُ مِنْ التَّمْلِيكِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ، الشِّبْلِيُّ، الْبَزَّازِيَّةُ) وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ لِآخَرَ: إذَا حَضَرَ فُلَانٌ فَقَدْ آجَرْتُكَ دَارِي؛ فَلَا حُكْمَ لِلْإِجَارَةِ وَلَوْ حَضَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 408) فَرْقٌ: بَيْنَ الْإِضَافَةِ وَالتَّعْلِيقِ: إنَّ التَّصَرُّفَ فِي صُورَةِ الْإِضَافَةِ إلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ يَنْعَقِدُ عَلَى أَنَّهُ سَبَبٌ لِلْحُكْمِ فِي الْحَالِ.
إلَّا أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ يَتَأَخَّرُ إلَى الزَّمَنِ الْمُضَافِ إلَيْهِ.
أَمَّا فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ فَهُوَ مَانِعٌ لِلِانْعِقَادِ فِي الْحَالِ بِصُورَةٍ تُوجِبُ الْحُكْمَ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ عِلَّةٌ لِلتَّصَرُّفِ.
[
(الْمَادَّةُ 441) الْإِجَارَةُ بَعْدَ مَا انْعَقَدَتْ صَحِيحَةً لَا يَسُوغُ لِلْآجِرِ فَسْخُهَا]
(الْمَادَّةُ 441) الْإِجَارَةُ بَعْدَ مَا انْعَقَدَتْ صَحِيحَةً لَا يَسُوغُ لِلْآجِرِ فَسْخُهَا بِمُجَرَّدِ ضَمِّ الْخَارِجِ عَنْ الْأُجْرَةِ لَكِنْ لَوْ آجَرَ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُتَوَلِّي عَقَارَ الْيَتِيمِ، أَوْ الْوَقْفِ بِأَنْقَصَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ.
لَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ الرُّجُوعُ فِي الْإِجَارَةِ النَّافِذَةِ اللَّازِمَةِ وَعَلَيْهِ فَالضَّمُّ عَلَى الْأُجْرَةِ أَوْ التَّنْزِيلُ
مِنْهَا لَا يَكُونُ سَبَبًا لِفَسْخِ الْإِجَارَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ وَارِدَةً عَلَى مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ، أَوْ عَلَى مَنَافِعِ الْإِنْسَانِ.
ضَمُّ الْأُجْرَةِ: مِثَالٌ لِمَا تَرِدُ عَلَى مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ: لَا يَسُوغُ لِلْآجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا صَحِيحَةً بِمُجَرَّدِ ضَمِّ الْخَارِجِ عَلَى الْأُجْرَةِ سَوَاءٌ كَانَ الضَّمُّ قَبْلَ مُرُورِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، أَوْ بَعْدَ مُرُورِ جُزْءٍ مِنْهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَأْجُورُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ وَلَوْ كَانَتْ مُضَافَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 443) .
مِثَالٌ: لَوْ آجَرَ مَزْرَعَتَهُ الَّتِي تَحْتَ تَصَرُّفِهِ بِمُوجَبِ سَنَدِ طَابُو مِنْ آخَرَ أَنْ يَزْرَعَهَا ثُمَّ فَسَخَ الْإِجَارَةِ؛ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ، الْأَشْبَاهُ، الْحَمَوِيُّ، عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
تَنْزِيلُ الْأُجْرَةِ: لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ مَحَلًّا مِلْكًا، أَوْ وَقْفًا بِخَمْسِينَ قِرْشًا فَنَزَلَتْ الْأُجْرَةُ إلَى ثَلَاثِينَ أَيْ نَقَصَ مِنْهَا عِشْرُونَ قِرْشًا؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِالْأَجْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّنْقِيحُ) .
كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ إذَا وَجَدَ دُكَّانًا مُمَاثِلَةً لِلدُّكَّانِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا، أَوْ أَحْسَنَ مِنْهَا بِأُجْرَةٍ أَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ تِلْكَ الدُّكَّانِ كَمَا لَوْ أَرَادَ الْمُؤَجِّرُ زِيَادَةَ الْأُجْرَةِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ؛ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عُدَّ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْذَارِ الَّتِي تُجِيزُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ لَمَا سَلِمَتْ إجَارَةٌ مَا مِنْ عُذْرٍ كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُسْتَأْجِرُ دَارًا وَأَرَادَ الِانْتِقَالَ إلَيْهَا؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 406) ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ آخَرَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 528) إلَّا أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ بَعِيرًا لِيَرْكَبَهُ إلَى مَحَلِّ كَذَا فَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ آخَرَ وَأَرَادَ رُكُوبَهُ؛ فَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ (اُنْظُرْ 551 و 587) الْبَزَّازِيَّةَ.
أَمْثِلَةٌ لِمَا يَرِدُ عَلَى مَنَافِعِ الْآدَمِيِّ: لَوْ سَلَّمَ رَجُلٌ رِدَاءً لِصَبَّاغٍ لِيَصْبُغَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ وَقَالَ أَعِدْ لِي الرِّدَاءَ وَلَا تَصْبُغْهُ فَلَمْ يَرُدَّهُ الصَّبَّاغُ وَتَلِفَ عِنْدَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ؛ فَلَا يَكُونُ الصَّبَّاغُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الَّتِي لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُهَا بِلَا عُذْرٍ بَاقِيَةٌ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَا تَصْبُغْهُ كَمَا فِي السَّابِقِ وَالتَّلَفُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إيجَارِ مَالِ الصَّغِيرِ وَالْوَقْفِ وَبَيْتِ الْمَالِ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ مِمَّنْ ذُكِرَ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ كَأَجْرِ الْمِثْلِ، أَوْ دُونَهُ فَالْإِيجَارُ الَّذِي يَقَعُ لِمَنْ ذُكِرَ إذَا كَانَ فَاحِشًا فَاسِدٌ وَالِاسْتِئْجَارُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ نَافِذٌ بِحَقِّ الْعَاقِدِ الْمُسْتَأْجِرِ.
إيضَاحٌ لِفَسَادِ الْإِيجَارِ: لَوْ آجَرَ وَصِيُّ الصَّغِيرِ، أَوْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ، أَوْ مَأْمُورُ بَيْتِ الْمَالِ عَقَارًا لِلْيَتِيمِ، أَوْ الْوَقْفِ، أَوْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ غَيْرِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ سَوَاءٌ كَانَ بِإِجَارَةٍ، أَوْ بِإِجَارَتَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ غَلَّةُ الْوَقْفِ مَشْرُوطَةً لِلْمُتَوَلِّي، أَوْ لِغَيْرِهِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَغَيْرُ قَابِلَةٍ لِلْإِجَارَةِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 258) وَإِذَا اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ أَمَّا إذَا أُجِرَتْ تِلْكَ الْأَمْوَالُ بِغَبَنٍ يَسِيرٍ؛ فَلَا تَكُونُ فَاسِدَةً لِذَلِكَ لَا يُؤْخَذُ الْمَالُ الْمَأْجُورُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ قَبْلِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ
الْحَمَوِيُّ) (بِخِلَافِ مَا لَوْ أُجِرَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَتَكُونُ صَحِيحَةً دُونَ اسْتِرْدَادِ شَيْءٍ) هَذَا إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْ ضَمَانِ النُّقْصَانِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 596) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مَنْقُولًا، أَوْ عَقَارًا وَإِلَّا؛ فَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ وَالْمُتَوَلِّيَ، أَوْ أَمِينَ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَالِ نُقْصَانُ أَجْرِ الْمِثْلِ.
فَلَوْ آجَرَ الْمُتَوَلِّي مَالَ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ وَالْآخَرُ أَجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْضًا فَإِكْمَالُ أَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي.
(وَقَالَ أَبُو السُّعُودِ فِي الْجَوَابِ يَضْمَنُ الْمُتَوَلِّي النِّصْفَ وَالْمُسْتَأْجِرُ النِّصْفَ الْآخَرَ عَلَى رِوَايَةٍ)(الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةُ) وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ، أَوْفَقُ.
