الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[
(الْمَادَّةُ 551) الدَّابَّةُ الَّتِي اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فُلَانٌ لَا يَصِحُّ إرْكَابُهَا غَيْرَهُ]
الْمَادَّةُ 551) الدَّابَّةُ الَّتِي اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فُلَانٌ لَا يَصِحُّ إرْكَابُهَا غَيْرَهُ وَإِنْ صَارَ إرْكَابُهَا وَتَلِفَتْ يَلْزَمُ الضَّمَانُ.
أَيْ أَنَّهُ إذَا اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فُلَانٌ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (549) لَا يَصِحُّ:
(1)
إرْكَابُهَا غَيْرَهُ.
(2)
إعَارَتُهَا لِآخَرَ.
(3)
إيدَاعُهَا عِنْدَ آخَرَ.
(4)
إرْدَافُ آخَرَ.
مِثَالٌ لِلْإِرْكَابِ: إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا هُوَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَهَا آخَرَ وَلَوْ كَانَ وَلَدًا صَغِيرًا أَخَفَّ مِنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ) .
لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الرُّكُوبِ فَصَحَّ التَّعَيُّنُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّاهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ (الْهِدَايَةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يُرْكِبهَا فُلَانًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَهَا غَيْرَهُ.
(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 427) أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيُحَمِّلَهَا حِمْلًا لَهُ فَلَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا حِمْلًا آخَرَ مِنْ جِنْسِهِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (426) .
وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ أَوْ أَعَارَهَا لِآخَرَ أَوْ أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ وَتَلِفَتْ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّقَيُّدَ مُفِيدٌ لِلْمُؤَجِّرِ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الرُّكُوبِ أَيْ فِي الْعِلْمِ بِالرُّكُوبِ فَرُبَّ خَفِيفٍ يَكُونُ رُكُوبُهُ أَضَرُّ عَلَى الدَّابَّةِ لِجَهْلِهِ وَرُبَّ ثَقِيلٍ لَا يَضُرُّ رُكُوبُهُ بِالدَّابَّةِ لِعِلْمِهِ فَيُعْتَبَرُ فَإِذَا خَالَفَ صَارَ مُتَعَدِّيًا فَيَضْمَنُ (الزَّيْلَعِيّ، وَالشَّلَبِيّ) .
حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا هُوَ وَبَعْدَ أَنْ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ أَنْزَلَهُ عَنْهَا وَرَكِبَهَا فَلَا يَخْلُصُ مِنْ الضَّمَانِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَفِي هَذِهِ الْحَال يُعَدُّ غَاصِبًا وَمُتَعَدِّيًا وَلَا يَخْلُصُ مِنْ حُكْمِ الْغَصْبِ إلَّا بِرَدِّ الدَّابَّةِ إلَى صَاحِبِهَا سَالِمَةً.
وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ إذَا أَرْكَبَ شَخْصًا الدَّابَّةَ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا هُوَ أَوْ شَخْصٌ مُعَيَّنٌ غَيْرُهُ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي حُكْمِ الْغَصْبِ وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (891) فِيمَا لَوْ تَلِفَتْ، وَلَكِنْ لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ سَوَاءٌ أَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ أَمْ لَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (86)) مَا لَمْ تَكُنْ الدَّابَّةُ مِنْ قَبِيلِ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (596)(عَبْدُ الْحَلِيمِ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ، وَالشَّلَبِيّ) .
وَفِي الْحَانُوتِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْعِدَ فِيهِ الْقَصَّارَ وَالْحَدَّادَ وَالطَّحَّانَ وَلَوْ أَقْعَدَهُ صَارَ مُخَالِفًا وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا إذَا عَطِبَتْ وَإِنْ سَلِمَ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَلِمَتْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يُوهِنُ الدَّارَ وَلَا يُشْبِهُ الدَّابَّةَ وَالثَّوْبَ (شَلَبِيّ) .
مِثَالٌ لِلْإِيدَاعِ: إذَا اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا هُوَ وَسَلَّمَهَا لِأَجِيرِهِ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا فَعَطِبَتْ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ) .
كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِنَفْسِهِ فَأَرْكَبَهَا آخَرَ وَجَعَلَ نَفْسَهُ رَدِيفًا أَيْ رَكِبَ خَلْفَهُ عَلَى الدَّابَّةِ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا عَلَى قَوْلٍ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَ الِاثْنَيْنِ مَعًا أَوْ لَمْ تَكُنْ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَصْبَحَ غَاصِبًا بِرَفْعِ يَدِهِ عَنْ الدَّابَّةِ وَجَعْلِهِ إيَّاهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَيَضْمَنُ النِّصْفَ فَقَطْ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ
رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَالَ الْحَدَّادِيُّ لَوْ جَعَلَ الْمُسْتَأْجِرُ نَفْسَهُ رَدِيفًا وَغَيْرَهُ أَصْلًا؛ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ يَعْنِي ضَمِنَ النِّصْفَ كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ (الطُّورِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا) .
