الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ وَالْقَرِينَةُ لِقَصْدِ التَّعْجِيلِ مَعْدُومَةٌ بِذِكْرِ الْوَقْتِ، فَوَجَبَ أَنْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ لِلْجَهْلِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذِكْرَ الْعَمَلِ يُوجِبُ عَدَمَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ مَا لَمْ يَعْمَلْ. وَذِكْرُ الْوَقْتِ يُوجِبُ وُجُوبَهَا عِنْدَ تَسْلِيمِ النَّفْسِ فِي الْمُدَّةِ. فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْعَمَلُ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ كَانَ نَافِعًا لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْأُجْرَةِ إنَّمَا يَلْزَمُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ. وَإِذَا كَانَ الْوَقْتُ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ كَانَ نَافِعًا لِلْأَجِيرِ لِأَنَّ الْأَجِيرَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِمُرُورِ الْمُدَّةِ سَوَاءٌ أَوْفَى الْعَمَلَ أَوْ لَمْ يُوفِهِ. وَبِمَا أَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَهَذَا الْعَقْدُ مُؤَدٍّ إلَى النِّزَاعِ.
لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعَقْدُ هُنَا وَاقِعًا عَلَى الْعَمَلِ وَذُكِرَ الْوَقْتُ لِلِاسْتِعْجَالِ فَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ الْعَقْدُ وَرُفِعَتْ الْجَهَالَةُ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ (الزَّيْلَعِيّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْكَنْزِ أَوْ لِيَخْبِزَ لَهُ كَذَا، الْيَوْمَ، بِدِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ) .
مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ الْخَيَّاطَ ثِيَابًا عَلَى أَنْ يُفَصِّلَهَا وَيَخِيطَهَا هَذَا الْيَوْمَ أَيْ لِيُنْجِزَ خِيَاطَتَهَا أَوْ اكْتَرَى أَحَدٌ دَلِيلًا بِشَرْطِ أَنْ يُوصِلَهُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ إلَى مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ يَجُوزُ الْإِجَارَةُ.
وَقَدْ جَمَعَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بَيْنَ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بَيْنَ الْمُدَّةِ وَالْمَسَافَةِ وَالْعَمَلِ.
فَإِذَا خَاطَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ فِي الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ وَأَنْجَزَهُ وَأَوْصَلَهُ الدَّلِيلُ إلَى مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ فِي الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى.
وَكَذَلِكَ لَوْ فَرَغَ الْعَمَلُ فِي مُنْتَصَفِ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ كَأَنْ يُنْجِزَ الْخَيَّاطُ خِيَاطَةَ الثَّوْبِ ظُهْرَ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ أَخَذَ الْأَجِيرُ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى لِأَنَّ الْعَقْدَ صَارَ وَارِدًا عَلَى الْعَمَلِ وَإِذَا لَمْ يَفِ الْأَجِيرُ أَوْ الْآجِرُ الْعَمَلَ حَسَبَ الشَّرْطِ أَخَذَ أَجْرَ الْمِثْلِ عَلَى أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 462) .
وَإِذَا تَبَاطَأَ الْأَجِيرُ عَنْ الْقِيَامِ بِالْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ مَعَ مُطَالَبَةِ الْمُسْتَأْجِرِ ذَلِكَ مِرَارًا وَسُرِقَتْ مِنْهُ ضَمِنَ.
أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي إيرَادِ ذَلِكَ الشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْأَجِيرِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الشَّرْطَ وَالضَّمَانَ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) وَقَدْ جَاءَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَلَوْ أَنَّ الْخَيَّاطَ لَمْ يَخِطْ الثِّيَابَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطَالَبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِرَارًا وَتَمَاهَلَ وَلَمْ يَعْمَلْ حَتَّى سُرِقَتْ الثِّيَابُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا قَالَهُ (شَمْسُ الْأَئِمَّةِ) .