أَمَّا الْفَتْوَى فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي (هَامِشِ الْأَنْقِرْوِيّ) فَلَوْ ادَّعَى أَحَدٌ وُقُوعَ هَذِهِ الْإِجَارَةِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ؛ فَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِهَا بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ وَالِادِّعَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا كَانَ مُتَّهَمًا بِالرَّغْبَةِ فِي اسْتِئْجَارِ الْمَأْجُورِ وَإِذَا كَانَ الْمُؤَجِّرَ كَانَ مُتَّهَمًا بِرَغْبَتِهِ فِي إيجَارِهِ مِنْ آخَرَ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْأَشْبَاهُ، الْحَمَوِيُّ، الْخَيْرِيَّةُ، الْكَفَوِيُّ) وَعَلَى ذَلِكَ يَجُوزُ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِ وَأَمَانَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ.
وَيَكْفِي عَلَى رَأْي الشَّيْخَيْنِ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِوُقُوعِ الْإِجَارِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ وَلَا اعْتِبَارَ لِقَوْلِ اثْنَيْنِ بِمُسَاوَاةِ الْأُجْرَةِ لِأَجْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ الْخَصْمِ وَقَدْ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْوَصِيِّ، أَوْ الْمُتَوَلِّي، أَوْ أَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَالِ وَإِجَارُ تِلْكَ الْأَمْوَالِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلْإِجَازَةِ فَلَوْ آجَرَ الْوَصِيُّ مَالًا لِلصَّبِيِّ مِنْ آخَرَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ ثُمَّ أَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ؛ فَلَا يَنْفُذُ.
يَتَرَتَّبُ عَلَى فَسَادِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ:
1 -
أَنْ يَفْسَخَ الْحَاكِمُ هَذِهِ الْإِجَارَةَ فَلَوْ وَقَعَتْ مِثْلُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فِي الْمَحْكَمَةِ فَعَلَى الْحَاكِمِ فَسْخُهَا ثُمَّ يُؤَجِّرُ الْمَالَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، أَوْ مَعَ الزِّيَادَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يُكَلَّفُ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ بِاسْتِئْجَارِهِ تَكْلِيفًا عَلَى كُلِّ حَالٍ (الْحَمَوِيُّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَلَا يُعْزَلُ الْمُتَوَلِّي إذَا كَانَ أَمِينًا وَكَانَ الْإِيجَارُ مِنْهُ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ غَفْلَةً وَسَهْوًا وَإِلَّا عُزِلَ مِنْ التَّوْلِيَةِ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ (الْكَفَوِيُّ) .
2 -
أَنْ يَفْسَخَ الْمُتَوَلِّي هَذِهِ الْإِجَارَةَ فَلَوْ أَجَرَ الْمُتَوَلِّي عَقَارًا، أَوْ غَيْرَهُ لِلْوَقْفِ مِنْ آخَرَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ؛ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَأَنْ يُؤَجِّرَهُ مِنْ غَيْرِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُقَالُ هُنَا (إنَّ سَعْيَهُ فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ 100) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ لَمْ تَتِمَّ لِكَوْنِهَا فَاسِدَةً.
3 -
أَنْ يَلْزَمَ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ إذَا انْقَضَتْ مُدَّتُهَا كُلُّهَا أَمَّا إذَا انْقَضَى بَعْضُهَا فَأَجْرُ الْمِثْلِ لِلْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَالْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِلْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ.
الْغَبَنُ الْفَاحِشُ وَالنُّقْصَانُ فِي الْإِجَارَةِ مَا كَانَ مِقْدَارَ الْخُمْسِ أَوْ أَكْثَرَ وَالْيَسِيرُ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْخُمْسِ فَالْوَاحِدُ مِنْ الْعَشَرَةِ غَبَنٌ يَسِيرٌ وَالِاثْنَانِ مِنْهَا غَبَنٌ فَاحِشٌ.
مَثَلًا: لَوْ أُجِرَ مَالٌ لِيَتِيمٍ يُسَاوِي اثْنَيْ عَشَرَ قِرْشًا بِأَحَدَ عَشَرَ فَذَلِكَ غَبَنٌ يَسِيرٌ وَإِذَا أُجِرَ بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ فَهُوَ غَبَنٌ فَاحِشٌ.
(الْأَنْقِرْوِيّ) .
