الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي بَيَانِ الضَّمَانَاتِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ] [
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمَوَادِّ الْمُتَعَلِّقَةِ بِلُزُومِ ضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ وَعَدَمِهِ]
ٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمَوَادِّ الْمُتَعَلِّقَةِ بِلُزُومِ ضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ وَعَدَمِهِ أَيْ إنَّ مَوْضُوعَ هَذَا الْفَصْلِ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ، أَمَّا الْمَوَادُّ الْمُتَعَلِّقَةُ بِضَمَانِ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ، وَضَمَانِ زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ فَسَتَأْتِي فِي الْكِتَابِ الثَّامِنِ (الْمَادَّةُ 596) لَوْ اسْتَعْمَلَ أَحَدٌ مَالًا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْغَصْبِ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاءُ مَنَافِعِهِ، وَلَكِنْ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ صَغِيرٍ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ أَيْ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ أَيْ أَجْرَ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ، أَوْ عَقْدٍ. مَثَلًا لَوْ سَكَنَ أَحَدٌ فِي دَارِ آخَرَ مُدَّةً بِدُونِ عَقْدِ إجَارَةٍ لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ لَكِنْ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ وَقْفًا أَوْ مَالَ صَغِيرٍ، فَعَلَى كُلِّ حَالٍ تَلْزَمُهُ يَعْنِي إنْ كَانَ ثَمَّ تَأْوِيلُ مِلْكٍ وَعَقْدٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ الْمُدَّةَ الَّتِي سَكَنَهَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ دَارَ كِرَاءٍ، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ تَأْوِيلُ مِلْكٍ وَعَقْدٍ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَعْمَلَ أَحَدٌ دَابَّةَ الْكِرَاءِ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ. مَنَافِعُ الْمَغْصُوبِ لَيْسَتْ مَضْمُونَةً. أَيْ إنَّهُ لَوْ اسْتَعْمَلَ أَحَدٌ مَالًا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَاسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهُ أَوْ عَطَّلَهَا أَيْ إنَّهُ أَخَذَ الْمَالَ وَأَمْسَكَهُ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ وَمَنَعَ بِذَلِكَ صَاحِبَ الْمَالِ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ غَصْبِ الْمَنَافِعِ، لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ الْمَغْصُوبَةِ، أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ أُجْرَةٍ مُقَابِلَ انْتِفَاعِهِ بِهِ، وَلَكِنْ إذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى الْمَالِ بِاسْتِعْمَالِ إيَّاهُ وَاسْتَهْلَكَ بَعْضَ أَجْزَاءِ الْعَيْنِ لَزِمَهُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَالْأَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةُ مُتَّفِقُونَ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْمَنْفَعَةِ فِي هَذَا، أَمَّا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فَيَرَى أَنَّ مَنَافِعَ الْمَغْصُوبِ مَضْمُونَةٌ كَأَعْيَانِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْغَصْبِ) . يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ ضَمَانُ مَنَافِعِ الْمَغْصُوبِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَالُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَيَثْبُتُ عَدَمُ لُزُومِ ضَمَانِ الْمَنَافِعِ بِدَلِيلَيْنِ:
أَوَّلًا: بِمَا أَنَّ الضَّمَانَ يَلْزَمُ بِسَبَبِ الْغَصْبِ وَحَيْثُ لَا يَمْتَنِعُ أَنَّ الْأُجْرَةَ وَالضَّمَانَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ " 86 "، فَلَا تُعْطَى الْأُجْرَةُ.
ثَانِيًا: لَيْسَ مِنْ مُمَاثَلَةٍ بَيْنَ الْمَنَافِعِ وَالْمَالِ أَيْ النُّقُودَ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَمَّا كَانَتْ أَعْرَاضًا لَيْسَ لَهَا بَقَاءٌ، فَلَيْسَتْ مُتَقَوِّمَةً لِذَاتِهَا وَإِنَّمَا بِضَرُورَةِ وُرُودِ الْعَقْدِ. فَيُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْعُدْوَانِ الْمُمَاثَلَةُ.