وَاسْتَفْتَيْت أَئِمَّةَ بُخَارَى عَنْ قَصَّارٍ شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْرُغَ الْيَوْمَ مِنْ الْعَمَلِ فَلَمْ يَفْرُغْ وَتَلِفَ الثَّوْبُ فِي الْغَدِ أَجَابُوا يَضْمَنُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ الْقَصَّارُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الشَّرْطَ وَالضَّمَانَ وَالْآخَرُ يَدَّعِيهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَتِلْوِهَا خِيَارُ الشَّرْطِ الَّذِي جَاءَ حُكْمُهُ فِي الْمَادَّةِ (498) وَإِنَّمَا هُمَا عِبَارَةٌ عَنْ إجَارَةٍ بِشَرْطٍ وَقَدْ وُضِعَتَا تَحْتَ عُنْوَانٍ خَاصٍّ كَنَظَائِرِهِمَا فِي الْبَيْعِ.
لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ تَرْدِيدٌ قَطُّ بِخِلَافِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا.
[
(الْمَادَّةُ 506) يَصِحُّ تَرْدِيدُ الْأُجْرَةِ عَلَى صُورَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ]
(الْمَادَّةُ 506) يَصِحُّ تَرْدِيدُ الْأُجْرَةِ عَلَى صُورَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ فِي الْعَمَلِ وَالْعَامِلِ وَالْحَمْلِ وَالْمَسَافَةِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَيَلْزَمُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ عَلَى مُوجِبِ
الصُّورَةِ الَّتِي تَظْهَرُ فِعْلًا. مَثَلًا لَوْ قِيلَ لِلْخَيَّاطِ إنَّ خِطْت دَقِيقًا فَلَكَ كَذَا وَإِنْ خِطْت خَشِنًا فَلَكَ كَذَا، فَأَيُّ الصُّورَتَيْنِ عَمِلَ لَهُ أُجْرَتُهَا، أَوْ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ حَانُوتٌ بِشَرْطِ أَنَّهُ إنْ أَجْرَى فِيهِ عَمَلَ الْعِطَارَةِ فَأُجْرَتُهُ كَذَا وَإِنْ أَجْرَى فِيهِ عَمَلُ الْحِدَادَةِ فَكَذَا فَأَيُّ الْعَمَلَيْنِ أَجْرَى فِيهِ يُعْطِي أُجْرَتُهُ الَّتِي شُرِطَتْ. وَكَذَا لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ بِشَرْطِ إنْ حَمَلَتْ حِنْطَةً فَأُجْرَتُهَا كَذَا وَإِنْ حَمَلَتْ حَدِيدًا فَكَذَا، فَأَيُّهُمَا حُمِلَ يُعْطَى أُجْرَتُهُ الَّتِي عُيِّنَتْ. أَوْ لَوْ قِيلَ لِلْمُكَارِي اسْتَكْرَيْتُ مِنْك هَذِهِ الدَّابَّةَ إلَى (شورلي) بِمِائَةٍ وَإِلَى أَدْرِنَةٍ بِمِائَتَيْنِ وَإِلَى فلبه بِثَلَاثِمِائَةٍ فَإِلَى أَيُّهَا ذَهَبَ الْمُسْتَأْجِرُ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ قَالَ الْآجِرُ أَجَرْت هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَةٍ وَهَذِهِ بِمِائَتَيْنِ وَهَذِهِ بِثَلَاثِمِائَةٍ فَبَعْدَ قَبُولِ الْمُسْتَأْجِرِ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْحُجْرَةِ الَّتِي سَكَنَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ سَاوَمَ أَحَدٌ الْخَيَّاطَ عَلَى أَنْ يَخِيطَ لَهُ جُبَّةً بِشَرْطِ إنْ خَاطَهَا الْيَوْمَ فَلَهُ خَمْسُونَ قِرْشًا وَإِنْ خَاطَهَا غَدًا فَلَهُ ثَلَاثُونَ تُعْتَبَرُ الشُّرُوطُ.