مِثَالٌ لِلْإِجَارَتَيْنِ: لَوْ أَجَرَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لِآخَرَ بِنُقْصَانٍ فَاحِشٍ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ فَلَوْ تَعَيَّنَ مُتَوَلٍّ
غَيْرُهُ أَلْزَمَهُ أَنْ يُكَلِّفَ الْمُسْتَأْجِرَ بِإِكْمَالِ أَجْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ أَكْمَلَهُ فَبِهَا وَإِلَّا فَسَخَ الْإِجَارَةَ وَخَصَمَ مِنْ الْمَالِ الْمَأْخُوذِ مُعَجَّلًا مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمُدَّةُ الَّتِي انْتَفَعَ فِيهَا بِالْمَأْجُورِ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَرَدَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْبَاقِيَ وَأَجَرَ الْوَقْفَ مِنْ آخَرَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ.
إيضَاحٌ لِنَفَاذِ الِاسْتِئْجَارِ: إذَا اُسْتُؤْجِرَ مَالٌ لِلْيَتِيمِ، أَوْ لِلْوَقْفِ، أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَصِيُّ، أَوْ الْمُتَوَلِّي أَوْ أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ شَيْئًا لِلْيَتِيمِ، أَوْ الْوَقْفِ، أَوْ بَيْتِ الْمَالِ بِأَجْرٍ زَائِدٍ زِيَادَةً فَاحِشَةً عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ؛ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى الْوَصِيِّ، أَوْ الْمُتَوَلِّي، أَوْ أَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَمَّا الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ لَا تُخِلُّ بِالِاسْتِئْجَارِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُتَوَلِّي بَنَّاءً لِعِمَارَةِ الْوَقْفِ بِزِيَادَةٍ فَاحِشَةٍ وَأَدَّاهُ أُجْرَةً مِنْ مَالِ الْوَقْفِ؛ فَلَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَقْفِ وَإِنَّمَا تَنْعَقِدُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُتَوَلِّي فَيَكُونُ ضَامِنًا مَا أَعْطَى مِنْ الْأُجْرَةِ (الْأَنْقِرْوِيّ، وَالْكَفَوِيُّ) .
إذَا أَجَرَ الْوَقْفَ بِأُجْرَةٍ مُسَاوِيَةٍ لِأَجْرِ الْمِثْلِ فِي وَقْتِ الْإِيجَارِ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ الْأُجْرَةُ ارْتِفَاعًا فَاحِشًا وَتَزَايَدَتْ تَزَايُدًا كَبِيرًا عَنْ ذِي قَبْلِ فِي خِلَالِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَجَرَ الْمُتَوَلِّي عَقَارَ الْوَقْفِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ فَازْدَادَتْ أُجْرَةُ ذَلِكَ الْعَقَارِ بِحَيْثُ أَصْبَحَ يَرْغَبُ فِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ فَسَخَ الْمُتَوَلِّي الْإِجَارَةَ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ ذَلِكَ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي فَيَحْكُمُ بِفَسْخِهَا وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُتَوَلِّي وَالنَّاظِرُ عَنْ فَسْخِ ذَلِكَ؛ فَالْحَاكِمُ يَفْسَخُهُ (أَمَّا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُ وَإِيجَارُ الْمَالِ لِمَنْ أَرَادَ وَلَيْسَ تَكْلِيفُ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ شَرْطًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي ذَلِكَ) .
الضَّمُّ عَلَى الْأُجْرَةِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ، فِي صُورَةِ زِيَادَةِ أُجْرَةِ الْمَأْجُورِ بِنَفْسِهَا:.
إذَا أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْمَأْجُورِ أَبْنِيَةً وَزَادَ عَلَيْهِ بَعْضَ الزِّيَادَاتِ وَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ ارْتِفَاعُ أُجْرَتِهِ؛ فَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَضُمَّ عَلَى الْأُجْرَةِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَاتِ قَدْ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَّا إذَا لَمْ تَتَصَاعَدْ عَنْ الْأُجْرَةِ حَقِيقَةً بَلْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ أَشْخَاصٍ ذَوِي أَغْرَاضٍ؛ فَلَا يُلْتَفَتُ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ كَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ عِنَادٍ مِمَّنْ زَادُوا عَلَيْهِ قُبِلَتْ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ وَلَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ وَالزِّيَادَةُ الَّتِي تَكُونُ عَنْ عِنَادٍ وَتَعَنُّتٍ الَّتِي لَا يُقْبِلُ بِهَا إلَّا شَخْصٌ، أَوْ شَخْصَانِ.
(الْحَمَوِيُّ، التَّنْقِيحُ) .
هَذَا وَفِي الْحَالَةِ الَّتِي يَزْدَادُ فِيهَا بَدَلُ الْإِجَارَةِ ازْدِيَادًا فَاحِشًا يَفْسَخُهَا الْحَاكِمُ لَدَى مُرَاجَعَتِهِ وَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّتِهَا حَاكِمٌ حَنْبَلِيٌّ لِوُقُوعِهَا فِي الْأَوَّلِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ قَدْ يَكُونُ حَادِثَةً أُخْرَى لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا حُكْمٌ وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي أَجْرِ الْمِثْلِ وَقْتُ الْعَقْدِ.
وَعَلَيْهِ فَالِازْدِيَادُ فِي الْأُجْرَةِ الَّذِي ذُكِرَ سَابِقًا لَا يُوجِبُ الْفَسْخَ (الْحَمَوِيُّ، الْأَنْقِرْوِيّ) .
وَلَا يُوجَدُ فِي الْمَجَلَّةِ بَحْثٌ فِي هَذَا الْخُصُوصِ وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ (الْحَمَوِيُّ) .
وَالزِّيَادَةُ الْفَاحِشَةُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ مِقْدَارُ اثْنَيْنِ مِنْ عَشَرَةٍ وَعِنْدَ الْآخَرِينَ مِقْدَارُ النِّصْفِ مِنْ الْبَدَلِ الْأَوَّلِ وَقَدْ قَبِلَ الْعَلَّامَةُ (الْبِيرِيّ وَالْحَامِدِيُّ) الْقَوْلَ الثَّانِيَ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، التَّنْقِيحُ) .
مِثَالٌ لَوْ أَجَرَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَرْضًا لَهُ مِنْ آخَرَ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ اعْتِبَارًا مِنْ مُحَرَّمِ السَّنَةِ الْفُلَانِيَّةِ بِأَلْفِ قِرْشٍ سَنَوِيًّا وَهُوَ أَجْرُ الْمِثْلِ ثُمَّ فِي خِتَامِ السَّنَةِ الْأُولَى ازْدَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلسَّنَةِ الْوَاحِدَةِ فَصَارَ أَلْفَيْ قِرْشٍ؛ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْسَخْهَا؛ فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَلْفِ.
الْمُعَامَلَةُ الَّتِي تَجْرِي بَعْدَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِالزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ:
إذَا فَسَخَ الْمُتَوَلِّي، أَوْ الْقَاضِي إجَارَةَ الْوَقْفِ لِلزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ الْحَاصِلَةِ فِي الْأُجْرَةِ.
فَإِنْ كَانَ الْمَأْجُورُ خَالِيًا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَقْتَ الزِّيَادَةِ وَكَانَ كَالدَّارِ وَالْحَانُوتِ وَالْأَرَاضِي الْقِرَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَرَضَهُ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَكَلَّفَهُ بِاسْتِئْجَارِهِ مُجَدَّدًا مَعَ دَفْعِ الزِّيَادَةِ فَإِذَا قَبِلَ بِالزِّيَادَةِ الطَّارِئَةِ؛ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ إذْ بِقَبُولِهِ تِلْكَ الزِّيَادَةَ قَدْ زَالَ السَّبَبُ الدَّاعِي لِلْفَسْخِ مَعَ أَنَّ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لَمْ تَزَلْ بَاقِيَةً وَتَلْزَمُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِ قَبُولِهَا لَا مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ السَّابِقَةِ لِلْإِجَارَةِ يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَدْفَعُ عَنْ الْمُدَّةِ السَّابِقَةِ لِوَقْتِ الْفَسْخِ إلَّا الْأَجْرَ الْمُسَمَّى.
أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْمُسْتَأْجِرُ فَالْمُتَوَلِّي يُؤَجِّرُهُ مِنْ آخَرَ وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَأْجِرُ زِيَادَةَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَقَالَ: إنَّ الِادِّعَاءَ بِالزِّيَادَةِ إضْرَارٌ لَزِمَ إثْبَاتُ أَجْرِ الْمِثْلِ بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْقَوْلَ لِلْمُنْكِرِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الشَّيْءِ عَلَى حَالِهِ.
رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ (76 و 5)(رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَإِذَا كَانَ الْمَأْجُورُ مَشْغُولًا بِمِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ كَأَنْ كَانَ أَرْضًا وَفِيهَا زَرْعٌ لَهُ لَمْ يُدْرِكْ؛ فَلَا يُؤَجَّرُ لِغَيْرِهِ قَبْلَ حَصَادِ الزَّرْعِ سَوَاءٌ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، أَوْ لَا.
وَعَلَى ذَلِكَ فَتُضَمُّ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ وَيَلْزَمُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِلْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَ وَقْتِ الزِّيَادَةِ.
وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْمَأْجُورَةُ مَشْغُولَةً بِأَبْنِيَةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَغِرَاسِهِ وَمَا إلَيْهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تُعْلَمُ نِهَايَتُهَا؛ فَلَا يُؤَجَّرُ مِنْ غَيْرِهِ مَا دَامَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ بَاقِيَةً وَإِنَّمَا تُضَمُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ كَالْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ.
أَمَّا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ مُنْقَضِيَةً (فَتُؤَجَّرُ مُشَاهَرَةً إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الشَّهْرُ) .
فَإِذَا قُبِلَتْ الزِّيَادَةُ فَعَلَى الْمُتَوَلِّي إيجَارُهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَتَأْجِيرُهُ مِنْ غَيْرِهِ.
أَمَّا ضَمُّ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورُ إيضَاحُهُ فَإِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا قَبِلَ الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ، وَإِلَّا هُدِمَتْ الْأَبْنِيَةُ وَقُلِعَتْ الْغِرَاسُ وَأُجِرَ الْمَأْجُورُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَمَا مَرَّ مِنْ حُكْمِ الزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ فِي الْوَقْفِ لَا يَجْرِي فِي الْمِلْكِ وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ، مَثَلًا: لَوْ أَجَرَ عَقَارًا مَمْلُوكًا لَهُ مُدَّةَ سَنَةٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ شَهْرِيًّا وَفِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ ارْتَفَعَ أَجْرُهُ الْمِثْلَ إلَى ثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَيَطْلُبَ زِيَادَةً عَنْ مِائَةِ قِرْشٍ فِي الشَّهْرِ.
الْأَعْذَارُ الَّتِي لَا تُوجِبُ الْفَسْخَ:
1 -
الضَّمُّ عَلَى الْأُجْرَةِ.
2 -
التَّنْزِيلُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ هَذَيْنِ.
3 -
فِسْقُ الْمُسْتَأْجِرِ
أَيْ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إذَا ارْتَكَبَ الْمُسْتَأْجِرُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْجِيرَانِ فَسْخُهَا لِأَجْلِهِ وَإِنَّمَا لَهُمْ أَنْ يَنْهَوْهُ عَنْ ارْتِكَابِ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ.
وَلِوَلِيِّ الْأَمْرِ فَقَطْ إخْرَاجُهُ إذَا تَوَقَّفَتْ الْمَصْلَحَةُ عَلَيْهِ.
4 -
احْتِيَاجُ الْمُؤَجِّرِ إلَى الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ كَأَنْ انْهَدَمَتْ دَارُهُ الَّتِي يَسْكُنُهَا فَاحْتَاجَ إلَى سُكْنَى تِلْكَ الدَّارِ، أَوْ دُفِعَ لَهُ ثَمَنٌ كَبِيرٌ فِيهَا فَرَغِبَ فِي بَيْعِهَا؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ (الْبَزَّازِيَّة وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ الْأَنْقِرْوِيّ) .
