الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِمَا أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ، أَوْ قَبْضَهُ وَتَمَلُّكَهُ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ غَيْرُ صَحِيحَيْنِ كَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَيْ كَانَ دَاخِلًا فِي قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ الْأَمَانَةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (762) فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ لَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ بَاطِلًا بَقِيَ مُجَرَّدُ الْقَبْضِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ بِدُونِ تَعَدٍّ.
" الزَّيْلَعِيّ "(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (768) مَعَ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (771)) .
أَمَّا إذَا كَانَ قَبْضُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْبَائِعِ فَيُعَدُّ الْمُشْتَرِي غَاصِبًا وَالْمَبِيعُ فِي يَدِهِ مَالًا مَغْصُوبًا.
(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (881) الدُّرَرُ، وَالْغُرَرُ، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) .
أَمَّا إذَا أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْمَبِيعَ وَقَدْ قَبَضَهُ بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ.
[
(الْمَادَّةُ 371) الْبَيْعُ الْفَاسِدُ يُفِيدُ حُكْمًا عِنْدَ الْقَبْضِ]
يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ صَارَ مِلْكًا لَهُ فَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ الضَّمَانُ.
يَعْنِي أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ مِنْ الْمَكِيلَاتِ لَزِمَهُ مِثْلُهُ وَإِذَا كَانَ قِيَمِيًّا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ.
أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ يُفِيدُ الْحُكْمَ عِنْدَ الْقَبْضِ فِي الْحَالِ أَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ فَيُفِيدُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَبَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ (وَالْقَبْضُ إمَّا حَقِيقِيٌّ وَإِمَّا حُكْمِيٌّ) يَعْنِي يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ بِأَحَدِ نَوْعَيْهِ فِي إفَادَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الْحُكْمَ.
فَإِذَا طَحَنَ الْمُشْتَرِي الْحِنْطَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا قَبْلَ الْقَبْضِ بِأَنْ قَالَ لِلْبَائِعِ: اطْحَنْهَا فَطَحَنَهَا، أَوْ ذَبَحَ الْمُشْتَرِي خَرُوفًا بِأَنْ أَمَرَ الْبَائِعَ بِذَبْحِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَذَبَحَهُ، فَالطَّحِينُ وَالْخَرُوفُ الْمَذْبُوحُ لِلْبَائِعِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي، أَوْ وَكِيلُهُ الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ صَرَاحَةً، أَوْ دَلَالَةً يُصْبِحُ مَالِكًا، وَتَصَرُّفَاتُهُ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ وَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مَا لَمْ يُسْقِطْ حَقَّ اسْتِرْدَادِ الْمَبِيعِ.
(رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1026) الْقَبْضُ - فَسَّرَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ إلَى كَوْنِ الْمَبِيعِ بَقِيَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْلُ.
أَمَّا إذَا وُجِدَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْبَيْعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَدِيعَةً فَالْمُشْتَرِي يَتَمَلَّكُهُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ.
وَكَيْفِيَّةُ قِيَامِ قَبْضِ الْأَمَانَةِ مَقَامَ قَبْضِ الْمَضْمُونِ يُرْجَعُ فِيهَا إلَى الْمَادَّةِ 262.
وَلَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِدُونِ إذْنِ الْبَائِعِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ؛ فَلَا يَكُونُ مَالِكًا لَهُ.
" التَّمْكِينُ، وَالطَّحْطَاوِيّ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَالزَّيْلَعِيُّ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَيَكُونُ الْقَبْضُ كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 366 بِالْإِذْنِ صَرَاحَةً كَأَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَفِي الْحَالِ يُعْتَبَرُ قَبْضُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ سَوَاءٌ كَانَ فِي حُضُورِ الْبَائِعِ، أَوْ فِي غِيَابِهِ، أَوْ دَلَالَةً وَهَذَا يَكُونُ بِقَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى مَرْأَى مِنْ الْبَائِعِ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ وَسُكُوتِ الْبَائِعِ، أَوْ عَدَمِ مَنْعِهِ إيَّاهُ عَنْ الْقَبْضِ.
(رَاجِعْ الْمَادَّةَ 67) .
" أَمَّا إذَا مَنَعَهُ وَنَهَاهُ عَنْ قَبْضِهِ؛ فَلَا يَكُونُ قَبْضُ الْمُشْتَرِي صَحِيحًا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 13) وَالْإِذْنُ دَلَالَةً قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ كَافٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَسْلِيطٌ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى قَبْضِ الْمَبِيعِ إذْ مُرَادُ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ تَمْلِيكُ
الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِالْقَبْضِ.
" الزَّيْلَعِيُّ ".
إلَّا أَنَّ الْقَبْضَ بِالْإِذْنِ دَلَالَةً بَعْد انْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ غَيْرُ صَحِيحٍ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ قَدْ قَبَضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَإِنَّ قَبْضَهُ الثَّمَنَ مِمَّا يُخَوِّلُ الْمُشْتَرِيَ قَبْضَ الْمَبِيعِ فِي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ هُنَا أَلَّا يَكُونَ الثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ مَالًا مُتَقَوِّمًا كَالْخَمْرِ.
" الزَّيْلَعِيُّ الطَّحْطَاوِيُّ ".
الْقَبْضُ أَحْيَانًا حَقِيقِيٌّ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَأَحْيَانًا حُكْمِيٌّ وَهَذَا كَمَا إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِقْدَارًا مِنْ الْحِنْطَةِ وَأَمَرَ بِتَفْرِيغِهَا عَلَى حِنْطَةٍ لَهُ فَفَعَلَ الْبَائِعُ يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ الْحِنْطَةَ الْمُبَاعَةَ مِنْهُ حُكْمًا.
" رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ ".
فَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
1 -
الْقَبْضُ بِالْإِذْنِ صَرَاحَةً.
2 -
الْقَبْضُ بِالْإِذْنِ دَلَالَةً.
وَأَنَّ الْقَبْضَ قِسْمَانِ:
(1)
قَبْضٌ حَقِيقِيٌّ.
(2)
قَبْضٌ حُكْمِيٌّ وَعَلَيْهِ فَإِذَا أُتْلِفَ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ عِنْدَهُ بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ قَبْلَ الْفَسْخِ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ أَتْلَفَهُ الْمُشْتَرِي وَاسْتَهْلَكَهُ، أَوْ وَهَبَهُ إلَى آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ أَوْ وُجِدَ سَبَبٌ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي سَيَصِيرُ بَيَانُهَا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ، أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يَجْعَلُ رَدَّ الْمَبِيعِ عَيْنًا مُتَعَذِّرًا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لَا الثَّمَنُ الْمُسَمَّى حَتَّى إنَّهُ لَوْ فُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَ الْقَبْضِ بِنَاءً عَلَى فَسَادِهِ وَالْبَائِعُ أَبْرَأَ ذِمَّةَ الْمُشْتَرِي وَتَلِفَ الْمَبِيعُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ؛ فَلَا تَكُونُ ذِمَّةُ الْمُشْتَرِي بَرِيئَةً مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَهُوَ مَوْجُودٌ لَيْسَ بِصَحِيحٍ.
أَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي مِنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ؛ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ مَالٍ قُبِضَ فَاسْتَوْجَبَ الضَّمَانَ يَجْعَلُهُ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ.
" مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ".
وَالضَّمَانُ بِالْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ:
أَوَّلًا: بِمِثْلِهِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَكَانَ مِثْلُهُ مَوْجُودًا.
ثَانِيًا: بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ إذَا انْقَطَعَ وُجُودُ مِثْلِهِ.
ثَالِثًا: بِإِعْطَاءِ الْبَائِعِ قِيمَةَ الْمَبِيعِ يَوْمَ قَبْضِهِ إذَا كَانَ مِنْ الْكَمِّيَّاتِ وَقَدْ اعْتَبَرُوا يَوْمَ الْقَبْضِ هُنَا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَإِذَا ازْدَادَتْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَاسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي فَالْقِيمَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بَعْدَئِذٍ فِي الْمَبِيعِ لَا تَكُونُ مُعْتَبَرَةً.
الِاخْتِلَافُ فِي الْمِثْلِيَّةِ، أَوْ مِقْدَارِ الْقِيمَةِ، أَوْ فِي الْمَقْبُوضِ: إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي إعْطَاءَ الْبَائِعِ مِثْلَ الْمَبِيعِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فَقَالَ الْبَائِعُ: إنَّهُ لَيْسَ كَالْبَيْعِ وَالْمَبِيعُ خَيْرٌ مِنْهُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُ؛ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُثْبِتَ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ.
(الْخَيْرِيَّةُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) .
كَذَلِكَ الْمَالُ الْقِيَمِيُّ إذَا وَجَبَ ضَمَانُهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَاخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قِيمَتُهٌ وَاخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْمَالِ الْمَقْبُوضِ؛ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُشْتَرِي (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 8) ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لِلْقَابِضِ سَوَاءٌ كَانَ ضَامِنًا كَالْغَاصِبِ، أَوْ مُؤْتَمَنًا كَاَلَّذِي عِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ.
وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ.
(رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) وَهِيَ لِلْبَائِعِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 77) .