وَقَدْ وَرَدَتْ بِالنَّصِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ بِالْإِجْمَاعِ ضَمَانُ الْمَنَافِعِ بِالْمَنَافِعِ (شَرْحُ الْمَجَامِعِ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ فِي الْغَصْبِ) . وَبِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْأَدِلَّةِ كَانَ مِنْ اللَّازِمِ عَدَمُ لُزُومِ ضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ لِمَالِ الْوَقْفِ أَوْ مَالِ الْيَتِيمِ، وَلَكِنْ جَوَّزَ الْفُقَهَاءُ الْمُتَأَخِّرُونَ تَضْمِينَ مَنَافِعِهَا اسْتِحْسَانًا لِمَا رَأَوْهُ مِنْ طَمَعِ النَّاسِ فِي أَمْوَالِ الْأَوْقَافِ وَالْأَيْتَامِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) مَتْنًا وَشَرْحًا.
وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ فُقَهَاءَنَا الْمُتَأَخِّرِينَ قَدْ أَخَذُوا فِي جَوَازِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ دُونَ أَقْوَالِ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ وَلِلْمَنَافِعِ قِيمَةٌ كُبْرَى فِي هَذَا الزَّمَانِ، كَمَا لَوْ أَنْشَأَ أَحَدٌ بِنَفْسِهِ قَصْرًا لِلِاصْطِيَافِ وَكَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ السَّنَوِيِّ لِهَذَا الْقَصْرِ سَبْعِينَ جُنَيْهًا فَانْتَهَزَ شَخْصٌ آخَرَ غِيَابَ صَاحِبِ الْقَصْرِ وَسَكَنَهُ مُدَّةَ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ غَصْبًا، فَعَلَى رَأْيِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرٌ. أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيَلْزَمُهُ، وَبِمَا أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ قَالُوا بِضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ فِي مَالِ الْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ فَيَجِبُ عَلَى فُقَهَاءِ عَصْرِنَا هَذَا أَنْ يَتَشَاوَرُوا وَيَتَّخِذُوا قَرَارًا بِخُصُوصِ قَبُولِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي عُمُومِ مَنَافِعِ الْأَمْوَالِ وَأَنْ يُسْتَحْصَلَ عَلَى إرَادَةٍ سُنِّيَّةٍ بِالْعَمَلِ بِهِ. وَلَزِمَ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ فِيمَا هُوَ مُعَدٌّ لِلِاسْتِغْلَالِ إنَّمَا لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ يَقُومُ مَقَامَ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ.
جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ " لَوْ اسْتَعْمَلَ أَحَدٌ إلَخْ " فَعَلَيْهِ إذَا اسْتَعْمَلَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ بِالذَّاتِ أَوْ أَجَّرَهُ مِنْ آخَرَ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ، فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ مِنْ مُقَابِلٍ، وَلَيْسَ لَهُ تَعَرُّضٌ لِمَا أَخَذَ الْغَاصِبُ مِنْ الْأُجْرَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (447) مَتْنًا وَشَرْحًا. وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْمَالُ وَقْفًا فَيَجْرِي فِيهِ عَلَى مَا سَيَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (598) ، وَلَكِنَّ الْمَالَ الَّذِي اُسْتُعْمِلَ هَكَذَا غَصْبًا أَوْ عُطِّلَ إذَا كَانَ وَقْفًا أَوْ مَالًا لِصَغِيرٍ فَعَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ أَوْ لَا يَجِبُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ فَيَلْزَمُ أَيْضًا
ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ أَيْ أَجْرُ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَكُنْ الْغَاصِبُ مُسْتَعْمِلًا لَهُ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ يَكُونُ ذَلِكَ فِي مَقَامِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ أَيْ كَأَنْ يَكُونَ الْمُؤَجِّرُ قَدْ آجَرَهُ لِلْمُسْتَعْمِلِ وَأَنَّ اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ الشَّخْصِ لِذَلِكَ الْمَالِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ التَّعَهُّدِ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ وَقَبُولِهِ عَقَدَ الْإِيجَارِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ فِي هَذَا الْعَقْدِ الَّذِي وَقَعَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ بَدَلَ إيجَارٍ لَزِمَ أَدَاءُ أَجْرِ الْمِثْلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (450)(رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ عَدَمِ ضَمَانِ مَنَافِعِ الْمَغْصُوبِ.