يَجُوزُ التَّرْدِيدُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ وَهِيَ:
(1)
فِي الْعَمَلِ (2) فِي الْعَامِلِ (3) فِي الْحَمْلِ (4) فِي الْمَسَافَةِ (5) فِي الْمَكَانِ (6) فِي الزَّمَانِ (7) فِي أَنْوَاعِ الزِّرَاعَةِ (8) فِي نَقْلِ الْحَمْلِ.
وَيَصِحُّ تَرْدِيدُ الْأُجْرَةِ عَلَى صُورَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَتَسْمِيَةُ أُجْرَةٍ لِكُلِّ صُورَةٍ غَيْرُ أُجْرَةِ الصُّورَةِ الْأُخْرَى، وَيُعْتَبَرُ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِهَا دَفْعًا لِلْحَاجَةِ، وَبِمَا أَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ مَنَافِعَ فَتُقَاسُ عَلَى بَيْعِ الْعَيْنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الزَّيْلَعِيّ) .
يَجُوزُ التَّرْدِيدُ فِي الْعَمَلِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ عَقْدَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَالْأَجْرُ قَدْ يَجِبُ بِالْعَمَلِ وَعِنْدَ الْعَمَلِ يَرْتَفِعُ الْجَهْلُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
أَمَّا فِي الْعَامِلِ فَقَدْ قَالَ بِجَوَازِهِ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ لِأَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ عَقْدَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَالْجَهَالَةُ فِي الْعَمَلِ تَرْتَفِعُ عِنْدَ الْمُبَاشَرَةِ خِلَافًا لَهُمَا أَيْ قَالَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ وَالْأَجْرَانِ مُخْتَلِفَانِ وَلَا يَدْرِي أَيَّهُمَا يَجِبُ فَلَا يَجُوزُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَيَلْزَمُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ عَلَى مُوجِبِ الصُّورَةِ الَّتِي تَظْهَرُ فِعْلًا أَيْ أُجْرَةُ تِلْكَ الصُّورَةِ الَّتِي شُرِطَتْ، وَفِي هَذَا ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ:
1 -
حُصُولُ الصُّوَرِ الْمُرَدَّدَةِ كُلِّهَا.
2 -
عَدَمُ حُصُولِ شَيْءٍ مِنْهَا.
3 -
عَدَمُ حُصُولِ إحْدَاهَا فَقَطْ.
وَالْبَحْثُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُسْتَوْفًى فِي الشَّرْحِ الْآتِي: أَمَّا تَرْدِيدُ الْأُجْرَةِ زِيَادَةً عَنْ ثَلَاثِ صُوَرٍ كَأَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ فَلَا يَجُوزُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 316) .
غَيْرَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِي الْبَيْعِ دُونَ الْإِجَارَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ الْأُجْرَةَ إنَّمَا تَجِبُ فِي الْإِجَارَةِ بِالْعَمَلِ وَإِذَا وُجِدَ يَصِيرُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الثَّمَنَ يَجِبُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَالْمَبِيعُ مَجْهُولٌ وَالْوَاقِعُ أَنَّ الْجَهَالَةَ الَّتِي فِي طَرَفِ الْأُجْرَةِ تَرْتَفِعُ كَمَا ذُكِرَ وَأَمَّا الْجَهَالَةُ الَّتِي فِي طَرَفِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فِي نَحْوِ قَوْلِ أَجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَةٍ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ فَهِيَ ثَابِتَةٌ وَتُفْضِي إلَى النِّزَاعِ فِي تَسْلِيمِ الْعَيْنِ وَتَسَلُّمِهَا.
إذْ الْمُسْتَأْجِرُ يُرِيدُ هَذِهِ وَالْمُؤَجِّرُ يُرِيدُ الْأُخْرَى فَتَحَقَّقَ النِّزَاعُ فَيَبْقَى أَنْ لَا يَصِحَّ بِدُونِ اشْتِرَاطِ خِيَارِ التَّعْيِينِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) .
(1)
مَثَلًا لَوْ قِيلَ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْت دَقِيقًا فَلَكَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ قِرْشًا وَإِنْ خِطْت خَشِنًا فَلَكَ مِائَةُ قِرْشٍ، فَأَيُّ الصُّورَتَيْنِ عَمِلَ لَهُ أُجْرَتُهَا أَيْ إنْ خَاطَ الثَّوْبَ خِيَاطَةً دَقِيقَةً أَخَذَ مِائَةً وَخَمْسِينَ قِرْشًا وَإِنْ خَاطَهُ خَشِنًا أَخَذَ مِائَةَ قِرْشٍ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَخِطْهُ عَلَى صُورَةٍ مَا فَلَيْسَ لَهُ أَجْرٌ مُطْلَقًا وَيُجْبَرُ عَلَى الْخِيَاطَةِ.
وَلَيْسَ ظُهُورُ الصُّورَتَيْنِ مَعًا بِالْفِعْلِ مُمْكِنًا. وَلَكِنْ كَيْفَ يَكُونُ الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ خَاطَ قِسْمًا بِصُورَةٍ وَالْآخَرَ بِصُورَةٍ أُخْرَى؟ فِي هَذَا الِاحْتِمَالَاتِ الْآتِيَةِ:
1 -
أَنْ يَخِيطَ دَقِيقًا.
2 -
أَنْ يَخِيطَ خَشِنًا.
3 -
أَنْ لَا يَخِيطَ مُطْلَقًا.
4 -
أَنْ يَخِيطَ قِسْمًا دَقِيقًا وَقِسْمًا خَشِنًا.
5 -
أَنْ يَخِيطَ عَلَى الصُّورَتَيْنِ مَعًا أَيْضًا.
وَقَدْ بُحِثَ فِي هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ جَمِيعِهَا وَهَذَا مِثَالٌ لِتَرْدِيدِ الْعَمَلِ.
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْت الثَّوْبَ بِنَفْسِك فَلَكَ مِائَةُ قِرْشٍ وَإِنْ خَاطَهُ أَحَدُ أُجَرَائِك فَلَكَ خَمْسُونَ قِرْشٍ فَقَطْ.
فَإِنْ لَمْ يَخِطْهُ هُوَ وَلَا أَحَدُ أُجَرَائِهِ أُجْبِرَ عَلَى خِيَاطَتِهِ وَمِنْ الْبَدِيهِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ أَنْ يَخِيطَ الْخَيَّاطُ وَأَجِيرُهُ الثَّوْبَ مَعًا. وَلَكِنْ كَيْفَ يَكُونُ الْحُكْمُ لَوْ خَاطَ كُلٌّ مِنْهُمَا قِسْمًا؟
وَيُرَى فِي هَذَا أَيْضًا الصُّوَرُ الْخَمْسُ الَّتِي مَرَّتْ آنِفًا.
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلصَّبَّاغِ إذَا صَبَغْت الثَّوْبَ بِهَذَا النَّوْعِ فَلَكَ ثَمَانُونَ قِرْشًا وَبِالنَّوْعِ الْفُلَانِيِّ الْآخَرِ خَمْسُونَ أَمَّا إذَا صَبَغْته بِاللَّوْنِ الْفُلَانِيِّ فَلَكَ أَرْبَعُونَ قِرْشًا (الْهِنْدِيَّةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
فَإِذَا لَمْ يَصْبُغْهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ يُجْبَرُ عَلَى صِبَاغَتِهِ.
وَأَمَّا بِالثَّلَاثَةِ الْأَنْوَاعِ فَغَيْرُ مُمْكِنٍ وَيُلَاحِظُ هُنَا أَيْضًا خَمْسُ مَسَائِلَ.
أَوْ لَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا مِنْ آخَرَ بِشَرْطِ أَنَّهُ إنْ اسْتَعْمَلَهُ لِلْعِطَارَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ مِائَةَ قِرْشٍ وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ لِلْحِدَادَةِ فَعَلَيْهِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ قِرْشًا.
فَأَيُّ الْعَمَلَيْنِ عَمِلَ فِي الْحَانُوتِ الْمَذْكُورِ يُعْطَى أُجْرَتُهُ الَّتِي شُرِطَتْ فَإِذَا اشْتَغَلَ بِالْعِطَارَةِ لَزِمَهُ مِائَةُ قِرْشٍ وَإِنْ اشْتَغَلَ بِالْحِدَادَةِ فَمِائَةٌ وَخَمْسُونَ قِرْشًا (الطُّورِيُّ) .
هَذَا مِثَالٌ لِتَرْدِيدِ الْعَامِلِ وَإِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ وَلَا لِعَمَلٍ مِنْهُمَا لَزِمَهُ عَلَى قَوْلٍ أَقَلُّ الْأَجْرَيْنِ وَعَلَى آخَرَ نِصْفُ مَجْمُوعِ الْأَجْرَيْنِ.
وَلَكِنْ كَيْفَ الْحُكْمُ إذَا اسْتَعْمَلَهُ نِصْفًا لِلْعِطَارَةِ وَنِصْفًا لِلْحِدَادَةِ أَوَنِصْفَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لِلْعِطَارَةِ وَنِصْفَهَا الْآخَرِ لِلْحِدَادَةِ، وَيُلَاحِظُ هُنَا سِتُّ مَسَائِلَ أَيْضًا.
وَقَدْ أُشِيرَ إلَى هَذَا الْمِثَالِ فِي الشَّرْحِ بِرَقْمِ اثْنَيْنِ.
كَذَلِكَ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي أَرْضٍ اُسْتُؤْجِرَتْ عَلَى أَنْ يَكُونَ بِكَذَا إذَا زُرِعَ النَّوْعُ الْفُلَانِيُّ مِنْ الْحُبُوبِ فِيهَا وَبِكَذَا إذَا زُرِعَ نَوْعٌ آخَرُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ) .
لَكِنَّهُ إذَا لَمْ يَزْرَعْ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْأَجْرَيْنِ أَوْ نِصْفُ مَجْمُوعِهِمَا.
أَمَّا زِرَاعَتُهَا كُلُّهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِالنَّوْعَيْنِ فَلَا يُمْكِنُ وَلَكِنْ كَيْفَ الْحُكْمُ إذَا زُرِعَ نِصْفٌ مِنْهَا بِنَوْعٍ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِالْآخَرِ؟ وَفِي هَذَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ أَيْضًا.
(3)
وَكَذَا لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ بِشَرْطِ إنْ حَمَلَتْ حِنْطَةً فَأُجْرَتُهَا أَرْبَعُونَ قِرْشًا وَإِنْ حَمَلَتْ حَدِيدًا فَسِتُّونَ قِرْشًا فَإِنْ حَمَلَتْ حِنْطَةً لَزِمَ أَرْبَعُونَ قِرْشًا وَإِنْ حَمَلَتْ حَدِيدًا فَسِتُّونَ قِرْشًا.
وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَأَحْضَرَتْ (قُفْلًا) لَزِمَ أَقَلُّ الْأَجْرَيْنِ أَوْ نِصْفُ مَجْمُوعِهِمَا.
وَإِنْ حَمَّلَهَا مِنْ الِاثْنَيْنِ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ لَزِمَ أَكْثَرُ الْأَجْرَيْنِ.
أَمَّا إذَا حَمَّلَهَا مِنْ الِاثْنَيْنِ فِي آنٍ وَاحِدٍ، نِصْفُ الْحَمْلِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَنِصْفُهُ مِنْ الْحَدِيدِ فَكَيْفَ يَكُونُ الْحُكْمُ؟ وَيُلَاحَظُ فِي هَذَا أَيْضًا خَمْسُ صُوَرٍ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا حَانُوتًا أَوْ دَابَّةً أَوْ أَرْضًا وَقَبَضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ وَلَمْ يَسْكُنْ الدَّارَ أَوْ لَمْ يُحَمِّلْ الدَّابَّةَ أَوْ لَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ مُطْلَقًا.