5 -
إرَادَةُ الْمُؤَجِّرِ بَيْعَ الْمَأْجُورِ لِدَيْنٍ عَلَيْهِ:
فَلَوْ أَرَادَ الْمُؤَجِّرُ بَيْعَ الْمَأْجُورِ لِتَأْدِيَةِ دَيْنٍ لَاحِقٍ عَلَيْهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّ لَهُ إذَا لَمْ يَمْلِكْ سِوَاهَا أَنْ يُرَاجِعَ الْحَاكِمَ وَالْحَاكِمُ يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ فَيَبِيعُهُ وَيُؤَدِّي دَيْنَهُ؛ إذْ لَوْ لَمْ تُفْسَخْ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَتَضَرَّرَ الْمُؤَجِّرُ الْمَدِينُ بِالْحَبْسِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ ثَابِتًا بِإِقْرَارِ الْمُؤَجِّرِ، أَوْ لَا.
(اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 78) .
مُسْتَثْنًى: إذَا كَانَ بَدَلُ الْإِجَارَةِ الَّذِي قَبَضَهُ الْمُؤَجِّرُ يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ بِأَنْ كَانَ ثَمَنُهُ فِيمَا لَوْ بِيعَ مُوَازِيًا أُجْرَتَهُ الْمُعَجَّلَةَ؛ فَلَا يُبَاعُ (التَّنْقِيحُ) إذْ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (443) أَنْ يَحْبِسَ الْمَأْجُورَ لِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْإِيجَارِ؛ فَلَا فَائِدَةَ مِنْ الْبَيْعِ.
6 -
الرَّغْبَةُ فِي الِاشْتِغَالِ فِي عَمَلٍ آخَرَ: لَوْ أَرَادَ إنْسَانٌ بَعْدَ أَنْ أَجَرَ نَفْسَهُ مِنْ آخَرَ لِعَمَلٍ مَا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ الْعَمَلَ وَيَشْتَغِلَ فِي عَمَلٍ آخَرَ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ (وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَمَلُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِهِ وَهُوَ مَا يُعَابُ بِهِ كَانَ لَهُ الْفَسْخُ)(الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ) .
7 -
عُثُورُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى حَانُوتٍ أَقَلَّ أُجْرَةً مِنْ الْمَأْجُورِ:
إذَا عَثَرَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ أَنْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا لِعَمَلٍ مَا عَلَى حَانُوتٍ آخَرَ أَقَلَّ أُجْرَةً مِنْهُ، أَوْ أَكْثَرَ اتِّسَاعًا؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ مَا لَمْ يُرِدْ تَعَاطِيَ عَمَلٍ آخَرَ وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فِي الْحَانُوتِ الْمَأْجُورِ فَيَكُونَ لَهُ ذَلِكَ (التَّتَارْخَانِيَّة) .
8 -
إذَا اسْتَكْرَى جَمَلًا إلَى مَحَلٍّ فَأَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ الذَّهَابَ عَلَى بَغْلٍ؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ.
(الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ) .
9 -
إذَا عَزَمَ الْمُكَارِي عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ لِلسَّفَرِ؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ؛ إذْ يُمْكِنُهُ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الذَّهَابِ بِنَفْسِهِ أَنْ يَبْعَثَ بِخَادِمِهِ.
(مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
10 -
إذَا غَابَ الْمُؤَجِّرُ بَعْدَ تَأْجِيرِ عَقَارِهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَأْجُورِ وَإِنْ غَابَ الْمُؤَجِّرُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ) .
11 -
مَوْتُ مَنْ لَا يَكُونُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ وَاقِعًا لَهُ وَلَوْ كَانَ عَاقِدًا: كَمَا إذَا تُوُفِّيَ الْحَاكِمُ، أَوْ الْوَلِيُّ، أَوْ الْوَصِيُّ، أَوْ الْوَكِيلُ، أَوْ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِلصَّغِيرِ، أَوْ الْمُوَكِّلِ، أَوْ الْوَقْفِ؛ فَلَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ مُنْفَسِخَةً؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ وَالْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ لَمْ يَزَالَا بَاقِيَيْنِ (الزَّيْلَعِيُّ، وَالْهِنْدِيَّةُ) وَكَذَا لَا تَنْفَسِخُ إذَا كَانَ الْمُؤَجِّرُ فُضُولِيًّا وَتُوُفِّيَ بَعْدَ أَنْ أُجِيزَ الْإِيجَارُ أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَالْإِجَازَةُ بَاطِلَةٌ.
(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