تَوْضِيحٌ لِلْإِرْدَافِ: إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِرُكُوبِهِ وَرَكِبَهَا وَأَرْدَفَ آخَرَ خَلْفَهُ فَقَوِيَتْ الدَّابَّةُ عَلَى حَمْلِهِمَا وَلَمْ تُصَبْ بِأَذًى فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْأَجْرِ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ عَلَيْهِ زِيَادَةُ الْأُجْرَةِ فِي مُقَابِلِ إرْدَافِهِ ذَلِكَ الشَّخْصَ، لَكِنْ إذَا عَطِبَتْ الدَّابَّةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْإِرْدَافِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ رَجُلًا أَوْ كَانَ صَبِيَّا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَمْسِكَ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ وَيَسُوقَهَا بِنَفْسِهِ؛ لَزِمَ ذَلِكَ الشَّخْصَ الضَّمَانُ سَوَاءٌ أَرْدَفَهُ كُلَّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضَهَا (الطُّورِيُّ) .
وَهُنَا لَا يُنْظَرُ إلَى ثِقَلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَرَدِيفِهِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى أَنَّ رُكُوبَ أَحَدِهِمَا قَدْ أُذِنَ فِيهِ وَرُكُوبَ الْآخَرِ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ وَبِذَلِكَ يَلْزَمُ ضَمَانُ نِصْفِ قِيمَةِ الدَّابَّةِ فَقَطْ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي هَذَا الثِّقَلُ وَالْخِفَّةُ إذْ رُبَّ خَفِيفٍ فِي الْوَزْنِ ثَقِيلٌ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ وَثَقِيلٍ فِي الْوَزْنِ خَفِيفٌ عَلَيْهَا كَمَا قُلْنَا فِي إحْدَى الْمَوَادِّ السَّابِقَةِ.
وَبِمَا أَنَّ الْآدَمِيَّ غَيْرُ مَوْزُونٍ فَلَا تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِالْوَزْنِ فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْعَدَدِ (الطُّورِيُّ) حَتَّى إنَّهُ إذَا جُرِحَ رَجُلٌ جِرَاحَةً وَاحِدَةً وَالْآخَرُ عَشْرُ جِرَاحَاتٍ خَطَأً فَمَاتَ فَالدِّيَةُ بَيْنَهُمَا - أَنْصَافًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَكُونُ جِرَاحَةٌ وَاحِدَةٌ أَكْثَرَ تَأْثِيرًا مِنْ عَشْرِ جِرَاحَاتٍ؛ فَلِذَلِكَ سَقَطَ اعْتِبَارُ الثِّقَلِ لِمَا ذُكِرَ وَاعْتُبِرَ عَدَدُ الرَّاكِبِ كِفَايَةٌ.
سُؤَالٌ: فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ كُلَّ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا بِنَفْسِهِ وَفِي مِثْلِهِ لَوْ أَرْكَبَ غَيْرَهُ عَلَيْهِ ضَمَانُ كُلِّ الْقِيمَةِ وَهَهُنَا وُجِدَ إرْكَابُ الْغَيْرِ مَعَ رُكُوبِ نَفْسِهِ.
فَرُكُوبُهُ بِنَفْسِهِ إنْ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ زِيَادَةَ ضَمَانٍ عَلَى ضَمَانِ الْإِرْكَابِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوجِبَ نُقْصَانَ ضَمَانِ نَفْسِهِ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ مَعَ الضَّمَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَهُنَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الضَّمَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْأَجْرِ؟ .
الْجَوَابُ - قُلْنَا: إنَّمَا يَنْتَفِي الْأَجْرُ عِنْدَ وُجُودِ الضَّمَانِ إذَا مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَجْرَ فِي مِلْكِهِ وَهَهُنَا لَمْ يَمْلِكْ بِهَذَا الضَّمَانِ شَيْئًا مِمَّا شَغَلَهُ بِرُكُوبِ نَفْسِهِ وَجَمِيعُ الْمُسَمَّى بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ.
وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا شَغَلَهُ غَيْرُهُ وَلَا أَجْرَ بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ لِيَسْقُطَ عَنْهُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الضَّرَرَ فِي الدَّابَّةِ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ ثِقَلِ الرَّاكِبِ وَخِفَّتِهِ فَلِهَذَا تَوَزَّعَ الضَّمَانُ نِصْفَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَمَّا سَأَلَ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ ضَمَانُ نِصْفٍ وَقَدْ مَلَكَ نِصْفَ الدَّابَّةِ مِنْ حِينِ ضَمِنَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ نِصْفُ الْأَجْرِ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ وَفِي مِثْلِهِ لَوْ أَرْكَبَ غَيْرَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ كُلِّ الْقِيمَةِ أَنَّهُ إذَا أَرْكَبَ غَيْرَهُ فَهُوَ مُخَالِفٌ فِي الْكُلِّ وَإِذَا رَكِبَهَا بِنَفْسِهِ فَهُوَ مُوَافِقٌ فِيمَا شَغَلَهُ بِنَفْسِهِ، مُخَالِفٌ فِيمَا شَغَلَهُ بِغَيْرِهِ (شَلَبِيّ) .
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ صَغِيرًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَوْ كَانَ الرَّدِيفُ مَتَاعًا فَلَا يَضْمَنُ إلَّا بِمِقْدَارِ ثِقَلِهِ أَيْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ رَأْيُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي تَأْثِيرِ ثِقَلِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَتَاعِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ وَعَلَى هَذَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ بِنِسْبَتِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَرْكَبْ مَوْضِعَ الْحِمْلِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَضْمَنُ كُلَّ الْقِيمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) .