أَيْ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْحَانُوتَ لِلْعِطَارَةِ وَلَا لِلْحِدَادَةِ وَلَمْ يَحْمِلْ عَلَى الدَّابَّةِ حِنْطَةً وَلَا حَدِيدًا وَلَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ شَيْئًا مِنْ إمْكَانِ زَرْعِهَا لَزِمَهُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ أَقَلُّ الْأَجْرَيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الزَّائِدُ مَشْكُوكًا فِيهِ فَلَا يَلْزَمُ بِالشَّكِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ ضَرَرًا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِأَقَلِّهِمَا ضَرَرًا قَالَ فِي إشَارَاتِ الْأَسْرَارِ فَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْتَحِقُّ الْأَقَلَّ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِاسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةٍ زَائِدَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَوَجَبَ بِالتَّخْلِيَةِ أَقَلُّ الْأَجْرَيْنِ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) .
وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ نِصْفُ أُجْرَتِهَا لِأَنَّ الْمَأْجُورَ بِمَا أَنَّهُ قَدْ سُلِّمَ فَلَيْسَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِشَيْءٍ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ يَعْنِي يَلْزَمُ نِصْفُ أُجْرَةِ الْعِطَارَةِ وَأُجْرَةِ الْحِدَادَةِ فِي الْحَانُوتِ وَنِصْفُ أُجْرَةِ تَحْمِيلِ الْحِنْطَةِ وَالْحَدِيدِ فِي الدَّابَّةِ (الطُّورِيُّ) .
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ لِلرُّكُوبِ بِخَمْسِينَ وَلِلْحَمْلِ بِمِائَةٍ (الْهِنْدِيَّةُ
فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَالْبَزَّازِيَّة) أَمَّا إذَا رَكِبَهَا وَحَمَّلَهَا لَزِمَ أَكْثَرُ الْأَجْرَيْنِ وَإِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا لَا لِلرُّكُوبِ وَلَا لِلتَّحْمِيلِ لَزِمَ أَقَلُّ الْأَجْرَيْنِ وَمِثَالُ الْمَجَلَّةِ الْآنِفُ هُوَ لِتَرْدِيدِ الْحَمْلِ.
(4)
أَوْ لَوْ قَالَ الْمُكَارِي: أَجَرْت هَذِهِ الدَّابَّةَ إلَى (شورلي) بِمِائَةِ قِرْشٍ إلَى (أَدِرْنَهُ) بِمِائَتَيْنِ وَإِلَى (فَلَبّه) بِثَلَاثِمِائَةٍ وَقَبِلَ بِذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ أُعْطِيَ أُجْرَةَ الْمَحَلِّ الَّذِي يَقْصِدُهُ مِنْ الْمَحَالِّ الْمَذْكُورَةِ.
فَإِذَا قَصَدَ الْمُسْتَأْجِرُ (شورلي) أَخَذَ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ لَهَا وَإِذَا قَصَدَ (أدرنه) أَخَذَ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ لَهَا وَإِذَا قَصَدَ فلبه أَخَذَ كَذَلِكَ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاة لَهَا (الْمُلْتَقَى) وَهَذَا الْمِثَالُ لِتَرْدِيدِ الْمَسَافَةِ وَفِيهِ تَرْدِيدٌ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ.
وَإِذَا ذَهَبَ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى الْمَحَالِّ الثَّلَاثَةِ لَزِمَهُ أَكْثَرُ الْأَجْرِ.
أَمَّا إذَا اسْتَلَمَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ وَلَمْ يَذْهَبْ بِهِ إلَى مَكَان مَا فَيُعْلَمُ حُكْمُ ذَلِكَ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْمَادَّتَيْنِ (470 وَ 546) وَشَرْحِهِمَا.
5 -
وَكَذَا لَوْ قَالَ الْآجِرُ أَجَرْت هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَةٍ وَهَذِهِ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ وَهَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى بِثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ فَبَعْدَ قَبُولِ الْمُسْتَأْجِرِ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ الْمُعَيَّنَةُ لِلدَّارِ الَّتِي سَكَنَهَا (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَهَذَا الْمِثَالُ الَّذِي أُشِيرَ إلَيْهِ بِرَقْمِ (5) مِثَالٌ لِتَرْدِيدِ الْمَكَانِ. لَكِنْ إذَا اسْتَلَمَ الْمُسْتَأْجِرُ دَارَيْنِ مِنْ الدُّورِ الثَّلَاثَةِ وَلَمْ يَسْكُنْ إحْدَاهُمَا لَزِمَهُ عَلَى قَوْلٍ أَقَلُّ الْأَجْرَيْنِ وَعَلَى آخَرَ نِصْفُ مَجْمُوعِهِمَا.
أَمَّا إذَا سَكَنَ كِلْتَا الدَّارَيْنِ لَزِمَهُ أَعْظَمُ الْأُجْرَتَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِلدَّارِ ذَاتِ الْأُجْرَةِ الْأَقَلِّ مَا لَمْ تَكُنْ مَالُ وَقْفٍ أَوْ مَالُ يَتِيمٍ أَوْ مَالُ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِغْلَالِ فَتَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ أُجْرَتُهَا الْمِثْلِيَّةِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قِيلَ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْت هَذَا الثَّوْبَ فَلَكَ مِائَةُ قِرْشٍ وَإِنْ خِطْت الْآخَرَ فَلَكَ خَمْسُونَ قِرْشًا لَزِمَتْ أُجْرَةُ مَا يَخِيطُهُ مِنْهُمَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) وَإِذَا خَاطَهُمَا كِلَيْهِمَا لَزِمَتْ أُجْرَةُ الثَّوْبِ الَّذِي يَخِيطُهُ أَوَّلًا وَيُعَدُّ مُتَبَرِّعًا فِي الْآخَرِ وَإِذَا خَاطَ الِاثْنَيْنِ مَعًا لَزِمَ أَكْبَرُ الْأُجْرَتَيْنِ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي أَقَلِّهِمَا.
6 -
كَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْت (الْجُبَّةَ) فِي هَذَا الْيَوْمِ فَلَكَ خَمْسُونَ قِرْشًا وَإِنْ خِطْتهَا غَدًا فَلَكَ ثَلَاثُونَ وَيَكُونُ الشَّرْطُ مُعْتَبَرًا.
فَيَأْخُذُ إنْ خَاطَهَا الْيَوْمَ خَمْسِينَ قِرْشًا وَإِنْ خَاطَهَا غَدًا يَأْخُذُ ثَلَاثِينَ (الزَّيْلَعِيّ) .
أَمَّا إذَا خَاطَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَوْ الرَّابِعِ أَوْ مَا بَعْد ذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى أَيْ يَأْخُذُ أَجْرَ الْمِثْلِ إذَا كَانَ ثَلَاثِينَ قِرْشًا أَوْ دُونَهَا وَإِذَا كَانَ أَكْثَرَ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الثَّلَاثِينَ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَبَى أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثَّلَاثِينَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَأَوْلَى أَلَّا يَزِيدَ فِيمَا تَأَخَّرَ عَنْهُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْهِنْدِيَّةُ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يُقَاوِلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُكَارِيَ عَلَى أَنْ يُوصِلَهُ إلَى الْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ إنْ أَوْصَلَهُ بِيَوْمَيْنِ وَبِمِائَةٍ فَقَطْ إنْ أَوْصَلَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَيَكُونُ الشَّرْطُ مُعْتَبَرًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ) وَهَذَا مِثَالٌ لِتَرْدِيدِ الزَّمَانِ.
وَقَدْ أَصْبَحَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ مَعَ أَمْثِلَتِهَا ظَاهِرَةً بِمَا مَرَّ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ الْمَشْرُوحِ عَلَى طَرِيقَةِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ.
وَحُكْمُ التَّرْدِيدِ فِي أَنْوَاعِ الزِّرَاعَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ كَمَا لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضُ لِلْمُزَارِعِ إذَا زَرَعْت الْأَرْضَ بِغَيْرِ كِرَابٍ فَلَكَ رُبُعُ الْمَحْصُولِ وَإِنْ زَرَعْتهَا بِكِرَابٍ وَاحِدٍ فَلَكَ ثُلُثُ الْمَحْصُولِ وَإِنْ زَرَعْتهَا بكرابين فَلَكَ نِصْفُ الْمَحْصُولِ فَلِلْمُزَارِعِ نَصِيبُهُ حَسْبَمَا يَزْرَعُ الْأَرْضَ (الْكِفَايَةُ عَنْ التُّمُرْتَاشِيِّ) وَإِذَا لَمْ يَزْرَعْهَا مُطْلَقًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ هُنَا مِنْ الْحَاصِلَاتِ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ حَاصِلَاتٌ. وَلَيْسَ مِنْ الْمُمْكِنِ زِرَاعَتُهَا بِنَوْعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مَعًا. لَكِنَّهُ إذَا زَرَعَ قِسْمًا مِنْهَا بِنَوْعٍ وَالْقِسْمَ الْآخَرَ بِنَوْعٍ آخَرَ لَزِمَتْ فِي كُلِّ قِسْمٍ ظَاهِرُ أُجْرَةِ النَّوْعِ الَّذِي زُرِعَ بِهِ.
وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ خِيَارُ التَّعَيُّنِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (316) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ.
8 -
وَيَجُوزُ التَّرْدِيدُ فِي نَقْلِ الْحَمْلِ أَيْضًا. وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْجَرُ لِلْحَمَّالِ إذَا نَقَلْت هَذَا الْحِمْلَ إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَلَكَ مِائَةُ قِرْشٍ وَإِذَا نَقَلْت ذَلِكَ الْحَمْلَ فَلَكَ خَمْسُونَ. فَيَجُوزُ وَتَلْزَمُ أُجْرَةُ الْحَمْلِ الَّذِي يُنْقَلُ أَوَّلًا وَإِذَا نَقَلَ الثَّانِي بَعْدَ ذَلِكَ يُعَدُّ مُتَبَرِّعًا وَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ أُجْرَةً وَيَكُونُ ضَامِنًا فِيمَا لَوْ تَلِفَ. وَإِذَا نَقَلَ الْحِمْلَيْنِ مَعًا أَخَذَ نِصْفَ أُجْرَتَيْهِمَا. وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَلِفَا بِيَدِهِ ضَمِنَ نِصْفَهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَيَضْمَنُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ كِلَيْهِمَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) .
وَلَيْسَ قَيْدُ تَرْدِيدِ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجَلَّةِ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَرْدِيدِ الْأُجْرَةِ وَنَفْيِهَا. أَيْ أَنَّهُ يَصِحُّ تَرْدِيدُ الْأُجْرَةِ بِطَرِيقَيْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ مَثَلًا لَوْ قَالَ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْت الثَّوْبَ الْيَوْمَ فَلَكَ عَشَرَةُ قُرُوشٍ وَإِنْ خِطْته غَدًا فَلَا أَجْرَ لَك فَإِذَا خَاطَهُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ أَخَذَ عَشْرَةَ قُرُوشٍ وَإِنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ الثَّانِي أَخَذَ أَجْرَ الْمِثْلِ عَلَى أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) لِأَنَّ إسْقَاطَ الْأَجْرِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَا يَنْفِي وُجُوبَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ. وَنَفْيُ التَّسْمِيَةِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لَا يَنْفِي أَصْلَ الْعَقْدِ فَكَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَقْدٌ لَا تَسْمِيَةٌ فِيهِ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ (الطُّورِيُّ) .