أَوَّلًا: لَوْ سَكَنَ أَحَدٌ فِي دَارِ آخَرَ مُدَّةً بِدُونِ عَقْدِ إجَارَةٍ، فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ لَكِنْ إذَا سَكَنَ الدَّارَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَعْطَى أُجْرَةَ الْمُدَّةِ الَّتِي سَكَنَهَا، فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا.
ثَانِيًا: إذَا اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا فُلَانًا وَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ، فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ دَوَابِّ الْأُجْرَةِ.
ثَالِثًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لَمْ تَكُنْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ وَأَنْكَرَ الْإِجَارَةَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، فَلَا تَلْزَمُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أُجْرَةُ الطَّرِيقِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ الْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّهُ يُصْبِحُ حِينَئِذٍ غَاصِبًا بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (901) ، أَمَّا أُجْرَةُ الطَّرِيقِ الَّتِي قَطَعَهَا قَبْلَ الْإِنْكَارِ فَتَلْزَمُهُ، وَلَوْ أَنَّ الْمَأْجُورَ هَلَكَ بَعْدَ الْإِنْكَارِ، وَلَا يَكُونُ اجْتَمَعَ الْآجِرُ وَالضَّمَانُ لِاخْتِلَافِ الْوُجْهَةِ.
رَابِعًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا مِنْ آخَرَ شَهْرًا وَبَقِيَ سَاكِنًا فِي الدَّارِ لِغِيَابِ الْمَالِكِ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّهْرِ، فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ تِلْكَ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْ الدَّارَ تِلْكَ السَّنَةِ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ.
خَامِسًا: إذَا غَابَ أَحَدٌ بَعْدَ أَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرًا وَتَرَكَ عِيَالَهُ فِي الدَّارِ وَبَقُوا سَاكِنِينَ فِي تِلْكَ الدَّارِ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْعَائِلَةَ لَمْ تَسْتَأْجِرْ الدَّارَ.
سَادِسًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ مَزْرَعَةً فِي الْقَفْرِ وَلِقِلَّةِ الْأَمْطَارِ لَمْ يَنْبُتْ زَرْعُهَا أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَنَبَتَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَجَمِيعُ الزَّرْعِ كُلُّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1246) ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ طَلَبُ الْأُجْرَةِ بِدُونِ عَقْدٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ نُقْصَانَ الْأَرْضِ.
سَابِعًا: إذَا آجَرَ شَخْصٌ دَارِهِ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَدَلُ إيجَارِهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا قِرْشًا وَبِأَثْنَاءِ الشَّهْرِ بَاعَ الْمُؤَجِّرُ دَارِهِ مِنْ آخَرَ وَبَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ سَاكِنًا فِي الدَّارِ بِلَا عَقْدٍ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ مَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ كَانَتْ مِمَّا يُوجِبُ حُكْمَ الْفِقْرَةِ الِاسْتِثْنَائِيَّة مِنْ الْمَادَّةِ (472) .
ثَامِنًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا الْيَوْمَ إلَى الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ فَلَمْ يَذْهَبْ بِهَا الْيَوْمَ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ وَذَهَبَ بِهَا فِي الْغَدِ، فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى (الْخَانِيَّةُ فِي ضَمَانِ مَنْفَعَةِ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ) . أَمَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ مَالًا مَوْقُوفًا، أَوْ مَالًا لِصَغِيرٍ فَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ أَكَانَ
هُنَاكَ تَأْوِيلُ مِلْكٍ، كَمَا فِي الْمَادَّةِ (597) أَوْ تَأْوِيلُ عَقْدٍ، كَمَا فِي الْمَادَّةِ (589) أَوْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ أَسْكَنَهُ فِيهَا الْمُتَوَلِّي بِدُونِ أُجْرَةٍ أَوْ أَعَارَهُ إيَّاهَا أَوْ لَا. أَوْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي الْوَقْفِ كَوْنُهُ لِلسُّكْنَى أَوْ لِغَيْرِهَا، أَوْ سَكَنَهَا بِدُونِ عَقْدٍ أَوْ عَطَّلَهَا، وَذَلِكَ إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْ النُّقْصَانِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي الْعَقَارِ بِسَبَبِ السُّكْنَى.
مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ.
أَوَّلًا: إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ دَارًا وَسَكَنَهَا، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا مَالٌ مَوْقُوفٌ أَوْ مَالُ صَغِيرٍ أَوْ سَكَنَ أَحَدٌ دَارًا لِوَقْفٍ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي أَوْ بِدُونِ إذْنِهِ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ أُجْرَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي سَكَنَ فِيهَا فِي الدَّارِ. مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَقَارًا مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَبَعْدَ أَنْ ضَبَطَهُ وَتَصَرَّفَ فِيهِ مُدَّةً قَامَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مُدَّعِيًا بِأَنَّ هَذَا الْعَقَارَ مِنْ عَقَارَاتِ الْوَقْفِ الَّذِي هُوَ مُتَوَلٍّ عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ هَذِهِ وَحُكِمَ عَلَى نَهْجٍ شَرْعِيٍّ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ هُوَ لِلْوَقْفِ فَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي تَصَرَّفَ فِيهَا بِالْعَقَارِ الْمَذْكُورِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ نِصْفُ ذَلِكَ الْعَقَارِ مِلْكًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ وَقْفًا وَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَجْهِ الْآنِفِ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ أَجْرَ الْمِثْلِ النِّصْفَ الْعَائِدَ لِلْوَقْفِ.
ثَانِيًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ عَقَارًا لِصَغِيرٍ أَوْ لِوَقْفٍ لِشَهْرٍ وَسَكَنَ فِيهِ شَهْرَيْنِ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلشَّهْرِ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
ثَالِثًا: لَوْ بَاعَ مُتَوَلٍّ لِوَقْفٍ مَالًا لِلْوَقْفِ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ، ثُمَّ عُزِلَ وَنُصِبَ آخَرُ بَدَلًا عَنْهُ أَقَامَ الْمُتَوَلِّي الْجَدِيدُ دَعْوِي عَلَى الْمُشْتَرِي وَحَكَمَ لَهُ الْحَاكِمُ بِاسْتِرْدَادِهِ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورَ أَنْ يُؤَدِّيَ أَجْرَ الْمِثْلِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ.
رَابِعًا: لَوْ أَسْكَنَ إمَامُ مَسْجِدٍ آخَرَ مَجَّانًا فِي الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ لِسُكْنَاهُ لَزِمَ السَّاكِنَ أَجْرُ الْمِثْلِ.
خَامِسًا: إذَا رَهَنَ الْمُتَوَلَّى أَوْ الْمَوْقُوفُ عِنْدَ آخَرَ وَسَكَنَهُ الْمُرْتَهِنُ لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ.
سَادِسًا: إذَا وُجِدَتْ دَارٌ مَوْقُوفَةٌ لِسُكْنَى اثْنَيْنِ وَاسْتَبَدَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَسَكَنَهَا وَحْدَهُ بِدُونِ إذْنِ الثَّانِي لَزِمَهُ لِلْوَقْفِ أَجْرُ الْمِثْلِ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَتَبْقَى تِلْكَ الْأُجْرَةُ بَعْدَ أَخْذِهَا مَحْفُوظَةً عِنْدَ الْمُتَوَلِّي لِتُصْرَفَ فِي مَرَافِقِ الْوَقْفِ. وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الدَّارُ مَوْقُوفَةً لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَكَنَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَحْدَهُ، وَلَمْ يَسْكُنْهَا الثَّانِي لِعَدَمِ وُجُودِ مُحَلِّلٍ لَهُ لِلسُّكْنَى وَحِينَئِذٍ لَا تَلْزَمُ السَّاكِنَ أُجْرَةٌ مَا.
سَابِعًا: إذَا سَكَنَتْ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا فِي دَارٍ لِوَلَدِهَا الْيَتِيمِ يَلْزَمُ الزَّوْجَ أَجْرُ الْمِثْلِ كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ بَالِغٍ وَصَغِيرٍ وَسَكَنَهَا الْبَالِغُ فَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِحِصَّةِ الصَّغِيرِ (التَّنْقِيحُ، وَالنَّتِيجَةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْأَنْقِرْوِيّ، وَالْبَزَّازِيَّة، وَالْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ، وَالْبَهْجَةُ، وَالنَّتِيجَةُ، وَالْخَيْرِيَّةُ) .
ثَامِنًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَانُوتًا مَوْقُوفًا مُدَّةً وَبَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ قَفَلَهُ وَعَطَّلَهُ مُدَّةً يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ.
إذَا سَكَنَ شَخْصٌ مَعَ عَائِلَتِهِ دَارًا لِوَقْفٍ أَوْ لِيَتِيمٍ لَزِمَ. الرُّجُوعُ عَلَى الْمَتْبُوعِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ (النَّتِيجَةُ، وَالتَّنْقِيحُ) .
تَاسِعًا: لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مَسْجِدًا أَوْ مَدْرَسَةً لِوَقْفٍ وَاِتَّخَذَهَا مَقْهًى لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ مُدَّةَ الْإِشْغَالِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ ".
الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ لُزُومِ ضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ إذَا كَانَ الْمَالُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ.
أَوَّلًا: إذَا كَانَتْ الدَّارُ لِلْكِرَاءِ أَيْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي اسْتِعْمَالِهَا تَأْوِيلُ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ يَلْزَمُ الْمُسْتَعْمِلَ أَجْرُ الْمِثْلِ.
ثَانِيًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا أَوْ حَمَّامًا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ لِشَهْرٍ وَسَكَنَهَا شَهْرَيْنِ، فَكَمَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِلشَّهْرِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلشَّهْرِ الثَّانِي، وَلَيْسَ الْأَجْرُ الَّذِي سُمِّيَ لِلشَّهْرِ الْأَوَّلِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْأَنْقِرْوِيّ) .
ثَالِثًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ عَقَارًا مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ وَفَسَخَ الْإِجَارَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَبَسَ الْمَأْجُورَ فِي يَدِهِ لِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْمُؤَجِّرِ سَلَفًا وَسَكَنَهُ مُدَّةً بِتَأْوِيلِ كَوْنِهِ لَهُ الْحَقُّ بِالْحَبْسِ لَزِمَهُ أَدَاءُ أُجْرَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ) .
رَابِعًا: وَلَوْ دَخَلَ أَحَدٌ مَحِلًّا مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ كَالْخَانِ وَالْحَمَّامِ، وَادَّعَى غَصْبَهُ لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
خَامِسًا: وَإِذَا زَرَعَ أَحَدٌ أَرْضَ غَيْرِهِ فِي قَرْيَةٍ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ بِدُونِ إذْنِهِ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ الْعُرْفُ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ أَنْ يُعْطِي الَّذِي يَزْرَعُ الْأَرْضَ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ مِنْ الْحَاصِلَاتِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ ذَلِكَ لِصَاحِبِهَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ كَهَذَا فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ أَجْرَ الْمِثْلِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ (التَّنْقِيحُ) .
سَادِسًا: كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ فَرَسًا مِنْ دَوَابِّ الْكِرَاءِ أَوْ حَمْلًا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ مُدَّةً لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. أَمَّا لَوْ سَكَنَ أَحَدٌ فِي مَحِلٍّ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ عَلَى أَنْ لَا يَدْفَعَ لَهُ أُجْرَةً، فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَحِلِّ أَنْ يُطَالِبَهُ بِأُجْرَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ (الْبَزَّازِيَّة) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (812) . وَقَدْ قُيِّدَتْ الْأَمْثِلَةُ كُلُّهَا بِمَا قُيِّدَ بِهِ مَتْنُ الْمَجَلَّةِ بِقَوْلِهِ (بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ) .
شَرْطُ ضَمَانِ مَنْفَعَةِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ: يُشْتَرَطُ لُحُوقُ عِلْمِ الْمُسْتَعْمِلِ لِلْمَالِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَشْهُورَةٍ بِكَوْنِهَا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ، وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ فِي الْمَادَّةِ (417) إلَى لُزُومِ ذَلِكَ، وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي لُحُوقِ عِلْمِ الْمُسْتَعْمِلِ مِنْ عَدَمِ لُحُوقِهِ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَعْمِلِ.